يا عُمَر وترت قوسك بغير وتر ما بين صدقتيكما كما بين كلمتيكما

[احمد ابو انس]

حَدَّثَنا علي بن أحمد بن علي المصيصي حَدَّثَنا أبو عطاء محمد بن ابراهيم بن الصلت الطائي حَدَّثَنا داود بن معاذ حَدَّثَنا عبدالوارث بن سعيد بن يونس بن عبيد عن الحسن البصري أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بصدقته فأخفاها قال يا رسول الله هذه صدقتي ولله عز وجل عندي معاد وجاء عُمَر رضي الله تعالى عنه بصدقته فأظهرها فقال يا رسول الله هذه صدقتي ولي عند الله معاد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عُمَر وترت قوسك بغير وتر ما بين صدقتيكما كما بين كلمتيكما.


ماصحة هذا الحديث؟

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

هذا أخرجه أبو نعيم (ت 430 هـ) في الحلية [66]، وقال: "وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، نَحْوَهُ". اهـ.
وأخرجه فيما بعد بهذا الإسناد [67] وقال: "كَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَصَافَّاتِ صَافِيًا، وَفِي الْمُؤَاخَاةِ وَافِيًا، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ التَّصَوُّفَ اسْتِنْفَادُ الطَّوْقِ فِي مُعَانَاةِ الشَّوْقِ، وَتَزْجِيَةُ الأُمُورِ عَلَى تَصْفِيَةِ الصُّدُورِ". اهـ.
وذكرها أبو بكر الكلاباذي (ت 380 هـ) في كتابه شرح التعرف لمذهب أهل التصوف (1/138) ط إيرانية 1984، وذكرها المناوي في الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية (1/115) وذكر قول أبي نعيم.
قلتُ: رواية زيد بن أسلم فيه الشطر الأول منه وليس فيه: "وترت قوسك بغير وتر ما بين صدقتيكما كما بين كلمتيكما". اهـ.
وأخرجه عنه الديلمي في مسنده كما في الغرائب الملتقطة [3238] للحافظ ابن حجر وقال: "عن الحسن، عن أبي بكر". اهـ، هكذا مسندًا.
ذكرها الكاندهلوي في حياة الصحابة (2/435) وقال: "قال ابن كثير: إِسناده جيد، ويعد من المرسلات. كذا في المنتخب"، وهكذا ورد في كنز العمال [35666] وجامع الأحاديث للسيوطي.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء (ص: 35) : " إسناده جيد، لكنه مرسل". اهـ، وذكرها ابن خلكان في وفيات الأعيان (3/69) بصيغة التمريض فقال: "وحكي". اهـ.
قلتُ: هناك علة غير ذلك وهي أن:
- أبا عطاء محمد الطائي مجهول، ذكره المزي في تهذيب الكمال بين تلاميذ داود بن معاذ.
- والراوي عنه وهو علي بن أحمد المصيصي، "فيه تساهل"، كذا قال الخطيب البغدادي، وأبو الفتح ابن أبي الفوارس، وذكره ابن العماد الحنبلي في الشذرات، وسكت عنه.
قلتُ: هناك متابعة رجالها ثقات وسياقها للرواية أجود وأحسن، أخرجها اللالكائي في شرح الأصول [2430] فقال:
أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ النَّضْرِ، قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُبَشِّرٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: أنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ:
جَاءَ عُمَرُ بِصَدَقَةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَعْلَنَهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ صَدَقَةٌ لَكَ عِنْدِي، فَعَادَ، وَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفَاهَا،
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ صَدَقَةٌ وَلِي عِنْدَ اللَّهِ، فَعَادَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " فَضْلُ مَا بَيْنَ صَدَقَتَيْكُمَا مَا بَيْنَ كَلامَيْكُمَا ". اهـ.
وهذا مرسل صحيح الإسناد إلى الحسن البصري.
وذكرها ابن الأثير في المختار من المناقب (1/14) من مسند عمر رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: "بينكما ما بين كلاميكما"، ونقلها عنه البروسوي في روح البيان (1/346) بصيغة التمريض.
قلتُ: ورد من طريقٍ ءاخر أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق [30 : 66] فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَزْرَفِيِّ، نا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي، نا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّه بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْدَلانِيّ ُ،
نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [البزاز]، نا عُبَيْدُ اللَّه بْنُ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، نا أَبِي، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ:
"مَا سَابَقْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَى شَيْءٍ قَطُّ إِلا سَبَقَنِي إِلَيْهِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ بِالصَّدَقَةِ، وَحَضَّ عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: هَذَا الْيَوْمُ أَسْبِقُ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّه، عِنْدِي كَذَا وَكَذَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّه، وَلِلَّهِ عِنْدِي مَعَادٌ،
ثُمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، عِنْدِي كَذَا وَكَذَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّه عز وجل وَلِي عِنْدَ اللَّه مَعَادٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: " يَا عُمَرُ، مَا وَتَرْتَ الْقَوْسَ بِوَتَرِهَا ". اهـ.
ونقله عنه ابن كثير في مسند الفاروق (1/264) بلفظ: "يا عمر وترت سيفك بغير وتر ما بين صدقتيكما كما بين كلمتيكما". اهـ.
وقال ابن كثير: "فيه انقطاع وعلى بن زيد بن جدعان فيه كلام لكن هذا له شواهد فى الصحيح". اهـ.
قلتُ: وهناك علة أخرى فيه عبيد الله بن الحجاج بن المنهال مجهول، ذكره المزي في تلاميذ حجاج بن المنهال الأنماطي، ويحيى بن حماد بن أبي زياد.
قال عنه الفالوجي في معجم شيوخ الطبري (1/320) :
"وفي الرواة عن أبيه في ترجمة أبيه من «تهذيب الكمال» (5/ 457 / 1121) ابنه عبيد الله بن الحجاج، فإن يكن هو، فقد تصحف اسمه هنا، ولم أقف له على ترجمة في كتب الرجال التي بين يدي،
ولكن له رواية في «علل الدارقطني» (9/ 60 / 1641) يروي فيها عن: بدل [بن المحبر]، ويروي عنه: إبراهيم بن حماد ووكيل صاحب أبي صخرة، إضافة لرواية الطبري السابقة، بما يخرجه من دائرة الجهالة إلى عدم المعرفة!!". اهـ.
وقد توبع ولكن برواية مختصرة فأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق[30 : 65] فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبِ بْنُ الْبَنَّا، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَسْنُونٍ النَّرْسِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ [الحربي] السُّكَّرِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْدَةَ بْنِ حَارِثٍ،
نا إِبْرَاهِيمُ، هُوَ ابْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: "مَا سَابَقْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلا سَبَقَنِي إِلَيْهِ". اهـ، هكذا مختصرًا.
وهذا إسناد فيه محمد بن عقدة بن حارث وهذا تحريف والصواب: محمد بن عبدة بن حرب العباداني البصري وهو متهم بالكذب، ينظر صواب التحريف في الفوائد المنتقاة لعلي بن عمر الحربي [129].
ورواية الحسن البصري المرسلة له شاهد ءاخر مرسل، أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره [2848] فقال: حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ الْمُحَارِبِيُّ مُؤَذِّنٌ مُحَارِبٌ، أنبأ مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ،:
" فِي قَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ،
أَمَّا عُمَرُ فَجَاءَ بِنِصْفِ مَالِهِ، حَتَّى دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا خَلَّفْتَ وَرَاءَكَ لأَهْلِكَ يَا عُمَرُ ؟ قَالَ: خَلَّفْتُ لَهُمْ نِصْفَ مَالِي، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَجَاءَ بِمَالِهِ كُلِّهِ، يَكَادُ أَنْ يُخْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ، حَتَّى دَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا خَلَّفْتَ وَرَاءَكَ لأَهْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ: عِدَةَ اللَّهِ وَعِدَةَ رَسُولِهِ. فَبَكَى عُمَرُ، وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا اسْتَبَقْنَا إِلَى بَابِ خَيْرٍ قَطُّ، إِلا كُنْتَ سَابِقُنَا إِلَيْهِ ". اهـ.
قلتُ: هذا مرسل، رجاله ثقات عدا الحسن بن زياد المحاربي الكوفي، مؤذن مسجد بني محارب، قال عنه أبو حاتم الرازي: "شيخ" وها هنا يروي عنه، وذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه جماعة من الثقات.
وله متابعة أخرجها ابن الأثير في أسد الغابة [3 : 32] فقَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ الْقُرَشِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: فذكره.
وأخرجه ابن عساكر [30 : 64] فقال: أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، به.
والله أعلم.

[احمد ابو انس]

جزاكم الله خيراً.

[عبد الرحمن هاشم بيومي]

جزاكم الله خيراً.

وجزاكم الله خيرا.