المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف
البحث عن الإسلام ومعرفته واجب لمن سمع به ولو بصورة مشوهة
فمن بلغتهم دعوة الإسلام كمفهوم عام، فهؤلاء يجب عليهم البحث والتحري عن حقيقة الإسلام، فإن أمكنهم ذلك لكنهم لم يرفعوا رأسًا بذلك، فهؤلاء يشملهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ: يَهُودِيٌّ، أَوْ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَا يُؤْمِنُ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ. رواه
مسلم. أما إن كانوا عاجزين عن البحث ومعرفة الإسلام، فهؤلاء حكمهم حكم من لم تبلغهم دعوة الإسلام.
واما من بلغتهم دعوة الإسلام مشوهة، ولم يتمكنوا من معرفة حقيقة الدعوة، فهم معذورون كمن قبلهم.
أما إن كانوا متمكنين من البحث والتحري عن الحقيقة، فهم مفرطون بتركهم البحث، فلا يعذرون بذلك.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: حجة الله قامت على العبد بإرسال الرسول، وإنزال الكتاب، وبلوغ ذلك إليه، وتمكنه من العلم به؛ سواء علم أو جهل، فكل من تمكن من معرفة ما أمر الله به ونهى عنه فقصر عنه، ولم يعرفه فقد قامت عليه الحجة.
وقال أيضًا: وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة، وعدم التمكن من معرفتها، فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل.المصدر الاسلام سؤال وجواب بتصرف
عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يُعبد من دون الله، والإيمان بالرسول صلّى الله عليه وسلّم . الجاهل بِهذه المسألة هو الكافر الجاهل، فمن سمّاه كافراً، فهو يقصد أحكام الدنيا الجارية على ظاهر الأمر. ومن قال: إنّه معذورٌ بجهله، أو قال: لا تكفير قبل ورود الشرع، فهو يقصد أحكام الثواب والعقاب التي يشترط لها قيام الحجّة
قال ابن القيم رحمه الله
اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالاً مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار، وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين، لا الصحابة ولا التابعين، ولا من بعدهم، وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة))
(26) وهذا المقلد ليس بمسلم، وهو عاقل مكلف، والعاقل المكلف لا يخرج عن الإسلام أو الكفر، وأما من لم تبلغه الدعوة فليس بمكلف في تلك الحال، وهو بمنزلة الأطفال والمجانين.
والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين، وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفاراً) .
ويقول أيضاً: (الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول، هذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه، هذا في أحكام الثواب والعقاب،
وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر، فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم) .
ويقول الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبو بطين: (قد أخبر الله سبحانه بجهل كثير من الكفار، مع تصريحه بكفرهم، ووصف النصارى بالجهل مع أنه لا يشك مسلم في كفرهم، ونقطع أن أكثر اليهود والنصارى اليوم جهال مقلدون، فنعتقد كفرهم، وكفر من شك في كفرهم).
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ما يلي:
(كل من آمن برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسائر ما جاء به في الشريعة، إذا سجد بعد ذلك لغير الله من ولي، وصاحب قبر، أو شيخ طريق يعتبر كافراً مرتداً عن الإسلام، مشركاً مع الله غيره في العبادة، ولو نطق بالشهادتين وقت سجوده، لإتيانه بما ينقض قوله من سجوده لغير الله، ولكنه قد يعذر لجهله، فلا تنزل به العقوبة حتى يعلم وتقام عليه الحجة، ويمهل ثلاثة أيام إعذاراً إليه ليراجع نفسه عسى أن يتوب، فإن أصر على سجوده لغير الله بعد البيان قتل لردته...فالبيان وإقامة الحجة للإعذار إليه قبل إنزال العقوبة، لا ليسمى كافراً بعد البيان،
فإنه يسمى كافراً بما حدث منه من سجود لغير الله مثلاً)
قال الامام محمد ابن عبد الوهاب فى قصة الردة
الذي يُبيِّن ذلك من قصة الردة أنَّ المرتدين افترقوا في ردتهم فمنهم مَن كذَّب النبي صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى عبادة الأوثان وقالوا: لو كان نبياً ما مات، ومنهم مَن ثبت على الشهادتين
ولكن أقرَّ بنبوة مسيلمة ظنَّاً أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أشركه في النبوة لأنَّ مسيلمة أقام شهود زور شهدوا له بذلك فصدَّقهم كثير من الناس، ومع هذا أجمع العلماء أنَّهم مرتدون ولو جهلوا ذلك ومَن شكَّ في ردتهم فهو كافر،
الخوارج كفروا اهل التوحيد بالكبائر- اما من يصف اهل التوحيد بالخوارج لانهم يسمون اهل الشرك بالمشركين فهذه البدعة ورثوها عن مقدمهم وامامهم عثمان ابن منصور عدو الدعوة النجدية-
قال الشيخ عبد الرحمن ابن حسن
فإنا قد وجدنا في كتب عثمان بن منصور بخطوطه، أمورا تتضمن الطعن على المسلمين، وتضليل إمامهم شيخ الإسلام: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، فيما دعا إليه من التوحيد، وإظهار ما يعتقده في أهل هذه الدعوة، من أنهم خوارج، تنـزل الأحاديث التي وردت في الخوارج عليهم.
وساق جملة من الأحاديث التي وردت في الحث على قتال الخوارج، منها حديث: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم" ، وما في معناه من الأحاديث التي صحت عنه صلى الله عليه وسلم فيهم...
والجواب على عثمان ابن منصور : من وجوه:
الأول: أن الخوارج الذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرجوا في خلافة علي بن أبي طالب، منصرفه من قتال صفين، فأظهروا تكفير الصحابة بما جرى بينهم من القتال، كفروا عليا رضي الله عنه بذلك، فدعاهم إلى الرجوع إلى الحق.
واستدل عليهم ابن عباس رضي الله عنه بقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [سورة الحجرات آية : 9]، فسماهم مؤمنين مع الاقتتال. وأنكروا التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله، فناظرهم ابن عباس في ذلك أيضا، واستدل بقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} [سورة النساء آية : 35]، إلى غير ذلك مما هو مذكور في كتب الحديث والسير. وأجمع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون والأئمة أن هؤلاء هم الذين عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث، وأمر بقتالهم، وعرف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهم هم المعنيون، وظهرت العلامة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها توجد فيهم، وهو المخدج الذي له ثدي كثدي المرأة، فوجد في القتلى، فسر بذلك علي رضي الله عنه.
وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية، التي أظهرها الله بنجد،
وانتشرت، واعترف بصحتها كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة، فهم بحمد الله أبعد الناس عن مشابهة الخوارج وغيرهم من أهل البدع: ودينهم هو الحق، يدعون إلى ما بعث الله به رسله، من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وينهون عن دعوة الأموات والغائبين، وطلب الشفاعة منهم.
وأنكروا ما يعتقده المشركون، من أن الأموات والغائبين، يملكون الضر والنفع، والتصرف والتدبير; فإن جماع الدين: ألا يعبد إلا الله، وألا يعبد إلا بما شرع ; فخالفوا من خرج عن هذا الدين، وجاهدوا من قدروا على جهاده، حتى أظهر الله هذا الدين، وأبطل كيد الكائدين، وشبه المشبهين.
ولم يكفروا أحدا من الصحابة، رضي الله عنهم; بل أحبوهم ووالوهم، وأعرضوا عما شجر بينهم، وعلموا أن لهم حسنات عظيمة، يمحو الله بها السيئات، وتضاعف بها الحسنات. وهذه الطائفة - بحمد الله - على منهج الصحابة، في أصول الدين وفروعه، والحجة عندهم فيما قاله الله ورسوله، وما كان عليه الصحابة والتابعون، وأئمة الإسلام، وفارقوا أهل الشرك وعبادة الأوثان، وأظهروا عداوتهم في الجملة.
وخالفوا أهل كل بدعة في بدعتهم، كالجهمية والمعتزلة والمرجئة، وغيرهم من أهل البدع، كالباطنية، والفلاسفة وغيرهم؛ فما ناظرهم صاحب بدعة إلا وألجؤوه المضائق، وأدحضوا حجته بالكتاب والسنة؛ فالحمد لله الذي هدانا للإسلام، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
ولكن السبب في تنْزيله لهم منْزلة الخوارج: أنهم ينهون عن دعوة غير الله، وعبادته من الأموات والغائبين، ويقولون: العبادة حق الله، لا يصلح منها شيء لملك مقرب، ولا نبي مرسل، وينكرون ما وقع في كثير من البلاد، من دعوة أرباب القبور، والتذلل لهم والرغبة إليهم، وإنزال الحوائج بهم، والتقرب إليهم بالنحر والذبح لهم، وغير ذلك مما يطول عده.
فمن أنكر هذا الشرك سماه خارجيا، لاعتقاده أن هذا الشرك لا يضر، ولا يناقض الإسلام; والإسلام عنده: بناء المساجد والمدارس، والنداء إلى الصلاة وفعلها، والصدقة، وغير ذلك، فهذا عنده هو الدين الذي لا يضر معه اعتقاد ولا عمل
قال ابن القيم رحمه الله
من لي بشبه خوارج قد كفرُوا ... بالذنب تَأْوِيلا بِلَا إِحْسَان
وَلَهُم نُصُوص قصروا فِي فهمها ... فَأتوا من التَّقْصِير فِي الْعرْفَان
وخصومنا قد كفرونا بِالَّذِي ... هُوَ غَايَة التَّوْحِيد وَالْإِيمَان