تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مواقع التواصل مشاركة أم مقاطعة؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي مواقع التواصل مشاركة أم مقاطعة؟

    مواقع التواصل مشاركة أم مقاطعة؟ (1)






    كتبه/ إبراهيم جاد


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد روى البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ) (رواه البخاري).


    وفي عصرنا الحالي تعالت ألسنة الأقلام واشتدت نبراتها، وازدادت حدتها، وبانت من خلف الألواح اعوجاجها، وهان على الناس استخدامها، فتطاول الصغار على الكبار، وكثرت الآراء، وزادت الأهواء، وأخذ الحوار أشكالًا وألوانًا، فحاد بعضهم عن كل طريق للموضوعية في الطرح أو في العرض على مواقع التواصل الاجتماعي إلا مَن رحم ربي.

    وكم يدمي القلب ويتعب النفس تطاولهم على أناس ما عُرف عنهم إلا البذل والجهد لدين الله -جل وعلا- على مدار تاريخهم بكل سفاقة وحماقة دون وعي أو إنصاف أو حسن ظن، والأهم أننا في الوقت الذي نختلف أنا وأنت فيه يقع شاب من شبابنا في مستنقعات المعاصي والكبائر، والتضليل والإلحاد، ونخسر وأي خسارة أكبر من رأس مالنا، والذين هم أبناؤنا وإخواننا؟!

    بل قد تفتح صفحات البعض فتجد رصيدًا لا يستهان به من التهكم والسخرية والاستهزاء، والتجريح والتسفيه لفئاتٍ عريضةٍ من المجتمع، وأحيانًا تجد من بينهم شخصيات علمية وقامات مجتمعية ولا حول ولا قوة إلا بالله، أو تجد أخبارًا شاذة وكتابات مهينة ومشاهدات غريبة، وتعليقات سخيفة، فقد تجد أحيانًا مئات التعليقات على خبر مجهول ليس له مصدر ولا منبع رسمي، فيقاتل عليه أفراد! وربما يختلفون فيختصمون لذلك سنوات وسنوات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    قال -تعالى-: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المجادلة:?).

    (واذكر -أيها الرسول- يوم القيامة، يوم يحيي الله الموتى جميعًا، ويجمع الأولين والآخرين في صعيدٍ واحدٍ، فيخبرهم بما عملوا من خير وشر، أحصاه الله وكتبه في اللوح المحفوظ، وحفظه عليهم في صحائف أعمالهم، وهم قد نسوه، والله على كل شيء شهيد، لا يخفى عليه شيء" (التفسير الميسر).

    أو يتبارز المتبارزون ويتنابز المتنابزون في قضايا وقف فيها أهل الحل والعقد، وأهل الدراية والخبرة، فبدأ يطفو مِن البعض سوء الخلق وهتك الأسرار، أو ربما نشر ما يشين، ويعيب صدقًا كان أو كذبًا أو وقع في فتنة صور المتبرجات والمصحوبة بالآت الطرب والمزمار المجمع على تحريمها!

    ووصل الحال أحيانًا أن بعض الأزواج يغازل زوجته أو يخاصمها أو يصالحها على مواقع التواصل الاجتماعي أو العكس، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وبعضهم استهان بأعراض الناس فبدأ يراسل النساء الأجانب عنه ويتبع خطوات الشيطان.

    ولا ندري أين ذهبت عقولهم فضلًا عن نخوتهم وغيرتهم التي هي من الدين، ويا ترى ما أهم أسباب هذا المعضلات؟

    ولماذا ظهرت في عصرنا بشدة؟

    وهل معنى ذلك أن نترك الساحة خالية من أهل الحق؟

    هذا ما نتناوله في المقال القادم -بإذن الله-.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: مواقع التواصل مشاركة أم مقاطعة؟

    مواقع التواصل مشاركة أم مقاطعة؟ (2)






    كتبه/ إبراهيم جاد




    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فمما لا شك فيه أن الورع عن الأعراض أولى من الورع في الأموال، وأن نسيان الهدف الذي من أجله خلقنا الله -تعالى- وهو العبودية، جرنا إلى التناحر على الدنيا ومناصبها وزخارفها فأوقعتنا النزغات الشيطانية بإقبالنا عليها ولهثنا ورائها، وربما السبب: الفراغ العمري، وحب الظهور، ومحاولة فرض الرأي أو الحرب من أصحاب الأجندات الخاصة، والمعارك المسلطة علينا؛ كل هذا وغيره ساق بعض أبنائنا إلى الأفكار الضالة والاستهانة بالعلماء والدعاة، ولعل تلك من أهم الأسباب وأبرز المعضلات في هذا الواقع المرير والجرح الجسيم الذي يستنزف أعمارنا وصحتنا، فهل معنى هذا أن نترك تلك الميادين التواصلية؟!


    مِن المعلوم أن سنة التدافع، سنة جعلها الله -تعالى- للذب عن دينه، والدفاع عن حياض الإسلام، فيا فرسان العقيدة، ويا أصحاب المنهج المستقيم: استقيموا واعتدلوا، وامضوا ولا تلتفتوا، واصبروا ولا تجزعوا، واستروا ولا تفضحوا، وأخلصوا النية والقصد لله، واعلموا أن الفروسية الحق على ميادين التواصل الاجتماعي تتمثل في:

    1- إظهار العقيدة الصحيحة، ونشر الحق، ودحر المنكرات والبدع، والتصدي لكل مَن ينال مِن عقيدتنا وديننا بأدب وحلم وعلم، ‏قال ابن عثيمين -رحمه الله-: "زاحموا أهل الباطل في الإنترنت حتى يتبين الحق" (تفسير سورة الشورى، شريط ??).

    2- نية صالحة من غرس الفضيلة والبُعد عن الرذيلة، وبذر بذور العلم النافع بما يعود عليه وعلى المجتمع بأسره؛ وإلا فالسلامة خير ما يطلبه العبد، قال الإمام النووي -رحمه الله-: "ينبغي لكل مكلفٍ أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلامًا ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركُه في المصلحة، فالسنَّة الإمساك عنه؛ لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرامٍ أو مكروهٍ، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء" (رياض الصالحين للنووي، ص 456).

    3- إظهار خُلق المسلم الحق، وفرض سلوكه القويم ومنهجه المستقيم، بالحكمة والموعظة الحسنة اللذين نحن بأمس الحاجة إليهما في وسط عالم الفضائيات والمواقع التي تعج بالسوء والأسوأ، ومع قلة بضاعة الأخلاق فيها؛ فكيف الحال إذا لم يكن لأهل الحق والحظوة نصيب ليبرزوا منهجهم المستقيم ودينهم القويم، وما عُرف عن المسلمين إلا غزو القلوب بأخلاقهم وحسن معاملتهم، وخصال الخير التي فيهم؟!

    4- احترام متبادل مع المخالفين بعيدًا عن بذاءة اللفظ وسوء المعنى، مع تنحي الهوى عن مواطن الخلاف، والإقناع بالدليل والحجة الصحيحة الصريحة، وترك ما يخالف الأصول، مع حفظ حقوق الأخوة من صيانة العرض والمكانة العلمية، والسبق الدعوي والقدم في طريق الحق وسبيل الهدى.

    5- حسن ظن الأخ بأخيه، والتماس العذر، وحسن تقدير الموقف؛ فلا يأخذ أكبر من حجمه، ولا يقلل من شأنه ولا ينسى الفضل بينه وبينه، ولا يستهين برأيه إذا كان معتبرًا عند الأصوليين من قياس أو اجتهاد أو غير ذلك، والحرص على النفع العام للمسلمين وتقديمه على مصلحته الشخصية، فهنا بحق تظهر الفروسية.

    6- اتهام النفس والانتقاص منها وعدم تزكيتها، ولعلها السبب في تأخر النصر والتمكين، بذنوبها ومعاصيها لا إلقاء اللوم على الآخرين وتحمليهم المسئولية جراء ما يحدث للأمة باعتبارات وهمية، وتأويلات غير حقيقية، وفي الوقت نفسه يزكي نفسه ويجعلها حكمًا بدون داع، فعن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ هَذَا الِاسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ) فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا؟ قَالَ: (سَمُّوهَا زَيْنَبَ) (رواه مسلم).

    وأخيرًا: أيها الشباب، تلك هي الفروسية الحق؛ فكونوا بابًا يلج منه كل خير، وطريقًا يتبعه الناس للوصول إلى الحق، وسدًّا منيعًا لهم عن الفتن، وسندًا لهم بعد ربهم في المحن.

    فاللهم اهدنا لطريق الأنبياء -عليهم السلام-، وثبتنا عليه، وتوفنا عليه، وابعثنا عليه، إنك على كل شيء قدير.





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •