تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سلسلة مقارنة ودراسة (9): حديث مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ فِي الْجَنَّةِ كَمَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2019
    المشاركات
    94

    افتراضي سلسلة مقارنة ودراسة (9): حديث مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ فِي الْجَنَّةِ كَمَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً

    بسم الله الرحمن الرحيم


    1- قال أبو بكر: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ كَعْبٍ قَالَ: مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيِ الْجَنَّةِ أَرْبَعُونَ خَرِيفًا لِلرَّاكِبِ الْمُجِدِّ وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظُ الزِّحَامِ. ه
    مصنف ابن ابي شيبة 34039


    2- قال مسلم: حَدَّثَنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا وَوَاللهِ لَتُمْلَأَنَّ أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي سَابِعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الشَّجَرِ حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا فَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ فَاتَّزَرْتُ بِنِصْفِهَا وَاتَّزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا فَمَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَصْبَحَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ وَإِنِّي أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ فِي نَفْسِي عَظِيمًا وَعِنْدَ اللهِ صَغِيرًا وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّةٌ قَطُّ إِلَّا تَنَاسَخَتْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَاقِبَتِهَا مُلْكًا فَسَتَخْبُرُونَ وَتُجَرِّبُونَ الْأُمَرَاءَ بَعْدَنَا. ه

    رواه مسلم (4/ 2278) وأحمد (17575) ومعمر بن راشد (20891) وابن المبارك في الزهد (1/188) وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (946) والنسائي في الكبرى (11790) وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (301) وهناد بن السري في الزهد (2/396) وأبو يعلى في المفاريد (114) والطبري في التاريخ (3/591) وابن حبان (7077) وابن أبي الدنيا في الزهد (189) والطبراني في الكبير (17/113) والأوسط (2613) وأبو نعيم في الحلية (1/171) ومعرفة الصحابة (4/2127) والخطيب في تاريخ بغداد (1/496) وابن عدي في الكامل (2/317) والبيهقي في البعث والنشور (485) وشعب الايمان (9844) والبغوي في شرح السنة (14/281) وقوام السنة في الترغيب والترهيب (1/554) وسير السلف (ص578) وابن عبد البر في الاستيعاب (3/1028) وابن الجوزي في المنتظم (4/244)

    ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (34038) وابن أبي الدنيا في صفة الجنة (218) والحربي في غريب الحديث (3/1209) مختصراً

    قلت: هو من كلام عتبة بن غزوان موقوفاً عليه.


    مقارنة ودراسة:


    1- قال الامام أحمد: حَدَّثَنَا حَسَنٌ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنَا دَرَّاجٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ فِي الْجَنَّةِ كَمَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً. ه
    رواه أحمد (11239) وعبد بن حميد (926) وأبو يعلى (1275) وأبو نعيم في صفة الجنة (2/24) والبيهقي في البعث والنشور (802)

    ورواه أبو نعيم في صفة الجنة (2/25) من طريق عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم. لكن في الاسناد إليه أبو أيوب سليمان الشاذكوني وهو متهم بالكذب. (ميزان الاعتدال 2/205)

    قلت: دراج ضعيف وروايته عن أبي الهيثم منكرة. (تهذيب الكمال 8/478 وتحرير التقريب 1824)
    وابن لهيعة ضعيف. قال الذهبي: العمل على تضعيف حديثه. (الكاشف 2934)


    2- قال الطبراني: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَتْوِيَّةَ الْأَصْبَهَانِي ُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زُرَيْكُ بْنُ أَبِي زُرَيْكٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَيْنَ مِصْراعَيِ الْجَنَّةِ مِقْدَارُ أَرْبَعِينَ عَامًا وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ يُزَاحَمَ عَلَيْهِ كَازْدِحَامِ الْإِبِلِ وَرَدَتْ لِخَمْسٍ ظَمْآ. ه
    رواه الطبراني في المعجم الكبير (13/160) ومن طريقه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (9/456)

    قلت: هذا اسناد فرد غريب !
    وهو معلُّ بالانقطاع.
    فعبد الله بن سلام توفي عام 43ه ومعاوية بن قرة توفي عام 113ه وهو ابن ست وسبعين سنة يعني ولد عام 37ه تقريباً ومعاوية بن قرة تابعي بصري وعبد الله بن سلام مدني فمتى سمع منه !
    وقد نص أهل العلم أن معاوية بن قرة لم يسمع من علي بن أبي طالب ولا أبي هريرة ولا حتى من عبد الله بن عمرو وقال أبو زرعة: معاويةُ بنُ قُرَّة لَمْ يَلْحَقِ ابنَ عُمَرَ. (العلل 1/552)
    فمن باب أولى لم يسمع من عبد الله بن سلام والله أعلم.
    (انظر المراسيل لابن أبي حاتم ص201 – والعلل له 6/409 ونصب الراية للزيلعي 2/113 والتلخيص الحبير 2/53 ط.العلمية وسير أعلام النبلاء ط. الرسالة 5/155)

    على أني لم أجد أحدا ترجم لمعاوية ذكر له رواية عن عبد الله بن سلام فالله أعلم.
    فالحاصل أن هذا الاسناد منقطع لا يصح وهو فرد غريب من أوله إلى منتهاه والله أعلم.


    3- قال الامام أحمد: حَدَّثَنَا حَسَنٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ فِيمَا سَمِعْتُهُ قَالَ: وَسَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ آخِرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ وَمَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَإِنَّهُ لَكَظِيظٌ. ه
    رواه أحمد (20025) وعبد بن حميد (411) ومسند الروياني (937)

    قلت: هذا اسناد رجاله ثقات إلا سعيد الجريري فإنه ثقة لكنه اختلط وحماد بن سلمة ممن سمع منه قبل الاختلاط إلا أنه اختلف عليه في روايته للحديث. والجريري نفسه قد خولف في هذا الحديث:

    فقد رواه معمر بن راشد (الترمذي 3001) وعبد الله بن شوذب (ابن ماجه 4287) وإسماعيل بن علية (ابن ماجه 4287) ويزيد بن هارون (أحمد 20029) ويحيى بن سعيد القطان (أحمد 20049) وأبو أسامة (الطبراني 19/422) والنضر بن شميل (الدارمي 2802 والطبراني 19/422) وعبد الله بن المبارك (الزهد والرقائق له 2/114) وهوذة بن خليفة (الروياني 921) ويزيد بن زريع (الروياني 924) وحماد بن زيد (حديث أبي الفضل الزهري 614) كلهم رووه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن رسول الله وذكروا قوله (إِنَّكُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا أو آخِرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ)
    فلم يذكروا زيادة الأربعين عاماً.

    فكل هؤلاء وعدتهم أحد عشر راوياً من الثقات الأثبات رووا الحديث من طريق بهز بن حكيم وليس فيه زيادة (بَيْنَ مِصْراعَيِ الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ عَامًا...)

    وكذلك رواه أبو قزعة الباهلي عند أحمد (20011) والنسائي في الكبرى (11367) عن حكيم بن معاوية عن أبيه فذكر الحديث مطولاً بتمامه وليس فيه هذه الزيادة كذلك.

    أما سعيد بن إياس الجريري فقد ذكرها واختلفوا عليه فيها:

    فرواه يزيد بن هارون عند الحاكم (6988) عن الجريري بلفظ (أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَفْضَلُهُمْ)
    ولم يذكر الزيادة.

    ورواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1475) وموسى بن إسحاق وعبدان بن أحمد عند أبي نعيم في الحلية (6/204 -205) ثلاثتهم عن وهب بْنُ بَقِيَّةَ المعروف بوَهْبَانُ عن خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ بلفظ (مَا بَيْنَ كُلِّ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ سَبْعِينَ سَنَةً وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَحْرَ الْمَاءِ وَبَحْرَ الْخَمْرِ وَبَحْرَ اللَّبَنِ وَبَحْرَ الْعَسَلِ ثُمَّ تُشَقَّقُ مِنْهُ بَعْدُ الْأَنْهَارُ)
    فزادوها سبعين عاماً وزادوا أنهار الجنة !

    ورواه أبو يعلى عن وهب بن بقية عن خالد عند ابن حبان (7388) وإسحاق بن شاهين عن خالد في البعث لابن أبي داود (61) ومسند الروياني (929) ووصف الجنة لأبي نعيم (2/25) بلفظ (مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ سَبْعِ سِنِينَ)
    فجعلاها سبعاً ولم يذكرا أنهار الجنة.

    وكذا تابعهما على هذا اللفظ علي بن عاصم عن الجريري عند ابن أبي الدنيا في صفة الجنة (227) والبيهقي في البعث والنشور (239) وابن عدي في الكامل (2/253)

    وفي رواية البيهقي وابن عدي: قال: وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ يَقُولُ فِي الْجَنَّةِ بَحْرُ الْمَاءِ وَبَحْرُ اللَّبَنِ وَبَحْرُ الْعَسَلِ وَبَحْرُ الْخَمْرِ ثُمَّ تَنْشَقُّ الأَنْهَارُ مِنْهَا بَعْدُ.
    قَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ فَحَدَّثْتُ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بَهْزَ بْنَ حَكِيمٍ فَقَالَ لم أسمعهما. ه

    ورواه حماد بن سلمة عن الجريري واختلفوا عليه:
    فرواه عفان بن مسلم (أحمد 20015) وحجاج بن المنهال (الطبراني 19/424) كلاهما عن حماد بن سلمة عن الجريري بنحو رواية يزيد بن هارون عنه من غير ذكر للزيادة أيضاً.

    ورواه حسن بن موسى عند أحمد (20025) وعبد بن حميد (411) ومسند الروياني (937) عن حماد بن سلمة عن الجريري وهو وحده الذي زاد في الحديث (وَمَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ عَامًا وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَإِنَّهُ لَكَظِيظٌ)

    فهذا الحديث من رواية الجريري مضطرب لا يثبت.

    وقد رواه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده, وتابعه أبو قزاعة الباهلي ولم يذكرا الزيادة محل البحث.

    وقد عُرِضت هذه الزيادة في الحديث على بهز بن حكيم فقال لم أسمعها. واختلف على الجريري في روايتها فهي زيادة غير محفوظة واسنادها مضطرب والله أعلم.

    وهذا ما ذهب إليه الامام ابن القيم في بحثه لهذا الحديث أنقله بتمامه للفائدة.
    قال في حادي الأرواح (ص58):
    الباب العاشر: في ذكر سعة أبوابها
    عن أبي هريرة قال وضعت بين يدي رسول الله قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكان أحب الشاة إليه فنهش نهشة وقال: "أنا سيد الناس يوم القيامة ثم نهش أخرى وقال أنا سيد الناس يوم القيامة فلما رأى أصحابه لا يسألونه قال ألا تقولون كيف" قالوا كيف يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقوم الناس لرب العالمين فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر" فذكر حديث الشفاعة بطوله وقال في آخره "فانطلق فأتي تحت العرش فاقع ساجدا لربي فيقيمني رب العالمين مقاما لم يقمه أحدا قبلي ولن يقيمه أحد بعدي فأقول يا رب أمتي أمتي فيقول يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصارع الجنة لكما بين مكة وهجرا أوهجر ومكة" وفي لفظ "لكما بين مكة وهجر" أو "كما بين مكة وبصرى" متفق على صحته. وفي لفظ خارج الصحيح بإسناده إن ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر
    وعن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الدنيا قد أذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يصطبها صاحبها وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ولقد ذكر لنا أن مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام. فهذا موقوف والذي قبله مرفوع فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذاكر له كان هذا ما بين باب من أبوابها ولعله الباب الأعظم وإن كان الذاكر لهم ذلك غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقدم على حديث أبي هريرة المتقدم
    ولكن قد روى الإمام أحمد في مسنده من طريق حماد بن سلمة الجريري يحدث عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسول الله قال "أنتم توفون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ "
    وقد رواه ابن أبي داود أنبأنا إسحاق بن شاهين أنبأنا خالد عن الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه يرفعه "ما بين كل مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة سبع سنين"
    وروينا في مسند عبد بن حميد أنبأنا الحسن بن موسى أنبأنا ابن لهيعة أنبأنا دراج أبو السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال ما من مصراعين في الجنة لمسيرة أربعين سنة
    وحديث أبي هريرة أصح وهذه النسخة ضعيفة والله أعلم
    وروى أبو الشيخ أنبأنا جعفر بن أحمد بن فارس أنبأنا يعقوب بن حميد أنبأنا معن حدثنا خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الباب الذي يدخل منه أهل الجنة مسيرة الراكب المجود ثلاثا ثم انهم ليضطغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول" رواه أبو نعيم عنه وهذا مطابق للحديث المتفق عليه "إن ما بين المصراعين كما بين مكة وبصرى" فإن الراكب الموجد غاية الإجادة على أسرع هجين لا يفتر ليلا ولا نهارا يقطع هذه المسافة في هذا القدر أو قريب منه
    وأما حديث حكيم بن معاوية فقد اضطرب رواته فحماد بن سلمة ذكر عن الجريري التقدير بأربعين عاما وخالد ذكر عنه التقدير بسبع سنين وحديث أبي سعيد المرفوع فيه التقدير بأربعين عاما على طريقة دراج عن أبي الهيثم قال الإمام أحمد أحاديث دراج مناكير وقال أبو حاتم الرازي ضعيف وقال النسائي ليس بالقوي.
    فالصحيح المرفوع السالم عن الاضطراب والشذوذ والعلة حديث أبي هريرة المتفق على صحته. على أن حديث حكيم بن معاوية ليس التقدير فيه بظاهر الرفع ويحتمل أنه مدرج في الحديث موقوف فيكون كحديث عتبة بن غزوان. ه

    وما ذهب إليه الامام ابن القيم هو ما قمت باثباته من خلال جمع طرق الحديث ومقارنة بعضها ببعض كما قال علي بن المديني: الباب لا يتبين خطؤه حتى تجمع طرقه.

    تنبيه: قال الألباني: وأما حديث معاوية فيرويه الجريري عن حكيم بن معاوية عنه مرفوعا به أخرجه أحمد (5 / 3) وابن حبان (2618 - موارد) ووقع فيه سبع سنين ولعله خطأ مطبعي. ه
    السلسلة الصحيحة (4/274)

    قلت: هذا غير صحيح بل هي زيادة ثابتة من بعض رواة الحديث وليست عند ابن حبان وحده حتى يقال خطأ مطبعي! فهي أيضاً عند البيهقي وأبي نعيم وابن عدي وابن أبي داود والروياني كلهم رووا الحديث بلفظ سبع سنين وفي طرقٍ أخرى بلفظ سبعين وبعضهم قال أربعين إلى غير ذلك من الاضطراب والاختلاف في الحديث الموجب لضعفه كما سبق بيانه والحمد لله.


    الخلاصة:

    قوله (مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ) هو من كلام كعب الأحبار وعتبة بن غزوان ولايصح رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وقوله (مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً) مخالف لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ... وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى. ه (بخ 4712 – م1/184)
    فالمسافة بين مكة وحمير أو بصرى تقاس بالأيام وليست بالسنين والله أعلم.

    كتبه أحمد فوزي وجيه
    15/9/2020

  2. #2

    افتراضي رد: سلسلة مقارنة ودراسة (9): حديث مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ فِي الْجَنَّةِ كَمَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً

    جزاك الله خيرا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •