الفقهاء من أشعر الناس بل من أرهفهم حسًّا، عكس ما يتوهّمه بعض الناس أنّهم من أبعد الناس عن الشعر، وسيزول هذا الوهم إذا قرأوا شعرهم ووجدوا فيه من الأحاسيس المرهفة ما لم يخطر ببالهم، وحسبهم في ذلك الإمام الشافعي، والإمام ابن حزم، وابن المبارك، وللإمام مالك شعرٌ ولكنّه قليل، ويتّضح ذلك -مثلا- لمن يقرأ في المحلّى لابن حزم -كتاب فقهٍ عند الظاهريّة- على ما فيه من شدّةٍ تبدو في كلام الإمام، فإذا قرأ -مثلا- قوله في طوق الحمامة:
أغار عليك من إدراك طرفي .. وأشفق أن يذيبك لمس كفّي
فإذا قرأ هذا وكان لا يعرف ابن حزمٍ إلا من خلال المحلّى فقد يقسم أنّ مؤلف الطوق غير مؤلف المحلّى.