تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لماذا نتفاءل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    المشاركات
    17

    افتراضي لماذا نتفاءل

    بسم الله الرحمن الرحيم
    كثيرة هي المقلقات التي تحيط بحياة الناس العامة والخاصة، الدينية والدنيوية، تكدر صفوهم بل قد تعيق سيرهم، فالحياة مليئة بألوان العواثر، ومشحونة بأنواع المزعجات: ﴿لقد خلقنا الإنسان في كبد﴾ (البلد:4). يكابد مضايق الدنيا ومشاقها لا يخلو من ذلك أحد:
    كل من تلقاه يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن
    والناس في تعاملهم مع هذه الطبيعة الحياتية يختلفون اختلافا كبيرا: فمنهم من يكون رهينا لأكباد الدنيا وصعابها ومتاعبها، فهي التي تهيمن عليهم ويكونون مسكونين بها أسارى لها، وهذه حال الأكثرين. ومنهم من ينجح في فك حلقات الأزمات وقيودها بأسباب ووسائل تخفف عليه تلك الأكباد، فلا تثقله الأعباء والأحمال.
    وإن من أيسر تلك الأسباب وأسهل الوسائل أن يمتلئ القلب بالفأل الصادق والأمل المشرق الذي يوسع ما ضيقته الخطوب والنوازل:
    أعلل النفس بالآمــال أرقبها
    ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
    لقد كان نبينا r يعجبه الفأل الصالح، ففي البخاري ومسلم من حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه عن النبي r أنه قال: يعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة.
    ولا عجب، فإن الفأل الصالح أرحب المراكب التي تمخر عباب المستقبل المجهول، استبشارا بخير قادم، واستشرافا لأمل واعد.
    لقد كان النبي r يعجبه التفاؤل؛ لأن التفاؤل ثمرة إحسان الظن بالله تعالى وكمال العلم برحمته وجوده:
    وإني لأرجو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع
    لقد كان النبي r يعجبه التفاؤل؛ لأن التفاؤل تنشرح له النفوس وتسر له القلوب، فهو من أسباب سعادة الإنسان وزوال الهم عنه، ولذلك فإن التفاؤل من أهم أسباب الصحة النفسية والبدنية.
    لقد كان النبي r يعجبه التفاؤل؛ لأن التفاؤل روح تبعث على العمل، وتفتح آفاق الجد والبذل لإدراك وتحقيق المقاصد وبلوغ الغايات، فالفأل والأمل سلم العمل، ودواء العجز والكسل:
    ومن علقت نيل الأماني همومه تجشم في آثارها المطلب الوعرا
    وتأثير التفاؤل يشمل الفرد والمجتمع، ولا يقتصر على جانب من جوانب الحياة بل يطال جميعها: فالتفاؤل على سبيل المثال عامل رئيس في قرارات الاستثمار الاقتصادية، ولذلك فإن الاقتصاديين يضعون في حساباتهم عندما يقيسون نشاط أي مجتمع واتجاهات الاستثمار فيه, مقدار التفاؤل لدى الناس؛ لأن ذلك يحدد السلوكيات الإنفاقية للأفراد والمجتمع.
    لقد كان النبي r يعجبه التفاؤل؛ لأن التفاؤل ينفك به الإنسان من رهن الماضي وإخفاقاته وعثراته، ومن وطأة الحاضر وتحدياته ومشاقه وشدائده، فيسكن خوفه ويعظم رجاؤه في إدراك حاجته:
    إذا ازدحمت همومي في فؤادي طلبت لها المخارج بالتمني
    وقد ترجم نبينا r التفاؤل واقعا في حياته، فكان رسول الله e لا توقفه عن سيره إلى غايته ومقصوده نازلة مهما عظمت، ولا شدة مهما كبرت، هكذا كان r في جميع مراحله: ففي مكة في شدة الأذى والحصار وصنوف المخاوف قال لأصحابه لما شكوا إليه عظيم ما يلقونه من البلاء: والله ليتمن الله هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون. وفي الهجرة خرج هو وأبو بكر مطاردا أحاطت به المخاوف من كل صوب، ومع ذلك قال لصاحبه: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ (التوبة: 40). فصدق الله رسوله: ﴿فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 40) وفي الأحزاب أحاط به خصومه وأعداؤه إحاطة السوار بالمعصم، فبشر أصحابه بفتح الشام وفارس واليمن.
    أفلا يحق لنا بعد هذا كله أن نتفاءل ونعمل لتحقيق ما نؤمل؟!

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    المشاركات
    80

    افتراضي رد: لماذا نتفاءل

    بارك الله فيك وجعلنا وإياكم من المتفائلين...موض ع قيم وطرح جيد جزاك الله كل خير

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •