بسم الله الرحمن الرحيم


1- قال عمر بن شبة: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: حُدِّثْنَا عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:
دَخَلْتُ مَعَ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: وَعَلَى أَبِي ذَرٍّ عِمَامَةٌ فَرَفَعَ الْعِمَامَةَ عَنْ رَأْسِهِ وَقَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَنَا مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ: يَعْنِي مِنَ الْخَوَارِجِ وَلَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعَضَّ عَلَى عُرْقُوبَيْ قَتَبٍ لَعَضَضْتُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَأْتِيَنِي الْمَوْتُ وَأَنَا عَاضٌّ عَلَيْهِمَا قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّا إِنَّمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْكَ لَخَيْرٍ لِتُجَاوِرَنَا بِالْمَدِينَةِ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَاكَ ايْذَنْ لِي فِي الرَّبَذَةِ قَالَ: نَعَمْ وَنَأْمُرُ لَكَ بِنَعَمٍ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ تَغْدُو عَلَيْكَ وَتَرُوحُ قَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِي ذَاكَ يَكْفِي أَبَا ذَرٍّ صِرْمَتُهُ قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ الْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ اعْذِمُوهَا وَدَعُونَا وَدِينَنَا قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْسِمُ مَالَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ وَعِنْدَهُ كَعْبٌ فَأَقْبَلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ جَمَعَ هَذَا الْمَالَ فَكَانَ يَتَصَدَّقُ مِنْهُ وَيَحْمِلُ فِي السَّبِيلِ وَيَصِلُ الرَّحِمَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَأَرْجُو الْجَنَّةَ فَغَضِبَ أَبُو ذَرٍّ وَرَفَعَ عَلَيْهِ الْعَصَا وَقَالَ: مَا يُدْرِيكَ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ لَيَوَدَّنَّ صَاحِبُ هَذَا الْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ لَوَ كَانَ عَقَارِبَ تَلْسَعُ السُّوَيْدَاءَ مِنْ قَلْبِهِ. ه تاريخ المدينة لابن شبة 3/1037
ورواه أبو نعيم في الحلية 1/160 عن ضمرة بن سعيد قال: ثنا ابن شوذب عن مطرف عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت به.

قلت: هذا اسناد رجاله ثقات.
وقد صححه الأستاذ شعيب الأرناؤوط في السير (2/68) بالحكم على ظاهر اسناد أبي نعيم لكن في رواية ابن شبة صرَّح عبد الله بن شوذب بأنه لم يسمعه من مطرف فقال: حُدِّثْنَا عن مطرف.

ورواه ابن سعد في الطبقات (4/175) من طريق عفان بن مسلم وعمرو بن عاصم الكلابي عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال: دخلت مع أبي ذر .. فذكر الحديث وليس فيه قصة كعب مع أبي ذر.


2- قال أبو يعلى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو قَبِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ: أَنَّهُ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لا تَأْذَنُوا لَهُ. فَاسْتَأْذَنَ فَقَالَ كَعْبٌ: ائْذِنْ لَهُ أَصْلَحَكَ اللَّهُ فَأَذِنَ لَهُ وَبِيَدِهِ عَصَا. فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا كَعْبُ إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالا فَمَا تَرَى؟ قَالَ: كَانَ يَصِلُ فِيهِ حَقَّ اللَّهِ فَلا بَأْسَ عَلَيْهِ.
فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ بِعَصَاهُ فَضَرَبَ كَعْبًا وَقَالَ: أَكَذَّبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي هَذَا الْجَبَلَ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ وَيُتَقَبَّلُ مِنِّي لا أَذَرُ خَلْفِي مِنْهُ سِتَّ أَوَاقٍ
أُنْشِدُكَ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ سَمِعْتَ -ثَلاثَ مَرَّاتٍ-؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: يَا كَعْبُ مَهْ. قَالَ: إِنِّي لا أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ الَّذِي حَدَّثْتُكُمْ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَحَاهُ وَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. ه
المقصد العلي في زوائد ابي يعلى (4/494) وفي مسند أحمد (453) مختصراً ورواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر والمغرب (ص316) مقتصراً على الحديث المرفوع ومناشدة أبو ذر لعثمان.

