والهجرة في اللغة:الترك.
وفي الشرع:ترك ما لا يحبه الله ويرضاه إلى ما يحبه ويرضاه.
ويدخل في هذا المعنى الشرعي:
-هجر الشرك.
- يدخل فيه: ترك محبة غير الله ورسوله.
- يدخل فيه:ترك بلد الكفر؛ لأن المقام فيها لا يرضاه الله - جل وعلا - ولا يحبه.
قال: (الهجرة: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام) الانتقال يعني: ترك بلد الشرك والذهاب إلى بلد الإسلام.
وسبب الهجرة - يعني: سبب إيجاب الهجرة أو سبب مشروعية الهجرة - أن المؤمن يجب عليه أن يظهر دينه معتزاً بذلك مبيناً للناس مخبراً أنه يشهد شهادة الحق؛ لأن الشهادة لله -جل وعلا- بالتوحيد، ولنبيه بالرسالة؛ فيها إخبار الغير، وهذا الإخبار يكون بالقول والعمل، فإظهار الدين به يكون إخبار الغير عن مضمون الشهادة ومعنى الشهادة، فلهذا كانت الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام واجبة، إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه؛ لأن إظهار الدين واجبٌ في الأرض، وواجب على المسلم أن يظهر دينه وأن لا يستخفي بدينه، فإذا كان إظهاره لدينه غير ممكن في دارٍ وجب عليه أن يتركها، يعني: وجب عليه أن يُهاجر.
[تعريف بلد الشرك]
قال: (الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام) بلد الشرك: هي كل بلد يظهر فيها الشرك ويكون غالباً.
إذا ظهر الشرك في بلد وصار غالباً، يعني: كثيراً أكثر من غيره صارت تسمى بلد شرك، سواءً كان هذا الشرك في الربوبية، أو كان في الإلهية، أو كان في مقتضيات الإلهية من الطاعة والتحكيم ونحوها.
بلد الشرك: هي البَلَدُ التي يظهر فيها الشرك ويكون غالباً، هذا معنى ما قرره الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - حينما سئل عن دار الكفر، ما هي؟ قال: (دار الكفر: هي الدار التي يظهر فيها الكفر ويكون غالباً).
إذاً: إذا ظهر الشرك في بلدة وصار ظهوره غالباً - ومعنى ذلك: أن يكون منتشراً ظاهراً بيناً، غالباً الخير - فإن هذه الدار تسمى بلد شرك، هذا باعتبار ما وقع وهو الشرك.
أما باعتبار أهل الدار: فهذه مسألة فيها خلاف بين أهل العلم، هل يُنظر في تسمية الدار بدار إسلام ودار شرك إلى أهلها ؟
وقد سئل شيخ الإسلام - رحمه الله -عن بلد تظهر فيها أحكام الكفر، وتظهر فيها أحكام الإسلام، فقال: (هذه الدار لا يحكم عليها أنها دار كفر، ولا أنها دار إسلام، بل يعامل فيها المسلم بحسبه، ويعامل فيها الكافر بحسبه).
وقال بعض العلماء: (الدار إذا ظهر فيها الأذان، وسُمِع أوقاتَ الصلوات، فإنها دار إسلام؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان إذا أراد أن يغزو قوماً - أن يُصَبِّحهم - قال لمن معه: انتظروا، فإن سمع أذاناً كف، وإن لم يسمع أذاناً قاتل).
وهذا فيه نظر؛ لأن الحديث على أصله، وهو أن العرب حينما يعلون الأذان معنى ذلك أنهم يُقرون ويشهدون شهادة الحق؛ لأنهم يعلمون معنى ذلك، فهم يؤدون حقوق التوحيد الذي اشتمل عليه الأذان، فإذا شهدوا ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ورفعوا الأذان بالصلاة فمعنى ذلك أنهم انسلخوا من الشرك، وتبرؤوا منه، وأقاموا الصلاة.
وقد قال - جل وعلا -: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}.
{فَإِنْ تَابُوا} يعني من الشرك {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} ذلك بأن العرب كانوا يعلمون معنى التوحيد، فإذا دخلوا في الإسلام، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، دل ذلك على أنهم يعملون بمقتضى ذلك.
أما في هذه الأزمنة المتأخرة، فإن كثيرين من المسلمين يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولا يعلمون معناها، ولا يعملون بمقتضاها، بل تجد الشرك فاشياً فيهم، ولهذا نقول: إن هذا القيد أو هذا التعريف، وهو أن دار الإسلام هي الدار التي يظهر فيها الأذان بالصلوات، أنه في هذه الأزمنة المتأخرة أنه لا يصح أن يكون قيداً، والدليل على أصله، وهو أن العرب كانوا ينسلخون من الشرك، ويتبرؤون منه ومن أهله، ويقبلون على التوحيد، ويعملون بمقتضى الشهادتين، بخلاف أهل هذه الأزمان المتأخرة.
والأظهر: هو الأول في تسمية الدار، ولا يلزم من كون دارٍ ما دار شرك أو دار إسلام، لا يلزم من هذا أن يكون لهذا حكم على الأفراد الذين في داخل الدار، بل قلنا: إن الحكم عليها بأنها دار كفر أو دار شرك هذا بالأغلب لظهور الشرك والكفر، ومن فيها يعامل كل بحسبه، خاصةً في هذا الزمن؛ لأن ظهور الكفر وظهور الشرك في كثير من الديار ليس من واقع اختيار أهل تلك الديار، بل هو ربما كان عن طريق تسلط إما الطرق الصوفية مثلاً، أو عن تسلط الحكومات، أو نحو ذلك كما هو مشاهد معروف، لهذا نقول: إن اسم الدار على نحو ما بينت، أما أهلها فيختلف الحال.
[ الهجرة العامة، والهجرة الخاصة]
قال: (الهجرة الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام)
الهجرة من حيث مكانها تنقسم إلى:
هجرة عامة، وهجرة خاصة.
-الهجرة العامة: هي التي عرفها الشيخ هنا: ترك بلد الشرك إلى بلد الإسلام، الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام.
بلد الشرك أي بلد إلى أن تطلع الشمس من مغربها، أي بلد ظهر فيها الشرك، وظهرت فيها أحكام الشرك، وكان ذلك غالباً، فإن الهجرة منها تسمى هجرة، وهذه هجرة عامة من حيث المكان يمكن أن تكون متعلقة بأي بلد