تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 16 من 16

الموضوع: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    أصل الإيمان : هو الحد الأدنى من الإيمان ولا يوجد الإيمان بدونه وبه ينجو صاحبه من الكفران، ويدخل في زمرة الإيمان، وبه خلاصه من الخلود في النار إن مات عليه.
    ويطلق عليه أيضا : الإيمان المجمل و مطلق الإيمان.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    (فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر أو ولدوا على الإسلام والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله، فهم مسلمون ومعهم إيمان مجمل، ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئا فشيئا إن أعطاهم الله ذلك) )
    ويسمى بمطلق الإيمان : لأن صاحبه داخل في مسمى الإيمان لأنه قد ثبت له أصل الإيمان فيعد من أهله ولكن لا يعطى له اسم الإيمان مطلقا لأن الإيمان إذا أطلق يراد به جميع الشرائع الواجبة والمستحبة
    واسم المؤمن إذا أطلق فيراد به من أتى بالإيمان الواجب ولكنه يعطى له مطلق الاسم، لصحة نسبة صاحبه إليه،
    ولو لم يأت بكماله الواجب؛ فهو مؤمن ناقص الإيمان بسبب تقصيره وتفريطه في الواجبات وركوبه المحارم،
    فهو مؤمن بإيمانه فاسق بتفريطه وارتكابه الكبائر...
    وهذه المرتبة أعني أصل الإيمان : يقابلها الكفر الاكبر فلا يقبل النقصان
    فإن المخل بها لا تثبت له قدم الإسلام
    فكل من لم يأت بأصل الإيمان فهو كافر،
    ولما كان أصل الإيمان يقابل الكفر والكفر يضاده فإن كل ذنب مكفر من قول أو فعل أو اعتقاد يهدم أصل الإيمان ويشمل أصل الإيمان على أقوال ... والاحتراز عن كل ما تخل به من المكفرات أو ما يسمى بنواقض الإيمان.
    ومن أتى بأصل الإيمان فإنه يثبت له في الدنيا جميع الأحكام الشرعية المترتبة على الإيمان
    وإن مات عليه فإنه ناج من الخلود في النار،
    ودخل الجنة لا محالة، عاجلا آم آجلا
    وإن ارتكب المعاصي وقصر وفرط فهو في مشيئة الله إن شاء عفى عنه؛ فدخل الجنة ابتداء لشرف ما قام بقلبه من توحيد وإخلاص وأدركته شفاعة الشافعين،
    وإن شاء عذبه ثم دخل الجنة بعد ذلك،
    فلا شك أن مآله إلى الجنة والحمد لله.
    لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لقي الله لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة))
    وكل من نفى عنه الشارع اسم الإيمان من أهل المعاصي ... فإنهم من أهل هذه المرتبة فإن نفي الشارع يدل على تقصيره في الإيمان الواجب، فإن الشارع كما ذكرنا لا ينفي اسم الإيمان إلا لترك واجب أو فعل محرم ينافي الإيمان الواجب، ولا يخرج المرء من هذه المرتبة إلا بالكفر والخروج عن الملة والعياذ بالله
    قال الإمام أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي رحمه الله: (الكفر ضد أصل الإيمان، لأن للإيمان أصلاً وفروعاً فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان الذي هو ضد الكفر) )
    والحاصل: أن للإيمان أصل، لا يتم ولا يصح الإسلام والإيمان إلا به إجماعا
    وقال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن معلقا على كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله: (الشيخ رحمه الله يوضح ذلك أن أصل الإسلام وقاعدته شهادة أن لا إله إلا الله، وهي أصل الإيمان بالله وحده، وهي أفضل شعب الإيمان، وهذا الأصل لا بد فيه من العلم والعمل والإقرار بإجماع المسلمين.. ومدلوله: وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، والبراءة من عبادة سواه، كائنا من كان، هذه هي الحكمة التي خلقت لها الجن والإنس وأرسلت لها الرسل، وأنزلت بها الكتب، وهي تتضمن كمال الذل والحب وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم وهذا هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا سواه لا من الأولين ولا من الآخرين)[الموسوعة العقدية حقيقة الايمان عند اهل السنة والجماعة - بتصرف يسير]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان في تعريفه : (وهو مركب من أصل لا يتم بدونه). ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة، ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة) أهـ.

    فأصل الإيمان: هو ما لا يوجد الإيمان بدونه، ولا نجاة من الكفر إلا به، وهو الذي يسمى (مطلق الإيمان) وهو يشتمل على شعب لا يصح الإيمان إلا بها:

    - فعلى القلب: معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إجمالاً، والتصديق به. والانقياد له مع الإتيان بأعمال القلب التي لا يصح الإيمان إلا بها كالمحبة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والرضا والتسليم به ونحو ذلك من أعمال القلوب.

    - وعلى اللسان: الإقرار بالشهادتين.

    - وعلى الجوارح: العمل بالتوحيد وترك الشرك وأداء الصلاة التي يكفر تاركها، وكذلك سائر المباني عند بعض العلماء تبعاً للخلاف في كفر تاركها.

    * وضابط ما يدخل في أصل الإيمان: أن كل قول أو عمل يكفر تاركه، ففعله من أصل الإيمان، وكل قول أو عمل يكفر فاعله فتركه من أصل الإيمان.

    - ومن أتى بأصل الإيمان دخل الجنة، إما ابتداء وإما مآلاً، إذ هو من الموحدين، والجنة أعدت للموحدين وهي مصيرهم، وإن قصّروا في الإيمان الواجب.
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم): (ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير مؤمناً حتى يقوم به أصل الإيمان) أهـ.


    والإيمان الواجب: وهو ما زاد عن أصل الإيمان من فعل الواجبات وترك المحرمات.

    - وضابط ما يدخل في الإيمان الواجب:
    أن كل عمل ورد في تركه وعيد ولم يكفر تاركه ففعله من الإيمان الواجب، كأداء الأمانة وبر الوالدين والجهاد الواجب وصلة الرحم ونحو ذلك.
    وكل عمل ورد في فعله وعيد ولم يكفر فاعله فتركه من الإيمان الواجب، كالزنا والربا والسرقة وشرب الخمر والكذب.


    - ومن قصّر في الإيمان الواجب، فترك واجباً أو فعل محرماً، فإن كان عنده أصل الإيمان، فهو من أصحاب الكبائر، أو عصاة الموحدين، أو من يسمى (بالفاسق الملي) أي أنه مع فسقه لم يخرج من الملّة، فمن مات على هذا فهو من أهل الوعيد، ولكنه في المشيئة –عند أهل السنة والجماعة، خلافاً للخوارج والمعتزلة- إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة ابتداء بلا عذاب، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه، ثم يكون مصيره إلى الجنة، مصير الموحدين، بما معه من أصل الإيمان.
    كما في حديث أبي هريرة عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يشهد أن لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار بأثر السجود).


    - ومن أتى بالإيمان الواجب مع أصل الإيمان، ولم يقصر فيه، ولم يزد عليه فهذا هو المؤمن المستحق للوعد السالم من الوعيد، أي أنه يستحق دخول الجنة ابتداء بلا سابقة عذاب، وفي أمثال هؤلاء قيل حديث (أفلح إن صدق) لما قال أحدهم للنبي صلى الله عليه وسلم: (والذي أكرمك بالحق لا أطوّع شيئاً، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا) رواه البخاري.

    • أما الإيمان المستحب: فهو ما زاد عن الإيمان الواجب، من فعل المندوبات والمستحبات وترك المكروهات والمشتبهات، فمن أتى بهذا مع أصل الإيمان والإيمان الواجب فهو من السابقين المحسنين الذين يستحقون دخول الجنة ابتداء في درجة السابقين بالخيرات بإذن الله، وفوات هذه الرتبة، يفوّت علو الدرجة ولا عقاب عليها ولا عذاب.

    ومن هذا التفصيل يتلخص لدينا هذه القاعدة: (أن كل طاعة إيمان وليس كل معصية كفر أكبر).
    فكما أن الطاعات تتفاوت مراتبها، فمنها ما يدخل في أصل الإيمان وتعتبر جزءا و شرطا لصحة الإيمان، ومنها ما يدخل في الإيمان الواجب، ومنها ما يدخل في الإيمان المستحب.
    كما في حديث: ( الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) متفق عليه.
    فكذلك المعاصي منها ما يُخل بأصل الإيمان، وتسمى كفراً أو ناقضاً.
    ومنها ما يُخل بالإيمان الواجب كفرا دون كفر.


    فلابد من معرفة كل درجة وما يتعلق بها، والتفريق بين ما يكفّر به وبين ما لا يكفّريه لابد من معرغة الكفر الاكبر والاصغر والفرق بينهما. قال تعالى: (ولكن الله حبّب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم، وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان) فتأمل تفريق الله تعالى بين الكفر وبين الفسوق والعصيان، فلا تسلم قدم التسليم للعبد حتى يفرّق بين ما فرّق الله بينه، ويجمع ويؤلف بين ما ألّف الله بينه.
    فيفرق بين ما ينقض أصل الإيمان وهي المكفرات. وبين ما ينقص الإيمان الواجب أو المستحب، ولا ينقض أصله.


    وبعض العلماء يطلقون مصطلح الإيمان الواجب أو واجبات الإيمان، ويجمعون فيه بين ما كان من أصل الإيمان ورتبة الإيمان الواجب، إذ ذلك كله من الواجبات، لكن الأول من شرط الإيمان الذي ينقض الإيمان بنقص شيء منه، والثاني من واجباته فقط وليست من شروطه، وينقص بنقصها ولا ينتقض، والمسألة اصطلاحية لا مشاحة فيها مادام المراد متسقاً مع أصول أهل السنة.

    فقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية لأقسام الإيمان مثلاً بالشجرة فقال:
    ( فإن الشجرة –مثلاً- اسم لمجموع الجذع والورق والأغصان()، وهي بعد ذهاب الورق شجرة، وبعد ذهاب الأغصان شجرة، لكن غير كاملة وناقصة، فيفعل مثل ذلك في مسمى الإيمان والدين.


    وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)

    فنفى عنه الإيمان الواجب الذي يستحق به الجنة، ولا يستلزم ذلك نفي أصل الإيمان وسائر أجزائه وشعبه).

    إلى قوله: (ومن هذا الباب: قوله صلى الله عليه وسلم: (من غشّنا فليس منا) ليس المراد به أنه كافر، كما تأولته الخوارج، ولا أنه ليس من خيارنا، كما تأولته المرجئة.
    ولكن المضمر يطابق المظهر، والمظهر هم المؤمنون المستحقون للثواب، السالمون من العذاب. والغاش ليس منا لأنه متعرض لسخط الله وعذابه) أهـ مختصراً.

    : أن الإيمان الذي يضاده الكفر هو فقط ما كان من (أصل الإيمان)
    أما (الإيمان الواجب) فهو الذي يضاده الكفر الاصغر، و(الإيمان المستحب) هو الذي يضاده الترك غير المكفر ولا المفسق.
    فليحذر من الخلط بين نصوص هذه المراتب الثلاث فإن في ذلك مزلّة الأقدام…

    فإنه لا يخرج من دائرة الإيمان والإسلام إلا من أتى بذنب مكفر يخل بأصل الإيمان،
    أن العلماء قد يطلقون لفظ (نفي كمال الإيمان) ويريدون بذلك نفي كماله الواجب. فحذار من حمله على نفي حقيقته أي (أصله) فتكفر بإطلاقاتهم تلك من لم يكفره الشرع. أو حمله على كماله المستحب، فتخطئ المراد؛ لأن الشارع لا يتوعّد على ترك شيء من شعب الإيمان المستحب، بل لا يرد الوعيد، إلا في ترك واجب من واجبات الإيمان؛ إما من رتبة أصل الإيمان أو رتبة الإيمان الواجب.

    قال شيخ الإسلام (12/256): (معنى قولهم: "نفي كمال الإيمان لا حقيقته) أي: الكمال الواجب، ليس هو الكمال المستحب) أهـ.
    وقال (7/14): (ثم إن نفي "الإيمان" عند عدمها [أي: شعب الإيمان] دل على أنها واجبة، وإن ذكر فضل إيمان صاحبها ولم ينف إيمانه دل على أنها مستحبة
    فإن الله ورسوله لا ينفي اسم مسمى أمرٍ –أَمَر الله به ورسوله، إلا إذا ترك بعض واجباته، كقوله: "لا صلاة إلا بأم القرآن، وقوله: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له" ونحو ذلك، فأما إذا كان الفعل مستحباً في العبادة لم ينفها لانتفاء المستحب…". إلى قوله: (فلو كان من لم يأت بكمالها المستحب يجوز نفيها عنه، لجاز أن ينفى عن جمهور المسلمين من الأولين والآخرين، وهذا لا يقوله عاقل.

    فمن قال: إن المنفي هو الكمال، فإن أراد أنه نفي الكمال الواجب الذي يذم تاركه، ويتعرض للعقوبة، فقد صدق، وإن أراد أنه نفي الكمال المستحب، فهذا لم يقع قط في كلام الله ورسوله، ولا يجوز أن يقع. فإن من فعل الواجب كما وجب عليه، ولم ينقص من واجبه شيئاً لم يجز أن يقال: ما فعله لا حقيقة ولا مجازاً) أهـ.

    وقال أيضاً (7/30): (وكذلك من لا يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه، لم يكن معه ما أوجبه الله عليه من الإيمان، فحيث نفى الله الإيمان عن شخص، فلا يكون إلا لنقص ما يجب عليه من الإيمان، ويكون من المعرضين للوعيد، ليس من المستحقين للوعد المطلق.[منقول - بتصرف]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    قال ابن القيم رحمه الله
    فالإيمان المطلق لا يطلق إلا على الكامل الكمال المأمور به ومطلق الإيمان يطلق على الناقص والكامل ولهذا نفى النبي الإيمان المطلق عن الزاني وشارب الخمر والسارق ولم ينف عنه مطلق الإيمان لئلا يدخل في قوله والله ولى المؤمنين ولا في قوله قد أفلح المؤمنين ولا في قوله إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم إلى آخر الآيات ويدخل في قوله فتحرير رقبة مؤمنة وفي قوله وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا وفي قوله لا يقتل مؤمن بكافر- رواه البخاري والترمذي والنسائي - وأمثال ذلك
    ..فلهذا كان قوله تعالى قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا نفيا للإيمان المطلق لا لمطلق الإيمان لوجوه:
    منها أنه أمرهم او اذن لهم أن يقولوا أسلمنا والمنافق لا يقال له ذلك،
    ومنها أنه قال قالت الأعراب ولم يقل قال المنافقون،
    ومنها أن هؤلاء الجفاة الذين نادوا رسول الله من وراء الحجرات ورفعوا أصواتهم فوق صوته غلظة منهم وجفاء لا نفاقا وكفرا،
    ومنها أنه قال ولما يدخل إلإيمان في قلوبكم ولم ينف دخول الإسلام في قلوبهم ولو كانوا منافقين لنفى عنهم الإسلام كما نفى الإيمان
    ومنها أن الله تعالى قال وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا أي لا ينقصكم والمنافق لا طاعة له
    ومنها أنه قال يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم فأثبت لهم إسلامهم ونهاهم أن يمنوا على رسول الله لم يكن إسلاما صحيحا لقال لم تسلموا بل أنتم كاذبون كما كذبهم في قولهم نشهد أنك لرسول الله لما لم تطابق شهادتهم اعتقادهم
    ومنها أنه قال بل الله يمن عليكم ولو كانوا منافقين لما من عليهم
    ومنها أنه قال أن هداكم للإيمان ولا ينافي هذا قوله قل لم تؤمنوا فإنه نفى الإيمان المطلق ومن عليهم بهدايتهم إلىالإسلام الذى هو متضمن لمطلق الإيمان
    ومنها أن النبي لما اقسم القسم قال له سعد أعطيت فلانا وتركت فلانا وهو مؤمن فقال أو مسلم ثلاث مرات - رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي - وأثبت له الإسلام دون الإيمان وفي الآية أسرار بديعة ليس هذا موضعها والمقصود الفرق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان فالإيمان المطلق يمنع دخول النار ومطلق الإيمان يمنع الخلود فيها
    ]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    قال الشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد فى التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية:
    ( وَلاَ يَسْلُبُونَ الفَاسِقَ المِلِّيَّ [ الإِسْلاَمَ ] بالكُلِّيَّةِ، ولا يُخَلِّدونَهُ في النَّارِ؛ كَما تَقُولُ المُعْتَزِلَةُ.(191)
    بَلِ الفَاسِقُ يَدْخُلُ في اسْمِ الإِيمانِ المطلق؛ كَما في قَوْلِهِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمنَةٍ} وَقَدْ لاَ يَدْخُلُ في اسْمِ الإِيمانِ المُطْلَقِ؛ كَمَا في قَولِهِ تَعالى: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتَهُمْ إِيْماناً}.( 192)
    وقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( لاَ يَزْني الزَّاني حينَ يَزْني وهُو مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، (193) ولا يَنْتَهِبُ نَهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِليهِ فِيها أَبْصارَهُمْ حِيْنَ يَنْتَهِبُها وَهُوَ مُؤمِنٌ )).
    [ ونقولُ ]: هو مؤمِنٌ ناقِصُ الإِيمانِ، أَو مؤمِنٌ بإِيمانِهِ فَاسِقٌ بِكَبيرَتِهِ، فَلاَ يُعْطَى الاسْمَ المُطْلَقَ، ولا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسمِ).( 194)



    (191) قولُه: (الفاسِقَ) الفِسقُ لغةً: الخروجُ عن الاستقامةِ والجَوْرُ، وبِهِ سُمِّيَ الفاسِقُ فاسِقاً، وشَرْعا: الفاسِقُ مَن فَعَلَ كبيرةً أوْ أَصرَّ على صغيرةٍ ويَنْقَسِمُ إلى قسمَيْنِ:
    الأوَّلُ: فِسقُ اعتقادٍ كالرَّفضِ والاعتزالِ ونحوِهما.
    الثَّاني: فِسقُ عملٍ كالزِّنا واللُّواطِ وشُربِ الخمرِ ونحوِ ذَلِكَ.
    قولُه: (المِلِّيَّ) أي: الذي على مِلَّةِ الإسلامِ ولم يرتكِبْ مِن الذُّنوبِ ما يُوجِبُ كُفرَه، فأهلُ السُّنَّةِ والجَماعَةِ متَّفِقون كُلُّهم على أنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ لا يُكفَّرُ كُفْراً يَنْقُلُ عن المِلَّةِ بالكُلِّيَّةِ، وعلى أنَّه لا يَخرُجُ مِن الإيمانِ والإسلامِ، ويَدخُلُ في الكُفرِ، ومتَّفِقون على أنَّه لا يستحِقُّ الخلودَ مع الكافرين، وأنَّ مَن ماتَ على التَّوحيدِ فلا بدَّ له مِن دخولِ الجَنَّةِ، خِلافًا للخَوارِجِ والمعتزِلةِ، فإنَّ الخوارجَ أَخرجوهم مِن الإيمانِ وحَكموا عليهم بالخلودِ في النَّارِ، والمعتزِلةُ وافَقوا الخوارجَ في الحُكمِ عليهم في الآخرةِ دُونَ الدُّنْيَا، فلم يَستَحِلُّوا منهم ما استحَلَّتْه الخوارجُ، وأمَّا في الأسماءِ فأَحدَثوا المنـزلةَ بين المنـزلتَيْنِ، وَهَذِهِ خاصيَّةُ المعتزِلةِ التي انْفَرَدوا بها، وسائرُ أقوالِهم قد شارَكهم فيها غيرُهم، وهَذَا الخلافُ فيما ذُكِرَ أوَّلُ خلافٍ حَدَثَ في المِلَّةِ.
    قال ابنُ عبدِ الهادي في مَناقِبِ الشَّيخ تَقيِّ الدِّينِ: أوَّلُ خلافٍ حَدَثَ في المِلَّةِ في الفاسِقِ المِلِّيِّ هَلْ هُوَ كافرٌ أو مؤمنٌ، فقالت الخوارجُ: إنه كافرٌ، وقالت الجماعةُ: إنَّه مؤمنٌ، وقالت طائفةُ المعتزِلةِ: هُوَ لا مؤمنٌ ولا كافرٌ، منْزِلةٌ بين المَنْزِلتَيْنِ وخلَّدُوه في النَّارِ، واعتزلوا حَلْقةَ الحسَنِ البَصْريِّ فسُمُّوا معتزلةً. اهـ.
    والأدِلَّةُ على بطلانِ مذهبِ الخوارجِ والمعتزِلةِ كثيرةٌ جِداًّ، وقد تقدَّمَ ذِكرُ بعضِها كقولِه تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}، وكقولِه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} فسمَّاهُم مؤمِنيَن مع وجودِ القتلِ والاقتتالِ، وسمَّاهم إخوةً مع وجودِ ذَلِكَ، والمرادُ إخوةُ الدِّينِ كما تقدَّمَ، وقد تقدَّمَ ذِكرُ انقسامِ المؤمنينَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ سابِقِينَ ومقتَصِدِينَ وظالِمينَ لأنْفُسِهم.
    وقد تواتَرَ في الأحاديثِ: ((أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ))، وحديثِ ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ))، فعُلِمَ أَنَّ الإيمانَ يَقبلُ التَّبعِيضَ والتَّجزِئةَ، وأنَّ قليلَه يَخرُجُ بِهِ صاحبُه مِن النَّارِ إنْ دَخَلَها، وأيضاً فلو كانَ العاصِي كافِراً كفراً يَنْقُلُ عن الملَّةِ بالكُلِّيَّةِ لكان مُرتداًّ ولا يُقبلُ عَفْوُ وليِّ القِصاصِ، ولا تُجرى الحُدودُ في الزِّنا وَالسَّرِقَةِ وشُربِ الخمرِ، وهَذَا القولُ معلومٌ بطلانُه وفسادُه بالضَّرورةِ مِن دينِ الإسلامِ، ونُصوصُ الكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ تدلُّ على أَنَّ الزَّانِيَ والسَّارِقَ وشارِبَ الخمرِ والقاذِفَ لايُقتلُ بل يُقامُ عليه الحدُّ، فدلَّ على أنَّه ليس بمرتَدٍّ.
    وقال ابنُ القيِّمِ في المدارِجِ: والفُسوقُ أيضًا يَنْقسِمُ إلى قسمَيْنِ: فُسوقٌ مِن جهةِ العملِ وفِسقٌ مِن جهةِ الاعتقادِ – إلى أنْ قال – وفِسقُ الاعتقادِ كفِسقِ أهلِ البِدَعِ الذين يؤمنون باللَّهِ ورسولِه ويُحرِّمونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورسولُه ويُوجِبون ما أوجَبَه ولكنْ يَنْفُون كثيرًا ممَّا أَثْبَت اللَّهُ ورسولُه جَهْلاً وتأويلاً وتَقْليدًا للشُّيوخِ، ويُثبِتون ما لم يُثْبِتْه اللَّهُ ورسولُه كذَلِكَ، وهؤلاء كالخوارجِ المارقةِ وكثيرٍ مِن الرَّوافضِ والقدَريَّةِ والمعتزِلةِ، وكثيرٍ من الجهميَّةِ الذين ليسوا غُلاةً في التَّجهُّمِ.
    وأمَّا غَاليةُ الجهميَّةِ وغُلاةُ الرَّافِضةِ فليس للطَّائفتَيْنِ في الإسلامِ نَصيبٌ، ولذَلِكَ أَخْرجَهُم جماعةٌ مِن السَّلَفِ مِن الثِّنْتَيْنِ والسَّبعِيَن فِرقةً، وقالوا: هم مُبايِنونَ للمِلَّةِ، فالتَّوبةُ مِن هَذَا الفُسوقِ بإثباتِ ما أَثْبَتَه اللَّهُ ورسولُه مِن غيرِ تَشبيهٍ ولا تعطيلٍ، وتَنْزيهُه عمَّا نَزَّهَ بِهِ نَفْسَه ونَزَّهَه بِهِ رسولُه مِن غير تشبيهٍ ولا تعطيلٍ، وتَلَقِّي الإثباتِ والنَّفْيِ من مِشكاةِ الوحيِ لا مِن آراءِ الرِّجالِ ونتائجِ أفكارِهم، فتوبةُ هؤلاء الفُسَّاقِ مِن جهةِ الاعتقاداتِ الفاسدةِ بمحْضِ اتِّباعِ السُّنَّةِ، ولا يُكتفى أيضًا منهم حتى يُبَيِّنُوا فسادَ ما كانوا عليه مِن البِدعةِ.

    (192) قولُه: (بل الفاسِقُ يَدخُلُ) … إلخ فإنْ أَعْتقَ رقبةً مؤمنةً فيما يُشترَطُ في العِتقِ إيمانُ الرَّقبةِ، أَجْزأَت الرَّقبةُ الفاسقةُ، فقد دخَلَتْ في اسمِ الإيمانِ المطلَقِ، وإنْ لم تكن مِن أهلِ الإيمانِ الكاملِ، فالفاسِقُ يَدخُلُ في جملةِ أهلِ الإيمانِ على سَبيلِ إطلاقِ أهلِ الإيمانِ، وقد لا يَدخُلُ في اسمِ الإيمانِ المطلَقِ، كما في قولِه: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآيةَ، فالفاسِقُ لا يُسلَبُ عنه اسمُ الإيمانِ على الإطلاقِ ولا يُثبَتُ له على الإطلاقِ، بل يقالُ مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، أو مؤمنٌ بإيمانِه فاسِقٌ بكبيرتِه، وحقيقةُ الأمرِ أنَّ مَن لم يكُنْ مِن المؤمِنيَن حقاًّ يقالُ فيه إنَّه مسلمٌ ومعه إيمانٌ يَمنَعُه مِن الخلودِ في النَّارِ.
    قولُه: {إِنَّمَا} أداةُ حصرٍ تُثْبِتُ المذكورَ وتَنْفى ما عَداهُ.
    قولُه: {المُؤمِنُونَ} أي: الإيمانَ الكاملَ المأمورَ به.
    قولُه: {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: خافَتْ.
    قولُه: {زَادَتْهُمْ إِيْمانًا} فيها دليلٌ على أَنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنْقُصُ.

    قولُه: {يَتوكَّلُون} أي: يُفوِّضون أمْرَهم إلى اللَّهِ، ففيها فَضْلُ التَّوكُّلِ، وأنَّه مِن أجلِّ أعمالِ القلوبِ، وفيها دليلٌ على أَنَّ الأعمالَ الظَّاهِرةَ والباطنةَ داخلةٌ في مسمَّى الإيمانِ شَرْعا، فكُلُّ ما نَقَصَ مِن الأعمالِ التي لا يُخرِجُ نَقْصُها مِن الإسلامِ فهُوَ نَقْصٌ في كمالِ الإيمانِ الواجِبِ، كما في حديثِ أبي هريرةَ المتَّفَقِ عليه: ((لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهُوَ مُؤْمِنٌ)) الحديثَ، فالمنفيُّ في هَذَا الحديثِ كمالُ الإيمانِ الواجبِ، فلا يُطلَقُ الإيمانُ على مِثلِ أهلِ هَذِهِ الأعمالِ إلاَّ مقيَّدًا بالمعصيةِ أو الفسوقِ، فيقالُ مؤمنٌ بإيمانِه فاسِقٌ بكبيرتِه، فيكونُ معه مِن الإيمانِ بقَدْرِ ما معه مِن الأعمالِ الباطنةِ والظَّاهرةِ، فيَدخُلُ في أهلِ الإيمانِ على سبيلِ إطلاقِ أهلِ الإيمانِ، كما تقدَّمَ في قولِه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمنَةٍ}.
    وأمَّا المؤمِنُ الإيمانَ المطلَقَ الذي لا يَتقَيَّدُ بمعصيةٍ ولا فسوقٍ ونحوِ ذَلِكَ فهُوَ الذي أَتَى بما يَستطِيعُه مِن الواجِباتِ مَع تَرْكِه لجميعِ المحرَّماتِ، فهُوَ الذي يُطْلَقُ عليه اسْمُ الإيمانِ مِن غيرِ تَقْييدٍ، فهَذَا هُوَ الفَرْقُ بين مُطلَقِ الإيمانِ والإيمانِ المطلَقِ.
    الثَّاني: هُوَ الذي لا يُصِرُّ صاحبُه على ذَنْبٍ، والأوَّل: هُوَ المُصِرُّ على بعضِ الذُّنوبِ، فمُطلَقُ الإيمانِ هُوَ وَصْفُ المسلمِ الذي معه أصلُ الإيمانِ الذي لا يَتِمُّ الإسلامُ إلاَّ بِهِ فلا يَصِحُّ إلاَّ به.
    والمرتبةُ الثَّانيةُ: مرتبةُ أهلِ الإيمانِ المطلَقِ الذين كَمُلَ إسلامُهم وإيمانُهم بإتيانِهم بما وَجَبَ عليهم، وتَرْكِهم ما حرَّمَ اللَّهُ عليهم، وعَدَمِ إصرارِهم على الذُّنوبِ، فَهِذِهِ المرتبةُ الثَّانيةُ الذي وعدَ اللَّهُ أهلَها بدخولِ الجَنَّةِ والنَّجاةِ مِن النَّارِ. انتهى.

    (193) وفي قولِه -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: ((لا يَزْنِى الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)) الحديثُ دليلٌ على دخولِ الأعمالِ في مسمَّى الإيمانِ، فلولا أنَّ تَرْكَ هَذِهِ الكبائرِ مِن مسمَّى الإيمانِ لَمَا انْتَفَى اسمُ الإيمانِ عن مرتكِبِ شيءٍ منها؛ لأَنَّ الاسمَ لا يَنْتَفِى إلا بانتفاءِ بعضِ أركانِ المسمَّى أو واجباتِه، والمرادُ بنَفْيِ الإيمانِ نَفْيُ بلوغِ حقيقتِه ونهايتِه، وفي هَذَا الحديثِ الرَّدُّ على المُرْجِئةِ والجهميَّةِ ومَن اتَّبَعَهم الذين يقولون إنَّ مرتكِبَ الكبيرةِ مؤمنٌ كاملُ الإيمانِ، ويَزْعُمون أَنَّ الإيمانَ لا يَتفاضَلُ، وهُوَ إمَّا أنْ يَزُولَ بالكُلِّيَّةِ أو يَبْقَى كامِلا، وقولُهم ظاهرُ البطلانِ، فقد دلَّ الحديثُ على أَنَّ الزَّانِيَ وشارِبَ الخمرِ ونحوَهم حين فِعلِهم المعصيةَ قد انْتَفَى الإيمانُ عنهم، وقد دلَّت النُّصوصُ الكثيرةُ مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ على أنَّهمْ غيرُ مُرْتَدِّين بِذَلِكَ، فعُلِمَ أَنَّ الإيمانَ المَنْفِيَّ في هَذَا الحديثِ وغيرِه إنَّما هُوَ كمالُ الإيمانِ الواجِبِ، فإنَّ اللَّهَ ورسولَه لا يَنْفِي اسْمَ مُسمًّى شَرْعيٍّ إلاَّ بانتفاءِ بعضِ أركانِه أو واجباتِه.

    (194) قولُه: ((نُهبةً)) بضمِّ النُّونِ هُوَ ما يُنْهَبُ، والمرادُ: المأخوذُ جَهْراً قَهْرا.
    قولُه: ((ذاتَ شَرَفٍ)) أي: ذاتَ قدْرٍ عظيمٍ.
    قولُه: ((يَرفَعُ النَّاسُ إليها أبصارَهم)) أي: يَنْظُرونها لعِظَمِ قدْرِها.
    قولُه: (ونقولُ هُوَ مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ) فإنَّ اللَّهَ -سُبْحَانَهُ وتعالَى- أطْلَقَ عليه الإيمانَ، كما تقدَّمَ مِن قولِه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} الآيةَ، وقولُه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} الآيةَ، وَكَذَلِكَ الرَّسولُ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أَطلَقَ عليه الإيمانَ، كما ثَبَتَ في الصَّحيحِ أَنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: ((مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ أَخِيهِ مَظْلِمَةٌ فَلْيَتَحَلَّلْ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ …))، الحديثَ إلى غيرِ ذَلِكَ مِن الأدِلَّةِ الدَّالَّةِ على إطلاقِ الإيمانِ على الفاسِقِ.
    قولُه: (ونقولُ هُوَ مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ) إلخ: خِلافاً للمُرجِئَةِ والجهميَّةِ ومَن اتَّبعَهم، فإنَّ الإيمانَ عندهم لا يَقْبَلُ الزِّيادةَ والنُّقصانَ، بل هُوَ شيءٌ واحدٌ يَستوي فيه جميعُ المؤمنينَ مِن الملائكةِ والمقتَصِدِينَ والمقرَّبِينَ والظالِمينَ، وقد سَبَقَ ذِكْرُ مَذهبِهم والرَّدُّ عليه.
    قولُه: (فلا يُعْطَى الاسمَ المطلَقَ) أي: لا يُعْطَى الفاسِقَ اسمَ الإيمانِ المطلَقِ، أي الكامِلِ الذي صاحِبُه يَستحِقُّ عليه دخولَ الجَنَّة والنَّجاةَ مِن النَّارِ، وهُوَ فِعلُ الواجباتِ وتَرْكُ المحرَّماتِ، وهُوَ الذي يُطلَقُ على مَن كان كذَلِكَ بلا قَيْدٍ فلا يُطلَقُ على الفاسِقِ: الإيمانُ إلاَّ مُقيَّدا، فيقالُ: مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه، أو يقالُ: مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، فلا يُسمَّى مؤمِنا إلا بِقَيْدٍ، وهَذَا الذي يُسمِّيهِ العلماءُ مُطلَقَ الإيمانِ.
    وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: والتَّحقيقُ أنْ يقالَ: إنَّه مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه، فلا يُعْطَى الاسمَ المطلَقَ، فإنَّ الكِتابَ والسُّنَّةَ نَفَيَا عنه الاسمَ المطلَقَ، واسمَ الإيمانِ يتناولُه فيما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ورسولُه؛ لأنَّ ذَلِكَ إيجابٌ عليه وتحريمٌ عليه، وهُوَ لازمٌ له كما يَلزَمُ غيرَه، وإنَّما الكلامُ في المدحِ المطلَقِ. اهـ.
    قولُه: (ولا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسمِ) كما تقدَّمَ إطلاقُ الإيمانِ في الآياتِ عليه، وَكَذَلِكَ رسولُه، فيُطلِقُ عليه الإيمانُ مُقيَّداً كما تقدَّمَ، فيُقالُ: مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرتِه، ويقالُ: مؤمنٌ ناقِصُ الإيمانِ، وعلى هَذَا يَدُلُّ الكِتابُ والسُّنَّةُ وإجماعُ سَلَفِ الأمَّةِ خِلافا للخَوارجِ والمعتزِلةِ. أمَّا ما جاءَ في بعضِ الأحاديثِ مِن نَفْيِ الإيمانِ عن بعضِ العُصاةِ فالمرادُ بِهِ نَفْيُ الإيمانِ المُطْلَقِ لاَ مُطلَقَ الإيمانِ كما تقدَّمَ.
    قال الشَّيخ تَقِيُّ الدِّينِ في كتابِ الإيمانِ: الإيمانُ إذا أُطْلِقَ في كلامِ اللَّهِ ورسولِه يَتَناوَلُ فِعلَ الواجباتِ وتَرْكَ المحرَّماتِ، ومَنْ نَفَى اللَّهُ ورسولُه عنه الإيمانَ فلا بدَّ أنْ يكونَ تَرَكَ واجِباً أو فَعَلَ محرَّما، فلا يَدخُلُ في الاسمِ الذي يستحِقُّ أهلُه الوَعْدَ دُونَ الوعيدِ. انتهى.
    قال ابنُ القيِّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- في بدائعِ الفوائدِ: الإيمانُ المطلَقُ لا يُطلَقُ إلا على الكامِلِ الكَمالَ المأمورَ به، ومُطلَقُ الإيمانِ يُطلَقُ على الكامِلِ والنَّاقِصِ، ولهَذَا نُفِيَ الإيمانُ المطلَقُ عن الزَّانِي وشاربِ الخمرِ والسَّارِقِ، ولم يُنْفَ عنه مُطلَقُ الإيمانِ، لئلا يَدخُلَ في قولِه: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ولا في قولِه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} ولا في قولِه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآية، ويَدخُلُ في قولِه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وفي قولِه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ} الآيةَ، فلهَذَا كان قولُه: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا} نَفْيا للإيمانِ المطلَقِ لا لمطلَقِ الإيمانِ لوُجوهٍ ساقَها، فالإيمانُ المطلَقُ يَمنَعُ دخولَ النَّارِ، ومُطلَقُ الإيمانِ يَمنعُ الخلودَ فيها، فإذا قيل الفاسِقُ: مؤمنٌ فهُوَ على هَذَا التَّفصيلِ. انتهى.





  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    قال الشيخ صالح الفوزان على شرح العقيدة الواسطية
    وقولُه: (وَلا يَسلُبونَ الفاسِقَ الملِّيَّ الإسلامَ بالكُلِّيَّةِ، ولا يُخلِّدُونه في النَّارِ كما تقولُه المعتزلِةُ) أيْ: ومِن أصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ أنَّهم (لا يَسلُبون) أيْ: لا يَنْفُونَ عن (الفاسِقِ) الفِسقُ: هُوَ الخروجُ عن طاعةِ اللَّهِ، والمرادُ بالفاسِقِ هنا الذي يَرتكِبُ بعضَ الكبائِرِ كشُربِ الخمرِ والزِّنا والسَّرِقةِ مع اعتقادِ حُرمةِ ذَلِكَ. (الملِّيِّ) أيْ: الذي على مِلَّةِ الإسلامِ، ولم يَرتكِبْ مِن الذُّنوبِ ما يُوجِبُ كُفرَه، فأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ لا يَسلُبونَه الإسلامَ بالكلِّيَّةِ، فيَحكمونَ عليه بالكفرِ كما تقولُه الخوارجُ في الدُّنيا (ولا يُخَلِّدُونَه في النَّارِ) أيْ: يَحكمونَ عليه بالخُلودِ في النَّارِ في الآخرةِ، وعدمِ خروجِه منها إذا دخَلَها (كما تقولُه المعتزِلةُ) والخوارِجُ، فالمعتزلِةُ يَروْنَ أنَّ الفاسِقَ لا يُسمَّى مسلِماً ولا كافِراً بل هُوَ عندهم بالمَنْزِلةِ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْن ِ هَذَا حُكمُه عندهم في الدُّنيا، وأمَّا حُكمُه عندهم في الآخرةِ فَهُوَ مخلَّدٌ في النَّارِ. والأدلَّةُ على بُطلانِ هَذَا المذهبِ كثيرةٌ، وقد مَرَّ بعضُها، وسيأتي ذِكْرُ بَقِيَّتِها.
    ثم بيَّنَ الشَّيخُ رَحِمَهُ اللَّهُ الحُكمَ الصَّحيحَ الذي يَنطبِقُ على الفاسِقِ الملِّيِّ مؤيَّداً بأدِلَّتِه مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ، فقال: (بل الفاسِقُ يدخُلُ في اسمِ الإيمانِ المطلَقِ) أيْ: مطلَقِ الإيمانِ الذي يدخُلُ فيه الإيمانُ الكامِلُ والإيمانُ النَّاقِصُ، كما في قولِه: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمنَةٍ} فإنَّ مَن أعتَقَ رقبةً مؤمنةً، وإنْ كان المُعْتَقُ فاسِقا، فيما يُشترَطُ فيه إيمانُ الرَّقبةِ المعتَقةِ, ككفَّارةِ الظِّهارِ والقتلِ، أجْزَأه ذَلِكَ العِتقُ باتِّفاقِ العُلماءِ؛ لأنَّ ذَلِكَ يدْخُلُ في عمومِ الآيةِ، وإنْ لم يكُنْ المُعتِقُ مِن أهلِ الإيمانِ الكامِلِ.
    وقولُه: (وقد لا يدخُلُ) أيْ: الفاسِقُ الملِّيُّ (في اسمِ الإيمانِ المطلَقِ) أي إذا أُريدَ بالإيمانِ الإيمانُ الكامِلُ، كما في قولِه تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآيةَ؛ لأنَّ المرادَ بالإيمانِ المذكورِ في الآيةِ الكريمةِ الإيمانُ الكاملُ، فلا يدخُلُ فيه الفاسقُ؛ لأنَّ إيمانَه ناقصٌ. ولنَرْجِعْ إلى تفسيرِ الآيةِ الكريمةِ: {إنما} أداةُ حَصْرٍ تُثْبتُ الحُكمَ للمَذكورِ وتَنفِيه عمَّا سِواه {الْمُؤْمِنُونَ} أي الإيمانَ الكاملَ {إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ} أيْ: ذُكِرَتْ عظمَتُه وقُدرَتُه وما خوَّفَ به مَن عَصاهُ {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي: خافَتْ {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ} أيْ: قُرئَتْ آياتُه المنزَّلَةُ أو ذُكِرَتْ آياتُه الكونيَّةُ {زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} أي زادَ إيمانُهم بسببِ ذَلِكَ {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أيْ: يُفَوِّضونَ جميعَ أمُورِهم إليه لا إلى غيرِه.
    ثم ذَكَرَ الشَّيخُ دليلاً مِن السُّنَّةِ على أنَّ الفاسِقَ المِلِّيَّ لا يدخُلُ في اسمِ الإيمانِ الكاملِ، وَهُوَ قولُه صلى اللهُ عليه وسلم ((لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ.. الخ)) أيْ كامِلُ الإيمانِ، فالمَنفِيُّ هنا عن الزَّانِي والسَّارِقِ والشَّارِبِ هُوَ كمالُ الإيمانِ لا جميعُ الإيمانِ، بدليلِ الإجماعِ على تَورِيثِ الزَّاني والسَّارِقِ وشَارِبِ الخمرِ. فقد دَلَّ الحديثُ على أنَّ هؤلاءِ حين فِعلِهم المعصيةَ قد انْتَفى الإيمانُ الكاملُ عنهم، وقد دلَّت النُّصوصُ الكثيرةُ مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ على أنَّهم غيرُ مرتَدِّينَ بذَلِكَ، فعُلِمَ أنَّ الإيمانَ المنفِيَّ في هَذَا الحديثِ إنَّما هُوَ كمالُ الإيمانِ الواجِبِ.
    وقولُه: ((وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ..الخ)) النُّهْبَةُ بضَمِّ النُّونِ هِيَ الشَّيءُ المَنْهوبُ ـ والنَّهْبُ: أخذُ المالِ بالغلَبةِ والقهْرِ ((ذَاتَ شَرَفٍ)) أي قَدْرٍ، وقيل: ذاتَ استِشرافٍ يَستشرِفُ النَّاسُ إليها ناظرِينَ إليها رافِعينَ أبصارَهم.
    ثم إنَّ الشَّيخَ رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ النَّتيجةَ للبحثِ السَّابقِ، واستخلَصَ الحُكمَ بقولِه في حقِّ الفاسِقِ المِلِّيِّ: (ونقولُ: هُوَ مؤمنٌ ناقصُ الإيمانِ أو مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكَبيرَتِه) وهَذَا هُوَ الحُكمُ العادِلُ جَمْعاً بَيْنَ النُّصوصِ التي نَفَتِ الإيمانَ عنه كحديثِ: ((لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ)) والنُّصوصِ التي أَثبتَت الإيمانَ له؛ كآيةِ القِصاصِ، وآيةِ حُكمِ البُغاةِ السَّابِقتَيْنِ ، وبِناءً على ذَلِكَ (فلا يُعطَى الاسمَ المطْلَقَ) أي، اسمَ الإيمانِ الكاملِ (ولا يُسلَبُ مطلَقَ الاسمِ) أي: الإيمانَ النَّاقِصَ. فيُحكمُ عليه بالخروجِ مِن الإيمانِ كما تقولُه المعتزِلةُ والخوارجُ. واللَّهُ أَعْلَمُ. فالإيمانُ المطلَقُ هُوَ الإيمانُ الكاملُ. ومُطلَقُ الإيمانِ هُوَ الإيمانُ النَّاقِصُ.


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    قال الشيخ محمد خليل هراس على شرح العقيدة الواسطية
    ( وَلاَ يَسْلُبُونَ الفَاسِقَ المِلِّيَّ [ الإِسْلاَمَ ] بالكُلِّيَّةِ، ولا يُخَلِّدونَهُ في النَّارِ؛ كَما تَقُولُ المُعْتَزِلَةُ.
    بَلِ الفَاسِقُ يَدْخُلُ في اسْمِ الإِيمانِ؛ كَما في قَوْلِهِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمنَةٍ}.
    وَقَدْ لاَ يَدْخُلُ في اسْمِ الإِيمانِ المُطْلَقِ؛ كَمَا في قَولِهِ تَعالى: {إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتَهُمْ إِيْمانًا}، وقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يَزْني الزَّاني حينَ يَزْني وهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ السَّارِقُ حينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسُ إِليهِ فِيها أَبْصارَهُمْ حِيْنَ يَنْتَهِبُها وَهُوَ مُؤمِنٌ)).
    [ ونقولُ ]: هو مؤمِنٌ ناقِصُ الإِيمانِ، أَو مؤمِنٌ بإِيمانِهِ فَاسِقٌ بِكَبيرَتِهِ، فَلاَ يُعْطَى الاسْمَ المُطْلَقَ، ولا يُسْلَبُ مُطْلَقَ الاسمِ)(78) .


    (78) وأَمَّا الفاسِقُ المِلِّيُّ الذي يرتكبُ بعضَ الكبائرِ معَ اعتقادِهِ حُرْمَتَهَا؛ فأهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ لا يَسْلِبُونَ عنهُ اسمَ الإِيمانِ بالكُلِّّيَّةِ، ولا يُخَلِّدُونَهُ في النَّارِ؛ كمَا تقولُ المُعتزِلَةُ والخوارِجُ، بلْ هوَ عندَهُمْ مؤمنٌ ناقصُ الإِيمانِ، قدْ نَقَصَ مِنْ إيمانِهِ بقدْرِ معصيتِهِ، أوْ هُوَ مُؤْمِنٌ فاسِقٌ، فلا يُعْطونَهُ اسمَ الإِيمانِ المُطْلَقِ، ولا يَسْلُبُونَهُ مُطْلَقَ الإِيمانِ.
    وأدلَّةُ الكتابِ والسُّنَّةِ دالَّةٌ على ما ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ مِنْ ثُبُوتِ مُطْلَقِ الإِيمانِ مَعَ المعصيةِ؛ قالَ تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنْوا لا تتَّخِذوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أوَّلياءَ }. فَنَادَاهُمْ باسمِ الإِيمانِ، مَعَ وجودِ المعصيَةِ، وهيَ مَوَالاَةُ الكُفَّارِ مِنْهُمْ … إلخ.
    فائِدَةٌ:
    الإِيمانُ والإِسلامُ الشَّرعيَّانِ مُتَلاِزِمَانِ في الوجودِ، فلا يُوجَدُ أحدُهُمَا بدونِ الآخَرِ، بَلْ كُلََّمَا وُجِدَ إيمانٌ صحيحٌ مُعْتَدٌّ بهِ؛ وُجِدَ معهُ إسلامٌ، وكذلكَ الْعَكْسُ، ولهذا قدْ يُسْتَغْنى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا عَنِ الآخَرِ؛ لأنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أُفرِدَ بالذِّكْرِ؛ دَخَلَ فيهِ الآخرُ، وأَمَّا إذَا ذُكِرَا معًا مُقْتَرِنَيْنِ؛ أُريدَ بالإِيمانِ التَّصديقُ والاعتقادُ، وأُريدَ بالإِسلامِ الانقيادُ الظَّاهِرِيُّ مِنَ الإِقرار باللِّسانِ وعَمَلِ الجَوَارِحِ.
    ولكنْ هذا بالنَّسبةِ إلى مُطْلَقِ الإِيمانِ، أَمَّا الإِيمانُ الْمُطْلَقُ؛ فهوَ أخصُّ مُطْلَقًا مِنَ الإِسلامِ، وقَدْ يوجدُ الإِسلامُ بدونِهِ؛ كمَا في قولِهِ تعالَى: {قالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولوا أَسْلَمْنَا}، فأخبرَ بإسلامِهِمْ مَعَ نَفْيِ الإِيمانِ عنهُمْ. وفي حديثِ جبريلَ ذِكْرُ المراتبِ الثَّلاَثِ: الإِسلامُ، والإِيمانُ، والإِحسانُ، فَدَلَّ على أنَّ كلاً منهَا أخصُّ مِمَّا قبلَهُ.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    قال الشيخ صالح ال الشيخ
    هذا الإيمان قول وعمل واعتقاد، ويراد به تارة الاعتقادات الباطنة، وهو الذي يناسب المرتبة الثانية، لأن المرتبة الأولى هي الإسلام، وهي ما يشمل العمل الظاهر كما جاء في حديث جبريل, فقد جاء في بعض طرقه أنه ذكر عليه الصلاة والسلام لجبريل أن من الإسلام بعد الحج الغُسل من الجنابة، ومنه الذكر، ونحو ذلك مما هو من جنس الأعمال الظاهرة. وأما الإيمان: فهو العقائد الباطنة؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر. الشيخ رحمه الله تعالى هنا قال (الإيمان بضع وسبعون شعبة) وهذا يعني به اسم الإيمان العام الذي يدخل فيه الإسلام؛ لأن الإيمان أوسع من الإسلام، والإسلام بعض الإيمان، وأهل الإيمان أخص مرتبة من أهل الإسلام، لهذا الإيمان يشمل الإسلام وزيادة، بهذا المعنى ولهذا المعنى قال الشيخ رحمه الله (وهو بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول لا إله إلا الله) ومن المعلوم أن قول لا إله إلا الله أنه أول أركان الإسلام؛ شهادة لله بالتوحيد بقول لا إله إلا الله مع توابع ذلك هذا الركن الأول، فهنا عدَّ قول لا إله إلا الله أعلى شعب الإيمان، وهذا لأن الإيمان يشمل الإسلام وزيادة، وهذا قد جاء مبينا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال «الإيمان بضع وستون أو قال بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان» فذكر أن أعلى شُعب الإيمان لا إله إلا الله، وقوله شُعب هذا تمثيل للأيمان بالشجرة التي لها شعب ولها فروع، وقد مثل عليه الصلاة والسلام بأعلى الشعب وبأدنى الشعب، ومثّل بشعبة من الشعب، وهذه الثلاث التي ذكرها عليه الصلاة والسلام متنوعة:
    • فالأول وهو أعلاها قول: قول لا إله إلا الله.
    • وأدناها إماطة الأذى عن الطريق هذا عمل.
    • والحياء شعبة من الإيمان، الحياء عمل القلب.
    فذكر في هذا قول لا إله إلا الله، وهذا قول باللسان، ولا شك أنه يتبعه اعتقاد بالجنان، وذكر الحياء أيضا وهو عمل بالقلب، وذكر إماطة الأذى عن الطريق وهو عمل الجوارح، فتمثيله عليه الصلاة والسلام لذلك لأجل أن يُستدل لكل واحد من هذه الثلاثة؛ لكل شعبة من هذه الشعب على نظائرها:
    فيُستدل بكلمة التوحيد بقول لا إله إلا الله على الشعب القولية.
    ويُستدل بإماطة الأذى عن الطريق بالشعب العملية؛ عمل الجوارح.
    ويُستدل بذكره الحياء على الشعب القلبية." 2/ وقال في [شرح لمعة الاعتقاد]:
    " ومعتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان أنهم يقولون: إن الإيمان هو ما جمع خمسة أمور؛ يعني معتقدهم في الإيمان ما جمع خمسة أمور:
    الأول: اعتقاد القلب.
    الثاني: قول اللسان.
    الثالث: العمل؛ عملٌ بالأركان.
    الرابع: أن الإيمان يزيد بطاعة الرحمان.
    الخامس: أن الإيمان ينقص بمعصية الرحمان وبطاعة الشيطان.
    فهذه خمسة أمور تميز بكل واحد منها أهل السنة والجماعة عمّن خالفهم في هذا الأصل، وأدلّة ذلك ظاهرة بينة، فهو قول وعمل. فالإيمان قول وعمل؛ قول القلب وعمل القلب، وقول الجوارح وعمل الجوارح:
    وقول القلب: هو نيته وإخلاصه.
    وعمل القلب: هو ما يقوم به من الاعتقاد.
    وقول الجوارح: هو قول اللسان.
    وعمل الجوارح: هو جنس الأعمال التي تعمل بها الجوارح من طاعة الله جل وعلا.
    فهو قول وعمل، فمن قال من السلف إن الإيمان قول وعمل فيعني به هذه الأمور الخمسة؛ لأن قولَه: قول وعمل. يشمل ذلك. أما زيادته و نقصانه فقد دلت عليها الأدلة الكثيرة، فإذن صار عندنا مسمى للإيمان غير ما تدل عليه اللغة في الإيمان، وذلك أنّ الإيمان: في اللغة: أصله التصديق الجازم، وقال بعض أهل العلم: إنّ أصله من الأمن؛ لأن من صدَّق جازما فإنه يأمن غائلة التكذيب. وفي الاصطلاح: عند أهل السنة والجماعة هو ما فسّروه بالأمور الخمسة. وفي القرآن أتى الإيمان بالمعنى اللغوي وبالمعنى الشرعي، وقد فرّق بين مجيء هذا وهذا في القرآن بعض أهل العلم بقوله ”إن غالب ما جاء فيه الإيمان بالمعنى اللغوي فإنه يُعَدَّى باللام، وما جاء فيه بالمعنى الشرعي فإنه يُعدَّى فيه بالباء“.
    فمن الأول: يعني الإيمان اللغوي الذي عُدي باللام قوله جل وعلاوَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا[يوسف:17]، فلما قال (بِمُؤْمِنٍ لَنَا) تعدّى الإيمان باللام علمنا أن المعنى هنا الإيمان اللغوي، تقول آمنت لك، يعنى صدّقتك تصديقا جازما، وكما قال جل وعلافَآمَنَ لَهُ لُوطٌ[العنكبوت:26] يعنى صدّق به تصديقا جازما.
    أما القسم الثاني: وهو الإيمان الشرعي فإنه يعدّى بالباءآمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ[البقرة:285],فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ[البقرة:138] فهذا إيمان شرعي خاص.
    وزيادة الإيمان ونقصانه أصل عند أهل السنة والجماعة يخالفون به الخوارج ومن يكفرون بالذنوب. وينبغي أن يُعلم هنا أن أهل السنة يقولون: لا نكفر بذنب. ويقصدون بذلك لا يكفرون بعمل المعاصي، أما مباني الإسلام العظام التي هي الصلاة والزكاة والصيام والحج ففي تكفير تاركها والعاصي بتركها خلاف مشهور عندهم، فقولهم ”إنّ أهل السنة والجماعة يقولون لا نكفر بذنب ما لم يستحله بإجماع.“ يعني المعصية، أما المباني العظام فإن التكفير عندهم الخلاف فيه مشهور؛ منهم من يكفر بترك مباني الإسلام العظام أو أحد تلك المباني، ومنهم من لا يكفر. كذلك ينبغي أن يُعلم أن قولنا ”العمل داخل في مسمَّى الإيمان وركن فيه لا يقوم الإيمان إلا به.“ نعني به جنس العمل، وليس أفراد العمل، لأن المؤمن قد يترك أعمالا كثيرة صالحة مفروضة عليه ويبقى مؤمنا، لكنه لا يُسمّى مؤمنا ولا يصحّ منه إيمان إذا ترك كل العمل، يعني إذا أتى بالشهادتين وقال أقول ذلك واعتقده بقلبي، وأترك كل الأعمال بعد ذلك أكون مؤمنا، فالجواب أن هذا ليس بمؤمن؛ لأنّه تركٌ مسقطٌ لأصل الإيمان؛ يعني ترك جنس العمل مسقط لأصل الإيمان؛ يعني ترك جنس العمل مسقط للإيمان، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة يصحّ إيمانه إلا ولا بد أن يكون معه مع الشهادتين جنس العمل الصالح، يعني جنس الامتثال للأوامر والاجتناب للنواهي. كذلك الإيمان مرتبة من مراتب الدين، والإسلام مرتبة من مراتب الدين، والإسلام فُسِّر بالأعمال الظاهرة، كما جاء في المسند أن النبي قال «الإيمان في القلب والإسلام علانية» يعني أن الإيمان ترجع إليه العقائد -أعمال القلوب-، وأمّا الإسلام فهو ما ظهر من أعمال الجوارح، فليُعلم أنّه لا يصح إسلام عبد إلا ببعض إيمان يصحّح إسلامه، كما أنَّه لا يصح إيمانه إلا ببعض إسلام يصحح إيمانه، فلا يُتصور مسلم ليس بمؤمن البتة، ولا مؤمن ليس بمسلم البتة. وقول أهل السنة ”إنّ كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا“ لا يعنون به أن المسلم لا يكون معه شيء من الإيمان أصلا، بل لابد أن يكون معه مطلق الإيمان الذي به يصح إسلامه، كما أن المؤمن لابد أن يكون معه مطلق الإسلام الذي به يصح إيمانه، ونعني بمطلق الإسلام جنس العمل، فبهذا يتفق ما ذكروه في تعريف الإيمان وما أصَّلوه من أن كل مؤمن مسلم دون العكس. فإذن هاهنا كما يقول أهل العلم عند أهل السنة والجماعة خمس نونات:
    النون الأولى: أن الإيمان قول اللسان، هذه النون الأولى يعني اللسان.
    الثانية: أنه اعتقاد الجنان.
    الثالثة: أنه عمل بالأركان.
    النون الرابعة: أنه يزيد بطاعة الرحمان.
    الخامسة: أنه ينقص بطاعة الشيطان وبمعصية الرحمان.
    والإيمان متفاضل؛ كلما عمل العبد طاعة زاد الإيمان، وإذا عمل معصية نقص الإيمان؛ فبقدر إيمانه؛ فبقدر متابعته وبقدر إحداثه للطاعات يزيد إيمانه، سواء كانت طاعات القلوب من الاعتقادات، أو طاعات الجوارح من الأعمال الصالحات، فإن بذلك زيادة في الإيمان، فإذا عمل معصية نقص الإيمان. كذلك الناس في أصل الإيمان ليسوا سواء؛ بل مختلفون، فإيمان أبي بكر ليس كإيمان سائر الصحابة، ولهذا قال شعبة أبو بكر بن عياش القارئ المعروف: ”ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام، وإنما بشيء وقر في قلبه.“ وهذا مستقاً من بعض الأحاديث أو من بعض الآثار، يعني أن أبا بكر الصديق كان معه من أصل الإيمان ما ليس عند غيره، فيُغلِّطُ أهل السنة من قال: إن أهل الإيمان في أصله سواء، وإنما يتفاضلون بعد ذلك بالأعمال. بل هم مختلفون في أصله. وفهم معتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان يمنع من الدخول في الضلالات؛ من التكفير بالمعصية، أومن التكفير بما ليس بمكفر، فمن فهم معتقد أهل السنة والجماعة في الإيمان، حصّن لسانه وعقله من الدخول في الغلو في التكفير، وإتّباع الفرق الضالة التي سارعت في باب التكفير، فخاضت فيه بغير علم، فكفّروا المسلمين، وأدخلوا في الإسلام والإيمان من ليس بمسلم ولا مؤمن."
    3/ وقال في شريط بعنوان:[جلسة خاصة]:
    " جنس العمل يعني عمل صالح، أي عمل صالح، أي عمل صالح ينوي به التقرب إلى الله جل وعلا ممتثلا فيه أمر الله جل وعلا، هذا متفق عليه:
    من قال بأنّ تارك الصلاة يكفر كسلا: قال العمل الصالح هذا هو الصلاة.
    ومن قال تارك الصلاة لا يكفر من السلف: قال لابد من جنس العمل.
    السلف اختلفوا في تارك الصلاة، من قال تارك الصلاة يكفر قال الصلاة هي جنس العمل؛ لابد أن يأتي بالصلاة، ومن قال لا تارك الصلاة لا يكفر تهاونا أو كسلا قالوا لابد من جنس العمل؛ لابد أن يعمل عملا صالح من أي وجه، يعني جنس العمل لابد منه."
    4/ وقال الشيخ في شريط بعنوان[جلسة علمية في بيت الشيخ(صالح آل الشيخ)بتاريخ:الخ ميس محرم 1421هـ]؛ مجيبا على السؤال التالي:( إذا زال عمل الجوارح عن المسلم المكلف هل يزول معه الإيمان؟)، فكان الجواب التالي:
    "هذه مسألة مبنية على ثلاثة أمور:
    الأمر الأول: معنى جنس العمل.
    والثاني: تفريق ما بين جنس عمل الجوارح وجنس عمل القلب.
    والأمر الثالث: هو هل المشترط هو جنس عمل الجوارح في الإيمان أم جنس العمل؟
    أما الأمر الأول وهو أن جنس العمل هذا عبّر بها عدد من أهل العلم في أن الإيمان قول وعمل وأن الإيمان قول باللسان واعتقاد وعمل بالجوارح والأركان، يقصدون بالجوارح الأركان عمل البدن، أما غير البدن يعني القلب فإن ظاهر العبارة لا تدخل فيه، وذلك لأنهم لا يفرقون ما بين اعتقاد القلب وعمل القلب، والاعتقادات هذه يدخل فيها تدخل في باب الأخبار، يعني التصديق وأما عمل القلب الآخر فيدخل في باب الأمر والنهي. مثاله الاعتقاد بأن الله واحد في أولهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، التصديق بالملائكة التصديق بالرسل هذه مسائل اعتقادات جاء بها الخبر في الكتاب والسنة وجب الإيمان ها واعتقادها، هذا يسمى قول القلب، أو اعتقاد القلب، أما عمل القلب فهو محبة الله جل وعلا، التوكل عليه، حسن الظن به، رجاؤه، خوفه، الاعتماد عليه تفويض الأمر إليه ونحو ذلك، الرغبة الرهب ونحو ذلك من أعمال القلوب المتعلقة بالله، كذلك المتعلقة بالخلق مثلا الحسد والحقد والغل وأشباه ذلك، وما يتعلق بالنفس كالكبر والتعاظم والغرور، هذه كلها أعمال قلبية كبيرة. فلذلك نقول: الإيمان قول وعمل، وإذا قلنا عمل فنقصد به جنس عمل القلب والجوارح، لأن ترك العمل بأحد الأمرين دون الآخر ليس [بظاهر]، يتأيد ذلك بأن لابد من الإسلام والإسلام بالاتفاق هو العمل الظاهر، والإسلام الظاهر لا يكون إلا بعمل باطن للقلب، واحد يصلي ويصوم ويزكي ويحج بيت الله الحرام وهو ليس في قلبه رجاء ورغب ولا رهب لا يمكن، ولذلك في الواقع فيه عمل للقلب وفيه عمل للجوارح. إذا تبين هذا في المراد بجنس العمل فظهر لنا في الأمر الثاني الفرق بين عمل القلب وعمل الجوارح، عمل الجوارح يراد بها عمل البدن والأعمال الظاهرة مثل تلاوة القرآن، مثل الجهاد في سبيل الله، الأمر بالمعروف بالمنكر، الصلاة، والصيام، الزكاة، الحج، صلة الأرحام، إلى آخره من أعمال البدن، فعمل القلب هو [...كلمة غير واضحة...] من أعمال القلبية التي يحبها الله جل وعلا ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو الأعمال القلبية التي يراد تركها كترك الكبر والحسد وسوء الظن بالله جل وعلا والغرور إلى آخره. الثالث وهو المهم الفقرة الثالثة من كلامي وهو المهم في جواب هذا السؤال، وهو هل المشترط في الإيمان هو جنس العمل عمل القلب أو جنس عمل الجوارح؟ الصحيح أنه اشترط العمل بقسميه، لابد يوجد عمل القلب ولابد يوجد عمل الجوارح، وحين عبّر عدد من أهل العلم بأن الإيمان قول اللسان واعتقاد الجنان وعمل بالجوارح والأركان، فهم يقصدون بالجوارح والأركان يعني عبروا بالتغليب لكن عمل القلب مطلوب؛ لأن المنافق هو الذي ما عنده عمل القلب؛ يعني لا يرجو ولا يحب، ولأجل التلازم ما فيه عمل ظاهر إلا بعمل باطن. لهذا نقول إن الذي هو ركن الإيمان هو وجود العمل، فإذا عمل صالحا يرجو وجه الله أي عمل كان صح منه الإيمان فإذا فرط في بعضه كان من أهل الوعيد."
    5/ وقال الشيخ في شريط بعنوان [لقاء مفتوح بتاريخ:19/11/1411هـ]، مجيبا على سؤال نصه(ما رأيكم فيمن يقول إن الأعمال شرط في كمال الإيمان الواجب؟)، فكان الجواب:
    "الإيمان فيما دلّ عليه الكتاب والسنة وقول الصحابة وإجماع أئمة أهل السنة أنه قول وعمل، قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان، والقول ركن، والاعتقاد ركن، والعمل ركن، والعمل ليس شرط كمال، وإنما هو ركن، والمقصود جنس العمل.يدلك على أن العمل ركن قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث وفد عبد قيس «آمركم بالإيمان بالله وحده» قالوا: وما الإيمان بالله وحده؟ لاحظ هو أمر بالإيمان بالله وحده ثم سألوا من الإيمان بالله وحده قال «أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول اله وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وأن تؤدوا الخمس من المغنم» وجه الدلالة أنها هذه الأشياء الاعتقاد شهادة أن لا إله وأن محمدا رسول الله هذا قول واعتقاد، إقام الصلاة إيتاء الزكاة أداء الخمس من المغنم عمل في أعمالٍ بدنية وأعمال مالية وما يجمع بينهما هو أداء الخمس من المغنم. فإذن جنس العمل دخل في هذا الحديث جوابا عن سؤالهم ما الإيمان بالله وحده؟ لماذا عددناه ركنا؟ لماذا عده أهل السنة والجماعة؟ ركنا لأن الجواب عن السؤال في مثل هذا السياق يقتضي أن تكون مفردات الجواب أركانا، بدليل الإجماع من الأمة، حتى المرجئة على أن قول جبريل عليه السلام للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أخبرني عن الإيمان؟ قال «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره» بالإجماع أن هذه الستة أركان كيف فهموا أنها أركان؟ بالإجماع قالوا بالاتفاق أنها جاءت جواب سؤال يقتضي أن يكون الجواب فيه بيان الماهية، وبيان الماهية في الحقيقة ركن. فإذن العمل ركن، دلّ عليه حديث ابن عبد قيس، وتفهم كونه ركننا من حديث جبريل حيث عددنا هناك أركان الإيمان الستة وهي جواب سؤال، فكذلك هناك نعد العمل ركنا لأنه كان جواب سؤال والله أعلم."
    6/ وقال في شريط بعنوان[الإيمـان]:
    " والإيمان له تعريف في الشرع عند أهل السنة والجماعة، وهذا الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل واعتقاد. فمن دخل في الإيمان وصح عليه اسم الإيمان فإنّ معنى تكفيره أن يُسلب عنه أصل الإيمان يعني يكون كافرا بعد أن كان مؤمنا. وإذا كان الإيمان عند أهل السنة والجماعة بالقول والعمل والاعتقاد كأركان ثلاثة وليست لوازم، فإن من انتفى في حقه الاعتقاد فهو كافر؛ لأنه ذهب ركن الإيمان إلا على هذه جميعا، ومن انتفى في حقه القول فهو كافر، ومن انتفى في حقه جنس العمل فهو كافر، وهذا معنى أهل السنة والجماعة الإيمان قول وعمل واعتقاد."
    7/ وقال في نفس الشريط السابق:
    " الكفر عند أهل السنة والجماعة يكون: بالاعتقاد: إما بخلو القلب مما اعتقده من الإيمان، أو باعتقاد بشيء يناقضه يناقض أصل الإيمان. عمل بخلوه من العمل أصلا لم يعمل خيرا قط، فاته جنس العمل، لم يعمل وإنما اكتفى بالشهادة قولا واعتقادا ولم يعمل جنس العمل، فهذا يسلب عنه أو عمِل عملا مضاد لأصل الإيمان. وكذلك القول: قال، أو ترك القول."
    8/ ومما قاله كذلك في نفس المصدر السابق:
    " الخلاف بيننا وبينة مرجئة الفقهاء حقيقي وليس لفظيا ولا صوريا ولا شكليا. ومن حيث التنظير لا من حيث الواقع الفرق بيننا وبينهم أنه عندهم يُتصور أن يعتقد أحد الاعتقاد الحق الصحيح ويقول كلمة التوحيد ينطق بها ويترك جنس العمل؛ يعني لا يعمل عملا أبدا امتثالا لأمر الشرع، ولا يترك منهيا امتثالا لأمر الشرع، هذا عندهم مسلم مؤمن ولم لم يعمل البتة، وعندنا ليس بمسلم ولا بمؤمن حتى يكون عنده جنس العمل، ومعنى جنس العمل أن يكون ممتثلا لأمر من أوامر الله طاعة لله جل وعلا، منتهيا عن بعض نواهي الله، طاعة لله جل وعلا ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.ثم أهل السنة اختلفوا هل الصلاة مثل غيرها؟ أم أن الصلاة أمرها يختلف، وهي المسألة المعروفة بتكفير تارك الصلاة تهاونا وكسلا، هذه اختلف فيها أهل السنة كما هو معروف، واختلافهم فيها ليس اختلاف في اشتراط العمل. فمن قال يكفر بترك الصلاة تهاونا وكسلا يقول: العمل الذي يجب هنا هو الصلاة؛ لأنه إن ترك الصلاة فإنه لا إيمان له. والآخر من أهل السنة الذين يقولون لا يكفر تارك الصلاة كسلا وتهاونا يقولون لابد من جنس عمل لابد من أن يأتي بالزكاة ممتثلا، بالصيام ممتثلا، بالحج ممتثلا يعني واحد منها، أن يأتي طاعة من الطاعات ممتثلا حتى يكون عنده بعض العمل أصل العمل؛ لأنه لا يسمى إيمان حتى يكون ثم عمل. لأن حقيقة الإيمان راجعة إلى هذه الثلاثة النصوص القول والعمل والاعتقاد، فمن قال حقيقة الإيمان يخرج مها العمل فإنه ترك دلالة النصوص. فإذن الفرق بيننا وبينهم حقيقي وليس شكليا أو صوريا. هل هذا في الواقع مطبّق متصور أم غير متصور؟ هنا هو الذي يشكل على بعض الناس، يرى أنه لا يتصور أن يكون مؤمنا يقول كلمة التوحيد ويعتقد الاعتقاد الحق ولا يعمل خيرا قط يعني لا يأتي امتثالا لأمر الله ولا ينتهي عن محرم امتثالا لأمر الله، يقولون أن هذا غير متصور، ولما كان أنه غير متصور في الواقع عندهم صار الخلاف شكلي، كما ظنوه، لكن هذا ليس بصحيح لأننا ننظر إليها لا من جهة الواقع ننظر إليها من جهة دلالة النصوص فالنصوص دلت على أن العمل أحد أركان الإيمان، فإذا كانت دلت على ذلك فوجب جعله ركنا فمن خالف فيكون مخالفا خلافا أصليا وليس صوريا ولا شكليا خلافا جوهريا، هل يتمثل هذا في الواقع أو لا يتمثل؟ هذه المسألة الله جل وعلا هو الذي يتولى عباده فيها؛ لأنه العباد قد يفوتهم أشياء من حيث معرفة جميع الخلق وأعمال الناس وما أتوه وما تركوه، والله أعلم."
    9/وقال الشيخ في شرح العقيدة الطحاوية شريط رقم 30:
    " قول أهل الحديث والأثر وقول صحابة رسول الله –صلى الله عليه و سلم- وهو أنَّ الإيمان:
    اعتقاد -ومن الاعتقاد التصديق-، وقول باللسان وهو إعلان لا إله إلا الله محمد رسول الله، وعمل بالأركانـ وأنه يزيد وينقص.
    ويعنون بالعمل جنس العمل؛ يعني أنْ يكون عنده جنس طاعة وعمل لله .
    فالعمل عندهم الذي هو ركن الإيمان ليس شيئاً واحداً إذا ذَهَبَ بعضه ذهَبَ جميعه أو إذا وُجِدَ بعضه وُجد جميعه؛ بل هذا العمل مُرَكَّبٌ من أشياء كثيرة، لابد من وجود جنس العمل.
    وهل هذا العمل الصلاة؟ أو هو أيُّ عملٍ من الأعمال الصالحة بامتثال الواجب طاعةً وترك المحرم طاعةً؟
    هذا ثَمَّ خلافٌ بين علماء الملة في المسألة المعروفة بتكفير تارك الصلاة تهاونا أو كسلاً.
    الفرق ما بين مذهب أهل السنة والجماعة وما بين مذهب الخوارج والمعتزلة:
    أنَّ أولئك جعلوا تَرْكَ أي عمل واجب أو فعل أي عمل محرّم فإنه ينتفي عنه اسم الإيمان.
    وأهل السنة قالوا: العمل ركن وجزءٌ من الماهية؛ لكن هذا العمل أبعاض ويتفاوت وأجزاء، إذا فات بعضه أو ذهب جزء منه فإنه لا يذهب كله.
    فيكون المراد من الاشتراط جنس العمل؛ يعني أن يُوجَدَ منه عملٌ صالح ظاهراً بأركانه وجوارحه، يدلُّ على أنَّ تصديقه الباطن وعمل القلب الباطن على أنه استسلم به ظاهراً.
    وهذا مُتَّصِلٌ بمسألة الإيمان والإسلام، فإنه لا يُتَصَوَّرْ وجود إسلام ظاهر بلا إيمان، كما أنه لا يُتَصَوَّرْ وجود إيمان باطن بلا نوع استسلام لله بالانقياد له بنوع طاعةٍ ظاهراً."
    ملاحظة هامة: النقولات السابقة لا يعني عدم الرجوع و الاستفادة من المصادر الأصلية المحال عليها. فتنبه أخي، وبالله التوفيق.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    قال الشيخ صالح ال الشيخ: (كذلك ينبغي أن يُعلم أن قولنا ”العمل داخل في مسمَّى الإيمان وركن فيه لا يقوم الإيمان إلا به.“ نعني به جنس العمل، وليس أفراد العمل، لأن المؤمن قد يترك أعمالا كثيرة صالحة مفروضة عليه ويبقى مؤمنا، لكنه لا يُسمّى مؤمنا ولا يصحّ منه إيمان إذا ترك كل العمل، يعني إذا أتى بالشهادتين وقال أقول ذلك واعتقده بقلبي، وأترك كل الأعمال بعد ذلك أكون مؤمنا، فالجواب أن هذا ليس بمؤمن؛ لأنّه تركٌ مسقطٌ لأصل الإيمان؛ يعني ترك جنس العمل مسقط لأصل الإيمان؛ يعني ترك جنس العمل مسقط للإيمان( )، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة يصحّ إيمانه إلا ولا بد أن يكون معه مع الشهادتين جنس العمل الصالح، يعني جنس الامتثال للأوامر والاجتناب للنواهي)( ).
    إذاً صار معلوماً ما المقصود بجنس العمل يقصد به عمل الجوارح من الطاعات المأمور بها العبد شرعاً.
    ولكن هنا سؤال قد يرد وهو هل يمكن وجود أحد العملين -القلب أو الجوارح- دون الآخر؟!.
    نقول وبالله التوفيق:
    لكي يصح إيمان العبد ويكون من أهل الجنة، لا بد من عمل القلب وعمل الجوارح، أما وجود أحد الأعمال –القلب أو الجوارح- فيمكن وجود عمل الجوارح دون أعمال القلوب كما هو في شأن المنافقين، أما وجود عمل القلب دون عمل الجوارح فهذا ممتنع محال غير متصور ألبته.
    قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم من رمضان ولا يؤدي لله زكاة ولا يحج إلى بيته فهذا ممتنع ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب وزندقة لا مع إيمان صحيح)( ).
    قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: (لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب فصار الإيمان متناولا للملزوم واللازم وإن كان أصله ما في القلب وحيث عطفت عليه الأعمال فإنه أريد أنه لا يكتف بإيمان القلب بل لابد معه من الأعمال الصالحة)( ).
    فمن هنا نعلم أن وجود إيمان في القلب بدون عمل ظاهر محال ممتنع غير متصور، بل لا بد أن يظهر موجب الإيمان في القلب من الأعمال الظاهرة بحسبه.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (والقرآن يبين أن إيمان القلب يستلزم العمل الظاهر بحسبه كقوله تعالى ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين...)( )
    وقال أيضاً: (مَنْ كَانَ مَعَهُ إيمَانٌ حَقِيقِيٌّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَعْمَالِ بِقَدْرِ إيمَانِهِ)( )
    وقال أيضاً: (وحينئذ فإذا كان العبد يفعل بعض المأمورات ويترك بعضها كان معه من الإيمان بحسب ما فعله والإيمان يزيد وينقص ويجتمع في العبد إيمان ونفاق...)( ).
    وقال أيضاً: (والمرجئة الذين قالوا الإيمان تصديق القلب وقول اللسان والأعمال ليست منه كان منهم طائفة من فقهاء الكوفة وعبادها ولم يكن قولهم مثل قول جهم فعرفوا أن الإنسان لا يكون مؤمنا إن لم يتكلم بالإيمان مع قدرته عليه وعرفوا أن إبليس وفرعون وغيرهما كفار مع تصديق قلوبهم لكنهم إذا لم يدخلوا أعمال القلوب في الإيمان لزمهم قول جهم وان أدخلوها في الإيمان لزمهم دخول أعمال الجوارح أيضا فإنها لازمة لها)( ).
    وقال أيضا-رحمه الله-ً:(وفى المسند عن النبي "الإسلام علانية والإيمان في القلب" فلما ذكرها جميعا ذكر أن الإيمان في القلب والإسلام ما يظهر من الأعمال وإذا أُفرد الإيمان أدخل فيه الأعمال الظاهرة لأنها لوازم ما في القلب لأنه متى ثبت الإيمان في القلب والتصديق بما اخبر به الرسول وجب حصول مقتضى ذلك ضرورة فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه فإذا ثبت التصديق في القلب لم يتخلف العمل بمقتضاه ألبتة فلا تستقر معرفة تامة ومحبة صحيحة ولا يكون لها اثر في الظاهر ولهذا ينفى الله الإيمان عمن انتفت عنه لوازمه فإن انتفاء اللازم يقتضى انتفاء الملزوم)( ).
    وقال أيضاً-رحمه الله-: (فالعمل يصدق أن في القلب إيمانا وإذا لم يكن عمل كذب أن في قلبه إيمانا لأن ما في القلب مستلزم للعمل الظاهر وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم)( ).
    وقال أيضاً-رحمه الله-: (والمرجئة أخرجوا العمل الظاهر عن الإيمان فمن قصد منهم إخراج أعمال القلوب أيضا وجعلها هي التصديق فهذا ضلال بين ومن قصد إخراج العمل الظاهر قيل لهم العمل الظاهر لازم للعمل الباطن لا ينفك عنه وانتفاء الظاهر دليل انتفاء الباطن فبقى النزاع في أن العمل الظاهر هل هو جزء من مسمى الإيمان يدل عليه بالتضمن أو لازم لمسمى الإيمان)( ).
    وقال أيضا-رحمه الله-ً: (وقيل لمن قال دخول الأعمال الظاهرة في اسم الإيمان مجاز نزاعك لفظي فإنك إذا سلمت أن هذه لوازم الإيمان الواجب الذي في القلب وموجباته كان عدم اللازم موجبا لعدم الملزوم فيلزم من عدم هذا الظاهر عدم الباطن فإذا اعترفت بهذا كان النزاع لفظيا)
    وقال الشيخ صالح آل الشيخ –-في محاضرة بعنوان (التلازم بين الشريعة والعقيدة) [التلازم بين الشريعة والعقيدة يعني أن الاعتقاد والعمل بينهما تلازم لا ينفك أحدهما عن الآخر، فلا عقيدة صحيحة بدون عمل، كما أنه لا عمل يقبل إلا بعقيدة صحيحة].
    وقال أيضاً:[ فإذن حين نقول: التلازم بين العقيدة والشريعة نعني به الارتباط بين ما يعتقده الإنسان، ما يعتقده المسلم وما بين عمله، ما بين عقيدة الإسلام وما بين شريعة الإسلام، ما بين أركان الإيمان الستة وما بين أركان الإسلام وتفصيلات شعب الإيمان.....إذن فمرادنا بهذه المحاضرة ما ذكرته لك من أنَّ اعتقاد المؤمن وعمله بالشريعة لا انفكاك بينهما].
    وقال أيضاً: [وهذا الأصل العظيم، يجعل أنه في حال أي أحد لا يُتصور أن يكون ذا عقيدة صحيحة وليس له عمل، لا يُتصور أن يكون ذا إيمان صحيح صادق ولا يعمل خيرا البتة مع تمكنه من ذلك].
    وقال أيضا: [...فمن فرق ما بين الإيمان وما بين الحكم بالشريعة فقد فرق بين متلازمين لا انفكاك لأحدهما على الآخر،والواجب علينا أنه في الإيمان لا عقيدة إلا بعمل، ولا عمل إلا بعقيدة، وأن العقيدة والشريعة متلازمان لا انفكاك لأحدهما عن الآخر].
    وقال أيضاً:[ فإذن المسألة واضحة في أن العقيدة والشريعة، الاعتقاد والعمل، هذان أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فإذا وُجدت العقيدة الصحيحة وُجد العمل، وإذا وُجد العمل الصحيح وُجدت العقيدة، فهذا وهذا أمران يدل أحدهما على الآخر.].
    فإذا تبين ذلك فإن وجود إيمان حقيقي في القلب يوجب ظهور ذلك على الجوارح وأن انتفاء عمل الجوارح دليل على انتفاء الايمان.
    و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
    (وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب, وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع,سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان, أو جزء من الإيمان كما تقدم بيانه)( ).
    (فإن الإسلام من جنس الدين والعمل والطاعة والانقياد والخضوع فمن ابتغى غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)( )
    وقال أيضاً: (فَكَذَلِكَ مِنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بَلْ وَلَا أَكْثَرُهُمْ فَهَؤُلَاءِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ تَحَقَّقُوا بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ الَّتِي فَضَّلَ اللَّهُ بِهَا غَيْرَهُمْ وَلَا تَرَكُوا وَاجِبًا عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِهِمْ وَلِهَذَا كَانَ مِنْ الْإِيمَانِ مَا هُوَ مِنْ الْمَوَاهِبِ وَالْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْعِلْمِ، وَالْإِسْلَامُ الظَّاهِرُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ)

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    وقال الشيخ صالح ال الشيخ
    فليُعلم أنّه لا يصح إسلام عبد إلا ببعض إيمان يصحّح إسلامه،
    كما أنَّه لا يصح إيمانه إلا ببعض إسلام يصحح إيمانه،
    فلا يُتصور مسلم ليس بمؤمن البتة،
    ولا مؤمن ليس بمسلم البتة.
    وقول أهل السنة ”إنّ كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا“ لا يعنون به أن المسلم لا يكون معه شيء من الإيمان أصلا، بل لابد أن يكون معه مطلق الإيمان الذي به يصح إسلامه، كما أن المؤمن لابد أن يكون معه مطلق الإسلام الذي به يصح إيمانه
    http://islamport.com/w/amm/Web/1058/3298.htm

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الفرق بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان فالإيمان المطلق يمنع دخول النار ومطلق الإيمان يمنع الخلود فيها]

    جزاكم الله خيرا
    "أما المؤمن
    الإيمان المطلق الذي لا يتقيَّد بمعصية ولا بفسوق وبنحو ذلك، فهو الذي أتى بما يستطيعه من الواجبات مع تركه لجميع المحرمات، فهذا هو الذي يطلق عليه اسم الإيمان من غير تقييد، فهذا هو الفرق بين مطلق الإيمان والإيمان المطلق؛ والثاني هو الذي لا يصر صاحبه على ذنب، والأول هو المصر على بعض الذنوب. وهذا الذي ذكرته هنا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة في الفرق بين الإسلام والإيمان، وهو الفرق بين مطلق الإيمان. والإيمان المطلق
    فمطلق الإيمان هو وصف المسلم الذي معه أصل الإيمان الذي لا يتم إسلامه إلا به، بل لا يصح إلا به؛ فهذا في أدنى مراتب الدين، إذا كان مصرا على ذنب أو تاركا لما وجب عليه مع القدرة عليه.

    فالخلاصة أن مطلق الإيمان يعني أصل الإيمان والإيمان المطلق كمال الإيمان، فالعاصي يعطى مطلق الإيمان ولا يعطى الإيمان المطلق، العاصي يقال مؤمن بتقييد ناقص الإيمان، ولا يعطى الإيمان المطلق فيقال مؤمن بإطلاق فمطلق الإيمان أصل الإيمان، والإيمان المطلق كمال الإيمان.".


    https://dorar.net/aqadia/3367/
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ صالح الفوزان على شرح العقيدة الواسطية ...
    فالإيمانُ المطلَقُ
    هُوَ الإيمانُ الكاملُ.
    ومُطلَقُ الإيمانِ
    هُوَ الإيمانُ النَّاقِصُ.
    حفظ الله الشيخ صالح الفوزان وبارك فيه


    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة



    فالخلاصة أن مطلق الإيمان يعني أصل الإيمان والإيمان المطلق كمال الإيمان، فالعاصي يعطى مطلق الإيمان ولا يعطى الإيمان المطلق،العاصي يقال مؤمن بتقييد ناقص الإيمان، ولا يعطى الإيمان المطلق فيقال مؤمن بإطلاق فمطلق الإيمان أصل الإيمان، والإيمان المطلق كمال الإيمان.".


    نعم بارك الله فيك

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    جزاك الله خيرا شيخ محمد عبد اللطيف على ما تعين به إخوانك من الفوائد
    وتبث من العلم
    فتح الله عليك وزادك توفيقا وتسديدا
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رضا الحملاوي مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا أخى محمد عبد اللطيف على ما تعين به إخوانك من الفوائد
    وتبث من العلم
    فتح الله عليك وزادك توفيقا وتسديدا

    بارك الله فيك أخى الفاضل رضا الحملاوى وجزاك الله خيرا أسأل الله لى ولك ولجميع الاخوة فى هذا المجلس المبارك العلم النافع والعمل الصالح

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    10,732

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أخى الفاضل رضا الحملاوى وجزاك الله خيرا أسأل الله لى ولك ولجميع الاخوة فى هذا المجلس المبارك العلم النافع والعمل الصالح

    آمين آمين أجمعين.
    لا إله إلا الله
    اللهم اغفر لي وارحمني ووالديّ وأهلي والمؤمنين والمؤمنات وآتنا الفردوس الأعلى

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    للرفع
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •