تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"
    الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوي كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى وإن ظهر شيء من الكفر والنفاق ظهرت البدع بحسب ذلك
    مثل : دولة المهدي والرشيد ونحوهما ممن كان يعظم الإسلام والإيمان ويغزو أعداءه من الكفار والمنافقين . كان أهل السنة في تلك الأيام أقوى وأكثر وأهل البدع أذل وأقل.
    فإن المهدي قتل من المنافقين الزنادقة من لا يحصي عدده إلا الله ، والرشيد كان كثير الغزو والحج
    .
    وذلك أنه لما انتشرت الدولة العباسية وكان في أنصارها من أهل المشرق والأعاجم طوائف من الذين نعتهم النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : «الفتنة هاهنا»؛ ظهر حينئذ كثير من البدع وعربت أيضا إذ ذاك طائفة من كتب الأعاجم - من المجوس الفرس والصابئين الروم والمشركين الهند -
    وكان المهدي من خيار خلفاء بني العباس وأحسنهم إيمانا وعدلا وجودا فصار يتتبع المنافقين الزنادقة كذلك . وكان خلفاء بني العباس أحسن تعاهدا للصلوات في أوقاتها من بني أمية فإن أولئك كانوا كثير الإضاعة لمواقيت الصلاة كما جاءت فيهم الأحاديث : «سيكون بعدي أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة».
    لكن كانت البدع في القرون الثلاثة الفاضلة مقموعة وكانت الشريعة أعز وأظهر وكان القيام بجهاد أعداء الدين من الكافرين والمنافقين أعظم .
    وفي دولة " أبي العباس المأمون " ظهر " الخرمية " ونحوهم من المنافقين وعرب من كتب الأوائل المجلوبة من بلاد الروم ما انتشر بسببه مقالات الصابئين وراسل ملوك المشركين من الهند ونحوهم حتى صار بينه وبينهم مودة . فلما ظهر ما ظهر من الكفر والنفاق في المسلمين وقوي ما قوي من حال المشركين وأهل الكتاب ؛ كان من أثر ذلك :
    ما ظهر من استيلاء الجهمية ؛ والرافضة ؛ وغيرهم من أهل الضلال وتقريب الصابئة ونحوهم من المتفلسفة . وذلك بنوع رأي يحسبه صاحبه عقلا وعدلا وإنما هو جهل وظلم إذ التسوية بين المؤمن والمنافق ؛ والمسلم والكافر أعظم الظلم وطلب الهدى عند أهل الضلال أعظم الجهل
    فتولد من ذلك محنة الجهمية حتى امتحنت الأمة بنفي الصفات والتكذيب بكلام الله ورؤيته وجرى من محنة الإمام أحمد وغيره ما جرى مما يطول وصفه .
    وكان في أيام " المتوكل
    " قد عز الإسلام حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية ؛ وألزموا الصغار فعزت السنة والجماعة وقمعت الجهمية والرافضة ونحوهم .
    وكذلك في أيام " المعتضد " والمهدي والقادر وغيرهم من الخلفاء
    الذين كانوا أحمد سيرة وأحسن طريقة من غيرهم . وكان الإسلام في زمنهم أعز وكانت السنة بحسب ذلك . وفي دولة " بني بويه " ونحوهم : الأمر بالعكس
    فإنهم كان فيهم أصناف المذاهب المذمومة . قوم منهم زنادقة وفيهم قرامطة كثيرة ومتفلسفة ومعتزلة ورافضة وهذه الأشياء كثيرة فيهم غالبة عليهم .
    فحصل في أهل الإسلام والسنة في أيامهم من الوهن ما لم يعرف حتى استولى النصارى على ثغور الإسلام وانتشرت القرامطة في أرض مصر والمغرب والمشرق وغير ذلك وجرت حوادث كثيرة .
    ولما كانت مملكة محمود بن سبكتكين من أحسن ممالك بني جنسه :
    كان الإسلام والسنة في مملكته أعز فإنه غزا المشركين من أهل الهند ونشر من العدل ما لم ينشره مثله . فكانت السنة في أيامه ظاهرة والبدع في أيامه مقموعة .
    وكذلك السلطان " نور الدين محمود " الذي كان بالشام ؛
    عز أهل الإسلام والسنة في زمنه وذل الكفار وأهل البدع ممن كان بالشام ومصر وغيرهما من الرافضة والجهمية ونحوهم .
    وكذلك ما كان في زمنه من خلافة بني العباس ووزارة ابن هبيرة لهم فإنه كان من أمثل وزراء الإسلام . ولهذا كان له من العناية بالإسلام والحديث ما ليس لغيره .
    وما يوجد من إقرار أئمة الكلام والفلسفة وشهادتهم على أنفسهم وعلى بني جنسهم بالضلال ومن شهادة أئمة الكلام والفلسفة بعضهم على بعض كذلك ؛ فأكثر من أن يحتمله هذا الموضع وكذلك ما يوجد من رجوع أئمتهم إلى مذهب عموم أهل السنة وعجائزهم كثير وأئمة السنة والحديث لا يرجع منهم أحد لأن " الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد " وكذلك ما يوجد من شهادتهم لأهل الحديث بالسلامة والخلاص من أنواع الضلال وهم لا يشهدون لأهل البدع إلا بالضلال .
    وهذا باب واسع كما قدمناه".
    "مجموع الفتاوى" ( 4/20-23).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وهذا باب واسع كما قدمناه".
    نعم
    من المعروف في التاريخ عبر القرون أن أية دولة إذا كانت تميل إلى فرقة ما تسهل وتوفر لعلمائها مناصب القضاء، والإفتاء والرئاسة والخطابة والتأليف، والتدريس؛ فيجدون أسبابا كثيرة وطرقا ميسورة لبسط سلطانهم على القلوب والأبدان، ونفوذ تأثيرهم على الشعوب والأوطان وتشجعهم الدولة أيضا بإنشاء المدارس والجوامع، وبذلك تنشر أفكارهم ويزداد نشاطهم.
    " فأي مذهب كان أصحابه مشهورين، وسد إليهم القضاء، والإفتاء، واشتهرت تصانيفهم في الناس، ودرسوا درسا ظاهرا، انتشر في أقطار الأرض ، ولم يزل ينتشر كل حين، وأي مذهب كان أصحابه خاملين، ولم يولوا القضاء، والإفتاء، ولم يرغب فيهم الناس اندرس بعد حين " ...
    الحاصل:
    أن مناصرة الملوك والسلاطين والأمراء لمذهب ما
    وتشجيعهم لعلمائه من أهم أسباب انتشاره،
    كما يقال:
    " الناس على دين ملوكهم " ،
    وهذا واقع غالبا،

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    كما يقال:
    " الناس على دين ملوكهم " ،
    وهذا واقع غالبا،
    في حديث أبي بكر، لما سألته المرأة الخثعمية عن بقاء الإسلام، قال لها ما معناه: إنه يبقى ما استقامت الأئمة، يعني الرؤساء. فإذا صار الأخيار لهم القول، والكلمة النافذة، صلح أمر البلد، وقام الدين[ الدرر السنية-الجزء الثامن ( القسم الأول من كتاب الجهاد )]
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :"ومعلوم أنه إذا استقام "ولاة الأمور " الذين يحكمون في النفوس والأموال استقام عامة الناس كما قال أبو بكر الصديق فيما رواه البخاري في "صحيحه" للمرأة الأحمسية لما سألته فقالت : " ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح " ؟ قال : "ما استقامت لكم أئمتكم ".وفي الأثر « صنفان إذا صلحوا صلح الناس : العلماء والأمراء »، أهل الكتاب وأهل الحديد". كما دل عليه قوله : { لقد أرسلنا } الآية . وهم " أولو الأمر " في قوله : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } .
    وكذلك من جهتهم يقع الفساد كما جاء في الحديث مرفوعا وعن جماعة من
    الصحابة { إن أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون } فالأئمة المضلون هم الأمراء ، والعالم والمجادل هم العلماء
    "مجموع الفتاوى" ( 10/354).

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    كما جاء في الحديث مرفوعا وعن جماعة من الصحابة { إن أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم وجدال منافق بالقرآن وأئمة مضلون } فالأئمة المضلون هم الأمراء ، والعالم والمجادل هم العلماء
    "مجموع الفتاوى" ( 10/354).
