تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 7 من 7 الأولىالأولى 1234567
النتائج 121 إلى 130 من 130

الموضوع: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

  1. #121
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [090]
    الحلقة (121)

    شرح سنن أبي داود [090]


    للصلاة في الجماعة جملة من الأحكام الشرعية التي تخصها، ومن ذلك كراهة الصلاة بين السواري، وأن يكون أولو الأحلام والنهى خلف الإمام للفتح عليه ولسد حاجة الاستخلاف، وأن يكون الإمام محاذياً لوسط الصف، وما يتعلق بصلاة المنفرد خلف الصف، واتخاذ السترة، وغير ذلك من الأحكام الشرعية العملية التي ينبغي للمسلم معرفتها.

    شرح حديث أنس في اتقائهم الصلاة بين السواري

    قال المصنّف رحمه الله تعالى: [ باب الصفوف بين السواري. حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن يحيى بن هانئ ، عن عبد الحميد بن محمود أنه قال: صليت مع أنس بن مالك رضي الله عنه يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فتقدمنا وتأخرنا، فقال أنس : (كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب الصفوف بين السواري ]. والسواري هي: الأعمدة التي تكون في المسجد، والصف بينها لا يجوز؛ لأنها تقطع الصفوف، لكن إذا كان المسجد قد امتلأ، واستكملت الصفوف بالمصلين، واحتاج الناس إلى أن يصفوا بين السواري فلهم ذلك، لكن لا يصف المرء منفرداً بين العمودين، وإنما يصف اثنان فأكثر؛ حتى لا يكون المصلي وحده منفرداً. إذاً: فالصلاة بين السواري لا تسوغ؛ لأنها تقطع الصفوف، ولكنها تجوز عند الحاجة إليها، وذلك عند امتلاء المسجد، واحتياج الناس إلى ذلك كما هو الحال في المسجد الحرام والمسجد النبوي في موسم الحج، حيث يكثر الناس، ويمتلأ المسجد، ويحتاج الناس إلى أن يصفوا بين السواري، فإن ذلك سائغ ولا بأس به. وكذلك إذا صلى الإنسان منفرداً متنفلاً، أو مفترضاً منفرداً قد فاتته الصلاة، فإذا صلى بين ساريتين إلى سترة فإنه لا بأس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قد صلى في الكعبة بين عمودين، فإذا صلى المنفرد بين عمودين فلا بأس بذلك؛ لأن المحذور هو تقطع الصفوف، والمنفرد ليس له شأن في هذا، ولكن كونه يصلي إلى عمود أو سارية يجعلها سترة له هو الأولى. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الحميد بن محمود أنهم كانوا يدفعون من بين السواري، فإما أن يتقدموا وإما أن يتأخروا. قوله: [ فدفعنا إلى السواري ] يعني: عما بين السواري، وقوله: [ فتقدمنا أو تأخرنا ] أي: تقدموا إلى ما قبل السواري، أو تأخروا إلى ما بعد السواري من الصفوف، ولم يمكَّنوا من أن يصفوا بين السواري؛ لأنها تقطع الصفوف، لكن هذا حيث يكون المسجد فيه سعة، ولا يحتاج الناس إلى الصلاة بين السواري. ثم روى عن أنس قوله: [ (كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: كنا نتقي أن نصف بين السواري، وإنما نصف في الصفوف المتصلة التي لا تكون بين السواري.

    تراجم رجال إسناد حديث أنس في اتقائهم الصلاة بين السواري

    قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. هو الملقب بندار ، البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرحمن ]. هو ابن مهدي ، البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. هو ابن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، وصف بأنَّه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن هانئ ]. يحيى بن هانئ ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبد الحميد بن محمود ]. عبد الحميد بن محمود صدوق ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أنس ]. أنس رضي الله عنه هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون الصف طويلاً فيه المائة أو أكثر من ذلك، ولكنه بين السواري، فإذا صف الناس في الصف الطويل المكون من مائة أو مائة وخمسين رجلاً وفي طرفه عمود يقطع، فهل يدخل في الكراهة؟ الجواب: مادام أن هناك صفوفاً وراء هذين العمودين، وصفوفاً أمامها، فلا ينبغي أن يصف بين العمودين، أو في المكان الذي يقطعه العمودان، وإنما يكون الصف قبلهما أو بعدهما.

    شرح حديث: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر. حدثنا ابن كثير ، أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن أبي معمر ، عن أبي مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر ] يعني: من الذي يستحب أن يكون وراء الإمام في الصف الذي يلي الإمام، بحيث يكون وراءه مباشرة؟ والمقصود أنه يكون في هذا المكان ذوو الأحلام والنهى، ومن يكون من البالغين العقلاء، ومن أهل العلم والمعرفة؛ لأنه إذا كان وراء الإمام من كان كذلك فإنه يفتح عليه إذا حصل منه خطأ في القراءة، وكذلك -أيضاً- لو احتيج إلى الاستخلاف فيكون ذلك الذي يليه صالحاً للاستخلاف إذا طرأ على الإمام شيء في صلاته وأراد أن يقدم أحداً مكانه، فإذا كان الذي يليه من ذوي الأحلام والنهى، ومن أصحاب العقول، ومن أصحاب العلم والمعرفة، فإنه يتقدم ويكمل الصلاة، بخلاف ما إذا لم يكن كذلك، فإنه يتقدم وهو لا يحسن الإمامة، ولا يحسن القراءة، فينبغي أن الذي يليه يكون كبيراً، وعاقلاً، وفاهماً، وعنده علم ومعرفة؛ فإن ذلك فيه عدة فوائد. ولهذا أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) ] يعني الكبار البالغين، فالأحلام قيل: المراد بأهلها من بلغوا الحلم، وهم الذين تجاوزوا الصغر وصاروا من المكلفين. والنُهى: جمع نُهية، وهي: العقل، وسمي العقل نُهية لأنه ينهى صاحبه عما لا ينبغي، وتأتي الأحلام أيضاً بمعنى العقول، كما في قوله تعالى: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ [الطور:32]. ثم قال صلى الله عليه وسلم: [ (ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ]، يعني أن يلي الإمام من يكونون صالحين للإمامة، ومن يكون عندهم علم ومعرفة ليفتحوا على الإمام إذا حصل منه خطأ في القراءة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا. وقوله: [ وكراهية التأخر ]، يعني: التأخر عن إتمام الصفوف الأول، بحيث ينشأ الصف الثاني قبل اكتمال الأول، أو الثالث قبل اكتمال الثاني، وهكذا، فهذا من التأخر.

    تراجم رجال إسناد حديث (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ...)

    قوله: [ حدثنا ابن كثير ]. هو: محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة، مر ذكره. [ عن الأعمش ]. هو: سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمارة بن عمير ]. هو: ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي معمر ]. هو: عبد الله بن سخبرة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مسعود ]. هو: عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا خالد ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد: (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإياكم وهيشات الأسواق) ]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله: (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، وفيه زيادة: [ (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) ] أي: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وذلك بعدم تسوية الصفوف، وحصول التقدم والتأخر في الصف، وكذلك التأخر عن الصفوف الأُول. وقوله: [ (وإياكم وهيشات الأسواق) ] المقصود به: اللغط والكلام الذي لا قيمة له مما يكون في الأسواق، وكذلك الكلام الذي لا يليق، فإن هذا هو المقصود بهيشات الأسواق، فيمنع ذلك في المساجد؛ لكون الأسواق فيها رفع للأصوات، وفيها اللغط، وفيها الكلام الذي لا ينبغي، وكل هذا مما تنزه وتصان عنه المساجد. وكذلك بالنسبة للأسواق، فينبغي على من كان في السوق أن يجتنب الأشياء التي لا قيمة لها، وأن يجتنب الأشياء التي لا تنبغي، والأشياء التي يحاسب عليها الإنسان، فعلى الإنسان أن يصون المسجد عما لا ينبغي، وأن لا يعامل المساجد معاملة الأسواق، وكذلك -أيضاً- ينبغي له أن يبتعد عن اللغط وما لا ينبغي وإن كان في السوق، وأما المسجد فينبغي أن ينزه عما في السوق مما يذم أو يحمد. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)، وذلك أن المساجد محل ذكر الله عز وجل، ومحل الصلاة والعبادة، وأما الأسواق فهي محل اللغط والكلام الذي لا ينبغي، فكانت المساجد أحب البقاع إلى الله عز وجل، والأسواق أبغض البقاع إلى الله عز وجل.
    تراجم رجال إسناد حديث (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)

    قوله: [حدثنا مسدد ]. هو: مسدد بن مسرهد ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يزيد بن زريع ]. هو: ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد ]. هو: ابن مهران الحذاء ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي معشر ]. هو: زياد بن كليب ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن إبراهيم ]. هو: ابن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو: ابن قيس بن يزيد النخعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. هو: ابن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا معاوية بن هشام ، حدثنا سفيان ، عن أسامة بن زيد ، عن عثمان بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة [ (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) ] يعني أن ميامن الصفوف أفضل من مياسرها، وأنها أولى من مياسرها، وهذا الحديث فيه ضعف، ولكن كون الإنسان يصلي في يمين الصف لا شك أنه هو الأولى؛ لعموم الأدلة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه التيمن، واستعمال اليمين، وتقديم اليمين، واختيار اليمين، وهذا في كل ما من شأنه الإكرام، وكل ما كان من الأمور الطيبة، وكذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرصون على أن يكونوا في ميامن الصفوف؛ حتى إذا انصرف الرسول صلى الله عليه وسلم من صلاته يقابلهم بوجهه صلى الله عليه وسلم. فالخلاصة أن الحديث فيه ضعف، ولكن تدل على أفضلية ميامن الصفوف على مياسرها عمومات الأدلة التي تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن.

    تراجم رجال إسناد حديث (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف)


    [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا معاوية بن هشام ]. معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في (الأدب المفرد)، و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سفيان ، عن أسامة بن زيد ]. سفيان هو: الثوري مر ذكره، وأسامة بن زيد الليثي صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عثمان بن عروة ]. عثمان بن عروة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن عروة ]. هو: عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي من أوعية السنة وحفظتها، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال، وامرأة واحدة، وهذه المرأة الواحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

    مقام الصبيان من الصف


    شرح حديث: (ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مقام الصبيان من الصف. حدثنا عيسى بن شاذان ، حدثنا عياش الرقام ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا قرة بن خالد ، حدثنا بديل ، حدثنا شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم قال: قال أبو مالك الأشعري رضي الله عنه: (ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقام الصلاة، وصف الرجال، وصف خلفهم الغلمان، ثم صلى بهم، فذكر صلاته، ثم قال: هكذا صلاة، قال عبد الأعلى : لا أحسبه إلا قال: صلاة أمتي ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب مقام الصبيان من الصف ] والمقصود من هذه الترجمة والحديث الذي أورده تحتها أن الصبيان يصفون وراء الرجال، وذلك للحديث الذي أورده أبو داود وفيه كلام، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى)، ولما جاء عن ابن عباس أنه قال: (ما كنا نعرف انقصاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير) قيل: لأنه كان مع الصبيان، وصف الصبيان يكون متأخراً. وكذلك يكون الحكم في الجنائز عندما يكون فيها كبار وصبيان ونساء، فإنه يقدم الكبار، ثم الصبيان، ثم النساء وراءهم، وهكذا بالنسبة للصفوف في الصلاة، فيكون الرجال أولاً ثم الصبيان، ثم النساء وراءهم، وهذا فيما إذا لم يترتب على ذلك مضرة بأن يحصل منهم لعب وتشويش وما إلى ذلك، وإلا فإنهم إذا صفوا وهم مميزون مع الناس فلا بأس بذلك، لكن لا يكونون في الصفوف المتقدمة، ولا يكونون قريبين من الإمام؛ لأن هذا يخالف ما جاء عنه من قوله صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى). وقد أورد الإمام أبو داود رحمه الله حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه قال: [ ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فأقام الصلاة، وصف الرجال، وصف خلفهم الغلمان ] يعني: جعل الرجال يصفون في الصفوف الأول، والغلمان يصفون وراءهم، وقال: [ هكذا صلاة ] من غير إضافة. قال عبد الأعلى : [ لا أحسبه إلا قال: صلاة أمتي ]. وقوله: [ (صلاة أمتي) ] يعني أنهم يصفون بهذه الطريقة: الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء وراءهم إذا كان معهم نساء.

    تراجم رجال إسناد حديث (ألا أحدثكم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ...)


    قوله: [حدثنا عيسى بن شاذان ]. عيسى بن شاذان ثقة، أخرج له أبو داود وحده. [ حدثنا عياش الرقام ]. هو عياش بن الوليد الرقام ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الأعلى ]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قرة بن خالد ]. قرة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا بديل ]. هو ابن ميسرة العقيلي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا شهر بن حوشب ]. شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، وحديثه أخرجه البخاري في (الأدب المفرد)، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن غنم ]. عبد الرحمن بن غنم قيل: إنه معدود في الصحابة، وقيل: من ثقات التابعين، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [عن أبي مالك الأشعري ]. أبو مالك الأشعري رضي الله عنه حديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . وفي سند هذا الحديث شخص متكلم فيه، وهو شهر بن حوشب.

    صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول


    شرح حديث: (خير صفوف الرجال أولها)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول. حدثنا محمد بن الصباح البزاز ، حدثنا خالد و إسماعيل بن زكريا ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب صف النساء، وكراهية التأخر عن الصف الأول ]، يعني: في حق الرجال؛ لأنه ورد في بعض الأحاديث ذكر كراهية التأخر، والنساء يؤخرن عن الرجال، وصفوفهن تكون مؤخرة عن صفوف الرجال، ولو كانت هناك امرأة واحدة فإنها تصف وحدها، كما جاء في حديث أنس : (صففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز خلفنا)، بل إن الرجل إذا صلى ومعه امرأة فإنها تصف وراءه، ولا تصف بجواره؛ لأن صفوف النساء مؤخرة عن صفوف الرجال، ولا يصاف الرجل امرأة، وكذلك المرأة لا تصاف رجلاً، وإنما تصاف المرأة المرأة، أو تكون صفاً وحدها. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة [ (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) ]، فكان خير صفوف الرجال أولها لقربه من الإمام، ولبعده عن النساء، وكان شر صفوف الرجال آخرها لبعده وتأخره عن الإمام، ولقربه من النساء، وكان خير صفوف النساء آخرها لبعده عن الرجال، وكان شرها أولها لقربه من الرجال، فقد تحصل فتنة. وكون خير صفوف النساء آخرها هذا فيما إذا كانت الصفوف متصلة، أو أن الرجال ليس بينهم وبين النساء فاصل، لكن إذا وجد مصلى خاص بالنساء، فلا الرجال يرون النساء، ولا النساء يرين الرجال، فإن تقدمهن في الصفوف الأول هو الأولى؛ لأن المحذور قد زال بوجود التميز والانفصال، فالمحذور يكون حيث يرى الرجال النساء والنساء يرين الرجال. فإذا وجد ما يحجز بينهما فإن النساء يتقدمن في الصفوف الأول، ولا يكن في الصف الآخر، فالمحذور قد زال، والذي يخشى منه -وهو فتنة الرجال بالنساء وفتنة النساء بالرجال- قد زال، فيتقدمن والحالة هذه كما لو صلين جماعة وحدهن، فإن الصفوف المتقدمة من صفوف النساء حيث يصلين وحدهن أولى وخير من الصفوف المتأخرة.

    تراجم رجال إسناد حديث (خير صفوف الرجال أولها ...)

    قوله: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. محمد بن الصباح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وإسماعيل بن زكريا ]. هو الخلقاني ، صدوق يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. وهو أبو صالح ذكوان السمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه.

    شرح حديث: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا عبد الرزاق ، عن عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار) ]. هذا الحديث يتعلق بالشق الثاني من الترجمة السابقة، فقد قال: [ باب صفوف النساء، وكراهية التأخر عن الصف الأول ]، يعني: في حق الرجال، وليس في حق النساء؛ لأنّ كراهية التأخر عن الصف الأول إنما هو في حق الرجال، وكذلك في حق النساء إذا صلين وحدهن، فإنهن يتقدمن إلى الصف الأول ولا يتأخرن. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله في النار) ] يعني أنهم يعاقبون، فيكون الجزاء من جنس العمل، حيث تأخروا ولم يقوموا بواجب تسوية الصفوف، وإكمال الصف الأول فالأول، فترتب على ذلك أن يؤخرهم الله في النار، وأن يعاقبهم في النار، فيكون هذا التأخر سبباً في تأخر الثواب عنهم، وفي وقوعهم في النار، وتأخرهم عمَّن يتقدم إلى الجنة، لكن من المعلوم أن كل من دخل النار وهو ليس من الكفار إنه لابد من أن يصل إلى الجنة، ولا يخلد في النار إلا الكفار الذين هم أهلها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول)
    قوله: [حدثنا يحيى بن معين ]. يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار صدوق يغلط، وروايته عن يحيى بن أبي كثير مضطربة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن . [ عن يحيى بن أبي كثير ]. يحيى بن أبي كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها، وقد مر ذكرها. وهذا الحديث ضعيف، إلّا أنه وردت أحاديث بمعناه، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله). وهذا الحديث هو في التأخر عن الصف الأول، وأما التخلف عن الجماعة فقد ورد فيه وعيد شديد ليس هذا مجال ذكره، فالحديث هنا هو عن التأخر عن الصف الأول، فترى الرجل يأتي المسجد ولكنه لا يبالي أين يصف، فيصف كيفما اتفق، والأصل -كما عرفنا- أنه لا ينشأ الصف الثاني إلا بعد اكتمال الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا بعد اكتمال الثاني، ولا ينشأ الرابع إلا بعد اكتمال الثالث، وهكذا.

    شرح حديث: (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من قبلكم ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل و محمد بن عبد الله الخزاعي حدثنا أبو الأشهب ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بعض أصحابه تأخراً فقال: [ (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل) ] يعني أنّ الجزاء من جنس العمل، أي: تأخروا فأخروا عن دخول الجنة، وأخروا في النار، ولكن عرفنا من قبل أن من دخل النار ولم يكن كافراً لابد من أن يخرج منها وأن يدخل الجنة، ولا يبقى في النار أبداً إلا الكفار الذين هم أهلها، فلا سبيل لهم إلى الخروج منها.

    تراجم رجال إسناد حديث (تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من قبلكم)
    قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ومحمد بن عبد الله الخزاعي ]. محمد بن عبد الله الخزاعي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا أبو الأشهب ]. هو جعفر بن حيان العطاردي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نضرة ]. هو المنذر بن مالك ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم ، وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ]. هو: سعد بن مالك بن سنان ، مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    مقام الإمام من الصف



    شرح حديث: (وسطوا الإمام وسدوا الخلل)
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب مقام الإمام من الصف. حدثنا جعفر بن مسافر ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن يحيى بن بشير بن خلاد ، عن أمه أنها دخلت على محمد بن كعب القرظي فسمعته يقول: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل) ]. أورد أبو داود [ باب مقام الإمام من الصف ] أي: أين يقف الإمام من الصف؟ هل يقف في وسطه، أو في طرفه من جهة اليمين، أو من جهة الشمال؟ والجواب أنه يكون في وسط الصف ولا يكون في الطرف؛ لأنه إذا توسط سمعه من على اليمين ومن على الشمال، وإذا كان في الطرف فإنه لا يسمعه من كان في الجهة المقابلة، وكذلك إذا توسط الإمام فإنه يقتدي به من يكون حوله من جهة اليمين وجهة الشمال، بخلاف ما إذا كان في الطرف فإنه لا يشاهده ولا يراه إلا من كان في ذلك الطرف. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (وسطوا الإمام، وسدوا الخلل) ]. قوله: [ (وسطوا الإمام) ] أي: اجعلوه في الوسط عند الاصطفاف. وهذا الحديث فيه ضعف؛ إذ فيه مجهولان، لكن معناه صحيح، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما كان يصلي لم يكن يصلي في الطرف، وإنما كان يصلي في الوسط، وكذلك المساجد عندما تبنى فإن محاريبها تكون في وسطها، ولا تكون في أطرافها. وأما قوله: [ (سدوا الخلل) ] فقد جاء في أحاديث عديدة، وقد مر بعضها في (باب تسوية الصفوف).

    تراجم رجال إسناد حديث (وسطوا الإمام وسدوا الخلل)


    قوله: [حدثنا جعفر بن مسافر ]. جعفر بن مسافر صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن أبي فديك ]. هو: محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن بشير بن خلاد ]. يحيى بن بشير بن خلاد مجهول الحال، أخرج حديثه أبو داود . [عن أمه ]. وهي مجهولة، أخرج حديثها أبو داود . [ عن محمد بن كعب ]. هو القرظي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، وقد مر ذكره.

    الرجل يصلي وحده خلف الصف


    شرح حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف. حدثنا سليمان بن حرب و حفص بن عمر ، قالا: حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن هلال بن يساف ، عن عمرو بن راشد ، عن وابصة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد) قال سليمان بن حرب : الصلاة ]. ثم أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [ باب: الرجل يصلي وحده خلف الصف ] يعني: ما حكم صلاته؟ أي أن ذلك لا يجوز، وصلاته غير صحيحة كما دل عليه هذا الحديث على خلاف بين أهل العلم في ذلك، لكن الحديث الذي أورده أبو داود دال على أن صلاته غير صحيحة؛ لأنه أمره بالإعادة، وما ذلك إلا لعدم إجزاء الصلاة، ولو كانت مجزئة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة. وقد اختلف أهل العلم في صلاة المنفرد خلف الصف: فمنهم من أجاز ذلك، وقال: إن حديث أبي بكرة الذي سيأتي دال على ذلك؛ لأنه ركع قبل الصف، فما دام أن بعض أجزاء الصلاة وقع وهو منفرد، وصح منه ذلك، فإن صلاته كلها تكون كذلك؛ لأن جزءاً من أجزائها قد اعتُبر مع وقوعه دون الصف، فتكون الصلاة كلها صحيحة ومعتبرة، قالوا: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة إنما هو من أجل الاستحباب، وذلك جمع بينه وبين حديث أبي بكرة . وقال بعض أهل العلم: إن صلاته خلف الصف وحده لا تجوز، وإذا فعل ذلك فإن صلاته لا تصح، وعليه أن يعيدها؛ لظاهر الحديث. وأما حديث أبي بكرة رضي الله عنه فقالوا: إنه دبّ راكعاً وأدرك الركوع وراء الإمام في الصف، وعلى هذا فلم يحصل شيء مستقل في ركوعه دون الصف، ولكنه فعل ذلك خشية أن تفوته الركعة فركع ودب، فليس فيه ما يدل على أنه حصل الرفع من الركوع قبل أن يصل أبو بكرة رضي الله عنه إلى الصف. وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يصلي خلف الصف، إلا إذا كان لا يستطيع أن يصلي إلا بهذه الطريقة، كأن يكون الناس الذين يصلون في هذا المسجد محصورين، وقد حضروا جميعهم، فلم يبق أحد حتى ينتظره، ولو لم يصل مع الجماعة فإنها تفوته، ولم يكن متأخراً عن الجماعة، بل جاء إليها، وإذا تيسر للإنسان أن يدخل ويصلي عن يمين الإمام فإن هذا يكون مناسباً؛ لأنه بذلك يكون صف بجوار الإمام، ولا بأس بذلك عند الحاجة إليه. لكن لو كان الإنسان غير مفرط ولا مقصر، وصلى وحده مضطراً إلى ذلك فإن صلاته تصح والحالة هذه، أما إذا كان هناك تقصير أو تفريط، وصلى الإنسان وحده مع إمكانه أن يدخل في الصف فإن صلاته تكون حينئذٍ باطلة، وعليه الإعادة.


    تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً صلى وحده خلف الصف بالإعادة

    قوله: [حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحفص بن عمر ]. وهو النمري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، مر ذكره. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن يساف ]. هلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن راشد ]. هو مقبول، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن وابصة ]. وهو: وابصة بن معبد ، صاحب رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وجاء حديث آخر عن غير وابصة دال على ما دل عليه حديث وابصة .

    الرجل يركع دون الصف


    شرح حديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل يركع دون الصف. حدثنا حميد بن مسعدة ، أن يزيد بن زريع حدثهم حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن زياد الأعلم ، حدثنا الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه حدث أنه دخل المسجد ونبي الله صلى الله عليه وسلم راكع، قال: فركعت دون الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب: الرجل يركع دون الصف ]، يعني: ما حكم ذلك؟ هل ذلك سائغ أم غير سائغ؟ والذي دل عليه الحديث الذي أورده أبو داود أن الإنسان لا يفعل ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة رضي الله عنه، ولكنه قال: [ (ولا تعد) ] يعني: لا تعد إلى مثل هذا، فدل هذا على أن الإنسان يمشي وعليه السكينة حتى يصل إلى الصف ثم يركع، فما أدركه صلاه، وما لم يدركه فإنه يتمه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، فلا يأت الإنسان وهو يسعى، وإنما يأتي ماشياً، ويستمر ماشياً حتى يصل إلى الصف، فإن ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع فإنه يكون قد أدرك الركعة، وإلا فإنه يقضي ما فاته بعد سلام الإمام. وأورد المصنف حديث: أبي بكرة قال: دخلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع، فركعت دون الصف، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (زادك الله حرصاً ولا تعد) ].

    تراجم رجال إسناد حديث (زادك الله حرصاً ولا تعد)

    قوله: [ حدثنا حميد بن مسعدة ]. حميد بن مسعدة صدوق، أخرج حديثه مسلم ، وأصحاب السنن. [ أن يزيد بن زريع حدثهم]. يزيد بن زرع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زياد الأعلم ]. هو زياد بن حسان الأعلم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكرة ]. هو نفيع بن الحارث ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    طريق أخرى لحديث: (زادك الله حرصاً ولا تعد) وتراجم رجال إسنادها


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، أخبرنا زياد الأعلم ، عن الحسن أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء ورسول الله راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال: (أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف؟ فقال: أبو بكرة : أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصاً ولا تعد). قال أبو داود : زياد الأعلم : زياد بن فلان بن قرة ، وهو ابن خالة يونس بن عبيد ]. أورد أبو داود حديث. أبي بكرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. قد مر ذكره. [ حدثنا حماد ، عن زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ]. حماد هو ابن سلمة ، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أبي بكرة ]. قد مر ذكرهم. قوله: [ قال أبو داود : زياد الأعلم : زياد بن فلان بن قرة ، وهو ابن خالة يونس بن عبيد ]. في (التقريب): زياد بن حسان بن قرة . فما أدري كيف جاءت كلمة (فلان) هذه، وهل المراد أنه أبهم اسمه وذكر جده؟ إذ قد يذكر الشخص إذا كان غير معروف وكان الذي بعده معروفاً فيقال: (ابن فلان) أي: بدلاً من أن يسميه يأتي بكلمة (فلان)، وكملة (وفلان) يؤتى بها لكل أحد، فيقال: (فلان بن فلان) وهي كناية عن الشخص الذي يبهم اسمه.

    تفريع أبواب السترة


    شرح حديث: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تفريع أبواب السترة. باب ما يستر المصلي: حدثنا محمد بن كثير العبدي ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. يقول المصنّف رحمه الله: [ تفريع أبواب السترة ]. أي: سترة المصلي التي يتخذها أمامه سترة له، و(أل) في السترة عوض عن المضاف إليه، أي: سترة المصلي، وهي تكون شيئاً شاخصاً أمام المصلي كعمود ثابت، أو عصا يغرزها في الأرض، أو أي شيء بارز يجعله أمامه؛ ليكون سترة يمنع المرور بين يدي المصلي، وأما المرور وراءه فيجوز. ثم قال المصنّف رحمه الله: [ باب ما يستر المصلي ] يعني: ممَّ تكون السترة؟ أو من أي شيء تكون السترة؟ أو بماذا تكون السترة؟ والمقصود أن السترة تكون بأي شيء شاخص، أو بأي شيء بارز يلفت نظر من يريد أن يمر، فإذا رآه عرف أن هذه سترة تمنع من المرور بين يدي المصلي. فإذا أراد أحد أن يمرّ بين السترة وبين المصلي فإنه يرده ويمنعه كما جاء في الحديث. والسترة إما أن تكون عموداً، أو جداراً، وهذه من الأشياء الثابتة المستقرة، أو تكون من الأشياء المتحركة أو المتنقلة، كالحجر الكبير، أو العصا التي تغرز، أو الدابة ونحوها، فكل هذا تصلح أن تكون سترة. وقد أورد أبو داود حديث طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. ومؤخرة الرحل: هي العود الذي يستند إليه الراكب عندما يوضع الرحل فوق البعير، فيكون وراء محل الراكب عود مرتفع قليلاً أقل من الذراع يستند إليه الراكب، فالسترة مثل مؤخرة الرحل، فيقول: [ (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك) ]. والمقصود بقوله: [ (إذا جعلت بين يديك) ] يعني: أمامك، (فلا يضرك من مر بين يديك) أي: من وراء السترة، وليس المقصود أنه يمر بينه وبين السترة؛ لأن السترة إنما جعلت من أجل أن لا يمر أحد بينه وبينها. فإذا جعل الإنسان بين يديه مثل مؤخرة الرحل فلا يضره من مر بين يديه، أي: بعد السترة، فتكون السترة هي الحد الفاصل الذي لا يمكن لأحد أن يمر بينه وبينها، ومن مر من ورائها فله ذلك. ويكفي في ارتفاع السترة أن يكون ربع متر أو أقل من ذلك، فمؤخرة الرحل أقل من الذراع.

    تراجم رجال إسناد حديث (إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل ...)

    قوله: [حدثنا محمد بن كثير العبدي ]. محمد بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسرائيل ]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ]. هو ابن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم ، وأصحاب السنن. [ عن موسى بن طلحة ]. موسى بن طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه طلحة بن عبيد الله ]. هو أبيه: طلحة بن عبيد الله التيمي رضي الله تعالى عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد، فقال عليه الصلاة والسلام: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيده بن الجراح في الجنة) فهؤلاء عشرة أشخاص سردهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد، وبشرهم بالجنة. وقيل لهم: العشرة لإنهم سُردوا في حديث واحد، وليس لإن شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة مختصة بهؤلاء العشرة ومقصورة عليهم، بل هناك من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من شهد له بالجنة سواهم، كثابت بن قيس بن شماس ، وعكاشة بن محصن ، والحسن و الحسين و فاطمة .. وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاءت أحاديث تشهد لكل واحد من هؤلاء بالجنة، وكذلك غيرهم ممن ثبتت شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة، ولكن اشتهر هؤلاء بلقب العشرة؛ لأنهم سردوا في حديث واحد، وبشروا بالجنة. و طلحة بن عبيد الله الذي معنا في هذا الإسناد رضي الله تعالى عنه وأرضاه هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح أثر: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء أنه قال: آخرة الرحل ذراع فما فوقه ]. أورد أبو داود إسناداً إلى عطاء بن أبي رباح، فهو مقطوع؛ لأن المتن الذي ينتهي إلى من دون الصحابي يقال له: مقطوع، والمتن الذي ينتهي إلى الصحابي يقال له: موقوف، والمتن الذي ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع. وهذا المتن من قول عطاء بن أبي رباح، فهو مقطوع، قال: [ آخرة الرحل ذراع فما فوقه ]، قلت: وقد تكون أقل من ذراع، والمقصود وجود شيء شاخص وبارز يشاهده ويعاينه المارة، فيعلمون أنه سترة أمام هذا الذي يصلي، فيبتعدون عن المرور بينه وبينها. والسترة -كما هو معلوم- يتخذها الإمام والمنفرد، وأما المأموم فلا يتخذها؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين.

    تراجم رجال إسناد أثر: (آخرة الرحل ذراع فما فوقه)
    قوله: [حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو ابن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو ابن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا ابن نمير ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه، فيصلي إليها، والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثَمَّ اتخذها الأمراء) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنها: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد أخذ حربة) ] وهي العصا التي في آخرها حديدة، فتغرز في الأرض ليتخذها الإنسان سترة، وهذا يبين لنا أن السترة قد تكون غليظة وسميكة، وقد تكون خفيفة ودقيقة، فإن العصا دقيقة، ومؤخرة الرحل أسمك منها وأمتن، وأسمك من ذلك عمود السارية التي يقوم عليها بناء المسجد مثلاً، فكل ذلك يقال له: سترة، واتخاذ العنزة أو الحربة يدل على أن أي شيء شاخص ولو كان خفيفاً ودقيقاً يحصل به المقصود؛ لأن المقصود هو تنبيه من يريد أن يمر إلى أن هذه سترة، فعليه أن لا يمرّ بين المصلي وبينها، وإنما يمر من ورائها إذا أراد أن يمر. وكذلك إذا لم يكن هناك سترة فعلى الإنسان أن يترك مقدار ثلاثة أذرع من قدم المصلي، وليمشِ من وراء ذلك؛ لأن المصلي إذا لم يتخذ سترة فإنه لا يملك ما أمامه من الفضاء، فيجوز للمار أن يمرّ إذا ترك مقدار ثلاثة أذرع من قدمه. قوله: [ (كان إذا خرج يوم العيد يأمر بالحربة فتوضع بين يديه) ] يعني: تغرز في الأرض، [ (فيصلي إليها والناس وراءه) ] أي أن الإمام هو الذي يتخذ السترة، وأما المأمومون فلا يتخذون سترة؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين، ولا بأس بالمرور بين الصفوف، ولكن لا ينبغي أن يمر بينها إلا لحاجة، كأن يريد أن يذهب إلى فرجة، أو يصل صفاً، وأما إذا لم يكن هناك حاجة فلا يمر؛ لأن هذا فيه تشويش على المصلين، فالسترة إنما هي للإمام، وليست للمأمومين، وكذلك يتخذ السترة -أيضاً- المصلي المنفرد، وأما المأموم فإنه لا سترة له تخصه، بل سترة الإمام هي سترة له. قوله: [ (وكان يفعل ذلك في السفر) ] يعني أنه يأخذ العنزة فيغرزها أمامه ويصلي إليها صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فكان يفعل ذلك في العيد لأنه يخرج إلى الفضاء، وكذلك في السفر حيث يصلي في فضاء، فتتخذ العصا بين يديه، ويصلي إليها صلى الله عليه وسلم، وأما في الحضر فإنه يصلي إلى جدار، أو إلى عمود، أو إلى شيء شاخص في المساجد أو البيوت. قوله: [ فمن هنا اتخذها الأمراء ] يعني أنهم اتخذوها لصلاة العيد، ويحتمل هذا أنهم اتخذوا حربته صلى الله عليه وسلم، أو أنهم كانوا يتخذون أيّ حربة.

    تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه)

    قوله: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا ابن نمير ]. ابن نمير هو عبد الله بن نمير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل المشهور، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: ابن عمر و ابن عمرو و ابن عباس و ابن الزبير ، وهو -أيضاً- أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد و أنس و جابر و عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وقد جمعهم السيوطي في الألفية بقوله: المكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    شرح حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء الظهر والعصر وبين يديه عنزة...
    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء -وبين يديه عنزة- الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمر خلف العنزة المرأة والحمار) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في بطحاء مكة الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وكان يصلي إلى عنزة، وهي: العصا التي في رأسها حديدة. قوله: [ يمر خلف العنزة المرأة والحمار ] يعني أن ذلك لا يؤثر، فمرور المار من وراء السترة -سواءٌ أكان امرأة، أم حماراً، أم كلباً، أم غير ذلك لا يؤثر في الصلاة شيئاً.

    تراجم رجال إسناد حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر وبين يديه عنزة


    قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي [ حدثنا شعبة ]. شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عون بن أبي جحيفة ]. عون بن أبي جحيفة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو: أبو جحيفة ، وهو: وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا من الأسانيد الرباعية التي هي أعلى ما يكون عند أبي داود ، فبينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، وهذا أعلى ما يكون عنده، ومثله مسلم والنسائي ، فهؤلاء الثلاثة ليس عندهم أعلى من الرباعيات، وأما البخاري فعنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، بين البخاري وبين رسول الله صلى عليه وسلم فيها ثلاثة أشخاص: صحابي، وتابعي، وتابع تابعي، ومعنى هذا أن شيخ البخاري يكون من أتباع التابعين في الأحاديث الثلاثيات، وأما الترمذي فعنده حديث واحد ثلاثي، وأما ابن ماجة فعنده خمسة أحاديث ثلاثية، وكلها بإسناد واحد، وذلك الإسناد ضعيف.


    الأسئلة



    حكم جذب المنفرد خلف الصف امرأ من الصف ليصلي بجانبه

    السؤال: قال النووي في (مجموعه): إذا لم يجد الداخل فرجة ولا سعة فالصحيح أنه يستحب أن يجذب إلى نفسه واحداً من الصف، ويستحب للمجذوب مساعدته. فما صحة هذا القول؟

    الجواب: ورد في هذا حديث ضعيف، وهو حديث الاجترار، ولكنه حديث ضعيف لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا استطاع أن يصف بجوار الإمام فلاشك في أنه أولى.


    حكم من صلى منفرداً خلف الصف ثم صف بجواره آخرون

    السؤال: من ركع وحده خلف الصف ورفع ثم تلاحق به المأمومون بعد ذلك فما حكم ركعته؟

    الجواب: مقتضى الحديث السابق أنها لا تعتبر صلاته؛ لأنه أمره بالإعادة، فقد يكون من القياس أن الجزء الذي فعله وحده كما لو فعل الصلاة كاملة كذلك، أي أنه يقضي ما صلاه منفرداً. فالقياس على مسألة ما لو صلى الصلاة كلها منفرداً فيعيد أنه إذا حصل شيء منها يعامل معاملة الكل، فمعنى هذا أنه يقضي هذا الذي فعله وحده. ولا يقال: إن أبا بكرة لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة ما صلاه قبل الصف منفرداً، فإنا نقول: ليس هناك شيء يبين أنه ما أدرك الإمام وهو راكع، فقد مشى ودب وهو راكع، ودخل في الصف، فليس هناك شيء يفيد بإنه أتى بالركوع قبل أن يصل، وأنه وصل إلى الصف وقد قام الإمام، ولو كان الأمر كذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تعد)، يعني أنه لا يجوز ذلك الفعل، لكنه أقره في هذه المرة، بمعنى أنه لا يفعله مرة ثانية، والنهي هنا للتحريم. والمعروف في هذا اللفظ والذي ضبطه العلماء أنه: (لا تَعُد) من العود، وقال بعضهم: إنه (لا تَعْدُ) من العَدْو، وقال بعضهم: (لا تُعِد) من الإعادة، لكن المشهور والمعروف هو الأول. ولو كان المقصود الإعادة لما احتاج إلى أن يقول إلى أن يقول: (لا تعد)، وإنما يقول له: (أعد) إذا كان الأمر يتطلب ذلك، لكن قوله: [ (زادك الله حرصاً) ] معناه أنك أديت ما عليك، لكن لا تكرر هذا الفعل مرّة أخرى."

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #122
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [091]
    الحلقة (122)

    شرح سنن أبي داود [091]

    الصلاة شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام، وقد شرعت لها أحكام خاصة تزيد من رفعة قدرها وتحقق المراد منها، ومن تلك الأحكام: اتخاذ السترة، فقد شرع للمصلي أن يتخذ سترة في صلاته وأن يدنو منها ليمر المار بعدها فلا يقطع عليه صلاته، وتتخذ السترة من شاخص كجدار أو عمود، ويصح أن يستتر بعصا، فإن لم يجد فله أن يخط خطاً ويجعله سترة لصلاته.

    خط المصلي بين يديه إذا لم يجد عصا


    شرح حديث الخط بين يدي المصلي


    قال رحمه الله تعالى: [ باب الخط إذا لم يجد عصا. حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا إسماعيل بن أمية حدثني أبو عمرو بن محمد بن حريث أنه سمع جده حريثاً يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطاً، ثم لا يضره ما مر أمامه) ]. أورد أبو داود -رحمه الله- [باب الخط إذا لم يجد عصا]. فقوله: [باب الخط] يعني: في الأرض إذا لم يجد عصا يغرزها، والمقصود بذلك أنه يخط خطاً في الأرض، فمن يأتي ويرى الخط يعلم أن هذه سترة، وأن المصلي جعل هذا بين يديه سترة حتى يتنبه من يراه فلا يمر بين يديه، وإنما يمر من وراء ذلك الخط. وأورد أبو داود -رحمه الله- حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً). يعني بذلك شيئاً ثابتاً كجدار أو عمود، فإن لم يجد فلينصب عصا في الأرض ويغرزها بحيث تكون منتصبة قائمة، فمن يراها يعلم أنها سترة للمصلي، ومعنى هذا أن السترة بالعصا تتخذ حيث لا يوجد شيء ثابت كالجدار وكالعمود يصلي الإنسان إليه، فإن لم يكن هناك شيء ثابت يجعله سترة له فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطاً مقوساً كأنه محراب، وهذا أحسن ما قيل في تفسيره، وقيل: إنه يكون خطاً مستطيلاً بحيث يعرف من يراه أنه سترة، ولكن المشهور في تفسيره أنه الخط المقوس الذي يكون أمام المصلي كأنه محراب. قوله: [(فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطا ثم لا يضره ما مر أمامه)]. أي: ثم لا يضره ما مر أمام الخط، يعني وراء الخط، وليس أمامه بينه وبين السترة.
    تراجم رجال إسناد حديث الخط بين يدي المصلي

    قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد هو ابن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ حدثنا بشر بن المفضل ]. بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو عمرو بن محمد بن حريث ]. أبو عمرو بن محمد بن حريث مجهول، أخرج له أبو داود و ابن ماجة ، وجده حريث كذلك مجهول، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق. والحديث في إسناده رجلان مجهولان، ومن أجل ذلك ضعفه بعض أهل العلم، ولكن بعضهم صححه كابن حبان ، وكذلك حسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، وكذلك صححه غير ابن حبان و ابن حجر . ومن المعلوم أن وجود الخط لا شك أن فيه تنبيهاً للمار بين يدي المصلي بحيث يتنبه إلى أن هذا الخط اتخذه المصلي سترة حيث لم يجد شيئاً شاخصاً، والحافظ في بلوغ المرام ذكره وقال: إنه صححه ابن حبان . قال: ولم يصب من قال: إنه مضطرب، بل هو حديث حسن. وفي عون المعبود عزى تصحيحه إلى غير ابن حبان ، فالذي يظهر أن الإنسان عندما لا يجد شيئاً شاخصاً يجعله أمامه كحجر كبير أو عصا أو غير ذلك فإنه يخط خطاً في الأرض ويصلي إليه.

    شرح حديث الخط بين يدي المصلي من طريق أخرى


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا علي -يعني ابن المديني - عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده -رجل من بني عذرة- عن أبي هريرة عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم أنه قال، فذكر حديث الخط، قال سفيان : لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجيء إلا من هذا الوجه. قال: قلت لسفيان : إنهم يختلفون فيه. فتفكر ساعة ثم قال: ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو . قال سفيان : قدم ههنا رجل بعدما مات إسماعيل بن أمية فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده فسأله عنه فخلط عليه. قال أبو داود : [وسمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال: هكذا. عرضاً مثل الهلال، قال أبو داود : وسمعت مسدداً قال: قال ابن داود : الخط بالطول. قال أبو داود : وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة فقال: هكذا -يعني بالعرض- حورا دورا مثل الهلال، يعني: منعطفا ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله يتعلق بالخط، وأن الإنسان يتخذه عندما لا يجد شيئاً ثابتاً ولا متنقلاً كالعصا، وبعد ذلك ذكر أبو داود أن سفيان بن عيينة قال: [لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، ولم يجئ إلا من هذا الوجه]. فقيل له: [إنهم يختلفون فيه. فتفكر ساعة ثم قال: ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو ]. هذا معناه أنهم يختلفون في الشخص الذي روي عنه، فتفكر سفيان ساعة ثم قال: [(ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو )]. قوله: [ قال سفيان : قدم ههنا رجل بعدما مات إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل هو الراوي عن أبي محمد بن عمرو ، فمعناه أن التلميذ مات قبل الشيخ، والرجل الذي قدم غير معروف عندي. وقوله: [(فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده فسأله عنه فخلط عليه)]. أي أن أبا محمد خلط في الحديث فلم يضبطه حين سأله عنه ذلك الرجل القادم.

    كلام سفيان بن عيينة في الراوي أبي محمد بن عمر


    وصف الخط الذي يخط سترة للمصلي


    قوله: [ قال أبو داود : وسمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال: هكذا. عرضاً مثل الهلال]. هذا فيه أن الإمام أحمد يقول بالخط، ولهذا وصفه بأنه يكون عرضاً كالهلال، يعني: كالمحراب بين يدي المصلي. قوله: [ قال أبو داود : وسمعت مسدداً قال: قال ابن داود : الخط بالطول] معنى ذلك أنه يخطه أمامه طولاً، فيكون الذي أمام المصلي هو طرف الخط؛ لأنه يكون مستطيلاً إلى جهة الأمام ليس معترضاً كما في التفسير الأول الذي جاء عن الإمام أحمد ، وإنما يكون مستطيلاً وطرفه إلى جهة المصلي، والطرف الآخر في الجهة الأمامية المقابلة. قوله: [ قال أبو داود : وسمعت أحمد بن حنبل وصف الخط غير مرة فقال: هكذا -يعني بالعرض- حوراً دوراً مثل الهلال ]. أي: عرضاً مثل الهلال. وقوله: (حوراً دوراً) يعني أنه مائل منعطف مستدير كالهلال، فلا فرق بين هذا التفسير والتفسير الأول؛ لأنه أخبر أنه منحنٍ ومنعطف وليس مستقيماً بالطول، وإنما فيه انعطاف كالهلال.
    تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لذكر الخط

    قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. محمد بن يحيى بن فارس هو الذهلي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا علي -يعني ابن المديني- ]. هو علي بن عبد الله بن المديني ، ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير. [ عن سفيان ]. هو ابن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث ]. هؤلاء مر ذكرهم. وأما أبو محمد بن عمرو بن حريث فقد اختلف في اسمه، ولهذا قيل لسفيان : (إنهم يختلفون فيه). وقال سفيان : (ما أحفظ إلا أبا محمد بن عمرو ). فعكس الاسم، ففي الإسناد: أبو عمرو بن محمد ، وهنا أبو محمد بن عمرو ، فهم يختلفون في كنيته واسمه. [قال ابن داود ]. في إحدى النسخ أن ابن داود هو عبد الله بن داود الخريبي ، وعبد الله بن داود الخريبي هو من طبقة شيوخ أبي داود ، وليس المراد أبا داود الطيالسي ، وإنما هو عبد الله بن داود الخريبي ، فأبوه داود ، وأبو داود الطيالسي أبوه داود ، وذاك سليمان وهذا عبد الله . و عبد الله بن داود الخريبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال الكلمة المشهورة: ليس هناك آية أشد على أصحاب جهم من قول الله عز وجل: لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19] قال: لأن من بلغه القرآن فكأنما سمع كلام الله من الله. ونقلها عنه الحافظ ابن حجر ، وذكرتها في الفوائد المنتقاة من فتح الباري. والحديث الذي معنا فيه مجهولان، وقد صححه ابن حبان وحسنه ابن حجر في البلوغ، ولا أعرف سبب التصحيح، فهل لكونه قد عرف المجهولان أم أن هناك شيئاً آخر، وكذلك الإمام أحمد كما يبدو من التفسير، وقد ذكر عنه في (عون المعبود) وعن شخص آخر أنهما صححا الحديث.

    شرح حديث وضع القلنسوة سترة بين يدي المصلي


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان بن عيينة قال: رأيت شريكاً صلى بنا في جنازة العصر فوضع قلنسوته بين يديه. يعني: في فريضة حضرت ]. ذكر عن شريك -وهو ابن عبد الله القاضي النخعي الكوفي - أنه صلى بهم في جنازة العصر -يعني: في فريضة حضرت- فوضع قلنسوته بين يديه، والقلنسوة نوع مما يتخذ فوق الرأس من الألبسة، أي أنه اتخذها سترة، وهذا فيه أن السترة تكون من شيء شاخص ولو كان نازلاً، ومن المعلوم أن الخط أخفض وأنزل من القلنسوة، وكذلك العصا إذا كانت معترضة فهي أخفض من القلنسوة، والقلنسوة أرفع .

    تراجم رجال إسناد حديث وضع القلنسوة سترة بين يدي المصلي


    قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ]. هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري المخرمي ، من نسل المسور بن مخرمة ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سفيان بن عيينة قال: رأيت شريكاً ]. سفيان بن عيينة مر ذكره، وشريك هو ابن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. وهو غير شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، فشريك هذا متقدم يروي عن أنس ، وهو الذي روى عن أنس الحديث الطويل في الإسراء الذي فيه أغلاط عديدة جاءت من طريقه.
    الصلاة إلى الراحلة


    شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة إلى الراحلة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة ووهب بن بقية وابن أبي خلف وعبد الله بن سعيد قال عثمان : حدثنا أبو خالد قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير) ]. أورد أبو داود رحمه الله [باب الصلاة إلى الراحلة]، أي: كون الراحلة باركة ومعقولة أمام المصلي فيصلي إليها ويتخذها سترة، ولا بأس بذلك، وهذا يدلنا على أن الستر تكون من الأشياء الثابتة ومن الأشياء المتنقلة، سواءٌ أكانت من العصيِّ أم كانت من الحيوانات، كل ذلك يجوز أن يتخذ سترة. وأورد حديث ابن عمر: )أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير) يعني أنه بعير بارك يصلي إليه، وهذا لا ينافي ما جاء من النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن إبل المعاطن غير الراحلة التي تكون مع الإنسان في سفره، وتكون باركة معقولة بعقالها فيصلي إليها ويتخذها سترة، وعلة النهي عن الصلاة في المعاطن قيل: هي لرائحتها أو ما فيها من رائحة البول ورائحة تعطين الإبل فيها، وقيل: لأنها مأوى الشياطين. وقيل: لأنها خلقت من الشياطين. وقيل: لأنها قد تأتي فتزعج الإنسان الذي يصلي إذا كان يصلي في معاطنها. فالصلاة إلى البعير لا تنافي النهي عن الصلاة في معاطن الإبل؛ لأن المقصود هنا كون البعير معقولاً وصلى إليه وجعله سترة، وأما الأماكن التي تبرك فيها وتتمرغ فيها وتأوي إليها بعدما تشرب الماء وتعطن فيها فمنهي عن الصلاة فيها.

    تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بعير )


    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ ووهب بن بقية ]. وهب بن بقية ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي . [ وابن أبي خلف ]. هو محمد بن أحمد بن أبي خلف ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود . [ وعبد الله بن سعيد ]. عبد الله بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: عثمان ]. يعني أن اللفظ هو لفظ عثمان الشيخ الأول. قال: [ حدثنا أبو خالد ]. أبو خالد هو سليمان بن حيان الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه


    شرح حديث (ما رأيت رسول الله يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها أين يجعلها منه. حدثنا محمود بن خالد الدمشقي حدثنا علي بن عياش حدثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل عن المهلب بن حجر البهراني عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها رضي الله عنه قال: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمدا) ]. أورد أبو داود [باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها أي يجعلها منه]. يعني: هل يجعلها أمامه رأساً أو ينحرف عنها قليلاً إلى جهة اليمين أو إلى جهة اليسار؟ قوله: [ سارية ] يعني كون الإنسان يتخذ العمود سترة. وقول المقداد بن الأسود [ (عود) ] يعني: كالعصا [ (ولا شجرة) ] أي: كونه يصلي إلى شجرة، يعني بذلك شيئاً ثابتاً كالعمود، وفي الحديث دليل على أن الإنسان لا يصمد إلى السترة ويجعلها أمامه رأساً بل ينحرف عنها، ولكن الحديث في إسناده مجاهيل، فهو غير ثابت، والأمر في ذلك واسع، فإن صمد إليها أو جعلها أمامه رأساً أو انحرف عنها يميناً أو شمالاً كل ذلك لا بأس به؛ لأن السترة أمامه، وتكون علامة على أنها سترة، فمن يأتي يمر من ورائها ولا يمر بين المصلي وبينها.

    تراجم رجال إسناد حديث (ما رأيت رسول الله يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن ...)


    قوله: [ حدثنا محمود بن خالد الدمشقي ]. محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا علي بن عياش ]. علي بن عياش ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل ]. أبو عبيدة الوليد بن كامل لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود والنسائي . [ عن المهلب بن حجر البهراني ]. المهلب بن حجر البهراني مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود ]. ضباعة بنت المقداد وهي مجهولة لا يعرف حالها، أخرج حديثها أبو داود والنسائي . [ عن أبيها ]. هو المقداد بن الأسود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث فيه مجهولان ولين الحديث.
    الصلاة إلى المتحدثين والنيام


    شرح حديث (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: قلت له -يعني: لعمر بن عبد العزيز - : حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث) ] قوله: [ باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام ] يعني بيان حكمها. والمقصود أنه لا يصلى إلى المتحدثين ولا النيام؛ لأن المتحدث يشغل المصلي، والنائم قد يحصل منه اضطراب ويحصل منه تحرك، وقد يحصل منه أشياء في نومه لا يعلمها، فيكون في ذلك تشويش على المصلي. لكن جاء حديث عن عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي مادة قدميها في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت قدميها) فهذا يدل على أنه لا بأس بالصلاة خلف النائم، أو خلف المضطجع، وأنه يكون أمام المصلي، وأنه لا بأس بذلك، ولكن الأولى عدمه إذا أمكن؛ لأنه -كما هو معلوم- قد يحصل من الإنسان في صلاته في نومه أشياء لا تنبغي، وقد يتحرك ويضطرب، وقد يحصل منه كلام في نومه، وقد يحصل منه خروج ريح لها صوت وما إلى ذلك من الأشياء، أما من حيث الجواز فهو جائز؛ لما جاء في قصة عائشة رضي الله عنها وأرضاها. فالنائم عرفنا وجه عدم الصلاة وراءه، والمتحدث كذلك، لكن بالنسبة للنائم -كما عرفنا- جاء حديث عائشة أنها كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعة نائمة والبيوت يومئذ ليس لها مصابيح، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها، وإذا قام مدتهما. أما استقبال الرجل في الصلاة، مثل إنسان مستقبل القبلة وجاء شخص في الصف الثاني يصلي وأصبح في الظاهر كأنه مستقبلاً له فما نعلم أن شيئاً يمنع من هذا، إذا لم يكن هناك حديث ولا كلام وإنما هو جالس أمامه مستقبل القبلة أو مستدبرها.

    تراجم رجال إسناد حديث (لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث)


    قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن ]. عبد الملك بن محمد بن أيمن مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق ]. عبد الله بن يعقوب بن إسحاق مجهول الحال، أخرج له أبو داود والترمذي [ عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي ]. قوله: [ عمن حدثه ] يعني بذلك شخصاً مبهماً. [ عن محمد بن كعب القرظي ]. محمد بن كعب القرظي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ]. هو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر بن عبد العزيز ليس من رجال الإسناد، ولكن محمد بن كعب حدثه عن ابن عباس بهذا الحديث. فالحديث فيه مجهولان، وفيه مبهم غير مسمى، والحديث حسنه الألباني ، لكن لا أدري ما وجه تحسينه إلا إذا كان له شواهد، وقد ورد على خلافه فيما يتعلق بالنائم حديث عائشة !"


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #123
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [092]
    الحلقة (123)

    شرح سنن أبي داود [092]

    يشرع للمصلي أن يتخذ سترة أمامه وأن يدنو منها بحيث يكون بين موضع سجوده وبينها ممر عنز، ويجوز للمار أن يمر بين يديه من وراء السترة، ولا يجوز له أن يمر بينه وبينها، كما لا يجوز له أن يمر بين يديه ولو لم يكن له سترة، وللمصلي أن يدفعه بيديه إن مر، فإن أبى فليقاتله.

    الدنو من السترة


    شرح حديث (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الدنو من السترة. حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان أخبرنا سفيان ، ح:وحدثنا عثمان بن أبي شيبة وحامد بن يحيى وابن السرح قالوا: حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها؛ لا يقطع الشيطان عليه صلاته). قال أبو داود : ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد رضي الله عنهما. واختلف في إسناده]. قوله: [ باب الدنو من السترة ]. المصلي يضع سترة إذا كان إماماً أو منفرداً ويدنوا منها، فلا يجعل السترة ثم يكون بينه وبينها مسافة طويلة، وإنما يكون بينه وبينها مقدار ما بينهوبين موضع سجوده، بحيث إذا سجد يكون رأسه عندها، فلا تكون الفجوة واسعة بينه وبينها، وإنما يدنوا منها ويكون قريباً منها، وذلك بحيث تكون عند رأسه إذا سجد، فهذا هو الدنو من السترة. وذلك لأن الإنسان إذا دنا من السترة حصل له قصود منها، بخلاف ما إذا كانت بعيدة، فليس له ذلك، ولا يحجز المسافة الطويلة بالسترة، وإنما يكون قريباً منها. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه قال: [(إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته)]. وقوله: [ (لا يقطع الشيطان عليه صلاته) ] أي: أنه يشوش عليه صلاته بسبب عدم وجود السترة، أو بسبب وجود المسافة الطويلة بينه وبينها فيتسبب في نقصانها . وهذا فيه الدلالة على الدنو من السترة، وأن المصلي يكون قريباً منها ولا يكون بعيداً عنها.
    تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها ...)

    قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان ]. محمد بن الصباح بن سفيان صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ أخبرنا سفيان ]. هو ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. قوله: [ ح ] للتحول من إسناد إلى إسناد. وعثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ وحامد بن يحيى ]. حامد بن يحيى ثقة، أخرج له أبو داود وحده. [ وابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة . [ قالوا: حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم ]. صفوان بن سليم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع بن جبير ]. نافع بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل بن أبي حثمة ]. سهل بن أبي حثمة صحابي رضي الله عنه، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ] يعني: يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. لأن عبارتي (يبلغ به) و(يرفعه) كلتاهما بمعنىً واحد. [ قال أبو داود : ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه، أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم ] قوله: [ ورواه واقد بن محمد ]. هو صدوق ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن صفوان ]. صفوان مر ذكره. [ عن محمد بن سهل عن أبيه ].. أبوه هو سهل بن أبي حثمة ، وقد مر ذكره. قوله: [ أو عن محمد بن سهل عن النبي صلى الله عليه وسلم ].. معناه أنه مرسل ليس أبوه بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يرفعه محمد بن سهل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد ]. سهل بن سعد لعله الساعدي ، وهو صحابي آخر. قوله: [ واختلف في إسناده ]. هذا الكلام الذي مر هو من الاختلاف في إسناد الحديث، ولكن ذلك لا يؤثر؛ فإن الحديث في الدنو من السترة وكون المصلي يدنو منها ثابت، ولا يؤثر هذا الاختلاف في الإسناد.

    شرح حديث (كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي والنفيلي قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال: أخبرني أبي عن سهل رضي الله عنه أنه قال: (وكان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز). قال أبو داود : الخبر للنفيلي ]. أورد أبو داود حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: (كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز). يعني أنه كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين السترة ممر عنز، ومعناه أنه مقدار يسير على قدر سجوده، وهذا فيه إشارة إلى الدنو من السترة, لكونه لم يكن بينه وبين القبلة -أي: السترة- إلا ممر عنز، فمعناه أنه قريب منها. قوله: [ قال أبو داود : الخبر للنفيلي ]. النفيلي هو الشيخ الثاني لأبي داود ، فشيخه الأول القعنبي ، وشيخه الثاني النفيلي ، والخبر سياقه للنفيلي ، أي: ليس هذا سياق شيخه الأول وإنما سياق شيخه الثاني الذي هو النفيلي .

    تراجم رجال إسناد حديث (كان بين مقام النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة ممر عنز)


    قوله: [ حدثنا القعنبي ]. القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ والنفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم ]. عبد العزيز بن أبي حازم صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: أخبرني أبي ]. أبوه هو سلمة بن دينار أبو حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهل ]. هو سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه



    شرح حديث (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه. حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان) ] أورد أبو داود هذه الترجمة [ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه]. يعني: ما يؤمر به المصلي من الدرء عن المرور بين يديه بحيث يدرأ من مر بين يديه، فمعناه أنه يمنعه ويحول بينه وبين المرور إذا مرَّ بينه وبين السترة، أما إذا كان من وراء السترة فإن له ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى السترة فيمر من ورائها من يمر، فالممنوع هو المرور بينه وبين سترته، أما المرور من وراء السترة فلا بأس به ولا مانع منه. قوله: [ (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحد يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع) ] يعني: يمنعه بالتي هي أحسن قدر ما يستطيع؛ لأنه قد يكون ساهياً أو غافلاً، فإذا مدّ الإنسان يده يتنبه، وبدون ذلك قد لا ينتبه، ولكنه إذا مد الإنسان يده له تنبه فيبتعد عن المرور بين يدي المصلي، فهو يدرؤه ما استطاع، أي: بأسهل شيء، وذلك بأن يمد يده حتى يتنبه.
    المقصود بالمقاتلة في حديث السترة وعلتها

    قوله: [ (فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان) ] يعني أنه إذا رده ومع ذلك لم يحصل امتناعه فليقاتله، أي: يدفعه بقوة، وليس المقصود من المقاتلة أنه يعمل على قتله، وإنما يدفعه بقوة، ففي أول مرة يدرأ بسهولة؛ لأنه قد يكون غافلاً، ولكنه إذا رأى أنه ليس بساهٍ وإنما هو منتبه ولكنه يريد أن يقطع فليقاتله فإنما هو شيطان؛ لأن هذا هو عمل الشيطان، ومن المعلوم أن الإنس فيهم شياطين والجن فيهم شياطين، وشياطين الجن يكونون مع الإنسان، وما من إنسان إلا ومعه قرين من الجن وقرين من الملائكة، ولهذا جاء في بعض الروايات: (فإن معه القرين) يعني القرين من الجن، فيكون هو الذي يدفعه إلى ذلك، وهو الذي يجعله يقدم على ذلك. إذاً: فمنع المصلي من يمر بين يديه يكون أولاً بالتي هي أحسن، وذلك بأن يمد يده حتى ينبهه، فقد يكون غافلاً فيتذكر فيتنبه، فإن رآه غير غافل ولا لاه ولكنه عازم على أن يمر بين يديه فإنه يدفعه بقوة وبشدة، وعلل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [(فإنه شيطان)] يعني: هذا الذي أقدم وحصل منه المخالفة وحصل منه الإصرار على ارتكاب الأمر المحرم هو شيطان، فإما أن يكون المراد أنه شيطان من شياطين الإنس، أو أنه معه القرين من الجن الذي يدفعه ويسول له الأمر المنكر ويرغبه في الأمر المنكر حتى يقدم عليه وحتى لا يحصل منه الابتعاد عما لا ينبغي.
    تراجم رجال إسناد حديث (إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه)

    قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك ]. مالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي سعيدالخدري ]. عبد الرحمن بن أبي سعيد ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري ، صحابي مشهور بكنيتهأبي سعيد ، ونسبته الخدري ، وهو أحد الصحابة السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولفظ الحديث يقتضي أنه لا يدع أحداً يمر بين يديه، سواءٌ أكان له سترة أم لم يكن سترة، ولا يدع أحداً ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً حتى الأطفال والحيوانات.
    شرح حديث (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها) ثم ساق معناه ] أورد هنا حديث أبي سعيد من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم فيه الدنو من السترة وأن الإنسان يصلي إلى سترة، ومع ذلك يدنو من السترة ولا يكون بعيداً منها. وقوله: [ (فليصل إلى سترة) ] أمر حمله بعض العلماء على الوجوب، وبعضهم قال: إن ذلك للاستحباب. وذلك لأنه جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى غير جدار.
    تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة)

    قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو خالد ]. هو سليمان بن حيان الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه ]. قد مر ذكر الثلاثة.

    شرح حديث (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ثم أخبرنا أبو أحمد الزبيري أخبرنا مسرة بن معبد اللخمي -لقيته بالكوفة- قال: حدثني أبو عبيد حاجب سليمان قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائما يصلي فذهبت أمر بين يديه فردني، ثم قال: حدثني أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل) ] أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل) ومعناه أنه يمنع من يمر بينه وبين السترة.

    تراجم رجال إسناد حديث (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد فليفعل)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ]. أحمد بن أبي سريج الرازي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ ثم أخبرنا أبو أحمد الزبيري ]. أبو أحمد الزبيري شيخ لأحمد بن أبي سريج ، ولعل قوله: (ثم أخبرنا) يعني أنه معطوف على شيء محذوف، أي أخبرنا بكذا ثم أخبرنا بكذا. فذكر الشيء على ما جاء عليه وأبقى اللفظ للإشارة إلى أن هناك شيئاً متقدماً، مثل قوله: (وأخبرنا) فهي تأتي في بعض الروايات عن فلان قال: (وأخبرنا) فتكون الواو عاطفة على شيء محذوف، أي: على شيء متقدم، وكذلك هنا قوله: (ثم أخبرنا) يدل على أن (ثم) عاطفة على شيء متقدم. والقائل: (ثم أخبرنا) هو أحمد بن سريج ، وليس أبا داود . وأبو أحمد الزبيري هو محمد بن عبد الله بن الزبير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا مسرة بن معبد اللخمي ]. مسرة بن معبد اللخمي صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود . [ حدثني أبو عبيد حاجب سليمان ]. أبو عبيد حاجب سليمان ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي . [ قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي ]. عطاء بن يزيد الليثي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثني أبو سعيد الخدري ]. مر ذكره.
    شرح حديث (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - عن حميد -يعني ابن هلال - قال: قال أبو صالح : أحدثك عما رأيت من أبي سعيد وسمعته منه؟ دخل أبو سعيد على مروان فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان). قال أبو داود : قال سفيان الثوري : يمر الرجل يتبختر بين يدي وأنا أصلي فأمنعه ويمر الضعيف فلا أمنعه]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله في كون المار بين يدي المصلي يدفع، وإن أبى فليقاتله. وأما قول سفيان فغريب؛ لأن لفظ الحديث عام في المنع من المرور ودرء المار، ولا فرق بين متبختر وضعيف، وإنما الإنسان يمنع الجميع، بل يمنع الصغار ويمنع الحيوانات.

    تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه ...)


    قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - ]. سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد -يعني ابن هلال - ]. حميد بن هلال ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. قال: [ قال أبو صالح ]. هو ذكوان السمان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أحدثك عما رأيت من أبي سعيد ]. قد مرَّ ذكره.
    ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي


    شرح حديث (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي. حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم رضي الله عنهما يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي، فقال أبو جهيم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه) . قال أبو النضر : لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [(باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي )]. يعني: ما ينهى عنه المار؛ لأن الأحاديث التي تقدمت هي للمصلي، وأنه يَدرأُ ويَمنع، وأما هذا فنهي للمار، وأنه لا يجوز له أن يمر، وبيان خطورة ذلك، وأنه لو يعلم ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي، ومعنى ذلك أنه لو يعلم المار ماذا عليه من الإثم لكان وقوفه لينتظر هذا الذي يصلي ليفرغ من صلاته مدة طويلة خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي. قوله: [ قال أبو النضر : لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة ]. يعني أربعين سنة، أو أربعين شهراً، أو أربعين يوماً، وكل ذلك صعب، حتى لو كان أربعين دقيقة، فكونه يجب أن يقف هذه المدة لا شك في أنها كثيرة في حق إنسان يريد أن يتجاوز، وكونه يقف مدة طويلة يكون خيراً له من أن يمر بين يدي المصلي إنما هو لأن المرور خطير يؤدي إلى إثم عظيم على الإنسان المار، فأبهم، ولو كان المراد يوماً ليس شهراً ولا سنة فمعنى ذلك أنه شيء كثير وأنه شيء عظيم، فإذا كان وقوفه هذه المدة خيراً من أن يمر فمعنى هذا أن المرور في غاية الخطورة، فهذا فيه تحذيرٌ وتنفير من المرور بين يدي المصلي.
    تراجم رجال إسناد حديث (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه...)

    قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ]. أبو النضر هو سالم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بسر بن سعيد ]. بسر بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم ]. المعنى أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم ، وزيد بن خالد ليس من رجال الإسناد، وإنما بسر يروي عن أبي جهيم ، وكان زيد بن خالد هو الذي أرسله يسأل، ومعنى هذا أن بسراً سمع من أبي جهيم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو جهيم صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    الأسئلة



    حكم وضع العصا ملقاة على الأرض معترضة سترة للمصلي


    السؤال: لو أن المصلي ألقى العصا إلقاءً بدلاً من أن يغرزها سترة له في الصلاة، فما الحكم؟

    الجواب: هي أوضح من الخط، ولكن كونه يجعلها مغروزة أولى، وإن ألقاها معترضة أو مستطيلة ورأسها قريبٌ منه فإنها حينئذٍ مثل الخط أو أوضح من الخط.

    حكم السترة

    السؤال: ما حكم السترة؟

    الجواب: السترة قال بوجوبها بعض العلماء، وأكثر العلماء قالوا إنها مستحبة وليست بواجبة.

    حكم اتخاذ الخط سترة مع وجود الشاخص

    السؤال: هل يجوز اتخاذ الخط مع وجود العصا والشاخص؟

    الجواب: لا ينبغي أن يتخذ المصلي الخط إلا عند عدم وجود شيء شاخص، سواء أكان ثابتاً أم متنقلاً كالعصا.

    نشأة المحاريب وحكم اتخاذها في المساجد

    السؤال: هل كان في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم محراب في زمنه؟ وما حكم اتخاذ المحاريب في المساجد؟

    الجواب: ما نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ محراباً، ولكن السلف اتخذوا المحاريب، وفيها فائدة، وهي علامة القبلة واتجاه القبلة، وكذلك تحديد مكان الإمام، بحيث يبدأ الناس منه من جهة اليمين ومن جهة الشمال، ولا بأس بذلك.

    حكم محاذاة صفوف النساء صفوف الرجال مع الفاصل بينهم

    السؤال: ما حكم محاذاة صفوف النساء لصفوف الرجال إذا كان يفصل بينهم فاصل؟

    الجواب: ليس هناك بأس إذا كان بينهم جدار أو ساتر، فالنساء يصلين في المكان الخاص بهن والرجال من وراء الساتر بجوارهن، فلا بأس بذلك ولا مانع منه؛ لأنه ليس هناك مسافة، فالنساء مستقلات بالمكان الخاص بهن، والرجال مستقلون بالمكان الخاص بهم.

    حكم الدراسة في المدارس والجامعات التي بها اختلاط

    السؤال: ما توجيهكم لمن يدرس العلوم الدنيوية في المدارس أو الجامعات التي يكون بها اختلاط؟

    الجواب: لا يجوز للإنسان أن يدرس في المدارس التي فيها اختلاط، اللهم إلا إذا كان مضطراً لذلك، وليبتعد عن النساء؛ لأن الرجل يمكن أن يبتعد عن النساء، وأما المرأة فإنها لا تستطيع أن تبتعد؛ لأن الرجال أنفسهم يقربون منها ويتصلون بها ويؤذونها، فلا يجوز لها أن تدرس في المكان المختلط، بخلاف الرجل فإنه يستطيع أن يبتعد عن المرأة، فإذا كان يستطيع أن يدرس من غير أن يكون هناك اختلاط فلا شك في أن هذا خير، وإن لم يكن هناك إلا الاختلاط فإنه يدرس ولكن يبتعد عن النساء. أما المرأة فإنه لا يجوز لها أن تدرس مع الاختلاط؛ لأنها لا تستطيع أن تتخلص من الرجال، ولا تستطيع أن تبتعد عن الرجال؛ لأن الخبثاء من الرجال يضايقونها ويتصلون بها ويقربون منها ويؤذونها ويفعلون معها ما لا ينبغي أن يفعل، ففرق بين الرجل والمرأة، فالرجل إذا وجد دراسة فيها اختلاط يبتعد إن لم يجد مكاناً غير مختلط، وبإمكان الرجل أن يبتعد عن المرأة، أما المرأة فلا يجوز لها ذلك، ولا تدرس دراسة فيها اختلاط؛ لأن الرجال يقربون من النساء ويؤذون النساء ويعاكسونهن.

    حكم الاستدلال بأقوال المنحرفين عن المنهج السلفي فيما يوافق الدين


    السؤال: ما حكم أخذ أقوال بعض المنحرفين عن المنهج السلفي فيما يوافق بعض المسائل في الدين؟

    الجواب: لا حاجة إلى كون الإنسان يبحث عن أقوال من عندهم انحراف، فيكفيه أقوال الذين لا انحراف عندهم، ويكفيه ما جاء من النصوص، فإذا كانت المسألة فيها نصوص فالمعول عليه النصوص، ولا حاجة إلى ذكر أقوال من عندهم انحراف، لا سيما إذا كانوا من أهل البدع الذين لا يعتد بمخالفتهم في الإجماع، ووجود خلافهم مثل عدمه، فلا يلتفت إلى مثل هؤلاء، وإنما يعول على كلام أهل العلم الذين هم على منهج السلف وعلى طريقة السلف، سواءٌ أكانوا من المحدثين أم من الفقهاء، كما قال الطحاوي في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة: (وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر، لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ). وقد يقال: هل إيراد بعض أقوال هؤلاء المنحرفين في بعض الكتب يجعلها لا تصلح للقراءة؟ والجواب: لا يقال: إنها لا تصلح للقراءة، ولكن الكتب التي تعنى بذكر أقوال العلماء المحققين وأقوال العلماء الذين هم على سلامة وهم مراجع في العلم لا شك في أنها أولى من غيرها، ولكن لا يقال: لا تقرأ بعض الكتب التي تذكر بعض الأقوال لبعض المخالفين إذا كانوا من أهل البدع، فلا تترك هذه الكتب، وإنما يستفاد منها مع الحذر مما فيها من الأمور التي لا تنبغي.

    مخالفة اليهود في صوم يوم عاشوراء وبم تتحقق


    السؤال: هل يجب في صوم يوم عاشوراء تحقيق المخالفة لليهود فيه وذلك بصوم يوم التاسع معه، أم أن هذه المخالفة مستحبة؟ وهل يمكن أن تحصل المخالفة بصوم يوم بعده، أم أنه يقتصر على ما ورد في الحديث: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)؟

    الجواب: لا شك في أن صيام التاسع والعاشر هو الذي ينبغي، ولكن إذا لم يصم المسلم التاسع فإن المخالفة تكون بأن يضيف إلى العاشر يوماً بعده، وبذلك تحصل المخالفة، لكن كون الإنسان يقصد التاسع مع العاشر هذا هو الذي يتفق مع النص، وهذا هو الذي عزم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

    ما يفعله المصلي بعد قيام من اتخذه سترة

    السؤال: إذا كانت سترة المصلي رجلاً جالساً ثم قام الرجل وأصبحت المسافة بين المصلي والسترة بعيدة، فما هي المسافة المشروعة للمصلي أن يمشيها ليدنو من السترة؟

    الجواب: إذا كان سيمشي خطوتين أو نحو ذلك والسترة قريبة منه فإنه يخطو، وإلا فإنه يبقى، ولكن لا يجوز لأحد أن يمر دون ثلاثة أذرع ابتداءً من قدم المصلي، ومن أراد أن يمر من بعد الثلاثة الأذرع فله ذلك.

    أشرطة يتهجم فيها على الصحابة رضي الله تعالى عنهم


    السؤال: انتشرت أشرطة في قصص الأنبياء وفضائل الصحابة لأحد الوعاظ، وفيها تهجم على الصحابة، فما قولكم في هذا الواعظ وفي أشرطته؟

    الجواب: من يتهجم على الصحابة ويجر الوبال والضرر على نفسه؛ لأن غيبة الناس غير سائغة وحرام ومن الكبائر، فكيف إذا كانت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم خير الناس، والذين جعلهم الله واسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فما عرف الناس كتاباً وسنة إلا عن طريق الصحابة، وما عرفوا الهدى وما عرفوا النور الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور إلا عن طريق الصحابة، فالذي يتكلم فيهم يجني على نفسه ويجر البلاء على نفسه، وكيف يتكلم في خير الناس وفي أفضل الناس الذين ما كان مثلهم قبلهم، ولا يكون بعدهم مثلهم، فهم خير هذه الأمة التي هي خير الأمم، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم هي خير أمة أخرجت للناس، وخير هذه الأمة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، ولهذا يقول العلماء: إذا عرف أن الشخص صحابي فإنه لا يحتاج إلى شيء أكثر من كلمة صحابي؛ لأن الصحبة شرف عظيم، من حصلت له فقد ظفر بخير كثير، ولهذا لا يحتاجون إلى توثيق وتعديل، بل إذا عرف أن الشخص صحابي فيكفيه أن يقال: إنه صحابي. والمجهول فيهم في حكم المعلوم، بخلاف غيرهم، فإنه لا بد من معرفة الرواة حتى يعول على أحاديثهم أو لا يعول على أحاديثهم، أما الصحابة فسواء عرفوا أو جهلوا فالمجهول منهم في حكم المعلوم. ولهذا فالأشرطة التي فيها كلام في الصحابة لا يجوز اقتناؤها، ولا يجوز الاشتغال بها؛ لأن فيها بلاء وفيها قدحاً في خير القرون، وقد قال أبو زرعة الرازي رحمة الله عليه: إذا رأيتم من ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلموا أنه زنديق. وذلك أن الكتاب حق والرسول حق، وإنما أدى إلينا الكتاب والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. فالشخص الذي كلامه غير سليم لا يجوز الاشتغال بكلامه ولا الالتفات إليه؛ لأن أهل السنة والجماعة طريقتهم أن تكون ألسنتهم سليمة وقلوبهم سليمة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في (العقيدة الواسطية): (ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). فهذا من أصول أهل السنة والجماعة، القلوب سليمة والألسنة سليمة، القلوب سليمة من الغل والحقد والغيظ والألسنة سليمة من القدح والذم والشتم والعيب، ولهذا ذكر الله عز وجل في سورة الحشر ثلاث آيات، آية في المهاجرين، وآية في الأنصار، وآية في الذين يأتون بعدهم مستغفرين لهم سائلين الله أن لا يجعل في قلوبهم غلاً لهم فقال تعالى: (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ )) يعني: من بعد المهاجرين والأنصار ((يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ )) فهذه سلامة الألسنة، الألسنة سليمة نظيفة لا تذكرهم إلا بخير ولا تتحرك إلا بالثناء عليهم والدعاء لهم وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:10] وهذه سلامة القلوب من الغل والحقد والغيظ، فهذه هي أصول أهل السنة والجماعة في الصحابة رضي الله تعالى عنهم. ويقول الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حبهم)، أي: نحبهم فلا نبغضهم، ومع حبنا لا نتجاوز الحدود، فقوله: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) يخرج طرف الجفاء وجانب الجفاء، فنحن نحب فلسنا مبغضين ولسنا جفاة، بل نحن محبون، ولما كان الحب ينقسم إلى قسمين: حب باعتدال وحب بغلو وإفراط قال: (ولا نفرط في حبهم). إذاً: خرج الطرفان المذمومان، طرف الإفراط وطرف التفريط، طرف الغلو وطرف الجفاء. قال: (ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفرط في حبهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم) فمن ذكرهم بغير الخير فنحن نبغضه، ومن ذكرهم بسوء فنحن نبغضه، قال: (وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان) لأنهم هم الذين جاءوا بالدين، فما عرفنا الدين إلا عن طريق الصحابة، فحبهم دين وإيمان؛ لأن الإيمان والدين ما عرفا إلا عن طريق الصحابة، والحق ما عرف إلا عن طريق الصحابة، والنور الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وقال عنه: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8] ما عرفه الناس إلا عن طريق الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. فلا يلتفت إلى الكلام الذي فيه نيل من الصحابة، والفتن التي كانت في أيام أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- قد صان الله منها أيدينا؛ لأننا ما كنا في زمانهم حتى نشارك فيها، فقد صان الله منها أيدينا، فنسأله أن يصون عنها ألسنتنا، فالذي بقي معنا هو الألسنة، فالأيدي سلمت لأنها ما وجدت في ذلك الزمان حتى تشارك وحتى يكون لها نصيب من تلك الفتنة، فنسأله تعالى أن يصون عنها ألسنتنا. فهذه طريقة أهل السنة والجماعة، لا أن يقوم الإنسان ليفتح فاه ويحرك شفتيه ويحرك لسانه في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، بل سائر الناس لا يتكلم الإنسان فيهم، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، فكيف بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم، الذين هم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فنحن لا نريد أن نسمع شيئاً من التكلم في الصحابة بما لا ينبغي، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، سواء سمعنا أو ما سمعنا.

    حكم سماع الأشرطة التي فيها ذكر الفتنة بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم


    السؤال: لو قال قائل: نحن نسمع هذه الأشرطة التي تتحدث عن تلك الفتنة من باب معرفة التاريخ فهل له وجه، أو يقال بالمنع؟

    الجواب: ليس للإنسان أن يسمع كل شيء، وإذا أراد أن يسمع فليسمع كلام أهل العدل وأهل الإنصاف وأهل العلم وأهل الفهم، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر (العقيدة الواسطية): (وما قيل عن الصحابة أو أضيف إلى الصحابة فمنه ما هو كذب، ومنه ما هو ضعيف لا يثبت، والصحيح منه هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، والمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد وخطؤه مرفوض). فهذا هو الكلام الجميل، فليس كل ما قيل يسلم به، إذ إن بعض الناس عندما يسمع الشيء ولو كان ليس له صحة يكون ذلك سبباً في كونه ينحاز عن شخص إلى شخص، أو يقع في قلبه شيء على شخص من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، والواجب محبة الصحابة جميعاً وموالاتهم جميعاً والثناء عليهم جميعاً، مع معرفة أنهم متفاوتون في الفضل، لكن القدر المشترك هو أنهم يحبون ويتولون ويذكرون بالجميل اللائق بهم، ولا يذكرون إلا بالخير ولا يذكرون بسوء، هذا هو الواجب. فالكلام الذي قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر (الواسطية) هو الكلام الذي عليه نور، والكلام الذي هو الحق، فما ذكر من أشياء أضيفت إليهم منه ما هو كذب، وبعض الناس لا يعرف الكذب، وإنما يسمع الكلام ثم يقع في نفسه بغض أو ميل عن شخص إلى شخص، ومن ذلك المذكور ما هو ضعيف، ومنه ما فيه زيادة، والصحيح منه هم فيه معذورون، ولهذا فمن عقائد أهل السنة والجماعة الكف عما شجر بين الصحابة، لكن إذا عرف الإنسان الحقيقة وعرف المنهج الصحيح فيمكن أنه يطلع ويترك الشيء الذي لم يثبت والذي ليس له قيمة، والذي يصح أن يعتذر فيه عن خير الأمة وأفضل هذه الأمة، فيلتمس لهم أحسن الأعذار ويخرج كلامهم على أحسن المخارج، ولا يجوز للإنسان أن يسمع كلاماً ثم يحصل في قلبه شيء على أحدهم، بل الواجب محبة الجميع، وموالاة الجميع، والترضي عن الجميع، وإحسان الظن بالجميع، وأن يذكر الجميع بالخير، ولا يذكرون بسوء. وقد يقال: هل لا يصلح أن نعمل محاضرات عامة أو دروساً عامة فيما شجر بين الصحابة في أشرطة تسجل وتباع للعالم والجاهل وتنشر بين الناس؟ وأقول: العامة إذا سمعوا شيئاً فغالباً لا يعقلون ولا يفهمون ما يصح وما لا يصح وما ينبغي وما لا ينبغي، وأما أهل العلم فإنهم إذا عرفوا أو إذا كان عندهم قدرة على معرفة ما يصح وما لا يصح فإن الواحد منهم يتحاشى مما لا يصح، ويبقى الصحيح فيلتمس فيه الأعذار.

    المرور أمام المصلي ونقصان أجره


    السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (فليخطط خطاً ثم لا يضره ما مر أمامه) فهل المرور أمام المصلي ينقص من أجره أخذاًَ من مفهوم المخالفة في الحديث؟

    الجواب: لا شك أن ذلك فيه تشويش وفيه انشغال عن الصلاة، ففيه مضرة.


    كيفية اتخاذ المصلين الستر حال كونهم في مكان مزدحم


    السؤال: كيف يفعل المصلون في منزل ليس فيه سعة؟ فإذا صلى المصلون إلى الجدار فهل يجوز للباقين أن يجعلوا هؤلاء المصلين سترةً لهم؟

    الجواب: لا شك في أن الصف الأول يكون سترة للصف الثاني، فالمصلون يكملون الصف الأول، ثم يبدءون بالصف الثاني، فيكون المصلي إلى الجدار سترة لمن خلفه.

    حكم القود في دفع المار بين يدي المصلي إذا مات

    السؤال: إذا دافع المصلي شخصاً وقاتله فمات فهل عليه القود؟

    الجواب: ليس له أن يدفعه دفعاً يموت به.

    عدد مرات دفع المار بين يدي المصلي


    السؤال: كم عدد مرات الدفع للمار بين يدي المصلي؟

    الجواب: يدفعه بقوة، ثم يتركه إذا لم يستطع دفعه، لكن لا يلحقه ولا يذهب يقاتله المقاتلة التي تنهي حياته فيخرج من هذه الحياة بسبب هذا الفعل الذي فعله.

    حكم صلاة المقاتل من مر أمامه


    السؤال: إذا قاتل المصلي المار بين يديه هل تبطل صلاته؟

    الجواب: لا تبطل صلاته، بل هو مأمور بهذا، لكن المصلي لا يذهب بعده ليقاتله، وإنما يدفعه في مكانه، فإذا امتنع دفعه بقوة، وإن ذهب تركه وشأنه ولا يلحقه ليقاتله.

    حكم دفع المار عند الزحام الشديد

    السؤال: إذا وجد الإنسان زحمة شديدة في المسجد فهل يجوز له أن يتساهل في المرور بين يديه؟

    الجواب: لا يجوز، اللهم إلا إذا كان المار مضطر، كما إذا أراد قضاء الحاجة ولا يستطيع أن يصبر، فمثل هذا يذهب وهو معذور إذا ما وجد مندوحة إلا المرور، أما إذا وجد مندوحة ليخرج من صف إلى صف آخر ليس فيه أحد يصلي فهذا هو الذي ينبغي. وعلى كل حال فإن على المصلي أن يدفع المار بين يديه ويرده، والمار إذا كان مضطراً فله أن يمر.

    حكم النفث في الماء بعد قراءة الأدعية


    السؤال: ما حكم النفث في الإناء بعد قراءة بعض الأدعية وبعض الآيات للاستشفاء به؟

    الجواب: إذا كان الإناء فيه ماء فلا بأس بذلك، أما كونه ينفث في إناء خال فهذا لا يفعل، وإنما إذا أراد المرء أن ينفث فلينفث في ماء إذا كان سينقل إلى شخص آخر يستفيد منه، فينفث في ماء أو في شيء سائل يمسك النفث ويختلط به.

    السترة في الحرمين


    السؤال: هل صحيح أن الإنسان في الحرمين لا يحتاج إلى سترة ولا يمنع المار بين يديه؟

    الجواب: ليس هذا بصحيح، بل الذي ينبغي أن المصلي عندما يصلي في أي مكان من المسجد الحرام والمسجد النبوي يصلي إلى سترة، ولكن إذا كان عند المطاف وكان هناك زحام شديد فإن الطائفين أولى من المصلين، فالطائفون أولى من غيرهم وأحق من غيرهم؛ لأن الطائف ليس له مكان يطوف فيه إلا حول الكعبة، وأما المصلي فإنه يجد أماكن مختلفة أو متعددة في المسجد، فيترك المطاف للطائفين، وهم أحق من المصلين. فلا يجوز للمصلين أن يصلوا في المطاف مع شدة الزحام؛ لأن الطائفين أولى به من المصلين، ولا يفعل هذا غالباً إلا أناس مخذولون.

    ما يباح النظر إليه من المخطوبة

    السؤال: ما الذي يجوز أن ينظر إليه الخاطب من مخطوبته؟

    الجواب: ينظر إلى وجهها وإلى يديها، فالشيء الذي يظهر غالباً هو الذي ينظر إليه، ولا ينظر إلى شيء أكثر من ذلك.

    حكم الطعن في فتاوى كبار العلماء

    السؤال: يوجد بعض الإخوة يطعنون في فتاوى المشايخ الكبار حول كيفية التعاون مع الجماعات الإسلامية، فهل من نصيحة لهؤلاء الإخوة؟

    الجواب: نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه، وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه، وأما قضية المشايخ الكبار الذين هم القدوة وهم المرجع فهؤلاء لا يطعن فيهم إلا إنسان ضر نفسه، فقد قال الإمام الطحاوي في عقيدة أهل السنة والجماعة: (وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من اللاحقين أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل). فالعلماء الكبار الذين يرجع إليهم في الفتوى ويرجع إليهم في العلم إذا تُكلِّم فيهم وإذا قُلِّل من شأنهم فمن الذي يرجع إليه بعدهم؟ ومن العوض عنهم؟! ومن البديل؟! هل الجهلة الذين عندهم استكبار هم الذين يرجع إليهم؟! إن هذا قطعٌ لطريق العلم، وقطعٌ للطريق الموصل إلى الحق وإلى الهدى؛ لأن العلم ومعرفة الحق والفتاوى إنما يكون ممن هم أهل لذلك وممن هم مراجع في ذلك، أما إذا نيل منهم أو تكلم فيهم فمعنى هذا أنه تقليل من شأنهم وتحقير لفتاواهم، ومعنى ذلك أن الناس يرجعون إلى جهلة وإلى أناس ليسوا بذوي علم في أمور دينهم، وعند ذلك يحصل الضلال والإضلال.

    صحة نسبة كتاب الروح لابن القيم رحمه الله تعالى


    السؤال: هل تصح نسبة كتاب (الروح) لابن القيم ؟

    الجواب: نعم تصح، وكتاب (الروح) لابن القيم هو أسلوبه ولكنه -كما هو معلوم- في أمور منامية وحكايات غريبة، ولعله كان تأليفه في أول أمره وفي بداية أمره، والكتاب لا شك في أنه له، وليس لغيره، وإنما هو له، ولكن الذي يبدو -والله أعلم- أن تأليفه متقدم، وهناك ما يوضح هذا المعنى: فإنه لما جاء عند الكلام على النفس والروح، وذكر معنى النفس ومعنى الروح، وأن النفس يراد بها الدم قال: وفي الحديث: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه). مع أنه في كتاب (زاد المعاد) قال: وأول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بعبارة (ما لا نفس له سائلة) إبراهيم النخعي ، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده. ففي كتاب الروح حكى ذلك حديثاً، وفي كتاب (زاد المعاد) قال: إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي ."

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #124
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [093]
    الحلقة (124)


    شرح سنن أبي داود [093]


    الصلاة في الإسلام خطرها عظيم وشأنها كبير، والمصلي واقف بين يدي ربه يناجيه، فهو بحاجة إلى الابتعاد عن كل ما يشغله في صلاته ويحول بينه وبينها، ومن هنا شرع للمصلي دفع المار بين يديه، وجاءت نصوص تفيد أن المرأة والكلب والحمار تقطع الصلاة بمرورها، ولكنها محمولة على النقصان والتشويش لا على الإبطال.

    ما يقطع الصلاة


    شرح حديث (يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقطع الصلاة: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ، ح: وحدثنا عبد السلام بن مطهر و ابن كثير -المعنى- أن سليمان بن المغيرة أخبرهم عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه، قال حفص : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة الرجل)، وقال عن سليمان : قال أبو ذر : (يقطع صلاة الرجل -إذا لم يكن بين يديه قيد آخرة الرحل- الحمار والكلب الأسود والمرأة) فقلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟! فقال: يا ابن أخي! سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: (الكلب الأسود شيطان) ]. يقول الإمام أبو داود رحمه الله: [باب ما يقطع الصلاة] أي: ما الذي يقطع الصلاة؟ أو: ما الذي ورد بأنه يقطع الصلاة؟ والذي ورد في الأحاديث الصحيحة المرأة والحمار والكلب، وفي بعض الروايات: الكلب الأسود. وهذه الثلاثة ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تقطع الصلاة، فمن أهل العلم من قال: إن قطعها، بمعنى أنه يستأنفها، وأكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم على أنه لا يحصل القطع بمرور شيء، ولكن هذه الأشياء التي ورد أنها تقطع الصلاة يكون فيها تشويش على المصلي ونقصان للخشوع في الصلاة بسبب ما يحصل له مما يمر بين يديه، وهذه الأنواع الثلاثة هي المرأة، والحمار، والكلب. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقطع صلاة الرجل -إذا لم يكن بين يديه قيد آخرة الرحل- الحمار والكلب الأسود والمرأة) ]. وقوله: [ (قيد آخرة الرحل) ] القيد هو القدر يعني: قدر آخرة الرحل. أي: سترة، يعني: فإذا كان له سترة ومر من دونها حصل القطع، وإن كان مر من ورائها فإنه لا يؤثر، وإذا لم يكن له سترة ومر من مكان بعيد فإن ذلك -أيضاً- لا يؤثر. ثم إن عبد الله بن الصامت سأل أبا ذر رضي الله تعالى عنه عن الكلب الأسود وتمييزه عن غيره من الكلاب فأخبره أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأجابه بأن الكلب الأسود شيطان، وفسر بأن المقصود من ذلك أن الشياطين تتصور وتتمثل على هيئة الكلاب السود. والمقصود من ذلك -كما قاله جمهور أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه يحصل التشويش ويحصل إضعاف الخشوع وانشغال الإنسان في صلاته بسبب ما شاهده وما مر بين يديه من هذه الأصناف الثلاثة.
    تراجم رجال إسناد حديث (يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة)

    قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحدثنا عبد السلام بن مطهر ]. عبد السلام بن مطهر صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود . [ و ابن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن سليمان بن المغيرة ]. سليمان بن المغيرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد بن هلال ]. حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الصامت ]. عبد الله بن الصامت ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    بيان طريقي رواية حديث (يقطع صلاة الرجل الحمار والكلب الأسود والمرأة)

    قوله: [ قال حفص: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. يعني أن حفصاً الذي هو شيخه الأول في إسناده الأول رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ وقال عن سليمان قال أبو ذر ]. يعني أن الطريق الثاني الذي فيه محمد بن كثير وفيه عبد السلام بن مطهر فيه أن الحديث موقوف على أبي ذر ، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمشايخ أبي داود ثلاثة: حفص و ابن كثير و عبد السلام بن مطهر ، فحفص يروي عن شعبة ، والآخران يرويان عن سليمان بن المغيرة ، ولذلك في النسخة الهندية (وقالا عن سليمان: قال أبو ذر ).
    شرح حديث (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة قال: سمعت جابر بن زيد يحدث عن ابن عباس رضي الله عنهما -رفعه شعبة - قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب) . قال أبو داود : وقفه سعيد و هشام و همام عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب). وهذا فيه بيان أن المقصود بالمرأة التي تقطع هي الحائض، والمقصود بالحائض البالغة، فمعناه أن الصغيرة لا تكون كذلك، وإنما يكون ذلك في شأن الحائض، وهي البالغة، والمرأة البالغة يقال لها: حائض، وفي الحديث: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار). يعني: صلاة امرأة بالغة. وهنا قال: (يقطع الصلاة المرأة الحائض والحمار)، وإنما خصت الحائض -أي: المرأة البالغة- لأن الفتنة تكون في المرأة التي قد بلغت، أما البنت الصغيرة فلا يكون فيها فتنة، ولعل السبب في ذلك هو ما يحصل من التشويش في فكر الإنسان وهو في صلاته عندما تمر به امرأة بين يديه فينشغل بها أو يفتتن بها، فذكر المرأة الحائض إشارة إلى أن النصوص التي وردت في ذكر المرأة وهي مطلقة يراد بها من كانت حائضاً؛ لأن الفتنة إنما تكون فيمن كانت بالغة، ومن المعلوم أن المقصود بالحائض البالغ.
    تراجم رجال إسناد حديث (يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب)

    قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة حدثنا قتادة ]. شعبة مر ذكره، و قتادة هو ابن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال سمعت: جابر بن زيد ]. هو جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ يحدث عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ رفعه شعبة ]. أي: رفعه شعبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وجماعة وقفوه على ابن عباس . [ قال أبو داود : وقفه سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة . [ و هشام ]. هو هشام الدستوائي . [ و همام ]. هو همام بن يحيى العوذي . [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدودسي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ عن قتادة عن جابر بن زيد على ابن عباس ]. يعني: وقفوه على ابن عباس ولم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
    شرح حديث (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم البصري حدثنا معاذ حدثنا هشام عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: -أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال-: (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر). ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر). قوله: (ويجزئ عنه إذا مروا بين يديه على قذفة بحجر) معناه أنهم إذا مروا وبينه وبينهم مسافة فإنهم لا يقطعون صلاته؛ لأن الإنسان الذي ليس له سترة لا يكون كل ما أمامه ولو كان بعيداً قاطعاً لصلاته، وإنما يقطع أحد هؤلاء صلاته إن مر دون مقدار ثلاثة أذرع أمام المصلي. ومعنى (قذفة حجر) بمسافة قصيرة، فلو قذفت حجراً فإنه يجزئ إذا مروا من وراء موضع سقوطه. والقطع لا يكون مقصوراً على ما إذا لم يكن له سترة، بل لو كان له سترة ومروا بيته وبينها حصل القطع، وأما إذا مروا من ورائها فليس هناك إشكال، وإذا كان المصلي ليس له سترة ومروا من وراء مسافة بعيدة فإن ذلك لا يؤثر، وإنما يؤثر إذا كان المرور قريباً منه، وكذلك إذا كان له سترة وحصل المرور بينه وبين السترة.
    تراجم رجال إسناد حديث (إذا صلى أحدكم إلى غير سترة...)

    قوله: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم البصري ]. هو محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم البصري، وهو ابن أبي سمينة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود . [ حدثنا معاذ ]. هو معاذ بن هشام ، صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. قد مر ذكره.
    كلام أبي داود على الحديث وبيان نكارته

    [ قال أبو داود : في نفسي من هذا الحديث شيء، كنت أذاكر به إبراهيم وغيره فلم أر أحداً جاء به عن هشام ولا يعرفه، ولم أر أحداً جاء به عن هشام ، وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة -يعني محمد بن إسماعيل البصري مولى بني هاشم-، والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه (على قذفة بحجر) وذكر الخنزير، وفيه نكارة، قال أبو داود : ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة ، وأحسبه وهم؛ لأنه كان يحدثنا من حفظه ]. ذكر أبو داود أن في نفسه من الحديث شيئاً، وأن الإشكال فيه من جهة شيخه محمد بن إسماعيل البصري بن أبي سمينة مولى بني هاشم، قال: إنه كان يحدث من حفظه. وفيه -أيضاً- شك في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال: [أحسبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم]. وفيه -أيضاً- يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو مدلس ويرسل، فاجتمع فيه عدة أمور. و أبو داود رحمه الله جعل الحمل فيه على شيخه محمد بن إسماعيل ، وقال: إنه ما أحد رواه غيره، وإنه كان يحدث من حفظه. فيظن أنه قد وهم في ذلك. قوله: [ في نفسي من هذا الحديث شيء، كنت أذاكر به إبراهيم وغيره فلم أر أحدًا جاء به عن هشام ولا يعرفه ]. لا أدري من هو إبراهيم هذا الذي كان يذاكره أبو داود ، وهشام هو الدستوائي الذي مر في الإسناد. ثم إنه ذكر فيه الكلب والحمار والخنزير واليهودي والمجوسي والمرأة، والحمار والكلب جاء ذكرهما في أحاديث أخرى، لكن هذا الحديث فيه ذكر أشياء زائدة على ما جاء، فهو غير صحيح من جهة كون أبي داود يقول: إن الحمل فيه على شيخه محمد بن إسماعيل . ومن جهة الشك في رفعه إلى رسول صلى الله عليه وسلم، ومن كون إسناده فيه يحيى بن أبي كثير وهو مدلس وقد عنعن، وفي المتن نكارة، وهي ذكرا الخنزير والمجوسي. وكذلك قوله: (على قذفة بحجر) فإذا كانت الرمية بعيدة فهذا واضح أنه في غاية النكارة، لكن إذا كان المقصود بقذفة الحجر بمقدار ثلاثة أذرع فهذا قد جاء ما يدل عليه.

    شرح حديث (... اللهم اقطع أثره...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سعيد بن عبد العزيز عن مولى ليزيد بن نمران عن يزيد بن نمران قال: رأيت رجلا بتبوك مقعدا فقال: (مررت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار وهو يصلي فقال: (اللهم! اقطع أثره) فما مشيت عليها بعد). ]. أورد أبو داود حديث رجل مقعد في تبوك روى عنه يزيد بن نمران ، يقول: إن سبب كونه مقعداً أنه مر بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على حمار وهو يصلي فقال: (اللهم! اقطع أثره) فحصل له أن حيل بينه وبين المشي فصار مقعداً لا يتمكن من المشي، فقطع الله أثره، أي سيره ومشيه على قدميه، حيث قطعه الله فصار مقعداً على هذه الهيئة التي رآها يزيد بن نمران . هذا الرجل المقعد هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإشكال في الحديث من جهة أن فيه مجهولاً، وأيضاً من جهة المعنى، فهو غير مستقيم من جهة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو عليه بهذا الدعاء، وأن الله تعالى يقطع أثره ويحصل له ذلك بمجرد مروره، ففي متنه شيء بالإضافة إلى كون إسناده فيه من هو مجهول، وهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    تراجم رجال إسناد حديث (... اللهم اقطع أثره...)

    قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي البصري الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن عبد العزيز ]. سعيد بن عبد العزيز هو الشامي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن مولى ليزيد بن نمران ]. قيل اسمه سعيد . مجهول أخرج له أبو داود . [ عن يزيد بن نمران ]. يزيد بن نمران ثقة، أخرج له أبو داود .
    طريق ثانية لحديث (... قطع الله أثره...) وتراجم رجال إسنادها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا كثير بن عبيد -يعني المذحجي - حدثنا أبو حيوة عن سعيد بإسناده ومعناه، زاد: فقال: (قطع صلاتنا قطع الله أثره). قال أبو داود : ورواه أبو مسهر عن سعيد قال فيه: (قطع صلاتنا) ]. قوله: [ حدثنا كثير بن عبيد -يعني المذحجي - ]. كثير بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو حيوة ]. هو شريح بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سعيد بن عبد العزيز ]. [ قال أبو داود : ورواه أبو مسهر عن سعيد قال فيه: (قطع صلاتنا) ]. أبو مسهر هو عبد الأعلى بن مسهر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    طريق ثالثة لحديث (... قطع الله أثره...) وتراجم رجال إسنادها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني . ح: وحدثنا سليمان بن داود قالا: حدثنا ابن وهب أخبرني معاوية عن سعيد بن غزوان عن أبيه أنه نزل بتبوك وهو حاج فإذا هو برجل مقعد فسأله عن أمره فقال له: سأحدثك حديثاً فلا تحدث به ما سمعت أني حي، (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة فقال: هذه قبلتنا، ثم صلى إليها، فأقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررت بينه وبينها فقال: قطع صلاتنا قطع الله أثره). فما قمت عليها إلى يومي هذا ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ذلك الرجل المقعد في تبوك، وفيها أنه كان غلاماً يسعى، وليس أنه كان على حمار، وقال: (قطع صلاتنا قطع الله أثره)، قال: فما قمت عليها إلى يومي هذا. يعني أن الله قطع أثره فما كان له أثر وراءها، أي: انتهى مشيه وانقطع وصار مقعداً، وهو مثل الذي قبله، فالمتن فيه نكارة من جهة كون النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عليه بهذا الدعاء ويعاقبه بهذه العقوبة لمجرد أنه حصل منه ذلك المرور. وقوله: [ سأحدثك حديثاً لا تحدث به ما سمعت أني حي ]. هذا مما يزيده غموضاً، فكيف لا يحدث به؟! قوله: [ حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود . [ وحدثنا سليمان بن داود ]. هو سليمان بن داود المصري ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني معاوية ]. هو معاوية بن صالح بن حدير ، صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن غزوان ]. سعيد بن غزوان مستور، أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. هو غزوان الشامي ، وهو مجهول، أخرج له أبو داود .
    سترة الإمام سترة من خلفه


    شرح حديث (... فجاءت بهمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب سترة الإمام سترة من خلفه. حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر فحضرت الصلاة- يعني: فصلى إلى جدر- فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بهمة تمر بين يديه، فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه) أو كما قال مسدد ]. أورد أبو داود هنا [باب سترة الإمام سترة من خلفه]، ومعناه أن من خلفه لا يحتاج إلى سترة؛ لأن المأمومين سترة الإمام سترة لهم، وعلى هذا فالذي يتخذ السترة هو الإمام والمنفرد، الإمام الذي يصلي بالناس و المنفرد الذي يصلي وحده، هذان هما اللذان يتخذان السترة، وأما المأمومون فلا يتخذون سترة؛ لأن سترة الإمام سترة لهم. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنه صلى إلى جدار. قوله: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر ). الثنية فجوة بين الجبلين. قوله: (فحضرت الصلاة) -يعني: فصلى إلى جدر- . يعني: إلى جدار، أي: اتخذه سترة له. قوله: (فجاءت بهمة) وهي الصغيرة من أولاد الغنم، سواءٌ أكانت من الضأن أم من المعز، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل يدرؤها ويريد أن يمنعها من أن تأتي أمامه، حتى قرب من ذلك الجدار فمرت من ورائه، فما مكنها من أن تأتي أمامه، فمرت من ورائه، وهذا هو وجه الشاهد لكون سترة الإمام سترة للمأمومين، إذ إنها مرت أمام المأمومين من وراء الإمام، وذلك لا يضر؛ لأن سترة الإمام سترة لهم، والرسول صلى الله عليه وسلم منع هذه البهمة، وهذا يدل على أن المصلي يمنع ما يمر بين يديه، سواءٌ أكان إنساناً أم حيواناً.
    شرح حديث ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب و حفص بن عمر قالا: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس ، وهو مثل الذي قبله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فمر جدي -وهو الصغير من أولاد الغنم- فجعل يتقيه، أي: يدرؤه ويمنعه.
    تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل يتقيه)

    قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. مر ذكره. [ عن عمرو بن مرة ]. هو عمرو بن مرة الهمداني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن الجزار ]. يحيى بن الجزار صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن . [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
    من قال المرأة لا تقطع الصلاة


    شرح حديث (كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة) قال شعبة : أحسبها قالت: (وأنا حائض). قال أبو داود : رواه الزهري و عطاء و أبو بكر بن حفص و هشام بن عروة و عراك بن مالك و أبو الأسود و تميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة ، و إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ، و القاسم بن محمد و أبو سلمة عن عائشة لم يذكروا: (وأنا حائض) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في [باب: من قال المرأة لا تقطع الصلاة]. والحديث الذي مر فيه أن المرأة تقطع الصلاة، وهذا فيه أن المرأة لا تقطع الصلاة، وهو يدل على أن المقصود بالقطع ليس إبطال الصلاة، بل المراد ما قاله أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين، كما ذكر ذلك الترمذي في جامعه أن أكثر الصحابة وأكثر أهل العلم من الصحابة ومن التابعين لا يرون قطع الصلاة بمرور شيء، فعائشة رضي الله عنها وأرضاها كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهي في قبلته أمامه فتمد رجليها، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها، فكون رجليها أمامه، وكونها معترضة أمامه وهو مستمر في الصلاة، وإذا سجد غمزها فكفت رجليها لضيق المكان يدل على أن المرأة لا تقطع الصلاة. وأما زيادة: (وأنا حائض)، فهي غير ثابتة؛ لأن شعبة قال: [أحسبها قالت: وأنا حائض). ثم إن أبا داود ذكر الذين رووه غير شعبة -وهم كثيرون- لم يذكروا زيادة (وأنا حائض). فهذا القيد أو هذا الوصف غير ثابت، ومعنى ذلك أن المرأة في جميع أحوالها إذا حصل منها مثل ذلك فإنه لا يحصل قطع الصلاة بذلك، أعني كونها تمتد أمام الرجل وهو يصلي.

    تراجم رجال إسناد حديث (كنت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين القبلة)


    قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم ]. سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي الصديقة بنت الصديق ، من أوعية السنة وحفظتها، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    الرواة المخالفون لما شك فيه شعبة وتراجمهم


    قوله: [ قال أبو داود : رواه الزهري و عطاء و أبو بكر بن حفص و هشام بن عروة و عراك بن مالك و أبو الأسود و تميم بن سلمة كلهم عن عروة عن عائشة ، و إبراهيم عن الأسود عن عائشة ، و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ، و القاسم بن محمد و أبو سلمة عن عائشة لم يذكروا: (وأنا حائض) ] يقصد أبو داود رحمه الله تعالى أن الإسناد الذي جاء عن عروة من طريق شعبة فيه شك، حيث قال: (أحسبها قالت: وأنا حائض)، ثم ذكر أن هؤلاء الكثيرين الذين رووه لم يذكروا هذا القيد وهو كونها حائضاً، فدل على أن هذا القيد لا عبرة به، وأن المرأة في جميع أحوالها إذا كانت كذلك فهذا شأنها، ولا يختص ذلك بكونها حائضاً، بل في حالة كونها حائضاً وكونها غير حائض. قوله: [ رواه الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الستة. [ و أبو بكر بن حفص ]. هو أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص ، اسمه عبد الله ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عراك بن مالك ]. عراك بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و أبو الأسود ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و تميم بن سلمة ]. تميم بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ كلهم عن عروة ]. عروة مر ذكره. [ و إبراهيم عن الأسود ]. أي: إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، وكل منهما ثقة، أخرج لهما أصحاب الكتب الستة. وهذه طريق أخرى غير طريق عروة . قوله: [ و أبو الضحى عن مسروق عن عائشة ]. أبو الضحى هو مسلم بن صبيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسروق ]. هو مسروق بن الأجدع ، ثقة، أخرج له أصحاب الستة. [ و القاسم بن محمد ]. هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين. [ و أبو سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (أن رسول الله كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة راقدة على الفراش الذي يرقد عليه، حتى إذا أراد أن يوتر أيقظها فأوترت) ]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى هنا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة على فراشه في قبلته، فإذا أراد أن يوتر أيقضها.
    تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان يصلي صلاته من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة...)

    قوله: [حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ]. هؤلاء جميعاً مر ذكرهم.

    شرح حديث (... لقد رأيت رسول الله يصلي وأنا معترضة بين يديه...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (بئسما عدلتمونا بالحمار والكلب! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتها إلي ثم يسجد) ]. أورد أبو داود هنا حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل الحديث الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي معترضة في قبلته، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت رجليها فيسجد عليه الصلاة والسلام. وفي أول الحديث أنها قالت: (بئسما عدلتمونا بالحمار والكلب)، أي: ساويتمونا بالحمير والكلاب في قطع الصلاة.

    الأسئلة



    حكم شراء جلود الأنعام قبل دبغها


    السؤال: هل يجوز شراء جلود الأنعام قبل دبغها، سواءٌ أذبحت بطريقة شرعية أم كانت ميتة؟

    الجواب: نعم يجوز شراؤها؛ لأنها أما طاهرة وإما أن يطهرها الدباغ، فكون الإنسان يشتريها من أجل أن يدبغها لا بأس به. وهي إذا ذبحت بطريقة شرعية طاهرة، والميتة هي التي يطهرها الدباغ، فشراؤها -سواءٌ أكانت مذبوحة أم ميتة من أجل دبغ جلدها- لا بأس به .

    زيادة ابن خزيمة (تعاد الصلاة) في قطع الصلاة بمرور المرأة والحمار والكلب


    السؤال: جاءت رواية في صحيح ابن خزيمة بلفظ: (تعاد الصلاة) بشأن مرور المرأة والحمار والكلب الأسود بين يدي المصلي، فهل هذه الرواية ترجح قول من قال: تعاد الصلاة، وليس المعنى أنه ينقص الأجر؟

    الجواب: هذه الرواية في صحيح ابن خزيمة لا أدري بثبوتها، لكن أكثر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم -وكذلك التابعون- يرون ذلك ليس قطعاً للصلاة، بحيث تعاد، وإنما معناه نقص الخشوع وحصول التشويش على الإنسان في صلاته، ويدل على عدم القطع ما جاء في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهي مضطجعة نائمة على فراشها معترضة بين يديه، فإذا سجد غمزها فكفت رجليها.

    حكم قول (وإياك) للقائل جزاك الله خيراً


    السؤال: ما حكم قول القائل: (وإياك) لمن قال له: جزاك الله خيراً؟

    الجواب: هذا لا بأس به، فقوله: (وإياك) معناه: وأنت جزاك الله خيراً. فهو كلام صحيح لا بأس به.

    الثناء بقول (جزاك الله ألف خير)

    السؤال: ما حكم قول من يقول عند الثناء: جزاك الله ألف خير؟

    الجواب: إذا قال: (جزاك الله خيراً) كفى، فإذا حصل له الخير من الله عز وجل كفاه، أما قول (ألف خير) فمن الألفاظ المحدثة.

    حكم السترة

    السؤال: هل السترة واجبة أم ركن أم سنة؟

    الجواب: الركن جزء من الماهية، فالأركان تكون داخل الصلاة، ولا تكون خارجة عنها، والشرط يكون خارجاً عن الماهية، مثل استقبال القبلة، وأما السترة فقد قال بعض أهل العلم بوجوبها، وجمهورهم قالوا باستحبابها.

    حكم التهنئة في أول العام

    السؤال: ما الحكم في قول الرجل لمن يقابله عند بداية العام الجديد: كل عام وأنتم بخير؟

    الجواب: هذا لا ينبغي، فلا تنبغي التهنئة بأول العام، لكن إذا أحد دعا وقال: جعله الله عام خير أو نحو ذلك فلا بأس بذلك، أما أن يتخذ أوله موسماً من المواسم التي يهنأ بها فلا نعلم دليلاً يدل عليه.

    حمل حديث قطع المرأة والحمار والكلب الصلاة على الحقيقة

    السؤال: ألا يمكن حمل القطع في حديث قطع المرأة والحمار والكلب الأسود على الحقيقة، وهو أنه تستأنف الصلاة، وما هو الصارف؟

    الجواب: قال أبو داود رحمه الله في آخر تفريع أبواب السترة: إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده. يعني أنه يحصل الترجيح بذلك، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرهم على أنه لا يقطع الصلاة شيء.

    أفضل شروح أبي داود غير عون المعبود


    السؤال: ما هو أحسن شرح لسنن أبي داود غير (عون المعبود)؟

    الجواب: هناك شرح طيب لكنه غير كامل، وهو (المنهل العذب المورود) وهو لمصري من أهل السنة يدعى السبكي ، وهو من المتأخرين، وقد توفي في سنة ثلاثمائة وألف للهجرة.

    قول الإمام النووي في المار بين يدي من ليس له سترة


    السؤال: قلتم: إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة فلا يجوز المرور بين يديه. لكن قال الإمام النووي في مجموعه: إذا لم يكن بين يديه سترة فالأصح أنه ليس له الدفع لتقصيره بترك السترة؟

    الجواب: المصلي حين ينبه المار في المسافة القريبة منه لا حرج عليه ولو لم يكن هناك سترة؛ لأن المار عليه أن يترك مقدار ثلاثة أذرع ويمشي من ورائها، فلو لم يكن للمصلي سترة فإنه يمشي المار من وراء ثلاثة أذرع ابتداءً من قدم المصلي.

    حكم التفريق بين مرور المرأة أمام المصلي واعتراضها في قبلته


    السؤال: هل يؤخذ من حديث عائشة التفريق بين كون المرأة نائمة عند ابتداء الصلاة وكونها تمر بين يدي المصلي، وكذلك الحكم بقطع الصلاة بالمرور أمام المصلي دون الجلوس أمامه؟

    الجواب: النتيجة واحدة، فالحكم هو بكون المرأة أمام المصلي، سواءٌ أكانت مارة أم كانت معترضة، فكون الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وعائشة أمامه يدل على أنه سائغ. ويمكن أن يقال: إن هذا للحاجة. أي: كونها تعترض في قبلته هو لكون المكان ضيقاً، وأما إذا كان هناك سعة أو صلى في مسجد ورأى إنساناً فلا يصل وراءه ويتخذه سترة، بل يستتر بشيء آخر كعمود أو جدار.

    الجمع بين أحاديث قطع المرأة الصلاة وأحاديث عدم قطعها


    السؤال: كيف نوفق بين الأحاديث التي تدل على أن المرأة تقطع الصلاة والأحاديث التي تدل على أنها لا تقطع الصلاة؟

    الجواب: يحمل قطع الصلاة الذي ورد على أنه ليس المراد به القطع الذي يجب به استئناف الصلاة، وإنما هو قطع فيه تشويش وفيه شغل للذهن ونقص من أجر الصلاة.

    التخطي فوق كتب العلم الشرعي

    السؤال: هل يجوز للمرء أن يخطو من فوق كتب أهل العلم؟

    الجواب: لا يجوز له أن يتخطاها.

    حكم زيارة مدائن صالح
    السؤال: ما حكم زيارة مدائن صالح لغرض المشاهدة والترويح على النفس؟

    الجواب: هذا لا ينبغي، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما مر بها أسرع فكيف بالإنسان يقصدها؟! قلا يشغل المرء باله بهذه الآثار التي لما مر عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أسرع، أما المرور بها في طريق سفر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مر بها في الطريق، ولكنه أسرع.

    تحية المسجد عند تكرر الدخول إليه

    السؤال: إذا تكرر دخول وخروج المسلم من المسجد فهل يشرع له أن يصلي تحية المسجد في كل مرة؟

    الجواب: نعم، فإذا خرج ثم رجع فإنه يصلي التحية.

    حكم صلاة المنفرد خلف الصف


    السؤال: هل لا تصح صلاة المنفرد خلف الصف إذا كان الصف كاملاً؟

    الجواب: إذا كان عدد المصلين محصوراً، وعرف أنهم لا يزيدون، و أنه دائر بين أمرين: إما أن يصلي مع الناس وإما أن يصلي وحده فإنه يصلي مع الناس؛ لأن هذا هو الذي يستطيعه، وهو مأمور بصلاة الجماعة، ولكن إذا تمكن من أن يدخل ويصلي عن يمين الإمام فهذا هو الأولى، وإن كان الأمر لا يتم إلا بكونه يصلي وحده وليس هناك أحد ينتظره فإنه يصلي وتصح صلاته.

    المتأخر وصلاته عن يمين الإمام

    السؤال: إذا دخل المتأخر وصلى عن يمين الإمام فماذا يفعل من جاء متأخراً؟ هل يصف وحده، أو يصف عن يمين الإمام؟

    الجواب: يصف مثل الذي صف قبله عن يمين الإمام، ولا يصلي وحده."

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #125
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [094]
    الحلقة (125)

    شرح سنن أبي داود [094]


    وردت جملة من الأحاديث تدل على قطع مرور المرأة والحمار والكلب صلاة المرء، كما أن هناك أحاديث أخرى تفيد أنه لا يقطع الصلاة شيء، وللعلماء في ذلك كلام وخلاف ينبغي معرفته.

    من قال الحمار لا يقطع الصلاة



    شرح حديث (أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله يصلي بالناس بمنى ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (جئت على حمار). ح: وحدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وآله سلم يصلي بالناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك أحد)]. قوله: [باب من قال الحمار لا يقطع الصلاة]. ذكر فيما مضى الأحاديث التي فيها أن المرأة والحمار والكلب الأسود يقطعون الصلاة، ثم ذكر بعد ذلك [باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة] وهنا ذكر [باب من قال إن الحمار لا يقطع الصلاة]. وأورد حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: [أقبلت راكباً على أتان] والأتان أنثى الحمار، والحمار يقال للذكر والأنثى، والأتان اسم لأنثى الحمار، فجاء وهو راكب على الأتان حتى كان بين يدي بعض الصف، فنزل ودخل في الصف وترك الأتان ترتع، أي: أطلقها وتركها ترعى، وكان ذلك بمنى في حجة الوداع، قال: [وقد ناهزت الاحتلام] يعني: قد قاربت البلوغ. والحديث ليس واضح الدلالة على أن الأتان مرت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما فيه أنها مرت بين يدي بعض الصف، ومن المعلوم أن سترة الإمام سترة للمأمومين، فمرور نحو هذه بين المأمومين لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر المرور بين الإمام وسترته وبين المنفرد وسترته، فهذا هو الذي يكون فيه التأثير. وأما بالنسبة للصف وكونه يمر بين يدي الصف أو بعض الصف -سواءٌ أكان المار حماراً أم غيره- فإن ذلك لا يؤثر شيئاً؛ لأن العبرة بالإمام، والإمام لم يثبت في هذا الحديث أنه مر بين يديه شيء، لا حمار ولا غيره. فهذا الحديث -في الحقيقة- يصلح لأن يكون تحت الترجمة السابقة، وهي أن سترة الإمام سترة للمأمومين.

    تراجم رجال إسناد حديث (أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله يصلي بالناس بمنى...)


    قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سفيان بن عيينة ]. هو سفيان بن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن عبد الله ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ح: وحدثنا القعنبي ]. قوله: (ح) هو للتحول من إسناد إلى إسناد. والقعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقية، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس ]. هؤلاء قد مر ذكرهم.

    التعليق على قول مالك: (وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة)


    [قال أبو داود : وهذا لفظ القعنبي وهو أتم، قال مالك : وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة] قوله: [ قال أبو داود : وهذا لفظ القعنبي وهو أتم قال ]. يعني أن هذا السياق الذي ساقه أبو داود هو بلفظ القعنبي ، وهو شيخه في الإسناد الثاني. وقوله: [ قال مالك : وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصلاة ]. مقصود مالك رحمه الله تعالى غير ظاهر؛ إذ إن المراد في الحديث هو إذا قامت الصلاة، وإذا كان الناس يصلون، وأما إذا لم يدخلوا في الصلاة فليس هناك إمام ولا مأموم ولا سترة. ثم إن كان مراده الدخول بين يدي الصف فهذا هو مقتضى الحديث، وأما إذا كان يقصد أن حصول ذلك واسع بين يدي الإمام فهذا فيه إشكال.

    شرح حديث ابن عباس (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله يصلي ...)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن منصور عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن أبي الصهباء أنه قال: تذاكرنا ما يقطع الصلاة عند ابن عباس رضي الله عنهما فقال: (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فنزل ونزلت، وتركنا الحمار أمام الصف فما بالاه، وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب فدخلتا بين الصف فما بالى ذلك) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس ، وهو مثل الذي قبله، ففيه دلالة على أن سترة الإمام سترة للمأمومين، وأنه لا يؤثر المرور بين يدي الصف، سواء أكان من حمار أم من جارية أم من غيرهما، وإنما المحذور هو المرور بين يدي الإمام وسترته. والحديث فيه أن ابن عباس رضي الله عنه جاء هو وغلام من بني عبد المطلب على حمار فنزل وترك الحمار بين يدي الصف، يعني الصف الذي وراء الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (فما بالاه)] يعني: ما اكترث لذلك. ولاشك في أن ذلك لا يؤثر لكونه بين يدي الصف؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين، وإنما الذي يؤثر المرور بين الإمام وسترته، أو المرور بين المنفرد وسترته، أما المأمومون فإن سترة الإمام سترة لهم.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله يصلي ...)


    قوله: [حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن الجزار ]. يحيى بن الجزار صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الصهباء ]. هو صهيب ، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن ابن عباس ]. قد مر ذكره.

    طريق ثانية لحديث (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله يصلي ...) وتراجم رجال إسنادها


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة و داود بن مخراق الفريابي قالا: حدثنا جرير عن منصور بهذا الحديث بإسناده، قال: (فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا فأخذهما) قال عثمان : (ففرع بينهما) وقال داود : (فنزع إحداهما عن الأخرى فما بالى ذلك) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه أن الجاريتين من بني عبد المطلب اقتتلتا، أي: اختلفتا وتنازعتا وتضاربتا، فنزع إحداهما عن الأخرى وفرق بينهما وما بالى ذلك، أي: ولم يؤثر ذلك على صلاته ولم يكترث به. وهذا إنما يتعلق بمرور المرأة، ولا تعلق له بمرور الحمار، وقد سبق في الباب الذي قبل هذا أن عائشة كانت رجلاها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فإذا أراد أن يسجد غمزها فكفت رجليها. قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره. [ وداود بن مخراق الفريابي ]. داود بن مخراق صدوق، أخرج له أبو داود وحده. [ حدثنا جرير ]. هو ابن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. منصور مر ذكره.
    من قال الكلب لا يقطع الصلاة


    شرح حديث (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من قال الكلب لا يقطع الصلاة. حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن محمد بن عمر بن علي عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ومعه عباس ، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه، فما بالى ذلك) ]. أورد أبو داود [باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة] وأورد حديث الفضل بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي، وكان هناك حمارة وكلبة تعبثان، أي: حصل منهما عبث بين يديه، فما بالى بذلك، أي أن ذلك لم يؤثر، وهذا فيه ذكر الحمار والكلب، لكن الحديث ليس بصحيح، بل هو ضعيف.

    تراجم رجال إسناد حديث (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا ...)


    قوله: [حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ]. عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [حدثني أبي] أبوه هو شعيب بن الليث ، ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن جدي ]. هو الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمر بن علي ]. محمد بن عمر بن علي صدوق، أخرج له أصحاب السنن . [ عن عباس بن عبيد الله بن عباس ]. عباس بن عبيد الله بن عباس مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ عن الفضل بن عباس ]. الفضل بن عباس هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
    من قال لا يقطع الصلاة شيء


    شرح حديث ( لا يقطع الصلاة شيء ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: من قال لا يقطع الصلاة شيء. حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب من قال لا يقطع الصلاة شيء] يعني: مطلقاً، فأي مار بين يدي المصلي لا يقطع صلاته، وأورد حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان)]. يعني: الذي يحاول المرور ادرءوه وحاولوا منعه من المرور، وإذا لم ينفع فيه الدرء فإنه شيطان، كما مر في بعض الأحاديث: (فليقاتله فإنه شيطان) وفي بعضها أنه قال: (معه قرين) أي: القرين من الجن. كما جاء في الحديث: (ما منكم من أحد إلا وله قرين من الجن وقرين من الملائكة).

    تراجم رجال إسناد حديث (لا يقطع الصلاة شيء ...)


    قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ] هو محمد بن العلاء بن كريب ، أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أسامة ]. هو حماد بن أسامة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجالد ]. هو مجالد بن سعيد ، ليس بالقوي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الوداك ]. هو جبر بن نوف ، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث ضعفه الألباني ، وصنيع أبي داود في آخر الحديث يشعر أنه ثابت عنده؛ فإنَّه قال: (إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده) وقد حكى الترمذي وغيره أن أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الصلاة لا يقطعها شيء.

    شرح حديث (... ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا مجالد حدثنا أبو الوداك قال: مر شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وهو يصلي فدفعه، ثم عاد فدفعه -ثلاث مرات-، فلما انصرف قال: إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان). قال أبو داود : إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد رضي الله عنه أنه مر بين يديه شاب وهو يصلي فدفعه، فأراد أن يمرَّ فدفعه، وقال أبو سعيد رضي الله عنه: [إن الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان )] يعني: ادرءوا من يحاول أن يمر بين يدي المصلي -سواءٌ أكان إماماً أم منفرداً- فإنه شيطان، وقال أبو سعيد : إنه لا يقطع الصلاة شيء. ثم إن أبا داود -رحمه الله- أتى بجملة من الكلام فيما يتعلق بشأن تعارض الأحاديث في قطع الصلاة، فقد جاءت أخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة يقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود، وجاءت أحاديث بأنه لا يقطعها شيء، فقال: [إذا تنازع الخبران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني اختلفا وتعارضا- نظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده]. وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرهم على أن الصلاة لا يقطعها شيء، كما حكى ذلك الترمذي وغيره.
    تراجم رجال إسناد حديث (... ادرءوا ما استطعتم فإنه شيطان)

    قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مجالد حدثنا أبو الوداك قال: مر شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري ]. قد مر ذكر الثلاثة."

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #126
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [095]
    الحلقة (126)

    شرح سنن أبي داود [095]

    من الأحكام العملية المتعلقة بالصلاة رفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين فيها، وهو ثابت بجملة من النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وله مواطن في الصلاة يفعل فيها، ولذا ينبغي للمسلم أن يهتم بمعرفة هذا الحكم الشرعي وتطبيقه ليحوز الأجر والثواب من الله تعالى.

    رفع اليدين في الصلاة



    شرح حديث ( رأيت رسول الله إذا استفتح الصلاة رفع يديه ... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أبواب تفريع استفتاح الصلاة. باب رفع اليدين في الصلاة. حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله سلم إذا استفتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وبعدما يرفع رأسه من الركوع)وقال سفيان مرة: (وإذا رفع رأسه) وأكثر ما كان يقول: (وبعد ما يرفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة العامة، وهي [ أبواب تفريع استفتاح الصلاة ] ويقصد بذلك الأعمال التي تكون في أول الصلاة؛ لأنه سيأتي بعد ذلك تفريع أبواب الركوع والسجود. ومعنى ترجمة الباب أنه كأنه يريد استفتاح الصلاة، يعني الأعمال التي تكون في أول الصلاة وفي بداية الصلاة وفي الدخول في الصلاة، وما يتبع ذلك إلى حين الركوع والسجود. ثم أورد أبو داود رحمه الله أول هذه الأبواب، وهو [ باب رفع اليدين في الصلاة ]. ويعني بذلك عندما يريد المصلي أن يكبر أي تكبيرة أو يفعل غير التكبيرة؛ لأن الرفع من الركوع فيه تسميع وليس فيه تكبير، والمقصود من ذلك رفع اليدين حذو المنكبين أو إلى الأذنين، هذا المقصود برفع اليدين، والإمام البخاري رحمه الله ألف في ذلك جزءاً خاصاً سماه (جزء رفع اليدين) يعني: في الصلاة. وهو الذي يرمز له بحرف الياء. وهنا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أنه كان يرفع يديه في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. فأورد المصنف حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع يعني أنَّ هذه المواطن الثلاثة كان النبي عليه الصلاة والسلام يرفع فيها، ودل هذا على أن السنة هي رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع عندما يقول: (سمع الله لمن حمده). وقوله: [ ولا يرفع بين السجدتين ]. يعني به عندما يقوم من السجدة إلى الجلوس، فهذه الحالة ما كان يرفع بعدها.

    تراجم رجال إسناد حديث ( رأيت رسول الله إذا استفتح الصلاة رفع يديه ... )


    قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل ، الإمام المحدث الفقيه المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان هو ابن عيينة ، وقد مرَّ ذكره هو والزهري . [ عن سالم ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر ، وهو ثقة فقيه، وأحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وهم سالم بن عبد الله بن عمر ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، و أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . فهؤلاء الثلاثة اختلف في السابع منهم على ثلاثة أقوال. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم عبد الله بن عمر ، عبد الله بن عباس ، عبد الله بن الزبير ، عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المصفى الحمصي حدثنا بقية حدثنا الزبيدي عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تكون حذو منكبيه، ثم كبر وهما كذلك، فيركع، ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه، ثم قال: سمع الله لمن حمده. ولا يرفع يديه في السجود، ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع حتى تنقضي صلاته) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله أنه يكبر في المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. وهذا في جميع أحوال الصلاة، وتكبيرة الإحرام في أول الصلاة، والركوع والرفع في جميع ركعات الصلاة.

    تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ... )


    قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى الحمصي ]. محمد بن المصفى الحمصي صدوق له أوهام ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة. [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا الزبيدي ]. هو محمد بن الوليد الزبيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر ]. قد مر ذكر هؤلاء جميعاً.

    شرح حديث ( صليت مع رسول الله فكان إذا كبر رفع يديه ... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي حدثنا عبد الوارث بن سعيد حدثنا محمد بن جحادة حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي. قال: فحدثني وائل بن علقمة عن أبي - وائل بن حجر - رضي الله عنه أنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فكان إذا كبر رفع يديه. قال: ثم التحف، ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه. قال: فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه، وإذا رفع رأسه من السجود -أيضاً- رفع يديه، حتى فرغ من صلاته). قال محمد : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله من فعله وتركه من تركه. قال أبو داود : روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود ]. أورد أبو داود -رحمه الله- حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وهو مثل الذي قبله في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. ثم اختلف عنه صلى الله عليه وسلم في الرفع عند القيام من السجود بين السجدتين، فجاء في بعض الطرق أنه كان يرفع يديه ، وجاء في بعضها أنه كان لا يرفع يديه، وجاء في حديث ابن عمر المتقدم أنه كان لا يرفع يديه بين السجدتين. وقوله: [ ( كان إذا كبر رفع يديه. قال: ثم التحف ) ] معناه أنه كان في ثوب، فيلتحف به وتصير يداه داخله. قوله: [ قال محمد : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال: هي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله من فعله وتركه من تركه ]. يعني أنَّ هذا الذي ذكره في الحديث من الرفع في هذه المواطن هو صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث ( صليت مع رسول الله فكان إذا كبر رفع يديه )


    قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ]. عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الوارث بن سعيد ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جحادة ]. محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر ]. عبد الجبار بن وائل بن حجر ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن . [ حدثني وائل بن علقمة ]. قال الحافظ ابن حجر : الصواب ( علقمة بن وائل ) . يعني أنَّ فيه قلباً وتقديماً وتأخيراً، وأن الصواب أنه علقمة بن وائل الذي هو أخوه، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه، و أما علقمة بن وائل فقد ذكر الحافظ في التقريب أنه لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه سمع من أبيه، وجاء ذلك في صحيح مسلم ، وكذلك في غيره، فسماعه من أبيه ثابت، وكذلك ذكره الصنعاني في شرح بلوغ المرام عند زيادة (وبركاته) في السلام، فعند ذكر زيادتها ذكر سماع علقمة بن وائل من أبيه، أما عبد الجبار فالصحيح أنه لم يسمع من أبيه. و علقمة بن وائل صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي وائل بن حجر ]. هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. قوله: [ روى هذا الحديث همام عن ابن جحادة ]. همام هو ابن يحيى العوذي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث وائل أنه أبصر النبي حين قام إلى الصلاة رفع يديه


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه: (أنه أبصر النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه ثم كبر) ]. أورد المصنف هنا حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام حتى تكونا حذاء منكبيه. والحديث فيه انقطاع، وذلك لأن عبد الجبار يروي عن أبيه وهو لم يسمع منه، ولكن ذلك ثابت في الرواية الأخرى التي مرت، وهي روايته عن أخيه علقمة بن وائل ، والحديث موافق لما جاء في حديث ابن عمر المتقدم.

    تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه أبصر النبي حين قام إلى الصلاة رفع يديه


    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ]. عبد الرحيم بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن عبيد الله النخعي ]. الحسن بن عبيد الله النخعي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ]. قد مر ذكرهما.
    شرح حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - حدثنا المسعودي حدثني عبد الجبار بن وائل قال: حدثني أهل بيتي عن أبي رضي الله عنه أنه حدثهم (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة) ]. أورد أبو داود هنا حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع التكبيرة. والمقصود بذلك تكبيرة الإحرام، فهو مثل الذي قبله، فالحديث الذي قبل هذا فيه أنه كان يرفع حين يريد أن يكبر، أي: في الدخول للصلاة. والحديث فيه هؤلاء الذين أبهموا، وهم أهل بيته، ويمكن أن يكون المبهم أخاه علقمة بن وائل الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا. والحاصل أن رفع اليدين عند التكبير للدخول في الصلاة ثابت عن ابن عمر وعن وائل بن حجر وعن غيرهما، والحديث وإن كان فيه هذا الإبهام إلا أنه يمكن أن يكون المبهم أخاه علقمة بن وائل الذي مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا أو يكون علقمة ممن أبهم. وعلى كل حال فالرفع عند تكبيرة الإحرام ثابت، سواءٌ صح هذا الإسناد أو لم يصح.

    تراجم رجال إسناد حديث وائل أنه رأى رسول الله يرفع يديه مع التكبيرة


    قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد -يعني ابن زريع- ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المسعودي ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الجبار بن وائل قال حدثني أهل بيتي عن أبي ]. قد مر ذكر عبد الجبار وأبيه.

    شرح حديث ( لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي ... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم كيف يصلي. قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك، فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه، ثم جلس فافترش رجله اليسرى ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى، وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وقبض ثنتين وحلق حلقة، ورأيته يقول هكذا -وحلق بشر الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة-) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله من رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه في التكبير في ثلاثة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع. قوله: : [ (قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه) ] فيه أن رفع اليدين إلى محاذاة الأذنين، ويشرع -كذلك- محاذاة المنكبين، وكل ذلك صحيح وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون ذلك عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه. قوله: [ (ثم أخذ شماله بيمينه) ] معناه أنه لما كبر تكبيرة الإحرام وقد رفع يديه حذو أذنيه وضع اليمين على الشمال على صدره. قوله: [ (فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك)]. يعني أنه رفع يديه عند التكبير للركوع. قوله: [ (ثم وضع يديه على ركبتيه) ]. يعني: في حال ركوعه وضع يديه على ركبتيه وهو راكع. قوله: [ (فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك) ]. أي: رفع يديه مثل ذلك، يعني: مثل ما تقدم عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع. قوله: [ (فلما سجد وضع رأسه بذلك المنزل من بين يديه) ]. يعني: بين يديه، فيد من جهة اليمين ويد من جهة الشمال والرأس بينهما. قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى)]. معنى: [( ثم جلس )] أي: بين السجدتين [( فافترش رجله اليسرى )] يعني أنه جلس عليها وجعل إليته عليها، فلم يجلس على الأرض، وإنما جلس على رجله اليسرى التي افترشها، وهذا يسمى الافتراش، وهو يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، وكذلك في الصلاة الثنائية كالنوافل والجمعة والعيدين وغيرها، وأما التورك -وهو الجلوس على الورك- فإنه لا يكون إلا في الصلاة الرباعية أو الثلاثية، ويكون في التشهد الأخير، والصلاة الثلاثية هي المغرب، والرباعية الظهر والعصر والعشاء، فهذه الصلوات الأربع في التشهد الأخير منها يتورك، وهنا ذكر الافتراش لأنه بين السجدتين. قوله: [ (ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى) ]. يعني: في التشهد بين السجدتين يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى. قوله: [ (وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى) ]. حد المرفق هو طرفه. قوله: [ (وقبض ثنتين وحلق حلقةً) ]. معناه أنه قبض الخنصر والبنصر، وحلق بالإبهام مع الوسطى، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض الثلاثة بدون تحليق، فهذا ثابت وذاك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الذي ذكر إنما هو في التشهدين، وليس فيما بين السجدتين، فحال كونه بين السجدتين تكون اليدان على الفخذين. قوله: [ (وحلق حلقةً ورأيته يقول هكذا) ] يعني أنه كان يشير بالسبابة.

    تراجم رجال إسناد حديث ( لأنظرن إلى صلاة رسول الله كيف يصلي ... )

    قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن مفضل ]. بشر بن مفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه هو كليب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن وائل بن حجر ]. قد مر ذكره.

    ذكر زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو الوليد حدثنا زائدة عن عاصم بن كليب بإسناده ومعناه، قال فيه: (ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد) وقال فيه: (ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب) ]. أورد أبو داود حديث وائل من طريق أخرى وفيه [ ( ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ) ]. ويعني بذلك أنه لما كبر وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، أي أن يده اليمنى تكون على ثلاثة أعضاء: على الساعد، وعلى الرسغ الذي هو المفصل، وعلى الكف، فتكون يده اليمنى جاءت على هذه المواطن الثلاثة، فلا يقلب يده، ولا يمسك الساعد، وإنما يضع اليمنى على الساعد والرسغ والكف. قوله: [ ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب ]. يعني أنهم كانوا يلتحفون بالثياب.

    تراجم رجال إسناد زيادة وضع اليد على اليد وتحريك الأيدي تحت الثياب في حديث وائل بن حجر


    قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا أبو الوليد ]. أبو الوليد هو الطيالسي هشام بن عبد الملك ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زائدة ]. هو زائدة بن قدامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. الملقي: [ عن عاصم بن كليب بإسناده ]. عاصم بن كليب وأبوه ووائل قد مر ذكرهم.

    شرح حديث ( رأيت النبي حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه .... ) وتراجم رجال إسناده


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وآله سلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه. قال: ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانس وأكسية) ]. هذا الحديث مثل الذي قبله، وقوله: [ عليهم برانس وأكسية ]. البرنس قطعة من الثياب متصلة بالثوب من خلفه يغطى بها الرأس، والأكسية يراد بها هنا الثياب التي رآهم يلتحفون بها من البرد. وقوله: [ (يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة) ] يعني به رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك ]. شريك هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر ]. قد مر ذكر الثلاثة.

    الأسئلة



    الاختلاف في موضع رفع اليدين في الصلاة وحكمه

    السؤال: هل الصحيح هو رفع اليدين إلى الأذنين عند مواضع رفعهما في الصلاة أم رفعهما إلى حذو المنكبين؟

    الجواب: كل منهما ثابت، وهذا الاختلاف من اختلاف التنوع، فالاختلاف إذا وجد في مثل هذا فهو دال على التنوع، وكلا الأمرين ثابت، وللمصلي أن يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ لأن ذلك كله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    نقل الإمام البخاري ولادة عبد الجبار بن وائل بعد وفاة أبيه

    السؤال: ينقل عن الإمام البخاري أنه قال في التاريخ الكبير في ترجمة علقمة بن وائل : سمع أباه. وفي ترجمة عبد الجبار قال: ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر. فما صحة هذا القول؟

    الجواب: هذا غير واضح؛ لأن عبد الجبار نفسه قال: كنت غلاماً لا أعقل صلاة أبي. وكونه لا يعقل صلاة أبيه معناه أنه موجود في زمن أبيه.


    حكم الانحناء لكبار السن


    السؤال: اعتاد الناس في بعض البلاد الإسلامية على أنهم إذا رأوا أحداً من كبار السن فإنهم ينحنون له بما يشبه الركوع، ثم يجلس الواحد منهم إذا كان هذا الشيخ الكبير قائماً، ويعتبرون ذلك من الاحترام الواجب، وبعضهم -أيضاً- يسجد للسلطان، فما حكم هذا العمل؟

    الجواب: كل هذه الأعمال لا تسوغ ولا تجوز وكلها حرام، ولا يجوز الانحناء لأحد إلا لله عز وجل، فالإنسان يصلي لله عز وجل بركوعه وسجوده، وأما فعل ذلك مع المخلوقين فذلك غير جائز، لا الانحناء، ولا السجود.

    المراد بالميسر والأنصاب والأزلام

    السؤال: ما المراد بالميسر والأنصاب والأزلام؟

    الجواب: الأزلام جمع (زلم)، وهي سهام كانوا يضربونها ثم يستخرجون أحدها فإن كان فيه (افعل) فعل الضارب ما هو مقدم عليه، وإن كان فيه (لا تفعل) ترك ما هو مقدم عليه، وإن خرج الثالث فهو سهم ليس مكتوباً عليه شيء، فيعيد الضرب مرة أخرى. والأنصاب هي التي كان يذبحون عليها؛ لقوله تعالى: وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3]، والميسر هو القمار.

    معنى قاعدة ( لا قياس في العبادات )


    السؤال: ما المراد بقولهم: (لا قياس في العبادة)؟

    الجواب: معناه أن العبادة يعول فيها على النصوص، فليس فيها قياس.

    حكم سماع الرجل إذاعة الأخبار بصوت المرأة


    السؤال: ما حكم سماع الأخبار التي تلقيها امرأة؟

    الجواب: لا بأس به إذا لم يترتب على السماع فتنة، لكن لا يصلح أن تكون المرأة تلقي أخباراً في البلاد الإسلامية، وإن كان هذا قد وجد في بلاد الكفار، فإن احتاج الإنسان إلى أن يسمع الأخبار فله أن يسمع إذا لم يكن هناك افتتان بالصوت.


    طالب العلم والدعوة إلى الله تعالى


    السؤال: متى يكون طالب العلم أهلاً للدعوة؟ وما المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية)؟

    الجواب: يكون الإنسان طالب العلم أهلاً للدعوة إذا كان متمكناً من الشيء الذي يدعو إليه، فالإنسان إذا كان غير متمكن وغير عالم بالذي يدعو إليه فقد يأمر بما هو منكر وينهى عما هو معروف، ولكن لا بد من أن يكون عالماً، أن يكون عنده علم وعند معرفة، فإذا أتقن شيئاً أو تحقق من شيء أو عرف أمراً من الأمور فإن له أن يدعو إلى هذا الذي عرفه وتحقق منه، ولا يُدخل نفسه في أمور أخرى لا يعرفها ولا يدركها ولا يعقلها، وإنما الشيء الذي أتقنه وعرفه يدعو إليه ويرشد إليه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج) فمعناه أن الإنسان لا يتساهل في شيء، بل الإنسان يبلغ ولو كان ما عنده إلا شيء يسير، فإنه يبلغ ما عنده، ولكن لا بد من التحقق بأن ما يدعو إليه هو على بصيرة فيه، كما قال الله عز وجل قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف:108]، فالشيء الذي لا يعرفه ولا يعقله يتركه، ولا يدخل نفسه في أمور لا يدركها ولا يعقلها، فإن ذلك يكون من القول على الله بغير علم.

    الطاعنون في تنصيف دية المرأة

    السؤال: ظهر في بعض البلدان الإسلامية أناس يقولون إن القول بأن دية المرأة نصف دية الرجل غير صحيح، وإن الأحاديث في ذلك غير صحيحة. فما رأيكم؟

    الجواب: هذا كلام غير صحيح، وهذا القول الذي يقوله هؤلاء هو من التخبط، والعلماء -رحمهم الله- المشهور عنهم أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وقد جاء في ذلك بعض الأحاديث، وأظن أنَّ المسألة فيها إجماع، وقد ذكر ابن القيم أن المرأة على النصف من الرجل في خمسة أشياء: في الدية، وفي الشهادة، وفي العقيقة، وفي العتق، وفي الميراث.

    الجمع بين كون ترك ابن عباس الأتان ترتع ودخوله الصلاة حصل في منى وكونه حصل في عرفة


    السؤال: ورد في سنن أبي داود أن ابن عباس ترك الأتان وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في منى، وفي رواية النسائي أنه كان يصلي بعرفة، فما هو الجمع بينهما؟

    الجواب: يمكن أن تكونا قصتين، أو تكون واحدة، وهذا هو الأرجح، والأرجح أنه كان في منى، وفي بعض الروايات أنه كان ذلك في يوم النحر، ويوم النحر إنما هو في منى.

    توجيه ترك أبي داود إخراج حديث صلاته صلى الله عليه وسلم في منى إلى غير جدار


    السؤال: ما هو توجيه فعل أبي داود في ترك إخراج حديث ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام صلى في منى إلى غير جدار، مع أن أبا داود من منهجه في كتابه أن يسوق أدلة الفريقين؟ وما التوجيه لهذا الحديث؟

    الجواب: كون المؤلف يلتزم بأن يورد كل حديث هذا ليس من شأن المصنفين، فليس من شأن أبي داود ولا غيره، وليس المقصود أنهم يجمعون كل الأحاديث، وإنما يأتون بجملة من الأحاديث، فالبخاري و مسلم لم يلتزما إخراج كل صحيح. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين."


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #127
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [096]
    الحلقة (127)

    شرح سنن أبي داود [096]


    حرص الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم على معرفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حرصاً بالغاً، وروي عنهم عدة من الأحاديث في بيان صفتها، ومن جملة من حكى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أبو حميد الساعدي في حديث عظيم نقل فيه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً كثيراً من أركانها وواجباتها وسننها.

    افتتاح الصلاة


    شرح حديث ( أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب افتتاح الصلاة. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن شريك عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب افتتاح الصلاة ]. والترجمة السابقة العامة هي [ تفريع أبواب استفتاح الصلاة ] والمقصود من ذلك هو بيان الأمور التي تتعلق بأول الصلاة، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك؛ لأنه يشمل ذلك ويشمل غيره، وسيأتي بعد هذه الترجمة تفريع أبواب الركوع والسجود، وقد اشتملت هذه التراجم التي أوردها أبو داود في تفريع أبواب استفتاح الصلاة على ما يتعلق بالركوع والسجود وغير ذلك، ولكن المقصود هو ما يكون في أول الصلاة، وقد يسوق الحديث وهو مشتمل على ذلك وعلى غيره، فلا يلزم أن يكون كل ما فيه مقصوراً على استفتاح الصلاة، لكن ما فيه مشتمل على استفتاح الصلاة، وقد يكون مع استفتاح الصلاة أشياء أخرى من أفعال الصلاة غير استفتاح الصلاة، فيكون تبعاً في هذه الترجمة. وقد أورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه أنه قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم في الصلاة). يعني أنهم عندما يكبرون تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه يحركون أيديهم ويرفعونها وهي داخل الثياب، والمقصود من ذلك أن الصلاة تفتتح بالتكبير ويكون التكبير على حسب الحال، سواء أكانت اليدان داخل الثياب أم خارج الثياب.
    تراجم رجال إسناد حديث ( أتيت النبي في الشتاء فرأيت أصحابه يرفعون أيديهم في ثيابهم)

    قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري ، صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عاصم بن كليب ]. هو عاصم بن كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن علقمة بن وائل ]. هو علقمة بن وائل بن حجر ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين و مسلم و أصحاب السنن. [ عن وائل بن حجر ] هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن.
    شرح حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه ... )

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، ح: وحدثنا مسدد حدثنا يحيى -وهذا حديث أحمد - قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر - أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي رضي الله عنه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو قتادة رضي الله عنه، قال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم. قالوا: فلم؟! فوالله ما كنت بأكثرنا له تبعةً ولا أقدمنا له صحبة. قال: بلى، قالوا: فاعرض. قال: (كان رسول الله صلى الله عليه و آله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ، ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع، ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده. ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلاً، ثم يقول: الله أكبر. ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه، ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد، ويسجد ثم يقول: الله أكبر. ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر. قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه و آله وسلم) ].
    توجيه مدح أبي حميد الساعدي نفسه ودلالته

    أورد أبو داود حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه كان في جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرهم عشرة أشخاص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا فيه جواز مدح الإنسان نفسه ليؤخذ عنه العلم وليحرص على أخذ ما عنده، هذا هو مقصود أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذكر مثل هذا الكلام، وأنهم يريدون أن يؤخذ ما عندهم، وأن يهتم بأخذ ما عندهم حتى يعرف الآخذون عنهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعملون بها، وفي ذلك تحقيق وتطبيق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (نضرَّ الله امرأً سمع مقالتي فوعاها و أداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه). فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم حريصين على الأخذ من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكانوا -أيضاً- حريصين على أن يؤخذ عنهم العلم وأن تتلقى عنهم السنن، ويأتون بالكلام الذي يرغب في ذلك ويحفز الهمم على تلقي الحديث عنهم، كما فعل أبو حميد رضي الله عنه حيث قال: [ أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. يريد من ذلك أن يعتنى بأخذ ما عنده؛ لأنه يتحدث عن علم وعن بصيرة وعن معرفة تامة، حيث قال: [ أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فلم يكن من الحاضرين إلا أن قالوا: ولم ذلك؟ لست أكثرنا له صحبة ولا أكثرنا له اتباعاً. ثم قالوا: اعرض علينا ما عندك. فعرض عليهم صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقروا له بذلك، وقالوا: إن هذه هي كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    شرح ألفاظ الحديث


    قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه) ]. يعني: عند التكبير حال الدخول في الصلاة. قوله: [ (ثم يكبر) ]. يعني أنه عند هذه الهيئة يحصل منه التكبير وهو رافع يديه، وليس معنى ذلك أنه يرفع يديه ثم ينزلهما ثم يكبر، وإنما يكون التكبير مع رفع اليدين مصاحباً لهما، فيكبر تكبيرة الإحرام التي يكون بها تحريم الصلاة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). قوله: (حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ) ]. يعني أنه يكبر وقد رفع يديه ثم يضعهما حتى يقر كل عظم في موضعه، ثم يبدأ بالقراءة، فعندما يرفع ثم يضع يديه ويكون قد استقر كل عظم على ما هو عليه عند ذلك يبدأ بالقراءة. قوله: [ (ثم يكبر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه) ]. يعني أنه يقرأ الفاتحة وما تسير من القرآن، ثم بعد ذلك يرفع يديه ويكبر وهو يهوي إلى الركوع، فيكون معنى هذا أنه عند تكبيرة الإحرام يرفع يديه، وكذلك عند الركوع يرفع يديه. قوله: [ (ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه) ]. يعني: في حال ركوعه يضع راحتيه على ركبتيه. قوله: [ (ثم يعتدل فلا يصب رأسه ولا يقنع) ]. معنى: [ (ثم يعتدل) ] أي: في ركوعه [ (فلا يصب رأسه) ] يعني: لا يخفضه [ (ولا يقنع) ] أي: لا يرفعه. وقيل: إن ذلك -أيضاً- يأتي بمعنى الخفض، فتقنيع الرأس يطلق على الرفع وعلى الخفض، وأما قوله: [ (يصب رأسه) ] أو (يصوب رأسه) -كما جاء في بعض الألفاظ- فإن المقصود به الخفض، ومعنى ذلك أن رأسه مع امتداد ظهره ليس نازلاً ولا مرتفعاً، وإنما هو مع امتداد ظهره صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (ثم يرفع رأسه فيقول: سمع الله لمن حمده. ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه معتدلا) ]. أي أنه يرفع من الركوع ويقول: (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه مع ذلك عندما يقوم، فيكون بهذا جاء الرفع في ثلاثة مواضع: في تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه. قوله: [ (ثم يقول: الله أكبر. ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه) ]. أي: أنه يكبر عند السجود، وقوله: (فيجافي يديه عن جنبيه) يعني: لا يلصقهما بجنبه، وإنما يجافيهما بحيث يكون معتمداً عليهما، ولا يكون معتمداً على فخذه، وإنما يعتمد على يديه مجافياً لهما عن فخذيه وعن جنبه. قوله: [ (ثم يرفع رأسه ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها) ]. هذا الذي يسمى الافتراش في الصلاة، يعني أنه يفترش رجله اليسرى، وافتراش الرجل اليسرى يكون بين السجدتين ويكون في التشهد الأول، أما التشهد الأخير ففيه تورك، وهو الجلوس على وركه وإخراج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى، ونصب قدمه اليمنى مستقبلاً بأصابعها القبلة.. قوله: [ (ويفتح أصابع رجليه إذا سجد) ]. يعني أنه يلينها إذا سجد، بحيث تكون أطرافها إلى القبلة. قوله: [ (ويسجد ثم يقول: الله أكبر. ويرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه) ]. معناه أنه يطمئن في جلوسه، ويعتدل في جلوسه، لا أنه يجلس ثم يترك الجلوس بسرعة، وإنما لا بد من الاطمئنان، فيطمئن جالسا. قوله: [ (ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك) ]. يعني بذلك السجود، أي: سجد في الأخرى مثل ذلك. قوله: [ (ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. هذا فيه الموضع الرابع من مواضع رفع اليدين في الصلاة، وهو عند القيام من التشهد الأول؛ لقوله: [ (ثم إذا قام من الركعتين) ] ومعناه: إذا قام التشهد الأول. قوله: [ (ثم يصنع ذلك في بقية صلاته) ]. أي: مثلما عمل فيما مضى يعمل في بقية صلاته كذلك. قوله: [ (حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر) ]. يعني بذلك الثلاثية أو الرباعية؛ لأنه ذكر أنه يقوم من الركعتين و يكبر. فالصلاة الثنائية كالفجر ليس فيها إلا الافتراش، وكذلك النوافل ليس فيها إلا الافتراش، ولكن الصلاة الرباعية أو الثلاثية التشهد الأول منها فيه افتراش والتشهد الأخير فيه تورك، فلهذا ذكر القيام من التشهد الأول، والقيام من الركعتين، وأنه يرفع يديه عندما يقوم، وأنه يفعل في صلاته مثلما فعل في الأول، ثم إذا قام من السجدة التي بعدها السلام في الثلاثية أو الرباعية فإنه يتورك، أي: يخرج رجله اليسرى من تحت ساقه اليمنى ويجعل وركه على الأرض، بخلاف ما مضى فإنه يفترش رجله ويجلس عليها، فلا يجلس على الأرض وإنما يجلس على رجله، أما التورك فهو الاعتماد بالورك على الأرض، والافتراش هو الجلوس على القدم مفترشاً لها، والتورك إنما يكون في الصلاة الثلاثية أو الرباعية في التشهد الأخير، كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي هذا. قوله: [ (حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر) ]. قوله: [ (أخر رجله اليسرى) ] معناه أنه قدمها، فبدلاً من أن يجلس عليها مثل التشهد الأول وما بين السجدتين أخرها إلى جهة اليسار بحيث تخرج من تحت ساقه، ويجلس على وركه معتمداً عليه. قوله: [ (قالوا: صدقت، هكذا كان يصلي صلى الله عليه وسلم) ]. يعني: أقروا له بأن هذا الذي حكاه موافق للشيء الذي يعلمونه ويعرفونه من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فهذه الكيفية جاءت عن أبي حميد ، وكذلك أقره جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذه الكيفية هي كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أصحابه الكرام.

    تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه ... )


    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ]. أبو عاصم الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من كبار شيوخ البخاري ، ويروي عنه البخاري جملة من الثلاثيات؛ لأنه من أتباع التابعين. [ ح: وحدثنا مسدد ]. قوله: (ح) هو للتحول من إسناد إلى إسناد. ومسدد هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو ابن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وهذا حديث أحمد ]. يعني: هذا السياق حديث أحمد ، أي: في الإسناد الأول. قوله: [ قال: أخبرنا عبد الحميد -يعني ابن جعفر - ]. عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء ]. محمد بن عمرو بن عطاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبا حميد الساعدي هو عبد الرحمن بن سعد بن المنذر رضي الله تعالى عنه، وقد اختلف في اسمه, أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث ( ... فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب - عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري أنه قال: كنت في مجلس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فتذاكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال: أبو حميد رضي الله عنه... فذكر بعض هذا الحديث وقال (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه، ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح بخده، وقال: فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه أخصر مما تقدم. قوله: [ (فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه) ] يعني أنَّه وضع كفيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه. قوله: [ (ثم هصر ظهره) ]. يعني أنه خفضه حتى يكون مساوياً لرأسه. قوله: [ (غير مقنع رأسه) ] يعني: غير رافع له، ولفظ (مقنع) يصلح للرفع وللخفض؛ لأنه من المشترك المتضاد. [ (ولا صافح بخده) ] معناه أنه غير مبين لصفحته، والمراد أن رأسه مستقيم ليس مائلاً بحيث تكون صفحة منه نازلة وصفحة مرتفعة. قوله: [ وقال: (فإذا قعد في الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى ونصب اليمنى) ]. يعني: في التشهد الأول، أي: جلس مفترشاً. قوله: [ (فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض وأخرج قدميه من ناحية واحدة) ]. يعني الركعة الرابعة، فإنه يفضي بقدمه اليسرى إلى جهة يمينه ويعتمد على وركه، وتصير الرجلان كلتاهما من جهة اليمين، فاليمنى هي في الأصل من جهة اليمين، واليسرى -أيضاً- صارت من جهة اليمين؛ لأنها خرجت من تحت الساق اليمنى؛ لأنه إذا كان جالساً عليها صارت تحته، ولكن إذا جلس على وركه أخرها إلى جهة اليمين حتى تخرج من تحت الساق اليمنى.

    تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا ركع أمكن كفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعيه ... )


    قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن لهيعة ] هو ابن لهيعة عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق اختلط لما احترقت كتبه ، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة. أما النسائي فما كان يحدث عنه. وقد روى عنه قتيبة بن سعيد ، وقتيبة كان من المعمرين فأدركه إدراكاً بيناً، وذكر الشيخ الألباني في السلسلة أن قتيبة روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط. فعلى هذا تكون رواية ابن لهيعة هنا ليس فيها شيء. [ عن يزيد -يعني ابن أبي حبيب - ]. يزيد بن أبي حبيب ثقة يرسل ويدلس، وحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو بن حلحلة ]. محمد بن عمرو بن حلحلة ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن محمد بن عمرو العامري ]. محمد بن عمرو العامري هو محمد بن عمرو بن عطاء الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا عن أبي حميد .

    شرح حديث ( ... فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما .... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن يزيد بن محمد القرشي و يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء نحو هذا، قال: (فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة) ]. أورد هنا حديث أبي حميد من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أنه ذكره مختصراً. قوله: [ (إذا سجد وضع يديه غير مفترش) ]. يعني: (وضع يديه) على الأرض معتمداً عليهما غير مفترش لهما، بمعنى أنه لا يفرشهما على الأرض مثل افتراش الكلب الذي جاء النهي عنه، فالمصلي لا يفترش يديه، وإنما يضعهما على الأرض معتمداً عليهما مع مجافاتهما عن جنبيه بحيث يكون معتمداً عليهما. قوله: [ (ولا قابضهما) ]. يعني: ليس مفترشاً ولا قابضاً لهما، ويمكن أن يكون المراد بالقبض أنَّه يقبض يديه بدلاً من أن يبسطهما، أو أنه يقبضهما إلى جنبه. فعلى الساجد أن يجافي بينهما وبين جنبيه، بحيث يكون معتمداً عليهما، أي: معتمداً على الكفين لا على الكفين والذراعين، وهي هيئة افتراش الكلب. قوله: [ (واستقبل بأطراف أصابعه القبلة) ]. يعني أصابع اليدين، فعند سجوده تكون أطرافهما مستقبلة القبلة.

    تراجم رجال إسناد حديث ( ... فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما ... )


    قوله: [ حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري ]. عيسى بن إبراهيم المصري ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الليث بن سعد ]. هو الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن محمد القرشي ]. يزيد بن محمد القرشي ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي. [ و يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

    شرح حديث ( ثم رفع رأسه .... فقال سمع الله لمن حمده )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم حدثنا أبو بدر حدثني زهير أبو خيثمة حدثنا الحسن بن الحر حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس -أو عياش بن سهل الساعدي - أنه كان في مجلس فيه أبوه -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- وفي المجلس أبو هريرة و أبو حميد الساعدي و أبو أسيد بهذا الخبر يزيد أو ينقص، قال فيه: (ثم رفع رأسه -يعني: من الركوع- فقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد. ورفع يديه ثم قال: الله أكبر. فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس فتورك ونصب قدمه الأخرى، ثم كبر فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورك) ثم ساق الحديث، قال: (ثم جلس بعد الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة، ثم ركع الركعتين الأخريين) ولم يذكر التورك في التشهد ]. قوله: [ بهذا الخبر ] يعني: عن أبي حميد . قوله: [ عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي ]. يعني أن محمد بن عمرو بن عطاء بينه وبين أبي حميد في هذا الإسناد واسطة، وأما في الأحاديث التي مرت فكان يروي عن أبي حميد ، بل إنه صرح بالسماع منه فقال: سمعت أبا حميد الساعدي يحدث. وعلى هذا فهذه الواسطة التي ذكرت هنا إما أن تكون من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون محمد بن عمرو بن عطاء رواه بواسطة وبغير واسطة. ويمكن أن يكون حصله أولاً نازلاً ثم ظفر به عالياً، وهذا إذا لم يكن من المزيد في متصل الأسانيد، وأما إذا كان من المزيد في متصل الأسانيد فمعناه أن محمد بن عمرو بن عطاء يروي عن أبي حميد مباشرة، وتكون تلك الزيادة وهماً، وهي التي هي يسمونها (المزيد في متصل الأسانيد) فيحتمل هذا ويحتمل هذا، يحتمل أن يكون من المزيد ويحتمل أن يكون مما حصله نازلاً أولاً ثم ظفر به عالياً. [ (ثم رفع رأسه -يعني من الركوع- وقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد) ] المراد بذلك التسميع والتحميد. قوله: [ (ورفع يديه ثم قال الله أكبر. فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد) ]. أي أنَّه اعتمد على ستة أعضاء، ومع ذلك العضو السابع الذي هو الجبهة والأنف. قوله: [ ( ثم كبر فجلس وتورك ) ] معناه أنه بين السجدتين تورك، وهذا يخالف الروايات السابقة التي فيها الافتراش، وليس التورك، وأن التورك إنما يكون في التشهد الأخير كما مر في الرواية السابقة حيث قال: (فلما كان من السجدة الرابعة أخر رجله اليسرى وجلس على وركه) فهذا مخالف لما تقدم من الروايات التي فيها أنه بين السجدتين يفترش ولا يتورك. قوله: [ (ثم كبر فسجد) ]. أي: السجدة الثانية. وقوله: [ (ثم كبر وقام ولم يتورك) ] معناه أنه ما جلس، لكن جاء في بعض الأحاديث الجلسة التي يسمونها جلسة الاستراحة، وهي بعد الوتر في الصلاة، بعد السجدة الثانية من الركعة الأولى أو الثالثة، فقوله: [ (ولم يتورك) ] يعني جلسة الاستراحة بعد السجود، يعني أنه قام ولم يتورك إذا كان يقصد الاستراحة؛ لأنه لا يزال في الركعة الأولى، ومن المعلوم أنه ليس هناك في الأولى إلا جلسة الاستراحة، والتشهد لم يذكر بعد. قوله: [ (ثم جلس بعد الركعتين) ] يعني التشهد الأول. قوله: [ (حتى إذا هو أراد أن ينهض إلى القيام قام بتكبيرة) ] يعني أنه يقوم من التشهد الأول مكبراً، ويرفع يديه كما سبق أن مر بنا. قوله: [ (ثم ركع الركعتين الأخريين) ولم يذكر التورك في التشهد ]. لعله يعني التشهد الأخير، وكذلك في التشهد الأول ما ذكر شيئاً فيما مضى، ولكن التورك ثابت في التشهد الأخير، والافتراش في التشهد الأول وبين السجدتين.

    تراجم رجال إسناد حديث ( ثم رفع رأسه ... فقال سمع الله لمن حمده )


    قوله: [ حدثنا علي بن الحسين بن إبراهيم ]. علي بن الحسين بن إبراهيم صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . : [ حدثنا أبو بدر ]. هو شجاع بن الوليد السكوني ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني زهير أبي خيثمة ]. هو زهير بن معاوية أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الحسن بن الحر ]. الحسن بن الحر ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك ]. عيسى بن عبد الله بن مالك مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن محمد بن عمرو بن عطاء أحد بني مالك ]. امحمد بن عمرو بن عطاء مر ذكره. [ عن عباس أو عياش بن سهل الساعدي ]. هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . والحديث فيه عيسى بن عبد الله ، وهو مقبول، ففي حديثه ما وافق الروايات السابقة وله شواهد، وما كان مخالفاً لها لا يعول عليه، مثل ذكر التورك بين السجدتين.

    شرح حديث ( ... ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ... )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الملك بن عمرو أخبرني فليح حدثني عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد و أبو أسيد و سهل بن سعد و محمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم. فذكر بعض هذا، قال: (ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه فتجافى عن جنبيه. قال: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه، ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه، حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته، ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه). قال أبو داود : روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل لم يذكر التورك، وذكر نحو حديث فليح ، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. قوله: [ (وضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما) ] يعني: كأنه ممسك بهما. قوله: [ (ووتر يديه فتجافى عن جنبي)]. يعني: جعلهما كالوتر فيه ميلان، أي: لم يكن ملصقاً إياهما على بطنه أو على فخذيه، وإنما كان مجافياً لهما عن ذلك. قوله: [ (ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه) ]. يعني: اعتمد على يديه وجافى بين يديه وجنبيه فلم يعتمد على فخذيه، وإنما اعتمد على يديه مجافياً لهما عن جنبيه. قوله: [ (ووضع كفيه حذو منكبيه) ]. يعني: في السجود. قوله: [ (ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه) ]. يعني أنه رفع رأسه من السجود وجلس بين السجدتين حتى استقر واعتدل واطمأن. قوله: [ (حتى فرغ ثم جلس فافترش رجله اليسرى) ]. يعني: حتى فرغ من الركعتين أو من الصلاة إذا كانت ثنائية كالفجر وكالسنن. قوله: [ (ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى) ]. يعني أنه جعل صدر رجله اليمنى إلى القبلة بحيث جعل أصابعها إلى القبلة. قوله: [ (وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بأصبعه) ]. أي: وضع اليد اليسرى على الفخذ اليسرى، واليمنى على الفخذ اليمنى، وأشار بأصبعه، يعني: في التشهد.

    تراجم رجال إسناد حديث ( ... ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ... )


    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن حنبل مر ذكره . [ حدثنا عبد الملك بن عمرو ]. هو أبو عامر العقدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني فليح ] هو فليح بن سليمان ، وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عباس بن سهل ]. عباس بن سهل قد مر ذكره.

    الرواة المخالفون لمن روى التورك في الجلوس بين السجدتين وتراجمهم


    [ قال أبو داود : روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل لم يذكر التورك ، وذكر نحو حديث فليح ، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. قوله: [ روى هذا الحديث عتبة بن أبي حكيم ] . عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عيسى ]. هو ذاك الأول عيسى بن عبد الله بن مالك ، قال ابن حجر في ترجمته: عيسى بن عبد الله وقيل فيه: عبد الله بن عيسى ، ففي اسمه تقديم وتأخير. [ عن العباس بن سهل ] . مر ذكره. قوله: [ لم يذكر التورك ]. التورك -كما هو معلوم- هو في التشهد الأخير، لكن في الرواية السابقة التي فيها ذلك المقبول ذكر التورك بين السجدتين، لكن هنا ما ذكر التورك، بل ذكر الافتراش. قوله: [ وذكر نحو حديث فليح ]. وهو الحديث الذي بين أيدينا الذي فيه ذكر الافتراش. قوله: [ وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. الحسن بن الحر مر ذكره. وقوله: [ نحو جلسة حديث فليح و عتبة ]. عتبة بن أبي حكيم صدوق يخطئ كثيراً.
    شرح حديث ( ... وإذا سجد فرج بين فخذيه ... )

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية حدثني عتبة حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد رضي الله عنه بهذا الحديث قال: (وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) ]. قوله: [ (غير حامل بطنه على شيء من فخذيه) ]. معناه أنه يجافي بطنه عن فخذيه، بحيث لا يكون معتمداً ببطنه على فخذيه، وإنما يكون معتمداً ساجداً على ركبتيه ومجافياً بطنه عن فخذيه، بحيث يكون الاعتماد على الركبتين واليدين، ولا تكون اليدان ملصقتين بالفخذين، ولا يكون البطن -أيضاً- معتمداً على الفخذين.
    تراجم رجال إسناد حديث ( .... وإذا سجد فرج بين فخذيه .... )

    قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ]. هو عمرو بن عثمان الحمصي ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [ حدثنا بقية ] هو بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني عتبة حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد ]. هؤلاء جميعاً قد مر ذكرهم. [ قال أبو داود : رواه ابن المبارك : حدثنا فليح سمعت عباس بن سهل يحدث فلم أحفظه، فحدثنيه -أراه ذكر عيسى بن عبد الله - أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد الساعدي ... بهذا الحديث. قوله: [ رواه ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا فليح سمعت عباس بن سهل ]. مر ذكرهما. [ فحدثنيه -أراه ذكر عيسى بن عبد الله - ]. عيسى بن عبد الله مر ذكره كذلك. [ أنه سمعه من عباس بن سهل قال: حضرت أبا حميد ]. قد مر ذكرهما.
    الأسئلة



    اتخاذ المصلي المسبوق السترة بعد سلام الإمام


    السؤال: هل على المصلي المسبوق بعد سلام الإمام أن يقرب إلى الجدار أو شيء غيره سترةً له؟

    الجواب: نعم له ذلك، فإذا كان المكان قريباً وقرب فلا بأس بذلك.

    حكم الاستتار في الصلاة بالجالس


    السؤال: هل يجوز لأحد أن يجعل الشخص الجالس أمامه سترة له؟

    الجواب: يمكن؛ لأن الصف الثاني سترتهم الصف الأول، وإذا ذهب الجالس يبقى بدون سترة.

    النيابة في الحج عمن ليس عنده قدرة مالية

    السؤال: والديّ ليس عندهما قدرة مالية على الحج والعمرة، فهل يجوز لي أن أعتمر عنهما أو أحج؟

    الجواب: الحي لا يحج عنه إلا في إحدى حالتين: أن يكون هرماً كبيراً لا يستطيع السفر والركوب، الثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه. فهذان هما اللذان يحج عنهما ويعتمر، وإذا كانا غير قادرين وأنت غير قادر فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وإذا يسر الله لهما القدرة المالية فعليهما أن يؤديا ما فرضه الله تعالى عليهما.

    معنى الظلم في قوله تعالى (وقد خاب من حمل ظلماً)


    السؤال: ما المقصود بالظلم في قول الله جل وعلا: وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [طه:111] هل هو الشرك أم الظلم عامة؟

    الجواب: الشرك لا شك في أنه أبلغ الظلم وأبطل الباطل، وكذلك الظلم خطير، أعني ظلم الناس، فيبدو -والله أعلم- أنه يشمل الظلم الأكبر، ولكن الخيبة العظيمة التي ليس وراءها سلامة هي دخول النار والخلود فيها، وهذا لا يكون إلا للكفار، وأما غيرهم فإنهم إذا عوقبوا على ظلمهم وعلى ما حصل منهم فإنهم لا بد من أن يخرجوا ويدخلوا الجنة.

    حكم تقبيل يد الوالد ووضعها على الجبين


    السؤال: جرت العادة في بعض البلاد الإسلامية بأن يقبل الابن يد أبيه أو أمه ثم يضعها على جبينه، فما الحكم؟

    الجواب: تقبيل اليد ووضعها على الجبين لا نعلم له أصلاً، فلا يفعل.

    ضابط الحكم باستحلال المعصية

    السؤال: الاستحلال الذي يعد به العاصي مستحلاً للمعصية هل هو بمجرد الدعوة إليها أو بالمجاهرة بها؟

    الجواب: المجاهرة ليس فيها استحلال، فإذا كان الإنسان يجاهر بالمعصية فلا يقال: إنه مستحل لها. ولكن الاستحلال هو كونه يقول: إنها حلال ليس فيها مانع. أما مجرد كونه يفعل الشيء وهو لم يصدر منه أو يسمع منه ما يدل على استحلاله فلا يعتبر مستحلاً؛ لأن المجاهرة ليست استحلالاً، ولكن المجاهرة زيادة في المعصية، وزيادة في قلة الحياء وقلة المبالاة. وكذلك لو دعا إلى هذه المعصية وهو غير مستحل لها، وإنما أعجبه ذلك الأمر المحرم ودعا غيره إليه، فلا يقال: إن هذا استحلال. وإنما هو ذنب، اللهم إلا إذا قال: هذا حلال ليس به بأس، فافعلوه فإنه لا بأس به. فهذا هو الاستحلال.

    حكم قول طالب العلم (الله أعلم) مع علمه بالمسألة


    السؤال: إذا سئل طالب العلم عن مسألة وكان عنده علم بها فكتمها وقال: (الله أعلم) مع علمه أن المسألة المسئول عنها غير متعينة عليه، وذلك لوجود من هو أعلم منه، أو أن السائل إنما يسأل من باب زيادة المعلومات، فهل يدخل في الوعيد على من كتم العلم؟

    الجواب: كون طالب العلم يحيل إلى غيره لا بأس به، وإذا كان قد احتيج إليه والأمر متعين عليه فلا يجوز له ذلك، وأما إذا كان يوجد من يقوم بالفتوى وأراد طالب العلم أن يكون في عافية فلا بأس بذلك، ما دام أن هناك من يتحمل عنه ومن يقوم بذلك عنه، أما إذا تعين عليه فليس له أن لا يجيب. فإذا كان عنده علم وقال: (الله أعلم) فقد قال كلمة صحيحة، لكن كلمة (لا أدري) هي التي لا تكون مستقيمة إذا كان يدري، ولكن قوله: (الله أعلم) هو جواب صحيح؛ لأنه وإن كان عنده علم فالله أعلم، ولكن كونه يقول لغيره: اذهب إلى فلان واسأله حين يتعين عليه لا يجوز له.

    معنى تشدد أئمة الحديث في أحاديث الأحكام وتساهلهم في أحاديث الترغيب والترهيب


    السؤال: ما معنى قول بعض الأئمة المتقدمين من علماء الحديث: إذا تكلمنا في الحلال والحرام شددنا في الأسانيد، فإذا كان الترغيب والترهيب تساهلنا. ومعلوم أنه يحتج بالحسن لغيره في الأحكام، فهل يعني هذا أنهم يذكرون في الترغيب والترهيب ما دون مرتبة الحسن لغيره من الأحاديث الضعيفة؟

    الجواب: الذي يبدو ويظهر أن الأحاديث الضعيفة لا يعول عليها في ترغيب ولا في غيره؛ لأن التعويل عليها معناه إقرار بإضافة الشيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو لم يثبت، والإمام مسلم رحمه الله في المقدمة ذكر أن الأحاديث الضعيفة لا يعول عليها في الترغيب ولا في الترهيب ولا في غير ذلك، وإنما يعول على ما يصح وما يثبت في جميع هذه الأشياء، ومن ذلك الترغيب والترهيب، فالعمل بها على اعتبار أن هذه سنة جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز، أما إذا كان الحكم ثابتاً بنص آخر وجاء الحديث الضعيف شاهداً أو موافقاً لشيء قد صح فالعبرة بما صح، ويكون الحديث الضعيف قد وافق ما هو صحيح، فيكون له أصل، لكن ليس التعويل عليه. مثل صلاة الجماعة، فالأحاديث التي دلت على وجوبها كثيرة وصحيحة، وجاءت أحاديث ضعيفة تدل على وجوب الجماعة، فهناك أصل لهذا الضعيف والمعول على الحديث الصحيح، أما إذا كان الحديث ما وجد إلا من طريق ضعيف، مثل صلاة الرغائب أو تخصيص أول جمعة من رجب ببعض الأفعال التعبدية، فإنها ما جاءت إلا من طريق ضعيف، فهذه لا يعمل بها ولا يجوز العمل بها لأن إضافة ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معناها إضافة شيء غير ثابت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعمل به على أنه جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو لم يثبت عنه. ولعل المقصود بالجملة المنقولة عن السلف أن مسألة الحرام والحلال كانوا يعتنون بها؛ لأنه يترتب عليها تحليل فروج وتحريم فروج، وإحلال شيء وتحريم شيء وما إلى ذلك، بخلاف أحاديث الترغيب والترهيب، فإنهم لا يولونها من العناية مثلما يولون تلك التي يترتب عليها تحليل وتحريم، لكن لا يعني ذلك أنهم يستجيزون العمل بحديث ضعيف لم يأت موضوعه الذي دل عليه الحديث إلا من ذلك الطريق الضعيف."

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #128
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [097]
    الحلقة (128)


    شرح سنن أبي داود [097]


    في الصلاة أحكام عظيمة مهمة ينبغي للمسلم العناية بها، ومن تلك الأحكام ما يتعلق بموضع الاعتماد حال النهوض من السجدة الثانية إلى الركعة الأخرى، ومنها ما يتعلق برفع اليدين إلى الأذنين أو إلى المنكبين ومواطنه في الصلاة، وغير ذلك من الأحكام العملية التي لا يليق بمسلم جهلها.

    تابع افتتاح الصلاة



    شرح حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا حجاج بن منهال حدثنا همام حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال: (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه، قال: فلما سجد وضع جبهته بين كفيه، وجافى عن إبطيه) قال حجاج : وقال همام : وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما -وأكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة - (وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه) ]. يذكر المصنف رحمه الله تعالى تحت ترجمة افتتاح الصلاة في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه ما يتعلق ببيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يقول فيما حدث به من حديثه: [ (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه) ] أي أنه قدم ركبتيه على يديه حين سجوده، وحديث وائل بن حجر رضي الله عنه يدل على تقديم الركبتين، وقال به جماعة من أهل العلم، وقال جماعة منهم بتقديم اليدين على الركبتين أخذاً بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) فمن أهل العلم من رجح حديث وائل بن حجر ، ومنهم من رجح حديث أبي هريرة فقدم اليدين على الركبتين. والذين قالوا بتقديم الركبتين على اليدين قالوا: إن حديث أبي هريرة فيه قلب. وقد ذكر ذلك ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) قال: والأصل أن يكون: وليضع ركبتيه قبل يديه. فحصل القلب بالتقديم والتأخير. والعلماء -كما ذكرت- اختلفوا فمنهم من صحح أو قوى حديث أبي هريرة وهو فيه كلام، ومنهم من قوى حديث وائل بن حجر -وفيه كلام- فقدم الركبتين على اليدين. وقوله في هذه الرواية: [ (وقعتا ركبتاه) ] هذا فيه جمع بين الضمير والاسم الظاهر، مع أن الأصل أن لا يذكر الضمير مع الاسم الظاهر، بل الصواب المعروف (وقعت ركبتاه) لكن هذه الصيغة هي لغة مشهورة، وهي التي يسمونها لغة (أكلوني البرغيث) وقد جاء مثالها في القرآن وكذلك في السنة، فمما جاء في القرآن: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا [الأنبياء:3] ففيه الاسم الظاهر الذي هو (الَّذِينَ) وفيه الضمير الذي هو الواو في قوله: (وَأَسَرُّوا)، وفي الحديث: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار). قال: [ (فلما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن أبطيه) ]. قوله: [ (بين كفيه) ] معناه أن رأسه بين كفيه، فلم تكن يداه تحت رأسه ولا كان مباعداً لهما، ولا كان مفترشاً، وإنما وضع جبهته أو رأسه بين كفيه وجافى بين عضديه، بمعنى أنه لم يلصق عضده بجنبه ولم يعتمد على فخذيه بمرفقيه، بل اعتمد على يديه وعلى ركبتيه وعلى قدميه وعلى جبهته مع أنفه، فهذه الأعضاء السبعة مكنت من الأرض.

    شرح حديث الاعتماد على الركبتين عند القيام


    قوله: [ قال حجاج : وقال همام : وحدثنا شقيق حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا ]. أي: جاء الحديث من طريق أخرى مروياً عن عاصم بن كليب عن أبيه بمثل هذا اللفظ، وذكر أمراً آخر، وهو عند القيام من الركعة الثانية، فإنه يقوم معتمداً على ركبتيه وليس على يديه، وقال الراوي: يحتمل أن يكون هذا اللفظ من شقيق أو من محمد بن جحادة ، لكن أكبر علمي أنه من محمد بن جحادة . ولفظ هذا الحكم هو قوله: [ (وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه) ]. فهذا هو اللفظ الذي قال عنه: أكبر علمي أنه لفظ محمد بن جحادة . لأنه ذكر من طريقين: الطريق الأولى التي أسندها طريق محمد بن جحادة . والطريق الثانية التي علقها طريق شقيق عن عاصم بن كليب عن أبيه، فالحجاج بن منهال يروي عن همام عن شقيق ، و الحجاج بن منهال كذلك يروي عن همام عن محمد بن جحادة ، فهو قال: أكبر علمي أنه حديث محمد بن جحادة . يعني هذا اللفظ الذي هو كونه يقوم معتمداً على ركبتيه واضعاً يديه على فخذيه. وقوله: [ حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أبوه هو كليب بن شهاب الجرمي الكوفي ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدركه. وعليه فإن الحديث الذي ليس فيه ذكر وائل بن حجر حديث مرسل.
    تراجم رجال إسناد حديث (فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه)

    قوله: [ حدثنا محمد بن معمر ]. هو محمد بن معمر البحراني ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا حجاج بن منهال ]. حجاج بن منهال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. هو همام بن يحيى ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جحادة ]. محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الجبار بن وائل ]. عبد الجبار بن وائل ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو وائل بن حجر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في (جزء القراءة) و مسلم وأصحاب السنن. وهذا الحديث منقطع ليس بمتصل؛ لأن عبد الجبار لم يسمع من أبيه، ولكن الذي سمع منه علقمة . فهذا الحديث نفسه بهذا الطريق لا يصح، لكنه جاء من طريق أخرى متصلاً من غير طريق عبد الجبار .
    تراجم رجال إسناد حديث الاعتماد على الركبتين عند القيام

    قوله: [ قال حجاج : وقال همام : وحدثنا شقيق ]. شقيق هو أبو ليث ، وهو يروي عن عاصم بن كليب . [ حدثني عاصم بن كليب ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.

    شرح حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يرفع إبهامه إلى شحمة أذنيه)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن فطر عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهاميه في الصلاة إلى شحمة أذنيه) ]. أورد أبو داود حديث وائل بن حجر من طريق أخرى، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إبهاميه إلى شحمة أذنيه، وهذا موافق لما جاء في الأحاديث الأخرى أنه كان يرفع إلى أذنيه وكان يرفع إلى منكبيه، وكل ذلك ثابت. والذي ذكر هنا هو من طريق عبد الجبار بن وائل عن أبيه وفيه انقطاع، ولكنه موافق للأحاديث الأخرى التي فيها الرفع إلى الأذنين. ومعناه أن إبهامية تكونان عند شحمة الأذنين، وهي اللحمة الرقيقة المتدلية أسفل الأذن.

    تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهامه في الصلاة إلى شحمة أذنيه)


    قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الله بن داود ]. هو عبد الله بن داود الخريبي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن فطر ]. هو فطر بن خليفة ، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ]. قد مر ذكرهما.

    شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه الرفع في المواضع الأربعة التي مرت في حديث أبي حميد الساعدي ، وهي عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، فهذه المواضع في حديث أبي هريرة قد جاءت في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنهما، وهو موافق لما تقدم. قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه) ]. يعني: رفعهما حتى حاذا المنكبين. وقوله: [ (وإذا رفع للسجود فعل مثل ذلك) ] يعني: إذا قام من الركوع ليسجد فعل مثل ذلك، وليس المقصود منه أنه قام للسجود، فالعبارة هذه معناها أنه قام من ركوعه ليسجد، والسجود -كما هو معلوم- ليس فيه قيام له، وإنما فيه نزول، فيكون معنى العبارة: وإذا قام من ركوعه ليسجد فعل مثل ذلك. فهو مطابق لحديث أبي حميد الساعدي المتقدم. الملقي: [ (وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك) ]. يعني: إذا قام من التشهد الأول، سواء أكانت الصلاة ثلاثية أم رباعية.

    تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة جعل يديه حذو منكبيه)


    قوله: [ حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ]. عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثني أبي ]. أبوه شعيب كذلك ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن جدي ]. هو الليث بن سعد ،ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب ، صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ]. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ]. أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. والحديث ضعفه الألباني ، ولكن ابن القيم يقول: إنه على شرط مسلم . يعني أن هذا الحديث على شرط مسلم ، وذلك لأن الرواة كلهم خرج لهم الشيخان إلا عبد الملك و شعيباً فقد انفرد مسلم عن البخاري في إخراجه لهما.

    شرح حديث صلاة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما -وصلى بهم- يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدا يصليها، فوصفت له هذه الإشارة فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير ]. أورد أبو داود حديث ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير -وصلى بهم- يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع، يعني: حين يقوم للصلاة. أي: حين يكبر في الدخول في الصلاة، وقوله: [ (وحين يركع) ] يعني: للركوع. قوله: [ (وحين يسجد، وحين ينهض للقيام) ] يعني: حين سجوده وحين نهوضه للقيام. قوله: [ (فيقوم فيشير بيديه) ]. معناه أنه يرفعهما. قوله: [ فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاةً لم أر أحداً يصليها. فوصفت له هذه الإشارة ]. معناه أنه أخبر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بما رأى فأقره على ذلك وقال: إن سرك أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير . وهذا معناه أن الحديث عن ابن الزبير وعن ابن عباس ؛ لأن ابن عباس قال: إن هذه صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن الحديث في إسناده من هو ضعيف.

    تراجم رجال إسناد حديث صلاة ابن الزبير

    قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق، اختلط بعد احتراق كتبه، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي هبيرة ]. هو عبد الله بن هبيرة السبئي ، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وقد ذكر في (عون المعبود) أن أبا هبيرة هو محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي الدمشقي القلساني ، قال ابن أبي حاتم : صدوق. ونحن نقول: إن أبا هبيرة هو عبد الله بن هبيرة السبئي ، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وما ذكره صاحب عون المعبود ليس بصحيح؛ لأن محمد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي أبو هبيرة الدمشقي القلساني من الحادية عشرة، مات سنة ست وثمانين. [ عن ميمون المكي ]. ميمون المكي مجهول، أخرج له أبو داود . [ أنه رأى عبد الله بن الزبير ] هو عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عباس ، وأيضاً الحديث عن عبد الله بن عباس أيضاً، فيكون فيه اثنان من العبادلة.

    شرح حديث رفع ابن عباس يديه بين السجدتين


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد و محمد بن أبان المعنى قالا: حدثنا النضر بن كثير -يعني السعدي - قال: صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه، فأنكرت ذلك فقلت لوهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد : تصنع شيئا لم أر أحداً يصنعه! فقال ابن طاوس : رأيت أبي يصنعه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه. ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وآله سلم يصنعه ]. أورد أبو داود الحديث الذي فيه أن النضر بن كثير السعدي صلى إلى جنب عبد الله بن طاوس في مسجد الخيف، قال: [ فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه ]. أي أنه إذا سجد السجدة الأولى ورفع منها يرفع اليدين وهو جالس بين السجدتين. قال: [ فأنكرت ذلك، فقلت لوهيب بن خالد فقال له وهيب بن خالد : تصنع شيئا لم أر أحدا يصنعه! ] يقوله لعبد الله بن طاوس . قال: [ فقال ابن طاوس : رأيت أبي يصنعه وقال أبي: رأيت ابن عباس يصنعه ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وآله سلم يصنعه ]. أي أنه شك في رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عبد الله بن طاوس حكى فعل أبيه، وكذلك أبوه حكى فعل عبد الله بن عباس ، وقال: [ ولا أعلم إلا أنه قال: النبي صلى الله عليه وسلم يصنعه ] فَرَفْعُه غير مجزوم به.

    تراجم رجال إسناد حديث رفع ابن عباس يديه بين السجدتين


    قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، وقد مر ذكره. [ و محمد بن أبان ] هو البلخي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ قالا: حدثنا النضر بن كثير ]. النضر بن كثير ضعيف، أخرج له أبو داود و النسائي . [ صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس ]. هو عبد الله بن طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه هو طاوس بن كيسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و ابن عباس قد مر ذكره.
    شرح حديث رفع اليدين في مواطنه الأربعة في الصلاة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا ركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ويرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال أبو داود : الصحيح قول ابن عمر ، ليس بمرفوع. قال أبو داود : وروى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده، ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر ، وقال فيه: وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو الصحيح. قال أبو داود : ورواه الليث بن سعد و مالك و أيوب و ابن جريج موقوفا، وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب ، ولم يذكر أيوب و مالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديثه، قال ابن جريج فيه: قلت لنافع : أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا، سواء. قلت: أشر لي. فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا صلى رفع يديه عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من الركعتين، أي: عند القيام من التشهد الأول. ثم ذكر أبو داود رحمه الله الكلام حول رفعه ووقفه على عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، لكن ابن عمر رضي الله عنه جاء عنه مرفوعاً في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، ولا يفعل ذلك في غير هذا، فكونه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثابتاً في صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهذا الاختلاف الذي ذكره أبو داود لا يؤثر؛ لأن ذلك ثابت عنه مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في صحيح البخاري وصحيح مسلم .

    تراجم رجال إسناد حديث رفع اليدين في مواطنه الأربعة في الصلاة


    قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عبد الأعلى ]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    رواة رفع الحديث ورواة وقفه وتراجمهم والألفاظ الواردة فيه


    قوله: [ قال أبو داود : الصحيح قول ابن عمر ، ليس بمرفوع ]. يعني أن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر ، فقوله: [ قول ابن عمر ] يعني أنه موقوف عليه، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: [ قال أبو داود : وروى بقية أوله عن عبيد الله وأسنده ]. بقية هو بقية بن الوليد ، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وقوله: [ ورواه الثقفي عن عبيد الله وأوقفه على ابن عمر ]. الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وقال فيه: وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه. وهذا هو الصحيح ]. هذا الرفع دون المنكبين، ولكن الذي ثبت أنه إلى المنكبين أو إلى الأذنين. قوله: [ وهذا هو الصحيح ]. لعله يقصد وقفه؛ لأن الصحيح في رفع اليدين هو ثبوته إلى الأذنين وإلى المنكبين. قوله: [ قال أبو داود : ورواه الليث بن سعد و مالك و أيوب و ابن جريج موقوفا ]. الليث مر ذكره، و مالك هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المعروف، و أيوب هو أبو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و ابن جريج مر ذكره. قوله: [ وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وقوله: [ ولم يذكر أيوب و مالك الرفع إذا قام من السجدتين ]. أي: لم يذكرا الموضع الرابع الذي هو الرفع إذا قام من السجدتين، وإنما ذكرا الثلاثة الأول. قوله: [ وذكره الليث في حديثه ]. يعني: ذكر الرفع عند القيام من السجدتين، والسجدتان هنا المقصود بهما الركعتان؛ لأن الركعة يطلق عليها لفظ (سجدة). وقوله: [ قال ابن جريج فيه: قلت لنافع : أكان ابن عمر يجعل الأولى أرفعهن؟ قال: لا، سواء. قلت: أشر لي. فأشار إلى الثديين أو أسفل من ذلك ]. الثابت هو إلى المنكبين أو إلى الأذنين.
    شرح حديث فعل ابن عمر في رفع اليدين في الصلاة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك. قال أبو داود : لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك فيما أعلم ]. أورد أبو داود هنا حديث ابن عمر من طريق أخرى، حيث ذكر نافع أن ابن عمر كان إذا ابتدأ الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه. وقال: [ وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك ]. يعني أن هناك فرقاً في كيفية الرفع، وأنه في الأولى يكون أعلى وفي الثانية يكون أنزل. [ قال أبو داود : لم يذكر رفعهما دون ذلك أحد غير مالك ]. أي أن مالكاً هو الذي جاء عنه أن الرفع دون ذلك، أي: دون المنكبين.
    تراجم رجال إسناد حديث فعل ابن عمر في رفع يديه في الصلاة

    قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهم جميعاً."

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #129
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [098]
    الحلقة (129)

    شرح سنن أبي داود [098]


    من جملة أحكام الصلاة رفع اليدين فيها حذو المنكبين أو إلى شحمة الأذنين، وذلك عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول في الصلاة الثلاثية والرباعية، وهذا الفعل هو من جملة سنن الصلاة الواردة في عدد من الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    ذكر رفع اليدين عند القيام من التشهد الأول



    شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين. حدثنا عثمان بن أبي شيبة و محمد بن عبيد المحاربي قالا: حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين ] يعني: من الركعتين الأوليين. وذلك في الصلاة الثلاثية أو الرباعية إذا قام من التشهد الأول، فهذا هو المقصود بقوله: [ قام من الثنتين ] يعني: بعد الثنتين الأوليين، فعندما يقوم من التشهد الأول يرفع يديه، وهذا أحد المواضع الأربعة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي حميد الساعدي المتقدم، وكذلك من حديث غيره. فقوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه) ] يعني أن هذا أحد المواضع الأربعة التي ترفع فيها الأيدي.

    تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه)

    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و محمد بن عبيد المحاربي ]. محمد بن عبيد المحاربي صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قالا: حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار ]. عاصم بن كليب مر ذكره، و محارب بن دثار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. قد مر ذكره.

    شرح حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر). قال أبو داود : في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مثل الأحاديث المتقدمة في ذكر الأربعة المواضع التي ترفع فيها اليدان، وهي عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع منه، والقيام من التشهد الأول. قوله: [ (ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد) ]. أي أنه لا يرفع بين السجدتين؛ لأن الذي بين السجدتين هو جلوس. وقوله: [ قال أبو داود : في حديث أبي حميد الساعدي حين وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة) ]. أشار إلى أن هذا الذي في حديث علي بن أبي طالب هو -أيضاً- ثابت في حديث أبي حميد المتقدم.

    تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه)


    قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ]. سليمان بن داود الهاشمي ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ]. عبد الرحمن بن أبي الزناد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم في المقدمة، وأصحاب السنن. و عبد الرحمن بن أبي الزناد هذا هو ابن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، وبه يكنى، فكنيته أبو عبد الرحمن ، وأما أبو الزناد فهو لقب له وليس بكنية، ولكنه على صيغة الكنية، وهو يكنى بابنه هذا، والرواية هنا في الإسناد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد. [ عن موسى بن عقبة ]. هو موسى بن عقبة المدني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ]. عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن الأعرج ]. الصحيح: عبد الرحمن الأعرج ، وهو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، فإما أن تكون (ابن) زائدة، أو أن اسم (هرمز) سقط بعد لفظة (ابن). [ عن عبيد الله بن أبي رافع ]. عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب علي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن أبي طالب ]. هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع حتى يبلغ بهما فروع أذنيه) ]. أورد أبو داود حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه، وفيه رفع اليدين في المواضع الثلاثة: عند تكبيرة الإحرام، والركوع، والرفع من الركوع. قوله: [ (حتى يبلغ بهما فروع أذنيه) ]. قيل: المقصود بالفروع الأعالي، وقيل: المقصود بها الأسافل، أي: الشحمتان.

    تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر)


    قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نصر بن عاصم ]. نصر بن عاصم ثقة، أخرج له البخاري في (رفع اليدين) و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن مالك بن الحويرث ]. هو مالك بن الحويرث صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن معاذ حدثنا أبي، ح: وحدثنا موسى بن مروان حدثنا شعيب -يعني ابن إسحاق ، المعنى -عن عمران عن لاحق عن بشير بن نهيك أنه قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: لو كنت قدام النبي صلى الله عليه و آله وسلم لرأيت إبطيه. زاد ابن معاذ - عبيد الله بن معاذ - قال: يقول لاحق أبو مجلز : ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [ لو كنت قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه ]. يعني: عندما يرفع يديه إلى أذنيه عند التكبير لو كنت قدامه لرأيت إبطيه صلى الله عليه وسلم، والمقصود من ذلك أن المكبر يرفع يديه إلى محاذاة الأذنين. فهو يقول: [ لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه ] إشارة إلى رفعه اليدين. وقال أبو مجلز : [ ألا ترى أنه في الصلاة ولا يستطيع أن يكون قدام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ]. والمعنى أنه يستطيع ذلك في النفل، أي: أن يكون قدامه ويراه يصلي النافلة ويرفع يديه، وأما بالنسبة للفريضة وهو وراءه فلا يمكنه ذلك، ولكن الذي يمكنه في النافلة، بحيث يكون أمامه فيرى إبطيه صلى الله عليه وسلم. قوله: [ وزاد موسى - ابن مروان الرقي شيخ أبي داود - يعني: إذا كبر رفع يديه ]. أي: يرفع يديه حال التكبير، فأبو هريرة رضي الله عنه يخبر أنه لو كان أحدٌ أمامه لرأى إبطيه من رفعه ليديه صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الرفع إلى الأذنين وإلى المنكبين ثابت، كل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث (لو كنت قدام النبي صلى الله عليه وسلم لرأيت إبطيه)


    قوله: [ حدثنا ابن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و النسائي و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحدثنا موسى بن مروان ]. موسى بن مروان مقبول، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا شعيب - يعني: ابن إسحاق ]. شعيب بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن عمران ]. هو عمران بن حدير السدوسي، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن لاحق ]. هو لاحق بن حميد أبو مجلز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بشير بن نهيك ]. بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.

    شرح حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله رضي الله عنه: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، فكبر ورفع يديه، فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه. قال: فبلغ ذلك سعداً فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين-) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأورد كلام سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه، ومعنى كلام سعد أن التطبيق كان موجوداً من قبل، وبعد ذلك نسخ بوضع اليدين على الركبتين، فابن مسعود رضي الله عنه حدث بالشيء الذي كان يعلمه، والذي كان من قبل ثم نسخ، ولهذا قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: [ صدق أخي، قد كنا نفعل هذا ثم أمرنا بهذا -يعني الإمساك على الركبتين- ].

    تراجم رجال إسناد حديث (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة)


    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره. [ حدثنا ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود ]. عاصم بن كليب مر ذكره، و عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال عبد الله ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    من لم يذكر الرفع عند الركوع


    شرح حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم -يعني ابن كليب - عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم؟ قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة. قال أبو داود : هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ] أي: لم يذكر رفع اليدين إلى محاذاة المنكبين أو الأذنين عندما يركع. لأنه ذكر الأحاديث التي فيها الرفع عند الركوع، وعند القيام من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، ثم أتى بهذه الترجمة، وهي: [ باب من لم يذكر الرفع عند الركوع ]. أي أنه ورد في بعض الأحاديث عدم ذكر الرفع عند الركوع، ولكن ما دام أنه قد ثبت في الصحيحين وفي غيرهما الرفع عند الركوع فإن هذا هو الذي يعتمد، وهو الذي يعول عليه، ومن لم يذكر الرفع عند الركوع فقد ذكره غيره، فيعول على رواية من ذكر، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ولا يتعارض ما ورد من عدم ذكر الرفع مع ما ورد من ذكر الرفع؛ لأن أكثر ما في الأمر أن تكون بعض الروايات جاء فيها الرفع عند التكبيرة الأولى ولم يذكروا فيها شيئاً وراء ذلك، لكن قد جاءت الروايات الكثيرة بزيادة على الموضع الأول الذي هو عند تكبيرة الإحرام، وذلك عند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [ ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ] فرفع يديه في أول مرة. ثم قال أبو داود : [ وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ] وقد تكلم جماعة من أهل العلم في هذا الحديث، وبعض أهل العلم قال: إنه صحيح أو حسن. ولكن لا يعارض الأحاديث الكثيرة التي جاءت مثبتةً للرفع عند الركوع؛ لأن هذه فيها زيادة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، لاسيما أنَّ الروايات موجودة في الصحيحين وفي غيرهما.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود (ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)


    قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم -يعني ابن كليب - ]. عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن الأسود ]. عبد الرحمن بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علقمة ]. هو علقمة بن قيس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وإسناد هذا الحديث مستقيم، فأقل راوٍ فيه هو عاصم ، وهو صدوق، فيكون الحديث حسناً. وقد يقال: إن عبد الرحمن لم يسمع من علقمة. فالجواب أن عبد الرحمن ذكر عنه أنه أدخل على عائشة ، و علقمة يروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فمن أدرك عائشة رضي الله تعالى عنها أولى به أن يدرك علقمة . والحديث -فيما أظن- حسنه الشيخ الألباني . ولا يصح أن يعتبر شاذاً؛ إذ إنما أثبت موضعاً واحداً للرفع، والأحاديث الأخرى أثبتت ما زاد على ذلك، فليس هناك تعارض حتى بحكم بشذوذه. وأما قول أبي داود : [ وليس هو بصحيح على هذا اللفظ ] فكأنه يعني أنه ليس بصحيح لمخالفته الأحاديث الأخرى، لكن المخالفة -كما أشرت- لا تؤثر؛ لأنه أثبت موضعاً، والأحاديث الأخرى جاءت وأثبتت عدة مواضع. ومما أجيب به عن فعل ابن مسعود أن هذا الذي حصل من ابن مسعود يمكن أن يكون من قبيل التطبيق الذي كان عرفه أولاً ثم لم يعلم نسخه، وكذلك ما ذكر هنا يكون من جنسه، أي أنه كان عرف هذا الموضع ولم يعرف غيره، فلا ينافي عدم ذكره مواضع أخرى، كما أن ذكره التطبيق لا ينافي الأحاديث الأخرى؛ لأن ذاك منسوخ والذي جاء بعده ناسخ، وهو وضع اليدين على الركبتين، وأما هذا فليس بنسخ، وإنما فيه ذكر موضع واحد، وجاءت أحاديث أخرى فذكرت مواضع أخر، فيؤخذ بهذا وبهذا.
    شرح حديث (كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود) ]. أورد أبو داود هنا حديث البراء بن عازب ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود) ]. قوله: [ (ثم لا يعود) ] هذا هو الذي فيه الإشكال من ناحية كونه لا يعود إلى رفع اليدين بعد ذلك، فهذا هو الذي يعارض ما جاء في الأحاديث الأخرى، لكن الحديث ضعيف، فلا يقاوم تلك الأحاديث، ثم إن عدداً من الرواة رووه بدون كلمة (ثم لا يعود) ورواية كونه إذا افتتح الصلاة كبر لا تنافي الروايات الأخرى التي فيها أنه يكبر عند الركوع وعند الرفع منه، مثل حديث ابن مسعود الذي تقدم، وإنما الإشكال في كلمة (ثم لا يعود)، لكن الحديث غير ثابت من أجل يزيد بن أبي زياد الذي فيه، وهو ضعيف.

    تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا افتتح الصلاة يرفع يديه إلى قريب من أذنيه)


    قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد بن أبي زياد ]. يزيد بن أبي زياد ضعيف، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن البراء ]. هو البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
    الرواة المخالفون لمن ذكر (ثم لا يعود) وتراجمهم.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا سفيان عن يزيد نحو حديث شريك ، لم يقل: (ثم لا يعود). قال سفيان : قال لنا بالكوفة بعد: (ثم لا يعود). قال أبو داود : وروى هذا الحديث هشيم و خالد و ابن إدريس عن يزيد لم يذكروا: (ثم لا يعود) ]. أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى، وفيه عدم ذكر زيادة (ثم لا يعود) وقال سفيان بن عيينة : إنه قال لهم فيما بعد في الكوفة: (ثم لا يعود). ثم ذكر أن عدداً من الرواة رووه عن يزيد بن أبي زياد ولم يذكروا فيه زيادة (ثم لا يعود) التي هي فيها الإشكال. وقد اختلف في إثباتها وعدم إثباتها، فعدد من الرواة رووا الحديث عن يزيد بن أبي زياد ليس فيه ذكر (ثم لا يعود) وبعضهم رواه بذكرها، و يزيد بن أبي زياد ضعيف، فلا يعول على ما جاء في حديثه، سيما ما جاء مخالفاً لما جاء في الصحيحين وفي غيرهما. قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ]. هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المخرمي الزهري ، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة ، وليس سفيان الثوري ؛ لأن عبد الله بن محمد الزهري من صغار شيوخ أبي داود ، فهو لم يدرك سفيان الثوري ، ولكنه قد أدرك سفيان بن عيينة ؛ لأن ابن عيينة توفي بعد التسعين ومائة، وأما الثوري فقد توفي سنة إحدى وستين ومائة. و سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد ]. هو ابن أبي زياد . [ نحو حديث شريك ] أي: نحو حديث شريك المتقدم في الإسناد الذي قبل هذا. قوله: [ قال أبو داود : وروى هذا الحديث هشيم ]. هشيم هو ابن بشير الواسطي ، وهو ثقة مدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و خالد ]. هو خالد بن عبد الله الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد ]. هو ابن أبي زياد .

    شرح حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا معاوية و خالد بن عمرو و أبو حذيفة قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا، قال: (فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرة واحدة) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله في أنه رفع يديه في أول مرة عند تكبيرة الإحرام. قوله: [ (فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرة واحدة) ] معناه أنه لم يكرر ذلك، والحديث -كما هو معلوم- من طريق يزيد بن أبي زياد .

    تراجم رجال إسناد حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام


    قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا معاوية ]. هو معاوية بن هشام وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ و خالد بن عمرو ]. خالد بن عمرو كذبوه، ورماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جزرة وغيره إلى الوضع، وأخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ و أبو حذيفة ]. هو موسى بن مسعود النهدي ، صدوق سيء الحفظ، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة .

    مرجع الضمير في قول الرواة عن سفيان (حدثنا سفيان بإسناده هذا)


    قوله: [ قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا وقال: (فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرةً واحدة) ]. المراد بذلك إسناد سفيان في حديث ابن مسعود [ ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ] وليس الضمير عائداً إلى حديث البراء بن عازب ، فإنه لما ذكر حديث ابن مسعود بالإسناد الأول ثنى بهذا السند، وهو قوله: [ حدثنا الحسن حدثنا معاوية و خالد بن عمرو و أبو حذيفة قالوا: حدثنا سفيان بإسناده بهذا.. ] وحصل الإشكال في إدراج حديث البراء بين الإسنادين. ويؤكد ذلك قوله في الإسناد الثاني: [ (فرفع يديه في أول مرة) وقال بعضهم: (مرة واحدة) ]. وهو يوافق ما جاء في حديث ابن مسعود في أول الباب.

    شرح حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة)


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حسين بن عبد الرحمن أخبرنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى انصرف). قال أبو داود : هذا الحديث ليس بصحيح ]. أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى, وهو مثل الذي قبله في أنه رفع يديه عند افتتاح الصلاة ثم لم يرفعهما، فهو مثل ما تقدم في حديث يزيد بن أبي زياد حيث قال: [ (ثم لا يعود) ] يعني أنه لم يعد إلى رفعهما، بل رفعهما في الموضع الأول، وعرفنا أن تلك الزيادة ضعيفة، وهي قوله: [ (ثم لا يعود) ]، وكذلك الحديث هذا ضعيف.

    تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين افتتح الصلاة)


    قوله: [ حدثنا حسين بن عبد الرحمن ]. حسين بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن وكيع عن ابن أبي ليلى ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي مر ذكره، و ابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو فقيه مشهور، وهو المشهور في مسائل الفقه عندما يقال: ابن أبي ليلى ، ولكنه في الحديث متكلم فيه، وهو صدوق سيء الحفظ جداً، وهناك من يقول: إنه ضعيف. أخرج له أصحاب السنن. [ عن أخيه عيسى ]. هو عيسى بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في (عمل اليوم والليلة) و ابن ماجة . [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى و البراء قد مر ذكرهما. قوله: [ قال أبو داود : هذا الحديث ليس بصحيح ]. يعني أن فيه ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن .

    شرح حديث رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه مداً في الصلاة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة رفع يديه مدا) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة ، فذكر فيه رفع اليدين عند الدخول في الصلاة، وهذا -كما هو معلوم- لا ينافي ما جاء من الأحاديث التي فيها ذكر الرفع عند الركوع والرفع في مواضع أخرى، وإنما ذكر أنه يرفع يديه عند دخوله في الصلاة مدا.

    تراجم رجال إسناد حديث رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه مداً في الصلاة


    قوله: [ عن سعيد بن سمعان ]. سعيد بن سمعان ثقة، أخرج حديثه البخاري في (جزء القراءة) و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

    الأسئلة



    حكم المضمضة والاستنشاق وتخليل اللحية

    السؤال: ما حكم المضمضة والاستنشاق وتخليل اللحية في الوضوء؟

    الجواب: المضمضة والاستنشاق واجبان، وأما تخليل اللحية فهو مستحب، ويكون مع غسل الوجه.

    كيفية استعمال الماء للوضوء بغير إسراف


    السؤال: كيف نستعمل الماء للوضوء من غير إسراف إذا كان الماء يجري باستمرار؟

    الجواب: الماء يجري من الصنابير في كل مكان، فعلى المتوضئ إذا فتح الصنبور أن لا يفتحه بقوة، بل يفتحه بمقدار ما يكفيه، وعندما يتوضأ لا يزيد على ثلاث غسلات، وبذلك يكون الإنسان غير مسرف، فلا يتجاوز، ولا يصب الماء صباً قوياً بحيث يهدر ماءً كثيراً في أثناء الوضوء.

    حكم النافلة قبل صلاة العشاء


    السؤال: هل هناك صلاة نافلة قبل صلاة العشاء؟

    الجواب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) فما بين الأذان والإقامة في المغرب، وما بين الأذان والإقامة في العشاء كل ذلك داخل تحت قوله: (بين كل أذانين صلاة) ويعني بالأذانين الأذان والإقامة.

    أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الرأي والاعتقاد


    السؤال: هل يصح أن يقال: إن أبا حنيفة -رحمه الله تعالى- إمام أهل الرأي، ولا يدخل في أهل السنة؟ فإن كان لا يصح ذلك فلم جرحه أئمة السلف؟

    الجواب: لا، بل هو من أهل السنة، ومعدود مذهبه في مذاهب أهل السنة الأربعة، وهو وإن كان من أهل الرأي لأنه غلب عليه الاجتهاد والقول بالرأي إلا أنه من أهل السنة، ومذهبه أحد مذاهب أهل السنة الأربعة. وأما فعل السلف فإنهم تكلموا في الرواة بما فيهم جرحاً وتعديلاً، وكون أبي حنيفة صاحب مذهب أو إماماً مشهوراً بالفقه لا يعني أنه لا كلام فيه أو أنه لم يتكلم فيه، بل تكلموا فيه من حيث الرواية، وأما من حيث الفقه ومن حيث المذهب فهو إمام مشهور. ومن ناحية الاعتقاد هو من أهل السنة، و الطحاوي لما ذكر عقيدة أهل السنة ذكر أن ذلك هو اعتقاد أبي حنيفة وغيره من الأئمة. إلا أن الذي أخذ عليه هو قوله بعدم دخول الأعمال في مسمى الإيمان، وهو الذي يسمى إرجاء الفقهاء، فهو ممن لا يجعل الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، ولهذا فإن الطحاوي رحمه الله ما ذكر في تعريف الإيمان العمل بالجوارح، وإنما ذكر قول اللسان واعتقاد الجنان.

    حكم استقرار غير الطلاب في السكن الجامعي


    السؤال: هل يجوز للطلاب أن يخبروا عمادة شئون الطلاب بالجامعة بأنه يوجد في السكن الجامعي من هو من غير الطلاب؟

    الجواب: الجامعة إذا كانت لا تسمح بأن يسكن إلا الطلاب، وطلبت من أحد أن يخبرها فعليه أن يخبر بالشيء الذي يسأل عنه إذا كان يعلمه، وهذا إذا كان يسكن باستمرار، وأما إذا كان ضيفاً جاء ليوم أو يومين أو ثلاثة مع شخص في الجامعة فالضيافة لها حق، لكن من يسكن باستمرار ويستفيد من خدمات الجامعة باستمرار فإنه يحتاج إلى إذن الجامعة صاحبة الحق.

    حكم قول (لا إله إلا الله) قياساً عند الحلف بغير الله تعالى


    السؤال: ورد في الحديث أنه من حلف باللات والعزى فليقل: (لا إله إلا الله) فهل يقاس على ذلك كل حلف بغير الله تعالى؟

    الجواب: كان العرب في أول الأمر قد جرت ألسنتهم بذكر اللات والعزى والحلف باللات والعزى، فأمروا عندما يحلفون باللات بأن يقولوا: (لا إله إلا ال)له. ومعناه أن هذا الذي حصل منهم جرت به ألسنتهم حين اعتادوه، وهذا شيء غير مقصود لهم، فأمروا بأن يقولوا: (لا إله إلا الله) حتى يأتوا بالتوحيد وحتى يستذكروا التوحيد عندما يحصل منهم ذلك. أما بعد ذلك وبعدما عرفت الأحكام واستقر حكم ذلك في عقول الناس فليس لإنسان أن يحلف بغير الله تعالى ثم يقول: (لا إله إلا الله). فأولئك اعتادوا على الحلف باللات والعزى، فأمروا بأن يأتوا بكلمة (لا إله إلا الله) حتى يستذكروا التوحيد ويستذكروا أن ذلك قد نسخ وقضي عليه، وأن أمور الجاهلية كلها انتهت ولم يبق عندهم إلا التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل، أما بعد ذلك فلا يجوز لأحد أن يحلف بغير الله عز وجل، وعليه أن يقلع عن ذلك وأن يبتعد عنه، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يحلفون بآبائهم وأمهاتهم، فجاء الحديث: (لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا تحلفوا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون). وقد حصل أن عمر رضي الله عنه أدركه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: وأبي وأبي. فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بآبائكم) قال: (فما حلفت بعد ذلك ذاكراً ولا آثراً) يعني: ما حلفت بذلك ولا حكيت أن أحداً حلف بغير الله عز وجل.

    حكم اتخاذ المسلمين في البلدان النصرانية يوم الأحد عيداً


    السؤال: في بعض البلاد الإسلامية تكون العطلة الرسمية الأسبوعية يوم الأحد، فيخرج الناس في هذا اليوم للنزهة وقضاء الحاجات ويغلقون أبواب محلاتهم، فهل هذا جائز شرعاً؟

    الجواب: لا يجوز للمسلمين أن يكون يوم راحتهم ويوم عيدهم يوم الأحد، بل عيد الأسبوع للمسلمين هو يوم الجمعة، كما جاء عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه -كما في صحيح البخاري - أنه خطب الناس في يوم الأضحى فقال: (إنه اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان). وكان قد وافق يوم جمعة، فقال: (اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان) يعني عيد الأسبوع وعيد السنة، فعيد المسلمين هو يوم الجمعة، فكيف يجعل المسلمون عيدهم الأسبوعي يوم الأحد الذي هو عيد النصارى؟!

    الراجح فعله عند الهوي إلى السجود

    السؤال: ما هو الراجح عند الهوي إلى السجود، هل تقدم اليدان قبل الركبتين أو تقدم الركبتان قبل اليدين؟

    الجواب: الأمر في ذلك واسع، وحديث أبي هريرة ما سلم من كلام، والحديث الآخر -أيضاً- ما سلم من كلام، فأقول: الأمر في ذلك واسع، ومن صح عنده شيء فليعمل به، ومن لم يصح عنده شيء فالأمر في ذلك واسع."


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #130
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,451

    افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

    شرح سنن أبي داود
    (عبد المحسن العباد)

    كتاب الصلاة
    شرح سنن أبي داود [099]
    الحلقة (130)

    شرح سنن أبي داود [099]

    من سنن الصلاة: وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى حال القيام، وقد وردت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما وردت الأحاديث ببيان كيفية وضعهما، وموطن النزاع في ذلك هو في محل وضعهما، فمثل هذه السنة ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها.

    وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة



    شرح حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة. حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]، فأبو داود رحمه الله رتب الأبواب التي أوردها على وفق تنفيذ أعمال الصلاة؛ لأنه أولاً ذكر استفتاح الصلاة وأنه يكون بالتكبير ويكون فيه رفع اليدين، ثم لما فرغ من ذلك انتقل إلى وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لأن الإنسان أولاً يكبر ويرفع يديه ثم يضع اليد اليمنى على اليسرى، ثم بعد ذلك يأتي بالاستفتاح، فترتيبه رحمه الله للموضوعات أو للأبواب التي أوردها موافق لهيئة الصلاة ولكيفية الصلاة. وأورد المصنف هنا حديث ابن الزبير أنه قال: [ (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ]. ومعنى صف القدمين أن الإنسان في الصلاة يصف قدميه متساويتين ليس في إحداهما تقدم ولا تأخر، وليس المراد إلصاقهما، بل المراد تساويهما في مكان الوقوف. وبعد ذكر صف القدمين ذكر وضع اليد على اليد في الصلاة ثم قال: [(من السنة)] والصحابي إذا قال: (من السنة) فإن قوله يكون من قبيل المرفوع؛ لأن المقصود بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا فيه ذكر وضع اليد على اليد. قيل: والحكمة من ذلك أن فيه خضوعاً وتذللاً لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن هذه الهيئة من خصائص الصلاة ولا تفعل أمام أحد من الخلق، وإنما تفعل والإنسان يناجي ربه في الصلاة، وهي هيئة ذل وخضوع لله سبحانه وتعالى، فإذا دخل الإنسان في صلاته يناجي ربه فإنه يكون على هذه الهيئة التي هي تذلل وخضوع لله سبحانه وتعالى. وهذه الهيئة تفعل في سائر أحوال المصلين، سواء أكان المصلي منفرداً أم في جماعة، ويمكن أن يكون معنى قوله: [(صف القدمين)] تراص الصفوف واتصالها في صلاة الجماعة، إلا أن قوله: [(صف القدمين)] يشمل جميع أحوال المصلي، فيكون المعنى هو تساويهما.
    تراجم رجال إسناد حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد

    قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أحمد ]. هو أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن العلاء بن صالح ]. العلاء بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي. [ عن زرعة بن عبد الرحمن ]. زرعة بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود. [ سمعت عن ابن الزبير ]. هو عبد الله بن الزبير بن العوام صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم وأرضاهم يكفي الواحد منهم أن يقال عنه: إنه صحابي.
    شرح حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى

    قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بكار بن الريان عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى) ]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أطلقها وجعل اليمنى على اليسرى، فأرشده وفعل به الهيئة الصحيحة، وهي وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، إذ كان قد وضع اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذ يديه وجعل اليمنى فوق اليسرى.

    تراجم رجال إسناد حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى


    قوله: [ حدثنا محمد بن بكار بن الريان ]. محمد بن بكار بن الريان ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود. [ عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب ]. هشيم بن بشير مر ذكره، وهو من المدلسين، قال العراقي في الألفية: وفي الصحيح عدة كالأعمش وكهشيم بعده وفتش والحجاج بن أبي زينب صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي عثمان النهدي ]. هو عبد الرحمن بن مل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن مسعود ]. قد مر ذكره.

    شرح حديث ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة )


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن محبوب حدثنا حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحق عن زياد بن زيد عن أبي جحيفة أن علياً رضي الله عنهما قال: (من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة) ]. أورد المصنف حديث علي رضي الله عنه أنه قال: [(من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة)]. والحديثان الأولان فيهما ذكر وضع اليدين، ولكن ليس فيهما ذكر الموضع الذي تكون اليدان عليه تحت السرة أو فوق السرة، فهما مطلقان ليس فيهما تعيين المكان الذي تكون عليه اليدان في حال وضع إحداهما على الأخرى، وفي هذا الحديث بيان أنه تحت السرة، لكن ما ورد من أنه تحت السرة غير صحيح، بل الذي صح أنه على الصدر، وجاء في بعض الرويات: (فوق السرة) لكن ما تحت السرة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من الأحاديث التي لم تثبت؛ لأن فيه عبد الرحمن بن إسحاق ، وهو ضعيف.

    تراجم رجال إسناد حديث ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة )


    قوله: [ حدثنا محمد بن محبوب ]. محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي. [ عن حفص بن غياث ]. حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن إسحاق ]. عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن زياد بن زيد ]. زياد بن زيد مجهول، أخرج له أبو داود وحده. فالحديث فيه ضعيف وفيه مجهول. [ عن أبي جحيفة ]. هو وهب بن عبد الله السوائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ أن علياً ]. هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة

    قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين - عن أبي بدر عن أبي طالوت عبد السلام عن ابن جرير الضبي عن أبيه قال: رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة . قال أبو داود : وروي عن سعيد بن جبير : فوق السرة. وقال أبو مجلز : تحت السرة. وروي عن أبي هريرة وليس بالقوي ]. أورد أبو داود حديث علي من طريق أخرى وفيه الاختلاف فوق السرة وتحت السرة. قوله: [ رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة ]. الرسغ هو المفصل بين الكف والساعد، وقد سبق أن ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجعل يده اليمنى على ثلاثة أشياء من اليسرى: على الساعد والرسغ والكف.

    تراجم رجال إسناد حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة


    قوله: [ حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين -]. محمد بن قدامة ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . وكلمة (يعني ابن أعين ) زادها من دون أبي داود ، وفاعل (يعني) ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود نفسه، وأما قائلها فهو من دون أبي داود . [ عن أبي بدر ]. هو شجاع بن الوليد الكوفي ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي طالوت عبد السلام ]. أبو طالوت عبد السلام ثقة، أخرج له أبو داود . [ عن ابن جرير الضبي عن أبيه ]. هو غزوان بن جرير الضبي ، مقبول، أخرج له أبو داود . وأبوه جرير الضبي -أيضاً- مقبول، أخرج له أبو داود. و جرير الضبي هذا غير جرير بن عبد الحميد الذي في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، وهو الذي يأتي ذكره كثيراً في الأسانيد فيقال قال أبو داود : حدثنا فلان حدثنا جرير . وأما هذا فهو جرير الضبي في طبقة عالية؛ لأنه في طبقة التابعين. [ قال أبو داود : وروي عن سعيد بن جبير : فوق السرة ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وقال أبو مجلز : تحت السرة ]. أبو مجلز هو لاحق بن حميد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه وليس بالقوي ]. يعني كونه تحت السرة، وقوله: [ وليس بالقوي ] يعني الحديث.

    شرح حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة


    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة. قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أنه قال: [ أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة ]. يعني أن الإنسان إذا أخذ بيمينه على شماله يجعلهما تحت السرة، وهذا غير ثابت، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الذي سبق أن مر، وهو ضعيف. قوله: [ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ]. ذكر هنا تضعيف الإمام أحمد لعبد الرحمن بن إسحاق .

    تراجم رجال إسناد حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة


    قوله: [ حدثنا مسدد عن عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم ]. سيار أبي الحكم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي وائل ]. هو شقيق بن سلمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.

    شرح حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى )


    قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو توبة حدثنا الهيثم -يعني ابن حميد - عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاوس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة) ]. أورد أبو داود الحديث مرسلاً من طريق طاوس بن كيسان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره. وهذا فيه التنصيص على أنه يكون وضعهما على الصدر، لكن الحديث مرسل، ولكنه قد جاءت أحاديث أخرى، من أصحها حديث وائل بن حجر في صحيح ابن خزيمة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره) فالثابت هو على الصدر.

    تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى )


    قوله: [ حدثنا أبو توبة ]. أبو توبة هو الربيع بن نافع ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الهيثم -يعني ابن حميد - ]. الهيثم بن حميد صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن ثور ]. هو ثور بن يزيد الحمصي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن سليمان بن موسى ]. سليمان بن موسى صدوق، أخرج له مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن طاوس ]. هو طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث مرسل؛ لأن قول التابعي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو من قبيل المرسل، لكن هذا المرسل مطابق لما جاء من حديث وائل بن حجر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم في ثبوت وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر.

    الأسئلة



    حكم الدعاء بقول (اللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه)


    السؤال: ما صحة قول الداعي: (اللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه)؟

    الجواب: هذا ينسب إلى عمر رضي الله تعالى عنه ولا أدري بثبوته، والذي يبدو أن مثل هذا لا يصلح، فلا يقل الإنسان: اللهم إني لا أسألك كذا. بل يسأل الله عز وجل ما يريد بدون أن ينفي، بل يثبت ويسأل الله عز وجل ما يريد، فيقول: اللهم إني أسألك كذا وكذا. ولا يقول: اللهم إني لا أسألك كذا وإنما أسألك كذا. وقد يقال: ما الحكم لو قال: اللهم أسألك اللطف فيما جرت به المقادير؟ فالجواب أن هذا لا بأس به؛ لأن كل شيء مقدر، والإنسان يسأل الله أن يلطف به فيما قدره.

    أجر العمرة بصلاة الفريضة في مسجد قباء


    السؤال: من أتى مسجد قبا وصلى فيه صلاة فريضة فهل يثبت له أجر العمرة؟

    الجواب: من توضأ في بيته ثم ذهب وأدرك الصلاة في مسجد قبا وصلى ثم رجع يدخل تحت قوله: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قبا فصلى فيه صلاةً كان كأجر عمرة) وذلك يشمل الفرض ويشمل النفل.

    حكم تخصيص آيات من القرآن للسكينة عند اضطراب القلب


    السؤال: قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين في منزلة السكينة: كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرءوا آيات السكينة. قال: ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة. وقد جربت أنا -أيضاً- قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها تأثيرًا عظيماً في سكونه وطمأنينته. قال ابن القيم : آيات السكينة في ستة مواضع في القرآن: الأول: قوله تعالى: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:248]، وقوله: ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:26]، وقوله: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا [التوبة:40]، وقوله: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [الفتح:4]، وقوله: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18]، وقوله: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:26]. فهل قراءة آيات السكينة عند اضطراب القلب مما يرد عليه مشروع؟

    الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على مشروعيته. وقد يقال: هل قول ابن تيمية رحمه الله: اقرءوا آيات السكينة طلبٌ للاسترقاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: (لا يسترقون) فكيف سيكون ابن تيمية رحمه الله من الذين يطلبون الرقية من غيرهم؟ والجواب: والرقية -كما هو معلوم- بالقرآن كله مشروعة، ولكن التخصيص بأشياء معينة بأنها يرقى بها ولم يأت فيها نص في النفس منه شيء. وما فعله ابن تيمية رحمه الله يمكن أن يكون اجتهاداً، ومثله بعض الأشياء التي ذكرها كالكتابة والمحو، حيث تكتب آيات من القرآن في كتاب ويمحى بالماء ويشرب، وما نعلم شيئاً يدل على ثبوته، فالأولى تركه، وإنما يؤتى بالرقية المشروعة، فابن القيم و ابن تيمية جاء عنهما الكتابة والمحو، والأولى ترك ذلك.

    حكم تحري القائم من نومه وقت الصلاة بقاءً وخروجاً


    السؤال: إذا استيقظ الرجل وقد نام عن الصلاة فهل عليه أن يتحرى إذا كان قد خرج الوقت أم لا، أم ينوي إيقاعها بمجرد الاستيقاظ؟ وهل يشترط أن ينوي أنها أداء أو قضاء أم أنه يكفيه أن ينوي أنها أداء لصلاة الفريضة؟

    الجواب: الإنسان إذا قام يجب عليه أن يبادر إلى الإتيان بالصلاة، ففي الحديث: (من نسي صلاةً أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) والإنسان بمجرد أن يقوم وينظر في الساعة سيعرف أن الوقت خرج أو أنه لا يزال باقياً. وإذا كان قد عرف أن الوقت باق فلا شك في أنها أداء، وإن كان الوقت قد خرج فهي ليست إلا قضاءً، وإذا قام ولم يدر بالوقت فصلاها ولم يتبين أنها قبل خروج الوقت أو بعده فقد أدى ما عليه.

    مسألة دوران الأرض بين الاعتقاد والاجتهاد


    السؤال: هل تعتبر مسألة دوران الأرض وكرويتها من المسائل العقدية التي ينبني عليها ولاء وبراء أم أنها من المسائل الاجتهادية؟

    الجواب: هي من المسائل الاجتهادية كما هو معلوم، لكن النصوص التي وردت في الدلالة على الكروية ما فيها إشكال، وإنما الكلام في الدوران، فهو الذي فيه الإشكال، وأما كونها كروية فهذا أمر مفروغ منه، ومن قديم الزمان ذكره العلماء، وليس هو من مبتكرات القرن العشرين، فإنه جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله عز وجل: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ [فاطر:13] في آخر سورة فاطر نقلاً عن تفسير ابن أبي حاتم ، ونقل بإسناد صحيح أنه قال عن الشمس: إنها تظهر على أناس وتغيب عن أناس. وهذا لا يكون إلا عن طريق الكروية؛ لأنه لو كانت الأرض سطحاً لطلعت الشمس على الناس دفعةً واحدة، لكن كونها تغيب عن أناس وتظهر على أناس يدل على كرويتها، وهذا جاء عن ابن عباس بإسناد صحيح من قديم الزمان. وكذلك -أيضاً- جاء عن أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين في النصيحة التي نصح بها زملاءه ومشايخه ليخرجوا من مذهب الأشاعرة كما خرج؛ لأنه كان أشعرياً ثم هداه الله لمذهب أهل السنة، وكتب نصيحةً يشفق فيها على شيوخه وعلى زملائه، وكان مما ذكر فيها أن الإنسان لو انطلق من نقطة من الأرض متجهاً إلى الغرب وواصل فإنه سيأتي إلى مكان انطلاقه من الشرق، و أبو محمد الجويني متقدم. والجغرافيون يستدلون على كروية الأرض بأشياء، يقولون: إذا أقمنا ثلاثة أعمدة متوازية ثم نظرنا إليها في المنظار سنجد إنها ليست متساوية. قالوا: وهذا دليل كروية الأرض.

    حكم لعن المعين


    السؤال: ما حكم لعن المعين من المبتدعة، فقد ورد عن بعض السلف لعن بشر و عمرو بن عبيد و واصل ؟

    الجواب: لا يجوز لعن المعين مطلقا، إلا من عرف أنه مات كافراً، ولهذا كان ابن كثير رحمه الله تعالى في كتابه البداية والنهاية عندما يأتي إلى شخص سيء يعلق اللعن بالموت على الكفر، فإنه لما ذكر أبا نصر الفارابي وذكر عنه أنه كان يقول بعدم معاد الأجساد وأن المعاد معاد الأرواح دون معاد الأجساد. قال: فعليه -إن كان مات على ذلك- لعنة رب العالمين. و ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق -وهو كتاب واسع لدمشق- لم يذكر فيه أبا نصر الفارابي مع أنه من أهل دمشق، وقيل: ولعله إنما تركه لنتنه وخباثته. وقد ذكر ابن كثير شخصاً نصرانياً أنشأ قصيدة طويلة فيها ذم الإسلام وذم المسلمين وذم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر عن ابن حزم قصيدة رد على النصراني بها، وهي قصيدة مطولة، ولما ذكر قصيدة النصراني قال: عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إن كان مات كافراً. وثبوت ما ذكر في السؤال محل نظر.

    حكم النوم على البطن


    السؤال: هل يجوز لأحد أن ينام على بطنه؟

    الجواب: جاء ما يدل على منع ذلك.

    حكم الاستلقاء أو الاستناد حال الأكل


    السؤال: هل يجوز أكل الإنسان مستلقياً أو مستنداً على جدار؟

    الجواب: كون الإنسان يستند على جدار أو علي شيء لا بأس به، وإنما الممنوع أن يكون متكئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا آكل متكئاً) وفسر الاتكاء بتفسيرين: الأول التربع الذي فيه الشره وفيه كثرة الأكل. والثاني: التمايل وهو أن الإنسان يكون مائلاً.

    حكم أداء صلاة الجمعة قبل الزوال

    السؤال: ما حكم إقامة صلاة الجمعة قبل الزوال؟

    الجواب: بعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن القول الذي عليه جمهور العلماء أنها تكون بعد الزوال، ولا شك في أن الاحتياط هو الإتيان بها بعد الزوال، وبعضهم جعل الخطبة قبل الزوال والصلاة بعد الزوال، ومنشأ اختلافهم الحديث الذي فيه: (كنا ننصرف من الصلاة وليس للحيطان ظل يستظل به) فالذين قالوا: إنها تكون بعد الزوال قالوا: إن النفي راجع إلى القيد لا إلى المقيد، أي أن الظل موجود لكن لا يكفي للاستظلال به، فالقيد هو قوله: (يستظل به)، والذين قالوا: إنها تكون قبل الزوال قالوا: النفي للقيد والمقيد. أي: نفي للظل من أصله، ومعنى هذا أن الصلاة كانت قبل الزوال. فعلى القول بأن النفي للقيد -وهو قوله: (يستظل به)- يكون المعنى أن هناك ظلاَّ ولكنه لا يستطيع الإنسان أن يستظل به لأنه قليل جداً لا يكفي، ومن يقول: إنه للقيد والمقيد يقول: إن الصلاة كانت قبل الزوال. وقطع الشك باليقين وكون الإنسان يأتي بها بعد الزوال هذا هو الذي لا شك فيه وهو الاحتياط."


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •