تقبّلوا غيرة الطفل ولكن حذار··؟!
ممدوح إبراهيم الطنطاوي


كثير من الآباء والأمهات لا يحسنون التصرف في معالجة مشكلة الغيرة عند أطفالهم·· ويظن بعض الآباء أن كل أشكال الغيرة مرفوضة، ويظن بعضهم الآخر أن القسوة وحرمان الطفل مما يحب هو العلاج الأمثل لتلك المشكلة·· ومن ثم يجب أن يعلم هؤلاء أن القليل من الغيرة قد يكون حافزاً يدفع الطفل الى المنافسة الحميدة والتفوق·· وعندئذ يجب استثمار هذه الحال والتعاطي معها بشيء من الحكمة والروية، والعمل على منع نموها لأن الزيادة المفرطة في الشعور بالغيرة عند الطفل قد تفسد حياته وتصيبه بأضرار نفسية بالغة·

إن الغيرة حال انفعالية داخلية لها مظاهر خارجية تنشأ من الإحباط والفشل في تحقيق الرغبة، وعند الطفل تزداد نتيجة أمور عدة أهمها:
> عدم الثقة بالنفس وإثبات الذات·· فضعف ثقة الطفل بنفسه لوجود نقص يشعر به في قدراته العقلية أو الجسمية، أو في المظهر الخلقي كالدمامة مثلاً مما لا يجد الطفل معه حيلة في التغلب عليه·
> الخوف من فقدان الحب·· فكثير من الآباء والأمهات يصرفون جل اهتمامهم الى المولود الجديد، وتتجه عنايتهم كلها إليه، وعندئذٍ يشعر الطفل الذي كان بالأمس مستأثراً باهتمامهما ورعايتهما أنه أمسى كمَّاً مهملاً من دون ذنب اقترفه، ويدرك أن السبب الرئيس في ذلك هو ذاك الضيف الجديد الذي استحوذ على اهمام الأسرة وحبها·· فيبدأ يشعر بغيرة من هذا المولود، ويعمل جاهداً على جلب اهتمام والديه فيتمارض حيناً ويتباكى حيناً آخر، وقد تتنامى غيرته فيكره الرضيع، ويتعمد إتلاف بعض أثاث المنزل ناسباً ذلك الفعل إلى الصغير ويتمادى متصيداً له الأخطاء·
> زجر الطفل ومنعه لمجرد الاقتراب من الرضيع أو مداعبته يولد في نفسه غيرة شديدة·
> ومن الأسباب التي تؤدي الى شعور الطفل بالغيرة منازعة الأب نفسه للطفل في اهتمام أمه به وخصوصاً إذا كان هذا الطفل وحيداً، وهذا هو الأقل انتشاراً من بين الأسباب المؤدية إلى الغيرة عند الأطفال·· فالطفل قد يشعر بالغيرة من أبيه الذي استحوذ على رعاية زوجته والاهتمام البالغ به عند عودته من سفر، أو بعد تغيبه عن المنزل مدة طويلة·

علاج الغيرة عند الأطفال
يمكن علاج الغيرة عند الأطفال باتباع أمور عدة قد تبدو هينة أو عديمة النفع في عالم الكبار، لكنها عند الأطفال عظيمة، ومن أهم السبل لعلاج هذه المشكلة ما يلي:
أولاً: يجب على الوالدين أن يمهدا الطفل لاستقبال المولود الجديد، ويتوخيا الحذر من الإفراط في اهتمامهما به أمام أخيه فيقتصدا في إظهار العواطف أمام الطفل الأكبر·
ثانياً: إشعار الطفل بأنه مازال ذا قيمة وموضع اهتمام الأسرة، وذلك من خلال إسناد بعض المهام البسيطة إليه في المنزل·
ثالثاً: السماح للطفل بالاقتراب ومداعبة الطفل الصغير تحت مرأى ورقابة الوالدين أو أحدهما، فيشعر عندئذ أنه شريكه في الحب والاهتمام وليس منافساً له·
رابعاً: صرف الطفل إلى ممارسة الأنشطة التي يرغب فيها أو يميل إليها والتي تتناسب مع قدراته الجسمية والعقلية في مرحلتي الروضة والابتدائي·
خامساً: استشارة الطبيب أو المعالج النفسي في الحالات التي لا يستجيب فيها الطفل الى تلك الإرشادات السالف ذكرها·