الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

اعلم علمك الله وإياي : أن ما ورد في حكم اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد الآتي :

الحديث الأول:
- حدثنا محمد بن المصفى وعمر بن حفص الوصابي المعنى قالا ثنا بقية قال ثنا شعبة عن المغيرة الضبي عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة: عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال " قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون " قال عمر عن شعبة ".أ.هـ سنن أبي داود 1073 (1/ 349) وقال الشيخ الألباني : صحيح
فبالتسليم بصحة هذا الحديث فقوله:" فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون " فذلك يفيد عدم لزوم الجمعة على الجميع.

الحديث الثاني:
- حدثنا محمد بن كثير أخبرنا إسرائيل ثنا عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة الشامي قال شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عيدين اجتمعا في يوم ؟ قال نعم قال فكيف صنع ؟ قال صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال " من شاء أن يصلي فليصل".أ.هـ سنن أبي داود 1070 (1/ 348) وقال الشيخ الألباني : صحيح.
قال الشيخ الألباني:"- ظاهر حديث زيد بن أرقم عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ : " أنه صلى الله عليه وسلم صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال : من شاء أن يصلي فليصل " . يدل على أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركها الناس جميعا فقد عملوا بالرخصة وإن فعلها بعضهم فقد استحق الأجر وليست بواجبة عليه من غير فرق بين الإمام وغيره". الأجوبة النافعة 7 (ص: 46)
قلت :" وقول الألباني:" يدل على أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركها الناس جميعا فقد عملوا بالرخصة"
وهو الموافق لقول أحمد بن حنبل : قال عبد الله بن أحمد في مسائله . سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟
قال: لا بأس به أرجو أن يجزئه . مسائل عبد الله رقم المسألة 482.
وهو الموافق لترجيح ابن تيمية لما قال:" وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ". ". مجموع الفتاوى (24/ 210) ، لكن الألباني شمل الإمام أيضاً بالرخصة، والحنابلة خصوا الإمام من رخصة ترك الجمعة.
الحديث الثالث:
أحاديث عبد الله بن الزبير:
أولاها:
ـ أخبرنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال حدثني وهب بن كيسان قال اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يومئذ الجمعة فذكر ذلك لابن عباس فقال أصاب السنة". صحيح وضعيف سنن النسائي 1592 (4/ 236) وقال الألباني : صحيح ، صحيح أبي داود ( 982 )
فبالتسليم بصحة هذا الحديث فذلك يفيد تقديم الخطبة يوم العيد على الصلاة، ويفيد أيضاً عدم إقامة الجمعة .
وقد مال الألباني للقول بسقوط الظهر لما سئل فقيل له: فضيلة الشيخ : مالجواب على حديث ابن الزبير : (عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر) رواه أبو داود وقضاه الشيخ فى الأجوبة النافعة ، فإنه يدل بظاهره على عدم مشروعية صلاة الظهر فى مثل هذه الحالة ، وإليه مال الشوكانى فى نيل الأوطار.
الشيخ : اعتقد أن السؤاال به خطأ أو به نقص ، فإن كان خطأ صحفه ، وإن كان ناقص فأكمله
السائل : اعيد السؤال
الشيخ : لا ، لا تعده ، أعده فى ذاكرتك لأنى فهمت السؤال ، إنما تأمل فى ردى وهو : إما أن يكون فى السؤال خطأ صحفه ،أ ما يكون ناقص فأكمله ، لأنك عندما تقول ما الجواب ؟ جواب عن ماذا ؟ أنت ما ذكرت !
بتقول الحديث صحيح وصححه الألبانى ، شو بتريد بقى ؟ الجواب عن ماذا ؟
السائل : عما يلى : فإنه يدل بظاهره على عدم مشروعية صلاة الظهر فى مثل هذه الحالة ،
الشيخ : إيه ، الجواب عن ماذا ؟
السائل : عن هذا ؟
الشيخ : ايش هذا يا أخى ، بتقول أنت أصحيح ما دل عليه الحديث ، أقول إن كان هذا سؤالك ، أقول هو صحيح وإلا كيف ذكر ، ولا ايش سؤالك ؟
السائل : والله ناقل ، أنا ناقل.
الشيخ : لكن لما نقلت فهمت ؟ ام لم تفهم".أ.هـ تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني (406/ 59)
ثانيها:
ـ حدثنا محمد بن طريف البجلي حدثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح قال صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا وكان ابن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال أصاب السنة".أ.هـ صحيح وضعيف سنن أبي داود [1071] (ص: 2) تحقيق الألباني: صحيح
فبالتسليم بصحة هذا الحديث فذلك يفيد عدم إقامة الجمعة وعدم صلاة الظهر أيضاً.

ثالثها:
ـ حدثنا يحيى بن خلف حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال قال عطاء اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر".أ.هـ صحيح وضعيف سنن أبي داود [1072] (ص: 2) تحقيق الألباني: صحيح
فبالتسليم بصحة هذا الحديث فذلك يفيد عدم إقامة الجمعة وعدم صلاة الظهر أيضاً.
ـ اجتماع العيد والجمعة في زمان النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ:
اجتمع العيد والجمعة في زمن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فلم يسقط الجمعة، بل صلى العيد، ثم صلى الجمعة، كما هو ظاهر من الحديث التالي:
الدليل النصي على أن الرسول ـ صل الله عليه وعلى آله وسلم ـ كان إذا اجتمع العيد والجمعة يصليهما، ولا يسقط الجمعة ( رد على مذهب أحمد وابن تيمية وهيئة كبار العلماء):
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ - قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ مَوْلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْرَأُ فِى الْعِيدَيْنِ وَفِى الْجُمُعَةِ بِ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) وَ (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قَالَ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِى يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِى الصَّلاَتَيْنِ." . صحيح مسلم 2065 (3/ 15)
التعريف بالعوالي:
قَالَ مَالِكٌ : وَالْعَوَالِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ".أ.هـ المدونة (1/ 388)
قال ابن حجر العسقلاني:" وَوَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ " أَبْعَدُ الْعَوَالِي مَسَافَةُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ " قَالَ عِيَاضٌ : كَأَنَّهُ أَرَادَ مُعْظَمَ عِمَارَتِهَا وَإِلَّا فَأَبْعَدُهَا ثَمَانِيَةُ أَمْيَالٍ . اِنْتَهَى . وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ آخِرُهُمْ صَاحِبُ النِّهَايَةِ . وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ أَبْعَدُ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهَا الذَّاهِبُ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ ، وَالْعَوَالِي عِبَارَةٌ عَنْ الْقُرَى الْمُجْتَمِعَةِ حَوْلَ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ نَجْدِهَا ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ تِهَامَتِهَا فَيُقَالُ لَهَا السَّافِلَةُ". فتح الباري لابن حجر (2/ 322)

زمن عثمان بن عفان ( 40هـ):
وظل الأمر كذلك إلى زمن عثمان بن عفان، فاجتمع العيد مع الجمعة في يوم واحد، فصلى العيد، وأذن لأهل العوالي إن لا يحضروا الجمعة، وأقام الجمعة، كما هو ظاهر من هذا الحديث:
عثمان رخص لأهل العوالي الذين صلوا معه العيد في ترك الجمعة تطييباً لخاطرهم، وإلا فإن الجمعة أصلاً لا تجب عليهم:
- حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ.... قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ". صحيح البخاري ـ 76 - كتاب الأضاحي ـ 16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها 5572 (14/ 138)

أصحاب العوالي لم تكن تقام فيهم الجمعة:
- حَدَّثَنِى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالاَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى عَمْرٌو عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:" كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ الْجُمُعَةَ مِنْ مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْعَوَالِى فَيَأْتُونَ فِى الْعَبَاءِ وَيُصِيبُهُمُ الْغُبَارُ فَتَخْرُجُ مِنْهُمُ الرِّيحُ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا ». صحيح مسلم 1995 (3/ 3)
زمن أبي حنيفة ( 150هـ) وزمن مالك بن أنس ( 179هـ):
فقال الاحناف والمالكية: اجتماعهما لا يؤثر، فيجب إن تصلى الجمعة، وضعفوا اجتهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه.

الأحناف:
قال الطحاوي:" فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن المرادين بالرخصة في ترك الجمعة في هذين الحديثين هم أهل العوالي الذين منازلهم خارجة عن المدينة ممن ليست الجمعة عليهم واجبة لأنهم في غير مصر من الأمصار والجمعة فإنما تجب على أهل الأمصار وفي الأمصار دون ما سوى ذلك ". شرح مشكل الآثار ـ الطحاوى (3/ 126)
وقال الطحاوي:" فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أنه قد يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بذلك قبل يوم العيد ليفعلوه في يوم العيد وأعلم بذلك أهل العوالي أن لهم أن يتخلفوا عن صلاة العيد ويحضروا لصلاة الجمعة أو يحضروا لصلاة العيد فيصلونها ثم ينصرفون إلى أماكنهم ولا يحضرون الجمعة إذا كان أهل تلك الأماكن لا جمعة عليهم لأنهم ليسوا بمصر من الأمصار". شرح مشكل الآثار ـ الطحاوى (3/ 128)
ورد مالك رحمه الله قول عثمان، لأن الجمعة عنده تجب على أهل العوالي.
قُلْتُ : مَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا اجْتَمَعَ الْأَضْحَى وَالْجُمُعَةُ أَوْ الْفِطْرُ أَوْ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الْحَضَرِ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ لَا يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ ، هَلْ يَضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ شُهُودُهُ صَلَاةَ الْعِيدِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ ؟
قَالَ : لَا .
وَكَانَ يَقُولُ : لَا يَضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ ،
قَالَ مَالِكٌ : وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ أَحَدًا أَذِنَ لِأَهْلِ الْعَوَالِي إلَّا عُثْمَانَ ، وَلَمْ يَكُنْ مَالِكٌ يَرَى الَّذِي فَعَلَ عُثْمَانُ ،
وَكَانَ يَرَى : إنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ لَا يَضَعُهَا عَنْهُ إذْنُ الْإِمَامِ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ عِيدًا وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ . أ.هـ المدونة (1/ 388)
قال ابن العربي:" الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ لَا يُسْقِطُ الْجُمُعَةَ كَوْنُهَا فِي يَوْمِ عِيدٍ ، خِلَافًا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حِينَ قَالَ : إذَا اجْتَمَعَ عِيدٌ وَجُمُعَةٌ سَقَطَ فَرْضُ الْجُمُعَةِ ; لِتَقَدُّمِ الْعِيدِ عَلَيْهَا ، وَاشْتِغَالِ النَّاسِ بِهِ عَنْهَا . وَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ أَذِنَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ لِأَهْلِ الْعَوَالِي أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ الْجُمُعَةِ ، وَقَوْلُ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ إذَا خُولِفَ فِيهِ وَلَمْ يُجْمَعْ مَعَهُ عَلَيْهِ . وَالْأَمْرُ بِالسَّعْيِ مُتَوَجِّهٌ يَوْمَ الْعِيدِ كَتَوَجُّهِهِ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ ". أحكام القرآن لابن العربي (7/ 368)

زمن الشافعي ( 204 هـ)
ولما كان زمن الشافعي اجتهد في حديث عثمان بن عفان فقال: لا أضعف اجتهاد عثمان، وليس هو على ظاهره، فعثمان لم يسقط الجمعة التي فرضها الله، بل عثمان طيب نفوس أهل العوالي، الذين كانوا يحضرون للتجميع في مسجد الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلمـ وبحضرة الخليفة، طيب نفوسهم فأعطاهم هذه الكلمة كي يتعللوا بها، وإلا فالجمعة ليستعليهم لازمة، ولا تجب عليهم الجمعة.
( قال الشَّافِعِيُّ ) : وإذا كان يَوْمُ الْفِطْرِ يوم الْجُمُعَةِ صلى الْإِمَامُ الْعِيدَ حين تَحِلُّ الصَّلَاةُ ثُمَّ أَذِنَ لِمَنْ حَضَرَهُ من غَيْرِ أَهْلِ الْمِصْرِ في أَنْ يَنْصَرِفُوا إنْ شاؤوا إلَى أَهْلِيهِمْ وَلَا يَعُودُونَ إلَى الْجُمُعَةِ وَالِاخْتِيَارُ لهم أَنْ يُقِيمُوا حتى يَجْمَعُوا أو يَعُودُوا بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ إنْ قَدَرُوا حتى يَجْمَعُوا وَإِنْ لم يَفْعَلُوا فَلَا حَرَجَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وقال ايضا : وَلَا يَجُوزُ هذا لِأَحَدٍ من أَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يَدَعُوْا أَنْ يَجْمَعُوا إلَّا من عُذْرٍ يَجُوزُ لهم بِهِ تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كان يوم عِيدٍ.

وقال: وَهَكَذَا إنْ كان يوم الْأَضْحَى لَا يَخْتَلِفُ إذَا كان بِبَلَدٍ يَجْمَعُ فيه الْجُمُعَةَ ويصلى الْعِيدَ وَلَا يصلى أَهْلُ مِنًى صَلَاةَ الْأَضْحَى وَلَا الْجُمُعَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمِصْرٍ" الأم (1/ 239)

قال ابن حجر العسقلاني:" وَأَيْضًا فَظَاهِر الْحَدِيث فِي كَوْنهمْ مِنْ أَهْل الْعَوَالِي أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَجِب عَلَيْهِمْ الْجُمُعَة لِبُعْدِ مَنَازِلهمْ عَنْ الْمَسْجِد ، وَقَدْ وَرَدَ فِي أَصْل الْمَسْأَلَة حَدِيث مَرْفُوع". فتح الباري لابن حجر 5145 (16/ 41)

قال ابن عبد البر ( 463هـ):" ذهب مالك رحمه الله في إذن عثمان رضي الله عنه فيما ذهب لأهل العوالي إلى أنه عنده غيره معمول به ،ذكر بن القاسم عنه أنه قال ليس عليه العمل
وذلك أنه كان لا يري الجمعة لازمة لمن كان من المدينة على ثلاثة أميال والعوالي عندهم أكثرها كذلك فمن هنا لم ير العمل على إذن عثمان ورأى أنه جائز له خلافه باجتهاده إلى رؤى الجماعة العاملين بالمدينة بما ذهب إليه في ذلك .
ـ وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأكثر أهل العلم إن إذن عثمان كان لمن لا تلزمه الجمعة من أهل العوالي لأن الجمعة لا تجب إلا على أهل المصر عند الكوفيين وأما الشافعي فتجب عنده على من سمع النداء من خارج المصر ولا يختلف العلماء في كوجوب الجمعة على من كان بالمصر بالغا من الرجال الأحرار سمع النداء أو لم يسمعه". الاستذكار (2/ 384)

زمن ابن حزم الظاهري ( 456هـ)
نظر ابن حزم في المسألة وأدليتها المرفوعة والموقوفة ورجح مذهب أبي حنيفة ومالك فقال: " قد روى أنه عليه السلام اذن لهم في ان لا يصلوها معه، وقد صح ذلك عن عثمان رضى الله عنه، كما روينا من طريق مالك عن الزهري عن أبى عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان فصلى ثم خطب فقال: انه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فليرجع، فقد أذنت له، ثم قال:" لو كان ذلك عنده فرضا عليهم لما أذن لهم في تركها *". المُحَلَّى (5/ 56)
قال ابن حزم:"- مسألة - وإذا اجتمع عيد في يوم جمعة صلى للعيد ثم للجمعة ولابد، ولا يصح أثر بخلاف ذلك ..... وقال ابن حزم: الجمعة فرض والعيد تطوع، والتطوع لا يسقط الفرض". المحلى 547 (5/ 89)

زمن أحمد بن حنبل ( 241هـ):
ـ ولما كان زمان الإمام أحمد بن حنبل اجتهد فقال: أن الجمعة تسقط، إذا توافقت مع العيد، وأما الظهر فلا يسقط.
أحمد بن حنبل:
قال عبد الله بن أحمد في مسائله . سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟
قال: لا بأس به أرجو أن يجزئه . مسائل عبد الله رقم المسألة 482.
وبحسب بحثي لم أحمد لأجمد بن حنبل كلاما يبينعلة اختياره لهذ الفتوى.
زمن الحنابلة المتأخرين:
ثم جاء أتباع أحمد بن حنبل المتأخرون فبحثوا عن أدلة يستدلون بها على صحة فتوى إمامهم، ولكنهم استثنوا إمام العيد، قالوا: يلزم إمام العيد أن يقيم الجمعة، لمن لم يحضر العيد، ولمن شاء أن يصلي الجمعة ممن حضر العيد:
رد ابن عبد البر على من قال بسقوط الجمعة عن الجميع ( أحمد بن حنبل وابن تيمية والألباني):
قال ابن عبد البر ( 463هـ):" فَقَدْ بَانَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ ذَلِكَ الْيَوْمَ بِالنَّاسِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ لازم وأنها غير سَاقِطَةٌ وَأَنَّ الرُّخْصَةُ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ شَهِدَ الْعِيدَ مَنْ أَهْلَ الْبَوَادِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا تَأْوِيلٌ تُعَضِّدُهُ الْأُصُولُ وَتَقُومُ عَلَيْهِ الدَّلَائِلُ وَمَنْ خَالَفَهُ فَلَا دَلِيلَ مَعَهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ ".أ.هـ التمهيد (10/ 274)
وقال ابن عبد البر:" وإذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا؛ لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه لأن الله عز و جل يقول يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله" ولم يخص الله ورسوله يوم عيد من غيره من وجه تجب حجته فكيف بمن ذهب إلى سقوط الجمعة والظهر المجتمع عليهما في الكتاب والسنة والإجماع بأحاديث ليس منها حديث إلا وفيه مطعن لأهل العلم بالحديث ولم يخرج البخاري ولا مسلم بن الحجاج منها حديثا واحدا وحسبك بذلك ضعفا لها". التمهيد (10/ 277)
وقال ابن عبد البر:" ليس في شيء من آثار هذا الباب ما ذكرناه منها وما سكتنا عنه أن صلاة الجمعة لم يقمها الأئمة في ذلك اليوم وإنما فيها أنهم أقاموها بعد إذنهم المذكور عنهم وذلك عندنا لمن قصد العيدين غير أهل المصر والله أعلم". الاستذكار (2/ 386).
ثم جاء أقوام متأخرون فقالوا: بل الجمعة تسقط والظهر يسقط أيضاً :

زمن الشوكاني ( 1250 ه):
مال الشوكاني لهذا القول ولم يجهر به، فقد ذكر الشوكاني رواية ابن الزبير أنّه قال: "عيدان اجتمعا في يوم واحدٍ، فجمعهما جميعاً بِجَعْلِهما واحداً، وصلّى يوم الجمعة ركعتين بُكرةً صلاةَ الفِطْر، ثم لم يَزِد حتى صلّى العصر.. ".
ثم قال الشوكاني معقباً على هذه الروايةِ: "ظاهرُهُ أئه لم يُصَل الظهرَ، وفيه أن الجمعةَ إذا سقطت بوجهٍ منِ الوجوهِ المُسوِّغة لم يجب على مَن سقطت عنه أن يُصَلِّيَ الظهرَ؛ وإليه ذهب عطاءٌ، والظاهرُ أنه يقولُ بذلك القائلون بأن الجمعةَ الأصلُ، وأنت خبيرٌ بأنَ الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعةِ هو صلاة الجمعةِ، فإيجابُ صلاةِ الظهر على مَن تركها لعذرٍ أو لغير عذرٍ محتاجٌ إلى دليل، ولا دليل يَصْلُحُ للتمسّك به على ذلك فيما أعلم". "نيل الأوطار" (3/384)
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( 728هـ) : " إذَا اجْتَمَعَ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ . كَمَا تَجِبُ سَائِرُ الْجُمَعِ للعمومات الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ .
وَالثَّانِي : تَسْقُطُ عَنْ أَهْلِ الْبِرِّ مِثْلَ أَهْلِ الْعَوَالِي وَالشَّوَاذِّ ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عفان أَرْخَصَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ الْعِيدَ .
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ". مجموع الفتاوى (24/ 210)
الزمن المتأخر (1420هـ وما بعدها)
ولما كان هذا الزمن المتأخرزمن الصحوة الإسلامية ـ كما يسميها البعض ـ فقد وافق الكثير من العلماء مذهب الحنابلة، ومن هؤلاء:
1ـ الوادعي ( 1422هـ):
وأما الشيخ الوادعي فقد بقي على قول الحنابلة، فقد سئل فقيل له:
إذا اتفق العيد والجمعة فهل تسقط صلاة الجمعة والخطبة؟
فأجاب:
نعم إذا اتفق العيد والجمعة فقد ورد في حديث:" إنه اجتمع في يومكم هذا عيدان وإنا مجمعون، ومن أحب أن يحضر فليحضر" والظاهر أن به ضعفاً.
ثم أيضاً أن الناس انتظروا عبد الله بن الزبير ليخرج إليهم وكان الأمير ولم يخرج إليهم، وبعد ذلك سئل ابن عباس فقال:" أصاب السنة".
لكن لا يسقط الظهر، فمن حضر تجزئه، ومن لم يحضر يصلي ظهرا". من شريط:" الفتوى الشرعية على الأسئلة العقيقية".

2ـ الألباني ( 1420هـ)
قد كان الألباني يقول بقول الحنابلة لكنه يتوسع فيسقط الجمعة عن من حضر العيد وعن من لم يحضرها، ويسقط الدمعة عن إمام العيد وعن غيره، وهذا ظاهر من كلام الألباني حيث يقول:"- ظاهر حديث زيد بن أرقم عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ : " أنه صلى الله عليه وسلم صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال : من شاء أن يصلي فليصل " . يدل على أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركها الناس جميعا فقد عملوا بالرخصة وإن فعلها بعضهم فقد استحق الأجر وليست بواجبة عليه، من غير فرق بين الإمام وغيره". الأجوبة النافعة 7 (ص: 46)
لكن الألباني مال إلى سقوط الظهر أيضاً:
وقد مال الألباني للقول بسقوط الظهر لما سئل فقيل له: فضيلة الشيخ : مالجواب على حديث ابن الزبير : (عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر) رواه أبو داود وقضاه الشيخ فى الأجوبة النافعة ، فإنه يدل بظاهره على عدم مشروعية صلاة الظهر فى مثل هذه الحالة ، وإليه مال الشوكانى فى نيل الأوطار.
الشيخ : اعتقد أن السؤاال به خطأ أو به نقص ، فإن كان خطأ صحفه ، وإن كان ناقص فأكمله
السائل : اعيد السؤال
الشيخ : لا ، لا تعده ، أعده فى ذاكرتك لأنى فهمت السؤال ، إنما تأمل فى ردى وهو : إما أن يكون فى السؤال خطأ صحفه ،أ ما يكون ناقص فأكمله ، لأنك عندما تقول ما الجواب ؟ جواب عن ماذا ؟ أنت ما ذكرت !
بتقول الحديث صحيح وصححه الألبانى ، شو بتريد بقى ؟ الجواب عن ماذا ؟
السائل : عما يلى : فإنه يدل بظاهره على عدم مشروعية صلاة الظهر فى مثل هذه الحالة ،
الشيخ : إيه ، الجواب عن ماذا ؟
السائل : عن هذا ؟
الشيخ : ايش هذا يا أخى ، بتقول أنت أصحيح ما دل عليه الحديث ، أقول إن كان هذا سؤالك ، أقول هو صحيح وإلا كيف ذكر ، ولا ايش سؤالك ؟
السائل : والله ناقل ، أنا ناقل.
الشيخ : لكن لما نقلت فهمت ؟ ام لم تفهم".أ.هـ تفريغ سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني (406/ 59)
الحلبي ( تلميذ الألباني):
دعم القول بسقوط الجمعة وسقوط الظهر، وحاول أن يؤيد فتوى سقوط الظهر بأثر عن علي بن أبي طالب أخطأ بتصحيحه، حيث قال الحلبي :" فقد روى عبد الرزَاق في "المصنف" (3/305) وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/187) بسند صحيحٍ عن علي رضي الله عنه، أنَه اجتمع عيدان في يوم، فقال: "مَن أراد أن يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّع، ومَن أراد أن يجلسَ فليجلسْ " وفي "صحيح البخاري " (5251) نحوُهُ عن عثمان رضي الله عنه، وفي "سنن أبي داود" (1072) ، و"مصنف عبد الرزّاق" (رقم: 5725) بسندٍ صحيح عن ابن الزبير أنّه قال: "عيدان اجتمعا في يوم واحدٍ، فجمعهما جميعاً بِجَعْلِهما واحداً، وصلّى يوم الجمعة ركعتين بُكرةً صلاةَ الفِطْر، ثم لم يَزِد حتى صلّى العصر.. ". ".".أ.هـ أحكام العيدين في السنة المطهرة ـ المؤلف : أبو الحارث علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي (ص: 58)
وذكر الحلبي كلام الشوكاني السابق الذكر، ولم يعترض عليه، ولم يقيده، فدل على أنه يرتضيه.
وفي كلام الحلبي عدة أخطاء:
الخطأ الأول:
قوله:" فقد روى عبد الرزَاق في "المصنف" (3/305) وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/187) بسند صحيحٍ عن علي رضي الله عنه، أنَه اجتمع عيدان في يوم، فقال: "مَن أراد أن يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّع، ومَن أراد أن يجلسَ فليجلسْ ".
ووجه الخطأ أنه صححه هكذا دون أن يبين سنده، وحال رواته، وهذا الأثر ضعيف.
- حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ، ثُمَّ خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ: «يَا أَيَّهَا النَّاسُ، مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْعِيدَ فَقَدْ قَضَى جُمُعَتَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ». مصنف ابن أبي شيبة 5838 (2/ 7)
- عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال اجتمع عيدان في يوم فقال من أراد أن يجمع فليجمع ومن أراد أن يجلس فليجلس" قال سفيان يعني يجلس في بيته ". مصنف عبد الرزاق 5731 (3/ 305) والاستذكار (2/ 384)
هذا الأثر مداره على: عبد الأعلى:وهو عبد الأعلى بن عامر الثعلبى الكوفى من السادسة الذين عاصروا صغارالتابعين روى له ( أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه ) وهذا كلام علماء الحديث فيه:
1ـ قال عبيد الله بن أبي الأسود عن يحيى بن سعيد سألت الثوري عن أحاديثه عن ابن الحنفية فضعفها.
2ـ وقال أحمد عن ابن مهدي كل شيء روى عبد الأعلى عن ابن الحنفية إنما هو كتاب أخذه ولم يسمعه.
3ـ وقال عمرو ابن علي كان عبد الرحمن لا يحدث عنه قال وكان يحيى يحدثنا عنه .
4ـ وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه ضعيف الحديث .
5ـ وقال أبو زرعة ضعيف الحديث ربما رفع الحديث وربما وقفه.
6ـ وقال أبو حاتم ليس بقوي يقال إنه رفع إليه صحيفة لرجل يقال له عامر بن هني كان يروي عن ابن الحنفية .
7ـ وقال النسائي ليس بالقوي ويكتب حديثه.
8ـ وقال ابن عدي يحدث بأشياء لا يتابع عليها وقد حدث عنه الثقات .
9ـ وقال ابن أبي خيثمة عن ابن معين ليس بذاك القوي .
10ـ وقال الساجي صدوق يهم .
11ـ وقال يحيى بن سعيد يعرف وينكر.
12ـ وقال أبو علي الكرابيسي كان من أوهى الناس .
13ـ وقال العقيلي تركه بن مهدي والقطان.
14ـ وقال يعقوب بن سفيان يضعف يقولون إن روايته عن ابن الحنفية إنما هي صحيفة وقال في موضع آخر في حديثه لين وهو ثقة .
15ـ وقال ابن سعد كان ضعيفا في الحديث.
16ـ وقال الدارقطني يعتبر به وقال في العلل ليس بالقوي عندهم وصحح الطبري حديثه في الكسوف وحسن له الترمذي وصحح له الحاكم وهو من تساهله".أ.هـ تهذيب التهذيب 198 (21/ 94)

الخطأ الثاني:
قوله:" وفي "صحيح البخاري " (5251) نحوُهُ عن عثمان رضي الله عنه"
أقول: هذا خطأ فاحش ، لأن عثمان كان كلامه خاصاً بأهل العوالي، وليس لجميع المسلمين.
الخطأ الثالث:
قوله:" وفي "سنن أبي داود" (1072) ، و"مصنف عبد الرزّاق" (رقم: 5725) بسندٍ صحيح عن ابن الزبير أنّه قال: "عيدان اجتمعا في يوم واحدٍ، فجمعهما جميعاً بِجَعْلِهما واحداً، وصلّى يوم الجمعة ركعتين بُكرةً صلاةَ الفِطْر، ثم لم يَزِد حتى صلّى العصر"
أقول: هذا خطأ فاحش، لأنه اكتفى بسندٍ واحدٍ، وحكم عليه، ولأثر ابن الزبير عدة روايات متعارضة.

