4348 - ( لو أن رجلاً في حجره دراهم يقسمها ، وآخر يذكر الله ؛ كان الذاكر لله أفضل ) .
قال الالباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة:
ضعيف
أخرجه الطبراني في "الأوسط" (433) عن عمر بن موسى الحادي : حدثنا أبو هلال : حدثنا جابر أبو الوازع ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى مرفوعاً . وقال :
"لا يروى عن أبي موسى ؛ إلا بهذا الإسناد ، تفرد به عمر" .
قلت : وهو إسناد ضعيف ؛ لأن عمر بن موسى الحادي - بمهملتين - قال الذهبي في "المغني في الضعفاء" :
"هو عم الكديمي ، قال ابن عدي : ضعيف يسرق الحديث" .
وأبو هلال ؛ هو محمد بن سليم الراسبي ؛ صدوق فيه لين .
وأبو الوازع ؛ هو جابر بن عمرو الراسبي ؛ صدوق يهم .
قلت : وأما قول المنذري في "الترغيب" (2/ 231) عقب الحديث :
"وفي رواية : "ما صدقة - أفضل من ذكر الله" . رواهما الطبراني ، ورواتهما حديثهم حسن" .
فأقول : فيه مؤاخذتان :
الأولى : أنه أوهم أن الرواية الأخرى هي من حديث أبي موسى أيضاً ، وليس كذلك ، بل هي من حديث ابن عباس ، كما صرح بذلك الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 74) .
والأخرى : قوله : "ورواتهما حديثهم حسن" . فليس مسلماً على إطلاقه ؛ لما عرفت من ضعف الحادي - أحد رواته - وأنه يسرق الحديث ، نعم قد ذكره ابن حبان في "ثقاته" ، ولكنه - مع تساهله في التوثيق - قد قال فيه : "إنما أخطأ" . فمثله مما لا يعتد به مع جرح ابن عدي إياه بسرقة الحديث . وقد ضعفه ابن نقطة أيضاً بقوله : "هو معدود في الضعفاء" .
وكأنه لذلك لم يجزم الهيثمي بتوثيق رجاله ، فقال :
"ورجاله وثقوا" .
وعهدي به أنه لا يقول هذا القول إلا إذا كان توثيق أحد رجاله غير موثوق به ، وفي الغالب يكون مما تفرد بتوثيقه ابن حبان كما هو الشأن هنا . وهذه الحقيقة مما فات المناوي ؛ فإنه في كثير من الأحيان يستلزم من مثل قول الهيثمي المذكور التحسين بل التصحيح ؛ غافلاً عما ذكرنا ، وعما هو أهم من ذلك ، وهو أنه لا يلزم من ثقة رجال الإسناد - ولو جزم بذلك - سلامته من علة قادحة كالانقطاع والتدليس وغيره ؛ كما شرحناه في غير هذا الموضع ، فتأمل قوله في حديث أبي موسى هذا :
"قال الهيثمي : رجاله وثقوا . اهـ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه ، لكن صحح بعضهم وقفه" !
فإنه استلزم منه التحسين ، ولذلك سلم برمز السيوطي لحسنه ولم يرده بما ذكرنا ، وإنما بأن الصحيح وقفه ! وهذا في الحقيقة علة أخرى في الحديث يزداد به وهنا . ثم قال المناوي في حديث ابن عباس :
"رمز المصنف لحسنه ، وهو كما قال بل أعلى ؛ فقد قال الهيثمي : رجاله موثقون" !!
كذا قال ! وفيه نظر كبير ؛ فإنه من رواية محمد بن الليث أبي الصباح الهدادي : حدثنا أبو همام الدلال : أخبرنا داود بن عبد الرحمن العطار ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس مرفوعاً به .أخرجه في "المعجم الأوسط" (2/ 167/ 1) رقم (7548 - بترقيمي) .
قلت : محمد بن الليث هذا ؛ لم يوثقه غير ابن حبان فأورده في "الثقات" (9/ 135) وقال :
"من أهل البصرة ، يروي عن أبي عاصم ، حدثنا عنه ابن الطهراني ، يخطىء ويخالف" .
وتبعه الحافظ في "اللسان" بقوله :
"وهذا وجدت له خبراً موضوعاً ، رواه بسنده الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفتتح القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم" .
قلت : ذكره في ترجمة محمد بن الليث عقب قول الذهبي فيها :
"... عن مسلم الزنجي ، لا يدرى من هو ؟ وأتى بخبر موضوع" .
فهو إذن متهم ، فيكون حديثه في منتهى الضعف ، فلا يصلح شاهداً لحديث الترجمة . والله أعلم .