تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2019
    المشاركات
    94

    افتراضي هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:


    قال الحافظ ابن حجر:

    كعب بن مَاتع الحِمْيري أبو إسحاق المعروف بكعب الأحبار: ثقة من الثانية مخضرمٌ كان من أهل اليمن فسكن الشام مات في آخر خلافة عثمان وقد زاد على المئة وليس له في البخاري رواية إلا حكاية لمعاوية فيه وله في مسلم رواية لأبي هريرة عنه من طريق الأعمش عن أبي صالح. ه تقريب التهذيب 5648


    قلت: الامام البخاري رحمه الله قد تحاشى في صحيحه ذكر كعب أو الرواية عنه سواء كانت هذه الرواية مسندة أو من المعلقات التي يذكرها في تراجم الباب أو حتى ضمن أقوال السلف التي يذكرها في التفسير وغيره.

    مع أنه يروي الكثير من أقوال السلف في الفقه والرقائق والآداب والتفسير بعضها مسنداً وبعضها معلقاً من غير ذكر الاسناد.
    وقد روى عن وهب بن منبه ومحمد بن كعب القرظي وهما من مشاهير الرواية عن بني إسرائيل
    إلا أنه لم يرو أو يستشهد بأي من أقوال كعب ولو بصيغة التمريض ! على كثرتها في مختلف أبواب العلم: في التفسير والرقائق والوعظ والارشاد وقصص الانبياء وعلامات النبوة واشراط الساعة وفضائل الاعمال وغير ذلك ...

    والذي في صحيح البخاري عن كعب هو قول معاوية وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاَءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِبَ. ه
    صحيح البخاري 7361

    وهذا من البخاري اشارة إلى تضعيف كعب وأنه لا يصح الوثوق بمروياته ولا مرويات غيره من أهل الكتاب من باب أولى إن كان أصدقهم يظهر منه الكذب كما قال معاوية بن أبي سفيان.

    وقد تأول بعض أهل العلم من الفقهاء والمحدثين كلام معاوية على محمل حسن. نقل أقوالهم وفسَّرها الحافظ ابن حجر فقال:

    وَقَوْلُهُ (عَلَيْهِ الْكَذِبَ) أَيْ يَقَعُ بَعْضُ مَا يُخْبِرُنَا عَنْهُ بِخِلَاف مَا يخبرنا بِهِ قَالَ بن التِّين وَهَذَا نَحْو قَول بن عَبَّاسٍ فِي حَقِّ كَعْبٍ الْمَذْكُورِ بَدَلَ مَنْ قَبْلَهُ فَوَقَعَ فِي الْكَذِبِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالْمُحَدِّثِي نَ أَنْدَادُ كَعْبٍ مِمَّنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَسْلَمَ فَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْهُمْ وَكَذَا مَنْ نَظَرَ فِي كُتُبِهِمْ فَحَدَّثَ عَمَّا فِيهَا قَالَ وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا مِثْلَ كَعْبٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ أَشَدَّ مِنْهُمْ بَصِيرَةً وَأَعْرَفَ بِمَا يَتَوَقَّاهُ وَقَالَ بن حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنَّهُ يُخْطِئُ أَحْيَانَا فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ كَانَ كَذَّابًا وَقَالَ غَيْرُهُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَنَبْلُو عَلَيْهِ لِلْكِتَابِ لَا لِكَعْبٍ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي كِتَابِهِمُ الْكَذِبَ لِكَوْنِهِمْ بَدَّلُوهُ وَحَرَّفُوهُ وَقَالَ عِيَاضٌ يَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى الْكِتَابِ وَيَصِحُّ عَوْدُهُ عَلَى كَعْبٍ وَعَلَى حَدِيثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْكَذِبَ وَيَتَعَمَّدْهُ إِذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي مُسَمَّى الْكَذِبِ التَّعَمُّدُ بَلْ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ تجريح لكعب بِالْكَذِبِ وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ الْمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ كَعْبٌ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يَكُونُ كَذِبًا لَا أَنَّهُ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ كَعْبٌ مِنْ أَخْيَارِ الْأَحْبَارِ. ه
    فتح الباري لابن حجر 13/335

    قلت: وسواء كان المراد أنه يتعمد الكذب أو أنه يروي الكذب عن غيره ولا يتعمده أو أنه يخطيء فيخبر بالأمر على خلاف الحق أو الحقيقة, فالمقصود واحد وهو ظهور الكذب في مروياته وهذا يستدعي الكف عن نشرها وترويجها بين الناس لما فيها من الكذب والخلط بين الحق والباطل.

    وهذا هو تصرف البخاري في صحيحه فقد اجتنب النقل عنه تماماً ولم يرو عنه إلا قول معاوية في حقه كدليل على كذبه أو كذب ما يرويه. وقد روى هذا الأثر عن معاوية تحت باب (قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ)
    وهذا ظاهر في أن مذهب البخاري عدم جواز الرواية عن أهل الكتاب عموماً وتضعيفه لكعب خصوصاً, يؤكده تحاشيه لذكر كعب في الصحيح والله أعلم.

    وقد ظهر لي بالتتبع لمرويات كعب أمثلة وأدلة على تعمد البخاري في صحيحه اجتناب الرواية عن كعب الأحبار ولو كانت هذه الرواية بذكر جملة أو اضافة منه في رواية غيره من الصحابة بل كان يقتصر على ما يرويه الصحابة رضوان الله عليهم.

    أمثلة من تعمد البخاري لحذف ذكر كعب من صحيحه:

    1- قال البخاري: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: أَجَلْ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا. ه
    صحيح البخاري (2125) و (4838)

    قلت: هذا الحديث له تتمة رواها أحمد 6622 وابن شبة 2/633 والطبري 13/164 وابن سعد 1/271 والبيهقي في الكبرى 13300وتاريخ ابن ابي خيثمة السفر الثالث 342 وأخبار المكيين له 57 وموضح أوهام الجمع والتفريق للخطيب 2/517
    كلهم رووه من طريق فليح عن هلال عن عطاء بن يسار بنفس حديث البخاري وزادوا:
    قَالَ عَطَاءٌ: لَقِيتُ كَعْبًا فَسَأَلْتُهُ فَمَا اخْتَلَفَا فِي حَرْفٍ إِلَّا أَنَّ كَعْبًا يَقُولُ بِلُغَتِهِ: أَعْيُنًا عُمُومَى وَآذَانًا صُمُومَى وَقُلُوبًا غُلُوفَى قَالَ يُونُسُ: غُلْفَى. ه

    وفي تاريخ المدينة لابن شبة قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو.. الحديث

    وهذه الرواية هي نفس رواية البخاري باسناده ومتنه وفيه زيادة سؤال عطاء لكعب كما رواها عامة المحدثين.


    2- قال البخاري: حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ اليَهُودِ لآمَنَ بِي اليَهُودُ. ه صحيح البخاري (3941)

    قلت: رواه أحمد (9388) وأبو يعلى (6037) وفوائد تمام 1365 والخطيب في موضح اوهام الجمع والتفريق 2/367 وطالوت بن عباد في نسخته 49 كلهم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وزادوا:
    قَالَ كَعْبٌ: اثْنَا عَشَرَ مِصْدَاقُهُمْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. وفي نسخة طالوت: قَالَ مُحَمَّدٍ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ كَمَا حَفِظْتُ فَكَمَا قَالَ كَعْبٌ.

    وقد رواه تمام والخطيب البغدادي كلاهما من طريق مسلم بن إبراهيم عن قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة وهو نفس طريق البخاري.


    3- قال البخاري: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نِعْمَ مَا لِأَحَدِهِمْ يُحْسِنُ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَيَنْصَحُ لِسَيِّدِهِ. ه
    صحيح البخاري (2549)

    قلت: الحديث رواه مسلم 3/1285 وأحمد 7428 وابو عوانة 6087 والترمذي 1985 والبيهقي في شعب الايمان 8241 كلهم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وزادوا:
    قَالَ: فَحَدَّثْتُهَا كَعْبًا فَقَالَ كَعْبٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ حِسَابٌ وَلَا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ.


    4- قال البخاري: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. ه
    صحيح البخاري (935)

    قلت: هذا الحديث له قصة رواها مالك (2/150 ت. الأعظمي) وأحمد (10303) والطيالسي (2484) والنسائي (1430) وأبو داود (1046) والترمذي (491) وابن حبان (2772) وغيرهم
    من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وفيه قَالَ كَعْبٌ لأبي هريرة ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ فقال أبو هريرة بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... الحديث


    5- قال البخاري: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} ه صحيح البخاري (4881)

    قلت: روى ابن ابي شيبة 33983 والطبري 23/114 وابن المبارك في الزهد والرقائق 2/75 والزهد لهناد بن السري 114 من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن زياد مولى بني مخزوم عن أبي هريرة قال:
    إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةٌ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا قَالَ: صَدَقَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى لِسَانِ مُوسَى وَالْفُرْقَانَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا رَكِبَ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً ثُمَّ دَارَ بِأَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَا بَلَغَهَا حَتَّى يَسْقُطَ هَرِمًا إِنَّ اللَّهَ غَرَسَهَا بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحِهِ وَإِنَّ أَفْنَانَهَا مِنْ وَرَاءِ سُوَرِ الْجَنَّةِ وَمَا فِي الْجَنَّةِ نَهْرٌ إِلَّا يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ. ه


    6- قال البخاري: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ سَمِعَ جَعْفَرَ بْنَ عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْسِ أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. ه صحيح البخاري 45

    قلت: وقد رواه الطبري (9/526) عن قبيصة قال كعب: لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيدًا يجتمعون فيه... الحديث

    قال ابن حجر: قوله ان رجلا من الْيَهُود قَالَ لعمر هُوَ كَعْب الْأَحْبَار روينَا ذَلِك فِي مُسْند مُسَدّد بِإِسْنَاد حسن وَأوردهُ بن عَسَاكِر فِي أَوَائِل تَارِيخ دمشق من طَرِيقه وَهُوَ فِي المعجم الْأَوْسَط للطبراني من هَذَا الْوَجْه وَكَانَ سُؤَاله لعمر عَن ذَلِك قبل أَن يسلم كَعْب وَجَاء فِي رِوَايَة أُخْرَى فِي الصَّحِيح أَن الْيَهُود قَالُوا وَقد تعين السَّائِل مِنْهُم هُنَا فَلَعَلَّهُ لما سَأَلَ كَانَ فِي جمَاعَة مِنْهُم. ه فتح الباري 1/250


    7- قال الامام البخاري: حَدَّثَنا الحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِي
    إِسْرَائِيلَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ: أَنَا فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ... الحديث. ه صحيح البخاري (4725)

    قلت: ورواه الطبري في تفسيره 18/66 من طريق ابن إسحاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير قال: جلست فأسْنَدَ ابن عباس وعنده نفر من أهل الكتاب فقال بعضهم: يا أبا العباس إن نوفا ابن امرأة كعب يزعم عن كعب أن موسى النبيّ الذي طلب العالم إنما هو موسى بن ميشا... الحديث


    8- قال الامام البخاري: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاَةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِ ي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِ ي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا. ه
    صحيح البخاري 3124

    قلت: ورواه الحاكم في المستدرك (2618) والطبراني في الأوسط (6/352) من طريق مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به وزادا:
    فَقَالَ كَعْبٌ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هَكَذَا وَاللَّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ يَعْنِي فِي التَّوْرَاةِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَحَدَّثَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ نَبِيٍّ كَانَ؟ قَالَ: لَا قَالَ كَعْبٌ: هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ قَالَ: فَحَدَّثَكُمْ أَيُّ قَرْيَةٍ هِيَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: هِيَ مَدِينَةُ أَرِيحَا. ه
    قلت: مبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن.


    9- قال البخاري: حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلَّا الفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ. فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ. ه
    صحيح البخاري 3305

    قلت: هذا هو الخبر الوحيد الذي فيه ذكر كعب في الصحيح ضمن الرواية.

    وقد صرَّح البخاري بذكره هنا لأنه لم يضف شيئاً من أخباره كما هي الروايات الأخرى. وأيضاً قد رد عليه أبو هريرة بأنه لم يقرأ التوراة ولم يأخذ هذا الخبر منها وإنما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فَذِكْر البخاري لكعب في هذا الموضع. وحذف كلامه أو ابهام ذكره في المواضع الأخرى التي أضاف فيها شيئاً من أخباره اشارة منه إلى أنه لا ينبغي ادخال شيئاً من أقواله في الصحيح ولو عرضاً. وأن في السنة الصحيحة كفاية وغنية والحمد لله.

    هذا ما ظهر لي من صنيع الامام البخاري في صحيحه تجاه كعب الأحبار ومروياته.

    ولم أجد من بحث هذه المسألة من قبل والله الموفق وهو أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.

    كتبه أحمد فوزي وجيه
    20/7/2020 م

  2. #2

    افتراضي رد: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    والذي في صحيح البخاري عن كعب هو قول معاوية وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلاَءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِبَ. ه
    صحيح البخاري 7361
    وهذا من البخاري اشارة إلى تضعيف كعب وأنه لا يصح الوثوق بمروياته ولا مرويات غيره من أهل الكتاب من باب أولى إن كان أصدقهم يظهر منه الكذب كما قال معاوية بن أبي سفيان.
    وقد تأول بعض أهل العلم من الفقهاء والمحدثين كلام معاوية على محمل حسن.
    قلتُ: قد أثبت معاوية رضي الله عنه الصدق فيه، مما يعني أنه ينتفى الكذب عنه.
    وقد ذكرت أنت الاحتمالات التي توجه المعنى.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    وهذا هو تصرف البخاري في صحيحه فقد اجتنب النقل عنه تماماً ولم يرو عنه إلا قول معاوية في حقه كدليل على كذبه أو كذب ما يرويه. وقد روى هذا الأثر عن معاوية تحت باب (قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ)
    ولعله قد رأى أن كعبا قد يخطئ في نقله، وهذا هو ظاهر في قول معاوية رضي الله عنه: "وإن كنا لنبلو عليه الكذب"، يعني الخطأ ويدلل على ذلك حديث فيما سيأتي.
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    قلت: وسواء كان المراد أنه يتعمد الكذب أو أنه يروي الكذب عن غيره ولا يتعمده أو أنه يخطيء فيخبر بالأمر على خلاف الحق أو الحقيقة,
    فالمقصود واحد وهو ظهور الكذب في مروياته وهذا يستدعي الكف عن نشرها وترويجها بين الناس لما فيها من الكذب والخلط بين الحق والباطل.
    قلتُ: وقد ذكرت أقوال من فسروا رواية معاوية رضي الله عنه وأثبتوا صدقه، وإذا ما أسند الراوي عن راوٍ كذاب، فقد أحال على الواسطة وبرىء من عهدته.
    لما رواه مالك في الموطإ رواية الزهري
    [275]، فقال: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّهُ قَالَ:
    جَاءَ كَعْبُ الأَحْبَارِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاسْتَخَرْجَ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ مُصْحَفًا، قَدْ تَشَرَّمَتْ حَوَاشِيهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فِي هَذِهِ التَّوْرَاةُ فَأَقْرَؤُهَا؟
    فَقَالَ عُمَرُ: " إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهَا التَّوْرَاةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، يَوْمَ طُورِ سَيْنَاءَ، فَاقْرَأْهَا آَنَاءَ اللَّيْلِ وَآَنَاءَ النَّهَارِ، وَإِلا فَلا "، فَرَاجَعَهُ كَعْبٌ، فَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ". اهـ.

    وقد يخطئ في حفظه، وذلك لما ورد في الحديث الآتي ذكره:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    قال البخاري: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا. ه
    صحيح البخاري (935)
    قلت: هذا الحديث له قصة رواها مالك (2/150 ت. الأعظمي) وأحمد (10303) والطيالسي (2484) والنسائي (1430) وأبو داود (1046) والترمذي (491) وابن حبان (2772) وغيرهم
    من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وفيه قَالَ كَعْبٌ لأبي هريرة ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ فقال أبو هريرة بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... الحديث
    وتكملة هذا الحديث كما في موطإ مالك رواية الليثي بنفس هذا الإسناد [240]، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:
    ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَمَا حَدَّثْتُهُ بِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ: قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبَ كَعْبٌ،
    فَقُلْتُ: ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: بَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: صَدَقَ كَعْبٌ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ؟
    قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتَ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِهَا وَلَا تَضِنَّ عَلَيَّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: " هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ ". اهـ.
    وفي هذا الحديث دلالة على أن كعبا إذا حدث من حفظه قد يخطئ.
    فإنه قد مضى زمنا قد يكون يسيرا بين تحديث أبي هريرة لكعب وبين تحديث أبي هريرة لعبد الله بن سلام حتى عاد كعب ينظر في التوراة مرتين ويصوب خطأه في كل مرة.
    فإذا حدث كعب من كتابه فهو صدوق كما شهد له الصحابي عبد الله بن سلام رضي الله عنه
    فلا تعارض من أن يكون كعب ثقة وقد يخطئ،
    وقد أخرج ابن أبي زيد القيرواني في الجامع في السنن (147)، فقال:
    قيل لمالك: أيؤخذُ ممن لا يحفظ الأحاديث وهو ثقة؟قال: لا.
    قيل: يأتي بكتبه قد سمعها؟
    قال: لا تؤخذ منه، أخاف أن يزاد في كتبه بالليل". اهـ.
    وفي أحد الأحاديث التي ذكرتها ءانفا دلالة على ورع كعب:
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    قال البخاري: حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلَّا الفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ. فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ. ه
    قال الحافظ ابن حجر في الفتح (6/353) : " وَفِي سُكُوتِ كَعْبٍ عَنِ الرَّدِّ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ دَلَالَةٌ عَلَى تَوَرُّعِهِ". اهـ.
    بالإضافة إلى أن كعب الأحبار له بعض الفتاوى، وأقره عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأمره كما في الموطإ [771].
    وكان يناديه عمر رضي الله عنه ليحدثه؛ فيستمع إليه كما في مصنف ابن أبي شيبة [35127] وكذلك يسمع منه بعض الصحابة.
    ولعل من أسباب عدم تخريج البخاري قلة مرويات كعب في الأحاديث المرفوعة وقلما تسند وكما ذكرت أن في السنة الصحيحة كفاية وغنية والحمد لله.
    والله أعلم.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2019
    المشاركات
    94

    افتراضي رد: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    السؤال الرئيسي وعنوان البحث هو هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقا عن كعب ؟
    الجواب الذي توصلت اليه وهو نتيجة البحث: نعم فعل ذلك عن عمد

    ياتي بعد ذلك سؤال اخر تابع للسؤال الاول ومترتب على الجواب السابق:
    اذا كان البخاري تجنب كعب عن عمد في صحيحه فلماذا فعل ذلك ؟

    الجواب: هناك احتمالات:
    ذكرت بعضها في البحث ودللت عليها
    وذكرت انت بعضها وساجيبك عليها

    الاحتمال الذي ذكرته بقولك:
    (ولعل) من أسباب عدم تخريج البخاري قلة مرويات كعب في الأحاديث المرفوعة وقلما تسند

    اقول: هذا احتمال ضعيف وغير مناسب لموضوع البحث
    فليس البحث في تجنب الرواية عن كعب فيما اسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم او اسنده عن بعض اصحابه رضوان الله عليهم بل هو اعم من ذلك يشمل جميع اثار وتراث كعب من المرفوع والموقوف والمقطوع من اقوال وافعال ومواعظ واخبار وهذه روايات كثيرة مبثوثة في كتب السنة كلها تقريبا

    عندك مثلا ابواب التفسير والرقائق وفضائل الاعمال. كعب الاحبار في هذه الابواب من المكثرين ومن الائمة البارزين في هذا الشان ومع ذلك تجنبه البخاري تماما
    ومعروف ان صحيح البخاري ليس مقتصرا على الاحاديث المرفوعة او المسندة بل يشمل المرفوع وغيره مسندا ومعلقا وفيه الكثير من اقوال السلف في التفسير والفقه والرقائق وغيره.

    لذا فهذا الاحتمال مع كونه مجرد افتراض لا يصح هنا والله اعلم.

    باقي تعليقكم في مجمله هو زيادة بيان وتوضيح في توجيه كلمة معاوية في حق كعب

    وانا سبقتك بنقل نحو هذه الاقوال في البحث

    ولكن يبقى السؤال المتعلق بموضوع البحث:

    هل هذا التوجيه وهذه التاويلات لاثر معاوية هو فهم البخاري ومذهبه ؟
    هل هناك دليل على ان هذا هو مذهب البخاري ؟
    هل هناك نص او اشارة تؤخذ من ترجمة او تبويب او قرينة تظهر في الترتيب والتصنيف او اي شيء يمكن الاستفادة منه ان هذا هو مذهب البخاري ؟

    لا اعلم من صنيع البخاري ما يفيد هذا التوجيه
    بل العكس هو الظاهر والله اعلم كما بينته في البحث حيث اورد البخاري الاثر تحت باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ.

    وهذا اشارة منه الى ان هؤلاء المحدثين وعلى راسهم كعب الاحبار اما انهم ليسوا ثقات او ان روايتهم غير موثوقة ولا يصح ادخالها في الصحيح.
    وهذا ما فعله البخاري في صحيحه بالتطبيق العملي لهذه النتيجة
    حتى الروايات الصحيحة التي ياتي فيها كلام كعب ضمنا وعرضا يرويها البخاري من غير ذكر كعب كما بينته

    هذا هو موضوع البحث في بيان مذهب البخاري في صحيحه وهذا ما ظهر لي بعد ذكر الادلة والامثلة والله اعلم بالصواب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2019
    المشاركات
    94

    افتراضي رد: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    هناك احتمال اخر انت ذكرته وانا قد رددت عليه ضمنا في البحث وفي المشاركة السابقة كذلك وهو:

    ولعله قد رأى أن كعبا قد يخطئ في نقله، وهذا هو ظاهر في قول معاوية رضي الله عنه: "وإن كنا لنبلو عليه الكذب"، يعني الخطأ ويدلل على ذلك حديث فيما سيأتي.

    اقول: هذا ايضا مجرد افتراض مبني على احد اوجه التاويل لكلام معاوية وقد حاولت انت الاستدلال على صحته مع ان هذا التاويل ليس هو كلام البخاري ولا تاويله ولا ظاهر مذهبه
    وقد تجنب البخاري الرواية عن كعب حتى فيما لم يخطيء فيه !

    انظر مثلا المثال الاول من حديث عبد الله بن عمرو وقد وافقه في قوله ولم يخالفه

    وحتى حديث يوم الجمعة الذي اوردته فهذا ليس من الخطا الذي تترك من اجله الرواية
    ففي نفس الحديث رجع كعب عن قوله واقر بالصواب.

