ذكر ابن خلكان في كتابه وفيات الاعيان [ج5 ص100]
وكان ابن الزيات المذكور قد اتخذ تنوراً من حديد وأطراف مساميره المحددة إلى داخل، وهي قائمة مثل رؤوس المسال، في أيام وزارته، وكان يعذب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال، فكيفما انقلب واحد منهم أو تحرك من حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه، فيجدون لذلك أشد الألم لم يسبقه أحد إلى هذه المعاقبة، وكان إذا قال أحد منهم أيها الوزير ارحمني، فيقول له: الرحمة خور في الطبيعة، فلما اعتقله المتوكل أمر بإدخاله في التنور، قيده بخمسة عشر رطلاً من الحديد فقال: يا أمير المؤمنين ارحمني، فقال له: لرحمة خور في الطبيعة، كما كان يقول للناس، فطلب دواة وبطاقة فأحضرتا إليه فكتب:
هي السبيل فمن يوم إلى يوم ... كأنه ما تريك العين في النوم
لا تجزعن، رويداً إنها دول ... دنيا تنقل من قوم إلى قوم
وسيرها إلى المتوكل، فاشتعل عنها ولم يقف عليها إلا في الغد، فلما قرأها المتوكل أمر بإخراجه، فجاؤوا إليه فوجدوه ميتاً، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.أهـ

وذكر ابن خلكان في موضوعاً اخر:
وكان محمد المذكور شديد القسوة صعب العريكة لا يرق لأحد ولا يرحمه، وكان يقول: الرحمة خور في الطبيعة، ووقع يوماً على رقعة رجل توسل إليه بقرب الجوار منه: الجوار للحيطان، والتعطف للنسوان.
فلما أراد المتوكل قتله أحضره وأحضر تنور خشب فيه مسامير من حديد أطرافها إلى داخل التنور تمنع من يكون فيه من الحركة، كان محمد اتخذه ليعذب فيه من يطالبه - وهو أول من عمل ذلك وعذب فيه ابن أسباط المصري - وقال: أجرينا فيك حكمك في الناس، فاجلس فيه، فمات بعد ثلاث وذلك في سنة ثلاثة وثلاثين ومائتين؛ وقيل إنه كتب في التنور بفحمه:
من له عهد بنوم ... يرشد الصب إليه
رحم الله رحيماً ... دل عيني عليه

ودفن لم يعمق قبره فنبشته الكلاب وأكلته، رحمه الله تعالى.