زوجة مثالية
هند محمد

قالت وفي عينيها حزن وانكسار: لم أعد أعرف ماذا يرضي الرجال؟! كنت خير مثال للزوجة المثالية: أطيع زوجي وأوافقه دائماً ، لا أعصي له أمراً، ولا أخالف له رأياً، أتنازل عن راحتي من أجله، وأقدم رغباته على رغباتي، أتكلم بلسانه وأردد أفكاره ، وأترك له زمام القيادة والمبادرة ؛ فهو الذي يقرر كل صغيرة وكبيرة في حياتنا ، حتى ملابسي من اختياره، وما عليّ سوى التنفيذ والمتابعة، وكم كانت الصدمة مفاجئة وقاسية بالنسبة لي عندما ثار عليّ ؛ ففي أثناء مناقشة عادية كان يحاول استشارتي في مشكلة تؤرقه ويستعرض عدة حلول أمامي ، وكلما شعرت بميله وترجيحه لأحد تلك الحلول وافقته ، فإذا به يثور عليّ ويتهمني بالسلبية وضعف الشخصية ، وأنني لا يمكن استشارتي أو الاعتماد علي في أمر من الأمور. فهل هذا جزاء طاعتي العمياء وإخلاصي له؟!
قلت لها:
لتكن طاعتك مبصرة وليست عمياء ؛ فطاعة الزوج ليس معناها إلغاء شخصية الزوجة ، وتحولها إلى تابع لا يملك من أمر نفسه شيئاً ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) والمعروف هو كل أمر فيه خير في الدنيا والآخرة.
فإذا رأت الزوجة رأياً يحقق الخير بصورة أفضل فعليها أن تعرضه على زوجها وتناقشه فيه
؛ فللزوجة أن تدلي برأيها وأن تحقق شخصيتها في إطار الزوجية على أن تسلم بأن القرار الأخير هو من حق الزوج ؛ فالسفينة يجب أن يكون لها قائد واحد حتى تسلم من الأنواء وتسير آمنة في طريقها!!
لا تتخيلي أن الرجل قادر على كل شيء
، بل هو بشر تعتريه بعض لحظات الضعف والخوف والقلق، وأشد ما يحتاجه في تلك اللحظات أن يجد عندك صدراً حنوناً وعقلاً واعياً ورأياً سديداً يعينه على استعادة تماسكه وصلابته في مواجهة الأحداث !!
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير زوجاته ويستمع إليهن ، وربما أخذ بالرأي إذا وجده سديداً، كما حدث مع أم سلمة – رضي الله عنها- في صلح الحديبية.

إن الزوج لا يرى في زوجته مع طول العشرة سوى شخصيتها وأخلاقها وروحها فلا يجذبه سوى الجمال الداخلي النابع من أعماق نفسها، ولا يفتنه سوى مزيج من ابتسامة ووجه صبوح ، وتصرف سمح ، وصدر رحب ، ونفس تعمل بإخلاص على مساعدته ومساندته قدر طاقتها ؛ فلا تركني إلى السلبية والتواكل حتى لا تشعري زوجك أنك مجرد عبء من الأعباء التي تثقل كاهله، بل كوني له صديقة مؤازرة في جميع مواقف الحياة وشدائدها، فشخصية الزوجة الناجحة هي التي تتمتع بمقومات القدرة على الفهم والتجارب والمشاركة مع احتفاظها في الوقت نفسه بخصائصها الأنثوية الأصيلة.

والزوجة المثالية هي التي تجيد فن التوافق الزوجي
، وتوازن بين طاعة الزوج واحترامه، وبين تعبيرها عن شخصيتها السوية الناجحة، وتسعى دائماً لأن يظل بينهما الوئام والمحبة والتفاهم الذي يدفع جميع أفراد الأسرة للنجاح ويحقق لهم السعادة.