    وايضا الامام البخاري انتقى في صحيحه لبعض الضعفاء فلماذا لم ينتقي لكعب ما لم يخطيء فيه ؟

    فهذا الاحتمال في تفسير تجنب البخاري لذكر كعب ضعيف مبني على تاويل ليس هو تاويل البخاري ولا ظاهر مذهبه

  5. #5

    افتراضي رد: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    اقول: هذا احتمال ضعيف وغير مناسب لموضوع البحث
    جزاك الله خيرا، أخي.
    أعتذر إن خرجت عن منال موضوعك، إنما أردت الاستفادة منك، واعذرني إن رأيت مني الجهل، وإن كان يضايقك مشاركتي فسأمسحها.
    إنما قصدت أن من علامات توثيق الراوي أن يكون هناك له أحاديث كثيرة فهو قليل الرواية ليس بكثرة أحاديث محمد بن كعب القرظي ولا وهب بن منبه.
    بل أكثر ما يكون عن كعب الأحبار مراسيل ومقاطيع، ولذلك تجد البخاري عندما يترجم لراوٍ عن فلان مرسل ويكتفي وكأنه تليين له وهذا أيضا صنيع أهل العلم
    وهذا غالبا يكون مذموما في الراوي بل جرحا.
    بل ولا يسلم حديث مرفوع من طريق كعب من مقال؛ فضلا عن أن يكون على شرط الصحيح.
    وأما تمسكك بصنيع البخاري بأنه أورد الأثر تحت باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسْأَلُوا أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ.
    فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/334) : " وَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ سُؤَالُهُمْ عَنِ الْأَخْبَارِ الْمُصَدِّقَةِ لِشَرْعِنَا وَالْأَخْبَارِ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ ". اهـ.
    وأين أنت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ". اهـ.
    أخرجه البخاري في باب ما ذكر عن بني إسرائيل.
    وبل يخالف فهمك صنيع الصحابة حيث استمعوا إلى كعب الأحبار منهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبو هريرة وعبد الله بن سلام وعبد الله بن عباس وغيرهم رضي الله عنهم.
    فأرى أن قول هؤلاء المتقدمين الأسلم والأعلم، سيما وأنك ذكرت أنك لم تجد من لم يسبقك في هذا.
    والله أعلم.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2019
    المشاركات
    94

    افتراضي رد: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    جزاك الله خيرا ونفع الله بك ... بالعكس النقاش العلمي يسعدني جداً والنقد أيضاً لأنه يصحح ما عندي من علم ويوسع لدي مدارك الفهم والنظر.

    بالنسبة لرواية بعض الصحابة عن كعب الأحبار فنعم هذا صحيح وثابت, وكذلك رواية الكثير من السلف عنه.
    ونادر إذا رأيت كتاباً من كتب الحديث والأثر إلا وفيه روايات وآثار عن كعب لاسيما مصنفات السلف في التفسير. وأكثر المصنفات رواية عن كعب مصنفات عبد الرزاق وابن أبي شيبة والطبري وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية.

    وبعض أئمة السلف احتج بفعل كعب الأحبار في بعض مسائل الفقه. انظر مثلاً مسائل احمد واسحاق (5/ 2308) لإسحاق بن منصور الكوسج قال: قلت لأحمد بن حنبل: يخرج من حجارة مكة أو ترابها إلى الحل؟ قال: كأن الخروج منها أشد إلا ماء زمزم أهون أخرجه كعب. ه
    فاحتج الامام أحمد بفعل كعب على جواز اخراج ماء زمزم من الحرم للحل.

    لكن البحث بارك الله فيك هو في مذهب الامام البخاري وموقفه من كعب الأحبار في صحيحه وليس البحث في عامة أقوال أهل العلم وموقفهم من تراث كعب. بل ليس البحث في موقف البخاري من مرويات كعب خارج الصحيح حيث لا يشترط الصحة ولا يقتصر بالرواية على الثقات.

    وهذا يجرنا إلى الحديث المذكور (بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ) وقد بوب عليه البخاري بَابُ مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
    تأمل الفرق بين الترجمتين والآثار والأحاديث التي أوردها تحت كل باب ستعلم الفرق بين مجرد الحكاية والرواية عن بني اسرائيل وكعب منهم. وبين ادخال هذه الأقوال في الصحيح والاعتماد عليها في أبواب العلم وان صح اسنادها وكان على شرطه !

    الامام البخاري لا يرى ادخال أقوال وآثار كعب الأحبار في الصحيح لا محتجاً بها ولا مستشهداً بها ولا حتى في الشواهد وتراجم الأبواب ولو كان هذا في أبواب فضائل الأعمال فضلاً عن غيرها من أبواب العلم كالفقه والتفسير.
    بخلاف غيره من أهل التفسير قبل البخاري وبعده الذين توسعوا في النقل والاعتماد على أقوال كعب في التفسير والنبؤات وأشراط الساعة ...

    هذا خلاصة البحث وما توصلت إليه من نتائج.
    ولا أعلم أحداً أثار البحث في هذه المسألة قبل ذلك سواء وافقني في النتيجة أو خالفني. هذا ما قصدته بقولي غير مسبوق والله الموفق للصواب.

  7. #7

    افتراضي رد: هل تعمد البخاري في صحيحه ترك الرواية مطلقاً عن كعب الأحبار ؟ (بحث مختصر)

    جزاك الله خيرا.
    نعلم أن البخارب لم يخرج لكعب لكن لدي تساؤل هنا:
    حيث أن الأمر يتعلق بعدالة كعب:
    ففد كان يستطيع البخاري أن يورد لمحمد بن كعب القرظي أو لوهب بن منبه حديثا تحت هذا الباب، أم أن الأمر متعلق بسقوط عدالة كعب الأحبار عند البخاري.
    فلعله إن استْقرأ من طريقة البخاري أن نسأل:
    هل البخاري عنده شروط للرواة بألا يشتمل على صفات معينة فيصير بذلك ممنوعا من إدخاله في صحيحه فقد ذكرنا من صفات كعب أنه يخطئ مع قول الصحابة بذلك وقد نرد على ذلك بقولك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد فوزي وجيه مشاهدة المشاركة
    وايضا الامام البخاري انتقى في صحيحه لبعض الضعفاء فلماذا لم ينتقي لكعب ما لم يخطيء فيه ؟
    لكن هناك صفة أخرى
    [قلة بضاعته الحديثية بحيث لا يسلم له حديث مرفوع من مقال مما دفعه إلى أنه متخصص فقط في الإسرائيليات حيث أن رواياته مراسيل ومفاطيع].
    فإذا وجدت صفة عدم استقامة حديث مرفوع له فكثير الإرسال والمقطوعات.
    فهل لا يدخل في صحيحه ولو ضمنا؟
    فقد كان البخاري يجرح من لا يستقيم الإسناد إليه.
    وهذا يذكرني بمثال بعض الرواة حيث انشغلوا بشيء يصل إلى درجة إخراجهم عن حد الاحتجاج ويكثر ذلك في الزهاد الذين انغمست حياتهم في الزهد فانشغلوا بذلك عن الحديث فغلبت عليهم كثرة الغفلة والوهم.
    وهل حدث أن خرج البخاري لمن توافرت فيه هذه الصفة؟
    فبالتالي هل لأجل هذه الصفة دعاه الأمر الاستغناء عن كعب من أجل أنه هناك دليل أصح منه أم أن الاستغناء عما تفرد كعب بمسألة ما حيث لا يذكره في صحيحه مطلقا ولو قولا له مقطوعا معلقا؟
    هذا ما كان يدور في خلدي وذهني.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •