ضياع الأعمار بين المواقع والأخبار
د. زين العابدين كامل














الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛






لا شك أن الإنسان ابن حدثه وابن بيئته أيضًا، فهو يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها، وبالأحداث التي يحياها أو التي تجري من حوله، ولكن لا بد أن يكون للإنسان نوع من السيطرة على النفس، بحيث يتعامل مع الأحداث، ولكن بالقدر المطلوب دون إفراط أو تفريط، فلا يترك الواقع بالكلية بلا تفاعل أو متابعة ويكون بمعزل عنه ولا ينغمس فيه بلا ضابط ويعيش للأحداث البيئية فقط، ولكن يجمع بين الجميع بلا تقصير أو افراط؛ لأننا في خضم هذه الأحداث والمتغيرات التي نشهدها، نرى كثيرًا من الملتزمين يقضون جل أوقاتهم تقريبًا بين الفضائيات ومتابعة الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعى المختلفة، فترى شابًّا يتابع الأخبار لمدة ساعتين، ثم هو يتابع الفيس بوك لمدة ساعتين أيضًا، ثم تويتر ثم الواتس آب ثم المواقع الإخبارية، ثم تراه يناقش هذا في محادثة طويلة، ويراسل ذاك أيضًا، ثم يقوم بنشر بعض الأخبار والمواعظ التي ربما لم يطلع هو عليها قبل نشرها، وهكذا فهو يقضي ما يقرب من عشر ساعات تقريبًا في هذا النوع من المتابعة، وربما سهر بالليل أمام بعض المواقع، ثم تراه وقد ضاعت عليه صلاة الفجر في جماعة، فهذا إفراط بلا شك، نعم لا بد من المتابعة للأحداث، ولكن بقدر الحاجة، والنبي صلى الله عليه وسلم، كان يتابع أخبار الأمة المسلمة ويتقابل مع الوفود، ويسأل عن أصحابه ويتألف من حوله من الناس، ويقوم بحقوق الزوج لأمهات المؤمنين، وينزل عليه الوحي ويقيم الليل ويقرأ القرآن ويُعلم الصحابة أمور دينهم وما ينفعهم، فكان يجمع بين جميع المصالح المختلفة، أين نحن من الورد القرآني اليومي، ومِن قيام الليل والأذكار وحضور مجالس العلم والدعوة إلى الله تعالى؟ لا بد من اغتنام الأوقات في أنواع الطاعات المختلفة، فالوقت الذي يضيعه كثير منا هو مِن النعم التي سيسألنا الله عنها، عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال: صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه". (رواه الترمذي)، وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ". (أخرجه البخاري).