قلت: عبد الله بن لهيعة ضعيف لسوء حفظه. ومالك بن عبد الله البردادي مجهول الحال.


3- قال ابن زنجويه: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُف أنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنِي غَزْوَانُ أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: بَيْنَا أَبُو ذَرٍّ عِنْدَ بَابِ عُثْمَانَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا يُجْلِسُكَ هَهُنَا؟ قَالَ: يِأْبَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَأْذِنُوا لِي فَدَخَلَ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا لِأَبِي ذَرٍّ عَلَى الْبَابِ لَا يُؤْذَنُ لَهُ قَالَ: فَأَمَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ نَاحِيَةَ الْقَوْمِ قَالَ: وَمِيرَاثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفِ يُقَسَّمُ فَقَالَ عُثْمَانُ لِكَعْبٍ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَرَأَيْتَ الْمَالَ إِذَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ هَلْ يُخْشَى عَلَى صَاحِبِهِ مِنْهُ تَبِعَةٌ قَالَ: لَا فَقَامَ أَبُو ذَرٍّ وَمَعَهُ عَصًا لَهُ حَتَّى ضَرَبَ بِهَا بَيْنَ أُذُنَيْ كَعْبٍ ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ فِي مَالِهِ إِلَّا الزَّكَاةُ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} وَيَقُولُ {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} قَالَ: فَجَعَلَ يَذْكُرُ نَحْوَ هَذَا مِنَ الْقَوْلِ فَقَالَ عُثْمَانُ لِلْقُرَشِيِّ: إِنَّمَا نَكْرَهُ أَنْ نَأْذَنَ لِأَبِي ذَرٍّ مِنْ أَجْلِ مَا تَرَى. ه
الاموال لابن ونجويه 1363وتاريخ دمشق 66/ 197 وشعب الايمان للبيهقي 3037

قلت: غزوان أبو حاتم مجهول الحال وهو مرسل عن كعب.


4- قال الطبري: كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ عَنْ شُعَيْبٍ عن سيف عن محمد بن عون عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَخْتَلِفُ مِنَ الرَّبَذَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ مَخَافَةَ الأَعْرَابِيَّة ِ وَكَانَ يُحِبُّ الْوَحْدَةَ وَالْخَلْوَةَ فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَعِنْدَهُ كَعْبُ الأَحْبَارِ فَقَالَ لِعُثْمَانَ: لا تَرْضَوْا مِنَ النَّاسِ بِكَفِّ الأَذَى حَتَّى يَبْذِلُوا الْمَعْرُوفَ وَقَدْ يَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّي الزَّكَاةَ أَلا يَقْتَصِرَ عَلَيْهَا حَتَّى يُحْسِنَ إِلَى الْجِيرَانِ وَالإِخْوَانِ وَيَصِلَ الْقَرَابَاتِ فَقَالَ كَعْبٌ: مَنْ أَدَّى الْفَرِيضَةَ فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ فَرَفَعَ أَبُو ذَرٍّ مِحْجَنَهُ فَضَرَبَهُ فَشَجَّهُ فَاسْتَوْهَبَهُ عُثْمَانُ فَوَهَبَهُ لَهُ وَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ اتَّقِ اللَّهَ وَاكْفُفْ يَدَكَ وَلِسَانَكَ وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهُ: يَا بن اليهودية ما أنت وما هاهنا وَاللَّهِ لَتَسْمَعَنَّ مِنِّي أَوْ لا أدْخُلَ عَلَيْكَ. ه
تاريخ الطبري 4/284 وتاريخ دمشق 66/ 198
وزاد: والله لا يسمع أحد من اليهود إلا فتنوه.

قلت: سيف بن عمر اخباري علامة لكنه ضعيف الحديث متهم.


5- قال أبو هلال العسكري: أخبرنا أبو القاسم عن العقدى عن أبى جعفر عن أبى الحسن عن أبى عبد الرحمن العجلانى وعيسى بن يزيد قالا: أنبأنا بعض أهل العلم عن رجل من بنى غفار قال: بينا أنا عند معاوية أحدثه غضب ولم أر شيئا أغضبه ثم قال لرجل: عجل على بأبى ذر فلم ألبث ان طلع فاذا رجل طويل مشتمل بكساء فما سلم حتى جلس فقال: يا معاوية لم بعثت الى؟ قال: بلغنى أنك تطعن فى أمير المؤمنين عثمان وهو إمامك قال: هو طعن على نفسه قال: أما والله لولا ان أبده - او لفظ هذا معناه- أمير المؤمنين بما لا أدرى أيوافقه أم لا؟ لكنت أول أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أضرب عنقه قال:
قاتلك الله يا معاوية تراقب عثمان ولا تراقب الله؟ الا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله فاسترخت عينا معاوية وأذناه وقال: حدثنى قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: ويح أمتى من أعين الامى يراوح بين منكبيه يخرج بمن اتبعه من أهله حتى يوردهم نار جهنم فسيرتطم ويرتطمون كانك هو ولا أدرى فقام معاوية فدخل وخرج أبو ذر فلحقته فسلمت عليه فتجهمنى فانتسبت له فرد علىّ السلام وكتب معاوية الى عثمان يخبره ان أبا ذر يطعن عليه فكتب عثمان يأمره بحمله اليه فحمله على قتب تحته مسح وخرجت معه فكنت ألقى تحته ردائى فقرحت فخذاه وقدمنا المدينة فلما دخل على عثمان قال:
لا أنعم الله لقين عينا ... أبدا ولا عساه فينادمنا
تحيّة السّحط اذا التقينا
فقال أبو ذر: وما قين؟ والله ما سمتنيه أمى ولا أبى ولكن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان اذا رآنى رحب بى وأدنى مجلسى قال عثمان:
اجلس ألم يبلغنى أنك تقول ما أحب أن أكون فى صلاح عمر بن الخطاب قال: وان قلته فمه أسلمت كما أسلم وهاجرت كما هاجر وأنا على يقين من نفسى وشك من غيرى فقال عثمان: ما ترون فى أبى ذر؟ ودخل على عليه السلام وعليه عمامة بيضاء فقال: لم أرسلت الى؟ قال لامر أبى ذر قال: فلوما تركتموه كمؤمن آل فرعون ان كان كاذبا فعليه كذبه فقال عثمان لعلى: بفيك التراب قال: بل بفيك قبلى ثم خرج فمكث الناس أياما ثم دخل أبو ذر وبين يدى عثمان مال فقال:
ما ترون فى رجل اذا زكى ماله؟ هل عليه غيره؟ قال كعب الاحبار: لا ليس عليه شىء فقال أبو ذر: متى كانت الفتيا اليك يا ابن اليهوديه؟ بل عليه أن يصل رحمه ويتقى الله ربه فقال عثمان: عن بلدنا، قال الى الشام؟ قال: لا قال: فمكة؟ قال: لا قال: فهو التغريب بعد الهجرة فخرج الى الربذة ومعه على يشيعه فأقبل مروان يسير حتى أدخل راحلته بين راحلتيهما ليسمع ما يقولان فضرب على وجه راحلته وأعلم عثمان فلام عليا فقال: إن كان أغضبك أنى ضربت وجه راحلته فهذا وجه راحلتى فاضربوها وأقام أبو ذر بالربذة حتى مات رضى الله عنه. ه
الأوائل للعسكري ص193

قلت: هذه الطريق في اسنادها مجاهيل.


6- قال البلاذري: وَقَالَ عُثْمَان يومًا: أيجوز للإمام أَن يأخذ من المال فَإِذَا أيسر قضى؟ فَقَالَ كعب الأحبار: لا بأس بِذَلِكَ فَقَالَ أَبُو ذر: يا ابْن اليهوديين أتعلمنا ديننا؟ فَقَالَ عُثْمَان: مَا أَكْثَر أذاك لي وأولعك بأَصْحَابي الحق بمكتبك وكان مكتبه بالشام. ه
أنساب الأشراف 5/542

قلت: هكذا ذكره بغير اسناد.

قال ابن الجوزي: هذا الحديث لا يثبت وابن لهيعة مطعون فيه قَالَ يَحْيَى لا يحتج بحديثه والصحيح فِي التاريخ أن أبا ذر توفي سنة خمس وعشرين وعبد الرَّحْمَن توفي سنة اثنتي وثلاثين فقد عاش بعد أبي ذر سبع سنين ثم لفظ مَا ذكروه من حديثهم يدل عَلَى أن حديثهم موضوع ثم كيف تقول الصحابة رَضِيَ اللَّهُ عنهم إنا نخاف عَلَى عَبْد الرَّحْمَنِ أَوْ ليس الإجماع منعقدا عَلَى إباحة جمع المال من حله فما وجه الخوف مَعَ الإباحة أَوْ يأذن الشرع فِي شيء ثم يعاقب عليه هَذَا قلة فهم وفقه ثم تعلقه بعبد الرَّحْمَن وحده دليل عَلَى أنه لم يسير سير الصحابة فإنه قد خلف طلحة ثلاثمائة بهار فِي كل بهار ثَلاثَة قناطير والبهار الحمل وكان مال الزبير خمسين ألف ألف ومائتي ألف وخلف ابْن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عنه تسعين ألفا وأكثر الصحابة كسبوا الأموال وخلفوها ولم ينكر أحد منهم عَلَى أحد. ه تلبيس ابليس ص162

قلت: طريقة اعلال ابن الجوزي للخبر فيه نظر من وجوه:

1- الظاهر أن الامام ابن الجوزي لم يستوعب طرقه فقد تكلم فقط على طريق ابن لهيعة وقد وردت القصة من طرق أخرى وليست من مخرج واحد فاعلال الخبر بالنظر إلى طريق واحد اعلال قاصر والله أعلم.

2- قوله أن أبا ذر مات سنة 25 هذا وهمٌ منه فالمعروف أن أبا ذر توفي عام 32. (انظر تهذيب الكمال 33/298 والاصابة 7/109)

3- هذه الرواية توافق سائر الروايات الأخرى عن أبي ذر ومذهبه في إخراج المال وإنفاقه وعدم الاكتفاء بمقدار الزكاة المفروضة فليس فيها ما يستنكر وليس هو مذهباً لعامة الصحابة.

4- القصة لها سبب وهي أن أبا ذر دخل وهم يقسمون ميراث عبد الرحمن بن عوف ولو كان ميراثاً لطلحة أو للزبير لما تغير كلام أبي ذر فذلك مذهبه ومشهور عنه. فتشنيع ابن الجوزي واستنكاره أن يقال هذا في عبد الرحمن بن عوف وحده مما لا وجه له, واستنكار أن يقول أبا ذر هذا الكلام هو المستنكر والله أعلم.

قال البيهقي في الشعب بعد روايته للقصة: بَعْضُ هَذِهِ الْآيَاتِ قَبْلَ نُزُولِ فَرْضِ الزَّكَاةِ وَبَعْضُهَا فِي التَّرْغِيبِ فِي التَّطَوُّعِ فَأَبُو ذَرٍّ كَانَ يَحْمِلُهَا عَلَى الْوُجُوبِ فِيمَا يَرَى وَاللهُ أَعْلَمُ. ه


الخلاصة:

القصة وردت عن أبي ذر من طرق متعددة لا تخلو من الضعف لكنها طرق متعددة المخرج لخبر موقوف.
وبعض هذه الطرق ينجبر بالشواهد مما لعله يثبت أصلاً للقصة وصحة وقوعها والله أعلم.

كتبه
أحمد فوزي وجيه
8/10/2020