أختي العزيزة الغالية المرأة
عبدالرحمن قره حمود

لا أدري أغبطك على ما أكرمك الله به وحباك به رسوله صلى الله عليه وسلم؟! أم أرثي لحالك إذ غفلت عن ذلك ورحت تتخلين عنه إلى ما لا قبل لك به لأنك لم تخلقي له مما كلف الله به الرجل، وذلك بتزيين من شياطين الإنس والجن الذين يجدّون ويجتهدون في أن يجتالوك عما إراده الله لك وخلقك له طمعاً في أن ينالوا منك ما لا يستطيعونه إلا إذا أخرجوك عن مكانتك السامية التي بوأك الله إياها، وحباك رسوله صلى الله عليه وسلم بها·
أنت أحب الناس أماً، والحبيبة زوجاً، والغالية ابنة، والعزيزة أختاً· وإذا كنت أخاطبك بأختي العزيزة، ولم أخاطبك بأمي، أو زوجتي أو ابنتي فذلك لأنه ليس لي سوى أم واحدة، وزوجة واحدة، وابنة واحدة، في حين أن كل المسلمات أخواتي·
أختي العزيزة، إن شياطين الإنس بأزّ من مردة الجن يريدونك أن تستبدلي الذي هو أدنى بالذي هو خير، إنهم يريدون لك الشقاء الذي خاطب الله به أبانا آدم محذّراً له من إبليس بقوله سبحانه: <·· إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى 22 117 فلماذا أختص ربنا جل شأنه أبانا آدم بالخطاب دون أمّنا حواء؟
أنا لا أزعم أنها ليست مشمولة بالشقاء فقد قال تعالى: <لقد خلقنا الإنسان في كبد> البلد4· ولكنه شقاء دون شقاء· إن شقاء الرجل أكبر لأن مسؤوليته أكبر، فقد قال تعالى: <·· ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة>·· البقرة 228·
وإذا كان كل من الرجل والمرأة راعيا ومسؤولاً عن رعية، فإن ما استرعى الله به الرجل أكبر مما استرعى به المرأة· وبناء عليه فإن مسؤوليته أكبر من مسؤوليتها· ولذلك أختصه الله بقوله سبحانه: <·· فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى· إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى>·
فما من رجل يرضى لأمه التي هي أحب الناس إليه، ولا لزوجة الحبيبة، ولا لابنته الغالية، ولا لأخته العزيزة أن تجوع وتعرى وتظمأ وتضحى· بل إن شعوره بالمسؤولية نحوهن يجعله إذا أقتضى الأمر يجوع ليطعمهن، ويعرى ليكسوهن، ويظمأ ليرويهن·· وبذلك يكون شقاؤه أعظم·· فهل عرفت يا أختاه لماذا أغبطك؟!
كيف لا أغبطك وقد كلفني الله بالإنفاق عليك، وأعفاك من الإنفاق علي؟! كيف لا أغبطك وقد أمرني سبحانه وتعالى بقوله: <·· وعا شروهن بالمعروف··> النساء 18؟!
كيف لا أغبطك على حب رسول الله لك بقوله صلى الله عليه وسلم: <حبّب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة> كيف لا أغبطك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بقوله: <استوصوا بالنساء خيراً··> متفق عليه وبقوله: <رفقاً بالقوارير>؟
كيف لا أغبطك وهو عليه الصلاة والسلام يقول: <الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر>؟! متفق عليه·
كيف لا أغبطك وقد قال عليه الصلاة والسلام: <من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كها تين>؟! <مسلم> كيف لا أغبطك وقد قال صلى الله عليه وسلم: <·· من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كنّ له ستراً من النار>؟! متفق عليه كيف لا أغبطك وهو صلى الله عليه وسلم يقول: <·· وخياركم خياركم لنسائهم>؟! الترمزي·
كيف لا أغبطك وقد روي أن: <الجنة تحت أقدام الأمهات>؟! كيف لا أغبطك وقد أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأله عن أحق الناس بحسن صحابته بقوله: <أمك ثلاثاً>؟! متفق عليه·
كيف لا أغبطك وقد وضعك صلى الله عليه وسلم بأنك ريحانة؟!
كيف لا أغبطك وقد ورد في الأثر: <ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم>؟!
كيف لا أغبطك ولأهميتك أشتقت الأمة من الأم؟!
كيف لا أغبطك وقد جعلك الشاعر مدرسة بقوله:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق؟!
وأخيراً كيف لا أرثي لحالك، إذا انسقت وراء كل ناعق من الشياطين يخدعك ليزحزحك عن مكانتك السامية، ومهمتك الشريفة التي أعدّك الله لها ألا وهي تربية الأولاد وصنع الأجيال من النساء والرجال؟!
فبالله عليك أليست هذه المهمة أعظم وأكرم من أن تتخلى عنها إلى ما لا يناسبك من أعمال شاء الله سبحانه وتعالى أن يعهد بها إلى الرجل الذي هو أبوك وزوجك وأبنك وأخوك وعمك وخالك؟!
نعم لقد أراد شياطين الإنس بأزّ من شياطين الجن أن يزحزحوك عن هذه المكانة لتصبحي أقرب منا لأهوائهم الخبيثة، وقلوبهم المريضة، غير عابئين بما سينعكس ذلك على ضياع الأولاد وخراب الدنيا·
لقد أرادك الله مصونة بالحجاب، وأرادوك عارية بلا ثياب مع أن الحجاب - حتى في الجاهلية - كان سمة الشريفات العفيفات، والسفور سمة الجواري الرخيصات اللاتي يبعن في الأسواق ويكرهن على إبراز كل ما يرغب الشارين فيهن لرفع أثمانهن في المزادات العلنية·
لقد أرادك الله درّة مصونة، وأرادوك فاتنة مفتونة فحاذري وأحذري وأعتبري بأختك الغربية التي أوقعوها في حبائلهم فجعلوها تستبدل ما أرادوه مما هو أدنى، بما أراده الله مما هو خير· أوهموها بالتساوي، ولم يعاملوها بالمساواة، فهي وإن قامت بعمل الرجل أجرها أقلّ من أجره· وصارت مبتذلة بعد أن كانت عزيزة مكرمة، وحتى في أمور السياسة أوصلوها - لغاية في أنفسهم - لأعلى المناصب· لكن كم عدد الواصلات؟ وما أقلّ الواصلات وأكثر الضائعات المخدوعات؟ لقد قل الزواج وكثر أولاد الحرام، ولما كثرت شكاواهم هناك مما آلت إليه الأمور، وجدنا عندنا من يريد تقليدهم بالفجور·
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: <لو دخلوا جحرضب لدخلتموه>·
لكنك أنت أيتها الحرة العفيفة، الطاهرة الشريفة المعتزة بما بوأك الله من مكانة سامية جعلتك راضية مرضية أصبحت قطعاً نادراً، قلّ مُقتنوه، وكثر مُتمنّوه· فحافظي على مكانتك، وإياك ثم إياك أن يزحزحك عنها من لاخلاق لهم من شياطين الإنس بأزّ من مردة الجن وليكن لك ما آلت إليه أختك الغربية عظة·
وحياك الله·