جوانب القوة في شخصية الطالب المسلم
إبراهيم بن حمد النقيثان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
فإن نعمة الإسلام، من أعظم النعم على الناس، حيث بنعمة الإسلام، ينقذ الفرد نفسه من النار، ويفوز بالجنة، التي فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، أي أن في الجنة من الخير والنعيم والمسرات، ما لا يمكن وصفه، وما لا يمكن أن يتخيله إنسان، وفيها من الأصوات العذبة، مالا يمكن أن يتخيله عقل بشر، وفيها من النعيم والبهجة، ما لا يوصف ولا يخطر على بال إنسان!! جعلني الله وإياك، ووالدينا والمسلمين أجمعين من أهلها.
أما من لم يدخل الإسلام، فإن مصيره النار وبئس القرار، ويصبح من حطب جهنم، يصلى نارا تلظى، نارا حامية؛ حرها شديد، وقعرها بعيد، وفيها من الأهوال ما لا يوصف، ففاقد الإيمان، يعيش هذه الحياة كالحيوان، يأكل ويشرب، ويصنع ويخترع، ثم مآله جهنم وبئس القرار.
إذن فنعمة الإسلام، علينا عظيمة جداً، فهل نوفي هذه النعمة حقها، ونشكر الله على أن هدانا للإسلام؟ فواجب علينا أن نلتزم بشرع الله، ونتمسك بآداب الإسلام ما حييينا، ولا نسمع للأولياء الشيطان، الذين يصدونا عن سبيل الله، بل نعبد الله حتى يأتينا اليقين وهو الموت، امتثالا لقول ربنا حيث يقول: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99].
كما أن من نعم الله على الإنسان نعمة العقل، تلك النعمة التي يتميز بها عن سائر المخلوقات، تلك النعمة التي عن طريقها، يميِّز الإنسان بين الخير والشر..، والضار والنافع..، والحق والباطل...، فهي نعمة يمكن أن يستخدمها الفرد في الخير مثل: الدعوة إلى الله، واتباع أوامره، واجتناب نواهيه، وكذلك النصح لإخوانه، وخدمة أسرته وأصدقائه، والتفوق في الدراسة.. ونحو ذلك.
وعلى العكس من ذلك، نجد من يستخدم العقل للشر!! مثل: الدعوة للفسق والكفر، أو من يستخدم العقل، في التخطيط للإجرام، والسرقة والفجور.. الخ، ومع الأسف فإن بعض الشباب، يعتبر ذلك نوعاً من الشجاعة، والشطارة أو الرجولة!! فهل هذا صحيح؟ كلا!! بل هو الشقاء والتعاسة، والانتكاسة نسأل الله السلامة.
ولذا فإن الشاب الخيِّر، هو الذي يستخدم عقله في الأمور الحسنة، من ذلك تسخيره في الحفظ والاستذكار، والاجتهاد والتفوق...، تلك الصفات الطيبة، التي تجعل الطالب محبوباً ومقدراً، بين مدرسيه ووالديه وسائر أسرته، فهو محط الإعجاب والثناء من الجميع، فمن جوانب قوة الشخصية لدى الطالب، استخدام عقله وذكائه، بما يفيد دراسته وسائر حياته في جوانب الخير والتفوق.
ثم إن المثابرة والصبر، والتحدي وقوة الإرادة صفات إذا استخدمت في جوانب الخير، أصبحت عناصر مهمة ومحببة، في شخصية الطالب الذي يثابر على استذكار دروسه، والصبر على ما يصيبه من ملل، وتعب وإجهاد، ويجعل بين نفسه، وبين ما يرغب الوصول إليه، وما يطمع فيه.. تحدياً، يدفعه لمزيد من المثابرة والصبر، حتى يصل إلى ما يريد، من نجاح وتفوق، ويحدد هدفه، في الحصول على المراكز الأولى بين زملائه، مع بذل الجد والاجتهاد..، فإنه لا شك سوف يصل إلى ما يريد، متى ما ترك التكاسل والتواني، ولم يستسلم لليأس.
إن البعض منا لديه بعض التصورات السلبية، عن جوانب الضعف لديه، وقد تكون بعض هذه صحيحة، لكن الغالب الأعم، أنها تصورات غير صحيحة على الإطلاق!!، بل هي أقرب إلى الوهم من الحقيقة!!، إن كثيراً من هذه التصورات غير صحيحة، ذلك أن الله جل شأنه، قد زود الإنسان بذكاء ومواهب شتى، فهل يحسن الإنسان، الاستفادة مما وهبه الله؟! فمثلاً هناك شخصان، وهبهما الله ذكاءً عالياً، وقدرة على الحفظ، والرسم، والقوة البدنية، فأما أحدهما فقد استغل في ذلك التفوق الدراسي، وفي حفظ القرآن الكريم، وفي إجادة الرسم بما يوافق شرع الله، كما استغل قوته البدنية، بما يعينه على دفع الظلم، وبذل المعروف، أما الآخر فاستغل ذكاءه في الإجرام والتخطيط له؛ واصطناع الوسائل، للهرب من المدرسة وترك الدراسة، كما استغل قدرته في الحفظ، في حفظ ما يضر ولا يفيد، كحفظ الأغاني، وأسماء الفنانين والفنانات، والمطربين والمطربات، واللاعبين ونحو ذلك، كما استخدم قدرته في الرسم، في رسم المناظر الهابطة، والتعليقات السافلة، في حين سخَّر قوته البدنية، في إيذاء الآخرين، وعمل المكائد لهم، والإيقاع بهم، فمثل هذا قد سخَّر قدراته، وذكاءه بما يضر ولا ينفع، بل بما يعود عليه بالشقاء، والعذاب في الدنيا والآخرة.
مما سبق نستنتج أن الله جعل في كل فرد منا جوانب عظيمة، من عوامل قوة الشخصية، فهل نسخرها للخير؟ فنربح الدنيا والآخرة، أم نسخرها للشر، فنخسر الدنيا والآخرة عياذا بالله من ذلك.