    نعم
    قال ابن القيم رحمه الله - في إعلام الموقعين
    -
    أن العالم قد يزل ولا بد إذ ليس بمعصوم فلا يجوز قبول كل ما يقوله وينزل قوله منزلة قول المعصوم فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض وحرموه وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه وفيما لم يزل فيه وليس لهم تمييز بين ذلك فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد فيحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله ويشرعون ما لم يشرع ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه فالخطأ واقع منه ولا بد وقد ذكر البيهقي وغيره من حديث كثير هذا عن أبيه عن جده مرفوعا اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته
    وذكر من حديث مسعود بن سعد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -
    أشد ما أتخوف على أمتي ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم
    ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره
    فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين فإنه اتباع للخطأ على عمد ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه وكلاهما مفرط فيما أمر به - وقال الشعبي قال عمر يفسد الزمان ثلاثة أئمة مضلون وجدال المنافق بالقرآن والقرآن حق وزلة العالم وقد تقدم أن معاذا كان لا يجلس مجلسا للذكر إلا قال حين يجلس - الله حكم قسط - هلك المرتابون - الحديث وفيه - وأحذركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول الضلالة على لسان الحكيم وقد يقول المنافق كلمة الحق - قلت لمعاذ ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق قال لي اجتنب من كلام الحكيم المشبهات التي يقال ما هذه ولا يثنيك ذلك عنه فإنه لعله يراجع وتلق الحق إذا سمعته - فإن على الحق نورا
    وذكر البيهقي من حديث حماد بن زيد عن المثنى بن سعيد عن أبي العالية قال قال ابن عباس ويل للأتباع من عثرات العالم قيل وكيف ذاك يا أبا العباس قال يقول العالم من قبل رأيه ثم يسمع الحديث عن النبي ص - فيدع ما كان عليه وفي لفظ فيلقى من هو أعلم برسول الله ص - منه فيخبره فيرجع ويقضي الأتباع بما حكم
    وقال تميم الداري اتقوا زلة العالم فسأله عمر ما زلة العالم قال يزل بالناس فيؤخذ به فعسى أن يتوب العالم والناس يأخذون بقوله
    وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال قال معاذ بن جبل يا معشر العرب كيف تصنعون بثلاث دنيا تقطع أعناقكم وزلة عالم وجدال منافق بالقرآن فسكتوا فقال أما العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم وإن افتتن فلا تقطعوا منه إياسكم فإن المؤمن يفتتن ثم يتوب وأما القرآن فله منار كمنارالطريق فلا يخفى على أحد فما عرفتم منه فلا تسألوا عنه وما شككتم فكلوه إلى عالمه وأما الدنيا فمن جعل الله الغني في قلبه فقد أفلح ومن لا فليس بنافعته دنياه
    وذكر أبو عمر من حديث حسين الجعفي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال قال سلمان كيف أنتم عند ثلاث زلة عالم وجدال منافق بالقرآن ودنيا تقطع أعناقكم فأما زلة العالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم وأما مجادلة المنافق بالقرآن فإن للقرآن منار كمنار الطريق فلا يخفى على أحد فما عرفتم منه فخذوه وما لم تعرفوه فكلوه إلى الله وأما دنيا تقطع أعناقكم فانظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم
    قال أبو عمر - وتشبه زلة العالم بانكسار السفينة لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير
    قال أبو عمر - وإذا صح وثبت ان العالم يزل ويخطىء لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه
    وقال غير أبي عمر كما أن القضاة ثلاثة قاضيان في النار وواحد في الجنة فالمفتون ثلاثة ولا فرق بينهما إلا في كون القاضي يلزم بما أفتى به والمفتي لا يلزم به
    وقال ابن وهب سمعت سفيان بن عيينة يحدث عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان يقول اغد عالما أو متعلما ولا تغد إمعة فيما بين ذلك -
    قال ابن وهب - فسألت سفيان عن الإمعة فحدثني عن أبي الزناد عن أبي الأحوص عن أبي مسعود قال كنا ندعو الإمعة في الجاهلية الذي يدعى إلى الطعام فيأتي معه بغيره وهو فيكم المحقب دينه الرجال
    وقال أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو والنصري ثنا أبو مسهر ثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبيد الله عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر أنه سمع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقول إن حديثكم شر الحديث إن كلامكم شر الكلام فإنكم قد حدثتم الناس حتى قيل قال فلان وقال فلان ويترك كتاب الله من كان منكم قائما فليقم بكتاب الله وإلا فليجلس
    - فهذا قول عمر لأفضل قرن على وجه الأرض فكيف لو أدرك ما أصبحنا فيه من ترك كتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة لقول فلان وفلان فالله المستعان
    قال أبو عمر وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة لكميل ابن زياد النخعي وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغني عن الإسناد لشهرته عندهم ياكميل --
    إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير - والناس ثلاثة فعالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة - وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ثم قال آه إن ههنا علما وأشار بيده إلى صدره لو أصبت له حملة بل قدأصبت لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدين للدنيا ويستظهر بحجج الله على كتابه وبنعمه على معاصيه أو حامل حق لا بصيرة في إحيائه ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق أن قال أخطأ وإن أخطأ لم يدر مشغوف بما لا يدري حقيقته فهو فتنة لمن فتن به وإن من الخير كله من عرفه الله دينه وكفى بالمرء جهلا لا يعرف دينه [
    إعلام الموقعين]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه،
    كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ
    لكن قد تقع فجوات في الدهر ينتصر فيها الإسلام على غيره
    ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات وفي بعض الجوانب من الدنيا
    كما جرى في عهد عمر بن عبدالعزيز كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله،
    بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله وإلزام الناس بالحق،
    وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد عبدالوهاب رحمه الله من ظهور الإسلام
    والقضاء على أسباب الكفر واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان،
    فكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت ظهر فيها الشرك وظهر فيها الفجور والمعاصي.
    فالحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عامًا بعد عام وقرنًا بعد قرن،
    لكن في الجملة هذا في الجملة كما قال جماعة من أهل العلم،
    وقد يأتي الله بزمان ينفس الله فيه عن المسلمين فيحصل فيه خير كثير،
    وتكون الحالة فيه أحسن من الزمن الذي قبله رحمة من الله جل وعلا،
    وقد يكون ذلك في جانب دون جانب،
    وفي إقليم دون إقليم،
    كما جرى في وقت الشيخ محمد بن عبدالوهاب وفي بلدان أخرى خرج فيها مصلحون صارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها وقتًا ما.
    والله جل وعلا أخبرنا أن هذا الإسلام ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحًا تخرج يرسلها الله عز وجل يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة،
    ففي آخر الزمان يقبض القرآن يرفع القرآن ويقبض المؤمنون والمؤمنات ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة.
    لكن في هذا العصر في أول هذا القرن وفي آخر القرن السابق حصل بحمد الله يقضة للمسلمين وحركة مباركة للمسلمين صار فيها المسلمون الآن أحسن من حالهم قبلها بأوقات بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، بسبب كثرة الدعاة إلى الله والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وقد انتشر الدعاة من هنا وهناك من الجامعة الإسلامية ومن هذه الرئاسة الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ومن الرابطة، ومن جهات أخرى.
    فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير من حركة إسلامية قوية وتكاتف ودعوة إلى الله ونشاط،
    فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن مما مضى بكثير،
    أما ما بعد ذلك فالله أعلم جل وعلا، والأدلة معروفة في هذا الباب.
    وأما مستقبل الكفرة فكذلك
    كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر وكلما ضعف الإسلام نشط جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء وعلم نهاياتها فهذا إلى الله .
    لكن واجب على المسلمين أن يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله،
    وأن يتعاونوا على البر والتقوى،
    وأن يحرصوا على جهاد الأعداء ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دينهم،
    وحتى يقوى دينهم،
    وحتى يستعيدوا بعض ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين
    وهذا الواجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها وإقامة حكم الله في بلادها وفي شعبها،
    هذا هو الواجب على جميع المسلمين.
    المصدر -الموقع الرسمى للامام ابن باز رحمه الله

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد عبدالوهاب رحمه الله من ظهور الإسلام
    والقضاء على أسباب الكفر
    وعلى إخلاص العبادة لله وحده،
    واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله
    نعم
    ظهرت دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في منتصف القرن الثاني عشر الهجري ،
    بعد أن أطبقت الجهالة على الأرض و خيمت الظلمات على البلاد ،
    وانتشر الشرك والضلال والابتداع في الدين ، وانطمس نور الإسلام ، و خفي منار الحق والهدى ،
    و ذهب الصالحون من أهل العلم فلم يبق النزاع قلة قليلة لا يملكون من الأمر شيئاً ،
    واختفت السنة وظهرت البدعة ،
    وترأس أهل الضلال والأهواء ،
    وأضحى الدين غريباً والباطل قريباً ،
    حتى لكأن الناظر ليقطع الأمل في الإصلاح

    ولكن الله عز وجل قضى بحفظ دينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،
    وكان من رحمته تبارك وتعالى بهذه الأمة أن يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها ، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه .
    .
    فكان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بفضل الله جل وعلا
    مجدد القرن الثاني عشر الهجري
    إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعد البداية الحقيقية لما حدث في العالم الإسلامي من يقظة جاءت بعد سبات طويل ، وتجديدا لاصل دعوة الانبياء والمرسلين
    إن الدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر الهجري ، و هي تعني الرجوع إلى الإسلام كما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، و فهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون المفضلة ، عقيدة و شريعة و سلوكاً .
