تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    الجهل عدم العلم ومنه المركب ومنه البسيط وهو جهلان ,جهل عجز وجهل إعراض
    وهو ليس بعذر فى الجملة ...فقد كفر الله أعيان مع جهلهم وعدم علمهم ولكن الجهل ربما يكون سببا ومانعا من العقوبة والعذاب
    تعريف الجهل....
    الجهل لغة‏:‏ نقيض العلم‏.‏ يقال جهلت الشّيء جهلا وجهالة بخلاف علمته، وجهل على غيره سفه أو خطأ‏.‏
    وجهل الحقّ أضاعه، فهو جاهل وجهل‏.‏ وجهّلته - بالتّثقيل - نسبته إلى الجهل‏.‏
    وفي الاصطلاح‏:‏ هو اعتقاد الشّيء على خلاف ما هو عليه،
    وهو قسمان‏:
    ‏ بسيط ومركّب‏.‏
    أ - الجهل البسيط‏:‏ هو عدم العلم ممّن شأنه أن يكون عالماً‏.‏
    ب - الجهل المركّب‏:‏ عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع‏.‏

    حد الجهل: فقد العلم يعني عدم العلم بالشيء.
    قال ابن منظور: الجهل نقيض العلم، وقد جهله فلان جهلا، وجهالة وجهل عليه،
    والتجهيل: أن تنسبه إلى الجهل،
    والجهالة: أن تفعل فعلا بغير علم،
    والمجهلة: ما يحملك على الجهل،
    والجاهلية: هي الحال التي كان عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك
    ويعد الجهل من العوارض الأهلية، فما معنى العوارض الأهلية؟

    العوارض: جمع عارض: أي أمر عارض، أو جمع عارضة أي خصلة عارضة، أو آفة عارضة مأخوذ من عرض كذا، ومعنى أنها عوارض، أنها ليست من الصفات الذاتية كما يقال البياض من عوارض الثلج، والسواد من عوارض الفحم.

    وقد عرّفها علماء الأصول: بأنها هي الحالات التي تكون منافية للأهلية، وليست من لوازم الإنسان من حيث هو إنسان، والعوارض تنقسم عند علماء الأصول إلى قسمين:
    أ- عوارض سماوية: وهي ما لا دخل للإنسان في وجودها، أو وقوعها مثل: الصغر والجنون والنسيان والعته والنوم والإعياء والرق والموت.
    ب- عوارض مكتسبة: وهي ما يكون للإنسان دخل في وجودها ووقوعها ومثلوا لها: بالجهل والخطأ والسكر والهزل
    تعريف الأهلية: الأهلية لغة: معناها الصلاحية للشيء.
    واصطلاحاً: صلاحية الإنسان للوجوب له، وعليه شرعاً، أو لصدور الفعل على وجه يعتدّ به شرعاً، وعرفها الرهاوي بقوله: "الأهلية صلاحية الشخص لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه" قال الجبوري: "الأهلية: صلاحية الإنسان لما يجب له من الحقوق، وما يلزمه من الواجبات بعد توفر الشروط اللازمة لصحة ثبوت الحقوق له، والواجبات عليه"
    قال الدكتور عبد الكريم زيدان: "لكن قد يعرض لإنسان بعد كمال أهليته من الأمور ما يزيلها، أو ينقصها، أو يؤثر فيها بالإزالة والنقصان، وهذه هي التي تسمى بعوارض الأهلية"
    ...الجهل باعتباره عارضاً من عوارض الأهلية ومن حيث كونه يصلح عذراً، والحالات التي يصلح فيها عذراً، والحالات التي لا يصلح فيها عذراً، والذي يعنينا من معاني الجهل، الجهل بمعنى: عدم العلم، وإلا فالجهل له معان مختلفة ليس لها تعلق أصيل ببحثنا.
    فالخلاصة من تعريف الجهل:
    1ـأن الجهل تصور الشيء على خلاف ما هو عليه: و هذا هو الجهل المركب و خرج به الجهل البسيط الذي ليس فيه إدراك إطلاقا!
    2ـ أن الجهل عدم العلم: أي عدم إدراك الشيء على ما هو عليه.
    و ينقسم الجهل على هذا الرأي إلى بسيط و مركب:
    ـ الجهل البسيط: يتعلق بالأمور الحسية.
    ـ و الجهل المركب: يتعلق بالأمور الفكرية.
    الجهل البسيط: عدم الإدراك بالكلية. وهو عدم العلم بالشيء
    وهذا حال الإنسان عامة عندما يخلق ، قال تعالى : {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل : 78]
    و الجهل المركب: إدراك الشيء على خلاف ما هو عليه.
    أمثلة:
    1ـ أن يقال: متى كانت غزوة بدر؟ فيقول: لا أدري.
    فهذا جهل بسيط. ـ لأنه جهل واحد، لا يعلم شيئا.
    2ـ أن يقال: متى كانت غزوة بدر؟ فيقول: في السنة الثالثة.
    هذا جهل مركب، إذ إن غزوة بدر كانت في السنة الثانية. مركب من جهلين، جهل بالواقع و جهل بالحال، فهو لا يدري، و لا يدري أنه لا يدري!!
    أيهما أقبح الجهل البسيط أو المركب؟؟
    لا شك أن المركب أقبح، فالجاهل المركب شر من الجاهل البسيط، لأن الجاهل البسيط عرف نفسه فقال: لا أدري.
    و أما هذا فادعى أنه عالم، و ليس بعالم، فكان جاهلا بنفسه و جاهلا بالحكم!!
    إذاً تعريف الجهل: هو الظن والضياع ولا أدري ولا أعلم سواء في المجالات المادية أو الفكرية أو الواقعية، وهو عدم معرفة الجواب الصحيح على الأسئلة المطروحة، أو إعطاء إجابات خاطئة نابعة من آراء شخصية لم يتم الوصول لها بناء على أدلة يقينية.
    والجهل في الاصطلاح: هو تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع، إذا كان الإنسان يتصوره، وهذا النوع من الجهل هو الذي يسمى بالجهل المركب، فالجهل قسمان: عدم تصور الشيء أصلاً، وهذا الجهل البسيط، وتصوره على خلاف ما هو عليه، وهذا الجهل المركب، فكون الإنسان يظن أن الفقه هو علم الحساب فهذا جهل مركب؛ لأنه تصور هذا العلم على خلاف ما هو عليه، وكونه لا يعرف مدلول الفقه -أصلاً- فهذا هو الجهل البسيط. أقسام الجهل
    وقد قسّم العلماء الجهل بهذا الاعتبار إلى قسمين:
    1 - الجهل الذي لا يصلح عذراً، ومثّلوا له بجهل الكفار بصفات الله تعالى، وأحكام الآخرة، وكذلك الجهل الذي يخالف المشهور من الكتاب والسنة والإجماع؛ فإنه ليس بعذر أصلاً.
    2 - الجهل الذي يصلح عذراً: ومثّلوا له بجهل المسلم بالشرائع في دار الحرب، وكذلك الجهل الذي في موضع الاجتهاد الصحيح بألا يكون مخالفاً للكتاب والسنة، وفرق العلماء بين ما يشترك غالب الناس في معرفته فلا تُقبل فيه دعوى الجهل، ومثلوا له بتحريم الزنا والقتل والسرقة والخمر وبين ما لا يشترك غالب في معرفته كما في مسائل المواريث والطلاق والعتاق، وفرقوا بين ما اشتهر علمه في العامة بخلاف ما كان خافياً علمه، وسموا الأول: علم العامة، والثاني: علم الخاصة
    وقد قسم الأصوليون من الأحناف الجهل باعتباره عارضاً من عوارض الأهلية إلى أقسام نوجزها فيما يلي:
    1 - الجهل الذي يكون عن مكابرة العقل، وترك البرهان القاطع، وهذا لا يكون عذراً كالجهل بالتوحيد والبعث والمعاد، والأمور المعلومة من الدين بالضرورة.
    2 - الجهل الناشئ عن شبهة منسوبة إلى الكتاب والسنة مثل جهل الفرق الضالة من أهل الأهواء، وهذا الجهل لا يكون عذراً.
    3 - جهل نشأ عن اجتهاد، ودليل شرعي صحيح، ولكن فيما لا يجوز فيه الاجتهاد بأن يخالف الكتاب والسنة والإجماع، وحكمه: أنه وإن كان عذراً يسقط به الإثم، فلا يكون عذراً في حق القضاء، فتنفذ به الأحكام والحدود إن ترتب عليه حد.
    4 - جهل نشأ عن اجتهاد، وفيه مساغ للاجتهاد، كالمجتهدات التي يقع فيها الخطأ، وهو عذر البتة، وينفذ، القضاء على حسب نوعه.
    5 - جهل نشأ عن شبهة، وخطأ مثل: رجل وطئ أجنبية وهو يظن أنها زوجته، وهذا عذر يسقط به الحد عند علماء الأحناف.
    6 - جهل لزمه ضرورة كجهل المسلم بأحكام الإسلام في دار الحرب، وهو عذر وبه يسقط الحد
    ومما قرره الفقهاء في باب الجهل أنه لا تقبل دعوى الجهل، والاعتذار به في الأمور المشتهرة بين الناس، بخلاف ما لا يعرفه إلا الخواص
    ومما قرره العلماء أن الجهل لا يكون عذراً مطلقاً، وإلا كان خيراً من العلم قال الشافعي رحمه الله تعالى: (لو عُذِر الجاهل لأجل جهله لكان الجهل خيراً من العلم، إذ كان يحط عن العبد أعباء التكليف ويريح قلبه من ضروب التعنيف، فلا حجة للعبد في جهله الحكم بعد التبليغ والتمكين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)
    وقد فرق العلماء بين جهل المسلم بأحكام الإسلام في دار الإسلام، فلم يعتبروه عذراً بخلاف جهله في دار الحرب، فإنه يعتبر عذراً على تفصيل، وذلك لأن دار الإسلام محل لشهرة الأحكام بخلاف دار الحرب، فإنها ليست محلاً لشهرة أحكام الإسلام وقال العلماء: "لأن دار الحرب ليست بمحل استفاضة بأحكام الإسلام، فيعتبر الجهل بالخطاب عذراً لأنه غير مقصر في طلب الدليل، وإنما جاء الجهل من قبل خفاء الدليل في نفسه حيث لم يشتهر في دار الحرب بسبب انقطاع التبليغ عنهم".
    وقد نقل الزحيلي عن الفقهاء قولهم: لأن دار الحرب ليست بمحل لشهرة الأحكام والعلم بها
    وبعد هذا العرض الموجز لمعاني الجهل لغة، واصطلاحاً، وكذلك الأحوال التي تحدث فيها الفقهاء عن الجهل باعتباره عذراً، وباعتباره ليس بعذر يتضح لنا:
    إن مسألة الجهل، واعتباره من الأعذار تكتنفها عدة أمور لا بد من ملاحظتها:
    1 - نوعية المسألة المجهولة: معلومة من الدين بالضرورة، أم غير معلومة.
    2 - المحل الذي وقع فيه الجهل: دار الحرب، أم دار الإسلام.
    3 - كون المسألة مشتهرة، أو غير مشتهرة وعبر عنها العلماء: ما يشترك غالب الناس في علمه، وما لا يشترك غالب الناس في علمه.
    4 - كون المسألة مما يقع فيها الخطأ والجهل عن اجتهاد صحيح، أو كونها لا يقع فيها الاجتهاد لمخالفتها المشهور من الكتاب والسنة والإجماع، ويطلق عليه العلماء (المسائل التس محل اجتهاد، والمسائل التي لا مساغ للاجتهاد فيها).
    5 - حالة من وقع منه الجهل، ففرقوا بين حديث العهد بالإسلام، وغيره ممن ليس بحديث عهد بالإسلام.
    6 - ومن قواعد العلماء في مسألة الجهل: اختلاف الجهل بحسب اختلاف متعلقه.
    قال الشيخ تقي الدين الحصني الشافعي: "واعلم أن الخطأ الناشئ عن الجهل يختلف حكمه بحسب اختلاف متعلق الجهل، فمن جهل تحريم شيء ممن يشترك فيه غالب الناس فإن كان قريب العهد بالإسلام، أو نشأ ببادية يخفى فيها مثل ذلك، عُذِر فيه، وإن لم يكن ممن يشترك غالب الناس في معرفة تحريمه وكان مثله يخفى عليه عُذر فيه أيضاً وإلا لم يُعذر"
    7 - قسّم العلماء الجهل إلى قسمين من حيث العجز والإعراض :
    1 - قسم ناشئ عن تفريط صاحبه وتقصيره في إزالته فلا عذر له فيه.
    2 - قسم ناشئ عن عدم تفريط، وإهمال لعدم وجود من يعلم صاحبه، فهذا صاحبه معذور.
    __ قال الشيخ علاء الدين البعلي الحنبلي المعروف بابن اللحام في كتابه القواعد: "إذا تقرر هذا، فها هنا مسائل تتعلق بجاهل الحكم. هل هو معذور أم لا؟ ترتبت على هذه القاعدة، فإذا قلنا يُعذَر فإنما محله إذا لم يقصّر ويفرّط في تعلم الحكم، أما إذا قصر أو فرط فلا يُعذَر جزماً"
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: "هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، فنقول الجهل نوعان؛ جهل يُعذَر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئاً عن تفريط، وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو المعاصي، وما كان ناشئاً عن خلاف ذلك، أي أنه لم يُهمِل ولم يفرّط، ولم يقم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام، فإنه يعذر فيه"
    الجهل البسيط:
    أن يجهل الإنسان لا يدري ولكنه يدري أنه لا يدري, يقال له مثلاً: ما حكم التيمم؟ فيقول لا أدري, هذا يسمونه جهل بسيط هو جهل لكنه جهل بسيط للجهل المركب.
    الجهل المركب
    وهو معرفة الشيء على غير حقيقته مع اعتقاد أنه حق
    وهذا حال المتعالمين ، وأنصاف المثقفين وأصحاب الصحف والمجلات ، وأهل البدع ، ممن يكلفون أنفسهم عناء البحث والتحري عن الحق ، ولكن مجرد أن يعرفوا طرفا من مسألة أو موضوع حتى يكتفوا بذلك ويعتمدوا في الباقي على جهلهم في استنباط النتائج .
    قال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}[البقرة : 78]
    وقال تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)} [آل عمران : 65 - 67]
    وقال تعالى : {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ }[الأنعام : 148]
    وقال تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ } [الحج : 3]
    وقال تعالى : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)} [الحج فهؤلاء الذين يجادلون بغير علم إنما لظنهم أنهم على حق في ما يجادلون فيه ، ربما لعلمهم ببعض الكلمات التي تهم البحث في القضية المجادل فيها .
    وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات ُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُم ْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)} [النور : 11 - 18]
    فهؤلاء الذين وقعوا في ما وقع فيه المنافقون كانوا على غير علم حقيقي وإنما كان يتكلمون بحسب ما سمعوا من معلومات دون التأكد من صحتها.
    روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)
    قال الصنعاني :
