تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 30

الموضوع: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان


    السلف في رمضان(1)

    الموضوع منقول من موقع
    إسلام ويب



    خصَّ الله ـ عز وجل ـ شهر رمضان بالكثير من الخصائص والفضائل، فهو شهر نزول القرآن، والجود والإحسان، وهو شهر التوبة والمغفرة
    والعتق من النيران، وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إذا كان أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رمضان، صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النار فَلَمْ يُفْتَحْ منها باب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ منها باب، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، ولله عُتقاءُ من النَّار وذلك كل ليلة ) رواه الترمذي .


    قال
    ابن القيم: " وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل - عليه السلام - يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور " .

    ولذلك كان سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ينتظرونه بشوق وحنين،
    ويجعلوه شهر سباق في الطاعات والخيرات والحسنات، وكانت لهم أحوال خاصة مع هذا الشهر الطيب المبارك .


    مع القرآن الكريم :

    شهر رمضان له خصوصية مع القرآن الكريم، كما قال تعالى:
    { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }(البقرة من الآية: 185)، ولهذا حرص السلف - رحمهم الله - على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، فكان عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ يختم القرآن كل يوم مرة، وكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتيْن، وفي غير رمضان في كل ست ليالٍ، وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتيْن، وقال مسبِّح بن سعيد: " كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة "، وكذلك كان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهريُّ إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف .


    قال
    ابن رجب الحنبلي: " إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثٍ على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضَّلة كشهر رمضان، والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحبُّ الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتنامًا لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة " .


    مع القيام :

    قيام الليل هو
    دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين الرابحين، وهناك الكثير من الأخبار عن اجتهاد السلف الأبرار في قيام الليل عامة وفي شهر رمضان خاصة، قال الحسن البصري:" لم أجد شيئًا من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل "، وعن السائب بن يزيد قال: " أمر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أبَيَّ بن كعب وتميمًا الداري - رضي الله عنهما - أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان، فكان القارئ يقرأ بِالْمِئِينَ، حتى كنا نعتمد على العصيِّ من طول القيام، وما كنا ننصرف إلاَّ في فروع الفجر "، وعن عبد الله بن أبي بكر قال: " سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة الفجر " ، وقال الفضيل بن عياض:" إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل، كبلتك خطيئتك " .


    مع الصدقات :

    عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رسول الله ـ صلى الله
    عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، إنّ جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرض عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ) رواه البخاري، ولذلك كان الشافعي يقول: " أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم "، وكان ابن عمر ـ رضي لله عنه ـ يصوم ولا يفطر إلاَّ مع المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل ..
    وكان
    حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمسين رجلا كل ليلة، فإذا كانت ليلة العيد كساهم، وأعطى كل رجل منهم مائة درهم .. وقال أبو السوار العدوي: " كان رجال من بني عَدِي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قطُّ وحْده، إن وجد من يأكل معه أكَل، وإلاَّ أخرَج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه " .


    لقد عرف السلف الصالح قيمة شهر رمضان المبارك، فشَّمروا فيه عن
    ساعد الجِد، واجتهدوا في العمل الصالح، وسارعوا إلى الخيرات، طمعاً في مرضاة الله ـ عز وجل ـ، وقد ثبت أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم ..



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان


    مع السلف في العفو(2)


    روى ميمون بن مهران أن جارية له جاءت بمرقة، فعثرت فصبّت
    المرقة عليه، فأراد ميمون أن يضربها، فقالت الجارية: "يا مولاي! استعمل قول الله تعالى:{والكاظمين الغيظ}، فقال: "قد فعلت"، فقالت: "اعمل بما بعده": {والعافين عن الناس}، قال: "قد عفوت"، فقالت:"اعمل بما بعده" {والله يحب المحسنين} (آل عمران:134)، فقال ميمون: "أحسنت إليك، فأنت حرة لوجه الله تعالى".

    وذُكِر عن بعض المتقدمين أنه كان له فرس، وكان معجباً به، فجاء ذات يوم فوجده على ثلاث قوائم، فقال لغلامه: "من صنع به هذا؟" فقال:"أنا"، قال: "لم؟" قال: "أردت أن أغمّك". قال: "لا جرم، لأغمن من أمرك به -يعني الشيطان- اذهب فأنت حر والفرس لك".

    وكان أحد السلف يوم يخرج من بيته يقول ما معناه: "اللهم قد أحللت عرضي من كل عبد". أي: أني أعفو وأسامح كل من استباح عرضي من شتم، أو سب، أو استهزاء وغيره.


    وذكر علماء التراجم أن ابن عون كانت له ناقة يغزو عليها ويحج، وكان بها معجباً، فأمر غلاماً له يستقي عليها، فجاء بها، وقد ضربهاعلى وجهها، فسالت عينها على خدها، فقال بعضهم: "إن كان من ابن عون شيء فاليوم"، فلم يلبث أن نزل، فلما نظر إلى الناقة قال: "سبحان الله!! أفلا غير الوجه بارك الله فيك؟ اخرج عني، واشهدوا أنه حر".

    وعن علي بن زيد، قال: "أغلظ رجل من قريش القول، وذلك عند أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز، فأطرق عمر رأسه طويلاً، ثم قال: أردتَ أن يستفزني الشيطان بعزّ السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً؟ انصرف رحمك الله".


    وكان ل عمر بن عبدالعزيز ولد من فاطمة، فخرج يلعب مع الغلمان، فشجّه غلام، فاحتملوه هو وابن عمر فأدخلوهما على فاطمة، فسمع عمر الجلبة، وهو في بيت آخر فخرج، وجاءت امرأة، فقالت: "إن الغلام ابني، وهو يتيم يا أمير المؤمنين". فقال لها: "أله عطاء في بيت مال المسلمين؟"، قالت: "لا"، فقال: "اكتبوا له عطاء"، وعفا عنه.

    وعن الأحنف بن قيس قال: "ما تعلمت الحلم إلا من قيس بن عاصم؛ لأنه قتل ابن أخ له بعض بنيه، فأتي بالقاتل مكتوفاً يقاد إليه، فقال: ذعرتم الفتى! ثم أقبل على الفتى، فقال: يا بني! بئس ما صنعت، نقصت عددك، وأوهنت عضدك، وأشمتّ عدوك، وأسأت بقومك، خلوا سبيله، واحملوا إلى أمّ المقتول ديته، فإنها غريبة. ثم انصرف القاتل وما حل قيس حبوته، ولا تغير وجهه".


    قال الإمام ابن سماعة: "سمعت الإمام أحمد بن حنبل يقول: كل من ذكرني ففي حلّ إلا مبتدعاً، وقد جعلت أبا إسحاق -يعني المعتصم- في حلّ، فقد رأيت الله، يقول: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} (النور:22)، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه بالعفو في قصة مسطح، وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم في سببك؟".


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان


    مع السلف في الكرم(3)


    كان عبد الله بن عمر رضى الله عنهما شديد السخاء، يقال: إنه ما مات
    حتى أعتق ألف رقبه، وربما تصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألف، وكانت تمضى عليه الأيام الكثيرة لايذوق فيها لحماً إلا وعلى يديه يتيم.


    قال علي بن الحسن بن شقيق: "كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج
    اجتمع اليه إخوانه من أهل مرو، فيقولون: نصحبك فيقول هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لهم، ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم يطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي، وأكمل مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فيجصص بيوتهم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة كساهم، فإذا أكلوا وسرّوا دعا بالصندوق ففتحه، ودفع إلى كل رجل منهم صرّته التي عليها اسمه.


    عن يحيى الوحاظي قال: "ما رأيت رجلاً كان أكبر نفساً من إسماعيل بن عياش، كنا إذا أتيناه إلى مزرعته لايرضى لنا إلا بالخروف والخبيص".

    وكان عبد الله بن جعفر من أسخى الناس، يعطى الجزيل الكثير ويستقله، وقد تصدق مرة بألفى ألف، وأعطى مرة رجلاً ستين ألفاً، ومرة أعطى رجلاً أربعة آلاف دينار، وقيل: إن رجلاً جلب مرة سكراً إلى المدينة، فكسد عليه، فلم يشتره أحد، فأمر ابن جعفر قيّمه أن يشتريه، وأن يهديه للناس.


    عن محمد بن إسحاق قال: "كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل". وعن عمرو بن ثابت قال: "لما مات علي بنالحسين وجدوا بظهره أثراً مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    مع السلف في محاسبة النفس (4)


    عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب يوماً -وقد خرجت معه
    حتى دخل حائطاً- فسمعته يقول وبيني وبينه جدار، وهو في جوف الحائط: "أمير المؤمنين!! بخ بخ، والله لتتقينّ الله، أو ليعذبنّك".