    وهي الدعوة التي تكفل الله بحفظها ووعد من حملها بالظهور والنصر إلى قيام الساعة مهما خذلها المتخاذلون وخالفها الخصوم والمناوئون وأخبر بذلك سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس ) . البخاري مع الفتح (6/632 ) .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة

    إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ....تجديدا لاصل دعوة الانبياء والمرسلين
    إن الدعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر الهجري ، و هي تعني الرجوع إلى الإسلام كما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ، و فهم الصحابة والتابعون وتابعوهم من أهل القرون المفضلة ، عقيدة و شريعة و سلوكاً .
    ....تكفل الله بحفظها ووعد من حملها بالظهور والنصر إلى قيام الساعة مهما خذلها المتخاذلون وخالفها الخصوم والمناوئون
    نعم
    دعوةُ الشيخ محمد بن عبدالوهاب سارَتْ على هذا المِنوال، يُقَال أنَّه لمَّا بدأ الدعوة في بلدٍ وضُيِّق فيها وأُخْرِجَ منها خرج إلى البلدة الأخرى ... حتى قَيَّض اللهُ له مَنْ نَصَرَهُ وأعانهُ وقام معه، فبارك اللهُ هذه الدعوة وجعل لها أثرًا عظيمًا في الأُمَّةِ وانتشرت .. كما هو معلومٌ.
    الدعوةُ لابُدَّ أنْ تبدأ بالعقيدة، قال-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لِمُعاذِ بن جَبَلٍ لمَّا بَعَثَهُ إلى اليمن، قال له: (إنَّكَ تأني قومًا مِنْ أهلِ الكتاب، فليَكُن أوَّل ما تدعوهم إليه شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، فإنْ هم أجابوك لذلك فأعلِمْهُم أنَّ اللهَ افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإنْ هم أجاوبك لذلك فأعلِمهُم أنَّ اللهَ افترض عليهم صدقةً تُؤخَذ مِنْ أغنيائهم وتُرَدُّ في فقرائهم).
    فهذا فيه التدرُّج في الدعوة وأنَّه يُبدأ فيها بالعقيدة، فأي دعوة لا تبدأ بالعقيدة فهي دعوةٌ فاشِلة ولا فائدة منها، فالدعوات التي تُنَحِّي العقيدةَ وتُبْعِدُها وتدعو إلى الأخلاق الفاضلة وإلى التعامل الطيب وهكذا هذه دعوة لا فائدة منها، لأنها أهْمَلَت الأساس والرأس، إذا فُقِدَ الرأسُ فبماذا ينفع بقية الجسد؟
    فيُبدأ بالعقيدة أولًا، يُبْدَأ بتبصير الناس في عقيدتهم، ثُمَّ بعد ذلك بأمور دينهم؛ بالصلاةوالزكاة وبقيَّة أمور الدِّين، التدرُّج في الدعوة شيئًا فشيئًا هذا أمرٌ مطلوبٌ، فدعوةُ الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي على هذا المنهج السليم النبويّ الذي أرشد إليه النبيُّ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-.
    فالذي يُنَحِّي الدعوة عن منهجه ويقول هذه دعوةٌ إسلامية فهذه ليست دعوة إسلامية ولا تنجح أبدًا، كم نسمع مِنْ الدَعَوات ومِن المؤسسات الدَعَويَّة ولكن أين الثمرة؟ لأنها لم تَقُم على الأساس الأصيل وهو العقيدة.
