وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ


أحمد قوشتي عبد الرحيم


{ وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ }
النوم : نعمة من نعم الله على ابن آدم تستحق الشكر ، لكننا نألفها ونعتبرها شيئا عاديا مثل آلاف النعم الأخرى التي تغمرنا ليل نهار ، حتى إذا حيل بين المرء وبين النوم لألم قاس ، أو هم مقيم ، أو أرق قاتل ، وتمنى أن يغمض عينيه لدقائق - حينئذ يعرف قدر تلك النعمة العظيمة .
والنوم أيضا آية من آيات الله تستحق التفكر والتأمل ، ومن العجيب فيها دلالتها على عجز الآدمي من جهة، وقيومة الرب سبحانه من جهة أخرى .

فابن آدم مفتقر للنوم ، ولولاه لجن أو فقد توازنه ، ثم إن النوم قاهر له لا يملك أمامه حيلة ولا دفعا ، وما أعجب تلك اللحظة التي يتملك فيها النوم من ابن آدم فيجعله شبه ميت لا يدري ما حوله ، ولا يملك لنفسه شيئا ، ولا حفظا ، ولولا حفظ الله له لهلك ، ولولا إرسال الله لروحه ثانية لصار في عداد الأموات {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}

أما الرب سبحانه فهو الحي القيوم ، الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، ولا يعجزه شيء ، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، وهو القاهر فوق عباده ، وبيده مقاليد كل شيء .