    وقال الحسن البصري : "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله
    عزوجل، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".

    وفي قوله الله تعالى: {ولا أقسم بالنفس اللوامة} (القيامة:2) قال الحسن البصري: "لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والفاجر يمضى قدماً، لا يعاتب نفسه".


    عن عطاء قال: "دخلتُ على فاطمة بنت عبد الملك بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، فقلت لها: يا بنت عبد الملك، أخبريني عن أمير المؤمنين، قالت: "أفعل، ولو كان حيًّا ما فعلت! إن عمر رحمه الله كان قد فرَّغ نفسه وبدنه للناس، كان يقعد لهم يومه، فإن أمسى وعليه بقية من حوائج يومه وصله بليله، إلى أن أمسى مساء وقد فرغ من حوائج يومه، فدعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله، ثم قام فصلى ركعتين، ثم أقعى واضعاً رأسه على يده، تتسايل دموعه على خده، يشهق الشهقة، فأقول: قد خرجت نفسه، وانصدعت كبده، فلم يزل كذلك ليلته حتى برق له الصبح، ثم أصبح صائماً، قالت: فدنوت منه. فقلت: "يا أمير المؤمنين، رأيت شيئاً منك البارحة ما رأيته قبل ذلك، فما كان منك؟ قال: "أجل، فدعيني وشأني، وعليك بشأنك"، قالت: فقلت له: "إني أرجو أن أتعظ"، قال: "إذن أخبرك، أني نظرت إليّ فوجدتني قد وليت أمر هذه الأمة صغيرها وكبيرها، وأسودها وأحمرها، ثم ذكرت الغريب الضائع، والفقير المحتاج، والأسير المفقود، وأشباههم في أقاصي البلاد وأطراف الأرض، فعلمت أن الله سائلني عنهم، فخفت على نفسي خوفاً دمعت له عيناي، ووجل له قلبي، فأنا كلما ازددت لها ذكراً ازددت لهذا وجلاً، وقد أخبرتك فاتعظي الآن أو دعي".


    وعن أبي سليمان رحمه الله قال: "أفضل الأعمال خلاف هوى النفس".

    وقال مالك بن دينار: "رحم الله امرأ قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم ذمّها ثم خطمها -والخطام هو ما تُقاد به الإبل- ثم ألزمها كتاب الله، فكان له قائدًا". وكان رحمه الله يجاهد نفسه أشد المجاهدة، ثم يقول لنفسه: "إني والله ما أريد بك إلا الخير".


    وكان توبة بن الصمة محاسباً لنفسه، فحاسبها يوماً فرأى أن عمره قد
    بلغ ستين سنة، فحسب أيامها، فإذا هي أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم، فصرخ، وقال: "يا ويلت! ألقى الله بواحد وعشرين ألف ذنب! فكيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب؟"، ثم خرّ مغشياً عليه، فحرّكوه فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: "يا لها من ركضة إلى الفردوس الأعلى".


    وقال إبراهيم التيمي: "مثلت نفسي في الجنة، آكل من ثمارها، وأشرب من أنهارها، ثم مثلت نفسي في النار، آكل من زقّومها، وأشرب من صديدها، وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: يا نفس! أي شيء تريدين؟ فقالت: أريد أن أرد إلى الدنيا فأعمل صالحاً، قلت: فأنت في الأمنية فاعملي".




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان




    مع السلف في حفظ اللسان(5)


    قال أحد السلف: "صحبنا الربيع بن خثيم عشرين سنة، فما تكلم إلا
    بكلمة تعليه عند الله". وعن رجل من بني تميم قال: "جالست الربيع عشر سنين، فما سمعته يسأل عن شيء من أمور الدنيا، إلا مرتين: قال مرة: والدتك حيّة؟ وقال في الثانية: كم لك مسجدا؟". وقال آخر: "صحبت الربيع عشرين عاماً، ما سمعت منه كلمة تُعاب".

    عن محمد بن سوقة قال: "أحدثكم بحديث لعله أن ينفعكم؛ فإنه قد نفعني، قال لنا عطاء بن أبي رباح: يا بني أخي، إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضوله ما عدا كتاب الله عز وجل أن تقرأه، وتأمر بمعروف أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بد لك منها. أتنكرون أن عليكم حافظين كراماً كاتبين؟ عن اليمين وعن الشمال قعيد؟ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد؟ أما يستحي أحدكم أن لو نشرت عليه صحيفته يوم القيامة، ليس فيها من أمر دينه ولا دنياه شيء؟".


    قال سلمة بن علقمة: "جالستُ يونس بن عبيد، فما استطعت أن آخذ
    عليه كلمة تعاب عليه".

    قال إبراهيم الحربي: "ما أخرجتْ بغداد أتمّ عقلاً من بشر الحافي، ولا أحفظ للسانه منه، ما عُرِف له غيبة لمسلم".

    قال الإمام ابن دقيق العيد: "ما تكلمت كلمة، ولا فعلت فعلاً، إلا وأعددت له جواباً بين يدي الله عزوجل".


    قال ابن السماك: "سبعُك -أي: أسدك- بين لحيْيْك، تأكل به كل من مرعليك، قد آذيت أهل الدور في الدور، حتى تعاطيت أهل القبور، فما ترثي لهم وقد جرى البلى عليهم، وأنت هاهنا تنبشهم، إنما نرى أن نبشهم أخذ الخرق عنهم، إنك إن ذكرت مساويهم فقد نبشتهم، إنه ينبغي لك أن يدلك على ترك القول في أخيك ثلاث خلال: أما واحدة: فلعلك أن تذكره بأمر هو فيك، فما ظنك بربك إذا ذكرت أخاك بأمر هو فيك؟ ولعلك تذكره بأمر قد ابتُليت بأعظم منه، فذلك أشد استحكاماً لمقته إياك، ولعلك تذكرهبأمر قد عافاك الله منه، أفهذا جزاؤه إذ عافاك. أما سمعت: ارحم أخاك واحمد الذي عافاك؟".


    وعن أبي بكر بن عياش قال: "أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى به
    عافية، وأدنى ضرر المنطق الشهرة، وكفى بها بلية".

    قال مورق العجلي: "تعلمت الصمت في عشر سنين، وما قلت شيئا قط إذا غضبت أندم عليه إذا زال غضبي".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    هدي السلف في حفظ وصاياهم(6)



    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "عليك بتقوى الله؛ فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن؛ فإنه روحك في أهل السماء، وذكرك في أهل الأرض، وعليك بالصمت إلا في حق؛ فإنك تغلب الشيطان".


    عن جندب بن عبدالله رضي الله عنه قال: "أوصيكم بتقوى الله، وأوصيكم بالقرآن؛ فإنه نور بالليل المظلم؛ وهدى بالنهار، فاعملوا به على ما كان من جهد وفاقة، فإن عرض لك بلاء، فقدّم مالك دون دينك، فإن تجاوزالبلاء فقدم مالك ونفسك دون دينك، فإن المسلوب من سُلب دينه، واعلم أنه لا فقر بعد الجنة، ولا غنى بعد النار".


    قال الإمام موفق الدين البغدادي: "ينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصدرالأول، فاقرأ السيرة النبوية، وتتبع أفعال نبيك، واقتف آثاره وتشبّه به ما أمكنك. من لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم، ومن لم يكدح لم يفلح. إذا خلوت من التعلم والتفكر فحرّك لسانك بالذكر، خاصة عند النوم، وإذا حدث لك فرح بالدنيا فاذكر الموت وسرعة الزوال وكثرة المنغّصات. وإذا حزبك أمر فاسترجع، وإذا اعترتك غفلة فاستغفر، واعلم أن للدين عبقا تدل على صاحبها، ونوراً وضيئاً يشرف عليه ويدل عليه. يا محيي القلوب الميتة بالإيمان خذ بأيدينا من مهواة الهلكة، وطهّرنا من درن الدنيا بالإخلاص لك".

    قال وهيب بن الورد: "لا يكون همّ أحدكم في كثرة العمل، ولكن ليكن همّه
    في إحكامه وتحسينه؛ فإن العبد قد يصلي وهو يعصي الله في صلاته، وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه". وقال أيضا: "اتق الله أن تسبّ إبليسفي العلانية، وأنت صديقه في السر".


    عن معروف الكرخي قال: "من كابر الله صرعه، ومن نازعه قمعه، ومن ماكره خدعه، ومن توكل عليه منعه، ومن تواضع له رفعه. كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله، وإذا أراد الله بعبد شرا أغلق عنه باب العمل، وفتح عليه باب الجدل".

    عن الإمام وهب بن منبّه قال: "قرأت في بعض الكتب: يابن آدم، لا خيرلك في أن تعلم ما تجهله، وأنت لم تعمل بما علمت؛ فإن مثل ذلك كرجل احتطب حطباً، فحزم حزمة، فذهب يحملها فعجز عنها، فضم إليها أخرى".


    عن الإمام الحسن البصري قال: "المؤمن أحسن الناس عملاً، وأشد الناس وجلاً، فلو أنفق جبلاً من مال، ما أمن العذاب، لا يزداد صلاحاً وبرّا إلا ازداد خوفاً من ربه، والمنافق يقول: سواد الناس كثير، وسيغفرُ لي، ولا بأس عليّ. فيسيء العمل ويتمنّى على الله الأماني".


    وقال أبو حفص الحداد: "من لم يتّهم نفسه على دوام الأوقات، ولم يخالفها فى جميع الأحوال، ولم يجرّها إلى مكروهها فى سائر أيامه كان مغروراً،ومن نظر إليها باستحسان فقد أهلكها، وكيف يصح لعاقل الرضا عن نفسه؟ والكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم: يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل عليهم السلام يقول: {وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء} (يوسف:53)".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    قصص من حلم السلف(7)


    كان معاوية بن أبي سفيان يقول: "إني لآنف أن يكون في الأرض جهل لا يسعه حلمي، وذنب لا يسعه عفوي، وحاجة لا يسعها جودي".

    وعن زياد بن أبيه قال: "ما غلبني معاوية في شيء إلا مرة واحدة، استعملت فلاناً، فكسر متاعي، فخشي أن أعاقبه، ففرّ مني إلى معاوية، فكتبت إليه: إن في هذا أدب سوء لمن استعملته، فكتب إليّ: إنه لا ينبغي أن نسوس الناس سياسة واحدة، أن نلين جميعاً فيمرح الناس في المعصية، ولا نشتد جميعاً فنحمل الناس على المهالك، ولكن تكون أنت للشدة والفظاظة، وأكون أنا للين والألفة".

    وذُكر أن رجلاً من التابعين مدحه رجل في وجهه، فقال له: يا عبد الله! لم تمدحني، أجرّبتني عند الغضب، فوجدتني حليماً؟ قال: لا، قال: أجرّبتني في السفر، فوجدتني حسن الخلق؟ قال: لا، قال: أجرّبتني عند الأمانة، فوجدتني أميناً؟ قال: لا. فقال: ويحك! ما لأحد أن يمدح أحداً ما لم يجربه في هذه الأشياء الثلاثة.


    أغلظ رجل للأحنف بن قيس فى الكلام -وكان رحمه الله قد اشتهر
    بحلمه- فقال الرجل: "والله يا أحنف! لئن قلت لي واحدة لتسمعنّ بدلها عشراً". فقال له: "إنك إن قلت لي عشراً، لا تسمع مني واحدة".

    وجاء رجل إلى الأحنف فشتمه فما رد عليه، فأعاد الرجل فسكت عنه، فأعاد فسكت عنه، فقال الرجل: "والهفاه!! ما يمنعه من أن يرد علي إلا هواني عنده".


    وقال رجل مرّة لسالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم: "يا شيخ السوء!"، فقال له سالم: "ما أراك بعدت يا أخي".

    كان الفضيل بن عياض إذا قيل له: "إن فلاناً يقع فيك"، يقول: "والله لأغيظن أمره -ويعني بذلك إبليس–"، ثم يقول: "اللهم إن كان صادقاً، فاغفر لي، وإن كان كاذباً، فاغفر له".

    وشتم رجل الربيع بن خيثم، فقال له: "يا هذا! قد سمع الله كلامك، وإن دون الجنة عقبة، إن قطعتُها، لم يضرّني ما تقول، وإن لم أقطعها، فأنا شرّ مما تقول".

    قال أحد السلف: "لما ولي عمر بن عبد العزيز خرج ذات ليلة، ومعه حرسه الذين يحرسونه، فدخل المسجد فمر في الظلمة برجل نائم فعثر به، فرفع النائم رأسه إليه، فقال: أمجنون أنت؟ فرد عليه عمر: لا. فهمّ به الحراس، فقال لهم عمر: اتركوه؛ إنما سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان




    هدي السلف في قراءة القرآن(8)


    عن عطاء بن السائب أن أبا عبد الرحمن السلمي قال: "أخذنا القرآن
    عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعملوا مما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء، لا يجاوز تراقيهم".


    عن إبراهيم قال: "كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان فيكل ست ليال.

    عن ابن شذوب قال: كان عروة بن الزبير يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظراً، ويقوم به الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، وكان وقع فيها الآكله فنُشرت.

    قال سلام بن أبي مطيع: "كان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة.


    وروى إسحاق المسيبي عن نافع قال: "لما غُسِّل أبو جعفر القارئ، نظروا ما بين نحره إلى فؤاده كورقة المصحف، فما شك من حضره أنه نور القرآن.

    قال يحيى الحماني: "لما حضرت أبا بكر بن عياش الوفاة بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية، فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة".


    وقال أحمد بن ثعلبة: سمعت سلم بن ميمون الخواص يقول: "قلت
    لنفسي: يا نفس، اقرئي القرآن كأنك سمعتيه من الله حين تكلّم به، فجاءت الحلاوة".

    عن الأعمش قال: "كان يحيى بن وثّاب من أحسن الناس قراءة، ربما اشتهيت أن أقبل رأسه من حسن قراءته، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد".


    قال أبو بكر بن الحداد: "أخذت نفسي بما رواه الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة، فأكثر ما قدرت عليه تسعا وخمسين ختمة، وأتيت في غير رمضان بثلاثين ختمة".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    قصص من أدب السلف(9)


    قال أبو مصعب: "كان الإمام مالك لا يحدّث إلا وهو على طهارة، إجلالاً
    للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

    عن عطاء بن أبي رباح قال: "إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت له كأني لم أسمع هذا الحديث من قبل، وقد سمعته قبل أن يولد".

    وذكر علماء التراجم في ترجمة الإمام الأحنف بن قيس أنه كان إذا أتاه رجل وسع له في المجلس، فإن لم يكن هناك سعة أراه كأنه يوسع له.

    وقال الأحنف: "ثلاث فيّ ما أذكرهن إلا لمعتبر: ما أتيت باب سلطان إلاأن أُدعى، ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما، وما أذكر أحداً بعد أن يقوم من عندي إلا بخير". وقال أيضاً: "ما نازعني أحد إلا أخذت أمري بأمور: إن كان فوقي عرفتُ له قدره، وإن كان دوني رفعت قدري عنه، وإن كان مثلي تفضلت عليه".

    قال ابن الوليد لولده العباس: "سبحانك تفعل ما تشاء!! كان الأوزاعي يتيماً فقيراً في حجر أمه، تنقله من بلد إلى بلد، وقد جرى حكمكَ يا رب فيه أن بلغته حيث رأيته، يا بنيّ عجزت الملوك أن تؤدب نفسها وأولادها، وأدب الأوزاعي في نفسه، ما سمعت منه كلمة قط فاضلة إلا احتاج مستمعها إلى إثباتها عنه، ولا رأيته ضاحكا قط حتى يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول في نفسي: أترى في المجلس قلب لم يبك؟".

    عن إبراهيم بن حبيب الشهيد قال: "قال لي أبي: "يا بُني، اذهب إلى
    الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم؛ فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث".

    وعن ابن المنادي قال: "كان الإمام أحمد من أحيى الناس وأكرمهم، وأحسنهم عشرة وأدباً، كثير الإطراق، لا يسمع منه الا المذاكرة للحديث، وذكر الصالحين في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه انسان بشّ به، وأقبل عليه، وكان يتواضع للشيوخ شديداً، وكانوا يعظمونه، وكان يفعل بيحيى بن معين ما لم أره يعمل بغيره من التواضع والتكريم والتبجيل، وكان يحيى يكبره بسبع سنين".

    وعن أبي عبد الله قال: "أفطرنا في رمضان ليلةً شديدة الحر، فكنا نأكل ونشرب، وكان أخي عبد الرحمن بن مندة يأكل ولا يشرب، فخرجت، وقلت للناس: إن من عادة أخي أنه يأكل ليلة ولا يشرب، ويشرب ليلة أخرى ولا يأكل، قال: فما شرب تلك الليلة، ولا في الليلة الآتية، كان يشرب ولا يأكل البتة، فلما كان في الليلة الثالثة قال: يا أخي، لا تلعب بعد هذا، فإني ما اشتهيت أن أكذبك".

    وقال أيوب بن المتوكل: "كان إمام النحو الخليل إذا أفاد إنساناً شيئاً لم
    يره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئاً أراه بأنه استفاد منه".

    ويروى أن أبا إسحاق الحربي لما دخل على إسماعيل القاضي بادر إليه محمد بن يوسف إلى نعله، فأخذها فمسحها من الغبار، فدعا له، وقال: "أعزك الله في الدنيا والآخرة"، فلما توفي محمد بن يوسف رؤي في النوم ، فقيل له: "ما فعل الله بك؟"، قال: "أعزني في الدنيا والآخرة بدعوة الرجل الصالح".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان


    الدعوة إلى الله عند السلف(10)


    دخل على الإمام مالك بن دينار لص أراد أن يسرق ما في بيته، فما وجد ما يأخذه، فناداه مالك: "لم تجد شيئاً من الدنيا، فترغب في شيء من الآخرة؟"، قال: "نعم"، قال: "توضّأ وصلّ ركعتين". ففعل، ثم جلس وخرج إلى المسجد، فسئل الإمام: "من هذا؟" قال: "جاء ليسرق منا فسرقناه".

    ذكر علماء السير أن يزيد البسطامي لما كان غلاما تعلم قوله تعالى: {يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا} (المزمل:1-2) قال لأبيه: "يا أبت، من الذي يقول الله تعالى له هذا؟"، قال: "يا بنيّ! ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، فقال له يزيد: "يا أبت! ما لك لا تصنع أنت كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم؟"، قال: "يا بنيّ! إن الله تعالى خصّ نبيه بافتراض قيام الليل دون أمته". فسكت عنه. فلما حفظ قول الله تعالى: {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك} (المزمل:22)، قال: "يا أبت! إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون من الليل، فمن هؤلاء الطائفة؟"، فقال له: "أؤلئك هم الصحابة رضي الله عنهم"، قال: "فلم تترك ما فعله الصحابة؟"، قال: "صدقت يا بنيّ! لا أترك القيام إن شاء الله تعالى". فكان يقوم من الليل ويصلي.

    وقال الإمام الغزالي: "اعلم أن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خالياً في هذا الزمان عن منكر من حيث التقاعد عن إرشاد الناس وتعليمهم، وحملهم على المعروف؛ فأكثر الناس جاهلون بالشرع في شروط الصلاة في البلاد، فكيف في القرى والبوادي؟ وواجب أن يكون في مسجد ومحلٍّ من البلد فقيه يُعلِّم الناس دينهم، وكذا في كل قرية".

    يقول الإمام عبد القادر الجيلاني: "أراد الله مني منفعة الخلق؛ فقد أسلمعلى يدي أكثر من خمسمائة، وتاب على يدي أكثر من مائة ألف، وهذا خير كثير".

    قال الحافظ عمر البزار: "كان شيخ الإسلام ابن تيمية في حال صغره إذا
    أراد المضيّ إلى المكتب يعترضه يهودي -وكان بيت هذا اليهودي في طريق الشيخ- فكان يعترضه بمسائل يسأله عنها، وكان الشيخ يجيبه عنها سريعاً، حتى تعجب اليهودي منه، ثم إنه صار كلما اجتاز به يخبره بأشياء مما يدل على بطلان ما يدينه من دين اليهودية، فلم يلبث أن أسلم الرجل وحسن إسلامه، وكان ذلك ببركة الشيخ على صغر سنه".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان


    مع السلف في الجهاد(11)


    في معركة القادسية: خرج رجل من أهل فارس، ينادي: "من يبارز؟"، فبرز له علباء بن جحش العجلي، فضربه ضربة أصابته في صدره فشقّت رئته، وضربه الآخر ضربة أصابته في بطنه فشقّت أمعاءه، وسقطا معاً إلى الأرض، فأما الفارسي فمات من ساعته، وأما علباء فلم يستطع القيام، وحاول إعادة أمعاءه إلى مكانها فلم يقدر، حتى مرّ به رجل من المسلمين، فقال له: "يا هذا! أعنّي على بطني"، فأدخل له أمعاءه، فزحف نحو صف فارس دون أن يلتفت إلى المسلمين وراءه،فأدركه الموت على بعد ثلاثين ذراعاً من مصرعه، وهو يقول:


    أرجو بها من ربنا ثوابا قد كنت ممن أحسن الضرابا
    ثم فاضت نفسه رحمه الله.عن حاتم الأصم قال: "كنا مع شقيق البلخي ونحن مواجهون للترك في يوم لا أرى فيه إلا رؤوساً تسقط، وسيوفا تقطع، ورماحاً تقصر، فقال لي شقيق ونحن بين الصفين: كيف ترى نفسك يا حاتم!؟ أتراها في مثل الليلة التي زفت إليك امرأتك؟ قلت: لا والله، قال: لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثله في الليلة التي زفت فيها امرأتي. ثم نام بين الصفين ودرعه تحت رأسه، حتى سمعتُ غطيطه، قال حاتم: ورأيت رجلاً من أصحابنا في ذلك اليوم يبكي، فقلت: مالك؟ قال: قُتل أخي، قلت: حظ أخيك، صار إلى الله وإلى رضوانه، فقال لي: اسكت!! ما أبكي أسفاً عليه، ولا على قتله، ولكني أبكي أسفاً أن أكون دريت كيف كان صبره لله عند وقوع السيف به، ففي ذاك اليوم أخذني تركي فأضجعنيللذبح، فلم يكن قلبي به مشغولاً، بل كان قلبي بالله مشغولاً، أنظر ماذايأذن الله له فيّ، فبينا هو يطلب السكين من جفنه إذ جاءه سهم غائر فذبحه فألقاه عني".


    وعن إبراهيم بن شماس قال: "كنت أكاتب أحمد بن إسحاق السرماري
    -نسبة إلى سرماري: قرية من قرى بخارى-، فكتب إليّ: إذا أردت الخروج إلى بلاد الغزية في شراء الأسرى فاكتب إليّ، فكتبت إليه لما عزمت على المسير، فقدم سمرقند فخرجنا، فلما علم قائد الكفر استقبلنا في عدة من جيوشه، فأقمنا عنده، فعرض يوماً جيشه، فمرّ رجل فعظّمه وبالغ في تفخيمه، فسألني عنه السرماري، فقلت: هذا رجل مبارز يعد بألف فارس، فقال لي: أنا أبارزه. فسكتُّ، فقال قائد الكفر: ما يقول هذا؟ قلت: يقول كذا وكذا، فاستخفّ به، وقال: لعله سكران لا يشعر. فلما كان الغد ركبوا، فركب السرماري معه عمود في كمّه، فقام بإزاء المبارز فقصده، فهرب السرماري حتى باعده من الجيش، ثم كرّ وضربه بالعمود وقتله، وعلم قائد الكفر بذلك فجهز في طلبه خمسين فارساً فأدركوه، فثبت تحت تلٍ مختفياً، حتى مروا كلهم واحداً بعد واحد، وجعل يضرب بعموده من ورائهم إلى أن قتل تسعة وأربعين، وأمسك واحداً، فقطع أنفه وأذنيه، وأطلقه ليخبر قائد الكفر". ثم بعد عامين توفي أحمد وذهب ابن شماس في فداء أسارى المسلمين، فقال له قائد الكفر: "من ذاك الذي قتل فرساننا؟"، قال: "ذاك أحمد السرماري"، قال: "فلم لم تحمله معك؟"، قلت: "لقد توفي"، فصكّ فيوجهه وقال: "لو أعلمتني أنه هو لكنت أعطيه خمسمائة برذون وعشرة آلاف شاة".


    وعن أبي أمية الغفاري قال: "كنا في غزاة لنا فحضر عدوهم، والناس مصطفون لملاقاة العدو، إذا رجل أمامي: رأس فرسي عند عجز فرسه، وهو يخاطب نفسه، ويقول: أي نفس! ألم أشهد مشهد كذا وكذا؟ فقلت لي: أهلك وعيالك، فأطعتك ورجعت؟ ألم أشهد مشهد كذا وكذا، فقلت لي: أهلك وعيالك، فأطعتك ورجعت؟ والله لأعرضنك اليوم على الله، أخذك أو تركك. فقلت: لأرمقنه اليوم. فرمقته فحمل الناس على عدوهم فكان في أوائلهم، ثم إن العدو حمل على الناس فانكشفوا، فكان في حماتهم، ثم إن الناس حملوا فكان في أوائلهم، ثم حمل العدو وانكشف الناس فكان في حماتهم. قال: فوالله ما زال ذلك دأبه حتى رأيته صريعاً. فعددت به وبدابته ستين أو أكثر من ستين طعنة".