    أي الشديد المراء أي الذي يحج صاحبه وحقيقة المراء طعنك في كلام غيرك لإظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله وإظهار مزيتك عليه.اهـ
    وهذه صفة الجاهل المتعالم الذي يعلم شيء عن بعض الأشياء ويجادل بها للظهور أو العناد .
    قال ابن الحاج :
    الناس على أربعة أقسام عالم وهو يعلم أنه عالم فيتعلم منه.
    وجاهل وهو يعلم أنه جاهل فعلموه .
    وعالم وهو يجهل أنه عالم فنبهوه تنتفعوا به.
    وجاهل وهو يجهل أنه جاهل فاهربوا منه .
    فقد صارت أحوالنا اليوم من هذا القسم الرابع ؛ وهو الجهل والجهل بالجهل هذا هو السم القاتل لأنا لو رأينا أنفسنا على ما هي عليه من الجهل لرجى لنا الانتقال عن هذه الصفة الذميمة ولكن من ينتقل عن العلم والخير لا ينتقل أحد عن ذلك وظننا بأنفسنا أكثر من هذا كله ولولا ما تركب فينا من سم الجهل ما أقمنا الحجة في ديننا بمن سها أو غلط أو غفل لأنه لا يجوز أن يقلد الإنسان في دينه إلا من هو معصوم وذلك صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم ليس إلا أو من شهد له صاحب العصمة صلى الله عليه وسلم بالخير وهو القرن الأول والثاني والثالث اهـ
    ونجد من هذا الصنف اليوم الذي ينكر السنة بزعم الاكتفاء بالقرآن ، فنراه يتخبط تخبط الأعمى في الظلم ، فلا هو بالقرآن أخذ ولا بالسنة اقتدى
    أسباب الجهل المركب
    والجهل المركب له أسبابه منها :
    ـ حب الرئاسة وتصدر المجالس
    وهو من الأسباب التي تجعل صاحبها لا يقبل أن يكون مخطئا خوفا من نزول مكانته ، فيضطره ذلك للإصرار على موقفه ولو كان خطأ.
    ـ تحريف دين الله تعالى وإضلال الناس
    وهذا تجده في أهل البدع أمثال الروافض وغيرهم ممن لا يقبلون حقا ولا ينصرفون عن باطل .
    ـ الاستعجال في الظهور
    وهذا غالبا ما يكون للشباب الذين لم يبدأوا طريق العلم بعد ، ولكن مجرد أن جلسوا مع شيخ مرات قليلة وقرأوا كتابا أو كتابين وجمع في بيته مجموعة من الكتب ، فوجد من يسلك طريق الدعوة والفتوى يصل إلى قلوب الناس وتتناقل أخباره بسيرة حسنة ، فيقحم نفسه في ذلك ، ويتكلم ولو كان خطأ .
    ـ ثقل العلم عل صاحبه
    فالعلم لا ينال إلا بشق الأنفس ، ولا ينال براحة البدن والنفس ، وكذلك لا يجتمع طالب علم وطالب مال ، فكل هذه العوامل تجعل العلم ثقيلا ولا يواصل فيه إلا الرجال الأفذاذ . فتجد هؤلاء الذين لا يستطيعون التواصل يختصروا الطريق في التعرض للفتوى والدعوة والجدال بما عرفوه من مسائل.
    ـ عدم تقدير الدين والشرع والعلماء
    إذا كان الجاهل جهلا مركبا لا هم له إلا نصرة نفسه ورؤيتها فوق الناس ، فمثل هذا لا يقدر شرعا ولا صاحب شرع ، ولا يقدر عالما إذا وجد نفسه يخالفه .
    ـ الخوف من تنقص الناس له إن أبدى عدم معرفته
    هوان الدين عند صاحبه فلو كان الدين عنده عظيم ، لعظم الكلام فيه بغير علم .
    سئل مالك بن أنس عن مسألة فقال : لا أدرى
    فقيل له : هذه مسألة خفيفة سهلة قال : ليس في الدين خفيف فقد قال الله تعالى لنبيه : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}
    الجهل المركب:
    هو أن يجهل الإنسان ولكنه يجهل انه لا يجهل أو يجهل أنه جاهل فهو جاهل ولكن عند نفسه فهو عالم فيسأل مثلاً رجل سافر لمدة عشرة أيام هل له حق القصر أو ليس له حق القصر فيقول ليس له حق القصر أو يسأل حكم تغطية المرأة لوجهها فيقول بأنه ليس بلازم أو يسأل إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يتوضأ هل له أن يتيمم ؟ فيقول لا, لا يعدل إلى التيمم ونحو ذلك فهذا جهل مركب لأنه يجهل لكن يجهل أنه يجهل أيضاً مصيبة الأمة بهذا القسم
    ولذلك خطر الجهل المركب على الأمة أعظم من خطر الجهل البسيط من الوجهين.
    الوجه الأول: أن الجاهل جهل مركب يضلل الناس لأنه يفتي بغير علم لأنه يجهل وأما الجاهل البسيط فإنه لا يضللهم لأنه يفتي بعدم العلم.
    الوجه الثاني: أن الجاهل جهل مركب غير قابل للتعليم لأنه يعتقد أنه عالم ليس بحاجة للتعلم وهنا مكمن الخطر بينما الجاهل جهل بسيط لكونه يدرك أنه لا يعرف فإنه قابل للتعليم بل ربما سعى بنفسه من أجل أن يتعلم.
    وقد جمعها الإمام الشاطبي في ثلاثة أسباب:
    الجهل، والهوى، واتباع الآباء والأشياخ على عمى.
    قال الشاطبي - رحمه الله -:
    كل خلاف على الوصف المذكور وقع بعد ذلك: فله أسباب ثلاثة، قد تجتمع، وقد تفترق:
    أحدها: أن يعتقد الإنسان في نفسه، أو يُعتقد فيه أنه من أهل العلم، والاجتهاد في الدين، ولم يبلغ تلك الدرجة، فيعمل على ذلك، ويعد رأيَه رأياً، وخلافَه خلافاً، ولكن تارة يكون ذلك في جزئيٍّ، وفرعٍ من الفروع، وتارة يكون في كلِّي وأصلٍ من أصول الدين، كان من الأصول الاعتقادية، أو من الأصول العملية، فتارة آخذاً ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها حتى يصير منها ما ظهر له بادىء رأيه من غير إحاطة بمعانيها ولا رسوخ في فهم مقاصدها، وهذا هو المبتدع، وعليه نبه الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبض الله العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَبقَ عالمٌ اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) .
    والثاني من أسباب الخلاف: اتباع الهوى، ولذلك سمِّي أهلُ البدع أهل الأهواء؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم، فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها، والتعويل عليها حتى يصدروا عنها، بل قدموا أهوءاهم، واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها من وراء ذلك، وأكثر هؤلاء هم أهل التحسين والتقبيح، ومن مال إلى الفلاسفة، وغيرهم، ويدخل في غمارهم من كان منهم يخشى السلاطين لنيل ما عندهم، أو طلباً للرياسة، فلا بد أن يميل مع الناس بهواهم، ويتأول عليهم فيما أرادوا حسبما ذكره العلماء ونقله من مصاحبي السلاطين، فالأولون ردُّوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة بعقولهم، وأساؤوا الظن بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحسَّنوا ظنَّهم بآرائهم الفاسدة، حتى ردوا كثيراً من أمور الآخرة وأحوالها، من الصراط، والميزان، وحشر الأجساد، والنعيم، والعذاب الجسمي، وأنكروا رؤية الباري، وأشباه ذلك، بل صيَّروا العقل شارعاً جاء الشرع أو لا، بل إن جاء فهو كاشف لمقتضى ما حكم به العقل إلى غير ذلك من الشناعات.
    والثالث من أسباب الخلاف: التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت، أو كانت مخالفة للحق،
    وهو اتباع ما كان عليه الآباء، والأشياخ، وأشباه ذلك، وهو التقليد المذموم؛ فإن الله ذم ذلك في كتابه بقوله: (إنا وجدنا آباءنا على أمة) الآية، ثم قال: (قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) ، وقوله: هل يسمعونكم إذ تدعون. أو ينفعونكم أو يضرون) فنبههم على وجه الدليل الواضح فاستمسكوا بمجرد تقليد الآباء، فقالوا: (بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) وهو مقتضى الحديث المتقدم أيضا في قوله: (اتخذ الناس رؤساء جهالاً) إلى آخره، فإنه يشير إلى الاستنان بالرجال كيف كان.
    " الاعتصام " (1 / 421 - 423) باختصار.
    وعليه: فإنه من المستحيل اتفاق المسلمين واجتماعهم على غير التوحيد والعقيدة، وفي الإسلام مظاهر اجتماع واتفاق لا توجد في غيره، كالقبلة الواحدة، والقرآن، ومناسك الحج، وغيرها، فنرجو أن يتوحد المسلمون ويجتمعوا على اعتقاد واحد، ومنهج واحد في فهم القرآن والسنَّة، وما يحصل من خلافٍ محتمل بعد هذا فإن أمره يسير.
    هذه الأسباب هى الأصل والأساس لظهور الغلو ويتفرع منها أسباب كثيرة منها :
    1- قلة الفقه في الدين (أي ضعف العلم الشرعي) ، أو أخذ العلم على غير نهج سليم، أو تلقيه عن غير أهلية ولا جدارة.
    2- الجهل بأحكام الشرائع السماوية وقلة البصيرة فيها أو مخالفتها ولو بمقصد شرعي ابتداء كما حصل لقوم نوح عليه السلام، وهذا يؤدي إما على فهم زائد عن الواجب وهو الغلو والإفراط، أو عكسه تفريط وغلو فيه عن الواجب.
    ولا بد من التنبه إلى أنه لا يكفي حسن المقصد لتبرير تصويب الوسيلة أو التغافل عنها البتة.
    والجهل بالدين يتمثل في جوانب متعددة منها:
    - القصور في فهم مقاصد الشريعة من التيسير ورفع الحرج عن المكلفين. ويتجلى هذا في صنيع المتشددين على أنفسهم في العبادات.
    - ومنها الجهل بحدود الشريعة التي يجب على المكلف أن يقف عندها ولا يتعداها ويتمثل هذا في كل أنواع الغلو المجاوزة لحدود الشريعة وذلك كتحريم المباح أو إيجاب ما ليس بواجب ويدخل فيه الخروج ببعض الأنبياء أو الصالحين عن حد البشرية بوصفهم بصفات الألوهية.
    - ومنها القصور في فهم نصوص الشريعة، ويتجلى هذا الأمر في النظرة الجزئية القاصرة لنصوص الشريعة.
    فمثلا. وردت النصوص الشرعية في الوعد والوعيد. فنصوص الوعد تبعث في قلوب الخائفين والمذنبين الرجاء والأمل في التوبة والوعد بالمغفرة والرحمة لكل من أقبل على الله تائبا من ذنبه.
    وفي المقابل نرى نصوص الوعيد تتوعد الكفار والمشركين وأهل الكبائر المصرين على ذنوبهم بأليم العذاب وشديد العقاب إذا لم يتوبوا ويؤمنوا. فإن تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات تاب الله عليهم.
    فهذه هي النظرة المتكاملة في باب الوعد والوعيد ولكن قصور الفهم يأتي من النظرة الجزئية إلى أحد الجانبين وإهمال الجانب الآخر والإعراض عنه، ومحاولة التأويل المتعسف للنصوص الشرعية.
    كما وقع ذلك من الخوارج والمرجئة. فالخوارج غلبوا نصوص الوعيد وأهملوا نصوص الوعد، فحكموا بكفر مرتكب الكبيرة وتخليده في النار. وأما المرجئة فغلبوا نصوص الوعد وأهملوا نصوص الوعيد للعصاة فزعموا أنه لا تضر مع الإيمان معصية وعطلوا بذلك جزءا كبيرا من نصوص الشرع.
    ومثلهم غلاة المتصوفة في الرسول صلى الله عليه وسلم حين غلوا فيه حيث نظروا إلى جانب التعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم وأهملوا جانب التوحيد وسد الذريعة إلى الشرك، والسبب الذي أوقعهم في ذلك هو النظرة الجزئية القاصرة لنصوص الشرع، دون جمع النصوص بعضها إلى بعض حتى تكتمل النظرة ويصح الحكم عليها. لكن الجهل بمقاصد الشريعة مع غلبة الهوى وعدم البصيرة هو الذي أوقع المبتدعة فيما وقعوا فيه.
    يقول الشاطبي . (ومدار الغلط في هذا الفصل إنما هو على حرف واحد. وهو الجهل بمقاصد الشرع، وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض. فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المترتبة عليها، وعامها المرتب على خاصها، ومطلقها المحمول على مقيدها، ومجملها المفسر بينها، إلى ما سوى ذلك من مناحيها. . . . فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كأعضاء الإنسان. . وشأن متبعي المتشابهات أخذ دليل ما، أي دليل كان، عفوا وأخذا أوليا، وإن كان ثم ما يعارضه من كلي أو جزئي. فكان العضو الواحد لا يعطي في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا. فمتبعه متبع متشابه، ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ كما شهد الله به {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122].[بتصرف للغليفى]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    ولكن الجهل ربما يكون عذرا و سببا ومانعا من العقوبة والعذاب
    السؤال
    فماذا يقصدون بكلمة العذر؟ هل العذر في عدم إطلاق اسم مشرك أو كافر على كل من تلبس بالشرك أو قام به الشرك والكفر؟ أم يقصدون بالعذر عدم العقوبة والمؤاخذة؟
    أهل العلم والتحقيق من أهل السنة يقولون أن كل من قام به الشرك يسمى مشركًا ، وكل من قام به الكفر يسمى كافرًا ، فإطلاق الاسم عليه بمجرد تلبسه بالشرك أو الكفر ، فالعذر ليس في إطلاق الاسم عليه ، ولكن العذر في عقوبته ورفع المؤاخذة عنه ،
    فتسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية يترتب عليه مفاسد عظيمة ،
    إذ هو في الحقيقة تغيير لأحكام الله تبارك وتعالى ،
    ففعل سماه الله شركًا لا يجوز لمخلوق أن يسميه باسم غير الذي سماه الله به ،
    فكل من فعل الشرك يسمى مشركًا ، و
    دليل هؤلاء العلماء أهل التحقيق والرسوخ في العلم ،
    أن القرآن من أوله إلى آخره لا يوجد فيه أن المتلبس بالشرك لا يسمى مشركًا ،
    بل الذين أخذ الله الميثاق عليهم - ميثاق الفطرة - وأشركوا ونقضوا هذا الميثاق ، سماهم الله مشركين ،
    بل أهل الفترة الذين ماتوا على الشرك سماهم الله مشركين ،
    بل الكفار قبل بعثته ، سماهم كفار
    بل أبوي النبي سماهم كفار من أهل النار ،
    بل الكفار الذين بُعث فيهم النبي سماهم كفار .
    فهل تجد لكل هؤلاء في القرآن وفي السنة اسمًا - ونقول اسمًا حتى نفرق بين الاسم والعقوبة - غير اسم المشرك والكافر ،
    هل تجد لهم اسمًا غير هذا ؟ هل سموا في القرآن والسنة بغير هذا الاسم؟
    فهذا الاسم ثابت في القرآن والسنة وأجمع عليه أهل السنة ،
    فكل من قام به الشرك يسمى مشركًا ، وكل من تلبس بالكفر يسمى كافرًا .
    فليس معنى العذر بالجهل نفي الاسم ، بل العذر المقصود هو في نفي العقوبة لمن لم تقم عليه الحجة الرسالية ، وهناك أدلة أخرى منها ،
    أن أحكام الدنيا تجري على الظاهر من إسلام وكفر ،
    فكما أننا نطلق اسم المسلم على كل أظهر الاسلام والتوحيد وظهرت عليه دلالاته ، فكذلك كل من تلبس بالشرك وظهرت عليه دلالاته يسمى مشركًا ، وهذه الأدلة في قوتها ووضوحها لا يوجد لها معارض البتة ، لأن المخالف لها لا يستطيع أن يأتي بآية محكمة أو حديث صحيح في نفي الاسم عن كل من تلبس بالشرك.
    ولكن اللبس والإشكال وقع في نفي العقوبة ، فالعذر لا يكون أبدًا في الاسم ، ولكن العذر ربما يكون في العقوبة ،
    وهذا متوقف على قيام الحجة وبلوغها ،
    وسنوضح إن شاء الله معنى الحجة وأنواعها وقيامها وبلوغها وفهمها ،
    المقصود أن العذر لا يكون في نفي الاسم وربما يكون في نفي العقوبة ، ف
    إذا فهمت هذا جيدًا زال عنك الإشكال
    .. وكلامنا معهم ليس في حديث العهد بالإسلام ولا الناشئ في بادية بعيدة ، ... ولا العاجز عن العلم والتعلم ، ولا الواقع في المسائل الخفية وإن كان يعيش بين المسلمين ـ
    فنحن نفرق بين المسائل الخفية والمسائل الجلية ، فكل هؤلاء يعذرون وترفع عنهم العقوبة والمؤاخذة في الدنيا ، فالعذر في العقوبة وليس في الفعل والاسم كما سبق ، ومعلوم أن كل مانع من موانع التكفير لا يتوفر فيه صفة العجز المطلق ، فليس بمانع معتبر ولا يُعتد به .
    فخطورة هذه المسألة في تغيير الأحكام ،
    فليس المقصود إقامة العقوبات والحدود على الناس وقتلهم ، ولكن الخطورة في تغيير حكم الله الثابت بالقرآن والسنة الصحيحة وإجماع الصحابة وما أجمع عليه أهل السنة قاطبة ،
    والمسألة مفترضة
    في رجل يعيش بين المسلمين ، ويصلي ويصوم ويعتمر وربما يحفظ من القرآن بعض السور والآيات ، لكنه يشرك بالله ، ويصرف العبادة التي هي حق لله وحده لغير الله ،
    مثل أن يذبح وينذر لغير الله ويدعوا أهل القبور ويستغيث بهم ، ويطلب منهم الحاجات وتفريج الكربات ، ويطوف بقبورهم مثل البدوي والدسوقي والحسين وغيرهم من الأصنام والأوثان التي تعبد من دون الله ،
    فهل هذا الرجل مسلم؟
    ولو مات على عمله هذا كأن يموت مثلاً وهو يطوف أو يذبح أو يدعو غير الله . مات مسلمًا؟!
    ما حكم هذا الرجل وحاله كما بينته ووصفته ، يسمى مشركًا أم لا؟
    لا شك ولا ريب أن فعله فعل كفر وشرك ، الكل متفق على ذلك ،
    لكن الخلاف أنهم يفرقون بين الفعل والفاعل في الحكم في هذه الحالة ،
    ويقولون أن فعله فعل كفر وهو لا يكفر ولا يسمى كافرًا ؟ هو متلبس بشرك ومات عليه ، لكنه لا يكفر ولا يسمى مشركًا لأنه معذور بالجهل ؟
    هل يصح هذا ؟
    لو قلتم أنه لا يكفر باطنًا إلا بعد قيام الحجة الحدية عليه - التي هي الاستتابة - التي يقيمها الإمام ، لكان قولكم صحيحًا ، موافقًا للصواب لأن الأحكام تجري على الظاهر من إسلام وكفر ، وهذا قد تلبس بالشرك فيسمى مشركًا ظاهرًا ، وإن مات على ذلك تجري عليه أحكام المشركين فلا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ،
    هذا هو حكمه في الدنيا .
    ما حكم هذا الرجل وهذه حاله ، أمات مسلمًا أم مشركًا ؟ فإن قلتم : مات مسلمًا ، قلنا لكم : ما هو الشرك الذي إذا فعله المعين ، يسمى مشركًا ؟
    فإن قلتم : مات مسلمًا متلبس بشرك ولا يكفر ؟
    قلنا هذا محال لابد وأن نسميه؟
    إما مسلم أو مشرك ،
    ثم ماذا تقصدون بكلمة لا يكفر ،
    هل تقصدون أنه لا يعاقب إلا بعد قيام الحجة الحدية عليه - التي هي الاستتابة -
    أم لا يكفر بمعنى لا يسمى كافرًا ولا يسمى مشركًا؟
    فإن كان قصدكم أنه لا يسمي كافرًا ولا يطلق عليه اسم مشرك ،
    فكيف تكفرون تارك الصلاة وتقولون أن تاركها كافر؟
    ولا تكفرون تارك التوحيد المتلبس بالشرك الأكبر ولا تقولون أنه مشرك؟
    أيهما أولى بالتكفير واستحقاق اسم المشرك ، تارك الصلاة أم تارك التوحيد مع القدرة والتمكن من العلم وعدم العجز؟ أم أن الصلاة عمل يكفر تاركها والتوحيد عمل - أو ليس بعمل - ولا يكفر تاركه؟!
    ..هناك فرق بين جاهل بالحق ولكنه يبحث عنه ويستفرغ وسعه في الوصول إليه ، ولكنه يعجز عنه ، ومع عجزه لا يباشر الشرك ولا يقع فيه ويجتنبه ، كزيد بن عمرو بن نفيل وقس بن ساعده ، وورقة بن نوفل ، فهؤلاء شهد لهم النبي أنهم من أهل النجاة يوم القيامة .. ، هذا في زمن اندثار التوحيد وعدم وجود آثار الرسالات إلا بقايا قليلة من ملة إبراهيم ،
    وأهل التوحيد قلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ،
    وقطع الله به العذر على غيرهم ممن عاصروهم وعاشوا معهم ،
    فسموا هؤلاء موحدين ، وهؤلاء مشركين ، ....
    وأما من يقع في الشرك في عدم وجود الرسالات كأهل الفترات ، فهؤلاء مشركون في أحكام الدنيا ، أما في الآخرة فعلى أقوال بين أهل العلم أرجحها أنهم يمتحنون يوم القيامة ، وتأمل لم يرفع عنهم الحكم ، بل رُفعت العقوبة لم يقال أنهم مسلمون يمتحنون ، ولكن يقال ، مشركون ، هذا هو حكمهم ، أما العقوبة والمؤاخذة فترفع عنهم إلى الامتحان.
    فإذا كان حكم العلماء على أهل الفترات بالكفر في الدنيا ، وهذا في زمن اندثار الرسالات ، فكيف بمن يعيشمتمكنا من العلم ويسمع الآيات تتلى عليه ليلاً ونهارًا ، فهذا رجل جاهل بالحق لا يبحث عنه ، جاهل بالحق وواقع في الشرك الأكبر ، مع وجود القرآن والسنة وأهل العلم والتوحيد ،
    فهذا الذي كفره أهل السنة والجماعة ولم يعذروه بجهله ،
    لأنه أهمل وقصر وفرط في رفع الجهل عنه مع قدرته وتمكنه من ذلك ، لكنه عرض عن العلم ، لم يتعلمه ولم يعمل به ، هذا الذي أفتى العلماء بكفره بعينه ، ولم يفرقوا بينه وبين فعله ، والتفريق هنا في الاسم والحكم وليس في العقوبة ،
    والشبهة التي دخلت ... إن المسلم المتلبس بشرك أكبر ليس بمشرك ، إن لم يكن مشركًا أهو مسلم ؟ يستحيل أن يكون هناك مسلم مشرك الشرك الأكبر ، فإما مسلم أو مشرك ، الشبهة التي دخلت عليهم من عدم تفريقهم بين : رجل يعيش بين المسلمين وتُتلى عليه الآيات ليلاً ونهارًا ويسمعها عبر وسائل الإعلام المختلفة ثم هو معرض عنها ، معرض عن العلم غير مريد له ، لا يتعلمه ولا يعمل به ، مع قدرته عليه وتمكنه منه ، ولكنه لم يبذل الجهد ويستفرغ الوسع في ذلك ، وعدم تفريقهم بين قيام الحجة ومعناها وأنواعها ، وبين قيامها وبلوغها وفهمها ، فالتبست عليهم هذه المعاني ولم يفرقوا بين الحجة الرسالية ، والحجة الحُكمية ، والحجة الحدية التي هي الاستتابة ، وكذلك لم يفرقوا بين الكفر والتكفير ، وبين الكفر ظاهرًا لقيام الحجة الرسالية فتتبعها الحجة الحكمية ، وبين أن يكفر ظاهرًا وباطنًا ، بعد قيام الحجة الحدية عليه التي هي الاستتابة كما فصل ذلك الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله .
    ولم يفرقوا بين الوصف الذي يتنزل عليه الحكم ، وبين العقوبة التي هي مرتبطة بالحجة الحدية ، فالأحكام تتنزل على أوصاف معلومة محررة المناط ، ولا تتنزل على أوهام لا وجود لها ، فمن وقع في الكفر وتلبس بالشرك الأكبر وهو متمكن من العلم فحكمه أنه مشرك كافر ، هذا هو حكمه في الدنيا الذي بينه الله لنا في كتابه ، ووضحه لنا رسول الله ، هذا هو الحكم على المعين المتلبس بشرك ظاهر في الدنيا ، أما أنه يعاقب أو لا يعاقب ، يعذر أو لا يعذر ، يؤاخذ أو لا يؤاخذ ، هذه الأمور تكون بعد قيام الحجة الحدية عليه ، التي هي الاستتابة وهذه ليست قضيتنا ، ولا ينبغي أن تشغلنا وننشغل بها وتفرق بيننا ، لأن عقوبته التي هي منوطة بالحجة الحدية لا تكون لآحاد الناس ، بل إلى الأمير والقاضي والسلطان ، وهذا هو معنى قول من قال من العلماء " لا يكفر إلا بعد قيام الحجة" ومعنى قولهم " لا يكفر إلا بعد استيفاء الشروط وانتفاء الموانع" يقصدون بذلك الحجة الحدية التي هي الاستتابة التي يكفر بعدها ظاهرًا وباطنًا في أحكام الدنيا وأحكام الآخرة ، التي بها يقام عليه الحد ويستحل دمه وماله ، ولا يقصدون أبدًا الحجة الرسالية أو الحجة الحكمية ، لأنها قامت بسماع القرآن وإرسال الرسول ، ولا يرتبط بها عقوبة ولا قتل ولا استحلال دم ولا مال ، إذًا فالكلام على العذر وعدم العذر لا يعنينا ، عقوبة الناس لها ضوابط ، الذي يعنينا وتبنى عليه الأحكام والمعاملات ، هو حكم المتلبس بشرك ظاهر ، وهو متمكن من العلم، حتى نجري عليه أحكام الكفر ظاهرًا ، من الصلاة عليه ، والاستغفار له ، وأحكام الميراث وغيرها من أحكام الكفار .
    فإن الخطورة ليست في عذره وعدم عذره ، عقوبته أو رفع العقوبة عنه ، هذا أمر آخر .. مسألتنا الأساسية التي هي تغيير أحكام الله تعالى ، فعلينا أن ننتبه لذلك ، ونفهم هذا جيدًا ، وقد بين العلماء وأئمة الدعوة - رحمهم الله - هذه المسألة بيانًا شافيًا وفصلوا فيها تفصيلاً لا مزيد عليه ، لأنهم عاصروها ، وحققوها .[للغليفى بتصرف]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    السؤال

    فتسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية يترتب عليه مفاسد عظيمة ،
    إذ هو في الحقيقة تغيير لأحكام الله تبارك وتعالى ،
    ففعل سماه الله شركًا لا يجوز لمخلوق أن يسميه باسم غير الذي سماه الله به ،
    نعم
    من حِيَل أهل الباطل تسمية الأشياء بغير اسمها

    أخبرنا الله عن شياطين الإنس والجن أنهم يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا،
    ومن حيلهم في إضلال بني آدم إلباس الشيء غير لبوسه، وتسميته بغير اسمه،
    فيسمون ما مدحه الشرع، ورغب فيه بأسماء منفرة ليصدوا الناس عنه؛
    كالتخلف والرجعية والانغلاق والغلو وما إلى ذلك،
    ويسمون ما نهى عنه الشرع، وحذر منه بأسماء مزخرفة مزينة للترغيب فيه، والحث على تعاطيه، كتسميتهم [المشرك الجاهل بالمسلم المعذور]ويسمون الاختلاط والفجور وحرية الكفر انفتاحا، ومدنية، وعصرانية، وهلم جرا.
    فعلى المسلم أن لا ينخدع بهذه الحيل، وأن يتفطن لها، ويكون على بصيرة من أمر دينه،
    فلا يمتدح إلا ما امتدحه الله ورسوله، وإن ذمه الناس،
    ويذم ما ذمه الله ورسوله، وإن زخرفه أهل الباطل وزينوه وألبسوه أثوابا غير الاثواب الذى لبسها فى الجاهلية الاولى او الجاهليات عموما،
    فالمعتبر في المدح والذم والتقديم والتأخير هو ما اعتبره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
    فلا تهولنك الألقاب المخترعة المزخرفة للأشياء الباطلة المنكرة كإضفاء العذر بالجهل عطاء للدفاع عن المشركين، فهي حيلة شيطانية وخطة إبليسية قديمة،

    قال الشيخ صالح الفوزان
    العذر بالجهل هذه خلوها غطاء الآن، خلوها غطاء، عذر كل من وقع في الشرك ووقع في الكفر يقولون هذا جاهل! مع أن القرآن يصدح الليل والنهار في آذانهم ويسمعونه، إلى متى الجهل؟!!!
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: والمعاني لا تتغير بتغيُّر الأسماء أبداً، ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه في آخر الزمان يشرب أقوام الخمر ويسمونها بغير اسمها، فهل تنتقل عن الخمر إلى الاسم الجديد؟ لا، هي خمر، انتهى.


    فالمنكر لا يصير معروفا بتغيير اسمه، الانحطاط الخلقي والسفول السلوكي لا يصير رقيا وحضارة بتسميته بغير اسمه، هو عين الانحطاط والتخلف، وإن سماه الناس بما سموه به، فالانحطاط حقيقته المنكرة لا تتغير بتحسين اسمه وتزيينه، ولئن سموا ذلك التردي الخلقي الذي هو إلى البهيمية والحيوانية أقرب منه إلى سلوك بني آدم الذين كرمهم الله بإنزال الشرائع وإرسال الرسل -
    لئن سموه انفتاحا
    فنقول نعم هو انفتاح، لكن على أبواب جهنم
    والمعاني لا تتغير بتغيُّر الأسماء أبداً
    فعلى المسلم أن لا ينخدع بهذه الحيل، وأن يتفطن لها، ويكون على بصيرة من أمر دينه،
    فلا يمتدح إلا ما امتدحه الله ورسوله، وإن ذمه الناس،
    ويذم ما ذمه الله ورسوله، وإن زخرفه أهل الباطل وزينوه وألبسوه أثوابا غير الاثواب الذى لبسها فى الجاهلية الاولى
    نعم ذم الله الجهل فى القران

    قال جل وعلا﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ * فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 29، 30].
    ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ * كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج: القتل))رواه البخاري (7063)، ومسلم (2672). من حديث عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما.
    وقال أيضا: ((إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويثبت الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا))رواه البخاري (80)، ومسلم (2671). من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    فلا تهولنك الألقاب المخترعة المزخرفة للأشياء الباطلة المنكرة كإضفاء العذر بالجهل عطاء للدفاع عن المشركين، فهي حيلة شيطانية وخطة إبليسية قديمة،

    نعم
    بسبب هذه الالقاب المخترعة- اصبح الان يوجد لدينا - العلمانى المسلم -والشيوعى المسلم - والقبورى المسلم - والمسلم القاديانى - والمسلم الدرزى -بل حتى الملحد المسلم- وقد ارسل اليَّ أخى الفاضل الطيبونى برسالة خاصة لفتوى لأحد المشايخ يعذر فيها من ينكر وجود الله اذا كان لشبهه عرضت له
    واقتبس هذا من رسالة اخى الفاضل الطيبونى كمثال بدون ذكر صاحب الفتوى
    الفتوى - حكم من أنكر وجود الله لشبهة عرضت له]
    ما حكم الذي ينكر وجود الله سبحانه وتعالى لشبهة طرأت عليه؟
    الجواب - من أنكر وجود الله تعالى من أجل شبهة طرأت عليه لم يكفره علماء المسلمين....

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2020
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    جزاك الله خيرا اخي محمد ، ممكن تدلنا على مصنفات مفردة في موضوع احكام الجهل ؟ ، وخاصة مسالة العذر بالجهل فقد كثر اللغط فيها . بوركتم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بشير الموصلي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا اخي محمد ، ممكن تدلنا على مصنفات مفردة في موضوع احكام الجهل ؟ ، وخاصة مسالة العذر بالجهل فقد كثر اللغط فيها . بوركتم
    بارك الله فيك أخى الفاضل بشير الموصلي
    يوجد مصنفات مفردة تناولت أحكام الجهل بمسائل التوحيد [وأقصد بهذه المصنفات ما يتوافق مع منهج علماء الدعوة سواء المتقدمين او المعاصرين ]ولكن غالب هذه المصنفات لا تحرر الادلة بتحرير العلماء الراسخين- ومن المسائل التى لم تحرر أدلتها جيدا فعلى سبيل المثال - حديث ذات أنواط - وحديث الرجل الذى امر اهله ان يحرقوه ثم يذروه فى اليم - وحديث عائشة رضى الله عنها - وتحرير الفرق بين المسائل الظاهرة والخفية - وتحرير الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة- وتحرير الفرق بين الاسماء والاحكام- والفرق بين ما يتعلق بالشرائع ومسائل التوحيد - والفرق بين مسائل التوحيد توحيد الاسماء والصفات يجب ان تحرر المسائل الظاهرة والخفية الجزئية خاصة فى باب الصفات - والفرق بين مخالفة العلم الفطرى ومخالفة الحجة الرسالية من حيث الاحكام-
    أفضل ما صِنّف حسب ما وقفت عليه كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعى لمدحت فراج
    أماكتاب عارض الجهل فهو يفتقد فى كثير من المسائل المتقدم ذكرها الى التحرير

    أما اذا اردت رسائل مفردة فى أحكام الجهل بمسائل التوحيد - فنعم - يوجد رسائل جيدة مفردة تناولت أحكام الجهل وعلى سبيل المثال بحث للشيخ فيصل بن قزار الجاسم تناول فيه أحكام الجهل تناولا جيدا من كلام علماء الدعوة النجدية
    وهذا رابط بحثه
    http://www.al-jasem.com/archives/378

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2020
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أخى الفاضل بشير الموصلي
    يوجد مصنفات مفردة تناولت أحكام الجهل بمسائل التوحيد [وأقصد بهذه المصنفات ما يتوافق مع منهج علماء الدعوة سواء المتقدمين او المعاصرين ]ولكن غالب هذه المصنفات لا تحرر الادلة بتحرير العلماء الراسخين- ومن المسائل التى لم تحرر أدلتها جيدا فعلى سبيل المثال - حديث ذات أنواط - وحديث الرجل الذى امر اهله ان يحرقوه ثم يذروه فى اليم - وحديث عائشة رضى الله عنها - وتحرير الفرق بين المسائل الظاهرة والخفية - وتحرير الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة- وتحرير الفرق بين الاسماء والاحكام- والفرق بين ما يتعلق بالشرائع ومسائل التوحيد - والفرق بين مسائل التوحيد توحيد الاسماء والصفات يجب ان تحرر المسائل الظاهرة والخفية الجزئية خاصة فى باب الصفات - والفرق بين مخالفة العلم الفطرى ومخالفة الحجة الرسالية من حيث الاحكام-
    أفضل ما صِنّف حسب ما وقفت عليه كتاب العذر بالجهل تحت المجهر الشرعى لمدحت فراج
    أماكتاب عارض الجهل فهو يفتقد فى كثير من المسائل المتقدم ذكرها الى التحرير

    أما اذا اردت رسائل مفردة فى أحكام الجهل بمسائل التوحيد - فنعم - يوجد رسائل جيدة مفردة تناولت أحكام الجهل وعلى سبيل المثال بحث للشيخ فيصل بن قزار الجاسم تناول فيه أحكام الجهل تناولا جيدا من كلام علماء الدعوة النجدية
    وهذا رابط بحثه
    http://www.al-jasem.com/archives/378
    جزاكم الله خيرا اخي الكريم محمد ونفع بعلمكم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    بارك الله فيك اخي محمد و لعلي اعزز ما تروم الى توضيحه في التفريق بين انواع الجهل بكلام لشيخ الاسلام رحمه الله
    اراه مهما في هذا المقام

    قال رحمه الله كما في جامع المسائل و الرسائل

    الإعتقاد المغفور كالخطأ والنسيان الذي لا يؤاخذ الله به هذه الأمة كما في قوله ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا وقد ثبت في الصحيح أن الله قد فعل ذلك وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر

    فهذا
    قد يقال في مثله إن قيل إنه يتاب منه فكيف يتاب مما لا ذم فيه ولا عقاب وإن قيل لا يتاب منه فكيف لا يرجع الإنسان إلى الحق إذا تبين له ؟

    وجواب ذلك /

    أنه يتاب منه كما يتاب من غيره لأن
    صاحبه قد ترك ما هو مأمور به في نفس الأمر من العلم وما يتبعه من أعمال القلوب والجوارح إما لعجزه عن بلوغه وإما لتقصيره في طلبه

    وأيضًا فإنه قد فعل من الاعتقاد وما يتبعه من أعمال القلوب والجوارح ما هو منهي عنه في نفس الأمر لكن سقط عنه النهي لعدم قدرته على معرفة قبحه والتكليف مشروط بالتمكن من العلم والقدرة فلا يكلف العاجز عن العلم ما هو عاجز عنه والناسي والمخطىء كذلك لكن إذا تجدد له قدرة على العلم صار مأمورا بطلبه وإذا تجدد له العلم صار مأمورا حينئذ باتباعه وصار في هذه الحال مذموما على ترك ما يقدر عليه من طلب العلم الواجب وعلى ترك اتباع ما تبين له من العلم

    وأيضًا فما دام غير مستيقن للحق فهو مأمور بطلب العلم الذي يبين له الحق و المعتقد المخطىء لا يكون مستيقنًا قط فإن العلم واليقين يجده الإنسان من نفسه كما يجد سائر إدراكاته وحركاته مثلما يجد سمعه وبصره وشمه وذوقه فهو إذا رأى الشيء يقينا يعلم أنه رآه وإذا علمه يقينا يعلم أنه علمه وأما إذا لم يكن مستيقنًا فإنه لا يجد ما يجده العالم كما إذا لم يستيقن رؤيته لم يجد ما يجده الرائي وإنما يكون عنده ظن ونوع إرادة توجب اعتقاده هذا هو الذي يجده بنو آدم في نفوسهم كما قال سبحانه إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى .

    وإذا كان الإنسان مأمورا بطلب العلم الذي يحتاج إليه بحسب إمكانهوهو إذا لم يجد العلم اليقيني يعلم أنه لم يجد العلم فهو مأمور بالطلب والاجتهاد فإن ترك ما أمر به كان مستحقا للذم والعقاب على ذلك .

    فإذا تبين له الحق وعلمه وعلم أنه كان جاهلا به معتقدًا غير الحق كان تائبًا بمعنى أنه رجع من الباطل إلى الحق وإن كان الله قد عفى عنه ما رجع عنه لعجزه إذ ذاك وكان أيضا تائبًا مما حصل فيه أولا من تفريط في طلب الحق
    فكثير من خطأ بني آدم من تفريطهم في طلب الحق لا من العجز التام وكان أيضا تائبًا من اتباع هواه أولا بغير هدى من الله فإن أكثر ما يحمل الإنسان على اتباع الظن المخطىء هو هواه كما قال تعالى إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس .

    وليس توبة هذا وحاله كحال من كان عاجزا عن الفعل ثم قدر عليه كالمريض الذي لا يطيق القيام إذا قدر عليه بعد ذلك وكالخائف إذا أمن وكالمصلي بتيمم ونحو هؤلاء

    وذلك أن هؤلاء إذا كانت إرادتهم للفعل المأمور به على وجهة الكمال ثابتة في قلوبهم وقد عملوا ما يقدرون عليه من المراد وإنما تركوا تمامه لعجزهم كان لهم مثل ثواب الفاعل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي موسى إذا مرض العبد أو سافر كتب له من العمل ما كان يعمل وهو صحيح مقيم وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بالمدينة لرجالًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم العذر .

    وقد قال تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم . فهؤلاء لهم علم بالمأمور به الكامل واعتقاد الأمر به وإرادة فعله بحسب الإمكان وهذا كله من أدائهم للمأمور به فإذا تجددت لهم قدرة لم يتجدد رغبة في الفعل الكامل وإنما يتجدد العمل بتلك الرغبة المتقدمة وإن كان لا بد لهذا الفعل من إرادة تخصه ولم يكن هؤلاء مأمورين بذلك إلا في هذه الحال فقط كما تؤمر المرأة بالصلاة عند انقضاء الحيض وكما يؤمر الصبي بما يجب عليه عند بلوغه وكما يؤمر المزكى بالزكاة بعد ملك النصاب والحول والمصلي بالصلاة بعد دخول الوقت .

    وأما الناسي والمخطىء فإنه لم يكن قد أتى بالعلم والاعتقاد والإرادة فلا يثاب على هذه الأمور التي لم تكن له بل يكون الذي حصل له ذلك أفضل منه بها كما قال تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون . فنفى المساواة بين الذي يعلم والذي لا يعلم مطلقًا لم يستثن المعذور كما استثنى في تفضيل المجاهد على القاعد المعذور

    وكذلك سائر ما في القرآن من نحو هذا كقوله وما يستوي الْأَعْمَى والبصير وَلَا الظُّلُمَات وَلَا النُّور وَلَا الظل وَلَا الحرور وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات . وَقَوله مثل الْفَرِيقَيْنِ كالأعمى والأصم والبصير والسميع هَل يستويان مثلا . وَقَوله أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا .

    وَلِهَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِذا اجْتهد فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر لم يَجْعَل أجر الْعَاجِز على إِصَابَة الصَّوَاب مَعَ اجْتِهَاده كَأَجر الْقَادِر عَلَيْهِ كَمَا جعل للْمَرِيض وَالْمُسَافر مثل ثَوَاب الصَّحِيح الْمُقِيم كَمَا جعل الْمَعْذُور من القاعدين عَن الْجِهَاد الَّذِي تمت رغبته بِمَنْزِلَة الْمُجَاهِد فَإِن الأَصْل هُوَ الْقلب وَالْبدن تَابع فالمستويان فِي عمل الْقلب إِذا فعل كل مِنْهُمَا بِقدر بدنه متماثلان بِخِلَاف المتفاضلين فِي عمل الْقلب علمه وإرادته وَمَا يتبع ذَلِك فَإِنَّهُمَا لَا يتماثلان وَلِهَذَا يُعَاقب العَبْد على مَا تَركه من الْإِيمَان بِقَلْبِه .

    وَإِن قيل إِن ذَلِك تَكْلِيف مَا لَا يُطَاق وَلَا يُعَاقب على مَا عجز عَنهُ بدنه بِاتِّفَاق الْمُسلمين فَهُوَ يُعَاقب على ترك مَا أَمر بإرادته وَفعله وَإِن كَانَت نَفسه لَا تريده وَلَا تحبه وَلَيْسَ هُوَ معاقبا على ترك مَا عجز عَنهُ بدنه كجهاد المقعد وَالْأَعْمَى وَنَحْوهمَا وَنَفسه إِنَّمَا لَا تعلم الْحق الَّذِي بعث الله بِهِ رسله وَلَا تريده لتَفْرِيطه وتعديه إِذْ آيَات ذَلِك الْحق ظَاهره وَهُوَ مَحْبُوب وَقد خلق الله كل مَوْلُود على الْفطْرَة الَّتِي تَتَضَمَّن الْقُوَّة على معرفَة هذا الحق وعلى محبته ولكن غير فطرته بما يقلده عن غيره كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه كل مولود يولد على الفطرة فأبوه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء وإذا كان قد خلق على الصحة والسلامة فهو يستحق العقوبة على ما غيره من خلق الله بتفريطه وعدوانه لاتباعه الظن وما تهوى الأنفس

    وقد بعث الله الرسل مبشرين ومنذرين وقال سبحانه وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا . وهذا مما يظهر به الفرق بين المجتهد المخطىء والناسي من هذه الأمة في المسائل الخبرية والعملية وبين المخطىء من الكفار والمشركين وأهل الكتاب الذي بلغته الرسالة إذا قيل إنه غير معاند للحق فإن ذاك لا يكون خطؤه إلا لتفريطه وعدوانه لا يتصور أن يجتهد فيكون مخطئا في الإيمان بالرسول بل متى اجتهد والاجتهاد استفراغ الوسع في طلب العلم بذلك كان مصيبا للعلم به بلا ريب .

    فإن دلائل ما جاء به الرسول ودواعيه في نهاية الكمال والتمام الذي يشمل كل من بلغته ولا يترك أحد قط اتباع الرسول إلا لتفريط وعدوان فيستحق العقاب بخلاف كثير من تفصيل ما جاء به فإنه قد يعزب علمه عن كثير من خَواص الْأمة وعوامها بِحَيْثُ لَا يكونُونَ فِي ترك مَعْرفَته لَا مقصرين وَلَا مفرطين فَلَا يعاقبون بِتَرْكِهِ مَعَ أَنهم قد آمنُوا بِهِ إِيمَانًا مجملًا فِي إِيمَانهم بِمَا جَاءَ بِهِ الرُّسُل فهم آمنُوا بِهِ مُجملا وَمَعَهُمْ أصُول الْإِيمَان بِهِ كَمَا أَن الْفَاسِق مَعَه الدَّوَاعِي لفعل الْمَأْمُور وَترك الْمَحْظُور .

    فَلهَذَا كَانَ المخطىء بالتأويل من هَذِه الْأمة وَالْفَاسِق بِالْفِعْلِ مَعَ صِحَة الِاعْتِقَاد كل مِنْهُمَا محسنا من وَجه مسيئا من وَجه وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا كالكفار من الْمُشْركين وَأهل الْكتاب وَإِن كَانُوا فِي ذَلِك على دَرَجَات مُتَفَاوِتَة بل كل مِنْهُمَا لَيْسَ تَارِكًا لما أَمر بِهِ من الِاعْتِقَاد وَالْعَمَل مُطلقًا وَلَا فَاعِلا لضده مُطلقًا بل المتأول قد آمن إِيمَانًا عَاما بِكُل مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول واستسلم لكل مَا أمره بِهِ وَهَذَا الْإِيمَان وَالْإِسْلَام يتَنَاوَل مَا جَهله ويدعوه إِلَى الْإِيمَان وَالْإِسْلَام الْمفصل إِذا علمه لَكِن عَارض ذَلِك من جَهله وظلمه لنَفسِهِ مَا قد يكون مغفورا لَهُ وَقد يكون معذبا بِهِ

    وَلذَلِك الْفَاجِر بِالْعَمَلِ مَعَه من الْإِيمَان بقبح الْفِعْل وبغضه مَا هُوَ دَاع لَهُ إِلَى فعل الأَصْل الْمَأْمُور بِهِ وداع لَهُ إِلَى تَركه لَكِن عَارض ذَلِك من هَوَاهُ مَا منع كَمَال طَاعَته بِخِلَاف المكذب للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْكَافِر بِهِ فَإِنَّهُ لم يصدق بِالْحَقِّ وَلم يستسلم لَهُ لَا جملَة وَلَا تَفْصِيلًا لَكِن قد يكون مَا اتبعهُ من ظَنّه وهواه مُوجبا لبَعض مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول ومانعا لَهُ من النّظر فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيع مَعَ ذَلِك أَن يسمع بِهِ فَهَذَا وَاقع كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وعرضنا جَهَنَّم يَوْمئِذٍ للْكَافِرِينَ عرضا الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء عَن ذكري وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا وقال تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون .

    لكن عدم هذه الإستطاعة كان بتفريطه وعدوانه ومن كان تركه للمأمور بذنب منه أو ضرورته إلى المحظور بذنب منه لم يكن ذلك مانعا من ذمه وعقابه ومن هذا قوله سبحانه ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة . وقال تعالى وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون
    وقال وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا

    وبهذا يظهر ضعف قول طائفة من المتكلمين الذين يقولون الخطأ والإثم يتلازمان ثم منهم من يقول كل مجتهد في المسائل العملية مصيب كما يقوله كثير من المعتزلة والأشعرية ومنهم من يقول بل فيها مخطىء والمخطىء آثم كما يقوله المريسي وغيره وذلك أنهم اعتقدوا أنه حيث يكون مخطئا يكون تاركًا لما وجب عليه
    ثم قال الأولون فإذا لم يكن تاركًا للمأمور به فلا يكون لله في المسألة حكم معين أو لا يكون الحكم المنصوص حكما في حقه إذا لم يتمكن من معرفته .

    وقال الآخرون بل إذا كان مخطئا يكون تاركًا للمأمور به فيكون آثما.

    والتحقيق أنه مأمور به أمرا مطلقًا لكن شرط الإثم بمنزلة التمكن من معرفته فإذا لم يتمكن من معرفته لا يكون شرط الإثم موجودا فيه ولكن ذلك لا ينفى أن يكون هو المأمور به وهو الذي يحبه الله ويرضاه ويثيب فاعله إذا فعله وإنما سقط عن بعض العباد لفوات الشرط في حقه خاصة وحينئذ فيكون النزاع في بعض المواضع نزاعا لفظيا .

    ولهذا اختلف العلماء هل هو مصيب في اجتهاده وإن كان مخطئا في نفس الأمر أو هو مخطىء في اجتهاده وفي نفس الأمر على قولين ذكرهما القاضي روايتين عن أحمد وذلك أن الخطأ في الاجتهاد قد يعني به القصور والتقصير وقد لا يعني به إلا التقصير إذ العاجز عن معرفة الحكم الذي لله عاجز قاصر ليس بمقصر ولا مفرط فيما بعد عليه فإذا قال أخطأ في اجتهاده أراد أخطأ في استدلاله بمعنى أنه لم يستدل بالدليل الذي يوصله إلى نفس الحق ولا ريب أنه أخطأ هذا الإستدلال الموصل له إلى الحق إذ لو أصابه لأصاب الحق لكنه لم يكن قادرًا على هذا الإستدلال فلا يعاقب على تركه
    ومن قال لم يخطىء في اجتهاده أراد أنه لم يخطىء فيما قدر عليه من الاجتهاد بل فعله على وجهه لكن لم يكن مقدوره من الاجتهاد كافيا في إدراك المطلوب في نفس الأمر

    ومثل هذا النزاع أن يقال هل فعل ما أمر به أو لم يفعل ما أمر به فالمأمور به في نفس الأمر لم يفعله وأما المأمور به في حقه من العمل الممكن فقد فعله ولذلك إذا اشتبهت اخته بأجنبية هل يقال الحرام في نفس الأمر واحدة أم الإثنتان محرمتان على القولين بهذا الإعتبار . انتهى المقصود



  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الجهل- أنواعه -الفروق - الاسباب

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    و لعلي اعزز ما تروم الى توضيحه


    قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما- بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة


    ..... وهذا مما يظهر به الفرق بين المجتهد المخطىء والناسي من هذه الأمة في المسائل الخبرية والعملية وبين المخطىء من الكفار والمشركين وأهل الكتاب الذي بلغته الرسالة إذا قيل إنه غير معاند للحق فإن ذاك لا يكون خطؤه إلا لتفريطه وعدوانه لا يتصور أن يجتهد فيكون مخطئا في الإيمان بالرسول بل متى اجتهد والاجتهاد استفراغ الوسع في طلب العلم بذلك كان مصيبا للعلم به بلا ريب .

    فإن دلائل ما جاء به الرسول ودواعيه في نهاية الكمال والتمام الذي يشمل كل من بلغته ولا يترك أحد قط اتباع الرسول إلا لتفريط وعدوان فيستحق العقاب بخلاف كثير من تفصيل ما جاء به فإنه قد يعزب علمه عن كثير من خَواص الْأمة وعوامها بِحَيْثُ لَا يكونُونَ فِي ترك مَعْرفَته لَا مقصرين وَلَا مفرطين فَلَا يعاقبون بِتَرْكِهِ مَعَ أَنهم قد آمنُوا بِهِ إِيمَانًا مجملًا فِي إِيمَانهم بِمَا جَاءَ بِهِ الرُّسُل فهم آمنُوا بِهِ مُجملا وَمَعَهُمْ أصُول الْإِيمَان بِهِ كَمَا أَن الْفَاسِق مَعَه الدَّوَاعِي لفعل الْمَأْمُور وَترك الْمَحْظُور .

    فَلهَذَا كَانَ المخطىء بالتأويل من هَذِه الْأمة وَالْفَاسِق بِالْفِعْلِ مَعَ صِحَة الِاعْتِقَاد كل مِنْهُمَا محسنا من وَجه مسيئا من وَجه وَلَيْسَ وَاحِد مِنْهُمَا كالكفار من الْمُشْركين وَأهل الْكتاب وَإِن كَانُوا فِي ذَلِك على دَرَجَات مُتَفَاوِتَة بل كل مِنْهُمَا لَيْسَ تَارِكًا لما أَمر بِهِ من الِاعْتِقَاد وَالْعَمَل مُطلقًا وَلَا فَاعِلا لضده مُطلقًا بل المتأول قد آمن إِيمَانًا عَاما بِكُل مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول واستسلم لكل مَا أمره بِهِ وَهَذَا الْإِيمَان وَالْإِسْلَام يتَنَاوَل مَا جَهله ويدعوه إِلَى الْإِيمَان وَالْإِسْلَام الْمفصل إِذا علمه لَكِن عَارض ذَلِك من جَهله وظلمه لنَفسِهِ مَا قد يكون مغفورا لَهُ وَقد يكون معذبا بِهِ

    نعم بارك الله فيك ويعزز هذا أخى الفاضل الطيبونى أيضا ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية
    قال شيخ الإسلام رحمه الله - بعد كلام له على مظنة الأفعال التي لا تنافي أصول الإيمان -:
    (ولهذا قال: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تكلم به أو تعمل به"،
    والعفو عن حديث النفس إنما وقع لأمة محمد صلى الله عليه وسلم
    المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر،
    فعلم أن هذا العفو فيما يكون من الأمور التي لا تقدح في الإيمان،
    فأما ما نافى الإيمان؛ فذلك لا يتناوله لفظ الحديث،
    لأنه إذا نافى الإيمان لم يكن صاحبه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الحقيقة،
    ويكون بمنزلة المنافقين فلا يجب أن يُعفى عما في نفسه من كلامه أو عمله،
    وهذا فرق بيّن يدل عليه الحديث،
    وبه تأتلف الأدلة الشرعية
    وهذا كما عفا الله
    لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان،
    كما دلّ عليه الكتاب والسنة،

    فمن صحّ إيمانه
    عُفيَ له عن الخطأ والنسيان وحديث النفس،
    كما يخرجون من النار،
    بخلاف من ليس معه الإيمان،
    فإن هذا
    لم تدل النصوص على ترك مؤاخذته بما حدّث به نفسه وخطأه ونسيانه)
    ************
    وهذا الكلام من أعظم الحجج لمن يلتمس العذر لأهل الشرك الاكبر-لأن اهل الشرك لا يصح لهم إسلام فضلاََ عن الايمان
    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
    ( وأي إسلام يبقى مع مناقضة أصله وقاعدته الكبرى: شهادة أن لا إله إلا الله
    ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في رد كلام العراقي على شبهة قبة الكواز " إن الشيخ - رحمه الله - قال أصل التكفير للمسلمين وعبارات الشيخ أخرجت عُباد القبور من مسمى المسلمين
    لأنه إذا نافى الإيمان لم يكن صاحبه من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في الحقيقة،
    نعم الشرك ينافى أصل التوحيد وأصل الايمان فإذا نافى اصل التوحيد والايمان لم يكن موحدا ولا مؤمنا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •