قلتُ: الصواب الفرات بن سليمان وقد خولف أسد بن موسى في هذا الإسناد:
وهو فيما حققته من قبل وأورده هنا:
وله شاهد ءاخر أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى [8 : 287]، ومن طريقه ابن عساكر، فقال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لأَبِي سَلَمَةَ: " بَلَغَنِي أَنَّهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوتُ زَوْجُهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ لَمْ تَزَوَّجْ بَعْدَهُ إِلا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ وَبَقِيَ الرَّجُلُ بَعْدَهَا، فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلا تَتَزَوَّجَ بَعْدِي، وَلا أَتَزَوَّجَ بَعْدَكَ، قَالَ: أَتُطِيعِينِي؟ قُلْتُ: مَا اسْتَأْمَرْتُكَ إِلا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُطِيعَكَ، قَالَ: فَإِذَا مُتُّ فَتَزَوَّجِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلا خَيْرًا مِنِّي، لا يُحْزِنُهَا وَلا يُؤْذِيهَا، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا الْفَتَى الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ فَلَبِثْتُ مَا لَبِثْتُ، ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَذَكَرَ الْخِطْبَةَ إِلَى ابْنِ أَخِيهَا أَوْ إِلَى ابْنِهَا، وَإِلَى وَلِيِّهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَرُدُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أَوْ أَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِعِيَالِي، قُلْتُ: ثُمَّ جَاءَ الْغَدَ فَذَكَرَ الْخِطْبَةَ، فَقُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: إِنْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَوِّجْ، فَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَزَوَّجَهَا ". اهـ.وهذا معضل، رجاله ثقات رجال مسلم عدا زياد بن أبي مريم الجزري وهو "ثقة" كذا قال العجلي والدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات.
وهذا معضل أيضًا، لكن له طرق أخرى عديدة.
- أخرج الطبراني في المعجم الأوسط وغيره [3130] فقال: حَدَّثَنَا بَكْرٌ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلانِيّ ُ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْيَمَ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ الْكِلابِيِّ، قَالَ:
خَطَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ فَهِيَ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا "،
وَمَا كُنْتُ لأَخْتَارَكَ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَكَتَبَ إِلَيْهَا مُعَاوِيَةُ: فَعَلَيْكِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ مَحْسَمَةٌ ". اهـ، قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ إِلا الْوَلِيدُ". اهـ.
قلتُ: أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (70/154) من طريقين عن ابن المبارك عن أبي بكر بن أبي مريم حدثني عطية بن قيس:
أن معاوية بن أبي سفيان خطب أم الدرداء بعد موت أبي الدرداء فأبت أن تنكح وقالت إني سمعت أبا الدرداء يقول: "إن المرأة تكون لزوجها الآخر"، وأنا أحب أن لا أتزوج فبعث إليها معاوية إن عليك بالصيام فإنه محسمة ". اهـ.
وهذا موقوف على أبي الدرداء رضي االله عنه، قلتُ: وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع، ولكن في الإسناد "فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَقَدِ اخْتَلَطَ"، كذا قال الهيثمي في المجمع (7424).
- وأخرج أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين [1043] فقال:
حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، قال: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زُرَارَة َ، قال: ثنا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِنَّ الْمَرْأَةَ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا ". اهـ.
وهذا إسناد حسن متصل، رجاله ثقات عدا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي وهو "صدوق" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب وذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه جماعة من الثقات منهم الإمامان أحمد والبخاري.
وعلى من يقول إنه وهم و على أنه إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكري لتشابه الأسماء فهذا خطأ.
فإنه وقع صريحًا اسمه كاملا في أخبار أصبهان (1/103) لأبي نعيم الأصبهاني عن أبي الشيخ الأصبهاني قال: ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ الرَّقِّيُّ.
وتابعه السكريقلتُ: وهذا إسناد صحيح لغيره، رجاله ثقات عدا إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكري وهو "صدوق" كذا قال أبو حاتم والحافظ ابن حجر في التقريب وذكره ابن حبان في الثقات.
قلتُ: وميمون بن مهران (ولادته: 39 هـ - ووفاته: 117 هـ) وعاش في الشام فهو أدرك أم الدرداء المتوفية سنة (81 هـ)، بل حدث عنها أحاديث كثيرة عنها وصرح بالسماع والتحديث عنها كما في إصلاح المال (1/295) لابن أبي الدنيا.
قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (8/123) في ترجمة أم الدرداء الصغرى عن ميمون بن مهران : "فإنه أدركها، وروى عنها وبذلك جزم المزي وغيره". اهـ.
- أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (70/153) من طريق أبي طاهر المخلص نا عبد الله ابن محمد البغوي نا داود بن رشيد نا مروان بن معاوية نا يزيد بن سنان عن عيينة اللخمي عن أبي الدهماء قال:
خطب معاوية بن أبي سفيان أم الدرداء بعد أبي الدرداء وكانت امرأة حسناء فأبت عليه فقال ما الذي تكرهين مني فقالت لأني سمعت عويمرا تعني أبا الدرداء وهو يقول: "إن المرأة لآخر زوجها".
قالت فقلت له فلي الله عليك إن اجتهدت بعدك في العبادة ثم مت فدخلت الجنة فعرضت عليك لتقبلني فقال: نعم". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات عدا يزيد بن سنان التميمي "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر وعيينة اللخمي ذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه والد سعيد الأموي ويزيد بن سنان.
-وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (37/299) من طريق تمام بن محمد أنا أبو الحسن بن حذلم نا يزيد بن محمد بن عبد الصمد
نا سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن نا عبد الوهاب بن إسحاق القرشي نا إسماعيل بن عبيد الله قال: خطب عبد الملك بن مروان أم الدرداء فأبت أن تتزوج فسمعتها تقول: لا، إني سمعت أبا الدرداء يقول: "المرأة لأخر أزواجها". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات، عدا عبد الوهاب بن إسحاق القرشي، ذكره ابن أبي حاتم بلا جرح ولا تعديل، وقال الذهبي: "مجهول". اهـ، وإسماعيل بن عبيد الله هو ابن أبي المهاجر ثقة.
- وأخرج أبو نعيم في الحلية [1 : 224]، ومن طريقه ابن عساكر فقال:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْفَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، أَنَّهَا قَالَتْ: " اللَّهُمَّ إِنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ خَطَبَنِي فَتَزَوَّجَنِي فِي الدُّنْيَا، اللَّهُمَّ فَأَنَا أَخْطُبُهُ، إِلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ أَنْ تُزَوِّجَنِيهِ، فِي الْجَنَّةِ،
فَقَالَ لَهَا أَبُو الدَّرْدَاءِ: " فَإِنْ أَرَدْتِ ذَلِكَ فَكُنْتُ أَنَا الأَوَّلَ فَلا تَتَزَوَّجِي بَعْدِي "، قَالَ: فَمَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَكَانَ لَهَا جَمَالٌ وَحُسْنٌ فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ، فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ لا أَتَزَوَّجُ زَوْجًا فِي الدُّنْيَا حَتَّى أَتَزَوَّجَ أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، فيه الفرج بن فضالة "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
- وأخرج الطحاوي في مشكل الآثار [556] فقال: حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ،
أَنَّهَا قَالَتْ لأَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْمَوْتِ: إنَّكَ خَطَبْتَنِي إلَى أَبَوَيَّ فِي الدُّنْيَا فَأَنْكَحَاكَ، وَإِنِّي أَخْطُبُكَ إلَى نَفْسِكَ فِي الآخِرَةِ. قَالَ: "فَلا تَنْكِحِي بَعْدِي". فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ، فَأَخْبَرَتْهُ بِالَّذِي كَانَ، فَقَالَ: عَلَيْكِ بِالصِّيَامِ". اهـ.
وهذا إسناده ضعيف، رجاله ثقات عدا عبد الله بن صالح الجهني وهو "صدوق كثير الغلط"، كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
ويشكل على هذه الرواية ما قاله الجيلاني في فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد (1/80) قال:
"ويشكل على هذا إذا كانت هي يتيمة، فكيف خطب إلى أبويها وليست اليتيمة إلا من مات عنها أبوها". اهـ.
قلتُ: ورد في رواية أخرى بلفظ: "إنك خطبتني إلى آبائي"، فلعله مجازًا إلى عمها وجدها، كقول أبناء يعقوب لأبيهم: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)}. الأية سروة البقرة.
واللفظ ورد في أدب النساء [218] لعبد الملك بن حبيب قال: وعن أم الدرداء أنها قالت لأبي الدرداء: ((إنك خطبتني إلى آبائي في الدنيا فأنكحوك إياي وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة)) فقال لها: ((لا تنكحي بعدي أحداً!)). اهـ.
لم أقفُ عليه بهذا اللفظ.
وذكر أيضًا [219] فقال: وعن الفزاري، أن أبا الدرداء قال لأم الدرداء: ((إن صبرت بعدي كنت زوجتي في الجنة. وإن تزوجت بعدي؛ فإن المرأة لآخر زوجها)). اهـ.
لم أقفُ على إسناده والفزاري هو عبد الرحمن بن مسعود أو ابن مسعدة أخو الصحابي عبد الله بن مسعدة.
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (7/70) والطحاوي في مشكل الآثار (555) من عدة طرق عن عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
أَنَّهُ قَالَ لامْرَأَتِهِ: إِنْ شِئْتِ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ، فَلا تَزَوَّجِي بَعْدِي، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَنَّةِ لآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الدُّنْيَا، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنْكَحْنَ بَعْدَهُ، لأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْجَنَّةِ ". اهـ.
قلتُ: "رجاله ثقات، غير أن السبيعي تغير بأخرة" كذا قال شعيب الأرنؤوط في تخريجه.
وكأن الجملة الأخيرة من المتن إدراج لقول أبي إسحاق السبيعي.