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    مع السلف في القيام(12)



    عن مولى لأبي ريحانة -وكان أبو ريحانة من أصحاب النبي صلى الله
    عليه وسلم- أنه رجع من غزوة كان فيها، فلما انصرف أتى أهله فتعشى من عشائهم، ثم دعا بوضوء فتوضأ منه، ثم قام إلى مسجده فقرأ سورة ثم أخرى، فلم يزل ذلك مكانه كلما فرغ من سورة افتتح أخرى، حتى إذا أذن المؤذن من السحر شد عليه ثيابه، فأتته امرأته فقالت: "يا أبا ريحانة! قد غزوت فتعبت في غزوتك ثم قدمت، ألم يكن لي منك حظ ونصيب؟"، فقال: "بلى، والله ما خطرت لي على بال، ولو ذكرتك لكان لك علي حق"، قالت: "فما الذي شغلك يا أبا ريحانة؟"، قال: "لم يزل يهوى قلبي في ما وصف الله في جنته من لباسها وأزواجها ولذاتها، حتى سمعت المؤذن".


    عن إسحاق بن إبراهيم الطبري قال: "مارأيت أحداً أخوف على نفسه، ولا
    أرجى للناس من الفضيل، كانت قراءته حزينة بطيئة مترسّلة، كأنه يخاطب إنساناً، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها، ويسأل الله من نعيمها، وكانت صلاته بالليل طويلة، يُلقى له الحصير في مسجده فيصلي في أول الليل ساعة، ثم تغلبه عينيه فيلقي نفسه على الحصير فينام قليلاً، ثم يقوم، فإذا غلبه النوم نام، ثم يقوم هكذا حتى يصبح، وكان دأبه إذا نعس أن ينام، ويقول: أشد العبادة ما كان هكذا".


    وعن رجاء بن مسلم العبدي قال: "كنا نكون عند عجردة العمية في الدار. فكانت تحيي الليل صلاة. وربما تقوم من أول الليل إلى السحر، فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون: إليك قطع العابدون دجى الليالي بتبكير الدلج إلى ظلم الأسحار، يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك، فبك إلهي لا بغيرك أسألك أن تجعلني في أول زمرة السابقين إليك، وأن ترفعني إليك في درجة المقربين، وأن تلحقني بعبادك الصالحين، فأنت أكرم الكرماء، وأرحم الرحماء، وأعظم العظماء، يا كريم. ثم تخر ساجدة فلا تزال تبكي وتدعو في سجودها حتى يطلع الفجر، فكان ذلك دأبها ثلاثين سنة".


    وقال موسى بن طريف: "كانت الجارية تفرش لعلي بن بكّار، فيلمسه بيده
    ويقول: والله إنك لطيب، والله إنك لبارد، والله لا علوتك الليلة. وكان يصلي الفجر بوضوء العتمة".


    وقال ابن سعد واصفاً سليمان التيمي: "هو من العباد المجتهدين، كثير الحديث، ثقة يصلي الليل كله بوضوء عشاء الآخرة، وكان هو وابنه يدوران بالليل في المساجد، فيصليان في هذا المسجد مرة وفي هذا المسجد مرة حتى يصبحا".

    وعن حسين الكرابيسي قال: "بتّ مع الشافعي ليلة، فكان يصلي نحو ثلث الليل، فما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة آية، وكان لا يمر بآية رحمة الا سأل الله، ولا بآية عذاب إلا تعوذ، وكأنما جُمع له الرجاء والرهبة جميعاً".


    وقالت أم سعيد: "كان بيننا وبين داود الطائي جدار قصير، فكنت أسمع حنينه عامة الليل لا يهدأ، وربما ترنّم في السحر بالقرآن، فأرى أن جميعالنعيم قد جُمع له في ترنّمه".

    وعن سعيد بن عامر قال: "كان أيوب السختياني يقوم الليل كله فيخفي
    ذلك، فإذا كان عند الصبح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة".

    وقال ابن شبرمة: "كان زبيد يجزئ الليل ثلاثة أجزاء: جزءاً عليه، وجزءاً على ابنه، وجزءاً على ابنه الآخر عبد الرحمن، فكان هو يصلي ثم يقول لأحدهما: قم. فإن تكاسل صلّى جزءه، ثم يقول للآخر: قم. فإن تكاسل أيضاً صلى جزءه، فيصلي الليل كله".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    قصص من زهد السلف(13)


    قال السلمي: "سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قط، وما كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضة ولا ذهب قط".


    وقال أيضاً: "دخلت على محمد بن أسلم قبل موته بأربعة أيام بنيسابور، فقال: "يا أبا عبد الله! تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير، قد نزل بي الموت، وقد منَّ الله علي أنه مالي درهم يحاسبني الله عليه". ثم قال: "أغلق الباب، ولا تأذن لأحد حتى أموت، وتدفنون كتبي، وأعلم أني أخرج من الدنيا، وليس أدع ميراثاً غير كسائى ولبدي وإنائي الذي أتوضا فيه، وكتبي هذه، فلا تكلفوا الناس مؤنة". وكان معه صرة فيها نحو ثلاثين درهماً فقال: "هذا لابني أهداه قريب له، ولا أعلم شيئاً أحلّ من هذا المال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك)، وقال: (أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه)، فكفّنوني منها فإن أصبتم لي بعشرة ما يستر عورتي، فلا تشتروا بخمسة عشر، وابسطوا على جنازتي لبدي، وغطوا عليها كسائي، وأعطوا إنائي مسكيناً".


    حُكي عن الإمام عمر بن سعد الكوفي أنه أبطأ يوماً في الخروج إلى صلاة الجماعة، ثم خرج فقال: "أعتذر إليكم؛ فإنه لم يكن لي ثوب غير هذا صليت فيه، ثم أعطيته بناتي حتى صلين فيه، ثم أخذته وخرجت إليكم".

    وعن مسلمة بن عبد الملك قال: "دخلت على عمر بن عبد العزيز وقميصه وسخ، فقلت لامرأته وهي أخت مسلمة: اغسلوه، قالت: نفعل. ثم عدت، فإذا القميص على حاله، فحادثتها عن ذلك، فقالت: والله ما له قميص غيره".


    وعن ابن باكويه قال: "سمعت الإمام ابن خفيف يقول عن نفسه: والله ما
    وجبت علي زكاة الفطر أربعين سنة".

    قال الحسن البصري: "والله لقد أدركت سبعين بدريًّا أكثر لباسهم الصوف، لو رأوا خياركم لقالوا: ما لهؤلاء من خلاق، ولو رأوا شراركم لقالوا: ما يؤمنون بيوم الحساب، ولقد رأيت أقواماً كانت الدنيا أهونَ على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواماً يمسي أحدهم لا يجد عشاء إلا قوتاً، فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل، فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن يتصدّق عليه".


    أصاب يزيد بن المهلب -قائد المسلمين- فى أحد فتوحاته أموالاً كثيرة، فكان من جملتها تاج فيه جواهر نفيسه، فقال: "أتدرون أحداً يزهد فى هذا"، قالوا: "لا نعلمه"، فقال: "والله إنى لأعلم رجلاً لو عرض عليه هذا وأمثاله لزهد فيه، ثم دعا بمحمد بن واسع -وكان فى الجيش مغازياً- فعرض عليه أخذ التاج، فقال: "لاحاجة لى فيه"، فقال: "أقسمت عليك لتأخذنه"، فأخذه وخرج به من عنده، فأمر يزيد رجلاً أن يتبعه، فينظرماذا يصنع بالتاج، فمرّ بسائل، فطلب منه شيئاً، فأعطاه التاج بكامله وانصرف، فبعث يزيد إلى ذلك السائل فأخذ منه التاج، وعوّضه عنه مالاً كثيراً.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    مع السلف في الصيام(14)



    عن الواقدي: "كان الإمام ابن أبي ذئب يصلي الليل أجمع، ويجتهد في
    العبادة، ولو قيل له: إن القيامة تقوم غداً! ما كان فيه مزيد من الاجتهاد، أخبرني أخوه عن حاله، أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ثم سرد الصوم بعد ذلك".

    عن محمد بن عبد الأعلى قال: "قال لي معتمر بن سليمان: لولا أنك من
    أهلي ما حدثتك بهذا، لقد مكث أبي أربعين سنة يصوم يوماً ويفطر يوماً، ويصلي صلاة الفجر بوضوء عشاء الآخرة".


    قال جماعة من شيوخ قزوين: "لم ير أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان رحمه الله مثل نفسه في الفضل والزهد، أدام الصيام ثلاثين سنة، وكان يفطر على الخبز والملح، وفضائله أكثر من أن تعد".


    عن عطية بن قيس قال: "دخل ناس من أهل دمشق على أبي مسلم وهو غاز في أرض الروم، وقد احتفر حفرة في فسطاطه، وجعل فيها الماء كي يتبرد به من الصيام، فقالوا: "ما حملك على الصيام وأنت مسافر؟"، فقال: "إذا حضر القتال أفطرت، وتهيّأت له وتقويت؛ إن الخيل لا تجري الغايات وهن بُدن، إنما تجرى وهن ضمر، ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل".


    عن ابن أبي عدي قال: "صام داودبن أبي هند أربعين سنة لا يعلم به أهله، وكان خرازا يحمل معه غداءه من عندهم، فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشيًّا، فيفطر معهم". يقول الحافظ ابن الجوزي معلقاً: "يظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت، ويظن أهله أنه قد أكل في السوق".


    وسئل معروف الكرخي: "كيف تصوم؟"، فغالط السائل، وقال: "صوم نبينا صلى الله عليه وسلم كان كذا وكذا، وصوم داود عليه السلام كذا وكذا"، فألحّ عليه، فقال: "أُصبح دهري صائماً، فمن دعاني أكلت، ولم أقل إني صائم".


    ذكر علماء التراجم في سيرة نفيسة بنت الحسن رضي الله عنه أنها كانت تكثر من الصيام، حتى قيل لها: "ترفّقي بنفسك -لكثرة ما رأوا منها-، فقالت: كيف أرفق بنفسي؟ وأمامي عقبة لا يقطعها إلا الفائزون. وقد توفيت وهي صائمة، ويوم وفاتها ألزموها الفطر، فقالت: واعجباه! أنا منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى أن ألقاه صائمة، أأفطر الآن؟ هذا لا يكون، حتى فاضت روحها رحمها الله تعالى.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان





    قصص من مزاح السلف(15)


    عن القاضي ابن قريعة أن رئيساً له كتب: "ما يقول القاضي في يهودي
    زنى بنصرانية، فولد ابناً جسمه للبشر، ووجهه للبقر؟"، فأجاب: "هذا من أعدل الشهود على الخبثاء اليهود، أُشربو العجل في صدورهم، فليربط برأس اليهودي رأس عجل، ويصلب على عنق النصرانية الرأس والرُجُل اليهودي معاً، ويُسحبا على الارض، وينادى عليهما: ظلمات بعضها فوق بعض".


    وقيل: عرض اثنان على الشيخ ابن الخشاب شعراً لهما، فسمع للأول ثم قال: "أنت أردأ شعراً من صاحبك"، فتعجب الرجل وقال: "كيف تقول هذا، وأنت لم تسمع قول الآخر؟!"، قال: "لأن هذا لا يكون أردأ منه".


    قيل: إن أبا الطيب الطبري دفع خُفاً له إلى من يصلحه، فماطله وبقي كلما جاءه أبو الطيب نقع نعله في الماء، وقال: الآن أصلحه. فلما طال ذلك على أبي الطيب ضاق ذرعاً، وقال له: "إنما دفعته إليك لتصلحه، لا لتعلمه السباحة!!".

    قال أبو الفضل حدثني أبي قال: "توجهت من الموصل إلى أبي إسحاق، فلما حضرت عنده رحّب بي، وقال: من أين أنت؟ فقلت: من الموصل، قال: مرحباً، أنت من بلدي، قلت: يا سيدنا، أنت من فيروزآباد، ولست من الموصل!! فقال له: أما جمعتنا سفينة نوح؟!".


    قال الإمام أبو عبد الله الحاكم: "حضرت أبا العباس الأصم يوماً في مسجده، فخرج ليؤذن لصلاة العصر، فوقف موضع المئذنة، ثم قال بصوت عال -وهو غافل-: أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي. ثم انتبه لنفسه، فضحك وضحك الناس، ثم أذن".

    كان ابن الجصاص مع الوزير الخاقاني في مركب وبيده كرة كافور،فبصق في وجه الوزير وألقى الكافورة في دجلة، ثم أفاق واعتذر، وقال: "إنما أردت أن أبصق في وجهك، وألقيها في الماء فغلطت"، فقال له الوزير: "كذلك الذي حصل يا جاهل".


    وقيل: جاء إلى الأمير ابن الأغلب رجل فقال: "قد عشقت جارية، وثمنها
    خمسون ديناراً، وما معي إلا ثلاثون. فوهبه مائة دينار، فسمع بذلك رجل آخر فجاء، وقال: "إني عاشق"، فقال له الأمير: "فما تجد في قلبك؟"، قال: "لهيبا"، فقال الأمير: "اغمسوه في الماء"، فغمسوه مرات، وهو يصيح: "ذهب العشق"، فضحك، وأمر له بثلاثين ديناراً.


    وقال جعفر بن أبي عثمان: "كنا عند يحيى بن معين فجاءه رجل
    مستعجل، فقال: "يا أبا زكريا! حدثني بشيء أذكرك به". فقال له يحيى: "اذكرني أنك سألتني، أن أحدثك فلم أفعل!!".









    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    قصص من فراسة السلف(16)



    قال عبد الله بن سلمة المرادي: "نظر عمر بن الخطاب إلى الأشتر، فصعّد فيه النظر وصوّبه، ثم قال: إن للمسلمين من هذا يوماً عصيباً. فملك الأشتر العرب. وكان جباراً سفاحاً.


    ودخل رجل على عثمان بن عفان رضي الله عنه -وقد رأى امرأة في الطريق، فتأمل محاسنها- فقال له عثمان : "يدخل عليّ أحدكم، وأثرالزنى ظاهر على عينيه؟!"، فقال الرجل: "أوحيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "، فقال: "لا، ولكن تبصرة وبرهان وفراسة صادقة".


    وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "أفرس الناس ثلاثة: العزيز في
    يوسف عليه السلام، حيث قال لامرأته: {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} (يوسف:21)، وابنة شعيب حين قالت لأبيها في موسى عليه السلام: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} (القصص:26)، وامرأة فرعون حين قالت: {قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} (القصص:9)، وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما، حيث استخلفه".


    وقال الحارث بن مرة: "نظر إياس بن معاوية إلى رجل فقال: هذا غريب،وهو من أهل واسط، وهو معلّم، وهو يطلب عبداً له آبق، فوجدوا الأمر كما قال، فسألوه فقال: رأيته يمشي ويلتفت فعلمت أنه غريب، ورأيته وعلى ثوبه حمرة تربة واسط ، فعلمت أنه من أهلها، ورأيته يمر بالصبيان فيسلم عليهم ولا يسلم على الرجال فعلمت أنه معلّم، ورأيته إذا مرّ بذي هيئة حسنة لم يلتفت إليه، وإذا مرّ بذي ملابس رثّة تأمله، فعلمت أنه يطلب عبدا آبقا".


    وذكروا عن المنصور أن رجلاً جاءه، فأخبره أنه خرج في تجارة فكسب مالاً، فدفعه إلى امرأته، ثم طلبه منها، فذكرت أنه سرق من البيت ولم ير نقباً ولا علامة على ذلك، فقال المنصور: "منذ كم تزوجتها؟"، قال: "منذ سنة"، قال: "بكراً، أو ثيبا؟"، قال: "ثيباً"، قال: "فلها ولد من غيرك؟"، قال: "لا"، فدعا له المنصور بقارورة طيب كان حاد الرائحة وغريبالنوع، فدفعها إليه وقال له: "تطيّب من هذا الطيب؛ فإنه يذهب غمّك". فلما خرج الرجل من عنده قال المنصور لأربعة من ثقاته: "ليقعد على كل باب من أبواب المدينة واحد منكم، فمن شمّ منكم رائحة هذا الطيب من أحد فليأت به"، وخرج الرجل بالطيب فدفعه إلى امرأته، فلما شمّته بعثتمنه إلى رجل كانت تحبه، وقد كانت دفعت إليه المال، فتطيّب من العطر،ومرّ مجتازا ببعض أبواب المدينة، فشمّ الموكّل بالباب رائحته عليه فأتى به المنصور، فسأله: "من أين لك هذا الطيب؟"، فلجلج في كلامه، فدفعه إلى والي الشرطة، فقال: "إن أحضر لك كذا وكذا من المال فخلّ عنه وإلا اضربه ألف سوط"، فلما جرّدوه للضرب أحضر المال على هيأته، فدعا المنصور صاحب المال، فقال: "أرأيت إن رددت عليك المال، تحكّمني في امرأتك؟"، قال: "نعم"، فقال له المنصور: "هذا مالك، وقد طلقتُ المرأة منك".


    وقال أبو علي التنوخي: "بلغني عن المعتضد أنه كان جالساً في بيت يُبنىله، فرأى فيهم غلاماً أسود منكر الخلقة يصعد السلالم درجتين درجتين، ويحمل ضعف ما يحمله غيره، فأنكر ذلك وطلبه، وسأله عن سبب ذلك، فتلجلج فكلمه ابن حمدون فيه وقال: من هذا حتى صرفت فكرك إليه؟


    قال:
    قد وقع في خلدي أمر لا أحسبه باطلاً. ثم أمر به فضُرب مئة وتهددهبالقتل، ودعا بالنطع والسيف، فقال الغلام: الأمان الأمان؛ أنا أعمل في الفرن، فدخل من شهور رجل معه دنانير فأخرجها، فوثبت عليه وسددت فاه وكتفته وألقيته في الأتون، والذهب معي يقوى به قلبي. فأخذ منه المعتضد الكيس الذي فيه الدنانير، وإذا على الكيس اسم صاحبه، فنودي في البلد عن صاحب الكيس، فجاءت امرأة فقالت: هو زوجي، وليَ منه طفل. فسلّم الذهب إليها، وقتل ذلك الغلام".



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    قصص التوبة عند السلف(17)




    عن الفضل بن موسى قال: "كان الفضيل بن عياض لصاً يقطع الطريق،

    وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذ

    سمع تالياً يتلو: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}

    (الحديد:16)، فلما سمعها قال: بلى يا رب! قد آن. فرجع فآواه الليل إلى

    خربة، فإذا فيها قافلة، فقال بعضهم: نرحل. وقال بعضهم: حتى نصبح؛

    فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا. قال: ففكرتُ وقلت: أنا أسعى بالليل

    في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني؟ وما أرى الله ساقني

    إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت

    الحرام".



    وعن زاذان قال: "كنتُ غلاماً حسن الصوت، جيّد الضرب بالطنبور،

    فكنت مع صاحب لي وعندنا نبيذ، وأنا أغنّيهم، فمر عبد الله بن مسعود

    رضي الله عنه، فدخل فضرب البساط وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان ما

    يسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن كنت أنت أنت!! ثم مضى، فقلت

    لأصحابي: من هذا؟ قالوا: هذا عبدالله بن مسعود، فألقى الله في نفسي

    التوبة، فسعيت أبكي وأخذتُ بثوبه، فأقبل عليّ، فاعتنقني وبكى، وقال

    لي: مرحباً بمن أحبه الله، اجلس. ثم دخل وأخرج لي تمراً".

    عن إبراهيم بن بشار قال: "قلت لإبراهيم بن أدهم: كيف كان بدء أمرك؟
    قال: كان أولى بك أن تسأل عن غير هذا، فقلت له: أخبرني، لعل الله أن

    ينفعنا به يوماً، فقال: كان أبي من الملوك الموسرين، وحُبب إلينا

    الصيد، فركبت ذات مرة، فثار أرنب أو ثعلب، فحرّكت فرسي نحوه،

    فسمعت نداء من ورائي: ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت. فوقفت أنظر

    يمنة ويسرة، فلم أر أحداً، فقلت: لعن الله إبليس. ثم حرّكت فرسي،

    فأسمع نداء أقوى من الأول: يا إبراهيم! ليس لذا خلقت ولا بذا أمرت،

    فوقفت أنظر، فلا أرى أحداً، فقلت: لعن الله إبليس. فأسمع نداء من عند

    سرجي بذاك، فقلت: انتصحت انتصحت!! جاءني نذير ربي، والله لا

    عصيت الله بعد يومي ما عصمني الله. فرجعت إلى أهلي، فخليت فرسي

    ثم جئت إلى رعاة لأبي، فأخذت جبة كساء، وألقيت ثيابي إليهم، ثم

    أقبلت إلى العراق، فعملت بها أياماً، فلم يصْفُ لي منها الحلال، فقيل لي:

    عليك بالشام، ولم أزل هناك".



    وكان بشر بن الحارث في زمن لهوه في داره، وعنده رفقاؤه يشربون

    ويطربون، فاجتاز بهم رجل من الصالحين، فدقّ الباب، فخرجت إليه

    جارية، فقال لها: "صاحب هذه الدار حر أو عبد؟"، فقالت: "بل حر"،

    فقال: "صدقت؛ لو كان عبداً لاستعمل أدب العبودية، وترك اللهو



    والطرب". فسمع بشر محاورتهما، فسارع إلى الباب حافياً حاسراً، وقد

    ولّى الرجل، فقال للجارية: "ويحك، من كلمك على الباب؟"، فأخبرته

    بما جرى، فقال: "أي ناحية أخذ هذا الرجل؟"، فقالت: "كذا"، فتبعه

    بشر حتى لحقه، فقال له: "أنت يا سيدي! وقفت بالباب وخاطبت

    الجارية؟"، قال: "نعم"، قال: أعد علي الكلام"، فأعاده، فمرّغ بشر

    خدّه على الأرض، وقال: "بل عبد! عبد!!"، ثم هام على وجهه حافياً

    حاسراً، حتى عُرف بالحفَّاء، فقيل له: "لم لا تلبس نعالاً؟"، قال: "لأني

    ما صالحني مولاي إلا وأنا حاف، فلا أزول عن هذه الحالة حتى

    الممات".









    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    أحوال السلف عند الاحتضار(18)













    عن أبي موسى قال: "مرض أبي -الحافظ عبدالغني- مرضاً شديداً منعه

    من الكلام والقيام، واشتدّ ستة عشر يوماً، وكنت أسأله كثيراً ما يشتهي

    فيقول: أشتهي الجنة، أشتهي رحمة الله. لا يزيد على ذلك. فجئته بماء

    حار، فمدّ يده فوضّأته وقت الفجر، فقال: يا عبد الله! قم صل بنا

    وخفف. فصليت بالجماعة، وصلّى جالساً ثم جلست عند رأسه، وجعل

    يدعوا وأنا أؤمن، فقلت: هنا دواء تشربه. قال: يا بني، ما بقي إلا

    الموت، فقلت: ما تشتهي شيئاً؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله

    سبحانه، فقلت: هل أنت عنّي راض؟ قال: بلى والله، فقلت: ما توصي

    بشيء؟ قال: ما لي على أحد شيء، ولا لأحد علي شيء، قلت:

    توصيني؟ قال: أوصيك بتقوى الله والمحافظة على طاعته. فجاء جماعة

    يعودونه، فسلموا فرد عليهم، وجعلوا يتحدثون، فقال لهم: ما هذا؟

    اذكروا الله، قولوا لا إله إلا الله، فلما قاموا جعل يذكر الله بشفتيه،

    ويشير بعينيه، فقمت لأناول رجلاً كتاباً من جانب المسجد، فرجعت وقد

    خرجت روحه رحمه الله".



    حكى الفقيه عن شيخه نصر أنه قبل موته بلحظة سمعه وهو يقول: "يا

    سيدي! أمهلوني أنا مأمور، وأنتم مأمورون". ثم سمع المؤذن بالعصر

    فقال له: "يا سيدي! المؤذن يؤذن"، فقال له: "أجلسني". فأجلسه،

    فأحرم بالصلاة ووضع يده على الأخرى وصلى، ثم توفي من ساعته

    رحمه الله.



    عن يزيد بن أبي حبيب قال: "لما احتضر ابن أبي سرح وهو بالرملة

    -وكان خرج إليها فارّا من الفتنة- فجعل يقول من الليل: أأصبحتم؟

    فيقولون: لا. فلما كان عند الصبح قال: يا هشام! إني لأجد برد الصبح

    فانظر، ثم قال: اللهم اجعل خاتمة عملي الصبح، فتوضّأ ثم صلى، فقرأ

    في الأولى بأمّ القرآن والعاديات، وفي الأخرى بأمّ القرآن وسورة،

    وسلّم عن يمينه وذهب يسلّم عن يساره فقُبض رحمه الله.




    وقال أبو شامة: "أخبرني من حضر جنازة الإمام ابن عساكر: أنه صلّى

    الظهر، وجعل يسأل عن صلاة العصر، وتوضّأ ثم تشهد وهو جالس،

    وقال: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم

    نبياً، لقّنني الله حجتي، وأقالني عثرتي، ورحم غربتي، ثم قال: وعليكم

    السلام. فعلمنا أنه حضرت الملائكة، ثم انقلب ميّتا".

    وقال يوسف الشيرازي عن وفاة الإمام عبد الأول الهروي: "لما
    احتضر شيخنا سندته إلى صدري، فدخل عليه محمد بن القاسم وأكب

    عليه وقال: يا شيخنا! قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر

    كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) فرفع طرفه إليه وتلا: {يا ليت قومي

    يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} (يس:27)، فدهش

    من حضر من الأصحاب، ولم يزل يقرأ حتى ختم السورة، وتوفي وهو

    جالس على السجادة".




    عن ابن الفضل القطان قال: "حضرت النقاش وهو يجود بنفسه سنة

    إحدى وخمسين وثلاثمائة، فنادى بأعلى صوته: {لمثل هذا فليعمل

    العاملون} (الصافات:61) ، يردّدها ثلاثاً، ثم خرجت نفسه رحمه الله".




    قال الحسن بن صالح: "قال لي أخي -وكنت أصلي-: يا أخي! اسقني.

    قال: فلما قضيت صلاتي أتيته بماء، فقال: قد شربت الساعة، قلت: من

    سقاك وليس في الغرفة غيري وغيرك؟ قال: أتاني الساعة ملك بماء

    فسقاني، وقال لي: أنت وأخوك وأمك مع الذين أنعم الله عليهم. ثم

    خرجت نفسه".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    مع السلف في طلب العلم(19)








    عن أحمد بن خالد قال: "بلغنا أن يحيى بن يحيى الليثي كان عند مالك
    بن أنس رحمه الله، فمرّ على باب مالك فيل، فخرج كل من كان في
    مجلسه لرؤية الفيل، سوى يحيى بن يحيى فلم يقم، فأعجب به مالك
    وسأله: من أنت؟ وأين بلدك؟ ثم لم يزل بعدُ مُكْرِماً له". وعن يحيى بن
    يحيى قال: "أخذت بركاب الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث:
    دعه. ثم قال لي: خدَمَك العلم. قال: فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذلك".
    و(يحيى) هذا هو راوي "موطأ" مالك.


    قال إسحاق الشهيدي: "كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر، ثم يستند
    إلى أصل منارة مسجده، فيقف بين يديه علي بن المديني وأحمد بن
    حنبل ويحيى بن معين وغيرهم، يسألونه عن الحديث وهم قيام على
    أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب، لا يقول لواحد منهم: اجلس، ولا
    يجلسون هيبة له وإعظاماً".


    عن أبي إسحاق قال: "لما مات القاضي محمد بن أحمد بن إبراهيم
    العسال ، وجلس بنوه للتعزيه، دخل علينا رجلان في لباس سواد، وأخذا
    يولولان ويقولان: وإسلاماه!! فسئلا عن حالهما، فقالا: إنا وردنا من
    "أغمات" من المغرب، لنا سنة ونصف في الطريق في الرحلة إلى هذا
    الإمام لنسمع منه، فوافق ورودنا وفاته".


    عن أبي طاهر قال: "سمعت أبا بكر بن المقرئ يقول: طفت الشرق
    والغرب أربع مرات -يعني في الرحلة للحديث-. وروى رجلان عن ابن
    المقرئ قال: مشيت بسبب نسخة مفضل بن فضالة في الحديث مسافة
    سبعين مرحلة، ولو عرضت على خباز برغيف لم يقبلها. وقال أيضاً:
    دخلت بيت المقدس عشر مرات، وحججت أربع حجات، وأقمت بمكة
    خمسة وعشرين شهراً، كل ذلك في العلم".


    عن إسماعيل بن عياش قال: "كتبت لي أم الدرداء في لوحي: اطلبوا
    العلم صغاراً، تعملوا به كباراً؛ فإن لكل حاصد ما زرع".


    قال ابن جماعة الكناني: "ليعلم طالب العلم أن ذلّه لشيخه عزّ، وأن
    خضوعه له فخر، وتواضعه له رفعة، وعلى طالب العلم أن ينظر إلى
    شيخه بعين الإجلال؛ فإن ذلك أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض السلف
    إذا ذهب إلى شيخه تصدّق بشيء، وقال: اللهم استر عيب شيخي عني،
    ولا تذهب بركة علمه مني".


    وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: "كان يقال: إذا لقي الرجلُ الرجلَ
    فوقه في العلم، فهو يوم غنيمته، وإذا لقي من هو مثله، دارسه وتعلم
    منه، وإذا لقي من هو دونه تواضع له، وعلّمه".


    قال أبو حاتم الرازي: "بقيت ثمانية أشهر بالبصرة، وكان في نفسي أن
    أقيم سنة، فانقطعت نفقتي، فجعلت أبيع ثيابي حتى نفدت، وبقيتُ بلا
    نفقة، ومضيت أطوف مع صديق لي إلى المشيخة وطلب الحديث، وأظل
    كذلك إلى المساء، فانصرف رفيقي، ورجعت إلى بيتي، فجعلت أشرب
    الماء من الجوع، ثم أصبحت فغدا عليّ رفيقي، فجعلت أطوف معه في
    سماع الحديث على جوع شديد، وانصرفت جائعاً، فلما كان من الغد غدا
    ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئاً،
    فقال: قد بقي معي دينار، فنصفه لك، ونجعل النصف الآخر في الكراء، فخرجنا من البصرة، وأخذت منه نصف الدينار".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,487

    افتراضي رد: قصص مشرفة من حياة السلف ـــــــــــــــ يوميا فى رمضان



    مع السلف في التوكل(20)




    عن أبي حازم سلمة بن دينار قال: "وجدت الدنيا شيئين: فشيء هو
    لي، وشيء لغيري، فأما ما كان لي: فلو طلبته قبل أجله لم أقدر عليه،
    وأما الذي هو لغيري فلم أصبه فيما مضى، ولا أرجوه فيما بقي، إن
    رزقي يُمنع من غيري، كما يُمنع رزقي غيري مني، ففي أي هذين أفني
    عمري؟".


    وقيل له: ما مالُك؟ فقال: "ثقتي بالله، وإياسي مما في أيدي الناس".
    وقيل عن محمد بن كعب أنه كانت له أملاك بالمدينة، وحصّل مالا مرّة
    فقيل له: "ادّخر لولدك"، قال: "لا، ولكن أدّخره لنفسي عند ربي،
    وأدّخر ربي لولدي".


    عن أبي قدامة الرملي قال: "قرأ رجل هذه الآية: {وتوكل على الحي
    الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا}
    (الفرقان:58)، فأقبل عليّ سليمان الخوّاص، فقال: يا أبا قدامة! ما
    ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد بعد الله في أمره، انظر كيف
    قال الله تبارك وتعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} ، فأخبرك أنه
    لا يموت، وأن جميع خلقه يموتون، ثم أمرك بعبادته، فقال: {وسبح
    بحمده}، ثم أتبعها بقوله: {وكفى به بذنوب عباده خبيرا}، فأخبرك بأنه
    خبير بصير. ثم قال سليمان: والله يا أبا قدامة! لو عامل عبدٌ ربه بحسن
    التوكل وصدق النية له بطاعته، لاحتاجت إليه الأمراء فمن دونهم،
    فكيف يكون هذا محتاجاً، وملجؤه إلى الغني الحميد؟!".


    قيل لحاتم الأصم: "على ما بنيت أمرك في التوكل؟"، قال: "على
    خصال أربعة: علمت أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي،
    وعلمت أن عملي لا يعمله غيري، فأنا مشغول به، وعلمت أن الموت
    يأتي بغتة فأنا أبادره، وعلمت أني لا أخلو من عين الله، فأنا مستح
    منه".


    عن شقيق البلخي قال: "لكل واحد مقام: فمتوكل على نفسه، ومتوكل
    على لسانه، و متوكل على سيفه، ومتوكل على سلطانه، ومتوكل على
    الله، فأما المتوكل على الله عزوجل فقد وجد الراحة، فإن الله عزوجل
    يقول: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} (الفرقان:58)، وأما من كان
    مستروحاً إلى غيره، فيوشك أن ينقطع به فيشقى، وإنما التوكل طمأنينة
    القلب بموعود الله عزوجل".


    عن يحيى بن معاذ الرازي قال: "من طلب الفضل من غير ذي الفضل
    غرم وخسر، وإن ذا الفضل هو الله عزوجل: {إن الله لذو فضل على
    الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} (البقرة:243)".


    وقال الإمام ابن رجب الحنبلي في تعريف التوكل: "هو صدق اعتماد
    القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور
    الدنيا والآخرة كلها".





    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •