تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    (اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ،- يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ
    ونحو ذلك من الآيات، فبين ذلك جل وعلا بأن ذلك .وهو عدم الفقه وعدم الفهم بسبب الطبع على قلوبهم وبسبب جعل الأكنة على القلوب،
    وأن ذلك أيضا كان عدلا من الله جل وعلا،
    وذلك لأنه بسبب كفرهم بالله جل وعلا.
    وهذه المسألة مسألة عظيمة ألا وهي أن المشركين وأهل الجاهلية على اختلاف ملل الجاهليات ونحلهم يعتذرون عن اتّباع الحق
    ويكون عذرهم هو أنهم لم يفقهوا ما قيل لهم ولم يعلموه،
    يريدون بذلك أنهم لم يفقهوا الحجة فقه من يستجيب لها،
    ولم يعلموا أن تلك الحجج التي جاءت بها الرسل أو جاء بها الأنبياء أنها غالبة وأنها مقدمة على الحجج التي يحتجُّ بها أولئك فعند المشركين حجج وعلم والرسل والأنبياء جاءوا بحجج وعلم فلم يفقه أهل الجاهليات أن حجج الأنبياء والمرسلين أدلَّ على المراد من حجج المشركين.
    ولبيان ذلك نقول
    إن الحجة لا بد من إقامتها فالله جل وعلا ما بعث رسول إلا لأجل إقامة الحجة [لِئلَّا] يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ?[النساء:165]، وقال سبحانه ?وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا?[الإسراء:15]،
    فمن كمال عدل الله تبارك وتعالى ومن كمال حُكمه وحِكمته
    أنه جل وعلا ما عذّب أحدا حتى يقيم عليه الحجة،
    ولذلك بعث الله المرسلين وبعث الأنبياء لكي تنقطع حجج الناس
    بل إنّ الله جل وعلا أخذ على ابن آدم أو على بني آدم العهد لمّا أخرجهم من ظهور آبائهم ألاّ يكذبوا بتوحيد الله جل وعلا كما قال سبحانه ?وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ?[الأعراف:172]، إلى أن قال ?وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أو تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ?[الأعراف:172-173]،
    فالله جل جلاله أقام الحجج المتنوعة حجج مسموعة وحججا مرئية،
    وهم اعتذروا عن الاتباع بعدم فهم الحجة
    ، قال سبحانه مخبرا عن قولهم ?يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ?[هود:91]، وقال وجعلنا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ?(2)
    وقال سبحانه مخبرا عن قول اليهود أنهم قالوا ?قُلُوبُنَا غُلْفٌ?(3)،
    وتقرير هذا أن فهم الحجة له نوعان:

    النوع الأول: أن يفهم معناها؛ يعني أن يقيم الحجة من يفهم معنى الحجة، بأن يكون بلسان المخاطب، وأن يفهم المراد من الحجة، وهذا النوع متفق على أنه لابد منه، فإن الله جل جلاله ما بعث رسوله إلا بلسان قومه يبين لهم، كل رسول بعث بلسان قوم ذلك الرسول، يتكلم بلغتهم ويتكلم بلسانهم حتى يبين لهم الحجة، وحتى يفهموا معناها، وهذا متفق على أنه لا بد منه؛ لأنه إذا خوطب أحد بغير اللسان الذي يفهمه لم يكن ثَم إقامة للحجة، فإذن هذا النوع رجع إلى أنه في يعني إقامة الحجة، فإقامة الحجة لا يكون إلا بفهم معناها في هذا النوع.
    النوع الثاني: فهم الحجة الفهم الذي يتبعه استجابة للحجة، فإن من فهم الحجة فهما مستقيما كاملا لابد أن ينقاد لها وهذا هو الذي لا يشترط في إقامة الحجة، فلم يكن لأولئك عذر بقولهم (مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ)، (مَا نَفْقَهُ) يعني ما نعلم ولا نفهم أن هذا الذي تقول أرجح من قولنا، ولا نفهم أن علمك الذي أوتيت به أرجح من علمنا، وهذا النوع هو الذي حرمه المشركون في أنهم لم يفهموا فهم استجابة، لم يفهموا الحجة من جهة كونها أرجح من حجتهم، ولكن الحجة فهموا معناها.
    فإذن فهم الحجة معناها.
    النوع الأول لابد منه.
    وأما النوع الثاني وهو أن تفهم فهم من يستجيب، فإن هذا لا يشترط في إقامة الحجة،
    فإن الحجة تقوم ولو زعم الزاعمون أنهم لم يفهموا معناها إذا بينت لهم ألفاظها وكانت بلسانهم وبين لهم معناها من أهل العلم والفهم لبيان المعنى.
    لهذا قال جل وعلا مخبرا عن قول المشركين (قُلُوبُنَا غُلْفٌ)
    وقال (مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ)
    ولم يمنعهم هذا الاحتجاج بأنهم ما فقهوا ولا فهموا بأن تكون الحجة قد أقيمت عليهم،
    وإذْ أعرضوا حلّ عليهم سخط الرب جل وعلا،
    وأيضا أخبر سبحانه أن قريش بل والعرب جُعلت على قلوبهم أكنة قال سبحانه (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ)
    جعل الله جل وعلا على قلوب المشركين أكنة تحجب الفقه وتمنع الفهم، حواجز تمنع ذلك أن يفقهوا يعني أن يفهموا، هذا الفهم إنما فهم موقع الاحتجاج؛ فهم رجحان الحجة على ما عندهم من الحجج، وهذا كل طائفة من طوائف الشرك والجاهلية تحتج بهذا بأنه ما فهمت بأنهم ما يريدون أن ينسبوا إلى أنفسهم أنهم ردوا الحجة عنادا واستكبارا.

    ولهذا قال أئمتنا إن إقامة الحجة شرط
    وأما فهم الحجة فلا يشترط. فليس كفر كل من كفر عن عناد وتكذيب
    ؛ لأن أولئك لم يفهموا وجه الحجة الفهم الذي يجعلهم يقدمونها على حجتهم، ولكنهم فهموا تلك الكلمات وفهموا دلائلها وفهموا معناها.
    قال الشيخ رحمه الله تعالى هاهنا (فأكذبهم الله جل وعلا في ذلك)
    يعني فيما احتجوا به من أنهم ما فقهوا يعني أكذبهم في أنهم فهموا المعنى، ولكنه جعلت على قلوبهم أكنة أن يفقهوه الفقه النافع، وهو سبحانه كثيرا في القرآن ينسب الفعل إلى من ينتفع به،
    فقول الشيخ رحمه الله (أكذبهم الله) يعني في أنهم ما فقهوا الفقه الذي هو بمعنى فهم المعنى وبين أنهم فهموا المعنى،
    ولكنه الله جل وعلا بين أنه جعل على قلوبهم أكنة وكثيرا في القرآن ما يأتي نسبة الفعل إلى من ينتفع به، قال سبحانه ?إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ?[فاطر:18]، فأخبر سبحانه في هذه الآية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ينذر الذين يخشون ربهم بالغيب مع أنه عليه الصلاة والسلام نذير للعالمين، لكن أضيف إلى أولئك الإنذار لأنهم هم الذين انتفعوا به (إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ) لأنهم هم الذين اتفعوا بذلك.
    فهنا في قول الشيخ فأكذبهم الله جل وعلا في ذلك،
    وبيّن سبحانه أن سبب عدم الفقه هو الطبع على القلوب، يعني عدم الفقه الذي هو في ترجيح الحجة، الفهم الذي يترتب عليه ترجيح حجة المرسلين على ما عندهم من الأوهام والحجج، وبيّن سبحانه أن ذلك الطبع بسبب كفرهم، عدلا منه جل وعلا وحكمة،
    وهذا في كل أهل جاهلية يأتون بمثل هذا.
    وهذه المسألة موسومة في كتب العلماء بمسألة إقامة الحجة وفهم الحجة،
    وتبيّن لك أن الصواب تقسيم فهم الحجة إلى قسمين؛
    لأن من أهل السنة في هذا القرن من اعترض على أئمتنا على عدم اشتراط فهم الحجة لأنه قال لابد من فهم الحجة، كيف تقام الحجة على من لم يفهمها؟
    وعلماء الدعوة بينوا
    لكن هؤلاء ما انتبهوا إلى أنّ فهم الحجة بالمعنى الأول الذي ذكرناه وهو فهم المعنى، وفهم مدلولات الكلام وفهم الاستدلال ووجه الاستدلال هذا لا بد منه،
    أما الفهم الذي هو معرفة رجحان هذه الحجة على غيرها وقطع الشبه جميع الشبه فهذا لا يشترط
    كما بينه أئمة الدعوة.

    إذا تبين لك ذلك،
    فنقول إن هذه الخصلة من خصال الجاهلية نفذت في هذه الأمة في قديم زمانها وفي حديثه:
    فأما في قديم زمانها يعني في أوائل الأمر، من جهة أن كثيرا ممن أعرضوا عن الكتاب والسنة وعن لزوم اتباع الكتاب والسنة، والأخذ بما كان عليه سلف هذه الأمة، وأن علومهم كانت أعلم وأسلم وأحكم، وأنهم كانوا اتقى لله جل وعلا من أن يخوضوا فيما غير ما أذن الله جل وعلا أن يخوضوا فيه، إذا بين لهم ذلك، محسنهم يقول ما أفقه هذا الكلام؛ يعني هذه حجة ليست بواضحة، هذا الكلام ليس بواضح الدلالة، فيرد هذا الأصل العظيم مع ما عليه من الدلائل الواضحات لأجل عدم فهمه، وعدم فهمه بموقع الحجة، وأن هذه الحجة أقوى حجته هذا ليس بعذر له، ليس بعذر له ولا يعذر في ذلك.

    مثال هؤلاء أهل البدع في الاعتقادات، سواء كانت منها الاعتقادات الكفرية أم ما كان دون ذلك، هؤلاء اعتاضوا وتركوا كتاب الله والسنة وما كان عليه السلف إلى آراء أحدثوها واعتقادات وضعوها، حتى إنهم وضعوا أدلة عارضوا بها الأدلة القرآنية والأدلة النبوية، مثل الدليل الذي وضعه طائفة أو الذي وضعه جهم بن صفوان ومن بعده من المعتزلة؛ الدليل الذي يسمى بدليل الأعراض، والذي من أجله وبسببه أُوِّلت الصفات وحُرفت النصوص، ووقع البلاء العام في المسلمين بسبب ذلك الدليل المحدث المبتدع، الذي هو خطأ في نفسه، وجناية على الشرع، تحصيل هذا الدليل أنّه أراد أن يثبت وجود الله جل وعلا بإثبات حدوث الأجسام، وأن الأجسام لا يثبت حدوثها إلا بإثبات حلول الأعراض فيها، الأعراض هي المعاني التي تطرأ أو تزول، فلما أثبت الوحدانية يعني وجود الله جل وعلا بهذا الدليل، صار معه متعين أن ينفي كل ما يعارض ذلك الدليل، فنفى إثبات الصفات لأن الصفات عنده أعراض تطرأ وتزول، وإذا أثبت الصفات كالرحمة والمغفرة والنزول والاستواء والكلام وغير ذلك من الصفات، إذا أثبتها فإنه يعني في فهمه أنه يثبت أعراضا تطرأ وتزول، وهو ما أثبت حدوث الأجسام إلا بهذه الطريقة التي هي طريقة الأعراض، فكان مستمسكا بدليله، وبدليله هذا ظهرت الفرق المعتزلة والكلابية والماتريدية والأشعرية ومن نحى نحوهم، وهو دليل باطل من أصله، لما خوطب أهل الاعتزال من أهل السنة الذين أخذوا بهذا الدليل وعظموه، الذي هو يستدل على وجود الله بدليل حدوث الأعراض في الأجسام، لما اُحتج عليهم بأن هذا الدليل لم يأت في كتاب ولا في سنة وأنه منقوض من أصله، وأن أدلة القرآن هي المتعينة في إثبات حدوث المخلوقات، وأن الله جل وعلا هو موجدها وحدثها وخالقها وربها، قالوا إنّ نقض ذلك الدليل لا نفهمه، وقلوبنا لم تفهم ذلك، وعقولنا لم تدرك ذلك، ونحو هذا، مع أن هذا الدليل واضح في نفسه، لكن جعل في قلوبهم ما يصدهم عن اتباع الأدلة القرآنية فأحدثوا ذلك الحدث الأكبر في الملة، ألا وهو ذلك الدليل الباطل من أصله الذي بسببه حدثت الفرق المختلفة.
    كذلك في العبادات طوائف المبتدعة من المتنسكة والمتصوفة ونحو ذلك، إذا اُحتج عليهم ببطلان بدعهم وبطلان طرائقهم في السلوك، وأنهم لا يجوز أن يسلك طريق إلا أن يكون موافقا للنص في العبادات وفي العقائد ونحو ذلك، بينوا أنهم لا يفهمون تلك الأدلة، وأن ما عليه ما بينه أشياخهم أن هذا أوضح لهم هؤلاء أقيمت عليهم الحجة وبينت لهم ولكنهم ما فقهوها فقه من يتبع السلف الصالح، فلا يعذر أولئك بالجهل، بل أكذبهم الله جل وعلا بما كذب به الأولين الذين اعتذروا بأنهم لم يفقهوا، هم يسمعون كلام الله ويسمعون سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلام أهل العلم في بيانها، وبينت لهم تلك الأمور، وصنفت في ذلك مصنفات ومع ذلك بقوا على طرائقهم المبتدعة، وطرقهم الصوفية المحدثة، يحتجون بأنهم ما يفهمون هذا الفهم يعني فهم كون حجة السلف أرجح من حججهم، طريقة السلف أرجح من طرائقهم، هؤلاء لا يعذرون لأنهم مكذبون بما كذب الله جل وعلا الأولين.
    وهكذا كل من أقيمت عليه الحجة من كتاب الله جل وعلا ومن سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الحجج التي فَهْمُها لا يختلف فيها اثنان، أو من الحجج التي يمكن أن تفهم أكثر من منحى، لكن أهل العلم بينوا معناها وأوضحوا مرادها واستدلوا عليه بالدلائل، من بين له ذلك فقد أقيمت عليه الحجة، فمن خالف بعد ذلك وولو احتج بعدم الفقه والفهم فهو مكذَّب.
    قال الشيخ رحمه الله إن الله جل وعلا أكذبهم (فأكذبهم الله) وبين أن سبب ذلك هو الطبع على قلوبهم، وأنّ الطبع بسبب الكفر وهذه السببية مطردة في كل من خالف الكتاب والسنة ونهج سلف هذه الأمة في العلوم والأعمال في الاعتقادات وفي السلوك وفي الفقه، كل من خالف هذا فإنه يعاقب على صنيعه بأنه لا يفهم الحجج، قال جل وعلا ?وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا?[الكهف:101]، مع أنهم سمعوا كلام الله، وسمعوا كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، يعني أهل الشرك لكنهم (لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا) ذلك هو السماع النافع، لا يقدرون عليه، الاستطاعة بمعنى القدرة لأنهم جعلت على قلوبهم الأكنة عقابا لهم على أعراضهم عن الاتباع، فكل من أعرض عن الاتباع يخشى عليه أن يعاقب بعدم فهم الحجج، وهذه هي أعظم العقوبات، أن يعاقب المرء بأن لا يفهم كلام الله جل وعلا ولا كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
    وإذا تأملت اليوم أكثر المخالفين فإنهم إذا بُينت لهم الأدلة والنهج الصحيح، يقولون إن هذا غير واضح، هذا لا يُلزم الناس به ونحو ذلك، وهذا من جنس ما كان عليه أهل الجاهلية؛ من أنهم لم يفقهوا، ولم يفهموا، ولم يتبين لهم أن حجة المرسلين أعظم من حجتهم، ولاشك أن من ورث الكتاب وورث السنة فإن حجته أعظم من حجة غيره، ولو كان عنده من العلم وعنده من العقل الشيء الكثير، كما قال شيخ الإسلام في المتكلمين: أوتوا ذكاء ولم يؤتوا ذكاء أو أتوا علوما ولم يؤتوا فهوما. يعني الفهم النافع فإنه حُرِم كثيرون الفهم النافع، فكل من جادل بالباطل، وقال أنه لم يفهم الحجج التي عليها سلف هذه الأمة فإن ذلك بسبب إعراضه، فليكن أول ما يكون من أمره في علاجه أن ينسلخ من كل طريقة ليس فيها اتباع السلف، ثم بعد ذلك سيرى من نفسه وُفِّق للفهم، ووفق للسماع النافع، ووفق للفقه فقه الأدلة، ولهذا ترى عند أئمة الإسلام الذين انشرحت صدروهم للعقيدة الصحيحة، وانشرحت صدورهم لاتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاهدوا في ذلك وبينوا، عندهم من فيهم النصوص ما ليس عند غيرهم، فمن اتبع النصوص نطق بالحكمة، مثل ما قال بعض الأئمة: من أمّر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة. وهذا ظاهر بين، فإن المؤمنين في كل زمان لم يزالوا يحتاجون إلى من ينطق بالحكمة، وليس أولئك إلا أئمة أهل العلم الذين تبعوا السلف الصالح وتفقهوا في الكتاب والسنة.
    فاليوم كل من أقيمت عليه الحجة وبينت له فإنه لا يجوز أن يُعذر باحتجاجه بعدم الفهم يعني الفهم النافع، إلا في بعض المسائل المشتبهة التي اختلفت فيها أنظار أهل العلم وكان في النصوص ما يعذر معه أولئك، من أنهم يفهمون منها كذا، تفهم من طائفة شيء وتفهم منها الطائفة الأخرى شيئا آخر، فهذا لا بأس به يعني خلاف يعذر به صاحبه؛ لأنه ناتج في أصله عن اتباع أما إذا كان ناتج عن معارضة للنصوص بالأفهام التي لم يتبع فيها أصحابها كلام أهل العلم فأصحابه غير معذورين [شرح مسائل الجاهلية للشيخ صالح ال الشيخ]


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    وهذه المسألة موسومة في كتب العلماء بمسألة إقامة الحجة وفهم الحجة،

    وتبيّن لك أن الصواب تقسيم فهم الحجة إلى قسمين؛

    لأن من أهل السنة في هذا القرن من اعترض على أئمتنا على عدم اشتراط فهم الحجة لأنه قال لابد من فهم الحجة، كيف تقام الحجة على من لم يفهمها؟

    وعلماء الدعوة بينوا

    لكن هؤلاء ما انتبهوا إلى أنّ فهم الحجة بالمعنى الأول الذي ذكرناه وهو فهم المعنى، وفهم مدلولات الكلام وفهم الاستدلال ووجه الاستدلال هذا لا بد منه،

    أما الفهم الذي هو معرفة رجحان هذه الحجة على غيرها وقطع الشبه جميع الشبه فهذا لا يشترط

    كما بينه أئمة الدعوة.

    عند أئمة الإسلام الذين انشرحت صدروهم للعقيدة الصحيحة، وانشرحت صدورهم لاتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاهدوا في ذلك وبينوا، عندهم من فيهم النصوص ما ليس عند غيرهم، فمن اتبع النصوص نطق بالحكمة، مثل ما قال بعض الأئمة: من أمّر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة. وهذا ظاهر بين، فإن المؤمنين في كل زمان لم يزالوا يحتاجون إلى من ينطق بالحكمة، وليس أولئك إلا أئمة أهل العلم الذين تبعوا السلف الصالح وتفقهوا في الكتاب والسنة.

    فاليوم كل من أقيمت عليه الحجة وبينت له فإنه لا يجوز أن يُعذر باحتجاجه بعدم الفهم يعني الفهم النافع، إلا في بعض المسائل المشتبهة التي اختلفت فيها أنظار أهل العلم وكان في النصوص ما يعذر معه أولئك، من أنهم يفهمون منها كذا، تفهم من طائفة شيء وتفهم منها الطائفة الأخرى شيئا آخر، فهذا لا بأس به يعني خلاف يعذر به صاحبه؛ لأنه ناتج في أصله عن اتباع أما إذا كان ناتج عن معارضة للنصوص بالأفهام التي لم يتبع فيها أصحابها كلام أهل العلم فأصحابه غير معذورين [شرح مسائل الجاهلية للشيخ صالح ال الشيخ]

    فنقول إن هذه الخصلة من خصال الجاهلية نفذت في هذه الأمة في قديم زمانها وفي حديثه:

    قال الشيخ عبد اللطيف ابن عبد الرحمن ابن حسن في كتابه مصباح الظلام ص498-503: “على قول شيخ الاسلام ابن تيمية: ولكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك، حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول مما يخالفه. ومراد شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الاستدراك، أنَّ الحجة إنَّما تقوم على المُكلَّفين، ويترتَّب حكمها بعد بلوغ ما جاءت به الرسل من الهدى ودين الحق، وزبدة الرسالة ومقصودها الذي هو توحيد الله وإسلام الوجوه له وإنابة القلوب إليه. قال الله تعالى (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً). وقد مثَّل العلماء هذا الصنف بمن نشأ ببادية، أو ولد في بلاد الكفار، ولم تبلغه الحجة الرسالية، ولذلك قال الشيخ: “لغلبة الجهل، وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين”، وقد صنَّف رسالة مستقلة في أن الشرائع لا تلزم قبل بلوغها ، وأكثر العلماء يسلمون هذا في الجملة، ويرتِّبون عليه أحكاماً كثيرة في العبادات والمعاملات وغيرها، فمن بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله، ووجوب الإسلام له، وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم وترك عبادة الله، وهذا هو الذي يُجزم بتكفيره إذا عبد غير الله، وجعل معه الأنداد والآلهة، والشيخ وغيره من المسلمين لا يتوقفون في هذا، وشيخنا رحمه الله قد قرَّر هذا وبينه وفاقاً لعلماء الأمة واقتداءً بهم، ولم يكفِّر إلاَّ بعد قيام الحجة وظهور الدليل، حتى إنه رحمه الله توقف في تكفير الجاهل من عُبَّاد القبور إذا لم يتيسَّر له من ينبِّهه، وهذا هو المراد بقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى: حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. فإذا حصل البيان الذي يفهمه المخاطَب ويعقله فقد تبيَّن له، وليس بين ”بيَّن” و”تبيَّن” فرق بهذا الاعتبار‪[7]‬؛ لأن كل من بُيَّن له ما جاء به الرسول، وأصر وعاند، فهو بهذا مستجيب، والحجة قائمة عليه سواء كان إصراره لشبهة عرضت، كما وقع للنصارى، وبعض المشركين من العرب، أو كان ذلك عن عناد وجحود واستكبار، كما جرى لفرعون وقومه، وكثير من مشركي العرب، فالصنفان يحكم بكفرهم إذا قامت الحجة التي يجب اتباعها، ولا يلزم أن يعرف الحق في نفس الأمر كما عرفته اليهود وأمثالهم؛ بل‪ ‬يكفي في التكفير ردّ الحجَّة، وعدم قبول ما جاءت به الرسل....”، إلى أن قال: “وإذا بلغ النصراني ما جاء به الرسول، ولم يَنْقد له؛ لظنه أنه رسول الأميين فقط فهو كافر، وإن لم يتبين له الصواب في نفس الأمر. وكذلك كل من بلغته دعوة الرسول بلوغاً يعرف منه المراد والمقصود، فردَّ ذلك لشبهة أو نحوها فهو كافر، وإن التبس عليه الأمر، وهذا لا خلاف فيه. فما صنعه هذا الغبي من ضبط الكلمة بالياء التحتية ثم المثناة الفوقية جهل منه بأصول الشرع وأدلته....”، إلى أن قال: “قال الله تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ). ولم يقل حتى”يتبين”. وقال (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ). وقد نص شيخنا رحمه الله تعالى في جوابه لمن سأله عن هذه المسألة، قال رحمه الله تعالى: أصل الإشكال: أنكم لم تفرقوا بين بلوغ الحجة، وفهم الحجة، وبلوغ الحجة لا بدَّ منه في الحكم بما تقتضيه الحجة والدليل، وأما فهم الحجة فلا يشترط، قال تعالى (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) اهـ
    قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرر ( 9 / 405-406 ) قال
    : وكلام ابن تيمية في كل موضع وقفنا عليه من كلامه لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الأشكال أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة ، وأما إذا بلغته الحجة حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق أو معصية ، وصرح ابن تيمية رحمه الله أيضا أن كلامه في غير المسائل الظاهرة فقال في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا قال : وهذا إن كان في المقالات الخفية فقد يقال أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها ولكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها مثل عبادة الله وحده لا شريك له ونهيه عن عبادة أحد سواه من الملائكة والنبيين وغيرهم فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ومثل إيجابة الصلوات الخمس وتعظيم شأنها ومثل تحريم الفواحش والزنا والخمر والميسر ، ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين ، ثم ذكر مسألة تكفير المعين بعد بلوغ الحجة وقال لا نعلم عن واحد من العلماء خلافا في هذه المسألة .
    أنكر الشيخ محمد اصحاب هذه الشبهه لما توقفوا في تكفير الطواغيت وأتباعهم لأنهم جهال لم تقم عليهم الحجة فقال ما ذكرت لكم من قول الشيخ ( ابن تيميه ) كل من جحد كذا وكذا وقامت عليه الحجة وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم هل قامت عليهم الحجة فهذا من العجب كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مرارا فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرّف وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة .
    ، ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة اللَّه مع قيامها عليهم ، كما قال تعالى : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )ً.
    وقيام الحجة وبلوغها نوع ، وفهمهم إياها نوع آخر ، وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها نوع آخر .. " ،
    ثم ذكر أناساً قامت عليهم الحجة لكن لم يفهموها ، فذكر الخوارج ، وذكر الغالية الذين حرّقهم علي، وذكر غلاة القدرية ، ثم قال : " وإذا علمتم ذلك فهذا الذي أنتم فيه ، وهو الشك في أناس يعبدون الطواغيت ويعادون دين الإسلام ويزعمون أنه ردة لأجل أنهم ما فهموا..." انتهى. –
    قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن ، حيث تعرّض الشيخ إسحاق لهذه القضية في كتابه (تكفير المعين) ص16، ولا غريب فإن أولى الناس أن يفهموا كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب هم طلابه وأحفاده وهم يدركون علم الشيخ أكثر من غيرهم،

    وقال الشيخ أبا بطين في الدرر10/401 قال : نقول في تكفير المعين ظاهر الآيات والأحاديث وكلام جمهور العلماء يدل على كفر من أشرك بالله فعبد معه غيره ولم تفرق الأدلة بين المعين وغيره قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) وقال تعالى ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) وهذا عام في كل واحد من المشركين ، وجميع العلماء في كتب الفقه يذكرون حكم المرتد وأول ما يذكرون من أنواع الكفر والردة الشرك فقالوا : إن من أشرك بالله كفر ولم يستثنوا الجاهل ، ومن زعم لله صاحبه أو ولدا كفر ولم يستثنوا الجاهل ، ومن قذف عائشة كفر ، ومن استهزأ بالله أو رسله أو كتبه كفر إجماعا لقوله تعالى ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) ويذكرون أنواعا كثيرة مجمعا على كفر صاحبها ولم يفرقوا بين المعين وغيره ثم يقولون : فمن ارتد عن الإسلام قتل بعد الاستتابة ، فحكموا بردته قبل الحكم باستتابته ، فالاستتابة بعد الحكم بالردة والاستتابة إنما تكون لمعين ويذكرون في هذا الباب حكم من جحد وجوب واحدة من العبادات الخمس أو استحل شيئا من المحرمات كالخمر والخنزير ونحو ذلك أو شك فيه يكفر إذا كان مثله لا يجهله ولم يقولوا ذلك في الشرك ونحوه مما ذكرنا بعضه بل أطلقوا كفره ولم يقيدوه بالجهل ولا فرقوا بين المعين وغيره وكما ذكرنا أن الاستتابة إنما تكون لمعين ، وهل يجوز لمسلم أن يشك في كفر من قال إن لله صاحبة أو ولدا أو إن جبريل غلط في الرسالة أو ينكر البعث بعد الموت أو ينكر أحدا من الأنبياء ؟ وهل يفرق مسلم بين المعين وغيره في ذلك ونحوه وقد قال صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه ، وهذا يعم المعين وغيره ، وأعظم أنواع تبديل الدين الشرك بالله وعبادة غيره .. إلى أن قال ونحن نعلم أن من فعل ذلك ( الشرك ) ممن ينتسب للإسلام أنه لم يوقعهم في ذلك إلا الجهل ، فلو علموا أن ذلك يبعد عن الله غاية الإبعاد وأنه من الشرك الذي حرم الله لم يقدموا عليه ، فكفرهم جميع العلماء ولم يعذروهم بالجهل كما يقول بعض الضالين : إن هؤلاء معذورون لأنهم جهال .. إلى أن قال : وأما قول الشيخ ( ابن تيمية ) : ولكن لغلبة الجهل في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيره .. الخ فهو لم يقل أنهم معذورون لكن توقف منه في إطلاق الكفر عليهم قبل التبيين فيجمع بين كلامه بأن يقال : إن مراده إننا إذا سمعنا من إنسان كلام كفر أو وجدناه في كلام بعض الناس المنظوم أو المنثور إننا لا نبادر في تكفير من رأينا منه ذلك أو سمعناه حتى نبين له الحجة الشرعية ، هذا مع قولنا إن هؤلاء الغلاة الداعين للمقبورين أو الملائكة أو غيرهم الراغبين إليهم بقضاء حوائجهم مشركون كفار .
    وقال أبا بطين في الدرر ( 10 / 360 ، 375 ) قال : إن قول الشيخ تقي الدين : إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة يدل من كلامه على أن هذين الأمرين وهما التكفير والقتل ليسا موقوفين على فهم الحجة مطلقا بل على بلوغها ففهمها شيء وبلوغها شيء آخر ، فلو كان هذا الحكم موقوفا على فهم الحجة لم نكفر ونقتل إلا من علمنا أنه معاند خاصة ، وهذا بين البطلان بل آخر كلامه رحمه الله يدل على أنه يعتبر فهم الحجة في الأمور التي تخفى على كثير من الناس وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة كالجهل ببعض الصفات ,وأما الأمور التي هي مناقضة للتوحيد والإيمان بالرسالة فقد صرح رحمه الله في مواضع كثيرة بكفر أصحابها وقتلهم بعد الاستتابة ولم يعذرهم بالجهل مع أننا نتحقق أن سبب وقوعهم في تلك الأمور إنما هو الجهل بحقيقتها فلو علموا أنها كفر تخرج من الإسلام لم يفعلوها ...
    إلى أن قال : فانظر إلى قول ابن تيمية لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقل حتى يتبين لهم ونتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة .. إلى أن قال : فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة فقال في المقالات الخفية التي هي كفر : قد يقال أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة فالأمر ظاهر في الفرق بين الأمور الظاهرة والخفية
    قال الامام محمد ابن عبد الوهاب قوله {وَلَوْعَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا} أي حرصاً على تعلم الدين : {لَأَسْمَعَهُمْ}أي لأفهمهم , فهذا يدل على أن عدم الفهم في أكثر الناس اليوم عدلا منه سبحانه لمايعلم في قلوبهم من عدم الحرص على تعلم الدين .فتبين أن من أعظم الأسباب الموجبة لكون الإنسان من شرالدواب هو عدم الحرص على تعلم الدين , فإذا كان هذا الجاهلي يطلب هذا المطلب , فماعذر من ادعى اتباع الأنبياء وبلغه عنهم ما بلغه وعنده من يعرض عليه التعليم ولايرفع بذلك رأساً ، فان حضر أو استمع فكما قال تعالى : {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍمِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن
    المسألة وفاقية والمقام مقام اختصار فلنذكر من كلامه ما ينبهك على الشبه التي استدل بها من ذكرنا في الذي يعبد قبة الكواز وأن الشيخ توقف في تكفيره ونذكر أولاً مساق الجواب وما الذي سيق لأجله وهو أن الشيخ محمد ومن حكى عنه هذه القصة يذكرون ذلك معذرة له عن ما يدعيه خصومه عليه من تكفير المسلمين وإلاّ فهي نفسها دعوى لا تصلح أن تكون حجة بل تحتاج للدليل وشاهد من القرآن والسنة ومن فتح الله بصيرته وعوفي من التعصب وكان ممن اعتنى برسائل الشيخ ومصنفاته علم علماً يقيناً أن الشيخ بَيَّنَ هذه المسألة بياناً شافياً وجزم بكفر المعين في جميع مصنفاته ولا يتوقف في شيء منها ولنرجع إلى مساق الجواب الذي أشرنا إليه .
    قال الشيخ عبداللطيف على قول العراقي: (قد كفرتم الحرمين وأهلها ) فذكر كلامه وأجاب عنه -إلى أن قال- : قال العراقي: ( ومن المعلوم أن المنع من تكفير المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب وإن أخطأوا من أحق الأغراض الشرعية وهو إذا اجتهد فله أجران إن أصاب وإن أخطأ فله أجر واحد ) انتهى كلام العراقي والجواب أن يقال هذا الكلام من جنس تحريفه الذي قررناه فإن في هذا تحريفين أحدهما أنه أسقط السؤال وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها خلاف ونزاع بين أهل السنة والجماعة والخوارج والروافض فإنهم كفروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه وما أصلوه ووضعوه وذهبوا إليه وانتحلوه فأسقط هذا خوفاً من أن يقال دعاء أهل القبور وسؤالهم والإستغاثة بهم ليست من هذا الباب ولم يتنازع في هذه
    المسألةالمسلمون بل هي مجمع على أنها من الشرك المكفركما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية وجعلها مما لا خلاف في التكفير بها فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه ولو صح حمل هذا العراقي لكان قوله قولاً مختلفاً وقد نزهه الله وصانه عن هذا فكلامه متفق يشهد بعضه لبعض إذا عرفت هذا عرفت تحريف العراقي في إسقاطه بعض الكلام وحذفه وأيضاً فالحذف لأصل الكلام يخرجه عن وجهه وإرادة المقصود .
    التحريف الثاني : أن الشيخ قال أصل التكفير للمسلمين وعبارات الشيخ أخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين كما سننقل جملة من عباراته في الحكم عليهم
    بأنهم لا يدخلون في المسلمين في مثل هذا الكلام فذكر كلاماً فيما أخطأ من المسلمين في بعض الفروع- إلى أن قال- : فمن اعتقد في بشر أنه إله أو دعا ميتاً وطلب منه الرزق والنصر والهداية أو توكل عليه أو سجد له فإنه يستتاب فإن تاب وإلاّ ضربت عنقه . انتهى . فبطل استدلال العراقي وانهدم من أصله كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولاً لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم مع الله ويصرف لهم من العبادات ما لا يستحق إلا الله وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة ومن عجيب جهل العراقي أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى والدعوى لا تصلح دليلاً فإن دعوى العراقي لإسلام عباد القبور تحتاج دليلاً قاطعاً على إسلامهم فإذا ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم والتفريع ليس مشكلاً ومعلوم أن من كفر المسلمين لمخالفة رأيه وهواه كالخوارج والرافضة أو كفر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولاً وفروعاً فهذا ونحوه مبتدع ضال مخالف لما عليه أئمة الهدى ومشايخ الدين ومثل شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب لا يكفر أحداً بهذا الجنس ولا من هذا النوع وإنما يكفر من نطق بتكفيره الكتاب العزيز وجاءت به السنة الصحيحة وأجمعت على تكفيره الأمة كمن بدل دينه وفعل فعل الجاهلية الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين ويدعونهم مع الله فإن الله كفرهم وأباح دماءهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره نبياً أو ولياً أو صنماً لا فرق في الكفر بينهم كما دل عليه الكتاب العزيز والسنة المستفيضة وبسط هذا يأتيك مفصلاً وقد مر بعضه وقال وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهّال فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهل لمعرفتها يكفر بعبادة القبور وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله وقد سبق من كلامه ما فيه كفاية مع أن العلامة ابن القيم جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته وتأهلوا لذلك فأعرضوا ولم يلتفتوا ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن لم تبلغه دعوة رسول من الرسل وكلا النوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمى المسلمين حتى عند من لم يكفر بعضهم وسيأتيك كلامه وأما الشرك فهو يصدق عليهم واسمه يتناولهم وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى شهادة أن لا إله إلاّ الله وبقاء الإسلام ومسماه مع بعض ما ذكره الفقهاء في باب حكم المرتد أظهر من بقائه مع عبادة الصالحين ودعائهم ولكن العراقي يفر من أن يسمى ذلك عبادة

    يقول الشيخ صالح الفوزان - إذا بلغته الحجة ، بلغته الدعوة ، بلغه القرآن فلا عذر له ، {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام:19] ، فمن بلغه القرآن وهو يفهم لغته ، عربي ، فإنه قامت عليه الحجة ، فيُحكم عليه بالكفر بعينه ، نعم ، بموجب فعله ، شركه ، وعبادته لغير الله مع أنه بلغه القرآن الذي ينهى عن الشرك ويأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ، فيكون هو مقصر في كونه لم يتدبر القرآن ولم يتعلم القرآن ، نعم ."اهـ / الدرس الأول من شرح كتاب :"تجريد التوحيد المفيد للمقريزي" بتاريخ : 30-3-1431هـ ، الدقيقة : 58
    ويقول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله -
    هذا بلاغ للناس ، القرآن بلغهم وبين المسلمين "وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "
    " هذا بلاغ للناس " ، " يا أيها الرسول بلغ "
    قد بلغ الرسول ، وجاء القرآن وهم بين أيدينا يسمعونه في الإذاعات ويسمعون في غيرها ، ولا يبالون ولا يلتفتون ، وإذا جاء أحد ينذرهم ينهاهم آذوه ، نسأل الله العافية .---------------
    من كتاب شرح كشف الشبهات للشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز – رحمه الله

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    ولهذا قال أئمتنا إن إقامة الحجة شرط
    وأما فهم الحجة فلا يشترط. فليس كفر كل من كفر عن عناد وتكذيب....
    وهذه المسألة موسومة في كتب العلماء بمسألة إقامة الحجة وفهم الحجة،

    نعم يقول الشيخ صالح ال الشيخ فى جواب السائل عن اقامة الحجة-- هذه من الواضحات هذا ، هو المعيّن، من استغاث بغير الله فهو كافر ، المعين المستغيث بغير الله كافر، لكن هنا هذا الكفر ما هو؟ هل هو الكفر كفر النفاق أو الكفر الأكبر؛ يعني هل هو الكفر الظاهر أو كفر الباطن؟ هذا البحث فيها، عندنا الصحيح أنها كفر الباطن؛ يعني كفر النفاق، ولا يكفر ظاهرا حتى تقوم عليه الحجة، يعني ما تجيء تقول له أنت كافر، أو تنص على هذا الشخص بأنه كافر بعينه، مع اعتقادك أنه كافر؛ لأنك تعتبره كفر نفاق.
    شيخ الإسلام نصّ على الفرق بين الكفر الظاهر والباطن، وأنّ كفر الظاهر والباطن هو في حق من أقيمت عليه الحجة-قسمنا- الأول إذا كان كافر ظاهرا وباطنا-
    أما الكفر الظاهر عمل عملا كفريا ظاهرا يحمل عليه به بالكفر، لكن قد يكون منافقا فلا تترتب عليه الأحكام؛ يعني لا يقتل ولا؛ لكونه منافقا، قد يكون ما أقيمت عليه الحجة، يعني فيه ضوابط لها.
    السائل:...
    إقامة الحجة عليه بمعنى أنْ يعلم بالحق ثم لا يتبعه، إذا كان بمخاطبة واحد بعينه أبلغ، وإذا كان بالسماع العام يكفي، ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ[التوبة:6].
    السائل:...
    هذا يختلف، هذا في المقالات الخفية.
    السائل:...
    على كل حال شوف أنتَ: إقامة الحجة لترتب الأحكام الفقهية على المرتد أو على الكافر، يعني تشهد عليه بالنار، تقاتله، تسبيه، تستحل منه أشياء، هذا فائدة إقامة الحجة، أما مجرد الحكم بالكفر لك أنت؛ وتعامله معاملة الكافر، هذا يكفي ما قام به، من قام به الربا فهو مرابي ولو كان معذورا، ومن قام به الزنى فهو زاني ولو كان معذورا، لكن هل نقيم عليه حد الزنا؟ لا، لابد من ترتب الشروط، فقد يكون هذا الداعي من دعا غير الله أو استغاث بغير الله، هذا نطلق عليه الكفر، الشرك، والشرك أحسن؛لأنّ الكفر فيه تفصيل فيه كفر ظاهر وباطن، أما الشرك فنطلق عليه الشرك، هو الذي كان يستعمله علماؤنا السابقين؛ يقولون فهو مشرك، فهو مشرك، فهو مشرك، أو هو كافر الكفر الذي يترتب عليه أحكام الدنيا إذا كان أقيمت عليه الحجة،أو الكفر الظاهر إذا لم تُقَم عليه الحجة، هذه المسألة مهمة.
    [جلسه خاصة للشيخ]
    ويقول الشيخ صالح ايضا-
    ما دام أنه مشرك بالله جل وعلا، فعل الشرك، فإنه يطلق عليه أنه مشرك كافر، لكن الشرك الذي يُطلق عليه لا تستباح به أمواله ولا يستباح به دمه، بل ذلك موقوف على البيان، موقوف على الدعوة، لابد من البيان والدعوة قبل الاستباحة، لكن الحكم عليه، يُحكم عليه بأنه مشرك وتُرتَّب عليه أحكام الكفار في الدنيا، ولكن لا يشهد عليه بأحكام الكفار في الآخرة؛ يعني بأنه من أهل النار حتى نعلم أنه رد الحجة الرسالية بعد بيانها له بعد أن أقامها عليه أهل العلم، أو أنه قاتل تحت راية الكفر."اهـ
    (من شرح المسألة الأولى من كتاب مسائل الجاهلية)
    ويقول
    -
    إذا لم تقم الحجة هل يكفر عبدة القبور أم لا؟ الجواب نعم، من قام به الشرك فهو مشرك الشرك الأكبر من قام به فهو مشرك، وإنما إقامة الحجة شرط في وجوب العداء، كما أن اليهود والنصارى نسميهم كفار، هم كفار ولو لم يسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أصلا، كذلك أهل الأوثان والقبور ونحو ذلك من قام به الشرك فهو مشرك، وترتَّب عليه أحكام المشركين في الدنيا، أما إذا كان لم تقم عليه الحجة فهو ليس مقطوعا له بالنار إذا مات، وإنما موقوف أمره حتى تقام عليه الحجة بين يدي الله جل وعلا.
    فإذن فرق بين شرطنا لإقامة الحجة، وبين الامتناع من الحكم بالشرك، من قام به الشرك الأكبر فهو مشرك ترتب عليه آثار ذلك الدنيوية، أنه لا يستغفر له ولا تؤكل ذبيحته ولا يضحى له ونحو ذلك من الأحكام، وأما الحكم عليه بالكفر الظاهر والباطن فهذا موقوف حتى تقام عليه الحجة، فإن لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله جل وعلا..."اهـ
    [شرح مسائل الجاهلية الشريط الرابع]
    ويقول -

    هذا مبحث بحثه علماء الدعوة والعلماء قبلهم هل فهم الحجة شرط أم ليس بشرط. والله جل وعلا قال في كتابه: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} يعني جعلنا على قلوبهم أكنة أغطية وحجب أن يفهموا هذا البلاغ وهذا الإنذار {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} فدل على أن المشرك لم يفقه الكتاب ولم يفقه السنة يعني لم يفهم.
    فهم الحجة نوعان:
    النوع الأول فهم لسان.
    والنوع الثاني فهم احتجاج.
    تحقيق المقام هنا ، لأن بعض الناس قال كيف لا تشترطون فهم الحجة وكيف تقام الحجة إلى فهم، وتفصيل الكلام هنا أن فهم الحجة نوعان:
    النوع الأول فهم لسان.
    والنوع الثاني فهم احتجاج.
    أما فهم اللسان فهذا ليس الكلام فيه فإنه شرط في بلوغ الحجة لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}، والله جل وعلا جعل هذا القرآن عربياً لتقوم الحجة به على من يفقه اللسان العربي.
    وإذا كان كذلك فإن فهم اللسان هذا لابد منه؛ يعني إذا أتاك رجل يتكلم بغير العربية فأتيت بالحجة الرسالية باللغة العربية، وذاك لا يفهم منها كلمة، فهذا لا تكون الحجة قد قامت عليه بلسان لا يفهمه، حتى يَبُلَغُه بما يفهمه لسانه.
    والنوع الثاني من فهم الحجة هو فهم احتجاج يفهم أن تكون هذه الحجة التي في الكتاب والسنة حجة التوحيد أو في غيره أرجح وأقوى وأظهر وأبين أو هي الحجة الداحضة لحجج الآخرين، وهذا النوع لا يشترط؛ لأنه جل وعلا بين لنا وأخبر أن المشركين لم يفقهوا الحجة فقال جل وعلا: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ} وقال سبحانه: {وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا}،{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ}، فهم لا يسمعون سمع فائدة، وإن سمعوا سمع أُذُن ولا يستطيعون أن يسمعوا سمع الفائدة وإن كانوا يسمعون سمع الأذن، وقد قال جل وعلا: {وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ}، وقال سبحانه: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}، {إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} حتى وصفهم بأنهم يستمعون وليس فقط يسمعون بل يستمعون يعني ينصتون ومع ذلك نفى عنهم السمع بقوله: {وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} وبقوله: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ}
    فإذن هم سمعوا سمع لسان لكن لم يسمعوا الحجة سمع قلب وسمع فهم للحجة يعني أنها راجحة فلم يفهموا الحجة ولكنهم فهموها فهم لسان فهموها لأنها أقيمت عليهم بلسانهم الذي يعلمون معه معاني الكلام ولكن لم يفهموها بمعنى أن الحجة هذه راجحة على غيرها، ولهذا قال تعالى: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ}
    الوجه الثاني أن الكفر والكفار أنواع:
    منهم من كفره كفر عناد.
    ومنهم من كفره كفر تقليد:
    {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}، {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}
    ومن الكفار من كفره كفر إعراض معرض عن الحق: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ}
    وإذا اشترط فهم الاحتجاج للحجة، فمعنى ذلك المصير إلى مخالفة الإجماع بالقول بأنه لا يكفر إلا المعاند، إذا قيل إنه يشترط فهم الاحتجاج يعني أن يفهم من أقيمت عليه الحجة أن هذه الحجة أقوى وتَدحض حجة الخصوم، فمعنى ذلك أن يصير القول إلى أنه لا يكفر إلا من كان معاندا فقط.
    ومعلوم أن الكفار ليسوا كلهم معاندين؛ بل منهم المعاند، ومنهم غير المعاند، فمنهم من جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم، ومنهم المقلد ومنهم المعرض إلى غير ذلك."اهـ

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    يظهر مما سبق أن الاعتذار بعدم اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم من مسائل الجاهلية
    ونظيره اشتراط الفهم الذى يدَّعِيه اصحاب قضية العذر بالجهل فى الاعتذار والجدال عن اهل الشرك
    بيَّن ائمة الدعوة النجدية بيانا شافيا الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة
    ثم يأتى من ورث شبهة داود العراقى ليشترط الفهم والفقه الذى دل الكتاب والسنة واجماع الامة على عدم اشتراطه
    ( أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ )

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    يظهر مما سبق أن الاعتذار بعدم اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم من مسائل الجاهلية
    ونظيره اشتراط الفهم الذى
    يدَّعِيه اصحاب قضية العذر بالجهل فى الاعتذار والجدال عن اهل الشرك
    بيَّن ائمة الدعوة النجدية بيانا شافيا الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة
    ثم يأتى من ورث شبهة داود العراقى ليشترط الفهم والفقه الذى دل الكتاب والسنة واجماع الامة على عدم اشتراطه
    ( أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ )
    ما أكثر أعذار هؤلاء وجدالهم عن اهل الشرك تحت غطاء العذر بالجهل

    قال الشيخ صالح الفوزان:
    العذر بالجهل هذه خلوها غطاء الآن، خلوها غطاء،
    عذر كل من وقع في الشرك ووقع في الكفر يقولون هذا جاهل! مع أن القرآن يصدح الليل والنهار


    السائل:
    فضيلة الشيخ وفقكم الله يقول: هناك من يقول إنه لابد من إقامة الحجة على عباد القبور


    الشيخ:
    نعم لابد من قيام الحجة ، لكن الحجة قائمة بالقرآن العظيم الذي يتلى ويحفظونه ويرددونه ويسمعونه، وإلا ما فائدة القرآن إذن إذا صار أنه ما تقوم به الحجة؟!!! ما فائدته بين الناس؟!!! تقوم به الحجة (( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ))[الأنعام:19]
    ومن بلغه القرآن وهو عربي قامت عليه الحجة، أما إن كان أعجمياً فإنه يترجم له معنى القرآن حتى تقوم عليه الحجة ويفهم، نعم.


    السائل: يضيف حفظك الله يقول :
    ولا يقيم الحجة أي أحد بل لابد أن يقيمها العالم وليس كل عالم بل لابد أن يصدقه الجاهل ويثق به، فهل هذه القيود صحيحة؟

    الشيخ: إيش يقول؟!
    السائل: يقول إنه هناك من يقول: إنه لابد من قيام الحجة على عباد القبور ولايقيمها..
    الشيخ: قامت الحجة، منذ أن نزل القرآن وهي قائمة، نعم.
    السائل: ولا يقيم الحجة إلا أي أحد بل لابد أن يقيمها العالم..
    الشيخ: يكفي القرآن يا أخي، يكفي القرآن ، هو يقرأ القرآن وهو عربي يفهم معنى اللغة العربية، يفهم معنى الكفر معنى الشرك، يفهم هذا، نعم، فهي قائمة الحجة عليه ببلوغ القرآن ، نعم، بلغته، نعم.
    السائل: فضيلة الشيخ وفقكم الله هل مسألة العذر بالجهل تعتبر مسألة نازلة من النوازل لا يتكلم فيها إلا أهل العلم الكبار؟
    الشيخ: العذر بالجهل هذه خلوها غطاء الآن، خلوها غطاء، عذر كل من وقع في الشرك ووقع في الكفر يقولون هذا جاهل! مع أن القرآن يصدح الليل والنهار في آذانهم ويسمعونه، إلى متى الجهل؟!!! نعم.
    السائل: يقول في بلدتي قبوريون، فهل يلزمني أن أصرح لهم بأنهم كفار أم لي أن أوري عن هذا في سبيل أن أدعوهم؟
    الشيخ:
    نعم ،
    بين لهم، بين لهم بحكمة ولين لعلهم يقبلون، لا تقول لهم أنتم كفار و أنتم مشركون=ينفرون منك ولكن قل لهم القرآن، الله قال كذا والرسول قال كذا، بين لهم بلطف و حكمة، نعم، لأنه قد يكون الإنسان فاهماً الموضوع وقائمة عليه الحجة لكن يكابر، بعضهم إذا أغضبته يكابر، فلا تأتيه بالعنف، نعم.


    [درس الدر النضيد بتاريخ اليوم 11-05-1433هـ]

    قال الشيخ صالح آل الشيخ
    “لا نتوان عن إطلاق الشرك عليه، ولا إطلاق الكفر عليه؛ لأنه ما دام أنه مشرك بالله جل وعلا، فعل الشرك، فإنه يطلق عليه أنه مشرك كافر، لكن الشرك الذي يُطلق عليه لا تستباح به أمواله ولا يستباح به دمه، بل ذلك موقوف على البيان، موقوف على الدعوة، لابد من البيان والدعوة قبل الاستباحة، لكن الحكم عليه، يُحكم عليه بأنه مشرك وتُرتَّب عليه أحكام الكفار في الدنيا، ولكن لا يشهد عليه بأحكام الكفار في الآخرة؛ يعني بأنه من أهل النار حتى نعلم أنه رد الحجة الرسالية بعد بيانها له بعد أن أقامها عليه أهل العلم، أو أنه قاتل تحت راية الكفر.”اهـ من شرح المسألة الأولى من كتاب مسائل الجاهلية.
    وقال:
    ”…هنا إذا لم تقم الحجة هل يكفر عبدة القبور أم لا؟ الجواب نعم، من قام به الشرك فهو مشرك الشرك الأكبر من قام به فهو مشرك، وإنما إقامة الحجة شرط في وجوب العداء، كما أن اليهود والنصارى نسميهم كفار، هم كفار ولو لم يسمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم أصلا، كذلك أهل الأوثان والقبور ونحو ذلك من قام به الشرك فهو مشرك، وترتَّب عليه أحكام المشركين في الدنيا، أما إذا كان لم تقم عليه الحجة فهو ليس مقطوعا له بالنار إذا مات، وإنما موقوف أمره حتى تقام عليه الحجة بين يدي الله جل وعلا.

    فإذن فرق بين شرطنا لإقامة الحجة، وبين الامتناع من الحكم بالشرك، من قام به الشرك الأكبر فهو مشرك ترتب عليه آثار ذلك الدنيوية، أنه لا يستغفر له ولا تؤكل ذبيحته ولا يضحى له ونحو ذلك من الأحكام، وأما الحكم عليه بالكفر الظاهر والباطن فهذا موقوف حتى تقام عليه الحجة، فإن لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله جل وعلا…”اهـ
    شرح مسائل الجاهلية الشريط الرابع-تفريغ مكتبة الشيخ الإلكترونية.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    أخى محمد
    هناك فرق شاسع بين الجهل والجاهلية وإن كان الإشتقاق للفظ فيما بينهما واحد
    .......
    الرسل والأنبياء عليهم السلام بعثهم الله إلى أقوامهم .. وعليه : فإن هؤلاء الأقوام قد بلغهم النذير ( النبى أو الرسول ) .. ولهذا :
    لاجاهلية ولا عذر لهم
    ...
    بعد رسالة المسيح عليه السلام .. مرت فترة من الزمان أو عصر من العصور .. لم يبعث الله فيها نبى أو رسول ..
    هذا هو " عصر الجاهلية "
    .
    نزل دين الإسلام .. وبعث الله نبيه ومصطفاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
    وأمره الله أن ينذر به كافة العالمين ( الكفار والمشركين واليهود والنصارى والمجوس والصابئين ) ..
    { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً }
    بذلك : انتهى " عصر الجاهلية "
    ...
    فإن كان هناك : من لم يبلغه القرآن . أو لم يبلغه دين الإسلام . أو ذكر نبى الله عليه الصلاة والسلام :
    فهذا لم يبلغه بشير أو نذير .. هذا ما زال يعيش فى جاهلية ..
    .
    فإن بلغه دين الإسلام .. انتفت عنه الجاهلية .. لأن الحجة قد بلغته ( كما بينت فى موضوعكم )
    .............

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    أخى محمد
    هناك فرق شاسع بين الجهل والجاهلية
    بارك الله فيك اخى السعيد شويل
    قال ابن منظور: الجهل نقيض العلم، وقد جهله فلان جهلا، وجهالة وجهل عليه، والتجهيل: أن تنسبه إلى الجهل، والجهالة: أن تفعل فعلا بغير علم، والمجهلة: ما يحملك على الجهل، والجاهلية: هي الحال التي كان عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك
    فالجهل ضد العلم ونقيضه، والجاهلية مشتقة من الجهل بمعنى السفه والغضب والنـزق، فهي تقابل كلمة الإسلام التي تدل على الخضوع والطاعة لله جل وعلا، " .
    قال محمد الطاهر بن عاشـور
    الجاهلية هي " المدة التي كان عليها العرب قبل الإسلام ... والجاهلية نسبة إلى الجاهل، لأنَّ الناس الـذين عاشـوا فيها كانوا جاهلين بالله وبالشرائع " و يقول : إنَّ الجاهلية نسبة إلى الجاهل الذي لا يعلم الدين والتوحيد، فإنَّ العرب أطلقت الجهل على ما قابل الحلم، قال ابن الرومي :
    بِجَهلٍ كَجهلِ السَّيفِ والسَّيفُ مُنْتضٍ
    وحلم كَحلمِ السَّيفِ والسَّيفُ مُغمدُ
    يقول الراغب : الجهل على ثلاثة أضرب :
    الأول :
    خلو النفس من العلم ،
    الثانى :
    اعتقاد الشىء بخلاف ما هو عليه
    الثالث : فعل الشىء بخلاف ما حقه أن يفعل.
    وقد وردت مشتقات الكلمة فى القرآن الكريم بمعنى :
    1- الخلو من المعرفة، كقوله تعالى : { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف } البقرة:273.
    2- الطيش والسفه ، كقوله تعالى : { قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون } يوسف:89.
    3- بمعناها معا كقوله تعالى : { ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون } الأنعام:111.
    الآيات الواردة في الجهل:

    وقد أتى الجهل في القرآن على عدة معاني منها:
    1- الجهل بمعنى اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه وفيه عدة آيات كقوله – تعالى -: {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}7, وقوله – تعالى -: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ}8, وقوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}9, وقوله: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ}10.
    2-
    الجهل بمعنى خلو النفس من العلم وفيه عدة آيات كقول الله – تبارك وتعالى -: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}11, وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}12.
    3- الجهل بمعنى فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل
    وورد في ذلك عدة آيات منها قول الله – تبارك وتعالى -: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}
    13,
    وقوله:
    {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}14,
    وقوله: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ}
    *******
    لفظ الجاهلية قد يكون اسما للحال ، ومعناها الصفات المرذولة التى كانت عليها الأمة قبل الإسلام من الجهل بالله وبرسوله وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر...
    ومنه قول النبى صلى الله عليه وسلم لأبى ذر : " إنك امرؤ فيك جاهلية " رواه البخارى. أى حال أو طريقة أو عادة جاهلية أو نحو ذلك
    يقول العلامة محمود شكرى الالوسى فى بلوغ الارب فى معرفة حال العرب
    الجاهلية : الزمان الذي كثر فيه الجهال . وهي ما قبل الإسلام .
    وقيل : هي أيام
    الفترة . وهي ما بين الرسولين .
    وقد تُطلَق على زمن الكفر مطلَقاً . وعلى ما قبل الفتح . وعلى ما كان بين مولد النبي والمبعث .
    وتفصيل الكلام أن هذا اللفظ قد يكون اسماً للحال – وهو الغالب في الكتاب والسنة –
    وقد يكون اسماً لذي الحال .
    فأما مَن لَم يعلم الحق فهو جاهلٌ جهلاً بسيطاً ،
    فإن اعتقد خلافه فهو جاهلٌ جهلاً مركباً ،
    فإن قال خلاف الحق عالماً بالحق أو غير عالم فهو جاهل أيضاً .
    وقد كان الناس قبل مبعث النبي – صلى الله عليه وسلم – في حال جاهلية عامة .
    وأما بعد مبعثه فالجاهلية قد تكون في مِصرٍ دون مِصر وربما كان المِصر مِصر مسلمين ، وشخصٍ دون شخص وربما كان الشخص مسلماً .
    وأما في زمانٍ مطلَقاً فلا جاهلية بعد بعث محمد – صلى الله عليه وسلم – ؛ فإنه لا تزال مِن أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة .
    يقول شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله-
    فالناس قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا في حال جاهلية منسوبة إلى الجهل، فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل، وإنما يفعله جاهل.وكذلك كلما يخالف ما جاءت به المرسلون: من يهودية، ونصرانية، فهي جاهلية، وتلك الجاهلية العامة، فأما بعد مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم قد تكون في مصر دون مصر، كما هي في دار الكفار، وقد تكون في شخص دون شخص، كالرجل قبل أن يسلم، فإنه في جاهلية، وإن كان في دار الإسلام -فأما في زمان مطلق: فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين، على الحق، إلى قيام الساعة.
    [قد تقوم الجاهلية المقيدة في بعض ديار المسلمين وأشخاصهم]
    والجاهلية المقيدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين، وفي كثير من الأشخاص المسلمين، كما " قال صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية ". " وقال لأبي ذر: إنك امرؤ فيك جاهلية " ونحو ذلك.
    فقوله - في هذا الحديث: " ومبتغ في الإسلام سنة جاهلية " - يندرج فيه كل جاهلية، مطلقة، أو مقيدة، يهودية، أو نصرانية، أو مجوسية، أو صابئة، أو وثنية، أو مركبة من ذلك، أو بعضه، أو منتزعة من بعض هذه الملل الجاهلية، فإنها جميعها: مبتدعها ومنسوخها، صارت جاهلية بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كان لفظ " الجاهلية " لا يقال غالباً إلا على حال العرب، التي كانوا عليها، فإن المعنى واحد.[اقتضاء الصراط المستقيم ص258 -الموسوعة الشاملة]
    ويقول الشيخ صالح ال الشيخ--
    والجاهلية تقسم باعتبارات:
    فتارة تنقسم إلى قسمين:
    وهي الجاهلية المطلقة.
    والجاهلية المقيدة.
    وتارة تقسم إلى ثلاثة أقسام وهي:
    جاهلية في المكان.
    جاهلية في الزمان.
    جاهلية في الأشخاص.
    فالقسمة الأولى وهي الجاهلية المطلقة والمقيدة:
    فنعني بالمطلقة: الكاملة من جميع الوجوه بأحد الاعتبارات الثلاث.
    والمقيدة: يعني المقيدة بوجه من الوجوه، إما مقيدة بمكان، أو بزمان، أو بشخص، أو ببعض الصفات.
    1-
    فالجاهلية في المكان تكون مطلقة ومقيدة:
    فالمطلقة في بلاد الكفار؛ دار الحرب، بلاد الكفار، هذه يقال لها أمكنة جاهلية، والمكان جاهلي؛ لأجل أنها دار كفار.
    وقد يكون المكان فيه جاهلية مقيدة ببعض الأمور كما هو في بلاد المسلمين، فإنه لا يزال فيهم بعض خصال الجاهلية فيكون فيهم بعض الجاهلية، تكون مقيدة ببعض الأشياء، أو مقيدة ببعض الأمكنة دون بعض،
    تقول البلد الفلاني من بلاد المسلمين فيه جاهلية،
    أو بلدأصبح جاهليا إذا رجع أهله وارتدوا عن الإسلام إلى الشرك.
    2- وجاهلية الزمان أيضا مطلقة ومقيدة:
    فالجاهلية في الزمان المطلقة هي ما كان قبل مبعث رسول الله ( كانت جاهلية مطلقة في الزمان؛ يعني كل ما كان قبل زمن الرسول ( -وَحَدُّهُ بعثة النبي (- يقال لها جاهلية بإطلاق.
    والجاهلية المقيدة بالزمان هذه هي التي تكون في بعض ظهور خصال الجاهلية في وقت دون وقت، لكنها جاهلية مقيدة وليست مطلقة؛ يعني مقيدة بوقت ظهرت فيه خصال الجاهلية، فتكون مقيدة بالوقت

    وهذا التعريف أشمل لعدة اعتبارات :
    1 - كون هذا التعريف أدخل أهل الفترات,
    وأدخل من امتنع من أتباع الهدى بعد إذ جاءه .
    فرسول الله صلى الله عليه وسلم بعث في قوم أميين لا علم لهم بالكتاب, فهؤلاء يناسبهم الجزء الأول من التعريف, كما أنه صلى الله عليه وسلم لعموم رسالته بعث -أيضا لقوم أهل كتاب, وهؤلاء يناسبهم الجزء الثاني, كما أن في أمته صلى الله عليه وسلم من يمتنع من الاهتداء بهديه.
    2 - موافقة هذا التعريف لما ذكره العلماء من أقسام الجهل...
    ومن كل ماسبق يتضح لنا
    أن الجاهلية حالة تتكرر كلما وجدت نفس الاسباب والشروط حين يحيد الإنسان و المجتمع عن الفطرة السليمة و عن هدي الله ...والنكوص إلى دركات الانحطاط العقدى و القيمي و الأخلاقي...
    هي ارتداد إلى حياة خلاف الحياة الطيبة التى امر الله بها والانحراف عن اساس الاسلام ومبانيه وقواعده العظام

    فالجاهلية لا تنحصر في زمان ما قبل البعثة النبوية، بل تمتد في دروب الزمان والمكان، ونجدها حتى في الفترات التي تلت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل إلى هذا الواقع المعاصر
    فهي إذن وضع من الأوضاع يوجد بالأمس،
    ويوجد اليوم،
    ويوجد غداً،
    فيأخذ الصفة المقابلة للإسلام
    ولأجل ذلك فالجاهلية نوعان:
    جاهلية الكفر وجاهلية صغرى يتصف بها المسلم ولا تخرجه من الاسلام
    أما جاهلية الكفر فهي جاهلية أهل الشرك وحكم عبدة الأوثان وأخلاق الكافرين الذين لا يؤمنون بالله عز وجل.
    وأما الجاهلية الصغرى فى الإسلام
    فتتمثل في جاهلية المعصية وما دون الكفر الاكبر.
    ومن هذا النوع التنابز بالألقاب،
    والفخر بالأنساب،
    والنياحة على الموتى،
    ومفارقة الجماعة،
    والقتال تحت راية الحمية والعصبية.
    وفي هذا الشأن قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة»
    وقال عليه الصلاة والسلام: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية،
    ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فَقِتلةٌ جاهلية

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    أن الجاهلية حالة تتكرر كلما وجدت نفس الاسباب والشروط حين يحيد الإنسان و المجتمع عن الفطرة السليمة و عن هدي الله ...والنكوص إلى دركات الانحطاط العقدى و القيمي و الأخلاقي...
    هي ارتداد إلى حياة خلاف الحياة الطيبة التى امر الله بها والانحراف عن اساس الاسلام ومبانيه وقواعده العظام

    فالجاهلية لا تنحصر في زمان ما قبل البعثة النبوية، بل تمتد في دروب الزمان والمكان، ونجدها حتى في الفترات التي تلت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ، بل إلى هذا الواقع المعاصر
    فهي إذن وضع من الأوضاع يوجد بالأمس،
    ويوجد اليوم،
    ويوجد غداً،
    فيأخذ الصفة المقابلة للإسلام
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟» أي: من القوم إلا هؤلاء؟ رواه البخاري ومسلم
    وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبرًا بشبر وذراعًا بذراع فقيل: يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا أولئك؟» وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء، وليس إخباره عن وقوع التشبه في الأمة للكفار إخبارًا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة» وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة. وأن الله لا يزال يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم فيه بطاعته. فعلم بخبره الصادق أنه لابد أن يكون في الأمة قوم يتمسكون بهديه الذي هو دين الإسلام محضًا، وقوم ينحرفون إلى شعبة من شعب دين اليهود، أو إلى شعبة من شعب دين النصارى.
    فقوله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها، شبراً بشبر, وذراعاً بذراع. فقيل: يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك)) رواه البخاري .
    وفي رواية عن أبي سعيد: ((قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن)) رواه البخاري ومسلم .
    قال ابن بطال: (أُعْلِمَ صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور, والبدع والأهواء, كما وقع للأمم قبلهم. وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر, والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس, وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من الناس)
    وقال ابن حجر: (وقد وقع معظم ما أنذر به صلى الله عليه وسلم وسيقع بقية ذلك)
    وفي هذا الزمن كثر في المسلمين من يتشبه بالكفار من شرقيين وغربيين, فتشبه رجالنا برجالهم, ونساءنا بنسائهم, وافتتنوا بهم حتى أدى الأمر ببعض الناس أن خرجوا عن الإسلام, واعتقدوا أنه لا يتم لهم تقدم وحضارة إلا بنبذ كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, ومن عرف الإسلام الصحيح عرف ما وصل إليه الناس في القرون الأخيرة من انحراف فى العقيده والتوحيد , فلم يبق من الإسلام عندهم إلا اسمه, فقد حكموا قوانين الكفار, وابتعدوا عن شريعة الله, وليس هناك أبلغ مما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في اتباعهم ومحاكاتهم للكفار فقال: ((شبراً بشبر, وذراعاً بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم)).
    قال الامام ابن باز رحمه الله
    باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان" يعني: باب ما جاء من الأدلة أن بعض هذه الأمة يسلك مسلك من كان قبله، وأنهم يعبدون الأوثان كما عبدها من قبلهم، قال جل وعلا: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا [النساء:51] وجد في الأمة من آمن بالجبت والطاغوت، والجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان، وقيل: الجبت كل شيء لا خير فيه، وكل بلاء يقال له جبت، الصنم جبت، والطاغوت جبت، والشرك جبت، والطاغوت الشيطان، وقد وقع في هذه الأمة من بلي بالسحر وعبادة الطواغيت والتعلق بهم، تقليدًا للأمة السابقة. وهكذا قوله جل وعلا: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60] فكما أن من كان في من قبلنا من عبد الطاغوت فهكذا يكون في هذه الأمة من يعبد الطاغوت؛ وهو كل ما عبد من دون الله يقال له: طاغوت.
    فإن كان لم يرض فالطاغوت الشيطان إذا دعا إلى عبادته: كالأنبياء والصالحين ليسوا بطواغيت، وإنما الطواغيت الشياطين التي دعت إلى عبادتهم وزينتها للناس، وهكذا الصنم يقال له طاغوت، والمعبود من دون الله وهو راض كفرعون والنمرود يقال له طاغوت، والحاكم بغير ما أنزل الله يقال له طاغوت.
    فالمقصود: أن دعاة الباطل يقال لهم طواغيت، فكما وجد في الماضيين في اليهود والنصارى فهذا يوجد في هذه الأمة.
    قال تعالى: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [الكهف:21] يعني قال رؤساؤهم وكبراؤهم لنتخذن عليهم مسجدًا، فهكذا في هذه الأمة من قلد المشركين وعبد القبور واتخذ المساجد عليها كما الآن يوجد في كثير من أمصار المسلمين التعلق على القبور وعبادتها من دون الله ، وعبادة الأنبياء والصالحين، كل هذا تقليد لمن مضى واتباع لمن مضى، وسير على طريقة من مضى من المشركين.
    ويدل على هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: لتتبعن سَنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة فكما وقع في الماضين يقع في هؤلاء المتأخرين حذو القذة بالقذة قذة السهم بقذته الأخرى.
    حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه يعني من شدة المبالغة في متابعتهم وتقليدهم حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، وهذا ضرب لشدة التقليد والمتابعة للماضين، حتى لو فرضنا أنهم دخلوا جحر ضب لدخلتموه؛ يعني أنهم يبالغون في اتباع من مضى من الكفرة والظالين حتى لو قدر أنهم دخلوا جحر ضب لدخلها هؤلاء المتأخرون. قالوا: فمن؟ تعني اليهود والنصارى قال: فمن؟ وفي اللفظ الآخر: فارس والروم؟ قال: فمن الناس إلا أولئك؟! والمعنى أن هذه الأمة تقلد اليهود والنصارى وفارس في عبادة غير الله، وعبادة القبور واتخاذ الآلهة من دون الله من الأنبياء والصالحين وهذا موجود الآن في مصر والشام وغير ذلك. وكثير من الناس يعبدون النبي فإذا جاؤوا إلى قبره دعوه واستغاثوا به، وبعضهم يستغيث من بلاد بعيدة بالنبي أو بالمسيح أو بعيسى أو بموسى أو بعبد القادر الجيلاني في العراق أو أبي حنفية في العراق، وهكذا ما يقع في مصر من عبادة الحسين والبدوي وغيرهم ممن بُلي بهم عامة الناس، نسأل الله العافية.
    وهكذا في الشام يعبدون الداعية إلى الإلحاد ابن عربي وغيره ممن يدعوه جهال الشام، وهكذا في أمصار كثيرة في أفريقيا وفي المغرب وغير ذلك، كل هذا الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وقع، وقع في الناس في الشرك، وكان في الجزيرة من يعبد زيد بن خطاب في جبيلة عليه قبة في جبيلة حتى هدمها الشيخ رحمه الله ومن معه، وكانوا يعبدون جملة من الغيران والأشجار في الدرعية وفي الرياض وفي غيرها، حتى أزالها الله بهذه الدعوة المباركة.
    وهكذا حديث ثوبان يقول: إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني دعوت الله لأمتي ألا يعذبها بسنة عامة، وألا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وأن ربي قال: يا محمد، إني قضيت قضاء لا يرد، وإني أعطيت لأمتك ألا أهلكها بسنة عامة، وألا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم – يعني من غيرهم- فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا ويسبي بعضهم بعضًا يعني: حتى يقع منهم الفتنة والشرك والفتن فيما بينهم فيتسلط عليهم الأعداء، أما إذا اجتمعوا على الحق وتمسكوا به فإن الله ينصرهم كما قال في آخر الحديث: ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ما دام أهل الحق متمسكين به، فإنه لا سلطان للعدو عليهم، فإذا اختلفوا وتنازعوا وتقاتلوا دخل العدو وتمكن من كثير من بلادهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    تبرّج الجاهليّة الأولى " .. ؟ معناه أنّها تلقي الخمار على رأسها ولا تشدّه، فيُواري قلائدها وقرطها وعنقها .. هذا التبرّج الذي كان في الجاهليّة الأولى ..

    أمّا إظهار المرأة صدرها وفخذيها بلبس الضيّق من الثياب، أو الكشف عن أجزاء جسدها .. فهذا لا يرضاه أبو جهل على جاهليّته وما تتبرج به المرأة اليوم من الثياب أظن انه يستحى منه متبرجات الجاهلية الاولى

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: من مسائل الجاهلية - اعتذارهم عن اتباع ما أتاهم الله بعدم الفهم، كقولهم قُلُوبُنَا غُلْفٌ

    قال الشيخ العلامة عبدالرحمن الدوسري رحمه الله :
    لقد تفاقم شر الشرك في هذا الزمان
    ولبس أثوابا غير الأثواب التي عهدها وعالجها الشيخ محمد بن عبدالوهاب وذريته غفر الله لهم ، ففي عهدهم وقبله بقرون تمثلت اللات والعزى ومناة وذات أنواط وغيرها بمقبورين تعسين وأشجار ومغالات ونحوها ، ولكن في هذا الزمان تمثلت اللات والعزى ونحوها بمبادئ قومية ومذاهب فكرية وطواغيت وأصنام ناطقة متزعمين لهذه المبادئ والمذاهب التي غدت تتمثل في شخصياتهم وأصبحوا مألوهين بسببها من دون الله .

    أسلم كثير من الناس وجوههم لهم بكامل الحب والتعظيم الذي لا يحظى به الله منهم ، وأصبحوا بتقبلون ما يصدر منهم بكل تسليم وإنشراح صدر ، زاعمين أنه لا يُخالف الدين وأصبحوا امناء أقوياء على تنفيذ ما يشرعونه من الأنظمة والقراءات بكل ترحيب وتصميم ، بل يجعلهم البعض في مصاف الرسل *مناديا للرعين بقوله " يا بني الشرق يا رسول القرن العشرين ويا رسول الحرية"" وغيرها مما لا نحب ذكره ، بل يُغالي البعض في إطراء بعض الزعماء قائلا عنه " أنه حقق ما لم يحققه محمد صلى الله عليه وسلم ! " .

    وبعضهم يقول عن الوحدة حتى بعد انفكاكها وانقلابها إلى فرقة رقيقة " إنها خير من الوحدة المحمدية النبوية " ويسمون الكافر الملحد عابد الطين ، المسلم على الكفر والمرحب بجهنم يسمونه " قديس القومية " لإعلان كفره بقوله : بلادك قدمها على كل ملة ، ومن اجلها أفطر ، ومن أجلها صم .

    ولا شك أن المؤمن بمبادئ القومية كافر بالله لكفره بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من ملة إبراهيم التي تنقضها مبادئ القومية من أساسها ، ذلك أنه من ضروريات القومية تفضيل الكافر الذي من جنسيتهم على المسلم الذي من غير جنسيتهم فيقولون : العربي المسيحي خير وأفضل من المسلم الغير عربي ، ويغرسون هذه العقيدة الوثنية في قلوب الناشئين بما يدرسونهم من الأناشيد التي منها

    أنا عربي عربي .......... أحب كل عربي
    ومنها :
    بلاد العرب اوطاني ... وكل العرب إخواني
    ويلبسون على الجهلة السذج بقولهم
    " الدين لله والوطن للجميع" ويقصدون بقولهم ( الوطن للجميع ) أن يحكم الوطن بحكم علماني معاكس للحكم الديني الذي يوجب الله القيام به على المسلمين حيث قال : ﴿وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ﴾ .

    ولكن الخطط الماسونية واليهودية التي ينفذها أفراخ الإفرنج من أبناء المسلمين إستطاعت فتنة القوميين العلمانيين عن جميع ما أنزل الله ليس عن بعضه فقط ، فأباحوا الحكم العلماني الذي لا يُساوي المجرمين بالمسلمين فقط بل يفضل المجرمين على المسلمين ويعلن إباحة ما حرمه الله من أجلهم كالخمور والربا والقمار والزنا في حالة الرضى والتبرج ، وإظهار المفاتن وإختلاط الجنسين وفتح المسارح ودور الرقص والبلاجات الخليعة ، ونحوها مما هو مخالف لله ورسوله من جهة ، وإنحطاط بلا إنسانية إلى الشغل البهيمي وتذويب لجميع طاقات الأمم والشعوب حتى تكسبها اليهودية العالمية في كل مجال ، ومن جهة ثالثة ولا شك أن الحكم العلماني هادم لملة إبراهيم ــ عليه السلام ــ من عدة أمور :

    ( احدها ) : إيجاب مؤاخاة أعداء الله من اليهود والنصارى والصائبة من شاكلتهم من الملاحدة والمذاهب المنحرفة مؤاخاة تُصرح بتفضيلهم باسم القومية والوطنية على المسلمين الغير مواطنين والذين ينتمون إلى جنس غير قوميتهم وهذا ينافي مدلول الشهادتين من حصر الموالاة والمعاداة على الدين الحق والإيمان الصحيح كما قال تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده }.

    فانظر إلى إبراهيم ــ عليه السلام ــ إمام المسلمين ومن معه من الأنبياء كيف صرحوا بعداوة قومهم وبغضهم لأن الله لا يبيح لهم موالاتهم أو مؤاخاتهم باسم القومية لأي هدف كان حتى يتحقق فيهم الإيمان بالله قولا وعملا واعتقادا .

    وأوجب الله علينا التأسي بهم ، ذلك أن مؤاخاة الكفار بأي شكل من الأشكال ولا أي غرض من الأغراض لا يكون أبدا إلا على حساب العقيدة والأخلاق - بل لا يكون إلا بخفض كلمة الله وإطراح حكمه ونبذ حدوده ورفض وحيه ومهما ادعوا من الأخوة الإنسانية والعمل لصالح الوطن ومقاومة أعدائه ونحو ذلك من التسهيلات المفرضة - فإن المصير المحتوم للمسلمين هو ما ذكرناه من تجميد رسالة الله وإقامة حكم مناقض لإعلاء كلمته والجهاد الصحيح في سبيله لنشر دينه وتحكيم شريعته ، وما قيمة الإسلام إذا لم يكن هو الحاكم ظاهرا والمهيمن باطنا .

    ( ثانيها ) : تلبيسهم الصريح بقولهم " الدين لله والوطن للجميع " والتوحيد الحق يوجب على المسلمين أن يقولوا " الدين لله والوطن لله " يجب أن تعلوا فيه كلمة الله ويحكم فيه بشريعته وتقام فيه حدوده وكل وطن على ضد هذه الحال ليس وطنا للمسلم ولذا أقسم بذاته العلية على نفي الإيمان على من لم يحتكم لشرعه بانشراح صدر وتسليم كما في الآية ( 65 ) من سورة النساء .

    وقد أخرجتهم خطتهم الأثيمة في حكمهم الوطني بغير ما أنزل عن حقيقة العروبة الصحيحة فضلا عن حقيقة الدين
    لأنهم نصبوا أنفسهم ديوثين على أعراض شعوبهم بإباحة الزنى حال الرضى وتشريع القوانين المعفية للزناة من إقامة حدود الله وتشجيعهم للإختلاط والتبرج والمسارح والمراقص وجميع أنواع الخلاعة المعلقة بالإنحلال المؤدي إلى سقوط ليس معه إرتفاع .

    ويا لها من سخرية برجال الدين
    بل إنقاص الدين والتنديد بالشريعة ووصفهم لوحي الله بالأساطير والأوراق الصفراء وتسميتهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالعبقري ودعواهم إلى رسالة السماء هي الإشتراكية ، وتصريحهم بكل وقاحة أن الدين لا يصلح لهذا العصر إلى غير ذلك مما يعتبر شتما لله وتعطيلا صريحا لجميع مدلولات الإله بأسمائه وصفاته مما يعتبر أفظع من كفر المشركين الذين أوجب الله قتالهم وأباح نسائهم وأموالهم ، ذلك أن المشرك معظم لله في الحقيقة ولكن جره الجهل بحقيقة التعظيم إلى إتخاذ وسائط يقربونه إلى الله زلفى .

    أما العصرانيون أفراخ الثقافة الإستعمارية فليس عندهم لله ذرة من تعظيم - بل هم على اختلاف أتباعهم من قوميين وبعثيين وشيوعيين كلهم يلتقون في الإلحاد بأسماء الله ورفض دينه واطراح وحيه لكن الشيوعي صريح في إنكار الله لقوة دولته وشدة وقاحته أما غيره فيعترف بالله إعترافا لفظيا دون أن يتقيد بشيئ من أوامره ، فهو يعترف بالله مرفوض لا يطاع أمره ولا يلتفت لحكمه ولا تحترم حدوده فما قيمة هذا الإله ؟*!

    ألا إنها ردة جديدة وكفر شنيع ثبت بين العوائل الإسلامية ككفر الماسونية اليهودية لاحتلال الصدارة في كل ميدان لينفك بالمسلمين ويجتث الدين من أصوله ، فيجب على علماء المسلمين أولا وعلى أولياء العائلات أن يطهروا بيوتهم بحسن التربية الإسلامية وقوة البذل في سبيل الله للتوعية الدينية ومقابلة التخطيط بتخطيط أقوى ليصدقوا ما عاهدوا الله عليه ويوقفوا هذه الردة عند حدها ....... والله يتولى الصالحين.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •