تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: تثبيت صحة لفظ ( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي تثبيت صحة لفظ ( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ)

    تثبيت صحة لفظ ( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ)
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
    أما بعد :


    قال أحمد في مسنده 13562 :
    حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    " يُحْشَرُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُونَا، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ قَالَ: فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا
    وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا، أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ
    قَالَ: فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ سُؤَالَهُ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ
    وَلَكِنْ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ
    فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ كَذَبَهُنَّ، قَوْلَهُ: إِنِّي سَقِيمٌ، وَقَوْلَهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا وَأَتَى عَلَى جَبَّارٍ مُتْرَفٍ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: أَخْبِرِيهِ أَنِّي أَخُوكِ فَإِنِّي مُخْبِرُهُ أَنَّكِ أُخْتِي، وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا، وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ
    وَقَالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ قَتْلَهُ الرَّجُلَ
    وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنْ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ
    قَالَ: " فَيَأْتُونِي فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي
    ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ يَا مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ «فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمْ فِي الْجَنَّةِ
    قَالَ هَمَّامٌ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ وَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي الثَّانِيَةَ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي
    ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ مُحَمَّدُ، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ
    قَالَ: " فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأَخْرُجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - قَالَ هَمَّامٌ وَأَيْضًا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ
    قَالَ: ثُمَّ أَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي الثَّالِثَةَ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي
    ثُمَّ يَقُولُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ،، وَقُلْ تُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَ
    فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُخْرِجُ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - قَالَ هَمَّامٌ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ - فَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ «أَيْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ» ، ثُمَّ تَلَا قَتَادَةُ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ، قَالَ: هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"

    أقول : هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه بهذا التمام ( 7439 )
    ولا أعلم أحداً من الأئمة تكلم في صحة هذا الحديث ، حتى من استشكل متنه من الأشاعرة والكلابية كالبيهقي والخطابي وابن بطال وابن حجر
    وتكلم بعض المعاصرين في سنده وقال إن هماماً تفرد بهذه الزيادة عن قتادة ( فأستأذن على ربي في داره )
    والجواب على هذا الإعلال من وجوه
    أولها : أن هذا الحديث صححه البخاري وابن مندة وابن أبي عاصم وأوردوه في كتب الاعتقاد وما تكلم أحدٌ في صحته من المتقدمين أو المتأخرين ، فهو من الأحاديث التي تلقيت بالقبول في صحيح البخاري وهذا يغني عن النظر في سنده
    ثانيها : أن هماماً ثقة ثبت أثنوا عليه في حديثه عن قتادة خاصة
    قال الحسين بن الحسن الرازى : قلت ليحيى بن معين : همام ؟ فقال : ثقة ،
    صالح ، و هو فى قتادة أحب إلى من حماد بن سلمة ، و أحسنهم حديثا عن قتادة .
    و قال أبو بكر بن خيثمة ، عن يحيى بن معين : همام فى قتادة أحب إلى من
    أبى عوانة ، همام ، ثم أبو عوانة ، ثم أبان العطار ، ثم حماد بن سلمة .
    و قال عثمان بن سعيد الدارمى : قلت ليحيى بن معين : همام أحب إليك فى قتادة أو أبان ؟
    قال : ما أقربهما ، كلاهما ثقتان . قلت : فهمام أحب إليك عن قتادة أو أبو عوانة ؟
    قال : همام أحب إلى من أبى عوانة .

    و قال على ابن المدينى ، و ذكر أصحاب قتادة : كان هشام الدستوائى أرواهم عنه ، و كان سعيد أعلمهم به ، و كان شعبة أعلمهم بما سمع قتادة و ما لم يسمع . قال : و لم يكن همام عندى بدون القوم فى قتادة ، و لم يكن ليحيى فيه رأى ، و كان عبد الرحمن بن مهدى حسن الرأى فيه .
    وهذا يدل على أن ما ذكروا من أوهامه فليست من حديثه عن قتادة ، ثم إن تخريج البخاري لهذا الحديث كالنص على أنه ليس من أوهامه
    ثم إنه قد روى عنه هذا الحديث عفان بن مسلم وكان من المتثبين والنقاد
    واللفظة التي استنكرها المعاصرون كررها همام ثلاثاً مما يدل على أنه حفظها ، وهذه الأحاديث الطوال زيادة الرواة فيها على بعضهم البعض يتسامح فيها ، لأنه قل أن يسمعها أحد ويؤديها كما سمعها نصاً ، بل ربما فات بعض الرواة ما تنبه له الآخر وهم في أصل الحديث متفقون
    والدار بمعنى المكان لذا فقول المعلق على المخالفات العقدية في الفتح ص60 :" توهم الخطابي لا مبرر له؛ لأن الحديث لا يفيد أن الدار مكانه" فيه نظر
    بل قال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (1/191) :" وأما المكان: ففيه نزاع وتفصيل. وفي الصحيحين: إثبات لفظ المكان"
    وهذا في صحيح البخاري فقط ، وأراد بالمكان الدار ، أو أنه أراد حديث شريك المعروف في الإسراء
    وليس في هذا ما يتوهمه المعطلة من أن الله عز وجل يحيط به مخلوق ، بل يراد به أنه سبحانه في علوه فوق العرش
    واعلم رحمك الله أن لفظ المكان أثبته عدد كبير من أئمة أهل السنة ، ولا أعرف عن إمام في القرون الفاضلة أنه قال ( بأن الله ليس له مكان )
    وقد صرح بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية حيث قال (2/45) :" ولا يقدر احد ان ينقل عن احد من سلف الامة وائمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا شيئا من عبارات النافية ان الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان أو أنه ليس في مكان او انه لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة"
    وقوله ( أو أنه ليس في مكان ) سقطت من طبعة ابن قاسم وهي موجودة في الطبعة الجديدة
    وممن أثبت لفظ المكان التابعي الجليل محمد بن كعب القرظي أمام عمر بن عبد العزيز وأقره
    قال ابن وهب في تفسيره 187 - قال: وحدثني حرملة بن عمران، عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عمر بن عبد العزيز قال: إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار أقبل الله في ظللٍ من الغمام والملائكة، قال: فيسلم على أهل الجنة في أول درجة فيردون عليه السلام، قال القرظي: وهذا في القرآن {سلامٌ قولا من ربٍ رحيمٍ}، فيقول: سلوني، فيقولون: ماذا نسألك أي رب، قال: بلى سلوني، قالوا: نسألك أي رب رضاك، قال: رضائي أدخلكم دار كرامتي، قالوا: يا رب، وما الذي نسألك فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك، لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم لا ينقصنا من ذلك شيئا؛ قال: إن لدي مزيدا؛ قال: فيفعل الله ذلك بهم في درجتهم حتى يستوي في مجلسه؛ قال: ثم تأتيهم التحف من الله تحمله إليهم الملائكة، قال: وليس في الآخرة ليل ولا نصف نهارٍ، إنما هو بكرة وعشيا، وذلك في القرآن، في آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}، وكذلك قال لأهل الجنة: {لهم زرقهم فيها بكرة وعشيا}، قال: وقال: والله، الذي لا إله إلا هو، لو أن امرأة من حور العين أطلعت سوارها لأطفأ نور سوارها الشمس والقمر، فكيف المسورة وإن خلق الله شيئاً يلبسه إلا عليه مثلما عليها من ثياب أو حلي.
    الشاهد قوله رحمه الله :" وما الذي نسألك فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك"
    والسند رجاله ثقات إلا سليمان بن حميد المزني وثقه ابن حبان
    قال الذهبي في تاريخ الإسلام :" سليمان بن حميد المزني. عن أبيه عن أبي هريرة وعن محمد بن كعب القظي وعامر بن سعد.
    وعنه الليث بن سعد وضمام بن إسماعيل وجماعة.
    مات بمصر سنة خمس وعشرين ومائة"

    فرواية جماعة من الثقات عنه ، مع توثيق ابن حبان يجعل خبره مقبولاً في خبر مقطوع
    وممن أثبت لفظ المكان الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب مستدلا بحديث الجارية حيث قال في الرد على الجهمية ص25 :" وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » تكذيب لقول من يقول : هو في كل مكان ، لا يوصف ب « أين » ، لأن شيئا لا يخلو منه مكان يستحيل أن يقال : « أين هو ؟ » ، ولا يقال : « أين » إلا لمن هو في مكان يخلو منه مكان "
    وممن أثبت هذا اللفظ حماد بن زيد الإمام الثقة الثبت
    قال شيخ الإسلام في شرح حديث النزول ص40 :" قال الخلال في [ كتاب السنة ] : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا أحمد بن محمد المقدمي، ثنا سليمان بن حرب، قال : سأل بشر بن السُّرِّي حماد بن زيد فقال : يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء : "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا " يتحول من مكان إلى مكان ؟ فسكت حماد بن زيد , ثم قال : هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء .
    ورواه ابن بطة في كتاب [ الإبانة ] فقال : حدثني أبو القاسم حفص بن عمر الأردبيلي، حدثنا أبو حاتم الرازي , حدثنا سليمان بن حرب، قال : سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال : يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء "ينزل اللّه إلى سماء الدنيا " أيتحول من مكان إلى مكان ؟
    فسكت حماد بن زيد , ثم قال : هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء "

    وهذا الإسناد إلى حماد صحيح ولم ينكر عليه أحدٌ من السلف هذا الإطلاق
    وكذلك الفضيل بن عياض
    قال البخاري في خلق أفعال العباد 61- وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : إِذَا قَالَ لَكَ جَهْمِيٌّ : أَنَا أَكْفُرُ بِرَبٍّ يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ ، فَقُلْ : أَنَا أُؤْمِنُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.
    وأقر البخاري هذا الكلام
    وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص83 :" ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرهم وما ركبت عليه خلقتهم من معرفة الخالق سبحانه لعلموا أن الله تعالى هو العلي وهو الأعلى وهو بالمكان الرفيع وأن القلوب عند الذكر تسمو نحوه والأيدي ترفع بالدعاء إليه ومن العلو"
    فتأمل قوله ( وهو بالمكان الرفيع)
    وقال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل عليها إجماع أهل الحديث في عصره :" والجهمية أعداء الله: وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق وأن الله لم يكلم موسى، وأن الله لا يتكلم، ولا يرى، ولا يعرف لله مكان، وليس لله عرش، ولا كرسي وكلام كثير أكره حكايته، وهم كفار زنادقة أعداء الله فاحذروهم"
    وكذلك ممن أثبت هذا اللفظ ابن بطة حيث قال في الإبانة (6/141) :" لكنا نقول : إن ربنا تعالى في أرفع الأماكن ، وأعلى عليين ، قد استوى على عرشه فوق سماواته ، وعلمه محيط بجميع خلقه ، يعلم ما نأى كما يعلم ما دنا ، ويعلم ما بطن كما يعلم ما ظهر كما وصف نفسه تعالى"
    فتبين أن هذا اللفظ قال به جمع من الأئمة وعندهم مستندهم الأثري ، ولا يعلم نفي ( المكان ) عن أحد من المتقدمين في القرون الثلاثة ، ومحل الاتفاق نفي المكان المخلوق
    وقال شيخ الإسلام في الاستقامة (1/127) :" ثم المثبت لما جاءت به السنة يرد عليه بمنع بعض هذه المقدمات والتفصيل فيها أو بعضها وبيان الحق في ذلك من الباطل مثل أن يقال المكان يراد به ما يحيط بالشئ والله لا يحيط به مخلوق أو يراد به ما يفتقر إليه الممكن والله لا يفتقر إلى شئ وقد يراد بالمكان ما يكون الشئ فوقه والله فوق عرشه فوق سماواته فلا يسلم نفى المكان عنه بهذا التفسير
    ونقول قد وردت الآثار الثابتة بإثبات لفظ المكان فلا يصح نفيه مطلقا "

    هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    كتبه/ عبدالله الخليفي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: تثبيت صحة لفظ ( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ)

    حديث: أستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه

    محمد بن علي بن جميل المطري

    سلسلة الرد المفصل على الطاعنين في أحاديث صحيح البخاري (11)

    حديث: (أستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه)

    من الأحاديث التي يطعن فيها الطاعنون ما رواه البخاري في باب قوله عز وجل: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ﴾ [القيامة:22]، من حديث أنس في
    الشفاعة يوم القيامة، وهو حديث طويل وفيه: ((ثم أعود الثالثة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه)). رواه البخاري (7440)، وأحمد في مسنده (13562)، وابن أبي عاصم في السنة (804) وغيرهم. قالوا: كيف يكون لله سبحانه دار، وهو بكل شيء محيط؟والجواب عن هذه الشبهة من وجهين:الوجه الأول في الرد على هذه الشبهة:إنَّ من أكبر المعوقات في فهم النصوص الشرعية أمران هما:الأول: عدم رد المتشابه إلى المحكم.الثاني: القصور في معرفة أساليب اللغة العربية وسعتها. وهذان السببان هما اللذان أوقعا المستشكل لهذا الحديث هنا، فلو أنه ردَّ هذا المتشابه إلى المحكم من كون الله بكل شيء محيط، وكان على علم بأنواع الإضافة في اللغة؛ لما خطر في باله مثل هذا التساؤل، وإليك بعض كلام أهل العلم في توضيح المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: (في داره):قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ في الفتح: " معناه في داره الذي اتخذها لأوليائه وهي الجنة وهي دار السلام وأضيفت إليه إضافة تشريف مثل بيت الله وحرم الله". فتح الباري لابن حجر (13/ 429). وقال البيهقي: "قال أبو سليمان: معنى قوله: «فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه» أي: في داره التي دوَّرها لأوليائه وهي الجنة، كقوله عز وجل: ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ [الأنعام: 127]، وكقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾ [يونس: 25]، وكما يقال: بيت الله، وحرم الله، يريدون البيت الذي جعله الله مثابة للناس والحرم الذي جعله أمنا". الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 359). وقال ابن بطال: "ويحتمل أن يكون قوله: (في داره) راجعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تأويله: فأستأذن على ربي وأنا في داره، فالظرف والمكان هاهنا للنبي صلى الله عليه وسلم". شرح صحيح البخاري لابن بطال (10/ 465). وقال الملا علي الهروي القاري: "(فأستأذن على ربي في داره) أي: في دخولها (فيؤذن لي عليه) أي: بالدخول عليه". مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للقاري (8/ 3542). وقال الغنيمان: "المعنى: المكان الذي تحت عرشه". شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للغنيمان (2/ 136).فهذا هو الوجه الأول في الجواب عن هذه اللفظة، فإذا صح حمل معنى قوله: (في داره) في هذا الحديث على أي معنى من المعاني السابق التي ذكرها العلماء بما يوافق اللغة العربية، ولا يخالف المعاني الشرعية المحكمة مِن أن الله سبحانه لا يحيط به شيء، بل هو بكل شيء محيط؛ لم يجز العدول عن ذلك إلى المتشابه من القول على طريقة أهل الزيغ، وادعاء أن تلك اللفظة تدل على أن الله سبحانه تحيط به دار، قال ربنا سبحانه: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران:7]. الوجه الثاني في الرد على هذه الشبهة:أن هذه اللفظة في هذا الحديث (في داره) لا تصح، فقد تفرد بها همام بن يحيى الراوي عن قتادة، ولم يذكرها غيره ممن هو أقوى منه، فالحديث بطوله صحيح كله بلا شك، لكن هذه الكلمة (في داره) مشكوك في صحتها لتفرد همام بها، والله أعلم. قال الألباني: "أنا في شك كبير في ثبوت ذكر (الدار) في هذا الحديث؛ لأنه قد رواه جمع من الثقات عن قتادة به، بدون هذه الزيادة، منهم سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي عند المصنف (5/ 146)، ومسلم (1/ 125)، وأحمد (3/ 116) عن سعيد وحده، وأبو عوانة عند المصنف أيضاً (7/ 203)، ومسلم (1/ 123)، فهؤلاء ثلاثة من الثقات خالفوا همام بن يحيى، فلم يذكروا هذه الزيادة، فهي شاذة، لا سيما وهو -أعني هماماً- قد تكلم فيه بعضهم من قِبَل حفظه؛ كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب": "ثقة ربما وهم". ومما يؤكد وهمه في هذه الزيادة رواية معبد بن هلال العنزي هذه، فإنه لم يذكرها أيضاً. والله أعلم". مختصر صحيح الإمام البخاري للألباني (4/ 354). وقد روى البخاري هذا الحديث من طريق أبي عوانة عن قتادة عن أنس بدون ذكر هذه اللفظة (في داره)، ورواه أيضا من طريق هشام عن قتادة عن أنس بدون ذكر هذه اللفظة، ورواه أيضا من طريق حماد بن زيد عن معبد بن هلال عن أنس بدون ذكر هذه اللفظة، ورواه من طريق همام عن قتادة عن أنس، وفي هذه الرواية نجد تفرد همام بلفظة (في داره)، ومن دقة البخاري أنه عندما روى الحديث من طريق همام التي فيها اللفظة الشاذة رواه معلقا ولم يقل فيه حدثنا، فلله در البخاري ما أوسع علمه، وما أدق إشارته، والمتخصصون في الحديث يجدون في صحيحه من هذه الإشارات عجائب، ومن يقرأ في فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر يجد كثيرًا من هذه الفوائد الدقيقة التي يشير إليها البخاري إشارات يفهمها المتخصصون في الحديث. ولا بأس أن نذكر هنا هذا الحديث بطرقه من صحيح البخاري، فنبدأ بذكر الطرق الثلاثة التي ليس فيها لفظة (في داره)، ثم نذكر طريق همام التي فيها تلك اللفظة، ليتيقن القارئ من صحة هذا الحديث، ولينظر طريقة البخاري في تكرار الحديث:قال البخاري (6565): حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا، فيأتون آدم فيقولون: أنت الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا عند ربنا. فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ويقول: ائتوا نوحاً، أول رسول بعثه الله، فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً، فيأتونه فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ائتوا موسى الذي كلمه الله، فيأتونه فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته، ائتوا عيسى فيأتونه، فيقول: لست هناكم، ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم، فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله، ثم يقال لي: ارفع رأسك: سل تُعطه، وقل يُسمع، واشفع تُشفَّع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمني، ثم أشفع فيحد لي حدا، ثم أُخرجهم من النار، وأُدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً مثله في الثالثة، أو الرابعة، حتى ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن)) وكان قتادة يقول عند هذا: أي وجب عليه الخلود. وقال البخاري (7410): حدثني معاذ بن فضالة، حدثنا هشام، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم، أما ترى الناس؟ خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، اشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناك، ويذكر لهم خطيئته التي أصابها، ولكن ائتوا نوحا، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحا، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول: لست هناكم، ويذكر لهم خطاياه التي أصابها، ولكن ائتوا موسى، عبدا آتاه الله التوراة، وكلمه تكليما، فيأتون موسى فيقول: لست هناكم، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته وروحه، فيأتون عيسى، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، عبدا غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأنطلق، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يُقال لي: ارفع محمد، وقل يُسمع، وسل تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أشفع فيحد لي حداً، فأدخلهم الجنة، ثم أرجع، فإذا رأيت ربي وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يُقال: ارفع محمد، وقل يُسمع، وسل تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها ربي، ثم أشفع فيحد لي حداً، فأدخلهم الجنة، ثم أرجع، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يُقال: ارفع محمد، قل يُسمع، وسل تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أشفع، فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة، ثم أرجع فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن، ووجب عليه الخلود)) قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة)). وقال البخاري (7510): حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا معبد بن هلال العنزي، قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك، وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة، فإذا هو في قصره فوافقناه يصلي الضحى، فاستأذنا، فأذن لنا وهو قاعد على فراشه، فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة، فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاءوك يسألونك عن حديث الشفاعة، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم، فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله، وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، ويُلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، وأخر له ساجدا، فيقول: يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع لك، وسل تُعط، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق فأفعل، ثم أعود، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع لك، وسل تُعط، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة - أو خردلة - من إيمان فأخرجه، فأنطلق، فأفعل، ثم أعود فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقول: يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع لك، وسل تُعط، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان، فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل))، فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا: لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة فحدثناه بما حدثنا أنس بن مالك، فأتيناه فسلمنا عليه، فأذن لنا فقلنا له: يا أبا سعيد، جئناك من عند أخيك أنس بن مالك، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة، فقال: هيه فحدثناه بالحديث، فانتهى إلى هذا الموضع، فقال: هيه، فقلنا: لم يزد لنا على هذا، فقال: لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا، قلنا: يا أبا سعيد فحدثنا فضحك، وقال: خُلِق الإنسان عجولاً! ما ذكرته إلا وأنا أُريد أن أحدثكم، حدثني كما حدثكم به، قال: ((ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيُقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يُسمع، وسل تُعطه، واشفع تُشفَّع، فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأُخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)). وقال البخاري (7440): وقال حجاج بن منهال، حدثنا همام بن يحيى، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يحبس المؤمنون يوم القيامة حتى يهموا بذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا، فيأتون آدم، فيقولون: أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، لتشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا، قال: فيقول: لست هناكم، قال: ويذكر خطيئته التي أصاب: أكله من الشجرة، وقد نُهي عنها، ولكن ائتوا نوحا أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحا فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب: سؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، قال: فيأتون إبراهيم فيقول: إني لست هناكم، ويذكر ثلاث كلمات كذبهن، ولكن ائتوا موسى: عبدا آتاه الله التوراة، وكلمه، وقربه نجيا، قال: فيأتون موسى، فيقول: إني لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب قتله النفس، ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله، وروح الله وكلمته، قال: فيأتون عيسى، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع محمد، وقل يُسمع، واشفع تُشفَّع، وسل تُعط، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، ثم أشفع فيحد لي حدا، فأخرج فأدخلهم الجنة))، قال قتادة: وسمعته أيضا يقول: ((فأخرج فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود الثانية: فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يُسمع، واشفع تُشفَّع، وسل تُعط، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدا، فأخرج، فأدخلهم الجنة))، قال قتادة: وسمعته يقول: ((فأخرج فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود الثالثة: فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع محمد، وقل يُسمع، واشفع تُشفَّع، وسل تُعطه، قال: فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، قال: ثم أشفع فيحد لي حدا، فأخرج فأدخلهم الجنة))، قال قتادة: وقد سمعته يقول: ((فأخرج فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، حتى ما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن)) أي: وجب عليه الخلود، قال: ثم تلا هذه الآية: ﴿ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الإسراء: 79] قال: «وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم». وصدق البِرْماوي رحمه الله في قوله: "كتاب الجامع الصحيح من حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله أصح كتاب جمع في الوحي بعد القرآن، وأسند أسانيد باتفاق الحفاظ أهل الإتقان، هذا مع ما وشحه به من استنباط علوم وفوائد تجل عن الانحصار، ومن مقالات الصحابة فمن بعدهم من العلماء، والإشارة إلى مداركها الغِزار، فعم فضله وبركته الأمصار والأقطار على توالي الأزمان وتمالي الأعصار، ووصفه أعلام الإسلام بأنه بحر لا يدرك قراره". اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح (1/ 3).





    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/118706/#ixzz6XeK7XUvv

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: تثبيت صحة لفظ ( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ)


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: تثبيت صحة لفظ ( فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ)


الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •