الأصول المرعية في المحادثات الهاتفية
د·رشيدة محمد أبوالنصر

عزيزتي الأم :

من نعم الله علينا في هذا العصر >الهاتف<، فمن خلاله يستطيع الإنسان أن يؤدي الكثير من الأعمال وهو في مكانه، فضلاً على أنه أصبح وسيلة لصلة الأرحام ولا سيما للنساء، ومع هذه الفوائد العظيمة نجد أن موازنة بعض الأسر المسلمة أصبحت تنوء من جراء الفواتير الهاتفية الملتهبة سواء ما كان منها >نقالاً< أو منزلياً وأحب في هذا المقال أن أشير إلى أهم الآداب التي ينبغي على المرأة أن تغرسها في نفوس أبنائها عند استخدامهم للهاتف حتى تحفظ مال زوجها وتوجه أولادها الوجهة السليمة على أن يتمسكوا بما يلي·
1 ـ أن يتأكد المتصل من صحة الرقم الذي يريده أولاً قبل إجراء الاتصال حتى لا يوقظ نائماً أو يزعج مريضاً، وإذا ما حدث أن تلقى المسلم مكالمة بطريق الخطأ فعليه ألا يعنف بل يلتمس المعاذير·
2 ـ اختيار الوقت الملائم للاتصال، إذ على المتصل أن يبتعد عن أوقات النوم والطعام·
3 ـ إذا تأكد أن المتصل عليه رفع سماعة الهاتف، فإنه يلزم أن يلقي عليه تحية الإسلام بقوله >السلام عليكم ورحمة الله وبركاته<، وكذلك عند إنهاء المحادثة، كما يجب عليه أن يقدم نفسه أولاً حتى يريح السامع·
4 ـ عدم إطالة زمن المكالمة فيما لا نفع من ورائه، لأن البعد عن اللغو من أركان الفلاح، ودلائل الاكتمال، وقد ذكره القرآن بين فريضتين من فرائض الإسلام المحكمة، هما: >الصلاة والزكاة<، حيث يقول الله تبارك وتعالى: (قد أفلح المؤمنون· الذين هم في صلاتهم خاشعون· والذين هم عن اللغو معرضون· والذين هم للزكاة فاعلون) المؤمنون:1 ـ 4·
وقد كرَّه الإسلام اللغو، لأنه مضيعة للوقت في غير ما خُلق الإنسان له من جد وإنتاج، وبقدر تنزه المسلم عن اللغو، تكون درجته عند الله، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: توفي رجل، فقال رجل آخر ـ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع: أبشر بالجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو لا تدري؟ فلعله تكلم فيما لا يعنيه، أو بخل بما لا ينقصه< رواه الترمذي· فمن نصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: >عليك بطول الصمت، فإنه مطردة للشيطان، وعون لك على أمر دينك< رواه أحمد
حقاً إن اللسان حبل مرخي في يد الشيطان يُصرف صاحبه كيف شاء، فإذا لم يملك الإنسان أمره، كان فمه مدخلاً للنفايات التي تلوث قلبه، وتضاعف فوقه حجب الغفلة· وبعد··· عزيزتي الأم فإن هذه آداب تتطلب تعهداً مستمراً منك، ولن تصلح تربية إلا إذا اعتمدت على الأسوة الحسنة، فكما قيل قديماً هل يستقيم الظل والعود أعوج!