اجعلي طفلك قارئاً مدى الحياة

إيمان القدوسي



>اقرأ< هي أول كلمة نزلت في القرآن الكريم، والقراءة هي مفتاح المعرفة لذلك علينا أن نساعد أطفالنا على اكتساب هذه الموهبة >موهبة القراءة<، فالقراءة ملكة يكتسبها الطفل من خلال بيئته الأسرية وقد أجمع علماء التربية على أن الطفل القارئ هو نتاج طبيعي لأسرة قارئة·
يقول د·محمد يحيى ـ أستاذ الأدب الإنكليزي والمفكر الإسلامي: المدخل الطبيعي لترسيخ حب القراءة في نفس الطفل ليس هو الإلحاح، فالإلحاح منفِّر ولكن الطفل عادة ما يقلد القدوة، الأب، والأم، فإذا كان الأب يعود حاملاً معه بعض الكتب والمجلات أو حتى بعض الصحف ويهتم بقراءتها ويتداولها مع باقي أفراد الأسرة، فإن الطفل ينجذب للقراءة ويريد أن يعرف أي متعة تحققها القراءة للكبار وتشغلهم بها هكذا·

مكتبة الأسرة
وإذا كان في البيت مكتبة أو حتى رفوف بسيطة عليها بعض الكتب الجذابة لا بد أن يتناولها الصغير ويقبل على قراءتها، والمهم أن نحرص على أن يكون شكل الكتاب مثيراً لاهتمام الطفل ومضمونة جيداً وشيقاً، ومن الممكن أن نشجع الطفل على تنمية هذه الهواية المفيدة عن طريق مناقشته فيما قرأه أو تشجيعه بمكافأته معنوياً بإشعاره أنه يحظى منَّا بالتقدير والإعجاب·
وفي دراسة للأستاذ >عبدالتواب يوسف< يقول: كما تقوم الأسرة بتدريب طفلها في يسر وسهولة وفي عفوية كاملة على سبل النطق والكلام، فيمكنها كذلك باتباع الخطوات عينها، أن تدربه على القراءة·
وفي تقديري أن علاقة الطفل بالقراءة تعتمد أساساً على أسلوب تعلمه إياها والخبرات التي حصل عليها خلال ذلك، وانصراف الكثيرين عنها يرجع إلى الضغط والقسر والقسوة التي اتبعت معهم لكي يتعلموها·

علاقة حب دائمة
وإذا ما كانت الأسرة راغبة في إيجاد علاقة حب دائمة بين طفلها والقراءة، فلابد لها من أن تقدم له الكتاب وتعرّفه به منذ طفولته الغضة فهناك كتب من المطاط والبلاستيك والقماش يمكن أن توضع بين يديه·
وفي مرحلة عمرية أعلى، نوفر له المكعبات والملصقات التي تحمل الكلمات مع صور الأشياء الدالة عليها وصولاً إلى الحروف من أجل أن تتعود عليها عيناه ويراها شيئاً مألوفاً·
ويجب الربط بين الكلمة والصورة، فإذا أجاد الطفل القراءة وتقدم في سنواته الدراسية، كان علينا أن نتأكد من المهارات المعرفية التي يحتاج إليها لكي يستمر قارئاً مدى الحياة، وفي سبيل ذلك علينا اتباع ما يلي:

تجربة مرضية
أولاً: توسيع واستثمار الاهتمامات الأدبية لدى الطفل، وهذا سيجعل من القراءة تجربة مرضية تحفزه على مواصلتها لأنها تحفز ذهنه وتثير مشاعره، وتهز عواطفه وتوسع خياله، والأطفال ما بين 6 ـ 12 سنة يتشوقون إلى أن يرفع الستار عن عيونهم ليروا الحياة من خلال ما يقرأون وهم يميلون إلى اللغة الجميلة التي لها طابعها الرفيع المستوى، وهم يحبون المواقف التي تدفع بهم إلى الضحك أو البكاء، وفي هذه المرحلة يقبل الطفل على >السلاسل< ذات البطل الواحد، والمغامرات وقصص الخيال العلمي·
ثانياً: الأسرة مطالبة في الوقت عينه بتوسيع الاهتمامات غير الأدبية واستثماراها، فربما يكون أحد هذه المجالات هو مجال عمل الطفل وتخصصه في المستقبل مثل الجانب العلمي ـ التاريخي ـ الرياضي·

حب الاستطلاع
وفي دراسة للدكتور مصطفى رجب يقول: نحن نعلم أطفالنا القراءة بهدف تنمية مهارات معينة لديهم، فبالقراءة تتسع خبرات الأطفال وتنمو، ويتكون لديهم حب الاستطلاع للمعرفة بألوانها المختلفة، ويستطيعون معرفة الكون، وما يحدث فيه من ظواهر ومن غرائب وعجائب، وبالقراءة يتخطون حاجز الزمان فيقرأون عن خبرات الماضي وتنبوءات المستقبل·
والقراءة تزود باتجاهات إيجابية وخبرات تفيدهم ف يالتغلب على مشكلاتهم الشخصية، وتنمِّي لديهم الشعور بالذات وفهمها الفهم الأمثل، والقراءة ضرورة أساسية لإعداد الطفل إعداداً علمياً سليماً، فمن خلالها يكتسب ويتعلم صنوف المعرفة التي نرغِّب في تعليمها له، أو التي ينبغي عليه أن يتعلمها، ومن خلال القراءة تتوافر للطفل أسباب التسرية والترفيه والاستمتاع من خلال قصص أو كتب جيدة الفكرة، سهلة الأسلوب، جميلة السرد، تصور شخصياتها بدقة وأمانة شديدة·

قصص المغامرات
ما أهم ما يقرأ الأطفال؟
1 ـ القصص الخيالي: ويقوم هذا على مخاطبة عقل الطفل وخياله وعواطفه·
2 ـ القصص الديني: وهي حكايات تدعو إلى الفضائل وتنفِّر من الرذائل، وتجمع بين المتعة والتشويق والمغزى الخلقي، وتتناول موضوعات دينية ومنها العبادات والعقائد والمعاملات وسير الأنبياء والرسل، وقصص القرآن الكريم، والبطولات والأخلاق الدينية، وما أعده الله تعالى لعباده من ثواب وعقاب، فضلاً عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم·
3 ـ قصص المغامرات: المفترض أن يكون مغزاها أن الجريمة لا تفيد ويجب أن تؤكد القيم التربوية المنشودة في المجتمع الإسلامي·
4 ـ القصص العلمية: وتدور فحواها حول حدث علمي أو اكتشاف أو اختراع والهدف الأساس منها هو تنمية الخيال والقيم المرغوبة وتزود الأطفال بالثقافة العلمية وأسلوب التفكير العلمي·
5 ـ القصص التاريخية: وتعتمد على الأحداث التاريخية والمواقع العربية والغزوات وتصور مواقف العطاء والبذل والفداء والكفاح في سبيل العقيدة والوطن· والأطفال عادة ما يتوحدون مع البطل ويعيشون الأحداث على أنها واقع يشاركون فيه·