الشرك هو السبب الأعظم لتغيير الفطرة السليمة التى فطر عليها جميع العباد
فهو يطفئ نور الفطرة؛
وهذه القلوب اوعية فإن لم تملأ بتوحيد الله إمتلأت بضده
والله عز وجل فطر الناس على توحيده وطاعته، قال سبحانه: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}
. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه"،
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
وفي الحديث القدسي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال فيما يرويه عن ربه تعالى: "إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أُنزل به سلطانًا"
والشرك هو سبب الضلال في الدنيا والآخرة،
قال الله عز وجل: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}
والشرك يقضي على الأخلاق الفاضلة، لأن أخلاق النفس الفاضلة من الفطرة وإذا كان الشرك يقضي على الفطرة فمن باب أولى أن يقضي على ما انبنى على فطرة الله من الأخلاق الطيبة الحسنة.
الشرك يقضي على لب العبادة وهى الذل والخضوع لله ؛
لأن المشرك يذل لما يعبد من دون الله؛ لأنه يعتقد أنه لا معتصم له إلا هم،
فيذل ويخضع لمن لا يسمع ولا يرى، ولا يعقل، فيعبد غير الله، ويذل له،
وهذا غاية الإهانة والتعاسة،
أما الفطرة السليمة: فهي داعية الى الاستسلام لله جل وعلا بالتوحيد وداعية الى بغض الشرك وداعية الى السلامة من الاعتقادات الباطلة وما يفضى الى شقوة العبد وهلاكه

فالله تعالى فطر خلقه على توحيده وعبوديته،كما فى الحديث المتقدم : كل مولود يولد على الفطرة... متفق عليه.
فجاءتهم الشياطين الإنسية والجنية فاجتالتهم عن دينهم فاستجابوا لهم وامتنعوا عن طاعة الرسل واتباعهم، وأبوا إلا أن يشركوا بالله، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى {الأعراف:172}.

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم، شاهدين على أنفسهم أن اللّه ربهم ومليكهم، وأنه لا إله إلا هو، كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه، قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ {الروم:30} وفي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي اللّه عنه ـ قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ـ وفي رواية: على هذه الملة ـ وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله: إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم.... اهـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً: ومثل الفطرة مع الحق مثل ضوء العين مع الشمس، وكل ذي عين لو ترك بغير حجاب لرأى الشمس، والاعتقادات الباطلة العارضة من تهود وتنصر وتمجس مثل حجاب يحول بين البصر ورؤية الشمس، وكذلك أيضاً كل ذي حس سليم يحب الحلو إلا أن يعرض في الطبيعة فساد يحرفه حتى يجعل الحلو في فمه مراً، ولا يلزم من كونهم مولودين على الفطرة أن يكونوا حين الولادة معتقدين للإسلام بالعقل، فإن الله أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئاَ، ولكن سلامة القلب وقبوله وإرادته للحق الذي هو الإسلام بحيث لو ترك من غير مغير لما كان إلا مسلماً، وهذه القوة العلمية العملية التي تقتضي بذاتها الإسلام ما لم يمنعها مانع.. هي فطرة الله التي فطر الناس عليها. انتهى.