أخرج أبو نعيم في الحلية [10492] ومن طريقه الديلمي كما في الغرائب الملتقطة [398] - واللفظ له -، من طريق أبي الشيخ الأصبهاني، قال:
حدثنا عمرو بن على، حدثنا خالد بن الحارث، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن ابن عمر، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفضل الأعمال عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة جماعة ". اهـ.
وعند أبي نعيم زيادة: عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ لِحِمْرَانَ بْنِ أَبَانَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ؟ قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةِ الصُّبْحِ، قَالَ: أَوَمَا بَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فذكره.
قال أبو نعيم: "تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدٌ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ غُنْدَرٌ مَوْقُوفًا". اهـ، قلتُ: وهذا يعني لم يُتابع خالد على رفعه.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان [3045]، وفضائل الأوقات [288]، من طريق أبي بكر الصيرفي، قال: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، ثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، ثنا شُعْبَةُ، به مرفوعًا.
قال البيهقي: "هذا حديث غريب". اهـ.
وأخرج الدارقطني كما في العلل [3127]، فقال: حدثنا ابن صاعد لفظا، قال: سمعت عمرو بن علي، قال: عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ.
قال الدارقطني: "وَوَقَفَهُ غُنْدَرٌ، وَغَيْرُهُ عَنْ شُعْبَةَ. وكذلك قال هشيم، عن يعلى بن عطاء، موقوفا، وهو الصحيح". اهـ.
قلتُُ: لم أقف مسندا على رواية غندر ولا غيره ولا على رواية هشيم، ولعل رواية أحدهم هي فيما أخرجه سعيد بن منصور في سننه كما في نور اللمعة في خصائص الجمعة (ص:18) للسيوطي فقال:
أخرج سعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر أنه [فقد] حمران في صلاة الصبح، فلما جاء قال: "ما شغلك عن هذه الصلاة؟ أما علمت أن أوجه الصلاة عند الله غداة الجمعة من يوم الجمعة في جماعة المسلمين". اهـ.
قلتُ: فخالد بن حارث الهجيمي "كثير الشكوك"، كذا قال أبو داود، أما غندر وهو محمد بن جعفر قال عنه عبد الرحمن بن مهدي: "غندر في شعبة أثبت مني"، ومرة : "كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة".
وقال العجلي: "ثقة ، كان من أثبت الناس في حديث شعبة"، وقال أبو حاتم: "صدوق مؤدي، وفي حديث شعبة ثقة".
وقال علي ابن المديني: "أحب إلي من عبد الرحمن بن مهدي في شعبة"، وقال المخرمي: "إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم". قلتُ: بالإضافة إلى ذلك أنه توبع هو وشيخه شعبة على الموقوف.
فالراجح أنه موقوف على عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأما شأن كون له حكم الرفع، فلا يجزم بذلك؛ لعله قد أراد فضبلة شهود صلاة الفجر سيما في يوم الجمعة وهو يوم عيد وبأحاديث أخرى.
وذلك فيما أخرجه الختلي في الديباج [15]، عن ثابت الْبُنَانِيّ، قَالَ: "بَلَغَنَا أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلائِكَةً، مَعَهُمْ ألواحٌ مِنْ فضةٍ، وأقلامٌ مِنْ ذهبٍ، يَطُوفُونَ يَكْتُبُونَ مَنْ صَلَّى لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جماعةٍ". اهـ.
وقوله سبحانه: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً}، قال الثعالبي في تفسيره (3/490) :
معناه: يشهده حَفَظَة النهار وحَفَظَة الليل من الملائكة حَسْبما ورد في الحديث الصَّحيح: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلاَئِكَةٌ بالنَّهَارِ فَيَجْتَمِعُونَ في صَلاَةِ الصُّبْحِ وَصَلاَةِ العَصْرِ ... » الحديث بطوله.
وورد تسمية الجمعة عيداً عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء الجمعة فليغتسل". اهـ، رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
والترغيب في حضور الجماعة الأولى فهذا أمثل وأفضل؛ فإن في رواية أبي نعيم قد ذكر حمران أنه حضر جماعة الصبح يبدو أنها جماعة أخرى متأخرة عن الأولى.
وقال أبو طالب المكي (المتوفى سنة 386 هـ) في قوت القلوب (1/132) :
وكثير من السلف من كان يصلّي الغداة يوم الجمعة في الجامع و يقعد ينتظر صلاة الجمعة لأجل البكور ليستوعب فضل الساعة الأولى ولأجل ختم القرآن
وعامة المؤمنين كانوا ينحرفون من صلاة الغداة في مساجدهم فيتوجهون إلى جوامعهم ويقال: أوّل بدعة حدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجوامع.
قال: وكنت ترى يوم الجمعة سحرا و بعد صلاة الفجر الطرقات مملوءة من الناس يمشون في السرج يزدحمون فيها إلى الجامع كما ترون اليوم في الأعياد حتى درس ذلك وقل وجهل وترك.
أوَ لا يستحي المؤمن أن أهل الذمة يبكرون إلى كنائسهم و بيعهم قبل خروجه إلى جامعه؟!
أوَ لا يعتبر بأهل الأطعمة المباعة في رحاب الجامع أنهم يغدون إلى الدنيا والناس قبل غدوّه هو إلى الله تعالى وإلى الآخرة فينبغي أن يسابقهم إلى مولاه ويسارعهم إلى ما عنده من زلفاه. اهـ.
وقد ورد هذا الحديث من حديث أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير المعجم الكبير ج(1-11) ص(110)، [370]، قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف المصري، وأحمد بن حماد بن زغبة، قال ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدثني يحيى بن أيوب ح.
وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول [1002]، فقال: حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال:
حدثني عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ليس من الصلوات صلاةٌ أفضل من صلاة الغداة يوم الجمعة في جماعةٍ، وما أحسبه شهدها أحدٌ منكم إلا مغفورٌ له)). اهـ، ولفظ الطبراني: "ما من الصلوات أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة، وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا". اهـ.
وأخرجه البزار في مسنده [1279]، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَبُّوَيْهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالا: نَا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، به بلفظ: " إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ صَلاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ، وَمَا أَحْسَبُ شَهِدَهَا مِنْكُمْ إِلا مَغْفُورًا لَهُ ".اهـ.
قال البزار: " وَلا نَعْلَمُ رَوَى هَذَا الْكَلامَ إِلا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ بِهَذَا الإِسْنَادِ". اهـ، وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه عبيد الله بن زحر الضمري قال عنه أبو عبد الله الحاكم: " [له] عن علي بن يزيد نسخة باطلة". اهـ.
والله أعلم.