تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    قال الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الواسطية -يقول شيخ الاسلام -(مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ الدِّينَ وَالإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ. وَأَنَّ الإيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ )
    -الشرح---الايمان جَمَعَ ثلاثة أشياء مهمة : القول والاعتقاد والعمل ، وأنه يزيد وينقص .
    في كل واحدة من هذه الثلاث القول والعمل والاعتقاد خالَفَ فيها من خالَفَ .
    فمن الناس ، من الطوائف المنتسبة إلى القبلة :
    * من خالفوا في العمل ، فقالوا (الايمان قول واعتقاد) وهؤلاء الذين يُسَمَّونْ المرجئة ، أرجؤوا العمل عن مسمى الايمان ، فقالوا الايمان قول واعتقاد وأما العمل فليس من مُسَمَّى الايمان وإنما هو لازم له - يعني لابد أنه يعمل لكن لو لم يعمل ما خرج عن اسم الايمان - فجعلوا العمل مرجَأً عن اسم الايمان ، فقالوا الايمان قول واعتقاد فقط وهؤلاء هم مرجئة الفقهاء .
    ومن الطوائف التي تدخل في ذلك الماتوريدية والأشاعرة : هم يقولون إن الايمان قول واعتقاد إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله واعتقد الاعتقاد الصحيح يعني أركان الايمان فإنه مؤمن ولو لم يعمل خيرا قط .
    فقالوا العمل ليس داخلا في المسمى ، هو خارج عنه ، فهذه أول مخالفة .
    هؤلاء يجعلون الكفر هو منافاة القول والاعتقاد ، لا يجعلون الكفر راجعا إلى العمل (يعني نقض الايمان ، نقض ذلك العقد بنقض القول أو بنقض الاعتقاد) .
    فالعمل لمَّا لم يكن من مُسَمَّى الايمان فإنه لا يتصور أن يُنْقَضَ الايمان بعمل ، لم ؟
    لأنه ليس داخلا عندهم في مسماه فليس ركنا من أركانه فلذلك لو تُرِكَ العمل أو جاء بعمل يقضي على أصل الاستسلام فإنه ليس داخلا في نواقض الايمان ولا رافعات الايمان لأنه غير داخل في الايمان أصلا .
    * الطائفة الثانية من المرجئة الذين أرجؤوا الاعتقاد مع العمل جميعا ، قالوا (هو قول فقط) .
    وهؤلاء هم الكَرَّامية (طائفة ذهبت ، وإن كان كثير من أهل العلم لا يطلق عليهم اسم الارجاء لكن في الواقع هم أرجؤوا الاعتقاد والعمل) لم ؟
    قالوا لأن المنافقين اكْتُفِىَ منهم بالقول مع أن اعتقادهم باطل وعمل أولئك باطل وحصل منهم القول فقط وسماهم أو دخلوا في الخطاب ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا? ودخلوا بالخطاب بالإسلام فدل ذلك على أنه يُكتفي في الاسلام والايمان بالقول فقط .
    * ومن المرجئة وهم الغلاة من قالوا : الايمان (اعتقاد فقط) يعني لا قول ولا عمل ، لا القول يُحتاج إليه ولا العمل يُحتاج إليه ، وإنما هو اعتقاد فقط ، اعتقاد الجَنان ، وهؤلاء هم الجهمية ومن وافقهم
    وهؤلاء انقسموا : هل الاعتقاد يكون معرفة فقط ؟ أو اعتقاد بعقد القلب على صحة ذلك الشيء؟
    * فغلاة الجهمية يقولون بالمعرفة فقط ويتبعهم في ذلك غلاة الصوفية ، يقولون يصح الايمان أو يبقى اسم الايمان بالمعرفة ، فيُطْلَقُ على من عرف أنه مؤمن ، فإبليس على لازم كلامهم مؤمن ، وفرعون على لازم كلامهم مؤمن لأنه أتى بالمعرفة .

    * والذين قالوا إن الايمان هو الاعتقاد لا يُكتفي بالمعرفة فقط ، قالوا إن إبليس عنده معرفة ولم يسمى مؤمنا وفرعون عنده معرفة ولم يسمى مؤمنا فلهذا لا يصح إطلاق المعرفة فقط بل فلا بد من الاعتقاد ، أما القول والعمل فإنهما لازمان للاعتقاد ، فإنه إذا اعتقد اعتقادا جازما فلا بد له أن يقول ولابد له أن يعمل ، فصار القول عندهم والعمل من لوازم الاعتقاد الصحيح ، كما أن المرجئة - يعني مرجئة الفقهاء - قالوا إن العمل من اللوازم ، هؤلاء قالوا حتى القول أيضا من اللوازم لا يدخل في أصل الكلمة ، واستدلوا على ذلك على بأن أصل الايمان في اللغة هو التصديق الجازم ، وقالوا في الشرع لم يُنقَل إلى شيء آخر بل هو التصديق الجازم الذي هو الاعتقاد .
    فهؤلاء جميعا خالفوا أهل السنة في هذه المسائل .
    من المسائل المتصلة بالايمان أيضا أن الخلاف في الايمان مع المرجئة خلاف جوهري وليس خلافا صُوْرِياً .
    ونقول ذلك لأن صاحب الطحاوية والشارح ابن أبي العز رحمهما الله جل وعلا قالوا إن العمل من لوازم الايمان وليس بداخل في أصله ، هذا قاله الطحاوي ، وشارح الطحاوية قال : إن الخلاف مع الذين يجعلون العمل من الايمان خلاف شكلي ، وليس خلافا حقيقيا ، خلاف صوري .
    والجواب عن هذا :
    * أن الخلاف حقيقي ، وذلك أن الأدلة دلت على أن العمل جزء من الايمان ، على أن العمل ركن من أركان الإيمان ، فإذا أَخرَجَ أحد هذا الركن عن حقيقة الايمان صار مخالفا في فهم الدليل ، وإذا خالف في فهم الدليل وترك فهم أهل السنة والجماعة للدليل فإنه خالف أهل السنة والجماعة في حقيقة تعريف الايمان .
    * الثاني : أنه لو تُصُوِّرَ أن أحدا أتى بالقول والاعتقاد ولم يعمل شيئا البتة ، لا صلاة ولا زكاة ، لم يعمل خيرا البتة فهل هذا ينجو أم لا ينجو ؟
    عندهم ينجو لأنه مؤمن ، وعند أهل السنة والجماعة هو كافر مخلد في النار .

    * الثالث : أن نفي دخول العمل في مسمى الايمان قد يلزم منه أن لا يُجْعَل الخروج من الايمان بعمل ، وأهل السنة أخرجوا من الايمان بعمل ، بل إن الحنفية الذين قالوا إن الايمان قول واعتقاد ولم يجعلوا العمل من مسميات الايمان كفَّروا وأخرجوا من الايمان بأشياء يسيرة من العمل :
    فجعلوا من قال مسيجد ومصيحف ونحو ذلك ، جعلوا هذا كفرا - هذا من جهة الأقوال - وجعلوا من عمل عملا كُفريا مثل إلقاء المصحف في قاذورة أو السجود لصنم ، جعلوه أيضاً كفرا ، مخرجا من الملة ، الجهة عندهم انهم كفَّروه بالعمل لمناقضته لأصل الاعتقاد .
    نقول قد يلزم من جعل عدم العمل من الايمان ، من جعل عدم العمل والخلاف فيه صوريا مع أهل السنة قد يلزم منه الخلاف في التكفير ، وهذا قد حصل فعلا .
    ولهذا نقول إن الخلاف الذي ذكره صاحب شرح الطحاوية من انه صوري وليس بحقيقي أن هذا ليس صوابا بل الصواب أن الخلاف حقيقي ولهذا صنف أهل السنة كتب الايمان وجعلوا فيها الأدلة على أن العمل من الايمان .
    من أصول أهل الإرجاء أنهم يقولون لا يضر مع الايمان ذنب كما أنه لا تنفع مع الكفر طاعة .
    لا يضر مع الإيمان ذنب يعني أن الإيمان شيء واحد يستوي فيه الناس جميعا فايمان أبي بكر وعمر وآحاد المؤمنين واحد ، كله واحد لأنه هو التصديق الجازم .
    والتصديق الجازم اعتقاد وهذا لا يقبل المفاضلة ، فالتفاضل جاء بالعمل ، والعمل خارج عن مسمى الايمان عندهم فلهذا قالوا لا يضر مع الايمان ذنب .
    فإذا وجدت الذنوب فإن أصل الايمان لا يتغير لأنه عندهم قول واعتقاد .
    وهذا يدل على أن الخلاف معهم خلاف حقيقي وليس صوريا ، لأن من لوازم إخراج العمل عن مسمى الايمان أن يُجْعَلَ الذنب غير مؤثر في الايمان .
    [شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح ال الشيخ]


  2. #2

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال الشيخ صالح ال الشيخ فى شرح الواسطية -يقول شيخ الاسلام -(مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّ الدِّينَ وَالإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ قَوْلٌ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالْجَوَارِحِ. وَأَنَّ الإيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ )
    -الشرح---الايمان جَمَعَ ثلاثة أشياء مهمة : القول والاعتقاد والعمل ، وأنه يزيد وينقص .
    في كل واحدة من هذه الثلاث القول والعمل والاعتقاد خالَفَ فيها من خالَفَ .
    فمن الناس ، من الطوائف المنتسبة إلى القبلة :
    * من خالفوا في العمل ، فقالوا (الايمان قول واعتقاد) وهؤلاء الذين يُسَمَّونْ المرجئة ، أرجؤوا العمل عن مسمى الايمان ، فقالوا الايمان قول واعتقاد وأما العمل فليس من مُسَمَّى الايمان وإنما هو لازم له - يعني لابد أنه يعمل لكن لو لم يعمل ما خرج عن اسم الايمان - فجعلوا العمل مرجَأً عن اسم الايمان ، فقالوا الايمان قول واعتقاد فقط وهؤلاء هم مرجئة الفقهاء .
    ومن الطوائف التي تدخل في ذلك الماتوريدية والأشاعرة : هم يقولون إن الايمان قول واعتقاد إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله واعتقد الاعتقاد الصحيح يعني أركان الايمان فإنه مؤمن ولو لم يعمل خيرا قط .
    فقالوا العمل ليس داخلا في المسمى ، هو خارج عنه ، فهذه أول مخالفة .
    هؤلاء يجعلون الكفر هو منافاة القول والاعتقاد ، لا يجعلون الكفر راجعا إلى العمل (يعني نقض الايمان ، نقض ذلك العقد بنقض القول أو بنقض الاعتقاد) .
    فالعمل لمَّا لم يكن من مُسَمَّى الايمان فإنه لا يتصور أن يُنْقَضَ الايمان بعمل ، لم ؟
    لأنه ليس داخلا عندهم في مسماه فليس ركنا من أركانه فلذلك لو تُرِكَ العمل أو جاء بعمل يقضي على أصل الاستسلام فإنه ليس داخلا في نواقض الايمان ولا رافعات الايمان لأنه غير داخل في الايمان أصلا .
    * الطائفة الثانية من المرجئة الذين أرجؤوا الاعتقاد مع العمل جميعا ، قالوا (هو قول فقط) .
    وهؤلاء هم الكَرَّامية (طائفة ذهبت ، وإن كان كثير من أهل العلم لا يطلق عليهم اسم الارجاء لكن في الواقع هم أرجؤوا الاعتقاد والعمل) لم ؟
    قالوا لأن المنافقين اكْتُفِىَ منهم بالقول مع أن اعتقادهم باطل وعمل أولئك باطل وحصل منهم القول فقط وسماهم أو دخلوا في الخطاب ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا? ودخلوا بالخطاب بالإسلام فدل ذلك على أنه يُكتفي في الاسلام والايمان بالقول فقط .
    * ومن المرجئة وهم الغلاة من قالوا : الايمان (اعتقاد فقط) يعني لا قول ولا عمل ، لا القول يُحتاج إليه ولا العمل يُحتاج إليه ، وإنما هو اعتقاد فقط ، اعتقاد الجَنان ، وهؤلاء هم الجهمية ومن وافقهم
    وهؤلاء انقسموا : هل الاعتقاد يكون معرفة فقط ؟ أو اعتقاد بعقد القلب على صحة ذلك الشيء؟
    * فغلاة الجهمية يقولون بالمعرفة فقط ويتبعهم في ذلك غلاة الصوفية ، يقولون يصح الايمان أو يبقى اسم الايمان بالمعرفة ، فيُطْلَقُ على من عرف أنه مؤمن ، فإبليس على لازم كلامهم مؤمن ، وفرعون على لازم كلامهم مؤمن لأنه أتى بالمعرفة .

    * والذين قالوا إن الايمان هو الاعتقاد لا يُكتفي بالمعرفة فقط ، قالوا إن إبليس عنده معرفة ولم يسمى مؤمنا وفرعون عنده معرفة ولم يسمى مؤمنا فلهذا لا يصح إطلاق المعرفة فقط بل فلا بد من الاعتقاد ، أما القول والعمل فإنهما لازمان للاعتقاد ، فإنه إذا اعتقد اعتقادا جازما فلا بد له أن يقول ولابد له أن يعمل ، فصار القول عندهم والعمل من لوازم الاعتقاد الصحيح ، كما أن المرجئة - يعني مرجئة الفقهاء - قالوا إن العمل من اللوازم ، هؤلاء قالوا حتى القول أيضا من اللوازم لا يدخل في أصل الكلمة ، واستدلوا على ذلك على بأن أصل الايمان في اللغة هو التصديق الجازم ، وقالوا في الشرع لم يُنقَل إلى شيء آخر بل هو التصديق الجازم الذي هو الاعتقاد .
    فهؤلاء جميعا خالفوا أهل السنة في هذه المسائل .
    من المسائل المتصلة بالايمان أيضا أن الخلاف في الايمان مع المرجئة خلاف جوهري وليس خلافا صُوْرِياً .
    ونقول ذلك لأن صاحب الطحاوية والشارح ابن أبي العز رحمهما الله جل وعلا قالوا إن العمل من لوازم الايمان وليس بداخل في أصله ، هذا قاله الطحاوي ، وشارح الطحاوية قال : إن الخلاف مع الذين يجعلون العمل من الايمان خلاف شكلي ، وليس خلافا حقيقيا ، خلاف صوري .
    والجواب عن هذا :
    * أن الخلاف حقيقي ، وذلك أن الأدلة دلت على أن العمل جزء من الايمان ، على أن العمل ركن من أركان الإيمان ، فإذا أَخرَجَ أحد هذا الركن عن حقيقة الايمان صار مخالفا في فهم الدليل ، وإذا خالف في فهم الدليل وترك فهم أهل السنة والجماعة للدليل فإنه خالف أهل السنة والجماعة في حقيقة تعريف الايمان .
    * الثاني : أنه لو تُصُوِّرَ أن أحدا أتى بالقول والاعتقاد ولم يعمل شيئا البتة ، لا صلاة ولا زكاة ، لم يعمل خيرا البتة فهل هذا ينجو أم لا ينجو ؟
    عندهم ينجو لأنه مؤمن ، وعند أهل السنة والجماعة هو كافر مخلد في النار .

    * الثالث : أن نفي دخول العمل في مسمى الايمان قد يلزم منه أن لا يُجْعَل الخروج من الايمان بعمل ، وأهل السنة أخرجوا من الايمان بعمل ، بل إن الحنفية الذين قالوا إن الايمان قول واعتقاد ولم يجعلوا العمل من مسميات الايمان كفَّروا وأخرجوا من الايمان بأشياء يسيرة من العمل :
    فجعلوا من قال مسيجد ومصيحف ونحو ذلك ، جعلوا هذا كفرا - هذا من جهة الأقوال - وجعلوا من عمل عملا كُفريا مثل إلقاء المصحف في قاذورة أو السجود لصنم ، جعلوه أيضاً كفرا ، مخرجا من الملة ، الجهة عندهم انهم كفَّروه بالعمل لمناقضته لأصل الاعتقاد .
    نقول قد يلزم من جعل عدم العمل من الايمان ، من جعل عدم العمل والخلاف فيه صوريا مع أهل السنة قد يلزم منه الخلاف في التكفير ، وهذا قد حصل فعلا .
    ولهذا نقول إن الخلاف الذي ذكره صاحب شرح الطحاوية من انه صوري وليس بحقيقي أن هذا ليس صوابا بل الصواب أن الخلاف حقيقي ولهذا صنف أهل السنة كتب الايمان وجعلوا فيها الأدلة على أن العمل من الايمان .
    من أصول أهل الإرجاء أنهم يقولون لا يضر مع الايمان ذنب كما أنه لا تنفع مع الكفر طاعة .
    لا يضر مع الإيمان ذنب يعني أن الإيمان شيء واحد يستوي فيه الناس جميعا فايمان أبي بكر وعمر وآحاد المؤمنين واحد ، كله واحد لأنه هو التصديق الجازم .
    والتصديق الجازم اعتقاد وهذا لا يقبل المفاضلة ، فالتفاضل جاء بالعمل ، والعمل خارج عن مسمى الايمان عندهم فلهذا قالوا لا يضر مع الايمان ذنب .
    فإذا وجدت الذنوب فإن أصل الايمان لا يتغير لأنه عندهم قول واعتقاد .
    وهذا يدل على أن الخلاف معهم خلاف حقيقي وليس صوريا ، لأن من لوازم إخراج العمل عن مسمى الايمان أن يُجْعَلَ الذنب غير مؤثر في الايمان .
    [شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح ال الشيخ]

    قال د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين الأستاذ بكلية المعلمين بالرياض(بحثه في الكفر الأكفر:ص؟؟):"النو ع السادس : كفر الإعراض : ورد ذكر الإعراض في كتاب الله تعالى في آيات كثيرة ، وأصل الإعراض هو : التولي عن الشيء ، والصدود عنه ، وعدم المبالاة به . والإعراض عن دين الله تعالى قسمان : القسم الأول : إعراض مكفر : وهو أن يترك المرء دين الله ويتولى عنه بقلبه ولسانه وجوارحه ، أو يتركه بجوارحه مع تصديقه بقلبه ونطقه بالشهادتين .
    وهذا القسم له ثلاث صور ، هي :
    1- الإعراض عن الاستماع لأوامر الله عز وجل ، كحال الكفار الذين هم باقون على أديانهم المحرفة أو الذين لا دين لهم ، ولم يبحثوا عن الدين الحق مع قيام الحجة عليهم ، فهم أعرضوا عن تعلم ومعرفة أصل الدين الذي يكون به المرء مسلماً ، فهم يمكنهم معرفة الدين الحق والسير عليه ، ولكنهم لم يلتفتوا إلى ذلك ، ولم يرفعوا به رأساً .
    2- الإعراض عن الانقياد لدين الله الحق وعن أوامر الله تعالى بعد استماعها ومعرفتها ، وذلك بعدم قبولها فيترك ما هو شرط في صحة الإيمان ، وهذا كحال الكفار الذين دعاهم الأنبياء وغيرهم من الدعاة إلى الدين الحق ، أو عرفوا الحق بأنفسهم ، فلم يسلموا ، وبقوا على كفرهم ، قال الله تعالى : ]والذين كفروا عما أنذروا معرضون[ [الأحقاف :3] .
    3- الإعراض عن العمل بجميع أحكام الإسلام وفرائضه بعد إقراره بقلبه بأركان الإيمان ونطقه بالشهادتين .

    فمن ترك جنس العمل بأحكام الإسلام ، فلم يفعل شيئاً من الواجبات ، لا صلاة ولا صياماً ولا زكاةً ولا حجاً ولا غيرها ، فهو كافر كفراً أكبر([44]) بإجماع السلف([45])، لقوله تعالى : ]قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين[ [آل عمران :32] ([46])، ولقوله تعالى : ]ومن أظلم ممن ذُكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنّا من المجرمين منتقمون[ [السجدة :22] ، ولآيات أخرى كثيرة تدل على كفر عموم المعرضين ، ولأن تركه لجميع الأعمال الظاهرة دليل على خلو باطنه من الإيمان والتصديق الجازم([47]) .
    القسم الثاني : الإعراض غير المكفر : وهو أن يترك المسلم بعض الواجبات الشرعية غير الصلاة([48]) ، ويؤدي بعضها
    (1) زيادة بقلم الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله
    (2) قال الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله هنا:"أي هناك فرقٌ بين الكفر المعرف باللام ، والكفر المنكّر".
    (3) في الأصل (ليس ركناً من أركان الإيمان) فعدلها الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله كما ترى.
    (4) زيادة بقلم الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله"أ.هـ. ومراد الشيخ أن الشرط خارج عن ماهية الشيء والعمل جزء من الإيمان لا خارج عنه ، ومن أطلق من علمائنا أنه شرط صحة فمراده أنه لا يصح الإيمان إلا به كما وقع في بعض كلام سماحة الشيخ ابن باز تنزلاً مع السؤال حين قال مرة : إنه شرط صحة ، لكن قال مرة عند التحقيق :" لا ، هو جزء ، ما هو بشرط ، هو جزء من الإيمان" كما سيأتي في فتاواه.
    (5) زيادة توضيحية بقلم الشيخ صالح حفظه الله.
    (6) علق العلامة صالح الفوزان حفظه الله قائلاً:"أي القول بأن العمل شرط كمال في الإيمان هو قول المرجئة".
    (7) زيادة توضيحية بقلم الشيخ صالح حفظه الله.
    (8) علق الشيخ العلامة صالح الفوزان قائلاً :"لكن جنس العمل هو من حقيقة الإيمان ، وليس شرطاً فقط".

    وهذا ماخوذ من الكتاب : أقوال ذوي العرفان في أن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان للدكتور عصام السيناني وهو من اروع الكتب التي قراتها في مسائل الايمان

  3. #3

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    وهذا ماهو مذكور في الكتاب اقوال ذوي العرفان وكان المؤلف يضرب امثلة بترك الصلاة من اجل توضيح في مسائل الايمان:

    لم يتعرض شيخ الإسلام لذهاب الإيمان من عدمه وإنما قال (الفتاوى:7/637) عنه :"فمن سواء أجزائه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل ، ومنه ما نقص الكمال وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات ، ومنه ما نقص ركنه هو ترك الاعتقاد والقول : الذي يزعم المرجئه والجهمية أنه مسمى فقط ، وبهذا تزول شبهة الفرق. وأصله في القلب وكماله العمل الظاهر ، بخلاف الإسلام ؛ فإن أصله الظاهر وكماله القلب"أ.هـ. قلت : مراد السائل التلبيس بأن شيخ الإسلام يرى أن الركن الذي يذهب الدين بتركه هو القول والاعتقاد دون العمل ، وهذه كرة خاسرة لأن رأي شيخ الإسلام الواضح المعلوم هو تكفير تارك عمل الجوارح وتصريحه باستحالة وجود إيمان في القلب مع عدم العمل الظاهر. ومشكلة هؤلاء ظنهم أن الكمال في كلام الشيخ هنا ما لا يكفر بتركه ، وآخر عبارة الشيخ تنقض هذا الفهم عند قوله عن الإسلام "فإن أصله الظاهر وكماله القلب" إذ لازم ذلك أن يحكم بالإسلام لمجرد العمل الظاهر ولو تخلف عمل القلب الذي هو كمال ، وهذا هو النفاق بعينه. وإنما ذكرت هذا التعليق لأن شيخنا العلامة صالح الفوزان حفظه الله كتب عند نقل السائل قول شيخ الإسلام:"يحتاج إلى توثيقه من كتب شيخ الإسلام" ، ثم عرضته عليه حفظه الله فأقره.

    الشيخ رحمه الله أنكر إطلاق لفظ "جنس العمل" سياسة لإبعاد الشباب عن الجدل الواقع بينهم وحصر الكفر بترك الصلاة ـ كما سيأتي في كلامه ـ ولكن نتج من اجتهاد الشيخ هذا لازم فاسد حين توصل هؤلاء لإلزام تارك مقولة السلف بكفر تارك العمل بلازم كلامه حيث قالوا : "إذا حصرتم الكفر بترك الصلاة دون جنس العمل ، وعلم أن من السلف من لا يكفر تارك الصلاة فيكون تارك عمل الجوارح عنده كذلك غير كافر ، فصح أن مسألة كفر تارك عمل الجوارح مسألة خلافية عند السلف" ، وهذا لا يقوله الشيخ ، فحينما أوردوا نحو هذا الإلزام على الشيخ ــ كما سيأتي ــ أنكره وغضب حتى قال:"الكفر ليس راجعاً إلى قواعد يقعدها الناس على ما يريدون ، هو مبني على الكتاب والسنة" ، وكان سماحة الشيخ ابن باز أصرح في دفع هذه الشبهة حينما سئل في الفتوى الثالثة الآنفة وقيل له : من لم يكفر تارك الصلاة من السلف ، أيكون العمل عنده شرط كمال ؟ أم شرط صحة ؟ فقال :"لا ، بل العمل عند الجميع شرط صحة ، إلا أنهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه". قلت : ولذا كان الشافعي يرى عدم تكفير تارك الصلاة مع حكايته على أنه لا يجزئ إيمان بلا عمل ، فهو إذن مع عدم تكفيره لتارك الصلاة يكفر تارك العمل كله. ومع ذلك فقد أقر ذكر "جنس العمل" من العلماء غير شيخنا محمد ؛ فشيخ الإسلام ابن تيمية ناشر مذهب السلف يصرح بذلك فيقول(الفتاوى:7/616):"وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان أو جزءاً من الإيمان كما تقدم بيانه) ، ويقول(الفتاوى:7/198) :" لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح). وكذلك سماحة الشيخ ابن باز يقرر في الفتوى الثالثة الآنفة وهو يذكر اختلاف السلف فيما يصح به الإيمان من العمل فيقول:"إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً". ويُقر كفرَ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    -الايمان جَمَعَ ثلاثة أشياء مهمة : القول والاعتقاد والعمل ،.
    في كل واحدة من هذه الثلاث القول والعمل والاعتقاد خالَفَ فيها من خالَفَ .
    نعم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2021
    المشاركات
    17

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    نعم
    اخي محمد عبد اللطيف انا توسع في شرح الايمان ونقيضه والكفر وانواعه كمعنى كفر الامتناع وكفر الجهل وكفر الاعراض..
    فهل تنصح بكتاب معين لضابط هذه المسائل؟ مثال من كتب الشيخ صالح ال الشيخ بماذا تنصح في هذه المسائل؟
    نفع الله بكم

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن حاج زيد مشاهدة المشاركة
    اخي محمد عبد اللطيف انا توسع في شرح الايمان ونقيضه والكفر وانواعه كمعنى كفر الامتناع وكفر الجهل وكفر الاعراض..
    فهل تنصح بكتاب معين لضابط هذه المسائل؟ مثال من كتب الشيخ صالح ال الشيخ بماذا تنصح في هذه المسائل؟
    نفع الله بكم
    هذا تجده فى شروح كتب العقيدة يخصِّصون بعض الابواب لمسائل الايمان والكفر-وهذه الكتب كشرح الطحاوية والواسطية-وغيرها من الكتب التى تشرح مسائل الايمان والكفر عند اهل السنة وعلى رأسها كتب شيخ الاسلام ابن تيمية ككتاب الايمان والايمان الاوسط- وممن شرح هذه الكتب وخاصة الطحاوية والواسطية الشيخ صالح ال الشيخ والشيخ الفوزان
    والشيخ ابن عثيمين والشيخ عبد العزير الراجحى والامام ابن باز والشيخ الامام محمد ابن ابراهيم وغيرهم من علماء الدعوة
    ويوجد رسائل ماجستير مهمه فى هذا الباب ككتاب نواقض الايمان القوليه والعملية
    وصفحة الشيخ الغليفى تهتم بشرح هذه المسائل-رابط الصفحة -https://www.facebook.com/algolaufe/p...41261522661901

    -

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    في شرح الايمان ونقيضه والكفر وانواعه
    بعض المواضيع التى تناقس بعض مسائل الايمان والكفر
    هل هناك تعريف للكفر جامع لأقسامه وأنواعه؟

    -للإيمان أصل، لا يصح الإسلام والإيمان إلا به

    -


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى(20/86): (الكفر: عدم الإيمان -باتفاق المسلمين- سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئاً ولم يتكلم"
    ويقول رحمه الله: (إنما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم) درء تعارض العقل والنقل: 1/242
    ويقول رحمه الله: (فتكذيب الرسول كفر، وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة أهل العلم) منهاج السنة: 5/251
    ويقول رحمه الله في مجموع الفتاوى (7/533) (والكفر تارة يكون بالنظر إلى عدم تصديق الرسول والإيمان به، وتارة بالنظر إلى عدم الإقرار بما أخبر به، ثم مجرد تصديقه في الخبر، والعلم بثبوت ما أخبر به، إذا لم يكن معه طاعة لأمره، لا باطناً ولا ظاهراً، ولا محبة لله ولا تعظيماً له، لم يكن ذلك إيماناً) انتهى بتصرف يسير

    الإيمان والكفر متقابلان إذا زال احدهما خلفه الآخر ، ولا يجتمع أصل الإيمان وأصل الكفر قط ،
    كما لا يرتفع أصل الإيمان واصل الكفر قط كما قال سبحانه :
    "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن " فهما لا يجتمعان ولا يرتفعان في آن واحد ، ولكن قد تجتمع شعبة من شعب الكفر مع أصل الإيمان إذ أن الكفر أصل ذو شعب ، كما قد تجتمع شعبة من شعب الإيمان مع أصل الكفر فالإيمان أيضا أصل ذو شعب ... وهذا من أعظم أصول أهل السنة والجماعة ...
    وعندما نتكلم عن الإيمان الذي يقابله الكفر فإننا لا نتكلم عن الإيمان الكامل أو الواجب ، بل نتكلم عن أصله وحقيقته وهو توحيد الله سبحانه وتعالى ...
    هذه الحقيقة التي خلق الله الخلق لأجلها وفطرهم عليها وأرسل إليهم رسله وانزل كتبه ليعبد الله وحده لا شريك له، و يعبد بما شرع على ألسنة رسله صلوات الله وسلامه عليهم ....
    قال سبحانه :" وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون"
    وقال سبحانه:" ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت"
    والكفر في اللغة هو الستر والتغطية
    - وفي الاصطلاح فهو : " ضد الإيمان"
    وكما مر فى كلام شيخ الاسلام
    ( والكفر عدم الإيمان باتفاق المسلمين سواء " اعتقد نقيضه وتكلم به" أو " لم يعتقد شيئا ولم يتكلم" ولا فرق في ذلك
    ومعنى قوله رحمه الله أن الكفر عدم الإيمان ،أن من لم يأت بالإيمان فقد كفر...
    وهو على ضربين :-
    - ضرب لم يأت به ولم يحققه وهذا هو الكافر الأصلي ..
    - وضرب أتى بالإيمان ثم ارتكب بعد ذلك بما ينقضه من المكفرات القولية أو العملية ..
    فكل من لم يأت بالإيمان أو يحققه سواء من لم يأت به أصلا أو أتى به ثم نقضه فقد لابس الكفر قطعا .. وسواء كان كفره أصليا أو طارئا....
    قال ابن القيم رحمه الله : ( والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ، والإيمان بالله وبرسوله وإتباعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم ، وإن لم يكن كافراً معانداً فهو كافر جاهل ..)
    فما لم يأت العبد بالإيمان فليس بمسلم سواء اعتقد نقيضه وتكلم به" أو " لم يعتقد شيئا ولم يتكلم" ولا فرق في ذلك...

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    الاسلام ضده الشرك والايمان ضده الكفر
    قال الحافظ ابن القيم – رحمه الله -: (الإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك، والإيمان بالله ورسوله وأتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بهذا، فليس بمسلم،
    وقال ابن القيم رحمه الله: «في الرد على الإمام ابن عبد البر في إنكار: أحاديث الامتحان لأهل الفترات مستشهدًا بقوله: «ولا يخلو من مات في الفترة من أن يكون كافرًا أو غير كافر ..
    جوابه من وجوه: أحدها أن يقال: هؤلاء لا يحكم لهم بكفر ولا إيمان فإن الكفر هو: جحود ما جاء به الرسول، فشرط تحققه بلوغ الرسالة؛ والإيمان هو: تصديق الرسول فيما أخبر، وطاعته فيما أمر وهذا أيضًا مشروط ببلوغ الرسالة، ولا يلزم من انتفاء أحدهما وجود الآخر إلا بعد قيام سببه.
    فلما لم يكن هؤلاء في الدنيا كفارًا ولا مؤمنين، كان لهم في الآخرة حكم آخر غير حكم الفريقين.
    *********
    -لا يوجد كفر إلا وله ظاهر وباطن
    الكفر الظاهر، الذي هو: قول اللسان، وعمل الجوارح. لا بد وأن يرتبط به كفر الباطن: قول القلب، وعمل القلب. بالمقابلة والعكس -وكذلك كفر الباطن مع الظاهر.
    الكفر القلبي؛ قولا وعملا، في أصله وذاته محله الباطن.
    والكفر الظاهر القولي والعملي لهما ارتباط بالباطن أثرا وتبعا
    فالظاهر: إما أن يكون مبينا لما فى الباطن، لا يعرف الباطن الا بهذا العمل الظاهر.
    -أو يكون محدثا متسببا لكفر طارئ على الباطن، لم يكن موجودا قبل ذلك
    أما تصور كفر ظاهر مجرد عن الباطن، فباطل، ومحال الا لمانع الاكراه كما اوضحنا سابقا-او لضعف التلازم --والتلازم ليس مرتبة واحدة، بل هو مراتب، وهي نفس مسألة زيادة الإيمان ونقصانه، فلكما قوي الإيمان قوي التلازم بينهما، وكلما ضعيف الإيمان نقض التلازم، فإذا ذهب الإيمان ذهب التلازم، وهكذا جميع شعب الإيمان.-

    وهنا يقال: إذا كان الكفر الظاهر له أساس من الباطن، والباطن له لازم ظاهر، فلم هما نوعان،
    فيقال: الفرق من من جهة الأصل، والفرع
    فأما من جهة الأصل:
    فالكفر الاعتقادي ( الباطن) معناه: الكفر الذي أصله ومحله القلب، فهو خفي في أصله، ثم قد يظهر على الجوارح بحسب القدرة، فيكون جليا ، وقد لا يظهر لمانع من خوف ونحوه، فيكون حينئذ خفيا، لا يعرفه إلا المطلع على السرائر.
    وأما الكفر العملي ( الظاهر) فمعناه: الكفر الذي أصله ومحله العمل الظاهر اللسان او الجوارح، فهو جلي في أصله، ثم إنه يكشف عما في القلب من كفر
    فالكفر الاعتقادي (الباطن) لا سبيل إلى معرفته، إلا بقول أو فعل، ومن ثم فلا سبيل للمؤاخذة به، ، ولا عقوبة،فى الدنيا
    والكفر العملي ( الظاهر) فسبيل معرفته حاصل بما يظهر، ومن ثم السبيل للمؤاخذة به حاصل، فى الدنيا -الا مع وجود مانع من العقوبة
    من هنا تظهر مسألة المؤاخذه بالعقوبة على الكفر الظاهر والباطن-
    منها ما يتعلق باحكام الدنيا فهى جارية على ظاهر الامر من حيث المكلف وفعله للكفر -بمعنى ان فعله للكفر لا يغفر الا بالتوبة وتصحيح التوحيد ظاهرا وباطنا
    وان هذا الكافر تجرى عليه الاحكام الدنيوية - من حيث هو مكلف لان الشرك علم بطلانه بالفطرة فلا حجة له فى احكام الدنيا الا من جهة العقوبة واقامة الحدود واستحلال الدم فقط هذا يكون بقيام الحجة الرسالية ومخالفتها
    امااحكام الاخرة احكام الثواب والعقاب فهذه متعلقة بالحجة الرسالية فنفرق بالنسبة للمكلفين بين احكام الدنيا والحجة فيها العقل والفطرة على بطلان الشرك---وبين ما الحجة فيها الرسول ويكون الشخص فيها له احكام اهل الفطرة كما قال ابن القيم هنا - انه فى تلك الحال ليس بمكلف- يقصد رحمه الله فى احكام الاخرة او ما يتعلق بالعقوبة-- اما احكام الدنيا فى جارية على ظاهر الامر لان الحجة فى بطلان الشرك العقل والفطرة --وهذا هو الفارق بين اهل السنة -والاشاعرة -والمعتزلة
    ********
    قال بن القيم في الفوائد ص 117
    ( الايمان له ظاهر وباطن، وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته فلا ينفع ظاهر لا باطن له وان حقن به الدماء وعصم به المال والذرية .
    ولا يجزىء باطن لا ظاهر له الا اذا تعذر بعجز أو إكراه وخوف هلاك فتخلف العمل ظاهرا مع عدم المانع دليل علي فساد الباطن وخلوه من الايمان.
    ونقصه دليل نقصه.
    وقوته دليل قوته. فالإيمان قلب الإسلام ولبه ، واليقين قلب الإيمان ولبه. وكل علم وعمل لا يزيد الإيمان واليقين قوة فمدخول وكل إيمان لا يبعث على العمل فمدخول)

    وقال أيضا :
    الفوائد :
    (فكل إسلام ظاهر لا ينفذ صاحبه منه إلى حقيقة الإيمان الباطنة فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الإيمان الباطن. وكل حقيقة باطنة لا يقوم صاحبها بشرائع الإسلام الظاهرة لا تنفع ولو كانت ما كانت ، فلو تمزق القلب بالمحبة والخوف ولم يتعبد بالأمر وظاهر الشرع لم ينجه ذلك من النار كما أنه لو قام بظواهر الإسلام وليس في باطنه حقيقة الإيمان لم ينجه من النار ) . انتهى.
    وربما تسرع متسرع فقال : لم يقل إنه كافر ، وإنما قال : لم ينجه من النار .
    فنقول :حسبك أنه جعله ، كمن قام بظواهر الإسلام وليس في باطنه حقيقة الإيمان . وكلاهما في النار" إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار".

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قد ينفى الايمان المتعلق بالوصف والفعل لأن الايمان اعتقاد وقول وعمل
    والكفر كذلك اعتقاد وقول وعمل
    فاذا خلا القلب من التوحيد فانه يخلفه فى الباطن ضده
    أما الايمان المتعلق بالرسالة-متعلقه-طاعة الرسول-والتصديق بالرسالة-والمتابعة-وغير ذلك من متعلقات الرسالة- والكفر الشرعى يكون بضد ذلك من التكذيب والعصيان والجحود والاعراض والعناد-ومن هذا يعلم ان اسم الايمان والكفر ينفى ويثبت بحسب الاحكام المتعلقة - فقد ينفى الكفر لعدم بلوغ الرسالة -ويثبت فى نفس الوقت الوصف والفعل لتلبسه به وخلوه من الايمان لان الايمان يخلفه ضده
    فاذا فهمت المتقابلات زال الاشكال قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
    أن الاسم الواحد ينفي ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به، فلا يجب إذا أثبت أو نفى في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام...


  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: من اصول اهل السنة أن الايمان قول وعمل واعتقاد وهذه الثلاث خالف فيها من خالف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فاذا خلا القلب من التوحيد فانه يخلفه فى الباطن ضده
    وقد رد الامام ابن القيم على من قال ان الفطرة خلو القلب من الايمان والكفر وهو متعلق بهذه المسألة
    قال الامام ابن القيم فى كتابه احكام اهل الذمة


    وقالت طائفة أخرى: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر الفطرة ههنا كفرا ولا إيمانا ولا معرفة ولا إنكارا وإنما أراد أن كل مولود يولد على السلامة خلقة وطبعا وبنية وليس معه كفر ولا إيمان ولا معرفة ولا إنكار ثم يعتقد الكفر أو الإيمان بعد البلوغ.
    واحتجوا بقوله في الحديث: "كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء" يعني سالمة "هل تحسون فيها من جدعاء" يعني مقطوعة الأذن فمثل قلوب بني آدم بالبهائم لأنها تولد كاملة الخلق لا يتبين فيها نقصان ثم تقطع آذانها بعد وأنوفها فيقال: هذه بحائر وهذه سوائب يقول فكذلك قلوب الأطفال في حين ولادتهم ليس لهم كفر حينئذ ولا إيمان ولا معرفة ولا إنكار كالبهائم السالمة فلما بلغوا استهوتهم الشياطين فكفروا أكثرهم وعصم الله أقلهم.
    قالوا: ولو كان الأطفال قد فطروا على شيء من الكفر أو الإيمان في أولية أمرهم ما انتقلوا عنه أبدا وقد نجدهم يؤمنون ثم يكفرون ويكفرون ثم يؤمنون.
    قالوا: ويستحيل أن يكون الطفل في حال ولادته يعقل كفرا أو إيمانا لأن الله أخرجه في حال ما يفقه فيها شيئا قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} فمن لم يعلم شيئا استحال منه كفر أو إيمان أو معرفة أو إنكار.
    قال أبو عمر: هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة التي يولد الولدان عليها وذلك أن الفطرة السلامة والاستقامة بدليل قوله في حديث عياض بن حمار: "إني خلقت عبادي حنفاء" يعني على استقامة وسلامة وكأنه والله أعلم أراد الذين خلصوا من الآفات كلها والمعاصي والطاعات فلا طاعة منهم ولا معصية إذ
    لم يعملوا بواحدة منهما .
    ومن الحجة أيضا في هذا قول الله تعالى: {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} و{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} ومن لم يبلغ وقت العمل لم يرثهن بشيء قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}
    قال شيخ الإسلام: هذا القائل إن أراد بهذا أنهم خلقوا خالين من المعرفة والإنكار من غير أن تكون الفطرة تقتضي واحدا منهما بل يكون القلب كاللوح الذي يقبل


    كتابة الإيمان وكتابة الكفر وليس هو لأحدهما أقبل منه للآخر وهذا هو الذي يشعر به ظاهر الكلام فهذا قول فاسد لأنه حينئذ لا فرق بالنسبة إلى الفطرة بين المعرفة والإنكار والتهويد والتنصير والإسلام وإنما ذلك بحسب الأسباب فكان ينبغي أن يقال: فأبواه يجعلانه مسلما ويهودانه وينصرانه ويمجسانه فلما ذكر أن أبويه يكفرانه دون الإسلام علم أن حكمه في حصول ذلك بسبب منفصل غير حكم الكفر. وأيضا فإنه على هذا التقدير لا يكون في القلب سلامة ولا عطب ولا استقامة ولا زيغ إذ نسبته إلى كل منهما نسبة واحدة وليس هو بأحدهما أولى منه بالآخر كما أن الورق قبل الكتابة لا يثبت له حكم مدح ولا حكم ذم والتراب قبل أن يبني مسجدا أو كنيسة لا يثبت له حكم واحد منهما. وبالجملة فكل ما كان قابلا للممدوح والمذموم على السواء لم يستحق مدحا ولا ذما والله تعالى يقول: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}. فأمره بلزوم فطرته التي فطر الناس عليها فكيف لا تكون ممدوحة؟ وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم شبهها بالبهيمة المجتمعة الخلق وشبه ما يطرأعليها من الكفر بجدع الأنف والأذن ومعلوم أن كمال الخلقة ممدوح ونقصها مذموم فكيف تكون قبل النقص لا ممدوحة ولا مذمومة؟

    وإن كان المراد بهذا القول ما قالته طائفة من الناس إن المعنى أنهم ولدوا على الفطرة السليمة التي لو تركت على صحتها لاختارت المعرفة على الإنكار والإيمان على الكفر ولكن بما عرض لها من الفساد خرجت عن هذه الصحة فهذا القول قد يقال: إنه لا يرد عليه ما يرد على الذي قبله فإن صاحبه يقول في الفطرة قوة تميل بها إلى المعرفة والإيمان كما في البدن الصحيح قوة يحب بها الأغذية النافعة وبهذا كانت محمودة وذم من أفسدها.
    لكن يقال: فهذه الفطرة التي فيها هذه القوة والقبول والاستعداد والصلاحية هل هي كافية في حصول المعرفة أو تقف المعرفة على أدلة تتعلمها من خارج فإن كانت المعرفة تقف على أدلة تتعلمها من خارج.
    فإن كانت المعرفة تقف على أدلة تتعلمها من خارج أمكن أن توجد تارة وتعدم اخرى


    . ثم ذلك السبب الخارج امتنع أن يكون موجبا للمعرفة بنفسه بل غايته أن يكون معرفا ومذكرا فعند ذلك إن وجب حصول المعرفة كانت المعرفة واجبة الحصول عند وجود تلك الأسباب وإلا فلا وحينئذ فلا يكون فيها إلا قبول المعرفة والإيمان إذا وجدت من يعلمها أسباب ذلك وأسباب ضده من التهويد والتنصير والتمجيس.
    وحينئذ فلا فرق فيها بين الإيمان والكفر والمعرفة والإنكار إنما فيها قوة قابلة لكل منهما واستعداد له لكن يتوقف على المؤثر الفاعل من خارج.
    وهذا هو القسم الأول الذي أبطلناه وبينا أنه ليس في ذلك مدح للفطرة.
    فإن كان فيها قوة تقتضي المعرفة بنفسها وإن لم يوجد من يعلمها أدلة المعرفة لزم حصول المعرفة فيها بدون ما تعرفه من أدلة المعرفة سواء قيل إن المعرفة ضرورية فيها أو تحصل بأسباب كالأدلة التي تنتظم في النفس من غير أن تسمع كلام مستدل فإن النفس بفطرتها قد يقوم بها من النظر والاستدلال ما لا يحتاج معه إلى كلام أحد فإن كان كل مولود يولد على هذه الفطرة لزم أن يكون المقتضي للمعرفة حاصلا لكل مولود وهو المطلوب. والمقتضي التام يستلزم مقتضاه.
    فتبين أن أحد الأمرين لازم: إما كون الفطرة مستلزمة للمعرفة وإما استواء الكفر والإيمان بالنسبة إليها، وذلك بنفي مدحها.
    وتلخيص النكتة أن يقال: المعرفة والإيمان بالنسبة إليها أمر ممكن بلا ريب، فإما أن تكون هي موجبة مستلزمة له، وإما أن تكون ممكنة إليه ليست بواجبة لازمة له. فإن كان الثاني لم يكن فرق بين الكفر والإيمان إذ كلاهما ممكن بالنسبة إليها فتبين أن المعرفة لازمة لها واجبة إلا أن يعارضها معارض.
    فإن قيل: ليست موجبة مستلزمة للمعرفة ولكنها إليها أميل مع قبولها للنكرة.
    قيل: فحينئذ إذا لم تستلزم المعرفة وجدت تارة وعدمت أخرى وهي وحدها لا تحصلها فلا تحصل إلا بشخص آخر كالأبوين فيكون الإسلام في ذلك كالتهويد والتنصير والتمجيس.
    ومعلوم أن هذه الأنواع بعضها أبعد عن الفطرة من بعض لكن مع ذلك لما لم تكن الفطرة مقتضية لشيء منها أضيفت إلى السبب فإن لم تكن الفطرة مقتضية
    للإسلام
    صارت نسبتها إلى ذلك كنسبة التهويد والتنصير إلى التمجيس فوجب أن يذكر كما ذكر ذلك وهذا كما لو كانت لم تقتض الأجل إلا بسبب منفصل والنبي صلى الله عليه وسلم شبه اللبن بالفطرة لما عرض عليه اللبن والخمر واختار اللبن فقال له جبريل :أصبت الفطرة ولو أخذت الخمر لغوت أمتك.
    والطفل مفطور على أنه يختار شرب اللبن بنفسه فإذا تمكن من الثدي لزم أن يرتضع لا محالة فارتضاعه ضروري إذ لم يوجد معارض وهو مولود على أن يرتضع فكذلك هو مولود على أن يعرف الله والمعرفة ضرورية لا محالة إذا لم يوجد معارض.
    وأيضا فإن حب النفس لله وخضوعها لله تعالى وإخلاص الدين له والكفر والشرك والنفور والإعراض عنه إما أن تكون نسبتهما إلى لفطرة سواء أو الفطرة مقتضية للأول دون الثاني فإن كانا سواء لزم انتفاء المدح ولم يكن فرق بين اقتضائها للكفر واقتضائها للإيمان ويكون تمجيسها كتحنيفها وهذا باطل قطعا.
    وإن كان فيها مقتض للأول دون الثاني فإما أن يكون المقتضي مستلزما لمقتضاه عند عدم المعارض وإما أن يكون متوقفا على شخص خارج عنها فإن كان الأول ثبت أن ذلك من لوازمها وأنها مفطورة عليه لا يفقد إلا إذا أفسدت الفطرة.
    وإن قيل: نه متوقف على شخص فذلك الشخص هو الذي يجعلها حنيفية كما يجعلها مجوسية وحينئذ فلا فرق بين هذا وهذا.
    وإذا قيل: "هي إلى الحنيفية أميل" كان كما يقال: هي إلى النصرانية أميل. فتبين أن فيها قوة موجبة لحب الله والذل له وإخلاص الدين له وأنها موجبة لمقتضاها إذا سلمت من المعارض كما أن فيها قوة تقتضي شرب اللبن الذي فطرت على محبته وطلبه.
    ومما يبين هذا أن كل حركة إرادية فإن الموجب لها قوة في المريد فإذا أمكن الإنسان أن يحب الله ويعبده ويخلص له الدين كان فيه قوة تقتضي ذلك إذ الأفعال الإرادية لا يكون سببها إلا من نفس الحي المريد الفاعل ولا يشترط في إرادته إلا مجرد الشعور بالمراد فما في النفوس من قوة المحبة لله إذا شعرت به يقتضي حبه إذا لم يحصل معارض وهذا موجود في محبة الأطعمة والأشربة والنكاح ومحبة العلم وغير ذلك. وإذا
    كان كذلك
    وقد ثبت في النفس قوة المحبة لله والذل له وإخلاص الدين له وأن فيها قوة الشعور به لزم قطعا وجود المحبة فيها والذل في الفعل لوجود المقتضي الموجب إذا سلم عن المعارض وعلم أن المعرفة والمحبة لا يشترط فيهما وجود شخص منفصل وإن كان وجوده قد يذكر ويحرك كما إذا خوطب الجائع بوصف الطعام والمغتلم بوصف النساء فإن هذا مما يذكر ويحرك لكن لا يشترط ذلك لوجود الشهوة فكذلك الأسباب الخارجة لا يتوقف عليها وجود ما في الفطرة من الشعور بالخالق والذل له ومحبته وإن كان ذلك مذكرا ومحركا ومزيلا للمعارض المانع .
    وأيضا فالإقرار بالصانع بدون عبادته والمحبة له وإخلاص الدين له لا يكون نافعا بل الإقرار مع البغض أعظم استحقاقا للعذاب فلا بد أن يكون في الفطرة مقتض للعلم ومقتض للمحبة والمحبة مشروطة بالعلم فإن ما لا يشعر به الإنسان لا يحبه ومحبة الأشياء المحبوبة لا تكون بسبب من خارج بل هو أمر جبلي فطري وإذا كانت المحبة فطرية فالشعور فطري ولو لم تكن المحبة فطرية لكانت النفس قابلة لها ولضدها على السواء وهذا ممتنع فعلم أن الحنيفية من موجبات الفطرة ومقتضياتها والحب لله والخضوع له والإخلاص هو أصل الأعمال الحنيفية وذلك مستلزم للإقرار والمعرفة ولازم اللازم لازم وملزوم الملزوم ملزوم فعلم أن الفطرة ملزومة لهذه الأحوال وهذه الأحوال لازمة لها وهو المطلوب .




الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •