تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 49

الموضوع: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    العلم بالإسلام ومبادئه فرض على كل مسلم ومسلمة
    تعليم العلم وظيفة الأنبياء ، يحملها العلماء من بعدهم كي تبقى حجة الله قائمة على خلقه ، ولتبقى دعوة التوحيد غضة طرية يتلقاها الناس كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها الصحابه الكرام .
    عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا ، وَرَّثُوا الْعِلْمَ ؛ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ ) رواه أبو داود (3641) وغيره ، وصححه الألباني .
    قال ابن القيم رحمه الله : " هذا من أعظم المناقب لأهل العلم ؛ فإن الانبياء خير خلق الله ، فورثتهم خير الخلق بعدهم . ولما كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته ، إذ هم الذين يقومون مقامه من بعده ، ولم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به ، إلا العلماء ، كانوا أحق الناس بميراثهم ، وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليهم ، فإن الميراث إنما يكون لأقرب الناس إلى الموروث ، وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم ، فكذلك هو في ميراث النبوة ، والله يختص برحمته من يشاء " انتهى .
    مفتاح دار السعادة (1/66) .
    ومن اعظم ما ورثته الانبياء العلم بأصل دين الاسلام فهو زبدة رسالة الانبياء وأول هذا العلم الموروث عن الانبياء العلم بالشهادتين
    معنى الشهادتان
    الشهادتان هما: شهادةُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وشهادةُ أن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ. وهما أصلُ دينِ الإسلامِ ورُكْنُه الأولُ الذي به يَدْخُلُ العبدُ في دينِ الإسلامِ، فمَن لم يَشْهدِ الشهادتين فليسَ بمُسْلمٍ.
    عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضِي اللهُ عنهما عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: ((بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأن مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحَجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)). متفق عليه.
    فكان أوَّلُ ما يَجِبُ على العبدِ تعلُّمُه من دينِ الإسلامِ هو أصلَه الأَوَّلَ، فيَعْرِفُ معنى الشهادتين وأحكامَهما.
    ولما بَعَثَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم معاذَ بنَ جَبَلٍ إلى اليمنِ داعياً ومعلِّماً قال له: ((إنَّك تأتي قوماً من أهلِ الكتابِ فَادْعُهم إلى شهادةِ أنْ لا إلهَ إِلا الله وَأني رسولُ اللهِ؛ فإِنْ هُمْ أطاعوا لِذلكَ فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افْتَرضَ عليهم خمسَ صَلَوَاتٍ في كلِّ يومٍ وَليلةٍ)) .. الحديث، رواه مسلم من حديث ابن عباس.
    ورواه البخاري أيضاً ولفظه: ((فليكن أوَّلَ ما تدْعوهم إلى أن يوحِّدوا اللهَ))
    وبيان ذلك أيضاً في حديثِ جِبْريلَ الطويلِ الذي سأل فيه النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن مَرَاتِبِ الدِّينِ: الإسلامِ والإيمانِ والإحسانِ، ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه كما في آخِرِ الحديثِ: (( هذا جِبْريلُ أتاكم يُعلِّمُكم دِينَكُم )).
    فأوَّلُ ما يَجِبُ تَعلُّمُه من أُمورِ الدينِ ما تَضَمَّنَه حديثُ جبريلَ، وأوَّلُ مرتبة من مراتب الدين مرتبة الإسلام، وأول ركن من أركان الإسلام: الشهادتانِ.
    [معالم الدين]





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    معنَى شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ

    (لا إلهَ إلا اللهُ) أي لا مَعْبودَ بحقٍّ إلا اللهُ.
    والإلهُ: هو المألوهُ، أي المَعْبودُ.
    فكلُّ ما يُعْبَدُ من دونِ اللهِ فعبادتُه باطلةٌ، وَمَن عبدَ غيرَ اللهِ فهو مُشرِكٌ كافِرٌ، كما قال اللهُ تعالى:﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ[المؤمنون: ١١٧].
    فلا يَجوزُ أن يُعبَدَ مع اللهِ أحَدٌ، لا نَبِيٌّ مُرسَلٌ، ولا مَلَكٌ مُقرَّبٌ، ولا وَلِيٌّ من الأولياءِ الصالحين، ولا شَجَرٌ ولا حَجَرٌ، ولا غيرُ ذلك؛ لأن العبادةَ حقٌّ للهِ وحدَه، خَلَقَنا لأجلِها كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)[الذاريات: ٥٦].
    وقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[الإخلاص: ١].
    وقال: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيم (163)[البقرة: ١٦٣].
    وقال: ﴿هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [غافر: ٦٥].
    وهذا هو معنَى التَّوْحيدِ، وهو إفرادُ اللهِ بالعبادةِ، فلا نَعْبُدُ إلا اللهَ وحدَه لا شريكَ له.
    وبهذا التوحيدِ الذي هو معنَى (لا إلهَ إلا اللهُ) بَعَثَ اللهُ الرُّسلَ كلَّهم؛ قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)[الأنبياء: ٢٥].
    وقال: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: ٣٦].
    وقد قَصَّ اللهُ علينا في كتابِه الكريمِ أنباءَ الرُّسلِ معَ أقوامِهم ، وبَيَّن لنا أنَّ أوَّلَ دعوةَ الرُّسُلِ كانت إلى توحيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبَيَّن لَنا عُقبَى المؤمنين الذين استجابوا لدعوةِ المُرْسَلين؛ وعاقبةَ الذين كَذَّبوا الرُّسلَ وأشركوا باللهِ ما لم يُنزِّلْ به سُلطانًا.
    ــ قال اللهُ تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)[الأعراف: ٥٩].
    ــ وقال: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ(65)[الأعراف: ٦٥].
    ــ وقال: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: ٧٣].
    ــ وقال: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: ٨٥].
    ــ وقال: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) [الزخرف: ٢٦-٢٧].
    ــ وقال: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ[البقرة: ١٣٣].
    ــ وقال يوسف عليه السلام: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)[يوسف: 39].
    وكذلك كانت دعوةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)[الأنبياء: ١٠٧-١٠٨].
    وقد بدأ النبيُّ صلى الله عليه وسلم دعوةَ قومِه بمَكَّةَ إلى التوحيدِ، فدعاهم إلى أن يقولوا: (لا إلهَ إلا اللهُ) ويَجْتنبُوا عِبادةَ الأصنامِ، فاستكبَرَ أكثرُهم وأَبَوْا أن يُجِيبوه إلى كلمةِ التوحيدِ؛ فكانوا كما قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)[الصافات: ٣٥–٣6]. فردَّ اللهُ عليهم بقولِه: ﴿بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) [الصافات: ٣7].
    فكلمةُ التوحيدِ هي كلمةُ الحقِّ التي دعا إليها المرسلون قبلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهي دَعوةُ رسولنِا صلى الله عليه وسلم.
    وقد فَهِم كُفَّارُ قُرَيشٍ أن الدعوةَ إلى التوحيدِ تَعْنِي تَرْكَ عبادةِ ما يَعْبُدون من دونِ اللهِ تعالى؛ فلا يَتَحَقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشِّركِ، وهذا هو معنَى (لا إلهَ إلا اللهُ).
    وعن عُمَر بنِ الخَطَّاب رضِي الله عنه أن الرسولَ صلى الله عليه وسلم قال: ((أُمِرْتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: (لا إلهَ إلا اللهُ) فمَن قال: (لا إلهَ إلا اللهُ) عَصَم مِنِّي مالَه ونَفْسَه إلا بحَقِّه، وحسابُه على اللهِ))متفق عليه.
    ولمَّا بَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم برسائلِه إلى المُلوكِ دَعَاهم إلى توحيدِ اللهِ عز وجل؛ فعن ابنِ عَبَّاسٍ رضِي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أرسَلَ إلى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من مُحمَّدٍ رسولِ اللهِ إلى هِرَقْلَ عَظيمِ الرُّومِ، سَلامٌ على مَن اتَّبَعَ الهُدَى أمَّا بعدُ:
    فإنِّي أدعوكَ بدِعايةِ الإسلامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أجْرَك مَرَّتين، فإن تَوَلَّيْتَ فإنَّ عليكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ ، و﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: ٦٤])). متفق عليه.
    وبَعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بنحوِ هذه الرسالةِ إلى كِسْرَى مَلِك الفُرْسِ، وإلى المُقَوْقِسَ مَلِك القِبْط، وإلى مَلِكِ الحَبَشَة، وإلى جَيْفَرٍ وعِيَاذٍ ابنَي الجُلَنْدَى بعُمَان، وإلى هَوْذَةَ بن علي باليَمامة، وإلى المُنْذِر بن سَاوَى بهَجَر، وإلى ابنِ أبي شَمِر الغَسَّاني، وهؤلاء هم المُلوكُ في زمانِه صلى الله عليه وسلم.
    وفي صحيحِ مُسلمٍ من حديثِ أنسِ بن مالِكٍ رضِي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كتَبَ إلى كلِّ جَبَّار (أي مَلِكٍ) يَدْعُوهم إلى اللهِ تعالى.
    وعن ابن عبَّاسٍ رضِي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بعَثَ مُعاذًا إلى اليَمَن قال له: ((إنَّك تَقْدَمُ على قَوْمٍ من أهلِ الكتابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ ما تدعوهم إلى أن يُوحِّدوا اللهَ)).
    فتوحيدُ اللهِ تعالى هو مِفْتاحُ الدخولِ في الإسلامِ، وبدونِه لا يكون المَرْءُ مُسلمًا، وإذا ارْتَكَبَ العبدُ ما يَنْقُضُ هذا التوحيدَ فهو كافرٌ مشركٌ خارجٌ عن مِلَّةِ الإسلامِ.
    وعن مُعاذِ بن جَبَل رضِي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا مُعاذُ، أتدري ما حَقُّ اللهِ على العِبَادِ؟))
    قال مُعاذٌ: اللهُ ورسولُه أعلمُ.
    قال: ((حقُّ اللهِ على العبادِ أن يَعْبدوه ولا يُشرِكوا به شيئًا))
    ثم قال له: ((يا مُعاذُ، أتدري ما حقُّ العبادِ على اللهِ إذا فعلوا ذلكَ؟))
    قال معاذٌ: اللهُ ورسولُه أعلمُ.
    قال: ((حقُّ العبادِ على اللهِ إذا فعلوا ذلك أن لا يُعَذِّبَهم)). متفق عليه.
    فإذا شَهِدَ العبدُ أن لا إله إلا اللهُ؛ فقد شَهِدَ ببُطلانِ ما يُعْبَدُ من دونِ اللهِ عز وجل، وشَهِدَ على نفسِه أن لا يَعْبُدَ إلا اللهَ عز وجل مُخْلِصًا له الدينَ.
    وهذا هو الإسلامُ الذي أمَرَ اللهُ به، قال اللهُ تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66)[غافر: ٦٦].
    وقال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: ٥].
    وقال تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر: ١٤].
    وقال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (106)[يونس: ١٠٤-١٠٦].

    الخُلاصة:
    معنَى (لا إله إلا الله ) أي: لا مَعْبودَ بحقٍّ إلا اللهُ.
    لا يَتحقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشركِ.
    الغايةُ التي خُلِقنا من أجلِها: عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له.
    مَن عَبَد غيرَ اللهِ فهو مُشرِكٌ كافرٌ.
    كلُّ رسولٍ دعا قومَه إلى التوحيدِ واجتنابِ الشِّرْكِ.
    أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ، فبدأ بدَعْوةِ قومِه إلى التوحيدِ، وأرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ، وأَمَر أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ.
    التوحيدُ هو حقُّ اللهِ على العِباد.
    مَن لم يُوحِّد اللهَ فليسَ بمسلمٍ، وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ.
    [معالم الدين- عبد العزيز الداخل]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    ولا بدَّ من تحقيق شروطٍ الشهادتين حتى يكون الناطق بهما مسلماً حقّاً ،
    وأركان الإسلام : الاعتقاد والنطق والعمل .
    عن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ) . رواه البخاري ( 3252 ) ومسلم ( 28 ) .
    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله - :
    قوله ( من شهد أن لا إله إلا الله ) أي :

    من تكلم بها عارفاً لمعناها عاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً ،
    فلابدَّ في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها
    كما قال الله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إلاَّ الله ) .
    وقوله ( إِلاَّ من شهد بالحق وهم يعلمون )
    أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه : من البراءة من الشرك وإخلاص القول والعمل : قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح :
    فغير نافع بالإجماع .
    قال القرطبي في " المفهم على صحيح مسلم " : " باب لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين ، بل لابدَّ من استيقان القلب " هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة القائلين بأن التلفظ بالشهادتين كافٍ في الإيمان ، وأحاديث هذا الباب تدل على فساده ، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها ؛ ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق ، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح ، وهو باطل قطعاً ا.هـ
    وفي هذا الحديث ما يدل على هذا وهو قوله : ( من شهد ) فإن الشهادة لا تصح إلا إذا كانت عن علم ويقين وإخلاص وصدق .
    " فتح المجيد " ( ص 36 )
    وشروط " شهادة أن لا إله إلا الله " سبعة شروط ، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها ؛ وهي على سبيل الإجمال ‏:‏
    الأول‏ :‏ العلم المنافي للجهل‏ ، الثاني ‏:‏ اليقين المنافي للشك‏ ، الثالث‏ :‏ القبول المنافي للرد ‏،‏ الرابع ‏:‏ الانقيادُ المنافي للترك‏ ، الخامس‏ :‏ الإخلاص المنافي للشرك‏ ،‏ السادس‏ :‏ الصدق المنافي للكذب ‏، السابع ‏:‏ المحبة المنافية لضدها ، وهو البغضاء‏ .‏المصدر الاسلام سؤال وجواب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    قال الشيخ صالح الفوزان فى شرح رسالة معنى لا اله الا الله
    المشركين أَبَوْا أن ينطقوا بها؛ لأنهم يعلمون أنهم إذا قالوها تركوا عبادة الأصنام، واقتصروا على عبادة الله وحده وهم لا يريدون ذلك، يريدون البقاء على أصنامهم، يريدون أن يعبدوا الله ويعبدوا معه الأصنام وهذا باطل، لأن عبادة الأصنام تُبطل عبادة الله وتُبطل كلمة " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فهم لمَّا رأوا هذا أَبَوْا أنَّ ينطقوا بها، لما قال لهم رَسُولِ اللهِ - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - قولوا: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" تفلحوا، قالوا: ( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) فهموا معناها: أنها تنفي وتُبطل عبادة ما سوى اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فهم لا يريدون هذا، أَبَوْا أن ينطقوا بها، لأنهم يأنفون من التناقض أن يقولوها وهم يعبدوا غير الله، فتمسكوا بما هم عليه، (وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) هكذا يقولون: (امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) لا تتركوها لأنكم إذا قلتم " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" تركتم آلهتكم، فهم لا يريدون هذا، لا يريدون قولٌ بلا عمل .

    بعض الجهال يقولونها ويدعون غير الله، قولٌ بلا عمل ما تنفع! إذا قالها الإنسان فلابد أن يعرف معناها أولًا،
    معناها: "لا معبود بحق إلاَّ الله" هذا معناها،
    مقتضاها: أن يترك الشرك، ويبتعد عنه ويُعبد الله وحده لا شريك له، هذا مقتضاها .
    أمَّا أن ينطق بها ويكررها بدون أن يعمل بمقتضاها فإنها لا تنفعه،
    لأنه نقضها بالشرك فليس المراد التلفظ بها فقط!
    المتن: وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها .

    الشرح: "مع الجهل بمعناها" لابد من أن تعرف معناها، معناها:
    "لا معبود بحقٍ إلاَّ الله" هذا معناها، هذا شئ؛
    الشئ الثاني: لابد أن تعمل بمقتضاها، بأن تترك عبادة غير الله .

    المتن: فإنّ المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدّرك الأسفل من النار، مع كونهم يُصلون ويتصدقون،

    الشرح: هم يصلون ويصومون ويتصدقون، وقد يجاهدون مع الرَسُول - صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلِّمْ - في الظاهر؛ وأمَّا في قرارة قلوبهم فهم لا يؤمنون، لكنهم يعملون هذه الأشياء "تقية" ليعيشوا مع المسلمين، لذلك صاروا في الدرك الأسفل من النار - والعياذ بالله- لابد إذا قالها الإنسان أن يلتزم بما تدلُّ عليه، وهو التوحيد وترك الشرك .

    المتن: ولكن المراد قولها مع معرفتها بالقلب ومحبتها ومحبة أهلها وبغض ما خالفها ومعاداته

    الشرح: المراد من " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" معرفتها بالقلب ما هو باللسان، اعتقاد ما تدلَّ عليه بالقلب، ما هو مجرد النطق باللسان مع إنكار معناها بالقلب

    « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا»، وفي رواية « صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ » ما هو يقولها باللسان فقط! لكن يعتقد معناها، ويؤمن به، هذه هى حقيقتها، قالها: معتقدًا لمعناها، ما يتلفظ بها فقط ولا يعتقد معناها، أو يجهل معناها ولا يدري ما هو؟ هذه مصيبة! معتقدًا لمعناها؛ أيضًا لا يكفي هذا، بل يكون عاملًا لمقتضاها، وهو ترك عبادة ما غير الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -

    وفي لفظٍ: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ »

    هذا القيد؛ ما اقتصر رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على قول: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " قال: وكفر بما يُعبد من دون الله، يعني اعتقد بُطلان عبادة غير الله، وترك عبادة غير الله، هذا هو الذي حقق " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ".

    واعلم أن هذه الكلمة نفي وإثبات .

    هذه الكلمة لها ركنان:

    الركن الأول؛ النفي: نفي " لَا إِلَهَ" .

    الركن الثاني؛ الإثبات: "إِلَّا اللَّهُ"

    لابد أن تعرف؛ انه لا يُعبد بحق إلاَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وأن ما عُبد من غيره فهو باطل، لابد من أن تعتقد

    هذا، تترك عبادة غير الله، يعني أمران:
    لابد من معرفة معناها،
    ولابد من العمل بمقتضاها، وليست مجرد قول باللسان فقط!

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    الإسلام لا يقوم ولا يتحقق إلا بإفراد الله بالعبادة والكفر بالألهة والأرباب المعبودة من دون الله ؛
    هذا الأصل هو المدخل لهذا الدين
    فلابد من معرفة هذا الاصل وتعلمه بأدلته وبراهينه
    ليتمكن العبد من الإتيان به اعتقادا وقولا وعملا؛
    فيكون مسلما حقا محققا لأصل ملة الانبياء والمرسلين
    لا كما يدعى من يجادلون عن جاهل التوحيد - يحكمون بالإسلام لمن لا يعرف الإسلام ولا يعتقده ولا يقر به ولا يعمل به.
    فالله عز وجل جعل كلمة التوحيد لا إله إلا الله دالةً عن هذا الأصل العظيم، الذى بعث به جميع رسله وأنبيائه، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء:25)
    فمدلول هذه الكلمة هو التوحيد
    وليس مدلول كلمة لا اله الا الله القول باللسان مع الجهل بمعناها او مناقضتها بالعمل
    بل لا بد من الاعتقاد والقول والعمل،
    وقد جاء ذلك واضحا في قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)(الن حل: من الآية36)
    فهذه الكلمة العظيمة بين الله جل وعلا انها تتكون من ركنين:
    الركن الأول: النفي (لا إله)، والذي يطابق (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)
    الركن الثاني: الإثبات (إلا الله)، والذي يطابق (اعْبُدُوا اللَّهَ)
    فكل معبود سوى الله باطل، وكل عبادة صرفت لغير الله شرك وضلال .
    فمن عبد الله وحده فقد وحّد الله في ألوهيته،
    ومن عبد غير الله فقد اتخذه إلهاً مع الله
    و (الألوهية) هي العبادة، وهي حق الله الخالص على عباده أجمعين،
    ، ولا تصح العبادة إلا بالتوحيد، فمن جعل العبادة شركة بين الله وخلقه فقد اشرك فى عبادة ربه
    يقول الشيخ الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته ؛ فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد ؛ كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة؛ فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة، كما قال تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ) (التوبة:17).انتهى
    عمارة المسجد الحرام عبادة، ولكن لما دخل عليها الشرك حبطت وفسدت
    الصلاة عبادة، فمن كان موحدا لله عز وجل لا يشرك به شيئا قُبِلَتْ صلاته،
    ومن أشرك بالله لم تقبل صلاته، لان الشرك مبطل لجميع الاعمال
    بخلاف الشرك الاصغر فإنه مبطل للعمل المقارن فتنبه لهذا الفارق جيدا
    قال تعال: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (الزمر:65)
    و توحيد الألوهية هو توحيد العبادة، ومعناه إخلاص العبادة لله وحده والبراءة من كل معبود سواه.
    فلا إله إلا الله تثبت الألوهية لله وحده وتنفيها عن كل ما سواه كائنا من كان نبيا أو ولياً شجرا أو حجرا -قبراً أو صنما

    فلا يتحقق توحيد الله إلا بنفي ما نفته كلمة التوحيد واثبات ما أثبتته،
    فالنفي وحده ليس توحيداً، وكذلك الإثبات وحده لايكون توحيداً، والتوحيد هو النفي والإثبات جميعاً.

    ولا يتحقق توحيد الله بمجرد الإيمان بأنه لا خالق ولا رازق ولا مالك ولا مدبر ولا محيي ولا مميت ولا نافع ولا ضار إلا الله، فإن هذا وحده لا يكفي في الدخول للإسلام،فالكفار الذين بعث فيهم النبى صلى الله عليه وسلم كانوا مقرين بذلك ولم يكن ذلك عاصما للدم والمال،

    وكذلك لابد من ترك الشرك فى العبادة واخلاصها لله وحده حتى تتم عصمة الدم والمال
    تأمل في الرد الذي رده كفار قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)، فأجابوا بقولهم: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)،
    فهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه آلهة أخرى،
    فعرفوا أن هذه الكلمة التي دعاهم إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني أن الآلهة التي يعبدونها مع الله كلها باطلة لا تستحق أن تعبد، وأنهم كانوا على ضلال في عبادتهم إياها مع الله، وأن الذي يستحق العبادة هو الله وحده،
    فعلموا ان قول لا اله الا الله يقتضى ترك الشرك ، فامتنع أكثرهم من قول هذه الكلمة واستكبروا عن توحيد الله، قال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات35 :36)
    مع أنهم كانوا:
    - لا يشكُّون أن الله وحده هو الذي يخلق ويرزق ويحي ويميت وهو الذي يملكهم ويملك آلهتهم
    - وما كانوا يعبدون هذه الآلهة إلا لظنهم أنها تقربهم وتشفع لهم عند الله .
    - وأنهم لازالوا على دين إبراهيم لم يغيروا .
    - وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الذي جاء بدين جديد، كما حكى الله عنهم: (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ، مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ) .

    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ:
    فلو تكلموا بها لَلَزِمهم أن يتركوا عبادة ما كانوا يعبدونه من الأصنام والأوثان، فتركوا التلفظ بما يلزمهم به من ترك دينهم، فلم ينفوا الإلهية عما كانوا يعبدونه من دون الله، فلذلك تركوا التلفظ بها.
    وأما مشركو آخر هذه الأمة، فجهلوا معناها فتلفظوا بها، مع عدم نفيهم لما نفته من الشرك بعبادة الأوثان والأصنام، الذي عمت به البلوى في هذه الأعصار والأمصار؛ ولا ينكر وقوعه إلا من أعمى الله قلبه، وأطفى نور بصيرته بالكلية.انتهى
    فإذا عرفت أن كفار قريش عرفوا معنى كلمة التوحيد معرفةً جيدة،
    فاحذر أن تكون أجهل من كفار قريش،
    واحرص على تعلم هذه الكلمة الفارقة بين المسلمين والمشركين .
    واعلم أن معنى لا إلـه إلا اللـه هو: نفي الإلهية عن كل شيء إلا الله تبارك وتعالى، وإثباتها كلها لله وحده، لا شريك له، و الإلهية هي العبادة، فهي خالصة لله وحده، وعبادة غير الله كلها باطلة .
    فكما أن قولك: لا خالق إلا الله، معناه لا يخلق الخلق إلا الله، لا يشاركه في ذلك أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا غيره. وقولك: لا رازق إلا الله، يعني أن الرزق كله من عند الله وحده .
    فإن قولك: لا إله إلا الله، يعني لا أحد يستحق العبادة إلا الله، فهي توحيد لله وإخلاص الإلهية له وحده، أي العبادة لله وحده، لا يشاركه فيها أحد من خلقه.
    واعلم أن لا إله إلا الله ليست مجرد كلمة تقولها بلسانك
    وإنما هي شهادة وإقرار منك بألا تعبد إلا الله وأن تكفر بكل معبود سواه،
    وهي عهد وثيق مع الله بأن تكون مسلما له وحده بقلبك ولسانك وجوارحك،
    وهي دين تدين به لله عز وجل توالي وتعادي عليه، توالي من معك على هذا الدين وتحكم له بالإسلام وتتبرأ ممن دان بغيره وتكفِّره وتبغضه،
    وهي منهج تسير عليه في حياتك كلها،
    وعَلَمٌ يمميزك عن الكفار والمشركين
    وحد فاصل بينك وبينهم.

    وكثير من الناس يعلم أن معنى لا إله إلا الله أنه لا معبود بحق إلا الله،
    ولكنه لا يكفر بالمعبودات المؤلهة مع الله لظنه أنها تعني نفي عبادة الأصنام فقط كالتي كانت تعبدها قريش في الجاهلية،
    أما عبادة القبور فلا يراها مضادة لتوحيد الله لأنه يظن أنها قربة لله لما يعتقد لأصحابها من المكانة عند الله، فيعتقد أنه يتقرب إلى الله بمحبتهم ودعائهم والذبح لهم والتبرك بهم، ويعتقد أنهم واسطة بين الله وخلقه، ونسي هذا الجاهل المسكين أن فعله واعتقاده هذا هو نفس فعل قوم نوح وكفار قريش بأصنامهم بل اساس الشرك وبدايته هو الغلو فى الصالحين كَوَدَّ وسواع ويغوث ويعوق ونسرا واللات،
    قال تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى
    وقال عز وجل: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (يونس:18)

    فلم يعرف هذا الجاهل المسكين معنى لا إله إلا الله ولِجَهْلِه أشرك بالله واتخذ من دونه آلهة،
    فكل معبود هو إله لعابده،
    وجَهْلُ هذا وأمثاله بمعنى لا إله إلا الله لا يعفيه من الحكم عليه بالشرك في هذه الدنيا، ولا يكون مسلما بمجرد قولها وهو يفعل الشرك ويعتقده ويدين بما يدين به المشركون،
    فالإسلام ليس معناه أن تقول لا إله إلا الله دون أن تعرف معناها وتعتقده وتعمل به،
    ويزعم الكثير أن هذا الجاهل مسلم
    والسؤال لهم ؟ هل الاسلام مجرد التلفظ بحروف لا إله إلا الله من غير معرفة معناها ولا اعتقاد ولا إقرار ولا عمل؟!
    سبحانك هذا بهتان عظيم وجهل بحقيقة الشهادتين

    أما القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم فلا يعتبر بإيمان أحد حتى يكفر بالطاغوت ويعبد الله وحده،
    قال الله جل وعلا: )َفمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)
    وأما السنة فكذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)) رواه مسلم.
    فمن قال لا إله إلا الله ولم يكفر بالطاغوت وما يعبد من دون الله لا يكون من المسلمين، هكذا يقول الله ورسوله. وهكذا اجمع العلماء

    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
    وأجمع العلماء سلفا وخلفا، من الصحابة والتابعين، والأئمة، وجميع أهل السنة أن المرء لا يكون مسلما إلا بالتجرد من الشرك الأكبر، والبراءة منه وممن فعله، وبغضهم ومعاداتهم بحسب الطاقة، والقدرة، وإخلاص الأعمال كلها لله.
    ويقول في فتح المجيد: قوله: " من شهد أن لا إله إلا الله " أي من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا، فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها; كما قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ}، وقوله: {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا يقين ولا عمل بما تقتضيه: من البراءة من الشرك، وإخلاص القول والعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالإجماع. انتهى

    وقال الشيخ الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب تعليقا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله))،
    قال:
    وهذا من أعظم ما يبين معنى: لا إله إلا الله، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للمال والدم، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده، حتى يضيف إلى ذلك: الكفر بما يعبد من دون الله؛ فإن شك أو تردد، لم يحرم ماله ودمه، فيالها من مسألة ما أجلها! وياله من بيان ما أوضحه! وحجة ما أقطعها للمنازع!. انتهى
    قال الحفيد الشيخ سليمان بن عبد الله فى التيسير: وقد أجمع العلماء على معنى ذلك فلا بدّ في العصمة من الإتيان بالتوحيد، والتزام أحكامه، وترك الشرك. انتهى

    وقال الحفيد الشيخ عبد الرحمن بن حسن بعد أن ذكر هذا الكلام: وهذا الذي ذكره شيخنا هو معنى لا إله إلا الله مطابقة، وهو معنى قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}، وهذا لا يشك فيه مسلم - بحمد الله -، ومن شك فيه فلم يكفر بالطاغوت؛ وكفى بهذا حجة على المعترض، وبيانا لجهله بالتوحيد، الذي هو أصل دين الإسلام وأساسه.انتهى

    فمن فعل ذلك ممن ينتسب إلى الإسلام، أنه لم يوقعهم في ذلك إلا الجهل، فلو علموا أن ذلك يبعد عن الله غاية الإبعاد، وأنه من الشرك الذي حرمه الله، لم يقدموا عليه، فكفرهم جميع العلماء، ولم يعذروهم بالجهل،
    قال أيضا الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: ظاهر الآيات، والأحاديث، وكلام جمهور العلماء تدل على كفر من أشرك بالله فعبد معه غيره، ولم تفرق الأدلة بين المعين وغيره، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}،
    وقال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ }، وهذا عام في كل واحد من المشركين.
    وجميع العلماء في كتب الفقه، يذكرون حكم المرتد، وأول ما يذكرون من أنواع الكفر والردة: الشرك، فقالوا: إن من أشرك بالله كفر، ولم يستثنوا الجاهل، ومن زعم لله صاحبة أو ولدا كفر، ولم يستثنوا الجاهل، ومن قذف عائشة كفر، ومن استهزأ بالله أو رسله أو كتبه، كفر إجماعا، لقوله تعالى: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ؛ ويذكرون أنواعا كثيرة مجمعا على كفر صاحبها، ولم يفرقوا بين المعين وغيره..........
    وأعظم أنواع الكفر: الشرك بعبادة غير الله، وهو كفر بإجماع المسلمين، ولا مانع من تكفير من اتصف بذلك، كما أن من زنى قيل: فلان زان، ومن رابى: قيل: فلان مراب.انتهى

    ويقول الشيخ أبو بطين : ونحن نعلم أن من فعل ذلك الشرك ممن ينتسب إلى الإسلام أنه لم يوقعهم في ذلك إلا الجهل فلو علموا أن ذلك يبعد عن الله غاية الإبعاد وأنه من الشرك الذي حرمه الله لم يقدموا عليه فكفرهم جميع العلماء ولم يعذرهم بالجهل " ا.هـ الدرر السنية جـ -10
    قال الشيخ أبابطين رحمه الله في الدرر السنية ج10 ص 405
    (( كل من فعل اليوم ذلك عند المشاهد فهو مشرك كافر بدلالة الكتاب والسنة والإجماع ونحن نعلم أن من فعل ذلك ممن ينتسب إلى الإسلام أنه لم يوقعه في ذلك إلا الجهل ولو علموا أن ذلك يبعد عن الله غاية الإبعاد وأنه من الشرك الذي حرمه الله لم يقدموا عليه فكفّرهم جميع العلماء ولم يعذروهم بالجهل كما يقول بعض الضالين إن هؤلاء معذورون لأنهم جهال))
    قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين (( وما تقدم من حكاية الامام محمد بن عبد الوهاب ، إجماع المسلمين على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار أنه كافر مشرك ، يتناول الجاهل وغيره لأنه من المعلوم أنه إذا كان إنسان يُقرّ برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ويؤمن بالقرآن ويسمع ما ذكر الله سبحانه في كتابه من تعظيم أمر الشرك بأنه لا يغفره وأن صاحبه مخلد في النار ، ثم يُقدِم عليه وهو يعرف أنه شرك ، هذا ما لا يفعله عاقل ، وإنما يقع فيه من جهل أنه شرك)) [مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ج4 القسم الثاني ص 477 ]

    ويقول الشيخ أبو بطين أيضاً:" والشرك عبادة غير الله ، فمن جعل شيئاُ من العبادة لغير الله فهو مشرك
    وإن كان يقوم الليل ويصوم النهار فعمله حابط .
    قال تعالى : {ولئن أشركت لحبطن عملك}
    والشرك عبادة غير الله ، ونصوص القرآن في ذلك كثيرة فمن قال من أتى بالشهادتين وصلى وصام لا يجوز تكفيره ولو عبد غير الله فهو كافر ومن شك في كفره فهو كافر ... إلى أن قال : وعلى هذا القول فهو مكذب لله ورسوله وللإجماع القطعي الذي لا يستريب فيه من له أدنى نظر في كلام العلماء " إ . هـ . الرسائل والمسائل الجزء الأول
    قال عبد الرحمن أبو بطين مفتي الديار النجدية (( ومن العجب أن بعض الناس إذا سمع من يتكلم في معنى هذه الكلمة نفياً وإثباتاً عاب ذلك، وقال لسنا مكلفين بالناس والقول فيهم، فيقال له بل أنت مكلف بمعرفة التوحيد الذي خلق الله الجن والإنس لأجله وأرسل جميع الرسل يدعون إليه، ومعرفة ضده وهو الشرك الذي لا يغفر، ولا عذر للمكلف في الجهل بذلك، ولا يجوز فيه التقليد لأنه أصل الأصول، فمن لم يعرف المعروف وينكر المنكر فهو هالك، لاسيما أعظم المعروف وهو التوحيد وأكبر المنكرات وهو الشرك )) عقيدة الموحدين رسالة (الانتصار لحزب الله الموحدين)
    قال الشيخ أبا بطين في مجموعة الرسائل و المسائل ج1 ص655 (( إنّ فعل مشركي الزمان عند القبور من دعاء أهل القبور وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات و الذبح والنذر لهم ، وقولنا إنّ هذا شرك أكبر وإنّ من فعله فهو كافر ، والذين يفعلون هذه العبادات عند القبور كفّار بلا شكّ ، وقول الجهال إنّكم تكفرون المسلمين فهذا ما عرف الاسلام ولا التوحيد ، والظاهر عدم صحّة إسلام هذا القائل فإنّ من لم ينكر هذه الأمور التي يفعلها المشركون اليوم ولا يراها شيئا فليس بمسلم ))
    و قال عبد الله بن عبدالرحمن أبا بطين في الرسائل و المسائل النجدية ج 1 ص 659 ((وأما من يقول: إن من تكلم بالشهادتين؛ ما يجوز تكفيره. فقائل هذا القول لا بد أن يتناقض، ولا يمكنه طرد قوله في مثل من أنكر البعث، أو شك فيه؛ مع إتيانه بالشهادتين، أو أنكر نبوة أحد من الأنبياء الذين سماهم الله تعالى في كتابه. أو قال: الزنا حلال، أو اللواط، أو الربا، ونحو ذلك، أو أنكر مشروعية الأذان أو الإقامة أو أنكر الوتر أو السواك، ونحو ذلك؛ فلا أظنه يتوقف في كفر هؤلاء وأمثالهم إلا أن يكابر، أو يعاند؛ فإن كابر أو عاند؛ فقال: لا يضر شيء من ذلك، ولا يكفر به من أتى بالشهادتين؛ فلا شك في كفره، ولا في كفر من شك في كفره ))
    ويقول الشيخ أبي بطين "وقد قال تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) [النساء: 48]، وقال تعالى: (...إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [المائدة: 72]، فلم يستثن سبحانه وتعالى من ذلك الجاهل، ولم يخص المعاند فمن أخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شاقّ ًالله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين" .

    ويقول أبو بطين رحمه الله أيضاً:
    "والجواب عن ذلك كله أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، وأعظم ما أُرسلوا به ودعوا إليه عبادة الله وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك الذي هو عبادة غيره فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورا لجهله، فمن هو الذي لا يعذر؟ ولازم هذه الدعوى: أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند، مع أن صاحب هذه الدعوى لا يمكنه طرد أصله، بل لا بد أن يتناقض، فإنه لا يمكنه أن يتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد، أو شك في البعث، أو غير ذلك من أصول الدين، والشاك جاهل" .
    الله عز وجل ما بعث رسولا إلا كانت بداية دعوته
    الأمر بعبادة الله وحده والكفربما يعبد من دونه،
    ولا يتم الانتقال من الكفر إلى الإسلام إلا بتحقيق هذا الأصل،
    ومعلوم أن عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه لا يتحقق بالقول فقط بل لابد من القول والعمل.
    ولا تنفع عبادة الله إلا بشرط اجتناب عبادة ما سواه.
    أول ما يقرع به الرسول أسماع قومه،
    اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)
    هذا هو معنى لا إله إلا الله،
    وهو يتضمن الإثبات: (اعْبُدُوا اللَّهَ)، والنفي: (مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) أي مالكم من معبود يستحق العبادة سواه.
    وقول النبى صلى الله عليه وسلم (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)
    هو مثل قول نوح وهود وصالح وغيرهم (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ).
    وقد كان المشركون يعرفون جيدا ما يدعوهم إليه رسل الله،
    ويُعْرَف هذا من خلال ردودهم التي حكاها الله عنهم.
    فأما قوم نوح فقالوا: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) (نوح:23) وأما قوم هود فقالوا: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا )(لأعراف: من الآية70)
    وأما قوم صالح فقالوا: (قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)(هود: من الآية62)
    وأما قوم شعيب فقالوا: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)(هود: من الآية87)
    وأما قوم نبينا عليه السلام فقالوا: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) (صّ:5)

    - وفي دعوة يوسف عليه السلام لصاحبيه في السجن بيان لحقيقة الإسلام، قال لهما: (إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف الآية من 37 - 40)
    فدعاهم إلى: أن يعبدوا الله
    ولا يشركوا به شيئا
    وأن يتبرؤوا من الأرباب المعبودة من دونه.
    هذا هو الإسلام ذالك الدين القيمكما قال تعالى -أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
    قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ )
    وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً )هذا بيان لمعنى لا إله إلا الله بأن لا يعبد إلا الله ولا يشرك به شيئا.
    - ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو أهل الكتاب للإسلام
    بعث لهم رسالة فيها قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) فهذه الآية تبين المعنى الصحيح لكلمة التوحيد.
    والكلمة السواء هي لا إله إلا الله، ولا يؤمن بها إلا من حقق هذه الثلاث:
    أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ
    وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً
    وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، فلا نتخذ أربابا من دون الله بل لابد أن نكْفر بالأرباب المعبودة من دونه.
    كانت دعوته صلى الله عليه وسلم رسالة عامة للعالمين ولم تكن مخالفة لدعوة الرسل من قبله بل كان على نهج من قبله من الأنبياء متبعاً ملة إبراهيم عليه السلام،
    فكان يدعو قومه ليوحدوا الله ولا يشركوا به شيئا
    ويتركوا ما يعبد آباؤهم من دون الله .
    ويعبر عن هذا كله قول: "لا إله إلا الله"
    . وقد عرف المشركون الاولون مالم يعرفه المشركون المتأخرون أنهم مطالبون بهذا الترك، قال الله عنهم: (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ)
    فلا خير فى رجل جهال الكفار اعلم منه بلا اله الا الله
    الدليل على ما قلنا:
    ما جاء في الصحيح من حديث سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (( لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ....)) .الحديث
    يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله،
    فيه معرفتهما لمعنى " لا إله إلا الله" لأنهما عَرَفَا أن أبا طالب لو قالها لبَرِئ من ملة عبد المطلب، فإن ملة عبد المطلب هي الشرك بالله في الإلهية، وأما الربوبية فقد أقروا بها.انتهى
    ففي هذا الحديث، دلالة واضحة أنه لا يقول لا إله إلا الله إلا من برئ من كل دين أساسه الشرك بالله،
    وقد علم كفار قريش أن الذي أراده رسول الله منهم بقول " لا إله إلا الله"
    ليس مجرد اللفظ
    بل هو القول والاعتقاد والعمل،
    وأنها البراءة التامة مما كانوا عليه من دين الآباء والأجداد،
    والذي هو عبادة ما يعبد من دون الله.

    وفي سؤال هرقل لأبى سفيان عما يدعو إليه هذا النبي أجاب أبو سفيان بما فهمه من دعوته والحديث ثابت في الصحيح: قال هرقل: (( .... قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ)).
    يقول ابن حجر رحمه الله: قوله:
    (( وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ)).
    هِيَ كَلِمَة جَامِعَة لِتَرْكِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة .
    هذا هو الإسلام الذي كان يدعوهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وفى حديث عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ في صحيح مسلم: وفيه: (( .... فَقُلْتُ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسَلَكَ قَالَ: أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَكَسْرِ الْأَوْثَانِ وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ
    قُلْتُ: لَهُ فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ)) .
    في هذا الحديث
    أن يوحد الله
    لا يشرك به شيئا
    وكسر الأوثان
    يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: فليتأمل المؤمن الناصح لنفسه ما في هذا الحديث من العبر ....
    إلى أن قال: وفيه من العبر أيضا أنه لما قال: " أرسلني الله". قال: بأي شيء أرسلك؟ قال بكذا وكذا. فتبين أن زبده الرسالة الإلهية، والدعوة النبوية، هو توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وكسر الأوثان، ومعلوم أن كسرها لا يستقيم إلا بشدة العداوة، وتجريد السيف، فتأمل زبده الرسالة.
    وفيه أيضا أنه فهم المراد من التوحيد، وفهم أنه أمر كبير غريب، ولأجل هذا قال: (( ....فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ)). فأجابه أن جميع العلماء والعباد والملوك والعامة مخالفون له ولم يتبعه على ذلك إلا من ذكر،
    فهذا أوضح دليل على أن الحق قد يكون مع أقل القليل وأن الباطل قد يملأ الأرض. انتهى .

    حديث ضمام بن ثعلبة وفيه:
    (...قال أنشدك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله بعثك إلينا رسولا؟
    قال اللهم نعم.
    قال أنشدك الله إلهك وإله من قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نعبده ولا نشرك به شيئا وأن نخلع هذه الأوثان والأنداد التي كان آباؤنا يعبدون؟
    فقال صلى الله عليه وسلم اللهم نعم ....)
    في الحديث:
    آلله أمرك أن نعبده
    ولا نشرك به شيئا
    وأن نخلع هذه الأوثان والأنداد التي كان آباؤنا يعبدون
    كل هذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تكن دعوته إلى مجرد التلفظ بكلمة التوحيد دون معرفة معناها والعمل بمقتضاها،
    ولكنها كانت دعوة إلى :
    أن يعبد الله وحده
    ولا يُشرك به شيئا
    وأن يُكفر بالآلهة والأرباب والطواغيت المعبودة من دون الله
    وهذا الأمر قد عَلِمه المشركون قديما وعَلِمه اليهود والنصارى والفرس والروم وهو معلوم بالضرورة من دين الإسلام. ولكن جهله مشركى هذا الزمان وكما قال المجدد لدين الانبياء الامام محمد ابن عبد الوهاب لا خير فى رجل جهال الكفار اعلم منه بلا اله الا الله
    وقد ذكرنا أن هذه دعوة جميع المرسلين، وأنهم على هذا اجتمعوا، وعلى هذا خالفوا المشركين، وعلى هذا كانت العداوة بين الرسل وأتباعهم وهم فريق الموحدين، وبين الملأ من الذين كفروا وأتباعهم وهم فريق المشركين.
    فمن أراد أن يكون من المسلمين فليدخل في دينهم من الباب الذي دخلوا منه، وليشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
    ولا بد أن تكون شهادته شهادة صادقة، ولن تكون كذلك إلا بمعرفة معناها والعمل بها قولا وعملا،
    فلا يعبد إلا الله ولا يعبده إلا بما شرع
    ولا يشرك به شيئا
    ويكفر ويجتنب بكل ما يعبد من دونه.
    كما قال صلى الله عليه وسلم: ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله) رواه مسلم.
    وفي صحيح مسلم عَنْ عُثْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».
    قال شيخ الاسلام والمسلمين ابن تيمية رحمه الله – : وَإِنَّمَا يَصِيرُ الرَّجُلُ
    مُسْلِمًا
    حَنِيفًا مُوَحِّدًا
    إذَا شَهِدَ : أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ .
    فَعَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ بِحَيْثُ لَا يُشْرِكُ مَعَهُ أَحَدًا فِي تَأَلُّهِهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ وَعُبُودِيَّتِه ِ وَإِنَابَتِهِ إلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ لَهُ وَدُعَائِهِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وَمُوَالَاتِهِ فِيهِ ؛ وَمُعَادَاتِهِ فِيهِ ؛ وَمَحَبَّتِهِ مَا يُحِبُّ ؛ وَبُغْضِهِ مَا يُبْغِضُ،
    وَيَفْنَى بِحَقِّ التَّوْحِيدِ عَنْ بَاطِلِ الشِّرْكِ ؛
    وَهَذَا فَنَاءٌ يُقَارِنُهُ الْبَقَاءُ
    فَيَفْنَى عَنْ تَأَلُّهِ مَا سِوَى اللَّهِ بِتَأَلُّهِ اللَّهِ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ :
    لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ
    فَيَنْفِي وَيَفْنَى مِنْ قَلْبِهِ تَأَلُّهَ مَا سِوَاهُ ؛
    وَيُثْبِتُ وَيُبْقِي فِي قَلْبِهِ تَأَلُّهَ اللَّهِ وَحْدَهُ ؛
    وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ - :
    { مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ }.انتهى مجموع القتاوى

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الخُلاصة:
    معنَى (لا إله إلا الله ) أي: لا مَعْبودَ بحقٍّ إلا اللهُ.
    لا يَتحقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشركِ.
    الغايةُ التي خُلِقنا من أجلِها: عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له.
    مَن عَبَد غيرَ اللهِ فهو مُشرِكٌ كافرٌ.
    كلُّ رسولٍ دعا قومَه إلى التوحيدِ واجتنابِ الشِّرْكِ.
    أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ، فبدأ بدَعْوةِ قومِه إلى التوحيدِ، وأرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ، وأَمَر أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ.
    التوحيدُ هو حقُّ اللهِ على العِباد.
    مَن لم يُوحِّد اللهَ فليسَ بمسلمٍ، وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ.
    نعم هذه هى الخلاصة -هذا هو ميراث الانبياء - فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ- وتحتاج كل فقرة من هذه الخلاصة الى شرح وافى وقد لا تتسع له مجلَّدات ولكن كما قيل ما لا يدرك كله لا يترك كله
    وما دمت تقرر ميراث الانبياء فهل تسمح لى اخى الموحد الحنيف محمد عبد اللطيف أن اناقشك فى هذه المبادئ العظيمة- وذكرى لك بالموحد الحنيف ليس تزكية- لان العلماء قرروا ان الاوصاف الدالة على تحقيق الاسلام ليست من باب التزكية كما هو الشأن فى باب الايمان- ثانيا هذا اللقب معروف عن صفحتك على الفيس بوك وبها بيان لأصل دعوة الرسل وميراثهم- وتعليقى على ذلك لأن البعض وقف على وصفك لى بكلمة أستاذى وظن ان ذلك تزكية- وهذه الكلمة ليس فيها تزكية لأننى مدرس لغة عربية سابقا وهى كانت مهنتى والمهنة لا تعد من باب التزكية- فنحن والحمد لله لا نريد من اى احد جزاءا ولا شكورإنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا
    والله من وراء القصد


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    حَنِيفًا مُوَحِّدًا
    هل هذه الكلمة تدل مطابقة على لا اله الا الله

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    ما معنى لا معبود بحق الا الله

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    حَنِيفًا مُوَحِّدًا

    هل هذه الكلمة تدل مطابقة على لا اله الا الله
    نعم تدل بالمطابقة على معنى لا اله الا الله
    حَنِيفًا فيها نفى الشرك لأن معنى الحنيف هو المائل عن الشرك قصدا-[تخلية]
    مُوَحِّدًا فيها اثبات انواع التوحيد الثلاثة وفيها اثبات توحيد العبادة[تحلية]
    حَنِيفًا مُوَحِّدًا تدل بالمطابقة على معنى لا اله الا الله



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    ما معنى لا معبود بحق الا الله
    قال الشيخ صالح آل الشيخ:
    لا إله إلا الله معناها لا معبود حق أو بحق إلا الله، معنى ذلك أن كل المعبودات إنما عبدت بغير الحق، قال جل وعلا: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ . ولكونه جل وعلا هو الحق كانت عبادته وحده دون ما سواه هي الحق، قال: لا إله لا إله بحق، لا معبود بحق، لكن ثم معبودات بغير الحق، ثم معبودات بالباطل، ثم معبودات بالبغي، بالظلم والعدوان، لكن المعبود بحق ينفي عن جميع الآلهة إلا الله جل وعلا، فإنه هو وحده المعبود بحق. انتهى.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    لا يَتحقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشركِ.

    ما معنى ذلك

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    لا يَتحقَّقُ التوحيدُ إلا باجتنابِ الشركِ. - ما معنى ذلك
    قال محمد الأمين الشنقيطي (( قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه بعث في كل أمة رسولاً بعبادة الله وحده ، واجتناب عبادة ما سواه . وهذا هو معنى « لا إله الا الله » ، لأنها مركبة من نفي وإثبات ، فنفيها هو خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، وإثباتها هو إفراده جل وعلا بجميع أنواع العبادات بإخلاص ، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم صلوات الله وسلامه ... . ولا تنفع عبادة الله إلا بشرط اجتناب عبادة ما سواه . كما بينه تعالى بقوله : { فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى } [ البقرة : 256 ] ، وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [ يوسف : 106 ] ، إلى غير ذلك من الآيات )) أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الغايةُ التي خُلِقنا من أجلِها: عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له.

    هل من مزيد بيان

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    الغايةُ التي خُلِقنا من أجلِها: عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له.


    هل من مزيد بيان
    نعم
    قال ابن عثيمين رحمه الله
    إن الله سبحانه وتعالى خلق الجن والإنس لحكمة عظيمة وغاية حميدة، وهي عبادته تبارك وتعالى كما قال سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون}، وقال تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن لله تعالى حكمة بالغة من خلق الجن والإنس وهي عبادته

    قال الشيخ صالح آل الشيخ
    الله جل جلاله خلق الخلق لغاية، لم يخلقهم لغير غاية، لم يخلقهم سدا ولا عبثا سبحانه وتعالى عما يصفون، بل إنما خلق الخلق لغاية، قال جل وعلا ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾[الملك:2]، وقال جل وعلا﴿أفحسبتم أنمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾[المؤمنون:115] ، يعني لغير غاية ولغير حكمة ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ﴾[المؤمنون:115]، وأنه لن يكون بعث بعد خلقكم، وأنه لن يكون إرجاع لكم إلى من خلقكم، هذا فيه قدح، هذا الظن فيه قدح في حكمة الله جل وعلا، لذلك قال جل وعلا بعدها ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ﴾ تعالى عما يصفه به المبطلون، تعالى عما يظنه عليه الجاهلون القادحون في حكمته

    فإذن الخلق مخلوقون لغاية، ما هذه الغاية؟

    هي ما بينها في قوله جل وعلا ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ(57)إِ نَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾[الذاريات:56-58] ، الله جل وعلا ما خلق الجن والإنس إلا لغاية واحدة وهي الابتلاء؛ ﴿ليبلوكم أيكمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾( )

    الاختبار اختبار في أي شيء ؟

    في عبادته هل يعبد وحده لا شريك له أم يتخذ المخلوق هذا آلهةً أخرى مع الله جل وعلا؟ وهذه مسألة ولا شك عظيمة.

    الإنسان خُلق لهذه الغاية، لكن يحتاج إلى من يُبَصِّره بهذه الغاية، ويعلّمه القصد من خلقه، ويعلمه كيف يصل إلى عبادة ربه على الوجه الذي يرضى به اللهُ جل وعلا عنه، فبعث الله جل وعلا رسلا مبشرين ومنذرين يدلون الخلق إلى وعلى خالقهم، يعرفونهم بمن يستحق العبادة وحده، ويعرفونهم بالطريق التي أذن من خلقهم أن يعبدوه بها؛ قال جل وعلا لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾[سبإ:28]، وقال جل وعلا ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا﴾[المزمل:15]، وكل أمة قد خلا فيها نذير، كما قال جل وعلا ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾[فاطر:24]، نذير ينذرهم ويبشرهم؛ يبَشِّر من أطاع وينذر من النار، ويخوف من النار ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾[النحل:36]، فثبت بهذه النصوص أن الله جل وعلا لم يترك الخلق وشأنهم بعد أن خلقهم، بل بعث لهم رسلا يعلمونهم ويهدونهم ويبصّرونهم الطريق التي يرضى الله جل وعلا بها أن يعبدوه بها دون ما سواها من الطرق الموصلة، وتلكم الطريق طريق واحدة، ليست بطرق متعددة كما قال جل وعلا﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] فهو صراط واحد، وهناك صُرط أخرى، هي صُرط أهل الضلال والجهل والغِواية، والهوى أما الطريق الموصلة إلى الله جل وعلا فهو طريق المرسلين الذي جاءوا به من عند الله جل وعلا؛ وهو دين الإسلام العام، كما قال جل وعلا ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾[آل عمران:19] ، الاستسلام لله جل وعلا بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله

    الرسل بينوا للناس هذه الغاية، ودلُّوهم على عبادة الله جل وعلا وحده دون ما سواه، فقامت العداوةُ بين الرسل وبين أقوامهم في هذا الأصل؛ حيث إن الخلق يريدون أن يعبدوا الله جل وعلا بالطريقة التي يحبون لا بالطريقة التي يحبها الله جل وعلا، ولهذا قال بعض أئمة السلف «ليس الشأن أن تُحِب ولكن الشأن أن تُحَب»؛ ليس الشأن أن تحب الله، فإن محبة الله جل وعلا يدعيها المشركون، يدعيها الضالون، كل قوم بُعث فيهم الرسل يدعون أنهم يريدون وجه الله، يريدون ما عند الله يحبونه, ربما يتصدقون ويُصَلُّون ويدعون ويَصِلُون ويتقربون، وما فِعل أهل الجاهلية؛ جاهلية العرب مِنَّا ببعيد، لكن ليس الشأن أن يُحب المحبُّ ربَّه، ولكن الشأن أن يُحب العبدَ ربُّه؛ الشأن أن يحب الله جل وعلا العبد متى يكون ذلك؟ لابد أن يبحث العبد عن سبيل محبة الله جل وعلا له، هذا السبيلُ بيَّنه الله جل وعلا في قوله ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ زعمًا ﴿ فَاتَّبِعُونِي طاعةً ﴿يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ﴾[آل عمران:31]

    فإذن سبيل محبة الله للعبد هي طاعة الرسل، واتباع الرسل وخاتم المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ببعثته وبرسالته نُسخت جميع الرِّسالات ونسخت جميع الكتب من قبله عليه الصلاة والسلام، فبقي للناس طريق واحد يصلون به إلى ربهم جل وعلا؛ ألا وهو طريق محمد عليه الصلاة والسلام، إذ هو الواسطة العملية للاتباع؛ لاتباعه للوصول إلى الله جل وعلا، فمن اتبع واهتدى بغير هدي النبي عليه الصلاة والسلام، هذا النبي الخاتم، فهو من الضالين الذين تنكبوا سبيل الحق.

    هذا الأصل الأول، وهذه المسألة الأولى عظيمة جدا؛ لأنها إذا استقرت في قلب العبد قادته إلى كل خير، يعلم أنه ما خلق إلا لغاية. ما هذه الغاية؟ هي عبادة الله وحده دون ما سواه. كيف أعرف طرق هذه العبادة؟ باتباع النبي عليه الصلاة والسلام. فتلخص الدين في هذه المسألة العظيمة، وما أحسن قول شمس الدين بن القيم في نونيته بعد أبيات قال:
    فلواحد كن واحدا في واحد () أعني سبيل الحق والإيمان (لواحد) لله جل وعلا وحده دون ما سواه (كن واحدا) في قصدك وإرادتك وتوجهك وطلبك (في واحد) في طريق واحد، قال بعدها (أعني سبيل الحق والإيمان) الذي هو سبيل النبي عليه الصلاة والسلام.
    وقال فى كفاية المستزيد
    قوله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا) هذا فيه حصر، ومعلوم أن (مَا) النافية مع (إِلاَّ) تفيد الحصر والقصر, معنى الكلام: خَلقتُ الجن والإنس لغاية واحدة هي العبادة دون ما سواها، ففيه قصر علّة الخلق على العبادة.
    وقوله (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، (إِلَّا) هذه تسمّى أداة استثناء مُفرَّغ, مفرّغ من أعم الأحوال -كما يقول النحّاة-، يعني وما خلقت الجن والإنس لشيء أو لغاية من الغايات أبدا إلاّ لغاية واحدة، وهي أن يعبدونِ.
    وقوله (لِيَعْبُدُونِ) اللام هذه تسمّى لام التعليل؛ ولام التعليل هذه قد يكون المعنى تعليل غاية، أو تعليل علّة؛ تعليل غاية يكون ما بعدها مطلوبا؛ لكن قد يكون و قد لا يكون، يعني هذه الغاية، ويسميها بعض العلماء لام الحكمة، وفرق بين العلة والحكمة، يعني ما الحكمة من خلق الجن والإنس؟ أن يعبدوا الله وحده دون ما سواه، هذا التعليل بقوله (لِيَعْبُدُونِ) قلنا تعليل غاية؛ مثلا قلتُ لكَ: لِما أحضرتَ الكتاب؟ قلتَ: أحضرتُه لأقرأ, فيكون علة الإحضار، أو الحكمة من الإحضار القراءة، قد تقرأ، وقد لا تقرأ، بخلاف اللام التي يكون معناها العلة التي يترتب عليها معلولُها، والتي يقول العلماء في نحوها: الحكم دائر مع علته وجودا وعدما. تلك علة القياس، التي لا يتخلّف فيها المعلول عن العلة.
    فهنا اللام هذه لام علة الغاية؛ لأن من الخلق من وُجد وخلقه الله جل وعلا، لكن عبَدَ غيره، ولام الحكمة شرعية؛ ما بعدها يكون مطلوبا شرعا، قال جلّ وعلا هنا (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) نفهم من هذا أنّ هذه الآية دالة على التوحيد، من جهة أنّ الغاية من الخلق هو التوحيد


  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    كلُّ رسولٍ دعا قومَه إلى التوحيدِ واجتنابِ الشِّرْكِ.
    أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ، فبدأ بدَعْوةِ قومِه إلى التوحيدِ، وأرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ، وأَمَر أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ.

    نعم

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    التوحيدُ هو حقُّ اللهِ على العِباد
    نعم

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    كلُّ رسولٍ دعا قومَه إلى التوحيدِ واجتنابِ الشِّرْكِ.
    أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ، فبدأ بدَعْوةِ قومِه إلى التوحيدِ، وأرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ، وأَمَر أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ.

    التَّوحيدَ أوّلُ دَعوةِ الرُّسلِ، وَأوّلُ مَنازلِ الطَّريقِ، وَأوّلُ مَقامٍ يقومُ فيهِ السَّالكُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ... قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)
    فجميع ا
    لرسل كان أول وأهم ما دعوا إليه هو التوحيد، توحيد الله بالعبادة وتقواه وطاعته وطاعة رسله. وكما ذكر الله عنهم ذلك على سبيل التعميم، فقد ذكر ذلك عن بعضهم على التفصيل:
    فنوح، عليه السلام، قال لقومه:
    يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 59].
    وكذلك هود، عليه السلام، قال لقومه: يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 65].
    وصالح، عليه السلام، قال لقومه: يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 73].
    وإبراهيم، عليه السلام، قال لقومه: اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ [العنكبوت: 16].
    فالدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك، وصحة العقيدة وسلامتها هما الأصل الأول في دعوة المرسلين، من لدن نوح إلى محمد، عليهم السلام، وهذا هو الغاية الأولى التي بها تصلح كل شئون الدنيا والدين، فإذا صحت العقيدة أذعن الناس لله وحده وأطاعوا رسله واستقاموا على شرعه على هدى وبصيرة، ومن ثم يصلح كل شيء من أمورهم الدينية والدنيوية.
    وهذا لا يعني أن الرسل لم يهتموا بإصلاح المفاسد الأخرى، ولا أنهم لم يدعوا إلى الفضائل الأخرى، بل جاءوا بشرائع ومناهج تسير عليها الأمم وتصلح شئون حياتها الدنيا، وأمروا بالمعروف والإصلاح والعدل، ونهوا عن المنكر والفساد والظلم، وأمروا بكل خير وفضيلة، ونهوا عن كل شر ورذيلة تفصيلاً وإجمالاً.
    لكن أعظم الفضائل توحيد الله – تعالى – وتقواه، وأعظم المفاسد الشرك بالله، وهو الظلم العظيم. فكان ذلك أعظم أول ما أرسل الله به الرسل.
    وهكذا كل دعوة لا تقوم على هذا الأساس – في أي زمان وأي مكان – فإنها دعوة قاصرة وناقصة، ويخشى أن يكون نصيبها إما الفشل، وإما الانحراف عن الصراط المستقيم، أو هما معاً، لأن هذا أصل عظيم من أصول الدين متى غفلت عنه الأمم وقعت في كارثة الشرك والابتداع

    أصْلُ دعوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلى التوحيدِ
    نعم اصل دعوة الرسل التوحيد فتوحيد الله هو الأساس، وهو الأصل، وبقية أمور الدين تابعة لذلك
    التوحيد هو أصل الدين وأساس الملة، وهو أعظم واجب وأهم واجب
    فبدأ بدَعْوةِ قومِه إلى التوحيدِ،
    كل رسول أول ما يقرع به أسماع قومه
    { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}


    وأرسَلَ إلى الملوكِ يَدْعُوهم إلى التوحيدِ
    أرسل كتب إلى ملوك الأرض قاطبة يدعوهم إلى توحيد الله وإخلاص الدين له
    وأَمَر أصحابَه أن تكونَ أوَّلُ دعوتِهم إلى التوحيدِ.
    عن ابن عباس –رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: "إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله"
    وفي رواية: "إلى أن يوحدوا الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" متفقٌ عَلَيهِ.

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    التوحيدُ هو حقُّ اللهِ على العِباد
    حق الله على أهل السماوات وأهل الأرض أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً،
    عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت ردف النبي- صلى الله عليه وسلم- على حمار فقال: «يَا مُعَاذُ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ، وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ؟» قال: قلت: اللهُ ورسولُهُ أعلمُ، قال: «فَإنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ عَزّ وَجَلّ أَنْ لا يُعَذِّبَ مَنْ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً» قال: قلتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلا أبشرُ النَّاسَ؟ قال: «لا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوْا» . متفق عليه

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    مَن لم يُوحِّد اللهَ فليسَ بمسلمٍ، وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ.

    نعم

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    مَن لم يُوحِّد اللهَ فليسَ بمسلمٍ، وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ.
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
    ((ولهذا كان كل من لم يعبد الله وحده فلابد أن يكون عابدا لغيره يعبد غيره فيكون مشركاً، وليس في بني آدم قسم ثالث. بل إما موحد، أو مشرك، أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل: النصارى ومن أشبههم من الضلال، المنتسبين إلى الإسلام)) ..
    مجموع الفتاوى [ج ١٤ ص ٢٨٢]

    وقال أيضاً:
    (( فكل من لم يعبد الله مخلصاً له الدين، فلا بد أن يكون مشركاً عابداً لغير الله ..
    وقال شيخ الاسلام ـ رحمه الله ـ : (فإن الله سماهم قبل الرسالة ظالمين وطاغين ومفسدين وهذه أسماء ذم الأفعال والذم إنما يكون في الأفعال السيئة القبيحة فدل ذلك على أن الأفعال تكون قبيحة مذمومة قبل مجيء الرسول إليهم لا يستحقون العذاب إلا بعد إتيان الرسول إليهم لقوله (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) . " الفتاوى 20/38،37" .

    وقال أيضاً : (اسم الشرك يثبت قبل الرسالة لأنه يشرك بربه ويعدل به ) الفتاوى " 20/38



    قال ابن القيم (رحمه الله)

    ((إذا لم يقم الإيمان بالقلب حصل ضده وهو الكفر وهذا كالعلم والجهل إذا فقد العلم حصل الجهل وكذلك كل نقيضين زال أحدهما خلفه الآخر)) زاد المعاد في هدي خير العباد ص 185
    وقال بن القيم رحمه الله -
    فالكفر والإيمان متقابلان إذا زال أحدهما، خلفه الآخر )) كتاب الصلاة وحكم تاركها ص53


    • قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله : (( فإن من فعل الشرك فقد ترك التوحيد، فإنهما ضدان لا يجتمعان، فمتى وجد الشرك انتفى التوحيد)) ..
    [الدرر(٢/٢٠٤) و مجموعة التوحيد: ١/ ٤٨]
    وقال ايضا...
    فلا يكون موحدا، إلا بنفي الشرك، والبراءة منه، وتكفير من فعله)
    ) الدرر السنية
    قال الشيخ ابن باز رحمه الله
    فالشرك بالله عز وجل، هو ضد التوحيد الذي بعث الله به الرسل عليهم الصلاة والسلام، فالمشرك مشرك؛ لأنه أشرك مع الله غيره، فيما يتعلق بالعبادة لله وحده، أو فيما يتعلق بملكه وتدبيره العباد، أو بعدم تصديقه فيما أخبر أو فيما شرع، فصار بذلك مشركاً بالله
    وإنْ زَعَم أنه مُسْلِمٌ.
    حتى وإن زعم المجادلين عن اهل الشرك انه مسلم

    قال الشيخ عبد الله بن عبدالرحمن أبا بطين ((وأما من يقول: إن من تكلم بالشهادتين؛ ما يجوز تكفيره. فقائل هذا القول لا بد أن يتناقض، ولا يمكنه طرد قوله في مثل من أنكر البعث، أو شك فيه؛ مع إتيانه بالشهادتين، أو أنكر نبوة أحد من الأنبياء الذين سماهم الله تعالى في كتابه. أو قال: الزنا حلال، أو اللواط، أو الربا، ونحو ذلك، أو أنكر مشروعية الأذان أو الإقامة أو أنكر الوتر أو السواك، ونحو ذلك؛ فلا أظنه يتوقف في كفر هؤلاء وأمثالهم إلا أن يكابر، أو يعاند؛ فإن كابر أو عاند؛ فقال: لا يضر شيء من ذلك، ولا يكفر به من أتى بالشهادتين؛ فلا شك في كفره، ولا في كفر من شك في كفره )) الرسائل و المسائل النجدية ج 1 ص 659
    قال الشيخ الامام محمد ابن عبد الوهاب : ((...انظروا في كتاب الله من أوله إلى آخره والمرجع في ذلك بما قاله المفسرون والأئمة ، فإن جادل مُنافق، بكون الآية نزلت في الكفار، فقولوا له: هل قال أحد من أهل العلم، أولهم وآخرهم: إن هذه الآيات لا تعم من عمل بها من المسلمين؟ من قال هذا قبلك؟! وأيضًا فقولوا له هذا رد على إجماع الأمة فإن استدلالهم بالآيات النازلة في الكفار على من عمل بها ممن انتسب إلى الإسلام أكثر من أن تُذكر ، وهذا أيضا كلام رسول الله فيمن فعل مثل هذه الأفاعيل ، مثل الخوارج العباد الزهاد الذين يحقر الإنسان فعل الصحابة عندهم ، وهم بالإجماع لم يفعلوا ما فعلوه إلا باجتهاد وتقرب إلى الله ، وهذه سيرة أصحاب رسول الله فيمن خالف الدين ممن له عبادة واجتهاد مثل تحريق علي من اعتقد فيه الألوهية بالنار وأجمع الصحابة على قتلهم ، وهؤلاء الفقهاء من أولهم إلى آخرهم عقدوا باب حكم المرتد للمسلم إذا فعل كذا وكذا ، وفي متن الإقناع أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم أنه كافر بإجماع الأمة)) الدرر(10/58)
    قال الشيخ أبا بطين رحمه الله تعالى : (( وأما قول من يقول أن الآيات التي نزلت بحكم المشركين الأولين فلا تتناول من فعل فعلهم ، فهذا كفر عظيم ، مع أن هذا قول ما يقوله إلا ثور مرتكس في الجهل فهل يقول أن الحدود المذكورة في القرآن والسنة لأناس كانوا وانقرضوا ؟ فلا يحد الزاني اليوم ، ولا تقطع يد السارق ، ونحو ذلك ، مع أن هذا قول يستحي من ذكره ، أفيقول هذا أن المخاطبين بالصلاة والزكاة وسائر شرائع الإسلام انقرضوا وبطل حكم القرآن )) الدرر 10/418
    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله (( إنّ من منع تنزيل القرآن وما دل عليه من الأحكام على الأشخاص والحوادث التي تدخل في العموم اللفظي فهو من أضل الخلق وأجهلهم بما عليه أهل الإسلام وعلماؤهم قرنًا بعد قرن وجيلاً بعد جيل ، ومن أعظم الناس تعطيلاً للقرآن وهجرًا له وعدلاً عن الاستدلال به في موارد النزاع ، فنصوص القرآن وأحكامه عامة وخاصة بخصوص السبب ، وما المانع من تكفير من فعل ما فعلت اليهود من الصدّ عن سبيل الله والكفر به مع معرفته ))مصباح الظلام ص 140
    قال الشيخ سليمان بن سحمان (( فمن فعل كما فعل المشركون من الشّرك بالله، بصرف خالص حقّه لغير الله من الأنبياء والأولياء والصّالحين ، ودعاهم مع الله، واستغاث بهم كما يستغيث بالله ، وطلب منهم ما لا يطلب إلا من الله ، فما المانع من تنزيل الآيات على من فعل كما فعل المشركون ، وتكفيره ، وقد ذكر أهل العلم أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السّبب، ولكن إذا عميت قلوبهم عن معرفة الحقّ، وتنزيل ما أنزله الله في حقّ المشركين على من صنع صنيعهم و احتذا حذوهم فلا حيلة فيه ))كشف غياهب الظلام عن أوهاب جلاء الأوهام ص 195

    قال الشيخ محمد بن ابراهيم
    ((فيتضح من هذا جلياً أنه لا فرق بين مُشرك مُنتسب ومشرك غير منتسب .ولا يكابر في هذا إلا جاهل دعي يصُد عن سبيل الله تعالى ))
    فتاويه 12/1991
    جاء في الدرر 288 / 1 ومن تلبيس إبليس، ومكيدته لكل جاهل خسيس أن يظن أن ما ذم الله به اليهود والنصارى والمشركين، لا يتناول من شابههم من هذه الأمة، ويقول إذا استدل عليه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية هذه الآيات نزلت في المشركين، نزلت في اليهود، نزلت في النصارى ; ولسنا منهم. وهذا من أعظم مكائده، وتلبيسه، فإنه فتن بهذه الشبهة كثيرا من الأغبياء والجاهلين، وقد قال بعض السلف - لمن قال له ذلك -: مضى القوم وما يعني به غيركم. وقال بعض العلماء: إن مما يحول بين المرء وفهم القرآن أن يظن أن ما ذم الله به اليهود والنصارى والمشركين، لا يتناول غيرهم، وإنما هو في قوم كانوا فبانوا. وقد قال الإمام الحافظ سفيان بن عيينة - وهو من أتباع التابعين -:من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عُبّادنا، ففيه شبه من النصارى. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما، من حديث أبي سعيد الخدري، أنه قال: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: " فمن؟ " وهذا لفظ البخاري. والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة. وقد قال ابن عباس، رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالا وَأَوْلادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ ْ} الآية قال: "ما أشبه الليلة بالبارحة! كالذين من قبلكم هؤلاء بنو إسرائيل، شبهنا بهم، لا أعلم إلا أنه صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده، لتتبعنهم، حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه ". فكيف يظُـن من له أدنـى تمسك بالعلم، بعد هذه الأدلة الواضحة، والبراهين القاطعة، أن هذه الأمة لا تشابه اليهود والنصارى، ولا تفعل فعلهم، ولا يتناولهم ما توعد الله به اليهود والنصارى إذا فعلوا مثل فعلهم؟

    قال محمد بن أحمد الحفظي أحد علماء نجد رحمهم الله
    ((إذا قيل: هذه الآيات أنزلت في المشركين عباد الأصنام المحاربين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فلا تكون في غيرهم ولا تشتمل على سواهم.
    فالجواب:
    إن الجامع بين المشركين من الأولين و الآخرين موجود هو الشرك،
    فالحكم في ذلك واحد،
    لا فرق فيه لعدم الفارق و وجود الجامع،
    وفى الحديث: "حكمي على الواحد كحكمي على الجماعة" وفى أصول الفقه: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
    ويلزم من هذا الاعتراض أن يقال : كل حكم نزل على سبب مخصص في قضية سالفة فهو لا يتعداها الى غيرها. وهذا باطل وتعطيل لجريان الاحكام الشرعية على جميع البرية. فان آيات الحدود والجنايات والمواريث والديات نزلت في قضايا قد مضت ومضى أهلها الذين نزلت فيهم وحكمها عام الى يوم القيامة، لأن العام لا يقصر على السبب وخطابات الشرع تتعلق بالمكلف المعدوم تعلقاً معنوياً، وقد قال ابن عباس رضى الله عنهما في مثل ذلك فيما نزل على بنى اسرائيل وأنه علينا مثلهم، فقال : "ما أشبه الليلة من البارحة"))الدرجة السابعة من درجات الصاعدين الى مقامات الموحدين
    قال الشيخ محمد بن ابراهيم جواباً على هذا السؤال
    (( س: يقول بعضهم إن كان مراده كذا فهو كافر؟ قال: مراد هؤلاء أنه لا يكفر إلا المعاند فقط وهذا من أعظم الغلط فإن أقسام المرتدين معروفة؛منهم من ردته عناد وبعضهم لا وفي القرآن يقول الله عز وجل (ويحسبون أنهم مهتدون) (الأعراف 30) وحسبانهم أنهم على شيء لا ينفعهم وهذه شبهة كالشبهة الأخرى وهي عدم تكفير المنتسب إلى الإسلام وتلك الشبهة عدم تكفير المعين وصريح الكتاب والسنة يرد هذا وهذا)) فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم

    قال الشيخ عبد اللطيف (( ومن الأسباب المانعة عن فهم كتاب الله أنهم ظنوا أن ما حكى الله عن المشركين وما حكم عليهم ووصفهم به خاص بقوم مضوا وأناس سلفوا وانقرضوا لم يعقبوا وارثًا وربما سمع بعضهم قول من يقول من المفسرين هذه الآيات نزلت في عباد الأصنام وهذه نزلت في النصارى ، فيظن الغر أن ذلك مختص بهم ، وأن الحكم لا يتعداهم ، وهذا من أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن والسنة ))الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج 12 ص 205 و

    قال الامام بن القيم رحمه الله تعالى
    ((فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيا مترتبا ، متنقلا من الأعلى إلى ما دونه ، فنفى الملك ، والشركة ، والمظاهرة ، والشفاعة ، التي يظنها المشرك ، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك ، وهي الشفاعة بإذنه فكفى بهذه الآية نورا ، وبرهانا ونجاة ، وتجريدا للتوحيد ، وقطعا لأصول الشرك وموداه لمن عقلها ، والقرآن مملوء من أمثالها ونظائرها ،
    ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته ،
    وتضمنه له
    ،
    ويظنونه في نوع وفي قوم قد
    خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثا ،
    وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن
    ولعمر الله إن كان أولئك قد خلوا
    ،
    فقد ورثهم من هو مثلهم ،
    أو شر منهم ،
    أو
    دونهم ،
    وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك ،
    ولكن الأمر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
    إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة ، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ))مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ج1 ص 351

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: سلسة ميراث الانبياء- دروس فى تَعَلُّم مبادئ الاسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال الامام بن القيم رحمه الله تعالى

    ولكن أكثر الناس لا يشعرون بدخول الواقع تحته ،
    وتضمنه له
    ،
    ويظنونه في نوع وفي قوم قد
    خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثا ،
    وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن
    ولعمر الله إن كان أولئك قد خلوا
    ،
    فقد ورثهم من هو مثلهم ،
    أو شر منهم ،
    أو
    دونهم ،
    وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك ،
    ولكن الأمر كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
    إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة ، إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية ))مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ج1 ص 351
    هل ورثهم من هو مثلهم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •