احتجت إلى نص من كتاب السيوف المشرقة ومختصر الصواقع المحرقة، فحملته من المكتبة الوقفية نشر دار البخاري، وأنا أطالع فيه وقفت على البيت التالي (ص 36):
وتراخى الأمر حتى أصبحتْ ... هَمَلًا يطمع فيها من يراها
فخرج المحقق البيت ونسبه إلى الشاعر اللبناني المهجري رشيد أيوب وذكر سنة وفاته 1360ه. فاستغربت التخريج من خلال ذكر سنة الوفاة، وايقنت أن البيت ليس لهذا الشاعر.
وبعد البحث وجدت هذا الشاعر قد ولد سنة 1288ه، بمعنى أن الآلوسي عندما اختصر الكتاب سنة 1303ه كان عمره 15 سنة، فلم يُعرف بشعر ولا اشتهر في البلدان.
ولو أجهد المحقق نفسه قليلا في البحث لوجد الأمر خلاف ما قال، فالأبيات كما ذكرها صاحب (أنوار الربيع) ونسبها لموفق الدين محمد بن يوسف الأربلي، وذكرها صاحب كتاب (النحو المصفى) ونسبها لشاعر بدوي، فقال: نسبت الأبيات الآتية إلى أحد الأعراب الذين قدموا من البادية وعاشوا في بغداد في العصر العباسي الأول، واسمه "أبو العميثل" ، وذكر البيت مع جملة أبيات، يقول فيها:
كنتُ مشغوفًا بكم إذ كنتم ... دوحةً لا يبلغ الطير ذراها
وإذا مُدّتْ إلى أغصانها ... كفُّ جانٍ قُطِّعت دونَ جنَاها
فتراخى الأمر حتى أصبحتْ ... هَمَلًا يطمع فيها من يراها
لا يراني الله أرعى روضةً ... سهلة الأكناف من شاء رعاها
لا تظنوا بي إليكم رجعة ... كشف التّجريبُ عن عيني عماها
وصبابات الهوى أولها ... طمعُ النّفس وهذا منتهاها
الغرض من التحقيق للنصوص إخراج الكتاب كما أراده مصنفه، والتثبت من المعلومات التي فيه وإسنادها إلى مصادرها.