رد ابن عبد البر على من قال بسقوط الظهر:
قال ابن عبد البر: ( وقد روي في هذا الباب عن ابن الزبير وعطاء قولٌ منكر أنكره فقهاء الأمصار ولم يقل به أحد منهم).اهـ الاستذكار 7/25.
رد ابن عبد البر على من قال بسقوط الظهر:
قال ابن عبد البر: ( وقد روي في هذا الباب عن ابن الزبير وعطاء قولٌ منكر أنكره فقهاء الأمصار ولم يقل به أحد منهم).اهـ الاستذكار 7/25.
وقال ابن عبد البر: ( أما فعل ابن الزبير ... فلا وجه فيه عند جماعة الفقهاء وهو عندهم خطأ ... ) . اهـ في الاستذكار 7/ 126
وقال ابن عبد البر:" واختلف الآثار في ذلك أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم واختلف العلماء في تأويلها والأخذ بها
فذهب عطاء بن أبي رباح إلى أن شهود العيد يوم الجمعة يجزئ عن الجمعة إذا صلى بعدها ركعتين على طريق الجمع
وروي عنه أيضا أنه يجزيه وإن لم يصل غير صلاة العيد ولا صلاة بعد صلاة العيد حتى العصر وحكي ذلك عن ابن الزبير وهذا القول مهجور لأن الله عز و جل افترض صلاة الجمعة في يوم الجمعة على كل من في الأمصار من البالغين الذكور الأحرار فمن لم يكن بهذه الصفات ففرضه الظهر في وقتها فرضا مطلقا لم يختص به يوم عيد من غيره". التمهيد (10/ 268)
وقال ابن عبد البر:" ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة وأي الأمرين كان فإن ذلك أمر متروك مهجور وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر فإن الأصول كلها تشهد بفساد هذا القول لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد لم يسقط أحدهما بالآخر فكيف أن يسقط فرض لسنة حضرت في يومه هذا ، ما لا يشك في فساده ذو فهم". التمهيد (10/ 270)
وقال ابن عبد البر:" وأما القول الأول إن الجمعة تسقط بالعيد ولا تصلى ظهرا ولا جمعة فقول بين الفساد وظاهر الخطأ متروك مهجور لا يعرج عليه لأن الله عز و جل يقول إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ولم يخص يوم عيد من غيره". التمهيد (10/ 270)
الزمان الحالي ( 1440هـ):
ولما انتشر القول بسقوط الظهر أيضاً في هذه الأزمنة أصدرت اللجنة الدائمة برئاسة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ فتوى موسعة فيهذه المسألة ( رجحوا قول أحمد بن حنبل وابن تيمية والوادعي، وزادوا بمنع الأذان للظهر في المساجد التي لا يجمعون فيها، يريدون يصلون الظهر بلا أذان، وحذروا من فتوى اسقاط الظهر):" وقد وجه لها هذا السؤال: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .. أما بعد: فقد كثر السؤال عما إذا وقع يوم عيد في يوم جمعة فاجتمع العيدان: عيد الفطر أو الأضحى مع عيد الجمعة التي هي عيد الأسبوع، هل تجب صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد أم يجتزئ بصلاة العيد ويصلى بدل الجمعة ظهراً؟ وهل يؤذن لصلاة الظهر في المساجد أم لا؟ إلى آخر ما حصل عنه السؤال، فرأت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء إصدار الفتوى الآتية:
فأجابت بالجواب التالي:
في هذه المسألة أحاديث مرفوعة وآثار موقوفة منها:
1- حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه سأله: هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم، قال: كيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: (من شاء أن يصلي فليصل). رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي والحاكم في "المستدرك" وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وله شاهد على شرط مسلم. ووافقه الذهبي، وقال النووي في "المجموع": إسناده جيد.
2- وشاهده المذكور هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون). رواه الحاكم كما تقدم، ورواه أبو داود وابن ماجه وابن الجارود والبيهقي وغيرهم.
3- وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ثم قال: (من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ، ومن شاء أن يتخلف فليتخلف). رواه ابن ماجه ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" بلفظ: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوم فطر وجمعة، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال: (يا أيها الناس إنكم قد أصبتم خيراً وأجراً وإنا مجمعون، ومن أراد أن يجمع معنا فليجمع، ومن أراد أن يرجع إلى أهله فليرجع).
4- وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتمع عيدان في يومكم هذا فمن شاء أجزأه من الجمعة ، وإنا مجمعون إن شاء الله). رواه ابن ماجه، وقال البوصيري: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
5- ومرسل ذكوان بن صالح قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة ويوم عيد فصلى ثم قام، فخطب الناس، فقال: (قد أصبتم ذكراً وخيراً
فالخلاصة:
قال ابن هبيرة : واختلفوا إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد ، فقال أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي : لا تسقط الجمعة بحضور العيد ، ولا العيد بحضور الجمعة . وقال أحمد : إن جمع بينهما فهو الفضيلة ، وإن حضر العيد سقطت عنه الجمعة. اهـ الإفصاح 1 \ 174.
تلخيص مذاهب العلماء:
1ـ أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حزم: لزوم الجمعة على من شهد العيد ومن لم يشهده.
2ـ الحنابلة: الرخصة لكل من شهد العيد من قريب أو بعيد في ترك الجمعة ولابد من أداء الظهر، ولابد من إقامة الجمعة لمن لم يشهد العيد لمن يرغب في حضورها..
ترجيح قال ابن عبد البر: " وإذا احتملت هذه الآثار من التأويل ما ذكرنا لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه". التمهيد 10 \ 239 .
الحديث المرفوع الأول الدال على جواز ترك الجمعة يوم العيد:
((اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه عن الجمعة ، وإنا مُجْمِعُون إن شاء الله ))
هذا الحديث روى مسنداً، وروي مرسلاً، والراجح فيه الإرسال:
الرواية المسندة:
1ـ المغيرة الضبي :
- حدثنا محمد بن المصفى وعمر بن حفص الوصابي المعنى قالا ثنا بقية قال ثنا شعبة عن المغيرة الضبي عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة: عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال " قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون " قال عمر عن شعبة ".أ.هـ ـ سنن أبي داود 1073 (1/ 349) والسياق له.
2ـ زياد بن عَبد الله : البكائي ، صدوق في المغازي مسند البزار كاملا من 1-14 مفهرسا 8996 (2/ 479)
3ـ وهب بن يحيى بن حفص الحراني كذبه أبو عروبة ، وقال الدارقطني : كان يضع الحديث
4ـ أبو بلال الأشعري . ضعفه الدارقطني وغيره.]
5ـ هذيل الكوفي وهو مجهول .
6ـ عبيد الله بن محمد الفريابي وصله عن سفيان بن عيينة .والفريابي هذا لم أجد من ترجم له ، فهو مجهول .
7ـ صالح بن موسى الطلحي وهو متروك
فهؤلاء رروه مسنداً، بذكر الصحابي.
الرواية المرسلة:
1ـ الثوري:
- عبد الرزاق عن الثوري عن عبد العزيز عن ذكوان قال اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فطر وجمعة او أضحى وجمعة قال فخرج النبي صلى الله عليه و سلم فقال إنكم قد أصبتم ذكرا وخيرا وإنا مجمعون من أراد يجمع فليجمع ومن أراد أن يجلس فليجلس".
مصنف عبد الرزاق ـ ( كتاب صلاة العيدين ) ـ ( باب اجتماع العيدين ) ـ 5728 (3/ 304)
2ـ أبو عوانة: وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة ثبت.
3ـ سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي حافظ فقيه ، إمام حجَّة
4ـ زائدة بن قدامة الثقفي ثقة ثبت
5ـ أبو حمزة محمد بن ميمون السكري ثقة فاضل
6ـ شريك بن عبد الله القاضي صدوق يخطئ كثيرا
7ـ جرير بن عبد الحميد الضبي ثقة
فهؤلاء السبعة رووه مرسلا ، لم يذكروا شيخ عبد العزيز بن رفيع، وهذا هو المرسل الضعيف المشهور.
علماء الحديث الذين رجحوا الرواية المرسلة، وحكموا على المسندة بأنها شاذة منكرة:
1ـ الإمام أحمد بن حنبل
2ـ أبو حاتم الرازي
3- الدارقطني
4ـ الوادعي: حيث قال:" فقد ورد في حديث:" إنه اجتمع في يومكم هذا عيدان وإنا مجمعون، ومن أحب أن يحضر فليحضر" والظاهر أن به ضعفاً". من شريط:" الفتوى الشرعية على الأسئلة العقيقية".
العلماء الذين رجحوا الرواية المسندة:
1ـ الحاكم:
2ـ الذهبي:
3ـ البوصيري:
4ـ الألباني حيث يقول:" (قلت: حديث صحيح"!".أ.هـ صحيح أبي داود 984 (4/ 239)
مناقشة الشيخ الألباني:
الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ لم يتوسع في دراسة هذا الحديث، لذلك لم يصب في تصحيحه، ولم يرجع لكلام أبي حاتم في علله، ولا إلى كلام الدارقطني في علله، وهي مبينة أن من أسند هذا الحديث خطأ، فالمسند منه ضعيف خطأ.
ومما يدل على خطأ الرواية المسندة أن سندها لا يوجد في كتب الحديث إلا لهذا الحديث فقط، لا يوجد غيره البتة، مما يدل على أنه خطأ من بعض الرواة قطعاً.
تنبيه مهم: قد نبه الألباني كثيراً على أن تصحيح الحاكم وموافقة الذهبي لا يعتمد عيها، لأن الغفلة منهما تقع كثيراً.
الحديث المرفوع الثاني الدال على جواز ترك الجمعة يوم العيد:
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا ؟ قَالَ: نَعَمْ صَلَّى الْعِيدَ أَوَّلَ النَّهَارِ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ فَقَالَ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يُجَمِّعَ فَلْيُجَمِّعْ " مسند أحمد ط الرسالة 19318 (32/ 68)
هذا الحديث مدار سنده على إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ" وهو مجهول.
حكم العلماء على الحديث:
1ـ ابن المنذر:
ونقل ابن حجر عن ابن المنذر قال : هذا حديث لا يثبت وإياس بن أبي رملة مجهول".أ.هـ التلخيص [ ج2ص621] وانظر الميزان للذهبي [ج1ص282].
2ـ ابن القطان: وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام [ ج4ص204] : ( وهو كما قال ) يعني ابن المنذر .
3ـ ابن حجر العسقلاني: وقال ابن حجر في التقريب [ص156] : ( إياس بن أبي رملة الشامي ، مجهول من الثالثة )
4ـ قال محققوا المسند: وهذا إسناد ضعيف لجهالة إياس بن أبي رملة الشامي .
وقال الشيخ الألباني : صحيح.أ.هـ سنن أبي داود 1070 (1/ 348)
ونص كلام الألباني: لكن الحديث صحيح يشواهده الآتية في الكتاب.... وهو صحيح كما ذكرنا".أ.هـ صحيح أبي داود 981 (4/ 236)
مناقشة الألباني:
الألباني صحح رواية المجهول بروايات أخرى، وهذا مذهب غريب في التصحيح، لأن المعروف المشهور أن الرواية التي تتقوى هي ما كان الضعف فيها خفيفاً، بحيث يوجد عنده قليل من الضبط لكن لا يكفي لقبول روايته، فإذا ورد نفس المتن من رواية من هو مثله أو فوقه ممن ليسوا مدلسين ولا هم مقارنين له ولا متأخرين عنه، فربما يرتقي حديثه إلى الحسن لغيره إن سلم من المخالفة وسلم من التفرد الذي لا يحتمل، أما هكذا، فلا، فالمجهول مجهول يحتمل أنه كذابٌ وضاعٌ، ويحتمل أنه متروك، ويحتمل أنه أخذه عن وضاعين أو متروكين، وقد نص أحمد وغيره على أن الرواية المنكرة تبقى منكرة، لا تتقوى ولا تنجبر.
- وقال ابن هانئ: قيل له (يعني لأبي عبد الله أحمد بن حنبل): فهذه الفوائد التي فيها المناكير، ترى أن يكتب الحديث المنكر؟ قال: المنكر أبدًا منكر. ((سؤالاته)) (1925) و موسوعة أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل 4267 (11/ 58)
- وقال المروذي: ذكر له (يعني لأبي عبد الله) الفوائد. فقال: الحديث عن الضعفاء قد يحتاج إليه في وقت، والمنكر أبدًا منكر. ((سؤالاته)) (287) و موسوعة أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل 4276 (11/ 67)
ونص مسلم على أن الراوي المعروف المشهور الذي أمعن في مخالفة غيره من الثقات لا تقبل روايته، فكيف بالمجهول.
قال مسلم:" وَكَذَلِكَ مَنِ الْغَالِبُ عَلَى حَدِيثِهِ الْمُنْكَرُ أَوِ الْغَلَطُ أَمْسَكْنَا أَيْضًا عَنْ حَدِيثِهِمْ. وَعَلاَمَةُ الْمُنْكَرِ فِى حَدِيثِ الْمُحَدِّثِ إِذَا مَا عُرِضَتْ رِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِفْظِ وَالرِّضَا خَالَفَتْ رِوَايَتُهُ رِوَايَتَهُمْ أَوْ لَمْ تَكَدْ تُوَافِقُهَا فَإِذَا كَانَ الأَغْلَبُ مِنْ حَدِيثِهِ كَذَلِكَ كَانَ مَهْجُورَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مَقْبُولِهِ وَلاَ مُسْتَعْمَلِهِ. فَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِى أُنَيْسَةَ وَالْجَرَّاحُ بْنُ الْمِنْهَالِ.

الحديث المرفوع الثالث الدال على جواز ترك الجمعة يوم العيد:
- حدثنا جبارة بن المغلس . حدثنا مندل بن علي عن عبد العزيز بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: - اجتمع عيدان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى بالناس ثم قال ( من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها . ومن شاء أن يتخلف فليتخلف )".أ.هـ سنن ابن ماجه 1312 (1/ 416) وقال الشيخ الألباني : صحيح لغيره
هذا الحديث مداره على جبارة بن المغلس
وهذه كلمات علماء الحديث فيه:
1ـ أحمد بن حنبل:
ـ قال عبد الله بن أحمد : عرضت على أبي أحادث ، سمعتها من جبارة الكوفى . فقال في بعضها : هي موضوعة , أو هي كذب. ((العلل)) (1090) وموسوعة أقوال الإمام أحمد في الجرح والتعديل (1/ 426)
2ـ قال البخاري عنه:" حديثه مضطرب". التاريخ الصغير 2939 (2/ 375)
3ـ قال أبو حاتم:"ضعيف الحديث. الجرح والتعديل 2284 (2/ 550)
4ـ قال ابن معين:"جبارة كذاب. الجرح والتعديل 2284 (2/ 550)
5ـ أبو زرعة:" أما أنه كان لا يتعمد الكذب ولكن كان يوضع له الحديث فيقرؤه. الضعفاء وأجوبة أبي زرعة الرازي على سؤالات البرذعي ـ المؤلف: عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد الرازي أبو زرعة [194 - 264] (2/ 462)
6ـ قال ابن نمير عنه:": كان يوضع له الحديث فيحدث به وما كان عندي ممن يتعمد الكذب. الجرح والتعديل 2284 (2/ 550)
7ـ قال النسائي:" جبارة ضعيف". الضعفاء والمتروكين ـ المؤلف : أحمد بن شعيب أبو عبدالرحمن النسائي ـ 101 (ص: 28)
8ـ قال ابن حبان عنه:" كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ، أفسده يحيى الحماني حتى بطل الاحتجاج بأحاديثة المستقيمة لما شابها من الأشياء المتسفيضة عنه التي لا أصول لها فخرج بها عن حد التعديل إلى الجرح".". المجروحين لابن حبان 199 / 199 (1/ 258)
9ـ قال الدارقطني عنه:" متروك". سؤالات البرقاني للدارقطني ـ المؤلف: علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي 71 (ص: 20)
10ـ قال أبو داود: لم أكتب عنه، في أحاديثه مناكير وما زلت أراه وأجالسه وكان رجلا صالحا".أ.هـ تهذيب التهذيب 88 (7/ 21)
11ـ قال ابن عدي:" قال الشيخ ولجبارة أحاديث يرويها عن قوم ثقات وفي بعض حديثه ما لا يتابعه أحد عليه غير أنه كان لا يعتمد الكذب إنما كانت غفلة فيه وحديثه مضطرب كما ذكره البخاري". الكامل في الضعفاء (2/ 182)
خلاصة حاله:
1ـ رتبته عند ابن حجر : ضعيف
2ـ رتبته عند الذهبي : ضعيف
ومن كلمات الألباني في جبارة:
1ـ قال الألباني: قلت : وكثير ضعيف ومثله جبارة وهو ابن المغلس، بل لعله أشد ضعفا منه، فقد رماه بعضهم بالكذب، وبالجملة فالحديث ضعيف جدا". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3/ 171)
2ـ وقال:" قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ ليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف . ومثله أو شر منه جبارة بن المغلس". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (6/ 256)
3ـ وقال:" قلت: وهذا إسناد واه جداً، .... وجبارة بن المغلّس ضعيف، كذبه ابن معين. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14/ 297)
والآن وبعد الاطلاع على كلام العلماء في جبارة هل يتحسن حديثه، فضلاً عن أن يصحح كما فعل الألباني؟ وهل جبارة ينطبق عليه قول ابن الصلاح في بيان الحسن لغيره، عندما قال: " قلتُ: كُلُّ هذا مُسْتَبْهَمٌ لا يَشْفِي الغليلَ، وليسَ فيما ذَكَرَهُ التِّرمذيُّ والخطَّابيُّ ما يَفْصِلُ الحسَنَ مِنَ الصحيحِ. وقدْ أمعَنْتُ النَّظَرَ في ذلكَ والبحثَ جامعاً بينَ أطرافِ كلامِهِم، ملاحظاً مواقعَ استعمالِهم؛ فتنَقَّحَ لي واتَّضَحَ أنَّ الحديثَ الحسَنَ قِسْمانِ:
أحدُهُما: الحديثُ الذي لا يخلو رجالُ إسنادِهِ مِنْ مستورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أهليَّتُهُ، غيرَ أنَّهُ ليسَ مُغَفَّلاً كثيرَ الخطأِ فيما يَرْويهِ، ولا هوَ متَّهَمٌ بالكذبِ في الحديثِ، أي: لَمْ يَظهرْ منهُ تَعمُّدُ الكذبِ في الحديثِ ولا سببٌ آخرُ مفسِّقٌ، ويكونُ متنُ الحديثِ معَ ذلكَ قد عُرِفَ بأنْ رُوِيَ مِثْلُهُ أو نحوُهُ مِنْ وجهٍ آخرَ أو أكثرَ، حتَّى اعتضَدَ بمتابعةِ مَنْ تابعَ راويَهُ على مثلِهِ، أو بما لَهُ مِنْ شاهِدٍ، وهوَ ورُودُ حديثٍ آخرَ بنحوِهِ، فيَخْرُجُ بذلكَ عَنْ أنْ يكونَ شاذّاً ومُنْكَراً. وكلامُ الترمِذِيِّ على هذا القسمِ يتَنَزَّلُ.". مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث - ت فحل (ص: 100)
حكم العلماء على هذا الحديث:
1ـ قال ابن الجوزي في العلل المتناهية [ ج1ص473] : ( وهذا لا يصح ، مندل بن علي ضعيف جداً ، وأما جبارة فليس بشئ ) .
2ـ وقال ابن حجر في التلخيص [ ج2ص622] : ( وإسناده ضعيف ).
3ـ وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه [ ج1ص155] : ( إسناده ضعيف لضعف جبارة ومندل ).
تحقيق روايات حديث ابن الزبير، والتي في بعضها أنه ترك الجمعة والظهر يوم العيد:
حديث ابن الزبير له روايتان:
الرواية الأولى:
رواية وهب بن كيسان عن ابن الزبير:
الاسم : وهب بن كيسان القرشى مولاهم ، أبو نعيم المدنى ، المعلم مولى آل الزبير بن العوام ( و قيل مولى عبد الله بن الزبير )
الطبقة : 4 : طبقة تلى الوسطى من التابعين
الوفاة : 127 هـ
روى له : خ م د ت س ق ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر : ثقة
رتبته عند الذهبي : ثقة
1ـ طريق هشام بن عروة:
- حدثنا أبو اسامة عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان قال اجتمع عيدان في يوم فخرج عبد الله بن الزبير فصلى العيد بعد ما ارتفع النهار ثم دخل فلم يخرج حتى صلى العصر، قال هشام فذكرت ذلك لنافع أو ذكر له فقال ذكر ذلك لابن عمر فلم ينكره". مصنف ابن أبي شيبة 5841 (2/ 7) وهذا سنده صحيح .
ورد في رواية هشام بن عروة عن وهب بن كيسان أن ابن الزبير ترك صلاة الظهر، وترك الجمعة، وليس فيه ذكر مقالة ابن عباس: أصاب السنة.
2ـ طريق محمد بن إسحاق:
- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فِي يَوْمِ الْعِيدِ يَقُولُ حِينَ " صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ قَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ: أَيُّهَا النَّاسُ، كُلًّا كَذَا سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مسند أحمد ط الرسالة 16108 (26/ 33) إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد، وقد صرَّح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين،
ليس في هذا أن ابن الزبير ترك صلاة الجمعة وليس فيه أنه ترك صلاة الظهر، وليس فيه ذكر مقالة ابن عباس: أصاب السنة، بل فيه ان تقديم الخطبة على الصلاة في العيد سنة،
وتفرد محمد بن إسحاق في ذكره تقديم الخطبة على الصلاة سنة، فتكون خطئاً من ابن إسحاق،
ـ ورد في رواية محمد بن إسحاق عن وهب بن كيسان أنه صلى العيد فقط، ولم يذكر شيئا في الجمعة ولا في الظهر، ولم يذكر أصاب السنة.
2ـ طريق محمد بن إسحاق:
- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فِي يَوْمِ الْعِيدِ يَقُولُ حِينَ " صَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ قَامَ يَخْطُبُ النَّاسَ: أَيُّهَا النَّاسُ، كُلًّا كَذَا سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مسند أحمد ط الرسالة 16108 (26/ 33) إسناده حسن من أجل ابن إسحاق: وهو محمد، وقد صرَّح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين،
ليس في هذا أن ابن الزبير ترك صلاة الجمعة وليس فيه أنه ترك صلاة الظهر، وليس فيه ذكر مقالة ابن عباس: أصاب السنة، بل فيه ان تقديم الخطبة على الصلاة في العيد سنة،
وتفرد محمد بن إسحاق في ذكره تقديم الخطبة على الصلاة سنة، فتكون خطئاً من ابن إسحاق،
ـ ورد في رواية محمد بن إسحاق عن وهب بن كيسان أنه صلى العيد فقط، ولم يذكر شيئا في الجمعة ولا في الظهر، ولم يذكر أصاب السنة.

3ـ طريق عبد الحميد بن جعفر :
- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ ، قَالَ : اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَأَخَّرَ الْخُرُوجَ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارُ ، ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، وَلَمْ يُصَلِّ لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْجُمُعَةَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ.". سنن النسائي 1592 (3/ 194) والسياق له، و السنن الكبرى للنسائي 1807(2/ 311)
قال الشيخ الألباني : صحيح
- حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبد الحميد بن جعفر عن وهب بن كيسان قال اجتمع عيدان في عهد بن الزبير فأخر الخروج ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم صلى ولم يخرج إلى الجمعة فعاب ذلك أناس عليه فبلغ ذلك بن عباس فقال أصاب السنة فبلغ بن الزبير فقال شهدت العيد مع عمر فصنع كما صنعت ". مصنف ابن أبي شيبة 5836 (2/ 7) وقال ل الحاكم:" هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ".أ.هـ تعليق الذهبي قي التلخيص : على شرطهما ".أ.هـ المستدرك 1097(1/ 435)
ورد في رواية عبد الحمبد بن جعفر عن وهب بن كيسان أنه ترك الجمعة، ولم يذكر شأن الظهر، وذكر لفظ " أصاب السنة"
الاسم : عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصارى الأوسى ، أبو الفضل ، و يقال أبو حفص ، المدنى ( والد سعد )
الطبقة : 6 : من الذين عاصروا صغارالتابعين
الوفاة : 153 هـ
روى له : خت م د ت س ق ( البخاري تعليقا)
الخلاصة:
ـ رواية هشام بن عروة عن وهب بن كيسان أن ابن الزبير ترك صلاة الظهر، وترك الجمعة، ولم يذكر "أصاب السنة" والسند صحيح
ـ رواية بن إسحاق عن وهب بن كيسان أنه صلى العيد فقط، ولم يذكر شيئا في الجمعة ولا في الظهر، ولم يذكر أصاب السنة والسند حسن
ـ رواية عبد الحميد بن جعفر عن وهب بن كيسان أنه ترك الجمعة، ولم يذكر شأن الظهر، وذكر لفظ " أصاب السنة" والسند صحيح
/ فالظاهر أن ترك الجمعة هو المحفوظ، لأن هشام وعبد الحميد بن جعفر قالاه وهما يرجحان على محمد بن إسحاق.
/ والظاهر أن لفظ" اصاب السنة" منكر غير محفوظ تفرد به عبد الحميد بن جعفر، وهو دون هشام بن عروة،وحده ودون محمد بن إسحاق.
/ والظاهر أن ترك الظهر منكر غير محفوظ، تفرد به هشام بن عروة، وهو دون محمد بن إسحاق ودون عبد الحميد بن جعفر مجتمعين.
تنبيه:
مما يدل على أن عبد الحميد لم يضبط هذه الرواية أنه نقل أن ابن الزبير أخر الصلاة وقدم الخطبة في العيد، وهذا مخالف للسنة، ومخالف لرواية محمد بن إسحاق.
الرواية الثانية:
رواية عطاء عن ابن الزبير:
1ـ طريق ابن جريج:
- عبد الرزاق عن بن جريج قال قال عطاء ..... :" اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمان بن الزبير فقال بن الزبير:" عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا، بجعلهما واحدا، وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر". مصنف عبد الرزاق 5725 (3/ 303)
- حدثنا يحيى بن خلف ثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال قال عطاء : اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر . سنن أبي داود 1072 (1/ 349) وقال الشيخ الألباني : صحيح
هذه الرواية مطابقة لما قبلها.
تنبيه:
لم يرد في هذه الرواية ـ بن جريج قال قال عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه ترك الظهر.
- أخبرنا أبو بكر الفريابي ، ثنا عمرو بن علي ، ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : اجتمع يوم فطر ويوم جمعة زمن ابن الزبير فصلى ركعتين ، فذكر ذلك لابن عباس فقال : أصاب ". أحكام العيدين للفريابي 140 (ص: 151)
عنعنة ابن جريج المدلس:
لكن يستثنى ذلك في عطاء خاصة:
- حَدَّثَنا إبراهيم بن عَرْعرة ، قال : حدثنا يَحْيَى بن سعيد الْقَطَّان ، عن ابن جُرَيْج, قال : إذا قلت : "قال عَطَاء" فأنا سمعته منه ، وإن لم أقل سمعت". تاريخ ابن أبي خيثمة 858 (3/ 250)
وبناء على ذلك فعنعنة ابن جريج عن عطاء لا تضر.
تنبيه:
ـ لم يرد في هذه الرواية ـ بن جريج عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه ترك الظهر وترك الجمعة.
2ـ طريق منصور:
- حدثنا هشيم عن منصور عن عطاء قال:" اجتمع عيدان في عهد بن الزبير فصلى بهم العيد ثم صلى بهم الجمعة صلاة الظهر أربعا ". مصنف ابن أبي شيبة 5842 (2/ 7)
ومنصور هو: مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ ، لما رواه البخاري فقال: - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ...". صحيح البخاري 1721 (4/ 308)
الاسم : هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمى أبو معاوية بن أبى خازم ، و قيل أبو معاوية بن بشير بن أبى خازم ، الواسطى
روى له : خ م د ت س ق ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر : ثقة ثبت كثير التدليس و الإرسال الخفى
رتبته عند الذهبي : حافظ بغداد ، إمام ثقة ، مدلس.

الاسم : منصور بن زاذان الواسطى ،
روى له : خ م د ت س ق ( البخاري - مسلم - أبو داود - الترمذي - النسائي - ابن ماجه )
رتبته عند ابن حجر : ثقة ثبت عابد
رتبته عند الذهبي : ثقة كبير الشأن.
حكم هذه الرواية:
هشيم مدلس مشهور وقد عنعن، فالأصل التوقف في قبول هذه الرواية منه، حتى يأتي ما يقويها فتقبل، أو يعارضها فترد.
تنبيه:
لم يرد في هذه الرواية ـ منصور عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه صلى الظهر أربعا وترك الجمعة
3ـ طريق الأعمش:
- حدثنا محمد بن طريف البجلي ثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح قال : صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا وكان ابن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال أصاب السنة".أ.هـ سنن أبي داود 1071 (1/ 348) وقال الشيخ الألباني : صحيح
حكم هذا السند:
الأعمش مدلس مشهور ويدلس عن الضعفاء،وقد عنعن، فالأصل التوقف عن قبول روايته، حتى يأتي ما يقوي قبولها، أو يقوي ردها.
تنبيه:
ورد في هذه الرواية ـ الأعمش عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة". وورد أنه لم يصل الجمعة، ولم يذكر شأن الظهر.
خلاصة الرواية الثانية:
ـ لم يرد في هذه الرواية ـ بن جريج قال قال عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه ترك الظهر وترك الجمعة والسند صحيح
ـ لم يرد في هذه الرواية ـ هشيم عن منصور عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه صلى الظهر أربعا، فهو ترك الجمعة، لكن السند متوقف فيه فيترك ما يتفرد به.
ـ ورد في هذه الرواية ـ الأعمش عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة". وورد أنه ترك الجمعة، ولم يذكر شأنه في الظهر. لكن السند متوقف فيه فيترك ما يتفرد به.
/ والظاهر أن المحفوظ أنه ترك الجمعة، فقد اتفقوا عن عطاء في سقوط الجمعة.
/ فالظاهر أن لفظ "أصاب السنة" منكر غير محفوظ، لأنه تفرد به الأعمش، دون منصور وابن جريج، والأعمش كثير التدليس وقد ععن.
/ والظاهر أن ترك الظهر منكر غير محفوظ لأنه تفرد به ابن جريج دون منصور والأعمش.
/ والظاهر أن لفظ أنه صلى الظهر أربعا منكر، لأنه تفرد به هشيم عن منصور.
خلاصة الخلاصتين:
خلاصة الرواية الأولى:
ـ رواية هشام بن عروة عن وهب بن كيسان أن ابن الزبير ترك صلاة الظهر، وترك الجمعة، ولم يذكر "أصاب السنة" والسند صحيح
ـ رواية بن إسحاق عن وهب بن كيسان أنه صلى العيد فقط، ولم يذكر شيئا في الجمعة ولا في الظهر، ولم يذكر أصاب السنة والسند حسن
ـ رواية عبد الحميد بن جعفر عن وهب بن كيسان أنه ترك الجمعة، ولم يذكر شأن الظهر، وذكر لفظ " أصاب السنة" والسند صحيح
/ فالظاهر أن ترك الجمعة هو المحفوظ، لأن هشام وعبد الحميد بن جعفر قالاه وهما يرجحان على محمد بن إسحاق.
/ والظاهر أن لفظ" اصاب السنة" منكر غير محفوظ تفرد به عبد الحميد بن جعفر، وهو دون هشام بن عروة،وحده ودون محمد بن إسحاق.
/ والظاهر أن ترك الظهر منكر غير محفوظ، تفرد به هشام بن عروة، وهو دون محمد بن إسحاق ودون عبد الحميد بن جعفر مجتمعين.
خلاصة الرواية الثانية:
ـ لم يرد في هذه الرواية ـ بن جريج قال قال عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه ترك الظهر وترك الجمعة والسند صحيح
ـ لم يرد في هذه الرواية ـ هشيم عن منصور عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه صلى الظهر أربعا، فهو ترك الجمعة، لكن السند متوقف فيه فيترك ما يتفرد به.
ـ ورد في هذه الرواية ـ الأعمش عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة". وورد أنه ترك الجمعة، ولم يذكر شأنه في الظهر. لكن السند متوقف فيه فيترك ما يتفرد به.
/ والظاهر أن المحفوظ أنه ترك الجمعة، فقد اتفقوا عن عطاء في سقوط الجمعة.
/ فالظاهر أن لفظ "أصاب السنة" منكر غير محفوظ، لأنه تفرد به الأعمش، دون منصور وابن جريج، والأعمش كثير التدليس وقد ععن.
/ والظاهر أن ترك الظهر منكر غير محفوظ لأنه تفرد به ابن جريج دون منصور والأعمش.
/ والظاهر أن لفظ أنه صلى الظهر أربعا منكر، لأنه تفرد به هشيم عن منصور.
خلاصة خلاصة الخلاصتين:
خلاصة الرواية الأولى:
/ فالظاهر أن ترك الجمعة هو المحفوظ، لأن هشام وعبد الحميد بن جعفر قالاه وهما يرجحان على محمد بن إسحاق.
/ والظاهر أن لفظ" اصاب السنة" منكر غير محفوظ تفرد به عبد الحميد بن جعفر، وهو دون هشام بن عروة،وحده ودون محمد بن إسحاق.
/ والظاهر أن ترك الظهر منكر غير محفوظ، تفرد به هشام بن عروة، وهو دون محمد بن إسحاق ودون عبد الحميد بن جعفر مجتمعين.
خلاصة الرواية الثانية:
/ والظاهر أن المحفوظ أنه ترك الجمعة، فقد اتفقوا عن عطاء في سقوط الجمعة.
/ فالظاهر أن لفظ "أصاب السنة" منكر غير محفوظ، لأنه تفرد به الأعمش، دون منصور وابن جريج، والأعمش كثير التدليس وقد ععن.
/ والظاهر أن ترك الظهر منكر غير محفوظ لأنه تفرد به ابن جريج دون منصور والأعمش.
/ والظاهر أن لفظ أنه صلى الظهر أربعا منكر، لأنه تفرد به هشيم عن منصور.
خلاصة خلاصة الخلاصتين:
1/ أن ترك الجمعة هو المحفوظ:
2/ أن لفظ" اصاب السنة" منكر غير محفوظ .
3/ أن ترك الظهر منكر غير محفوظ .
4/ أنه صلى الظهر أربعا منكر، غير محفوظ.
رأي الشيخ الألباني:
قال الألباني:" - عن عطاء بن أبي رباح قال: صَلى بنا ابن الزبير في يوم عيد، في يومِ جمعة أولَ النهار، ثم رجعنا إلى الجمعة، فلم يَخْرُجْ إلينا، فصلينا وحدانآ، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا ذلك له؟ فقال: أصاب السنة" قال الألباني:(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم)
إسناده: حدثنا محمد بن طَرِيف البَجَلِيُّ: ثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء ابن أبي رباح.
قال الألباني: قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات على شرط مسلم ولم يخرجه؛ وأسباط: هو ابن محمد بن عبد الرحمن أبو محمد القرشي مولاهم، والأعمش: اسمه سليمان بن مهران، وهو مدلس، لكن الجمهور على الاحتجاج بعنعنته؛ حتى يتبين أنه دلس. كما أنه قد توبع هنا كما في الحديث الآتي". صحيح أبي داود 982 (4/ 238)
والظاهر أن قوله" أصاب السنة" دخلت في رواية صلاة العيد يوم الجمعة خطئاً، والصحيح أن ابن عباس قالها لما سهى ابن الزبير فسلم منركعتين، كما في الرواية التالية:
- عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن طاووسا أخبره أن بن الزبير قام في ركعتين من المغرب أو أراد القيام قال ما رأيت طاووسا إلا شك أيهما فعل نهض أو أراد النهوض ثم سجد سجدتين وهو جالس قال فذكرت ذلك لابن عباس قال فقال أصاب لعمري قلت وأخبرك أنه سجدها قبل التسليم أو بعد قال لا أدري". مصنف عبد الرزاق 3490 (2/ 311)
- عبد الرزاق عن بن جريج قال قال عطاء صلى بنا بن الزبير ذات يوم المغرب فقلت وحضرت ذلك قال نعم فسلم في ركعتين قال الناس سبحان الله سبحان الله فقام فصلى الثالثة فلما سلم سجد سجدتي السهو وسجدهما الناس معه، قال فدخل أصحاب لنا على بن عباس فذكر له بعضهم ذلك كأنه يريد أن يعيب بذلك بن الزبير فقال بن عباس أصاب وأصابوا". مصنف عبد الرزاق 3492 (2/ 312)
مناقشة رأي الشيخ الألباني:
النقاش الأول:
قول الألباني:"والأعم ش: اسمه سليمان بن مهران، وهو مدلس، لكن الجمهور على الاحتجاج بعنعنته؛ حتى يتبين أنه دلس. ".أ.هـ صحيح أبي داود 982 (4/ 238)
أقول: أخطأ الشيخ الألباني في قوله أن الجمهور على الاحتجاج بعنعنة الأعمش حتى يتبين أنه دلس، بل الجمهور على ترك عنعنة الأعمش حتى يصرح بالسماع من شيخه الذي عنعن عنه، وأن الأعمش إن لم بصرح فحديث ضعيف، لأنه يدلس عن الضعفاء، ولعل الشيخ الألباني قد غفل عن كلام العلماء في ذلك وعن كلامه هو نفسه في رد عنعنعة الأعمش، فمن ذلك:
1ـ قال الألباني: فقال الحافظ في "الفتح " (8/272) :" قال البزار: هذا الحديث كلامه منكر، ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة،فدلّسه، فصار ظاهر سنده الصحة، وليس للحديث عندي أصل. انتهى".أ.هـ صحيح أبي داود (7/ 222)
2ـ قال المعلمي:" ففي رواية الأعمش أحاديث كذلك ضعفها أهل العلم بعضها بضعف بعض من فوق الأعمش في السند وبعضها بالانقطاع ، وبعضها بأن الأعمش لم يصرح بالسماع وهو مدلس ، ومن هذا الأخير حديث في شأن معاوية ذكره البخاري في ((تاريخه الصغير)) ص 68 ووهنه بتدليس الأعمش". التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (1/ 139)
3ـ قال المعلمي: "وهذا أمر متفق عليه أن الأعمش كان يتشيع ويدلس وربما دلس عن الضعفاء وربما كان في ذلك ما ينكر". التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (1/ 150)
4ـ وقال المعلمي:" و السند عن أبي وائل فيه الأعمش ، و هو مدلس مشهور بالتدليس ، و ربما دلس عن الضعفاء". التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (3/ 377)
5ـ قال ابن ابي حاتم:" وسئل أبى عن الأعمش ومنصور فقال الأعمش حافظ يخلط ويدلس". الجرح والتعديل (8/ 178)
6ـ قال الألباني:" قد نص على ما ذكرنا الحافظ ابن حجر فقال في " التلخيص " ( ص 239 ) بعد أن ساق حديثا آخر : " و لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحا ، لأن الأعمش مدلس و لم يذكر سماعه " . سلسلة الأحاديث الصحيحة( 1/ 8 ) وبعض التاسع (1/ 103)
7ـ قال الألباني:" وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ولكن له أربع علل، ذكر ابن خزيمة ثلاثة منها فقال : إحداها : ... والثانية : أن الأعمش مدلس لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (3/ 316)
8ـ قال الألباني:" قلت : ومع ضعف هذه الطرق كلها ، وإمساك أبي معاوية عن التحديث به ؛ فلم يقع في شيء منها تصريح الأعمش بالتحديث . فإن الأعمش وإن كان ثقة حافظا لكنه يدلس كما قال الحافظ في " التقريب ". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (6/ 526)
9ـ قال الألباني:" والأعمش: مدلس، فيخشى أن يكون تلقاه عن بعض الضعفاء ، وبخاصة أن البيهقي أعله بالوقف، فقال عقبه:
" ورواه أبو شهاب عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يزيد الرقاشي عن أنس ابن
النقاش الثاني:
قول الألباني:" لكن الجمهور على الاحتجاج بعنعنته؛ حتى يتبين أنه دلس. كما أنه قد توبع هنا كما في الحديث الآتي".
أقول:
الألباني يريد رواية ابن جريج عن عطاء، يريد أنها مؤيدة لرواية الأعمش فتكون مقوية لها، فنحتاج أن نقارن بينهما، لنعرف أهي موافقة لها فتكون مقوية؟ أم هي مخالفة لها فتكون معللة مضعفة لها.
رواية ابن جريج:
- عبد الرزاق عن بن جريج قال قال عطاء ..... :" اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمان بن الزبير فقال بن الزبير:" عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا، بجعلهما واحدا، وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر". مصنف عبد الرزاق 5725 (3/ 303)
رواية الأعمش:
- حدثنا محمد بن طريف البجلي ثنا أسباط عن الأعمش عن عطاء بن أبي رباح قال : صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا وكان ابن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال أصاب السنة".أ.هـ سنن أبي داود 1071 (1/ 348)
عند التأمل والمقارنة بين الروايتين يظهر لنا أن رواية ابن جريج
ـ لم يرد في هذه الرواية ـ بن جريج قال قال عطاء ـ قوله" أصاب السنة" وورد فيها أنه ترك الظهر وترك الجمعة والسند صحيح
ـ ورد في هذه رواية ـ الأعمش عن عطاء ـ قوله" أصاب السنة". وورد أنه ترك الجمعة، ولم يذكر شأنه في الظهر.
فرواية ابن جريج تؤيد رواية الأعمش في ترك ابن الزبير للجمعة، فيصح هذا، ويكون محفوظاً.
ـ رواية ابن جريج لم يرد فيها" أصاب السنة" فلا يوجد ما يؤيد رواية الأعمش لهذه اللفظة، فيلزم التوقف في قبولها، وقد تأيد نكارتها بأن منصور لم يذكرها أيضاً، فرواية ابن جريج تضر رواية الأعمش في لفظ " أصاب السنة"
ورواية ابن جريج فيها أن ابن الزبير ترك الظهر، ولم يذكر الأعمش، ورواية الاعمش تؤيدها رواية منصور،
وبناء على ذلك فالذي يتقوى من رواية الأعمش هو ترك ابن الزبير الجمعة فقط.
مع ملاحظة أن الألباني لم يذكر رواية هشيم عن منصور، وهي مهمة لاستحراج الخطأ من الرواة، وكذلك لميجمع الألباني سائر متابعات الرواية عن ابن الزبير، فلم يجمع الروايات عن وهب بن كيسان عن ابن الزبير، لتكتمل المقارنة والاعتبار للمتابعات فيظهر الخطأ، ويعرف المحفوظ من المنكر.
الوادعي:
سئل الوادعي فقيل له:
إذا اتفق العد والجمعة فهل تسقط صلاة الجمعة والخطبة؟
فأجاب:
نعم إذا اتفق العيد والجمعة فقد ورد في حديث:" إنه اجتمع في يومكم هذا عيدان وإنا مجمعون، ومن أحب أن يحضر فليحضر" والظاهر أن به ضعفاً.
ثم أيضاً أن الناس انتظروا عبد الله بن الزبير ليخرج إليهم وكان الأمير ولم يخرج إليهم، وبعد ذلك سئل ابن عباس فقال:" أصاب السنة".
لكن لا يسقط الظهر، فمن حضر تجزئه، ومن لم يحضر يصلي ظهرا". من شريط:" الفتوى الشرعية على الأسئلة العقيقية".
الخلاصة :
1ـ أن قول ابن عباس عن فعل ابن الزبير:" أصاب السنة" لا يثبت، ولا يصح لأن الأوثق والأكثر لم يرووه".
2ـ أن ترك ابن الزبير لصلاة الظهر يوم اجتماع العيد والجمع غير ثابت عنه، ولا يصح لأن الأوثق والأكثر لم يرووه".
3ـ أن صلاة ابن الزبير الظهر أربعا لم تثبت، ولا تصح لأن الأوثق والأكثر لم يرووها".
4ـ أن ابن الزبير ترك الجمعة، وهذا ما اتفق عليه جميع الرواة.
فالذي صح هو ترك ابن الزبير الجمعة، وغير ذلك لم يصح.
وترك الجمعة من قبل ابن الزبير يخالف فعل عثمان بن عفان، والظاهر أن ابن الزبير أخطأ بهذا الاجتهاد، ولابن الزبير في خلافته اجتهادات أخطأ فيها، وخُطِئَ فيها، فمن ذلك منعه من متعة الحج.
من اجتهادات ابن الزبير الخاطئة المخالفة للسنة أنه نَهَى عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ:
- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: إِنَّا لَبِمَكَّةَ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَنَهَى عَنِ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ صَنَعُوا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: وَمَا عِلْمُ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِهَذَا، فَلْيَرْجِعْ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ فَلْيَسْأَلْهَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الزُّبَيْرُ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهَا حَلَالًا وَحَلَّتْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَسْمَاءَ فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللهِ لَقَدْ أَفْحَشَ ، وَاللهِ قَدْ صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ " لَقَدْ حَلُّوا وَأَحْلَلْنَا وَأَصَابُوا النِّسَاءَ ".مسند أحمد ط الرسالة 16103 (26/ 28) وإسناده حسن، ابن إسحاق- وهو محمد- صدوق، حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن يسار.

قال ابن عبد البر:" أما فعل بن الزبير وما نقله عطاء من ذلك وأفتى به على أنه قد اختلف عنه فلا وجه فيه عند جماعة الفقهاء وهو عندهم خطأ إن كان على ظاهره لأن الفرض من صلاة الجمعة لا يسقط بإقامة السنة في العيد عند أحد من أهل العلم". الاستذكار (2/ 385)
نتائج البحث:
1ـ ضعف قول احمد بن حنبل وابن تيمية والألباني والوادعي في قولهم بسقوط وجوب الجمعة لأن جميع الأحاديث غير حديث عثمان ضعيفة.
2ـ حديث عثمان بن عفان ليس فيه معارضة لوجوب الجمعة، لأن رخصة عثمان كانت لأهل العوالي، وهم لا تجب عليهم الجمعة، فرخص لهم تطييباً لأنفسهم، ولو لم يرخص لهم لما لزمتهم الجمعة ولا العيد.
3ـ هناك فرق بين قول أحمد بن حنبل وابن باز والوادعي في جمعة الإمام، هل الإمام يصلي الجمعة أم لا، وبين قول الألباني، إذ أن الألباني يسقط وجوب الجمعة حتى على الإمام، بل ويسقطها عن من لم يشهد العيد من أهل المصر، بل ومال الألباني لسقوط الظهر أيضاً.
4ـ أن الواجب عند اجتماع العيد والجمعة هو أن تصلى الجمعة في وقتها، كماقال الأحناف ومالك والشافعي وابن حزم.

والله تعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .