إِن الأَرْض أمرت ان تكفته منا معاشر الانبياء.

[احمد ابو انس]

قَالَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك اخبرني مخلد بن جَعْفَر حَدثنَا مُحَمَّد بن جرير حَدثنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقي حَدثنَا ابراهيم بن سعد حَدثنَا الْمنْهَال ابْن عبيد الله عَمَّن ذكره عَن ليلى مولاة عَائِشَة عَن عَائِشَة قَالَت دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقَضَاء حَاجته فَدخلت فَلم أر شَيْئا وَوجدت ريح الْمسك فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي لم أر شَيْئا قَالَ إِن الأَرْض أمرت ان تكفته منا معاشر الانبياء.
ماصحة هذا الحديث؟

[حسن يوسف حسن]

الذي في المستدرك للحاكم: "أَنْ تَكْفِيَهُ مِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ"

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

والذي أخرجه الحاكم في المستدرك (4/68) إسناده موضوع، ففيه علل منها:
- مخلد بن جعفر الباقرحي شيخ الحاكم
قال عنه أبو نعيم الأصبهاني: "كان مستقيما ثم خلط"، وقال ابن العماد الحنبلي: "صاحب المشيخة ببغداد، لم يكن يعرف شيئا من الحديث، فأدخلوا عليه فأفسدوه"، وقال محمد بن العباس بن نجيح البزار: "كان ثقة ثم ادعى سماعا ولم يسمع فانهتك وافتضح". اهـ.
قلتُ: وحيث لم يخرجه الطبري في كتبه، فتفرد محمد بن جعفر بهذا الإسناد عن الطبري لا يحتمل، فإن من آثار ضعفه في هذا الإسناد:
- أن موسى بن عبد الرحمن الكندي المسروقي لا يحتمل أن يدرك إبراهيم بن سعد الزهري أبدا لتباعد الزمن بينهما.
ولا أعلم لموسى بن عبد الرحمن رواية عن إبراهيم بن سعد في موضع إلا هنا.
- والمنهال بن عبيد الله مجهول العين، ومن فوقه مبهم اسمه، وليلى مولاة عائشة لا أعلم لها حديثا إلا هذا؛ فذكرها في عداد الصحابة فيه نظر، وقد ذكرها ابن كثير في الإماء ورد الصالحي صنيعه فقال: "فيه نظر". اهـ.
وقد يحتمل المنهال هذا هو الذي أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة [4741] من طريق مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ بْنِ هُودٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ:
" أَشْهَدُ لَجَاءَ الأُقَيْصِرُ بْنُ سَلَمَةَ بِالإِدَاوَةِ الَّتِي بَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَنْضَحَ بِهَا مَسْجِدَ قُرَّانَ، أَوْ مَرْوَانَ ". اهـ.
قلتُ: وهذا تصحيف والصواب: المنهال بن عبد الله بدون ياء كما هو في موضع ءاخر في معرفة الصحابة [1095] لأبي نعيم، وأيضا في معرفة الصحابة [25] لابن منده. وقد يكون هو المقصود حيث أن محمد بن جابر السحيمي هو كوفي.
وله طريق أخرى عن ليلى مولاة عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/216) فقال:
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَزِيدَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الضَّحَّاكِ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ وَاقِدٍ، ثنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ لَيْلَى مَوْلَاةِ عَائِشَةَ وَحَاجِبَتِهَا , عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْمَخْرَجِ دَخَلْتُ فِي أَثَرِكَ، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا , وَأَجِدُ رَائِحَةَ الْمِسْكِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ، بُنِيَتْ أَجْسَادُنَا عَلَى أَرْوَاحِ الْجَنَّةِ، فَمَا خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ ابْتَلَعَتْهُ الْأَرْضُ». اهـ.
وهذا إسناد ضعيف جدا، من فوق محمد بن أحمد إلى أبي عبد الله المدني علل:
- فيه إبراهيم بن عبد العزيز المديني ذكره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان بلا جرح ولا تعديل.
- عبد الرحيم بن واقد الخراساني "في حديثه غرائب ومناكير لأنها عن الضعفاء والمجاهيل"، كذا قال الخطيب البغدادي، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين، وذكره ابن حبان في الثقات.
- عبد الكريم بن عبد الرحمن لعله تصحيف أو وهم، كما سيأتي بيانه في الطريق الأخر.
- أبو عبد الله المدني "مجهول"، كذا قال ابن الأثير وابن عبد البر وابن كثير والذهبي.
وأخرجه أبو نعيم من طريق ءاخر كما في الخصائص (1/121) للسيوطي فقال:
حَدثنَا مُحَمَّد بن ابراهيم حَدثنَا عَليّ بن أَحْمد بن سُلَيْمَان الْمصْرِيّ حَدثنَا زَكَرِيَّا بن يحيى الْبَلْخِي حَدثنَا شهَاب بن معمر الْعَوْفِيّ حَدثنَا عبد الْكَرِيم الخزاز حَدثنَا أَبُو عبد الله الْمَدِينِيّ عَن ليلى مولاة عَائِشَة قَالَت:
قلتُ: يَا رَسُول الله إِنَّك تدخل الْخَلَاء فاذا خرجت دخلت إثرك فَمَا أرى شَيْئا إِلَّا أَنِّي اجد رَائِحَة الْمسك، قَالَ: "إِنَّا معشر الانبياء تنْبت اجسادنا على ارواح اهل الْجنَّة فَمَا خرج مِنْهَا من شَيْء ابتلعته الأَرْض". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف جدا، ففيه:
- الخزاز وهو عبد الكريم بن يعفور الجعفي صاحب جابر بن يزيد الجعفي، "شيخ ليس بالمعروف ، وهو من عتق الشيعة"، كذا قال أبو حاتم الرازي.
- وأبو عبد الله المدني مجهول، ولعله هو الذي أبهم في رواية المنهال بن عبيد الله.
وهناك طرق عدة كما في الخصائص (1/121) للسيوطي، وفي سبل الهدى والرشاد (15/473) للصالحي، فلتنظر.
والله أعلم.

[احمد ابو انس]

جزاكم الله خيراً.

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

جزاكم الله خيراً.

وجزاك الله خيرا وبارك فيك.