    هذه ليست دعوة إسلامية، ولا تنجح أبدًا، كم نسمع من الدَّعوات، ومن المؤسسات دعويَّة، ولكن أين الثمرة؟!، لأنها لم تقم على الأساس الأصيل، وهو العقيدة، ولم تسعى لإصلاحِ العقيدة، وتنقية العقيدة أولاً، ليكن أول ما تدعوهم إليهم، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، إلى آخره، فالعقيدة هي الأساس، وهي الرأس، وتترتَّب عليها بقية الأعمال، لأن الأعمال بدون أن تكون على عقيدة سليمة، لا تنفع، لا تنفع صاحبها مهما كانت، فهذا أمرٌ يجب التَّفطٌّن له،
    دعوة الشيخ قامت على هذا الأساس، أول ما بدأ -رحمه الله-
    الدعوة إلى العقيدة الصحيحة،
    ألَّف كتاب التوحيد الذي هو بين أيدينا الآن لتوحيد العبادة، ألَّفهُ وكل باب مبني على آية وحديث وكلام أهل العلم، فنفع الله بهذا الكتاب، وأفاد منهُ المسلمون، وأفاد منهُ العلماء والطَّلاب،
    ألَّف الثلاثة الأصول، معرفة الله –جلَّ وعلا-، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة،
    ألّف كشف الشُّبهات، التي يُدلي بها المغالطون للدعوة الصَّحيحة، وبيَّن خطأها، واحدةً واحدة،
    فكتاب التَّوحيد،
    وكشف الشُّبهات،
    أساسٌ يعتمدهُ الدُّعاة لله – عزَّ وجل- وينشرونهُ للناس، يشرحونهُ للناس، ويُبيِّنونهُ للناس،
    هذا الأساس التي تُبنى عليه الدعوة،
    ثلاثة الأصول، معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة، كل أصل له أدلة، ولا هنا شيء من أمور الدين، إلا وله دليل يعتمدُ عليه، لكن يحتاج إلى بيان وإلى توضيح، والبيان والتوضيح يحتاج إلى علم وفقه،
    وإلا فكلٌ يدَّعي الدعوة الآن، لكن أين الآثار؟، وأين الثَّمرات؟،
    لا نقول أن لا خير، نقول فيها خير، إن شاء الله، لكن ..، فلا يزال الناس كما تعلمون في جهلهم، وفي ما علق بعقيدتهم من شبهات، ومن انحرافات، ومن، يحتاجون إلى بيان، وإلى توضيح، وهذا يحتاج إلى علم، ومعرفة، وبصيرة.
    فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أثمرت هذه الأجيال التي نشأت عليها، وماتت عليها، على التوحيد، يرجع أجرُها إلى هذا المُجدِّد، وهذا الدَّاعية إلى الله –عزَّ وجل-، من دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجرمن اتَّبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا.
    هناك دُعاة ضلال، هناك دُعاة ضلال، كما أنّ هناك دُعاة توحيد، ودُعاة، لكن فرق بين الدُّعاة والدُّعاة، وفرقٌ بين الآثار، هذا دعوة الحق ينشأُ عنها الحق والخير، والصَّلاح، ودعوة الضَّلال ينشأ عنها الشر، والشُّبهات والانحرافات، وإلا هناك دُعاة ضلال كثير، وكلٌ سيُجازيه الله، بحسب ما ورَّث في الأُمَّة من خيرٍ أو شر، من دعا إلى الهدى كان لهُ من الأجر مثل آجار من تبعه، من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، نسأل الله العافية.
    ولكن الدعوة كما ذكرنا، تحتاج إلى علم، والعلم يحتاج إلى تعلٌّم، وتبصُّر، يحتاج إلى صبر، قال الله –سبحانه وتعالى- : بسم الله الرحمن الرحيم: (*وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لفي خسر* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ*) هذه الأمور الأربعة، هؤلاء ينجون من الخسار، الذين آمنوا، هذا هو العلم النَّافع، والعقيدة السَّليمة، وعملُ الصَّالحات، العلم لا ينفع بدون عمل، لابد من العمل مع العلم، وتواصوا الحق، ما يكفي الإنسان أن يكون متعلِّمًا، وعالمًا لنفسه، ومُهتديًا في نفسه، ما يكفي هذا، بل يجب أن يدعو الآخرين، ( تواصوا بالحق)، هذا هو الدعوة إلى الله –سبحانه وتعالى-، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، (وتواصوا بالصبر)، لأنَّ الذي يدعو إلى الحق يُؤذى، بل قد يُهدَّد، فيحتاج إلى الصبر، (وتواصوا بالصَّبر)، يصبرون على ما ينالوا، يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ
    هكذا كانت دعوة الشيخ تقوم على هذه الأساسات العظيمة، على العلم، وعلى العمل، وعلى الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعلى الصبر عليها، وعلى ما يترتَّب عليها من أذى الناس والمُعارضين، والمُعاندين، يحتاج إلى صبر، وإلا من لا صبر له، لا يستطيع الاستمرار، لا يستطيع الاستمرار في الدعوة والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، (* وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ* *وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ*) فدعوة الشيخ تتمثَّل هذه الصِّفات القُرآنيَّة، ولذلك نجحت، وأثمرت ولله الحمد،
    فالواجب القيام بهذه الدعوة، والاستمرار عليها، والصبر على ما يحصل بسببها، أو سبيلها، وهذه هي الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، نسأل الله –عزَّ وجل- أن يجعلنا وإياكم من الداعين إليه على بصيرة، من المؤمنين أولًا، من المؤمنين الداعين إليه على بصيرة، وأن يرزقنا الله وإياكم الصبر والإخلاص، والجهاد في سبيله، الجهاد ليس مقصورًا على حمل السلاح، الجهاد يكون بالقلب، ويكون باللسان،ويكون بالسلاح، الجهاد أنواعٌ كثيرة، كلٌ يقوم بما يسَّر الله لهُ منه، ومن الجهاد القيام بالدعوة والصبر عليها، والاستمرار عليها، والثبات عليها، هذا من الصبر، ويحتاج إلى صبر.[موقع الشيخ صالح الفوزان]

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الإسلام والإيمان كلما ظهر وقوى، كانت السنة وأهلها أظهر وأقوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الدعوةُ لابُدَّ أنْ تبدأ بالعقيدة، قال-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لِمُعاذِ بن جَبَلٍ لمَّا بَعَثَهُ إلى اليمن، قال له: (إنَّكَ تأني قومًا مِنْ أهلِ الكتاب، فليَكُن أوَّل ما تدعوهم إليه شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، فإنْ هم أجابوك لذلك فأعلِمْهُم أنَّ اللهَ افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإنْ هم أجاوبك لذلك فأعلِمهُم أنَّ اللهَ افترض عليهم صدقةً تُؤخَذ مِنْ أغنيائهم وتُرَدُّ في فقرائهم).
    فهذا فيه التدرُّج في الدعوة وأنَّه يُبدأ فيها بالعقيدة، فأي دعوة لا تبدأ بالعقيدة فهي دعوةٌ فاشِلة ولا فائدة منها، فالدعوات التي تُنَحِّي العقيدةَ وتُبْعِدُها وتدعو إلى الأخلاق الفاضلة وإلى التعامل الطيب وهكذا هذه دعوة لا فائدة منها، لأنها أهْمَلَت الأساس والرأس، إذا فُقِدَ الرأسُ فبماذا ينفع بقية الجسد؟
    فيُبدأ بالعقيدة أولًا، يُبْدَأ بتبصير الناس في عقيدتهم، ثُمَّ بعد ذلك بأمور دينهم؛ بالصلاةوالزكاة وبقيَّة أمور الدِّين، التدرُّج في الدعوة شيئًا فشيئًا هذا أمرٌ مطلوبٌ، فدعوةُ الشيخ محمد بن عبدالوهاب هي على هذا المنهج السليم النبويّ الذي أرشد إليه النبيُّ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-.
    فالذي يُنَحِّي الدعوة عن منهجه ويقول هذه دعوةٌ إسلامية فهذه ليست دعوة إسلامية ولا تنجح أبدًا،
    نعم
    أنّ تقرير التوحيد والعقيدة بعامة هو أولى الأولويات وأولى المهمات، وذلك لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل «إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكمن أو لما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» وفي رواية أخرى عند البخاري في كتاب التوحيد «فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله» وعند مسلم في أول صحيحه «إلى أن يعرفوا الله» وهذا يدل على أن أولى الأولويات في الدعوة هو أن يدعا إلى التوحيد.
    والدعوة إلى التوحيد لابد فيها من ترتيب للأولويات في داخله.
    فإذن عندنا مسألتان في تفرد هذا المنهج:

    الأولى أن الدعوة إلى توحيد الله جل وعلا في ألوهيته وعبادة الناس للواحد الأحد دونما سواه، أن هذا هو منهج هذا الإمام المصلح في دعوته، فلم يبدأ دعوته بسلوكيات ولا بزهديات، ولم يبدأ دعوته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مسائل التي يقع فيها الناس من الذنوب العامة، ولم يبدأ دعوته بكذا وكذا، وإنما صبر وصبر سنين حتى يقرر توحيد العبادة وما يدل من حق الله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته جل وعلا.
    إذا تبين ذلك فإنّ التوحيد إذا كان هو أهم المهماتـ والتوحيد والعقيدة أولا لو كانوا يعلمون، فإن مسائل التوحيد تختلف أيضا في ترتيب أولوياتها، لهذا تجد أن الإمام في دعوته وفيما يقرره وفي رسائله، ما يقرره في كتبه وفي رسائله تجد أنه لا يجعل المسائل المتصلة بالعقيدة والتوحيد في مرتبة واحدة؛ بل أخّر بعض المسائل حتى اتضحت الدعوة وانتشرت، وبدأ بالمسائل العظيمة.
    المسألة العظيمة الأولى أن دعوة غير الله جل وعلا شرك، الاستغاثة بغير الله جل وعلا شرك، طلب المدد والحاجات من الأموات وشفاء الأمراض وجعل المخلوق له صفات الخالق أن هذا كفر وشرك.
    وأخر بعض المسائل في مثل بعض مسائل تقرير الصفات والرد على الأشاعرة، في بعض مسائل التوسل أخرها، في بعض مسائل التبرك لم يوردها، وذلك بيّن في منهجه.
    فإذن إذا قلنا التوحيد أولا وهو أهم المهمات، فليس معنى ذلك لأن يعطى الناس كل مسائل التوحيد دفعة واحدة، يعطى لقوم يجهلون الأصول وعندهم خلل في أصل التوحيد، عندهم وقوع في شركيات كبرى، فنبحث معهم مسألة التبرك بالصالحين، أو التبرك بالماء أو بالسؤر أو التمسح ببعض الصالحين الأحياء أو بعض تأويل الصفات أو نحو ذلك، ليس الأمر هكذا.
    الشيخ رحمه الله بدأ دعوته بشيء عظيم واضح؛ لأن حجة الخصم فيه هي أضعف ما يكون، ولو ركّز على بعض المسائل التي فيها من الكلام ما فيها، من النقول عن العلماء مثل مسائل التبرك أو مسائل التوسل أو بعض مسائل تأويل الصفات أو نحو ذلك، لترك العلماء في وقته الذين ناهضوه وآذوه لتركوا الكلام في المسائل المهمة وركزوا على هذه المسائل ليطعنوا فيه أو ليردوا عليه، فكان من الحكمة أنه أخذ بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنه قرّر توحيد العبادة الأكبر.
    تعلمون مثلا مسائل الحلف بغير الله جل وعلا ما جاء تحريم ذلك إلا في المدينة، أما في مكة ما كان تحريم ذلك، فكان الرجل يحلف بأبيه ويحلف بالكعبة ويحلف ببعض الأشياء يعني غير الآلهة، ولكنه لم يُنْهَ عنه بعد ذلك، قوله ما شاء الله وشئت هذا إنما نهي عنه في المدينة في قصة مع اليهود مع بعض أحبار اليهود حيث قالوا لبعض الصحابة: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تنددون تقولون ما شاء الله وشاء محمد. فلما بلغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك قال «قولوا ما شاء الله وحده» هذا كان في المدينة، المسألة عقدية كانت متصلة بالتوحيد؛ لكن لم تقرر في هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مكة.
    وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أخر الكلام عن كثير من هذه المسائل؛ بل إنه سئل عن بعض أشياء تنسب إليه استدل بها المعارضون فقال فيها: أقول سبحانك هذا بهتان عظيم. أنا ما قلت هذه الأشياء. التي تنسب إلي حتى قيل عنه إنه يقول لا أنكر التوسل بالصالحين وإنما أنكرت –هذا ثابت من كلامه- وإنما أنكرت ما أجمع العلماء عليه وهو دعوة غير الله معه.
    وهذا من الحكمة لأن التوحيد أولا؛ لكن ليست كل مسائل التوحيد في نفس المرتبة، يقول التوحيد أولا، لا يفهم منها الشباب والذين يدعون إلى منهج السلف الصالح أنك تأتي في كل مكان وفي كل بلد وفي كل مجلس، تأتي بكل مسألة في ذهنك أنها من التوحيد وتعرضها على أساس أنها من المهمات والمطالب في الاعتقاد، لا، لابد أن ينزل هذا بحسب تمكّن الدعوة من النفوس وعدم تمكنها، إذا كنا في قوم وثنيين في بلد من البلاد، أو في قوم يكون عندهم تقديس الأضرحة وعبادة غير الله والنذر لها والذبح والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، ومسائل البدع ووسائل الشرك يؤخر الكلام عنها حتى تتقرر هذه المسألة العظيمة؛ لأن الناس إذا كثر عليهم الكلام بعضه أنسى بعضا، مثل ما قالت عائشة رضي الله عنها: فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا. هذا صحيح.
    فإذن منهج الإمام رحمه الله تعالى أن الدعوة إلى التوحيد أولا؛ ولكن هناك أولويات في مسائل التوحيد والعقيدة لابد أن ترتب، فليست كل المسائل في نفس المنزلة.
    كذلك إذا تكلمنا كما سيأتي في السنة والبدعة ليست مسائل السنة والبدعة في مرتبة واحدة، بعضها أغلظ من بعض، فلابد من التدرج في هذا الأمر؛ لأجل قبول الناس للحق في ذلك؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.[منهج الامام محمد بن عبد الوهاب فى العقيدة - للشيخ صالح ال الشيخ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •