الضاد


علال الفاسي

إلى متى لغةُ القُرآنِ تُضطهَدُ ويستبيحُ حماها الأهلُ والوَلَدُ
أما يرونَ أنها في الدّهرِ عُدتهُم ومالهُم دونهَا في الكونِ مُلتحدُ
ولن تقومَ لهمْ في الناسِ قائمةٌ أو يستقيمَ لهم في العيش ما نَشَدوا
إن لم تتمّ لهم في الضادِ معرفةٌ أو يكتمل لهم في الضادِ مُعتَقَدٌ
وكيفَ يصغونَ للأعداء تذكُرُها وأصلُ ما وصَفوهُ الحقدُ والحسدُ
والقاذفونَ لها بالعجزِ ما جهلوا لأنها فوقَ ما ظنّوا وما اعتقدوا
تآمروا وأعدوا كلَّ مدرسةٍ بها قواعدُ الاستعمار تقتعدُ
تعلّم الجهل بالماضي الذي صنعت يدُ العروبة، والماضي الذي تعدُ
وتنكر اللغةَ الفصحى وما نظمت من المعاني وفيها العلمُ والرشدُ
وتبرز الأمرَ معكوسا كأنهم بناةُ ما صنع الآباءُ أو وجدوا
يزوّرونَ من التاريخ ما علموا ويدّعونَ من الأمجاد ما فقدوا
لو أنصفوا لرأوا تاريخَنا صحفاً من المآثر لم يسبق لها أحدُ
وكلها غررٌ في لحظها درر مترجمات لما قالوا وما قصدوا
تلك اللغاتُ التي لم تعيها فِكَرٌ ولا فنونٌ ولا علمٌ ولا عددُ
قد بشّرت كلماتُ الله في سورٍ لا ينقضي عجبٌ منها ولا مددُ
من غيرها في لغات الأرضِ قادرةٌ على أداء كلام الله إذ يعدُ
من ذا يترجمُ آياتِ الكتابِ كما أدته؟ هل لغةٌ في الأرض تعتمدٌ؟
قد حاولته لغاتٌ، كلها عجزت عن أن تؤدي فحواه الذي جحدوا
والضادُ تفخرُ أن أعيت مُعارِضَها فكيف تُعجزُها الآلاتُ والعُدَدُ؟
وأنها البحرُ زخّارٌ بباطنِهِ من الجواهرِ ما يزهو به الأبدُ
من يغترف منه لا تتبعه خارقةٌ من الصنائع أو يعجزه مرتَصدُ
هيا اذكروا واتحدّوا فهي قادرةٌ على الجواب بذاك الحق يعتضدُ
أنى يضيقُ أو تضيقُ بمعنى أو سور بها مرافئ أظهرتها الأعصرُ الجدُدُ
والعلمُ من غيرها جهلٌ وإن ملئت أوراقُه بالذي فيه الورى اجتهدوا
والفنّ ما لم ينل من لفظها حُللا يبقى كما اختل عقدٌ ليس ينتضدُ
والفكر إن لم يعبر عنه قالبُها يبقى كما الزهر في الأكمام لا يلدُ
قل للحكومةِ والأيامُ شاهدةٌ عودي إلى الحق لا يصددكِ منتقدُ
عودي إلى خطةٍ ترضى البلادُ بها ويستقيمُ بها للملةِ الأودُ
وحرري الضادَ حتى يستبينَ لها مجالهُا الحرّ، لا قيد ولا صفدُ
عار رواسب الاستعمار نكلؤها وعندنا الجهلُ والإذلالُ والكمدُ
عار قد استعجمت أقوالُنا وغدت أفكارُنا بمعاني الخصم تتحدُ
نحتاجُ ما بينَنا للترجمانِ كما يحتاجُ إخوانُنا في الضاد إن وجدوا
عند الإدارة أو عند المدارسِ أو عند المتاجر أضحى الضادُ يبتعدُ
يا ويح أمتنا ممن يكيدُ لها ومن حليفٍ له من نبعه يردُ
ويح العروبة في أرض العروبة لا تلقى المجير، وفيها الخائن النكدُ
المغربُ العربيّ مأساته عظُمت فأين آسيه ؟ أين المخلّص الصمدُ؟
الأمرُ للشعب فليعلنْ إرادَته وكلنا طاعةٌ للأمر نعتمدُ
إنا بني الوطنِ الأسمى الأساة له والجند للضاد نحميها ونجتهدُ
من لا يؤدي إلى الأوطان واجبَهُ فهو العدوّ فما ترضى به البلدُ
هبوا بني الوطن الأسمى إلى عملٍ من شأنه الفوزُ للأوطان والرغدُ
وناصروا الضادَ في كل المواقف إذ من فوزها غايةُ التحرير تمتهدُ