فعلى الزوجين أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله تبارك وتعالى واتباع أحكامه الثابتة في الكتاب والسنة، ولا يقدما عليها تقليداً أو عادة غلبت على الناس،أو مذهباً . فقد قال عز وجل: ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا). الأحزاب : 36 ، آداب الزفاف ص : 206 بتصرف .
ثانياً : التزام كل من الزوجين بالواجبات الموكلة له
على الزوجين أن يلتزم كل واحد منهما القيام بما فرض الله عليه من الواجبات والحقوق تجاه الآخر ، فلا تطلب الزوجة - مثلاً - أن تساوي الرجل في جميع حقوقه ، ولا يستغل الرجل ما فضله الله تعالى به عليها من السيادة والرياسة ؛ فيظلمها ويضربها بدون حق . .......... قال صلى الله عليه وسلم :( المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا). مسلم برقم : 1827. (انظر: آداب الزفاف ص : 206)
ثالثاً : إعانة كلا الزوجين للطرف الآخر على طاعة الله
على الزوجين أن يتعاونا على العبادات والنوافل والأذكار فعلى الزوجة إعانة زوجها على طاعة الله وحثه على فعل الخيرات ، وكذلك الزوج ؛ ففي ذلك مرضاة لله وإحياء للبيت .
أما المعصية فتجلب الهم والغم ، وتوجب الشقاء والتعاسة، وتطبع سوادا في الوجه وقسوة قي القلب ، وتتبدل السعادة إلى شقاء والحب إلى كره . قال أحد السلف : ( إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي ) .
وجاء في الحديث : ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) مسلم برقم : 1467 وغيره .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء . ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها ،فإن أبى نضحت في وجهه الماء) أبو داود برقم:1308وابن ماجة برقم:1336والحاكم:ب رقم:1164 وقال:(صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) .
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات) أبو داود برقم : 1451، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب برقم : 626.
وعن عائشة قالت :(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت) مسلم برقم : 512 والفظ له ، والبخاري برقم : 952 .
وعن ابن عباس رضي الله عنه رضي الله عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية ، وكان اسمها برة فحول اسمها ، فخرج [ رسول الله ] وهي في مصلاها ودخل وهي في مصلاها ، فقال: (ألم تزالي في مصلاك هذا) ؟ قالت: نعم، قال:(قد قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) ) سنن أبي داود برقم : 1503 وهو صحيح ، وأصله في صحيح مسلم برقم : 2726 ..
رابعاً : وضع الخطوط العريضة للحياة الزوجية
على الزوجين أن يحددا الخطوط العريضة لحياتهما في بداية المشوار ، ويضعا النقاط على الحروف ؛ ليعلم كل طرف ما له فيأخذه وما عليه فيعطيه , فتتصرف المرأة حسب رغبة زوجها ويراعي الزوج رغباتها أيضا . وانظر إلى الحوار الذي جرى بين شريح وزوجه زينب ليلة زفافهما ، قالت الزوجة : ( الحمد لله احمده وأستعينه وأصلي على محمد وآله ، إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك ؛ فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأزدجر عنه . إنه قد كان لك في قومك منكح وفي قومي مثل ذلك ولكن إذا قضى الله أمرا كان . وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به،إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولك) . قال شريح فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلتُ : ( الحمد لله أحمده واستعينه وأصلي على النبي وآله وسلم وبعد : فإنك قد قلت كلاما إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك . أحب كذا وأكره كذا ، ونحن جميع فلا تفرقي ، وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها ) قالت : وكيف محبتك لزيارة الأهل ؟ قال : ما أحب أن يملني أصحابي . قالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن لهم ومن تكرهه أكرهه ؟ قلت : بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم سوء . ثم ذكر شريح للشعبي أنه مكث مع زوجته لا يرى منها إلا ما يحب عشرين عاما) . انظر فالخطوط العريضة التي وضعت بينهم أغنتهم من وقوع المشاكل والخلافات لمدة عشرين عاما .
خامساً : فهم النفسيات
فعلى كلا الزوجين أن يفهم نفسية الآخر ، ويدرسها دراسة دقيقة ، فلا بد للزوج أن يكون عارفا حاذفا لنفسية زوجته ؛ حتى يستطيع من خلال هذه النفسية أن يتعامل معها بالأسلوب المناسب ولا بد للزوجة أن تكون عارفة حاذفة لنفسية زوجها أيضا ؛ حتى لا تنزعج من بعض التصرفات التي لا تعجبها منه . ولعل المشكلة التي يعيشها معظم الأزواج اليوم هي : أن المرأة تتعامل مع الرجل بأنه امرأة ، والرجل يتعامل مع المرأة بأنها رجل من غير مراعاة نفسية الطرف الأخر .
عُملت دراسة عالمية على إحدى عشرة دولة في العالم فتبين أن (92%) من نسبة المشاكل الزوجية متعلقة في الحوار بين الزوجين ،وعدم قدرتهم على التفاهم ، وهذا لا شك خطير للغاية . ولو نظرنا في سيرة المصطفى صلوات الله عليه وسلامه لوجدنا كيف استطاع أن يفهم نفسية أزواجه صلى الله عليه وسلم ، حيث تقول عائشة: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت عني غضبى ) ، فقلت: من أين تعرف ذلك ؟ فقال: ( إذا كنت عني راضية ؛ فإنك تقولين : لا ورب محمد ، وإذا كنت علي غضبى؛ قلت : لا ورب إبراهيم ) . قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله ! ما أهجر إلا اسمك) البخاري برقم : 4930 ، ومسلم برقم : 2439 .
. فيبن لنا هذا الحديث دقة عناية النبي صلى الله عليه وسلم بنفسية عائشة حتى أنه أصبح يعلم ما يرضيها وما يغضبها من خلال قسمها .
فإذن : فهم النفسيات في الحياة الزوجية يساعد الزوجين على : فهم أحدهما للآخر ، وحسن التعامل معه ، والتقليل من نسبة الغضب بينهما ، ويزيد من نسبة الارتياح النفسي والاجتماعي ، كما أنه يعلم كل طرف بصفاته وخصائصه وقدراته ومواهبه .
سادساً: ترضية كلا الزوجين للطرف الآخر إن غضب
إذا غضب أحد الزوجين وجب على الآخر ترضيته والاعتذار له و الحلم به ؛ لأن حال الغضبان كحال السكران ، لا يدري ما يقول ولا يدرك ما يفعل . وإذا قوبل الغضب بالغضب فإن المسألة سوف تعظم وتكبر وقد تأخذ منحى آخر وقد تصل إلى الطلاق . لذا قال أبو الدرداء لامرأته : ( إذا رأيتيني غضبت فرضني . وإذا رأيتك غضبى رضيتك ؛ وإلا لم نصطحب ) .
سابعاً : الإرواء العاطفي بين الزوجين
لا بد من الإرواء العاطفي بين الزوجين ، حيث إن الحياة الزوجية لا تستمر بجفاف عاطفي ؛ وهذا يحتاج إلى وقت وتأسيس . فالتوافق العاطفي والعقلي يحتاج إلى وقت طويل بين الزوجين الناشئين ، ولن يتم ذلك عادة دون أن يتنازل كل من الزوجين عن بعض أنماط سلوكه وعاداته القديمة ، ويقع العبء الأكبر على المرأة في ذلك ؛ لكونها تابعة للرجل .
فالكلمة الطيبة الدافئة ، والتعبير العاطفي ، والعبارات الرقيقة كإعلان الحب للزوجة مثلا والعكس ، وإشعار المرأة بأنها أجمل امرأة في عينه ، وإشعاره أنه أفضل رجل في العالم ، كل ذلك يساعد على تنمية الحب والمودة بينهما . ولا تنسيا أن الكلمة الطيبة صدقة. جزء من حديث رواه البخاري برقم : 2827 ، ومسلم برقم : 1009 .
ثامناً : استشارة كلا الزوجين للآخر وعرض مشاكله عليه
على الرجل أن يشعر الزوجة أن لها أهميه في حياته ، وعليه أن يجعلها تشاركه في القرارات ؛ لما لذلك من أهمية بالغة في نفسية المرأة ، وكذا الزوجة . فيعرضا مشاكلهما وهمومهما على بعض ويطلبا الحلول المناسبة ولو كان أحدهما يعلم أن رأي الطرف الآخر غير صائب وأنه لن يأخذ به .
تاسعاً : التوجيه بالكلمة الطيبة
على كلا الزوجين معالجة القصور والنقص عند الطرف الآخر بألطف الأساليب واقرب الطرق ، من خلال الكلمة الطيبة والتوجيه الحسن ، بعيدا عن النرفزة والإثارة والغضب ورفع الصوت ..... .
عاشراً :التغاضي عن الزلات
على الزوجين التغاضي عن زلات وهفوات الطرف الآخر وعليهما تذكر الحسنات والإيجابيات عند رؤية السلبيات . فاعلما أن الأخطاء تبدو كبيرة عندما يكون الحب صغيرا ، وتبدو صغيره عندما يكون الحب كبيراً :
وإذا الحبيب أتى بذنب واحــــــــد جاءت محاسنه بألف شفيـــــــــــع
قال ابن المبارك : ( المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات) وقد سأل صديق صديقه صف لي عيوبي ، فأجابه :
( نظرت لك بعين الرضا ) وأنشد قائل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلـة كما أن عين السخط تبدي المساويا