كتب أبو سعيد الرادسي:

قالت عائشة رضي الله عنها : إن أبا بكر رجل رقيق أسيف ومتى يقوم مقامك يبكي فلا يستطيع

وقد جاء في أخبار أبي بكر رضي الله عنه قبل الإسلام أنه كان سهلا لينا أليفا مؤلفا محببا إلى قومه يجالسونه كثيرا ويحبون مجلسه للينه ولطفه وأدبه وعلمه بأنساب العرب وأيامهم

واذكر يوم دخل في جوار ابن الدغنة بعد أن عزم على الخروج من مكة فكان يصلي في فناء بيته فتقول عائشة رضي الله عنها : كان لأبي بكر مسجد بفناء داره *، فكان إذا صلى فيه وقرأ القرآن بكى بكاء كبيرا ، فتجتمع إليه النساء والصبيان والعبيد يعجبون مما يرون من رقته

واستحضر أيضا مواقفه الصلبة القوية الثابتة بدءا بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف ثبت الناس وخطب فيهم بكلام رائع جليل وقال : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت

ثم في بعث أسامة بن زيد رضي الله عنهما وكيف أنه خالف كل الصحابة فيه وقال : والله لو جرت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رددت جيشا أنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا حللت لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفي شأن مانعي الزكاة كيف وقف لهم بحزم وحواره مع عمر رضي الله عنه في ذلك شهير حتى قال له : أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام يا ابن الخطاب ؟؟

وكيف رد فاطمة رضي الله عنها لما طلبت ميراثها من رسول الله عليه وسلم وتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يورث ، حتى أنها هجرته إلى أن ماتت

واذكر يوم تتهم ابنته بالأمر العظيم فلما ينزل الله براءتها تقول له : ما منعك أن تعذرني عند رسول الله ؟ فيقول لها : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم

واذكر يوم يأتيه المشركون مشغبين والمسلمون يومها في عز استضعافهم ولا يزال الإسلام غريبا فيقولون له : إن صاحبك يزعم أنه أسري به ليلة أمس إلى بيت المقدس ثم أصبح بين ظهرانينا ! فيجيبهم بكل يقين وإيمان وعقل وحكمة : لئن كان قال فقد صدق ، فيقولون له : وتصدقه في هذه ؟!! فيجيبهم مرة أخرى بجواب العاقل الحكيم : إني لأصدقه فيما هو أعظم من هذا ، أنه يأتيه خبر السماء

ولا تنس يوم الغار ويوم الحديبية وحواره مع عمر وتطابق كلامه مع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تواطئ

مع مواقف أخرى وفضائل أخرى للصديق رحمة الله عليه ورضوانه ، نفهم عندها لماذا هو في هذه المنزلة
ولماذا قال عمر رضي الله عنه فيه : لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم



كم نحن محتاجون للاقتداء بهذه الشخصية الفذة الجامعة بين رقة القلب وقوته في الحق
رضي الله عنه عن الصديق وألحقنا به ولعن الله وأخزى كل من أبغضه