تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 42

الموضوع: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    أخى محمد .. فلنمسك عن الجدال فى هذه المسألة ( سواء كنا على صواب أم على خطأ ) .. وأقول لكم :
    حين نزلت الرسالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بماذا أمر الله نبيه فى بلاغ الكفار والمشركين أو فى بلاغ اليهود والنصارى :
    .........

    قال له سبحانه :
    { قُلْ : إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار }
    ........
    أمره الله أن يحثهم على النظر
    والتأمل فى الخلق والتفكر والتدبر فى الكون ..
    { قُلِ : انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } . { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }
    ......

    أمره الله أن يرواْ آيات الله ومعجزاته فى حياتهم . وأن يروا بديع صنع الله وصنعته ..
    { قُلْ : أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ }

    { قُلْ : أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }
    ......

    أمره الله أن يبيّن لهم بأنْ لو كان هناك إله غير الله أو آلهة من دون الله لتعددت الإرادات ولاختلفت المشيئات ولذهب
    كل إله بما خلق وعلا عمن سواه ..
    فلايستقيم هذا الكون ولاتستقيم هذه الحياة ..
    { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا }

    { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }
    ........

    أمره الله أن يخبرهم بأنْ لو كان لله ولد لكان له من أول العابدين .. وأنْ لو أراد الله أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه فهو الإله ..
    { قُلْ : إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }
    { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }

    .......
    هذا هو الإيمان بالله والإيقان بوحدانيته ..
    ......

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    علو الرب تبارك وتعالى وفوقيته

    هذه الصفة من أظهر الصفات التي جاءت بها النصوص مستفيضة متواترة من الكتاب والسنة، كما دلت عليها العقول والفطر السليمة، وقد أجمع على إثباتها سلف الأمة وأئمتها من الصحابة, والتابعين, وتابعيهم، وسطر أئمة السلف – في كتبهم وردودهم على الجهمية المعطلة – ما فيه بيان الحق من الضلال في هذا الباب, والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
    وليس العجب في أن يوجد من ينكر هذه الصفة من الجهمية أو المعتزلة أو غيرها ممن عرفوا بالزيغ والإلحاد في أسماء الله وصفاته وآياته، ولكن العجب أن يقلدهم في ذلك جماعات من العلماء الفضلاء، الذين يعتبرون من أئمة الفقهاء, والعلماء, والقضاة. ولو كانت أدلة العلو دليلين أو ثلاثة أو خمسة أو لو كان القائل به عدداً محدوداً من علماء السلف، لكان لهؤلاء بعض العذر في موقفهم مما قد يقال فيه: إن الأمر التبس عليهم. أما أن تكون أدلة العلو بهذه الكثرة والوضوح والقطعية في الثبوت والدلالة، وأن تتوافق الأدلة النقلية – التي زادت على ألف دليل – مع أدلة العقل والفطرة، ثم بعد ذلك يأتي إجماع السلف على إثباتها، ويوافقهم على ذلك أئمة أهل الكلام المتقدمين من الكلابية والأشعرية وغيرهم – فهذا ما لا يجد له المسلم المنصف أي تفسير أو تبرير إلا أن باعثه التقليد والتعصب لشيوخهم النفاة.
    وقد أولى شيخ الإسلام ابن تيمية هذه المسألة اهتماماً كبيراً، وأطال النفس جدًّا في بيان أدلتها والردِّ على نفاتها ومناقشتهم، ولا يكاد يخلو كتاب من كتبه العقدية من عرض لها إثباتاً أو ردًّا على الخصوم فيها. وقد وصل إلينا – والحمد لله – قسط كبير منها، بلغ مئات الصفحات، خاصة في كتابين من أهم كتبه، وهما:
    1- (درء تعارض العقل والنقل)، حيث أفرد لمسألة العلو الجزء السادس بأكمله وجزءًا من الجزء السابع (1) .
    2- (نقض تأسيس الجهمية)، والذي يسمى أحياناً نقض أساس التقديس، أو بيان تلبيس الجهمية، وقد شمل البحث في العلو جزءًا من الجزء الأول المطبوع، والجزء الثاني – المطبوع أيضا – بكامله.
    إضافة إلى مواضع أخرى عديدة في (منهاج السنة)، و(مجموع الفتاوى) وغيرها.
    .....ويمكن الإشارة بإجمال إلى منهجه في معالجة هذه المسألة، وذلك من خلال الأمور التالية:
    أولا: الأقوال في العلو:
    يطلق كثير من أهل الكلام على مسألة العلو والفوقية: الجهة، حتى صارت شبه علم عليها، مع أن "العلو" و"الفوقية" مصطلح شرعي وردت به النصوص، و"الجهة" اصطلاح حادث، ولفظ مجمل، قد يراد بنفيه أو إثباته ما هو حق وما هو باطل.
    أما الأقوال في "العلو" فذات شقين:
    أ- الأقوال في علو الرب تبارك وتعالى وفوقيته، وبينونته عن خلقه.
    ب- الأقوال في ما يعتبره أهل الكلام من لوازم القول بالعلو مثل "الجهة" "والتحيز" و"الجسم" ونحوه.
    أما الأول: فقد وقع الخلاف فيه بين الطوائف على أقوال:
    1- قول من ينكر العلو مطلقاً، ويقول: ليس فوق العالم شيء أصلاً ولا فوق العرش شيء، وهذا قول الجهمية, والمعتزلة, وطوائف من متأخري الأشعرية، والفلاسفة النفاة، والقرامطة الباطنية وغيرهم.
    وهؤلاء قسمان:
    قسم يقول: ليس داخل العالم ولا خارجاً عنه، ولا حالًّا فيه, وليس في مكان من الأمكنة. فهؤلاء ينفون عنه الوصفين المتقابلين. وهذا قول طوائف من متكلميهم ونظارهم.
    وقسم منهم يقول: إنه في كل مكان بذاته، كما يقول ذلك طوائف من عبادهم ومتكلميهم، وصوفيتهم وعامتهم (2) .
    "وكثير منهم يجمع بين القولين: ففي حال نظره وبحثه يقول بسلب الوصفين المتقابلين فيقول: لا هو داخل العالم ولا خارجه، وفي حال تعبده وتألهه يقول بأنه في كل مكان، ولا يخلو منه شيء حتى يصرحون بالحلول في كل موجود – من البهائم وغيرها – بل بالاتحاد بكل شيء، بل يقولون بالوحدة التي معناها أنه عين وجود الموجودات"، ثم يعلل شيخ الإسلام سبب هذا التناقض فيقول: "وسبب ذلك أن الدعاء, والعبادة, والقصد, والإرادة, والتوجه يطلب موجوداً، بخلاف النظر, والبحث, والكلام؛ فإن العلم, والكلام, والبحث, والقياس, والنظر, يتعلق بالموجود, والمعدوم، فإذا لم يكن القلب في عبادة, وتوجه, ودعاء, سهل عليه النفي والسلب، وأعرض عن الإثبات، بخلاف ما إذا كان في حال الدعاء والعبادة, فإنه يطلب موجوداً يقصده، ويسأله ويعبده، والسلب لا يقتضي إلا النفي والعدم، فلا ينفي في السلب ما يكون مقصوداً معبوداً" (3) .
    وهذا تحليل دقيق جدًّا، غاص شيخ الإسلام من خلاله في ثنايا النفس البشرية وطبيعتها، وهو يفسر ما يلاحظه المطلع والباحث في كتب العقائد الكلامية من وجود أنواع من التناقض عند كثير من هؤلاء المتكلمين والفلاسفة، ومن أمثلة ذلك:
    أ- جمعهم بين علم الكلام الفلسفي، والتصوف.
    ب- تعويلهم على العقل في كثير من مباحث أصول الدين، حتى أنهم يقدمونه على النصوص، ثم في الوقت نفسه يعولون على الكشوفات, والمشاهدات الصوفية عندهم, أو عند أشياخهم.
    ج- وفي العلو قد يقولون لا داخل العالم ولا خارجه، ثم يقولون هو في كل مكان.
    د- وفي توحيد الربوبية قد يبالغ في إثباته إلى حدِّ نفي كثير من الصفات الثابتة لله لأجل تحقيقه كما يزعم، ثم هو يناقض هذا التوحيد حين يرد في خاطره أو يعتقد أن النجوم أو القبور أو غيرها لها تأثير في الضر, والنفع, والرزق, وغيرها.
    وإنما طال القول في بيان مذهب هؤلاء لدخول كثير من متأخري الأشعرية النفاة فيهم. فهذان قولان، قد يجمع بينهم بعضهم.
    2- قول من يقول: "هو فوق العرش، وهو في كل مكان ويقول: أنا أقر بهذه النصوص وهذه، لا أصرف واحداً منها عن ظاهره, وهذا قول طوائف ذكرهم الأشعري في المقالات الإسلامية (4) ، وهو موجود في كلام طائفة من السالمية والصوفية، ويشبه هذا ما في كلام أبي طالب المكي..." (5) ، وهؤلاء غالطون وإن زعموا أنهم يجمعوا بين نصوص العلو والمعية.
    3- قول سلف الأمة وأئمتها، أئمة أهل العلم والدين، وهؤلاء آمنوا بجميع ما جاء في الكتاب والسنة، وأثبتوا علو الله تعالى وفوقيته، وأنه تعالى فوق سماواته على عرشه، بائن من خلقه، وهم بائنون منه، وهو أيضاً مع العباد بعلمه، ومع أوليائه وأنبيائه بالنصر والتأييد.
    والخلاصة أن الأقوال في مباينة الله لخلقه أربعة:
    1- منهم من يقول بالحلول والاتحاد فقط، كقول ابن عربي وأمثاله.
    2- ومنهم من يثبت العلو نوعاً من الحلول وهو الذي يضاف إلى السالمية أو بعضهم، وفي كلام أبي طالب وغيره ما قد يقال إنه يدل على ذلك.
    3- ومنهم من لا يثبت لا مباينة, ولا حلولاً, ولا اتحاداً، كقول المعتزلة ومن وافقهم من الأشعرية وغيرهم.
    4- والقول الرابع إثبات مباينة (الخالق) للمخلوق بلا حلول، وهذا قول سلف الأمة وأئمتها..." (6) .
    ويمكن أن يضاف إلى ذلك قولان آخران:
    أحدهما: قول من يجمع بين قول الصوفية الحلولية، وقول المعتزلة بأنه لا داخل العالم ولا خارجه – كما سبق -.
    والثاني: قول من يتوقف في هذا الأمر، فلا يقول بإثبات علوه على العرش ولا نفيه، بل يقول إن الله تعالى واحد في ملكه, وهو رب كل شيء, ويسكت عما سوى ذلك. وقد ردَّ شيخ الإسلام على هؤلاء (7) .
    وأما الثاني – وهو في إطلاق الجهة والتحيز، والجسم – ففيه أقوال:
    1- قول من يقول: "لا أقول إنه متحيز ولا غير متحيز، ولا في جهة, ولا في غير جهة، بل أعلم أنه مباين للعالم, وأنه يمتنع أن يكون لا مبايناً ولا مداخلاً" (8) ، وهذا قول كثير من أهل الكلام والحديث.
    2- "قول من يقول: بل أقول: إنه ليس بمتحيز ولا في جهة، وأقول مع ذلك: إنه مباين للعالم. وهذا قول من يقول: إنه فوق العالم, وليس بجسم, ولا جوهر, ولا متحيز، كما يقول ذلك من يقوله من الكلابية, والأشعرية, والكرامية, ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة, وأهل الحديث والصوفية.
    فإذا قيل لهؤلاء: إثبات مباين ليس بمتحيز مخالف لضرورة العقل قالوا: إثبات موجود, لا محايث, ولا مباين أظهر فساداً في ضرورة العقل من هذا..." (9) .
    3- "قول من يلتزم أنه متحيز، أو في جهة، أو أنه جسم، ويقول: لا دلالة على نفي شيء من ذلك، وأدلة النفاة لذلك أدلة فاسدة، فإنهم متفقون على أن نفي ذلك ليس معلوماً بالضرورة، وإنما يدعون النظر، ونفاة ذلك لم يتفقوا على دليل واحد، بل كل واحد منهم يطعن في دليل الآخر..." (10) ، وهذا قول الكرامية وبعض أهل الحديث ومن وافقهم.
    4- "جواب أهل الاستفصال: وهم الذين يقولون: لفظ "التحيز" و"الجهة" و"الجوهر" ونحو ذلك، ألفاظ مجملة، ليس لها أصل في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، ولا قالها أحد من سلف الأمة وأئمتها في حق الله تعالى، لا نفياً ولا إثباتاً، وحينئذ فإطلاق القول بنفيها أو إثباتها ليس من مذهب أهل السنة والجماعة بلا ريب، ولا عليه دليل شرعي، بل الإطلاق من الطرفين مما ابتدعه أهل الكلام الخائضون في ذلك. فإذا تكلمنا معهم بالبحث العقلي استفصلناهم عما أرادوه بهذه الألفاظ..." (11) فإن كان حقًّا قبل – ولا يمنع من قبوله تسميته بهذه المصطلحات الحادثة – وإن كان باطلاً رُدَّ.
    ومن خلال ما سبق من عرض الخلاف حول المسألتين يتبين مذهب الأشاعرة، القدماء منهم والمتأخرين، كما يتبين مذهب السلف رحمهم الله تعالى.
    ثانيا: أدلة أهل السنة على إثبات العلو:
    إثبات علو الله تعالى معلوم بالاضطرار من الكتاب, والسنة, وإجماع سلف الأمة، ولهذا كان السلف مطبقين على تكفير من أنكر ذلك, لأنه عندهم معلوم بالاضطرار من الدين (12) .
    وسياق الأدلة مما يصعب حصره، وقد ذكر شيخ الإسلام أنها تبلغ مئين، وأن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم, والصحابة, والتابعين متواترة موافقة لذلك (13) .
    ونقل شيخ الإسلام عن بعض أكابر أصحاب الشافعي أنه قال: "في القرآن ألف دليل أو أزيد تدل على أن الله تعالى عالٍ على الخلق، وأنه فوق عباده، وقال غيره: فيه ثلاثمائة دليل تدل على ذلك..." (14) .
    وقد ذكر ابن القيم في (نونيته) أكثر من عشرين نوعاً من الأدلة، وكل نوع تحته عدد من الأدلة (15) ، كما ذكر في الصواعق ثلاثين دليلاً من أدلة العقل والفطرة (16) – وهي كلها ملخصة مما ذكره شيخه في مناقشاته.
    وخلاصة هذه الأدلة:
    أ- أما أدلة الكتاب والسنة، فمنها نصوص: الاستواء: والنزول، والرؤية (17) ، وصعود الأعمال إليه، وعروج الملائكة إليه، وأنه في السماء، ونزول القرآن، وتنزل الملائكة، والمعراج، والسؤال عنه بالأين، والتصريح بالفوق، وغيرها كثير جداً.
    ب- أما أدلة العقل والفطرة، فقد ذكر شيخ الإسلام الخلاف في العلو هل يعلم بالعقل أو بالسمع، وذكر أن قول الجماهير أنه يعلم بالعقل وبالسمع. وهذا قول الكلابية وطريقة أكثر أهل الحديث. وممن قال إنه يعلم بالسمع أبو الحسن الأشعري وبعض أصحابه، ولكن هؤلاء يثبتون العلو بالسمع, ويبطلون أدلة نفاته.
    يقول شيخ الإسلام: "والعقل دلَّ على أن الله تعالى فوق العالم، وهذه طريقة حذاق أهل النظر من أهل الإثبات، كما هو طريق السلف والأئمة، يجعلون العلو من الصفات المعلومة بالعقل، وهذه طريقة أبي محمد بن كلاب وأتباعه، كأبي العباس القلانسي، والحارث المحاسبي، وأشباههما من أئمة الأشعرية، وهي طريقة محمد بن كرام وأتباعه، وطريقة أكثر أهل الحديث والفقه والتصوف، وإليها رجع القاضي أبو يعلى، وأمثاله.
    ولكن طائفة من الصفاتية من أصحاب الأشعري ومن وافقهم من أصحاب أحمد وغيرهم، يظنون أن العلو من الصفات الخبرية كالوجه واليدين ونحو ذلك، وأنهم إذا أثبتوا ذلك أثبتوه لمجيء السمع به فقط، ولهذا كان من هؤلاء من ينفي ذلك ويتأول نصوصه، أو يعرض عنها، كما يفعل ذلك في نصوص الوجه واليد.
    ومن سلك هذه الطريقة فإنه يبطل الأدلة التي يقال: إنها نافية لهذه الصفة، كما يبطل ما به ينفون صفة الاستواء والوجه واليد، ويبين أنه لا محذور في إثباتها، كما يقول مثل ذلك في الاستواء والوجه واليد، ونحو ذلك من الصفات الخبرية. وهؤلاء كلامهم أمتن من كلام نفاة الصفات الخبرية نقلاً وعقلاً..." (18) .
    ولاشك أن الراجح أن العلو معلوم بدليل العقل والفطرة، وقد قرر ذلك شيخ الإسلام بطرق منها: (19)
    1- أن هذا أمر مستقر في فطر بني آدم، معلوم لهم بالضرورة.
    2- أن قصدهم لربهم عند الحاجات التي لا يقضيها إلا هو، وذلك في دعاء العبادة, ودعاء المسألة – إنما يكون إلى جهة العلو، فهو كما أنهم مضطرون إلى دعائه ومسألته, هم مضطرون إلى أن يوجهوا قلوبهم إلى العلو إليه، لا يتوجهون إلى غيره من الجهات.
    3- وهذا أيضاً متفق عليه بين العقلاء السليمي الفطرة، وكل منهم يخبر عن فطرته من غير مواطأة من بعضهم البعض، ويمتنع في مثل هؤلاء أن يتفقوا على تعمد الكذب عادة.
    4- ومنها الطرق النظرية مثل قولهم: كل موجودين فإما أن يكون أحدهما مبايناً للآخر, أو مداخلاً له، وإذا ثبت أنه ليس مداخلاً له, فلابد أن يكون مبايناً له، وهكذا.
    5- ومنها أنه إذا ثبت أن العالم كرة، وأن الله لابد أن يكون مبايناً لخلقه، والعلو المطلق فوق الكرة، فيلزم أن يكون في العلو (20) .
    وكثيرا ما يربط شيخ الإسلام مناقشاته بأمور عملية واقعية، ولذلك فهو يورد قصة أبي المعالي الجويني مع أبي جعفر الهمذاني لما اعترض عليه وهو يقرر نفي العلو، فقال له الهمذاني: دعنا مما تقول، ما هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، ما قال عارف قط يا الله إلا وجد من قلبه معنى يطلب العلو، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة من قلوبنا. فصرخ أبو المعالي، ووضع يده على رأسه وقال: حيرني الهمذاني، أو كما قال، ونزل (21) .
    ومن عجيب ما جرى لشيخ الإسلام ابن تيمية نفسه مع هؤلاء النفاة ما حكاه بقوله: ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم، وهو يطلب مني حاجة، وأنا أخاطبه في هذا المذهب كأني غير منكر له، وأخرت قضاء حاجاته حتى ضاق صدره، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: يالله، فقلت له: أنت محق، لمن ترفع طرفك؟ وهل فوق عندك أحد؟ فقال: أستغفر الله، ورجع عن ذلك لما تبين له أن اعتقاده يخالف فطرته، ثم بينت له فساد هذا القول، فتاب من ذلك، ورجع إلى قول المسلمين المستقر في فطرهم" (22) .
    أما أقوال السلف في هذا الباب فكثيرة جدًّا، وسترد الإشارة إليها عند الردِّ على زعم الرازي أنه لم يقل بالجهة سوى الحنابلة والكرامية.
    ثالثاً: حجج النفاة واعتراضاتهم، والردُّ عليها:
    ليس النفاة العلو دليل نقلي واحد على ما يدعونه، سوى أثر مكذوب رواه ابن عساكر فيما أملاه في نفي الجهة عن شيخه ابن عبدالله العوسجي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الذي أَيَّنَ الأَينَ فلا يقال له: أين))، وقد حكم شيخ الإسلام بأنه مكذوب، وكثيراً ما يشير إليه باسم: حديث عوسجة (23) .
    ولما لم يكن للنفاة دليل من الكتاب والسنة عولوا على ما زعموه من أدلة العقل، والاعتراض على أدلة السلف المثبتة له.
    ومجمل أدلة النفاة هي:
    1- حججهم العقلية المعروفة مثل: التجسيم، والتركيب، والانقسام، والتجزء والتناهي، والتحيز، حيث قالوا: هذه لازمة لمن قال بالجهة, والله منزه عنها.
    2- اعترضوا على أدلة السمع كلها بأنها معارضة بالعقل، والعقل عندهم مقدم على النقل عند التعارض.
    3- أما دليل أن كل موجودين لابد أن يكون أحدهما داخلاً في الآخر, أو بائناً منه، وأنه لا يجوز أن يكون لا داخلاً ولا بائناً – فقد اعترضوا عليه بأن هذا من حكم الوهم والخيال، وإلا فالقسم الثالث صحيح في القسمة العقلية، واستدلوا عليه بوجود العقول والكليات المطلقة.
    4- أنه لو كان بدهياً لامتنع اتفاق الجمع العظيم على إنكاره, وهم من سوى الحنابلة والكرامية.
    5- أما التوجه عند الدعاء إلى العلو فلأن السماء قبلة الدعاء, وهو منقوض بوضع الجبهة على الأرض.
    6- كما اعترضوا بكون العالم كرة، ولا فرق بين الفوق والتحت.
    وقد ناقش شيخ الإسلام ذلك كما يلي:
    1- أما حججهم التي ذكروها من لزوم التجسيم, والتركيب, والتناهي, والتحيز, وغيرها فقد سبق الجواب عنها وبيان ما فيها من الإجمال, وذلك في المسألة الأولى ضمن مسائل هذا المبحث، وقد استقصى شيخ الإسلام حججهم هذه كما ذكرها الرازي في كتابين من كتبه هما: (الأربعين)، و(أساس التقديس)، ورد عليها كلها في منهجه المعروف من حكاية الأقوال، ثم مناقشتها وبيان تناقض الخصوم، وردود بعضهم على بعض.
    وإذا تبين بطلان هذه الحجج – التي سموها براهين – وجب الرجوع إلى ما يدل عليه السمع والعقل (24) .
    2- أما اعتراضه على أدلة السمع المثبتة بأنها معارضة بالأدلة العقلية، فهذه أيضاً سبق تفصيلها في المنهج العام في الرد على الأشاعرة, وقد أفرد شيخ الإسلام مسألة العلو – وبين كيف عارض الرازي أدلتها النقلية بأدلة العقول – ثم ردَّ عليه من وجوه عديدة منها:
    أ- أن القول بأن الله فوق العالم معلوم بالاضطرار من الكتاب, والسنة, وإجماع سلف الأمة، كالعلم بالأكل والشرب في الجنة، والعلم بإرسال الرسل, وإنزال الكتب، ونصوص العلو متواترة مستفيضة, وثبوتها أعظم من ثبوت كثير مما يقر به هؤلاء كأحاديث الرجم، والشفاعة، والحوض، والميزان، وسجود السهو وغيرها (25) .
    ب- أن نصوص العلو صريحة لا تقبل التأويل، بل التأويلات في ذلك من جنس تأويلات القرامطة, والباطنية, وهي معلومة الفساد ضرورة (26) .
    ج- "أن يقال: لا نسلم أنه عارض ذلك دليل عقلي أصلاً، بل العقليات التي عارضتها هذه السمعيات هي من جنس شبه السوفسطائية التي هي أوهام وخيالات غير مطابقة، وكل من قالها لم يخل من أن يكون مقلداً لغيره، أو ظانًّا في نفسه، وإلا فمن رجع في مقدماتها إلى الفطر السليمة واعتبر تأليفها، لم يجد فيما يعارض السمعيات برهاناً مؤلفاً من مقدمات يقينية, تأليفاً صحيحاً.
    وجمهور من تجده يعارض بها أو يعتمد عليها، إذا بينت له فسادها وما فيها من الاشتباه والالتباس، قال: هذه قالها فلان وفلان، وكانوا فضلاء، فكيف خفي عليهم مثل هذا؟ فينتهون بعد إعراضهم عن كلام المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وإجماع السلف الذين لا يجتمعون على ضلالة، ومخالفة عقول بني آدم التي فطرهم الله عليها – إلى تقليد رجال يقولون: إن هذه القضايا عقلية برهانية، وقد خالفهم في ذلك رجال آخرون من جنسهم، مثلهم وأكثر منهم..." (27) .
    ثم ذكر بقية الأوجه (28) .
    والقول بتقديم العقل على السمع من أصول البلايا التي بلى بها أهل الكلام، حيث أصبحت عندهم كالمخرج, عندما يضايقهم أئمة السنة بالنصوص.
    3- أما زعمهم أن دليل العقل والفطرة إنما هو من حكم الوهم والخيال وأن حكم الوهم والخيال إنما يقبل في الحسيات لا في العقليات ثم استشهادهم بالكليات وبالنفوس – فقد أجاب عنه شيخ الإسلام في مناسبات مختلفة، ومن ردوده عليهم قوله بأن هذا باطل من وجوه:
    أحدها: أنه إذا جاز أن يكون في الفطرة حكمان بديهان، أحدهما مقبول, والآخر مردود، كان هذا قدحاً في مبادئ العلوم كلها، وحينئذ لا يوثق بحكم البديهة.
    الثاني: أنه إذا جوز ذلك، فالتمييز بين النوعين: إما أن يكون بقضايا بديهية، أو نظرية مبنية على البديهية، وكلاهما باطل... فإذا جاز أن تكون البديهيات مشتبهة: فيها حق وباطل، كانت النظريات المبنية عليها أولى بذلك، وحينئذ فلا يبقى علم يعرف به حق وباطل، وهذا جامع كل سفسطة...
    الثالث: أن قول القائل: إن الوهم يسلم للعقل قضايا بديهية تستلزم إثبات وجود موجود، تمتنع الإشارة الحسية إليه – ممنوع.
    الرابع: أنه بتقدير التسليم تكون المقدمة جدلية؛ فإن الوهم إذا سلم للعقل مقدمة، لم ينتفع بتلك القضية، إلا أن تكون معلومة له بالبديهية الصحيحة، فإذا لم يكن له سبيل إلى هذا انسدت المعارف على العقل، وكان تسليم الوهم إنما يجعل القضية جدلية لا برهانية. وهذا وحده لا ينفع في العلوم البرهانية العقلية.
    الخامس: أن قول القائل: إن حكم الوهم والخيال إنما يقبل في الحسيات دون العقليات، إنما يصح إذا ثبت أن في الخارج موجودات لا يمكن أن تعرف بالحس بوجه من الوجوه، وهذا إنما يثبت إذا ثبت أن في الوجود الخارجي مالا يمكن الإشارة الحسية إليه. وهذا أول المسألة فإن المثبتين يقولون: ليس في الوجود الخارجي إلا ما يمكن الإشارة الحسية إليه، أو لا يعقل موجود في الخارج إلا كذلك...
    السادس: أن يقال: إن أردتم بالعقليات ما يقوم بالقلب من العلوم العقلية الكلية ونحوها، فليس الكلام هنا في هذه، ونحن لا نقبل مجرد حكم الحس ولا الخيال في مثل هذه العلوم الكلية العقلية، وأن أردتم بالعقليات موجودات خارجة، لا يمكن الإشارة الحسية إليها، فلم قلتم: إن هذا موجود؟ فالنزاع في هذا، ونحن نقول: إن بطلان هذا معلوم بالبديهة" (29) ... إلى آخر الأوجه (30) .
    ويلاحظ أن شيخ الإسلام بدأ من الوجه الخامس يناقش المسألة التي اعتمد عليها الرازي – ومن وافقه – في هذا الباب، حيث اتبعوا ابن سينا وغيره من الفلاسفة في مسألة الكليات الذهنية التي زعموا أنها موجودة في الخارج.
    وهذه من المسائل التي تخبط بسببها المتكلمون في كثير من قضايا العقيدة ودلائلها. وهي من الباطل الذي لا حقيقة له، إذا ليس كل ما في الأذهان يكون موجوداً في الأعيان، وهذه الكليات المطلقة توجد مطلقة في الأذهان فقط، أما في الأعيان فلا توجد إلا مقيدة، وقد سبقت الإشارة إلى هذا.
    ولما تكلم شيخ الإسلام عن هذه المسألة – في موضع آخر – ضرب مثالاً عليه في مسألة العلو عند هؤلاء النفاة، "ولكن طائفة من أهل الجدل, والحكمة, السوفسطائية، يستدلون على إمكان الشيء في الخارج بإمكانه في الذهن، كما يوجد مثل ذلك في كلام كثير من أهل الكلام والفلسفة. والرازي والآمدي ونحوهما لا مباين للعالم ولا مجانب بأن يقولوا: القسمة العقلية تقتضي أن كل موجود فإما مباين لغيره أو مجانب له، وإما لا مباين, ولا مجانب، أو كل موجود فإما داخل في غيره, وإما خرج عنه, وإما لا داخل ولا خارج.
    ويجعلون مثل هذا التقسيم دليلاً على إمكان كل من الأقسام في الخارج، وقد يسمون ذلك برهانا عقليا، وهو من أفسد الكلام..." (31) .
    ومثل هذا احتجاجهم بأن الفلاسفة وطائفة من المتكلمين من المعتزلة والشيعة والأشعرية – أثبتوا النفس، وقالوا: إنها لا داخل البدن ولا خارجه، ولا مباينة له ولا حالة فيه. وبطلان هذا مثل بطلان وجود الكليات في الخارج (32) .
    وكثيرا ما يختلط الأمر عند هؤلاء فيظنون أن الفرق بين الغيب والشهادة هو الفرق بين المحسوس وبين المعقول، وهذا أحد مداخل ملاحدة الباطنية والصوفية وغيرهم. والحق أن الغيب ليس غير المحسوس, بل الغيب يمكن إحساسه، والله تعالى أعظم الغيب وهو يرى (33) .
    وأكبر دليل على فساد ما زعمه هؤلاء من صحة قولهم بإمكان موجود لا مباين, ولا محايث، أو لا داخل العالم ولا خارجه – أنهم عجزوا عن الردِّ على الحلولية من النَّصارى والصُّوفية، وقد أفرد شيخ الإسلام لبيان ذلك فصلاً طويلاً (34) ، ومما قاله: "ولهذا كان الحلولية والاتحادية منهم، الذين يقولون: إنه في كل مكان، يحتجون على النفاة منهم الذين يقولون: ليس مبايناً للعالم, ولا مداخلاً له، بأنا قد اتفقنا على أنه ليس فوق العالم، وإذا ثبت ذلك تعين مداخلته للعالم، إما أن يكون وجوده وجود العالم، أو يحل في العالم، أو يتحد به، كما قد عرف من مقالاتهم.
    والذين أنكروا الحلول والاتحاد من الجهمية، ليست لهم على هؤلاء حجة إلا من جنس حجة المثبتة عليهم، وهو قول المثبتة: إن ما لا يكون لا مداخلاً ولا مبايناً، غير موجود، فإن أقروا بصحة هذه الحجة بطل قولهم، وإن لم يقروا بصحتها أمكن إخوانهم الجهمية الحلولية أن لا يقروا بصحة حجتهم، إذ هما من جنس واحد" (35) ، ثم ذكر شيخ الإسلام نموذجا على ذلك، وهو رد الرازي على حلولية النَّصارى، حيث علَّق شيخ الإسلام بعد نقل كلام الرازي في الردِّ عليهم (36) بقوله: "قلت ما ذكره الرازي من إبطال الحلول بإلزام النصارى كلام صحيح، لكن هذا إنما يستقيم على قول أهل الإثبات المثبتين لمباينته للعالم، فأمَّا على قول الجهمية النفاة فلا تستقيم هذه الحجة..." (37) .
    وذلك أنه يلزم من تجويز إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه تجويز قول الحلولية، ولا يمكن أن يوجد في النفاة من يرد على الحلولية ردًّا مستقيماً، بل إن لم يوافقهم كان معهم بمنزلة المخنث – كما يعبر شيخ الإسلام (38) .
    وقد سبقت الإشارة إلى ما بين هذين المذهبين – النفاة والحلولية – من توافق، إلى حدِّ أن الواحد منهم قد يتلبس بالمذهبين في وقت واحد، حسب حالته. وكثير من النفاة يعظم ملاحدة الصوفية كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض، بل إن أحد أفضل المتكلمين من نفاة العلو "يعتقد في مثل هذا أنه كان من أفضل أهل الأرض، أو أفضلهم ويأخذ ورقة فيها شرُّ مذهبه، يرقي بها المريض، كما يرقي المسلمون بفاتحة الكتاب، كما أخبرنا بذلك الثقاة، وهم يقدمون تلك الرقية على فاتحة الكتاب...." (39) .
    ويركز شيخ الإسلام على أن هؤلاء جميعاً ينطلقون من تلك المناظر المشهورة التي جرت بين الجهم والسمنية, وقد ذكرها الإمام أحمد (40) ، فالجهم لما احتج عليهم بالروح بأن الروح لا ترى, ولا تسمع, ولا تحس, ولا تجس، طبق ذلك على الله تعالى، فقال: وكذلك هو موجود, ولا يرى, ولا يسمع, ولا يوصف بصفة.
    ومن هذه المناظرة انطلق المبطلون:
    - نفاة الأسماء والصفات من الجهمية وغيرهم.
    - ونفاة العلو القائلون بأن الله لا داخل العالم, ولا خارجه.
    - والحلولية القائلون بأن الله في كل مكان.
    فصاروا ينطلقون مما انطلق منه الجهم، والذين تفلسفوا كالرازي وغيره اعتمدوا على مثل هذا تماماً, وذلك حين احتجوا بالكليات التي لا توجد إلا في الأذهان، وبالنفوس المفارقة التي قال بها الفلاسفة وغيرهم. وهذا يبين ما بين أهل الباطل من ترابط، وكيف يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً.
    وقد بين شيخ الإسلام الجواب الصحيح لهؤلاء السمنية، وكيف عدل الجهم عن ذلك، وشبه حجته بحجة الرازي على نفي العلو, واحتجاجه بما يقوله الفلاسفة في المعقول والنفوس (41) .
    وكثيراً ما يعتمد هؤلاء المتكلمون على شبه الفلاسفة (42) .
    4- أما دعوى أنه لو كان بديهياً لامتنع اتفاق الجمع العظيم على إنكاره، وهم من سوى الحنابلة والكرامية. فجوابه من وجوه:
    أحدها: أن العكس هو الصحيح، فإن أمم الأرض جميعاً يقولون بأن الله فوق العالم، والذين خالفوا ذلك فئات قليلة من الفلاسفة, والجهمية, والمعتزلة, والأشاعرة، تلقاه بعضهم عن بعض تقليداً.
    ومسألة العلو ليست من المسائل الصغيرة – التي قد تعرفها أمة أو أتباع نبيٍّ دون غيرهم – بل هي من المسائل الكبار المتعلقة بأصل التوحيد, وهي مما ينفصل فيه أهل الإيمان عن الإلحاد، ولذلك اتفق الأنبياء جميعاً عليها كما اتفقوا على التوحيد (43) .
    ولتواتر النصوص الواردة في إثبات العلو لم يستطع – الأشاعرة المتأخرون ولا غيرهم – إنكارها أو معارضتها، وإنما صاروا يعبرون عن المعاني التي يريدونها من نفي العلو بعبارات ابتدعوها، ويكون فيها اشتباه وإجمال، مثل أن يقولوا: إن الله ليس بمتحيز ولا في جهة، وغيرها من العبارات المحتملة للحق والباطل، وهم قصدوا بها ردَّ الحق (44) . ولو كانت دعواهم كما صورهم الرازي أنه لم يخالف فيها الإ الحنابلة والكرامية لما تدسسوا إلى آرائهم وأقوالهم بمثل هذه الأساليب حين يتعاملون مع مئات النصوص الواردة المثبتة للعلو.
    وقد ردَّ شيخ الإسلام على هذه الدعوى بنقل النصوص العديدة لعشرات الأئمة والعلماء من السلف, وممن جاء بعدهم من مختلف الطوائف: من الفقهاء: المالكية، والشافعية، والحنفية، والحنبلية، والظاهرية، وأهل الحديث، والصوفية والشيعة وأهل الكلام والفلسفة وغيرهم. فكيف يقال مع هذا إنه لم يقل بالعلو إلا الحنابلة, والكرامية؟.
    ومن هؤلاء الأئمة الذين أثبتوا العلو ونقلت أقوالهم: عبدالله بن المبارك، وربيعة، والإمام مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو حنيفة، والبخاري، والفضيل ابن عياض، وسليمان بن حرب، وابن خزيمة، والصابوني، والحاكم، وابن عبد البر، وابن أبي زمنين، وأبو نصر السجزي، وأبو عمر الطلمنكي، ونصر المقدسي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو أحمد الكرخي، وأبو محمد المقدسي، وابن أبي حاتم، والخلَّال، وعبدالله بن الإمام أحمد، والقرطبي، والبيهقي، وابن رشد، وغيرهم كثير جدًّا، وأقوالهم ونصوصهم مدونة, يثبتون فيها هذه الصفة, ويردُّون على من تأوَّلها (45) .
    فكيف يدعي الرازي أنه لم يثبت العلو سوى الحنابلة والكرامية؟.
    الثاني: أن من المخالفين للرازي – ولمتأخري الأشعرية كالجويني والغزالي، والآمدي – شيوخهم المتقدمين من أئمة الأشاعرة، كابن كلاب، والقلانسي، والمحاسبي، وأبي الحسن الأشعري، وتلاميذه كابن مجاهد، وأبي الحسن الطبري، والباقلاني، وابن فورك – في أحد قوليه – والقاضي أبي يعلي، والقرطبي، والخطابي، وغيرهم ممن جاءت نصوصهم صريحة واضحة في إثبات العلو, والردِّ على الجهمية (46) .
    فهؤلاء المتأخرون النفاة من الأشاعرة مخالفون لأقوال شيوخهم، وقد علق شيخ الإسلام على ذلك – بعد نقله أقوال أولئك في إثبات العلو وغيره من الصفات – بقوله: "فإذا كان قول ابن كلاب, والأشعري, وأئمة أصحابه، وهو الذي ذكروا أنه اتفق عليه سلف الأمة, وأهل السنة، أن الله فوق العرش، وأن له وجها ويدين، وتقرير ما ورد في النصوص الدالة على أنه فوق العرش، وأن تأويل "استوى" بمعنى استولى هو تأويل المبطلين ونحو ذلك – علم أن هذا الرازي ونحوه هم مخالفون لأئمتهم في ذلك، وأن الذي نصره ليس هو قول ابن كلاب, والأشعري, وأئمة أصحابه، وإنما هو صريح قول الجهمية, والمعتزلة, ونحوهم، وإن كان قد قاله بعض متأخري الأشعرية كأبي المعالي ونحوه" (47) .
    الثالث: "أن يقال حول قوله باتفاق الجمع العظيم على إنكار العلو – "لم يطبق على ذلك إلا من أخذه بعضهم عن بعض، كما أخذ النصارى دينهم بعضهم عن بعض، وكذلك اليهود والرافضة وغيرهم.
    فأما أهل الفطر التي لم تغير فلا ينكرون هذا العلم، وإذا كان كذلك فأهل المذاهب الموروثة لا يمتنع أطباقهم على جحد العلوم البديهية، فإنه ما من طائفة من طوائف الضلال – وإن كثرت – إلا وهي مجتمعة على جحد بعض العلوم الضرورية" (48) .
    أما دعوى التواطؤ فمردودة بأن الفطر التي لم تتواطأ يمتنع اتفاقها على جحد ما يعلم بالبديهة، وقد يوافق بعض الناس – أو بعض عامتهم – على إنكار الجهة والتحيز والمكان، حين يقصد بنفيها ما هو معنى صحيح مثل نفي أن الله محصور في خلقه، أو مفتقر إلى مخلوق، إلى غير ذلك من المعاني التي يجب نفيها عن الله تعالى. أما لو قصد بذلك أن الله ليس فوق السموات، وأنه ليس وراء العالم إله موجود، فهذا لا يوافق عليه أحد بفطرته، وإنما يوافق عليه من قامت عنده شبهة من شبه النفاة (49) .
    5- أما الاعتراض على رفع الأيدي، وأن القلوب مفطورة عند دعائها ومسألتها – على التوجه إلى الله في العلو – بأن ذلك لأن السماء قبلة للدعاء, وأن هذا منقوض بوضع الجبهة على الأرض، أو غير ذلك من التعليلات الهزيلة (50) – والحمد لله (51) .
    وقد ركز شيخ الإسلام في هذه الأوجه على بيان أن الاستدلال برفع الأيدي والأبصار إلى السماء عند الدعاء، إنما هو حجة أهل الإثبات من السلف والخلف، وأن من هؤلاء الأشعري, وأئمة أصحابه، وقد نقل شيخ الإسلام كلامهم في ذلك (52) ، فالرازي في الحقيقة إنما يعترض على شيوخه الأشاعرة، وهم باستدلالهم يردون عليه. والإشارة إلى الله في العلو باليد, والأصابع, أو العين, أو الرأس، قد تواترت به السنن عن الرسول صلى الله عليه وسلم (53) . والنهي عن رفع البصر في الصلاة لأنه من باب الخشوع الذي أثنى الله على أهله، ولو كان الله ليس فوق، بل هو في السفل كما هو في الفوق لم يكن رفع البصر إلى السماء ينافي الخشوع، بل كان يكون بمنزلة خفضها (54) .
    والناس على اختلاف عقائدهم وأديانهم يشيرون عند الدعاء إلى السماء لأن هذا شيء يجدونه في فطرهم (55) .
    ودعوى أن السماء قبلة للدعاء كالكعبة قبلة للصلاة، باطل معلوم بالاضطرار بطلانه من وجوه: منها أن المسلمين مجمعون على أن قبلة الداعي هي قبلة الصلاة، ومنها: أن كون السماء أو العرش قبلة لا يثبت بغير الشرع، وليس في النصوص أي دليل على ذلك، ومنها أن القبلة أمر يدخله النسخ، ولذلك تحولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، ولو كانت القبلة هي العرش أو السماء لجاز تغييرها وتبديلها، ولجاز أن يدعو الإنسان ربه إلى سائر الجهات، وهذا فضلاً عن أنه باطل، فإن العباد مفطورون على أن لا يتوجهوا إلا إلى جهة العلو. ومنها: أن القبلة ما يستقبله الإنسان بوجهه، أما ما يرفع الإنسان إليه يده أو رأسه أو بصره، فهذا باتفاق الناس لا يسمى قبلة، ومعلوم أن مستقبل القبلة يستدبر ما يقابلها، أما الداعي فإنه لا يكون مستقبلاً للسماء, مستدبراً للأرض، بل يكون مستقبلاً لبعض الجهات. إلى غيرها من الأوجه (56) .
    ووضع الجبهة على الأرض يفعله الناس لكل من يعظمونه، ولهذا يسجد المشركون لأصنامهم. وهذا بَيِّنٌ (57) .
    فتبين من هذه الأوجه وغيرها سلامة احتجاج السلف على العلو بما فطر الناس عليه من رفع أيديهم إلى السماء عند الدعاء والحاجة.
    6- أما اعتراضهم بأن العالم كرة، وأن الله إذا كان في جهة فوق لكان أسفل بالنسبة لسكان الوجه الآخر.
    فشيخ الإسلام لا ينازع في استدارة الفلك – كما قد ينازع فيه بعض الجهال (58) -، وقد أجاب عن هذا الاعتراض بعدة أوجه:
    منها: أن القائلين بأن العالم كرة يقولون أن السماء عالية على الأرض من جميع الجهات، والأرض تحتها من جميع الجهات.
    والجهات قسمان:
    حقيقية: ولها جهتان العلو والسفل فقط، فالأفلاك وما فوقها هو العالي مطلقاً، وما في جوفها هو السافل مطلقاً.
    وإضافية: وهي الجهات الست بالنسبة للحيوان، فما حاذى رأسه كان فوقه وما حاذى رجليه فهو تحته، وما حاذى جهته اليمنى كان عن يمينه. وهكذا.
    ويتضح الفرق بينهما فيما لو علق رجل، فجعلت رجلاه إلى أعلى، ورأسه إلى أسفل، فبالنسبة للجهة الحقيقية لم يتغير عليه شيء إذ لا تزال السماء فوقه والأرض تحته، أما بالنسبة للإضافة فإن الأرض فوق رأسه (59) .
    "وإذا كان كذلك فالملائكة الذين في الأفلاك من جميع الجوانب، هم باعتبار الحقيقة، كلهم فوق الأرض، وليس بعضهم تحت بعض، ولا هم تحت شيء من الأرض، أي الذين في ناحية الشمال ليسوا تحت الذين في ناحية الجنوب وكذلك من كان في ناحية برج السرطان ليس تحت من كان في ناحية برج العقرب, وإن كان بعض جوانب السماء تلي رؤوسنا تارة وأرجلنا أخرى، وإن كان فلك الشمس فوق القمر، وكذلك السحاب وطير الهواء، هو مع جميع الجوانب فوق الأرض وتحت السماء، ليس شيء منه تحت الأرض، ولا من هذا الجانب تحت من هذا الجانب... (فـ) علم أنه لا يلزم من كون الخالق فوق السماوات، أن يكون تحت شيء من المخلوقات، وكأن من احتج بمثل هذه الحجة إنما احتج بالخيال الباطل الذي لا حقيقة له..." (60) .
    "وإذا كانت المخلوقات التي في الأفلاك والهواء والأرض لا يلزم من علوها على ما تحتها أن تكون تحت ما في الجانب الآخر من العالم، فالعلي الأعلى – سبحانه – أولى أن لا يلزم من علوه على العالم أن يكون تحت شيء منه" (61) .
    وقد سبق – عند ذكر أدلة أهل السنة العقلية على العلو – أن كون العالم كرة من أدلة العلو.
    ومنها: أنه لا يسلم لزوم السفول، وإن سلم لزومه فلابد من دليل ينفي به ذلك، ولا يلزم من ذلك نقص، لأن الأفلاك موصوفة بالعلو على الأرض – مع لزوم ما ذكر من السفول تحت سكان الوجه الآخر – وليس ذلك نقصاً فيها. وإذا كان هذا في المخلوقات فالخالق أولى أن يتنزه عنه حين يوصف بالعلو عليها كلها (62) .
    أما دعوى أنه يلزم أن يكون الله فلكاً محيطاً بالعالم حتى يكون عالياً عليه فيقال: "على هذا التقدير إذا كان محيطاً لم يكن سافلاً البتة، بل يكون عالياً، وعلى هذا فإذا كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء، وهو الباطن الذي ليس دونه شيء، ولو أدلى المدلي بحبل لهبط عليه – كان محيطاً بالعالم, عالياً عليه مطلقاً, ولم يلزم من ذلك أن يكون فلكاً ولا مشابهاً للفلك، فإن الواحد من المخلوقات تحيط قبضته بما في يده من جميع جوانبها، وليس شكلها شكل يده، بل ولا شكل يده شكلها" (63) .
    ثم إن العلو لا يشترط فيه الإحاطة، وإن كانت الإحاطة لا تناقضه والناس يعلمون أن الله فوق العالم، وإن لم يعلموا أنه محيط به، وإذا علموا أنه محيط به لم يكن ذلك ممتنعاً عندهم.
    "والله تعالى ليس مثل الأفلاك، ولا يلزم إذا كان فوق العالم ومحيطاً به أن يكون مثل فلك، فإنه العظيم الذي لا أعظم منه" (64) .
    "والمقصود: أنه إذا كان الله أعظم وأكبر وأجل من أن يقدر العباد قدره، أو تدركه أبصارهم، أو يحيطون به علماً، وأمكن أن تكون السموات والأرض في قبضته لم يجب – والحال هذه – أن يكون تحت العالم، أو تحت شيء منه، فإن الواحد من الآدميين إذا قبض قبضة, أو بندقة, أو حمصة, أو حبة خردل, وأحاط بها بغير ذلك، لم يجز أن يقال: إن أحد جانبيها فوقه، لكون يده لما أحاطت بها كان منها الجانب الأسفل يلي يده من جهة سفلها، ولو قدر من جعلها فوق بعضه بهذا الاعتبار، لم يكن هذا صفة نقص، بل صفة كمال.
    وكذلك أمثال ذلك من إحاطة المخلوقات ببعض المخلوقات، كإحاطة الإنسان بما في جوفه، وإحاطة البيت بما فيه، وإحاطة السماء بما فيها من الشمس والقمر والكواكب، فإذا كانت هذه المحيطات لا يجوز أن يقال: إنها تحت المحاط وإن ذلك نقص، مع كون المحيط يحيط به غيره – فالعلي الأعلى المحيط بكل شيء، الذي تكون الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، كيف يجب أن يكون تحت شيء مما هو عالٍ عليه, أو محيط به، ويكون ذلك نقصاً ممتنعاً؟" (65) .
    والخلاصة:
    1- أن كون العالم كرة دليل على العلو، لأنه ليس هناك إلا علو مطلق أو سفل، وهو مركز الأرض، وهذا بالنسبة لجميع سكان الأرض، وإذا ثبت أن الله بائن من خلقه فهو في جهة العلو مطلقاً.
    2- أن الأرض والسموات إذا كان الله يقبضها بيده، فتصور أن يكون تحت شيء منها تصور فاسد، لم يقدر صاحبه حق قدره. فكل ما يفترضه المفترض من لزوم أن يكون الله محيطا بالمخلوقات، أو أنه فلك، أو غير ذلك من التصورات فهي إما تصورات فاسدة، كتصور أنه فلك أو أنه لا يلزم منها نقص ينافي كمال ربوبية الله تعالى ككون الله تعالى محيطاً بخلقه.
    ولشيخ الإسلام في ذلك مناقشات مطولة بين من خلالها أن ثبوت العلو الذي جاءت به النصوص وفطرت عليه العقول – لا يلزم منه شيء من هذه اللوازم التي ذكرها نفاته (66) .
    ومن ذلك أن لقائل أن يقول: ما فائدة أن يتوجه الإنسان عند الدعاء إلى العلو، ولماذا لا يتجه إلى إحدى الجهات الأخرى من يمين أو شمال ما دامت نهايته العلو نفسه؟ يقول شيخ الإسلام – بعد توضيحه لبعض الأمور-: "وإذا كان مطلوب أحدهما ما فوق الفلك لم يطلبه إلا من الجهة العليا، لم يطلبه من جهة رجليه, أو يمينه, أو يساره لوجهين:
    أحدهما: أن مطلوبه من الجهة العليا أقرب إليه من جميع الجهات، فلو قدر رجل أو ملك يصعد إلى السماء أو إلى ما فوق، كان صعوده مما يلي رأسه أقرب إذا أمكنه ذلك، ولا يقول عاقل: إنه يخرق الأرض ثم يصعد من تلك الناحية،...
    الوجه الثاني: أنه إذا قصد السفل بلا علو كان ينتهي قصده إلى المركز، وإن قصده أمامه, أو وراءه, أو يمينه, أو يساره من غير قصد العلو كان منتهى قصده أجزاء الهواء، فلابد له من قصد العلو ضرورة، سواء قصد من ذلك هذه الجهات أو لم يقصدها، ولو فرض أنه قال: أقصده من اليمين مع العلو، أو من السفل مع العلو، كان هذا بمنزلة من يقول: أريد أن أحج من المغرب، فأذهب إلى خراسان ثم أذهب إلى مكة..."[موسوعة الفرق]

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Apr 2020
    المشاركات
    49

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اما ما قلته في مشاركتك السابقة فقد كفانا اخي محمد بن عبد اللطيف مؤنتها ، وبَيَّن الكثير من عدم صحتها ، فجزاه الله خيرا ، وزاده الله برا

    اما هذه فاقول فيها اولا ان بدا لك ان تمسك عن النقاش فابدأ انت وامسك من عندك فلا تقول نمسك ثم ترمي بكلام رنان ، يحتاج الي رد وايضاح وبيان ، وحتي لا تظن انت ولا يظن من بعدك ظان ، ان الاختلاف الذين بيننا اختلاف صوري وبرمته ، ويمكن ان نجتمع كلنا تحت مظلته ، بلا تجريح ولا نكران ، بل شتان شتان ، بين من آمن بصفات الرحمن ، متمسكا بهدي النبي العدنان ، وبين من انكر صفاته كما هو الحال ، وجادل علي ذلك وزاد في الجدال ، متمسكا في جداله بوساويس الشيطان ، بلا ادلة ولا برهان ، وعمدته في ذلك قال فلان ، فهل يستويان ؟ ، ومن يجرؤ ان يسوي بين الكفر والايمان ....!!
    ثانيا
    دائما ما كان يحتج ابن تيمية رحمه الله بدليل المخالف نفسه ، فيرده عليه ويجعله حجة علي خطأ قوله ، ونحن علي مائده ابن تيمية جلوس ، فذلك اوقع في النفوس ، كما هو ملموس ومحسوس ، فبدليلك نحتج عليك ، وسبحان الملك ، الذي به انطقك ، لتتطاير حجتك ، وتتعاظم حجة الله عليك
    بماذا أمر الله نبيه فى بلاغ الكفار والمشركين أو فى بلاغ اليهود والنصارى :
    .........[/font]
    قال له سبحانه :
    { قُلْ : إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار }

    اقرأ يا رجل هذه الاية ثانية ففيها قوله سبحانه وما من اله الا الله الواحد القهار
    والواحد والقهار هذه اسماء تتضمن صفات الاله ، فمن مدلول الاية الايمان بصفات الله ، وليس ان نؤمن بوجود اله بلا صفات ، وتدبر كلمة القهار ، ثم تدبر قوله هو القاهر فوق عباده تجد ان صفة العلو ملازمة لصفة القهر ولكن قل من يتعقل

    أمره الله أن يحثهم على النظر
    والتأمل فى الخلق والتفكر والتدبر فى الكون ..
    { قُلِ : انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } . { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }
    ......

    أمره الله أن يرواْ آيات الله ومعجزاته فى حياتهم . وأن يروا بديع صنع الله وصنعته ..
    { قُلْ : أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ }

    { قُلْ : أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ }
    ......

    nt=&amp]
    وقد امرهم بالنظر في الكون والايات هذه كلها لماذا ؟ اكي يؤمنوا بالله ولا يعرفوه هذا محال يا رجل ..!!!

    فأمرهم بذلك لكي يؤمنوا بالله ، الله المعرف بالالف واللام الذي له ذات وله صفات ، فوجب عليهم معرفتها ليعرفوا ويميزوا من يعبدون عن غيره ، فجاءهم بكلمة التوحيد وهي لا اله الا الله ، وليست لا اله الا اله ، فلا بد وان تعرف من هذا الاله فتفهم
    ثم تدبر الاية التي جئت بها وقوله ولعلا بعضهم علي بعض وسبحان من انطقك بها تجد ان من صفات الاله القاهر الغالب العلو ولكن اكثر الناس لا يفقهون

    أمره الله أن يبيّن[/font] لهم بأنْ لو كان هناك إله غير الله أو آلهة من دون الله لتعددت الإرادات ولاختلفت المشيئات ولذهب
    كل إله بما خلق وعلا عمن سواه ..
    فلايستقيم هذا الكون ولاتستقيم هذه الحياة ..
    { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا }

    { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }
    ........

    أمره الله أن يخبرهم بأنْ لو كان لله ولد لكان له من أول العابدين .. وأنْ لو أراد الله أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه فهو الإله ..
    { قُلْ : إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }
    { لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }

    .......
    هذا هو الإيمان بالله والإيقان بوحدانيته
    ..

    [b][
    هذا الذي تدعوا اليه ليس الايمان بالله ، بل الايمان بوجود اله ، او الايمان بوجود اله واحد
    لكن اين هذا الاله ، ومن هذا الاله ، وما صفاته وبما يسمي ، كل هذه امورا لابد من معرفتها لكي يؤمن المرء بالله الايمان الذي اراده الله ، فهل علمت فيما علمت ان احدا من الذين بعث فيهم النبي لا يعرف من يعبد
    بل هم عرفوا آلهتهم ، وعلموا عنها ، بل واحاطوا بها علما ، اما نحن فنعرف الله بما عرفنا سبحانه ، ونعلم عنه ما علمنا في كتابه ومع رسوله ، ومع ذلك فلا نحيط به سبحانه علما

    ثم اقول ما فائدة الايمان بوحدانية الله اذا لم نعرفه ولم نميزه ثم بعد ذلك تنقصناه سبحانه
    كإيمان الذين وحدوه وقالوا ان الله فقير ونحن اغنياء ، او الذين وحدوه وقالوا هو في كل مكان بذاته فجعلوا الله في الخلاء ، او وحدوه ونفوا حده فجعلوا الله متداخلا في دونه من الاشياء ، ليس له حد يميزه عنهم فتعالي الله عن ما يقوله السفهاء

    واعلم ان المشركين ما وحدوه ولكن عرفوه وميزوه عن غيره ولم يتنقصوه

    واليهود كادوا يوحدوه وعرفوه وميزوه ولكن تنقصوه

    والنصاري عرفوه وما وحدوه وما ميزوه وتنقصوه

    ونفاة الصفات ما عرفوه وما ميزوه وما وحدوه وتنقصوه

    ماعرفوه بنفيهم صفاته ، وما ميزوه بنفيهم مكانه وعلوه وحَدِّه ، وما وحدوه اذ لم يعبدوا الاله الذي نعبد ، وتنقصوه اذ جوزوا علي الله ما يجوز عل خلقه ، فاجتمع فيهم ما لم يجتمع فيمن سبقهم ، وذلك لفرط ضلالهم ، وافتراءهم علي ربهم ، فبئس الايمان ايمانهم ، والله هو الحكم بيننا وبينهم ، واليه مرجعنا ومرجعهم .

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة


    اما هذه فاقول فيها اولا ان بدا لك ان تمسك عن النقاش فابدأ انت وامسك من عندك
    بارك الله فيك نحن لا نطلب من احد الامساك نحن هنا نكشف الشبه ونقيم الحجج والبراهين قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
    وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بِكِتَابِهِ الَّذي جَعَلَهُ:
    {تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النَّحل: 89].
    فَلا يَأتي صَاحِبُ بَاطِلٍ بِحُجَّةٍ إِلاَّ وَفي القُرْآنِ ما يَنْقُضُها وَيُبَيِّنُ بُطْلانَهَا، كَما قالَ تَعالى: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان: 33].
    قَالَ بَعْضُ المُفَسِّرينَ: هَذِهِ الآيَةُ عَامَّةٌ في كُلِّ حُجَّةٍ يَأتي بِها أَهْلُ البَاطِلِ إِلى يَوْمِ القِيَامةِ.

    قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ فى شرحه لكشف الشبهات
    (وَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بِكِتَابِهِ) الذِي هو السِّلاَحُ كُلُّ السِّلاَحِ الأَعْظَمِ {الَّذِي جَعَلَهُ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وبُشْرَى للمُسْلِمِينَ}.
    (فَلاَ يَأْتِي صَاحِبُ بَاطِلٍ بِحُجَّةٍ) كَائِنَةٍ مَا كَانَتْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ (إِلاَّ وَفي القُرْآنِ مَا يَنْقُضُهَا ويُبَيِّنُ بُطْلاَنَهَا) يَعْرِفُ ذَلِكَ مَن يَعْرِفُهُ، ويُوَفَّقُ لَهُ مَن يُوَفَّقُ، وَيَجْهَلُ ذَلِكَ مَن يَجْهَلُهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ} أي: بِحُجَّةٍ أو شُبْهَةٍِ، وهذه نَكِرَةٌ في سِيَاقِ النَّفْيِ، فَشَمِلَ جَمِيعَ مَا يُؤْتَى بِهِ {إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} فالقُرْآنُ كَفِيلٌ بِذَلِكَ (قَالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: هَذِهِ الآيَةُ عَامَّةٌ في كُلِّ حُجَّةٍ يَأْتِي بِهَا أَهْلُ البَاطِلِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) ولَكِنْ قَدْ يُؤْتَى الإِنْسَانُ مِن عَدَمِ الفَهْمِ لَهُ أَوْ عَدَمِ الاعْتِنَاءِ بِهِ.
    وَقَدْ الْتَزَمَ بَعْضُ العُلَمَاءِ؛ وهو شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنْ لاَ يَحْتَجَّ مُبْطِلٌ بِآيَةٍ أو حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَلَى بَاطِلِهِ إِلاَّ وفي ذلك الدَّلِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَقْضِهِ، وذَكَرَ لِذَلِكَ أَمْثِلَةً: مِنْهَا آيَةُ: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} - و - ليس كمثله شئ
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة

    فلا تقول نمسك ثم ترمي بكلام رنان ، يحتاج الي رد وايضاح وبيان ، وحتي لا تظن انت ولا يظن من بعدك ظان ، ان الاختلاف الذي بيننا اختلاف صوري وبرمته ، ويمكن ان نجتمع كلنا تحت مظلته ، بلا تجريح ولا نكران ، بل شتان شتان ، بين من آمن بصفات الرحمن ، متمسكا بهدي النبي العدنان ، وبين من انكر صفاته كما هو الحال ، وجادل علي ذلك وزاد في الجدال ، متمسكا في جداله بوساويس الشيطان ، بلا ادلة ولا برهان ، فهل يستويان ؟ ، ومن يجرؤ ان يسوي بين الكفر والايمان ....!!
    بارك الله فيك اما التجريح فلا لان المقام مقام بيان وايضاح للحق والاخ السعيد شويل ذو اخلاق عالية جدا المشكلة مع الاخ السعيد شويل المخالفات العقدية
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة

    ونحن علي مائده ابن تيمية جلوس ، فذلك اوقع في النفوس ، كما هو ملموس ومحسوس ، فبدليلك نحتج عليك ، وسبحان الملك ، الذي به انطقك ، لتتطاير حجتك ، وتتعاظم حجة الله عليك
    نعم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة

    اقرأ يا رجل هذه الاية ثانية ففيها قوله سبحانه وما من اله الا الله الواحد القهار
    والواحد والقهار هذه اسماء تتضمن صفات الاله ، فمن مدلول الاية الايمان بصفات الله ، وليس ان نؤمن بوجود اله بلا صفات ، وتدبر كلمة القهار ، ثم تدبر قوله هو القاهر فوق عباده تجد ان صفة العلو ملازمة لصفة القهر ولكن قل من يتعقل
    نعم

    وقد امرهم بالنظر في الكون والايات هذه كلها لماذا ؟ اكي يؤمنوا بالله ولا يعرفوه هذا محال يا رجل ..!!!

    فأمرهم بذلك لكي يؤمنوا بالله ، الله المعرف بالالف واللام الذي له ذات وله صفات ، فوجب عليهم معرفتها ليعرفوا ويميزوا من يعبدون عن غيره ، فجاءهم بكلمة التوحيد وهي لا اله الا الله ، وليست لا اله الا اله ، فلا بد وان تعرف من هذا الاله فتفهم
    ثم تدبر الاية التي جئت بها وقوله ولعلا بعضهم علي بعض وسبحان من انطقك بها تجد ان من صفات الاله القاهر الغالب العلو ولكن اكثر الناس لا يفقهون
    نعم بارك الله فيك

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة
    هذا الذي تدعوا اليه ليس الايمان بالله ، بل الايمان بوجود اله ، او الايمان بوجود اله واحد
    لكن اين هذا الاله ، ومن هذا الاله ، وما صفاته وبما يسمي ، كل هذه امورا لابد من معرفتها لكي يؤمن المرء بالله الايمان الذي اراده الله ، فهل علمت فيما علمت ان احدا من الذين بعث فيهم النبي لا يعرف من يعبد
    بل هم عرفوا آلهتهم ، وعلموا عنها ، بل واحاطوا بها علما ، اما نحن فنعرف الله بما عرفنا سبحانه ، ونعلم عنه ما علمنا في كتابه ومع رسوله ، ومع ذلك فلا نحيط به سبحانه علما
    نعم ما أفقه ابن أمارة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة

    ثم اقول ما فائدة الايمان بوحدانية الله اذا لم نعرفه ولم نميزه ثم بعد ذلك تنقصناه سبحانه
    كإيمان الذين وحدوه وقالوا ان الله فقير ونحن اغنياء ، او الذين وحدوه وقالوا هو في كل مكان بذاته فجعلوا الله في الخلاء ، او وحدوه ونفوا حده فجعلوا الله متداخلا في دونه من الاشياء ، ليس له حد يميزه عنهم فتعالي الله عن ما يقوله السفهاء

    واعلم ان المشركين ما وحدوه ولكن عرفوه وميزوه عن غيره ولم يتنقصوه

    واليهود كادوا يوحدوه وعرفوه وميزوه ولكن تنقصوه

    والنصاري عرفوه وما وحدوه وما ميزوه وتنقصوه

    ونفاة الصفات ما عرفوه وما ميزوه وما وحدوه وتنقصوه

    ماعرفوه بنفيهم صفاته ، وما ميزوه بنفيهم مكانه وعلوه وحَدِّه ، وما وحدوه اذ لم يعبدوا الاله الذي نعبد ، وتنقصوه اذ جوزوا علي الله ما يجوز عل خلقه ، فاجتمع فيهم ما لم يجتمع فيمن سبقهم ، وذلك لفرط ضلالهم ، وافتراءهم علي ربهم ، فبئس الايمان ايمانهم ، والله هو الحكم بيننا وبينهم ، واليه مرجعنا ومرجعهم .
    نعم هذه هى أمارة الايمان

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    أحييكم أخى ابن أمارة على رد لم أفهم منه شيئا
    ......
    واعلم ان المشركين ما وحدوه ولكن عرفوه وميزوه عن غيره ولم يتنقصوه
    واليهود كادوا يوحدوه وعرفوه وميزوه ولكن تنقصوه
    والنصاري عرفوه وما وحدوه وما ميزوه وتنقصوه
    ونفاة الصفات ما عرفوه وما ميزوه وما وحدوه وتنقصوه
    .......

    ما هذا ... ؟ وماذا تريد أن تقول أخى .. ؟
    إقرأ التاريخ إذ فيه العبر ...... ضل قوم ليس يدرون الخبر

    ....
    اليهود كادوا يوحدوه
    ... كيف .. ؟ .. ألم يكونوا مؤمنين موحدين ثم قست قلوبهم ..

    النصاري عرفوه وما وحدوه ... كيف .. ؟ .. ألم يكونوا مؤمنين موحدين ثم قست قلوبهم ..
    { فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ }
    واعلم ان المشركين ما وحدوه .... كيف .. ؟ من هم الصدر الأول فى الإسلام ..
    ........
    وليس أن نؤمن بوجود اله بلا صفات ... هل تلزم العامة من المسلمين بالبحث عن الصفات حتى يكونوا مؤمنين .. كيف ؟
    .......
    أخى :
    إنْ تجاوز أى إنسان عبوديته .. فى نظره وتأمله .. وتعدى فى فكره من النظر فى خلق الله وآياته إلى البحث عن ذاته .. فقد اقترف أَمراً إِمرا
    وتجاوز مجاوزةً جوراً وظلماً وكان عن العقل خارجاً وفى تيه الجهل والجاً ..
    { َولا تقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }
    أخى : نحن عبيد :

    عقولنا محجوبة عن درك حقيقته لأن العقول خُلقت للعبودية لا للبحث والإشراف على الألوهية ..
    ليس لنا أن نبحث عن الله ونقرر أين هو .. وكيف استوى ..
    فالأفهام فى عز سلطانه مقيدة ومعقولة والأوهام ملتبسة مقهورة ..
    .....

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    أحييكم أخى ابن أمارة على رد لم أفهم منه شيئا

    .......

    ما هذا ... ؟ وماذا تريد أن تقول أخى .. ؟
    إقرأ التاريخ إذ فيه العبر ...... ضل قوم ليس يدرون الخبر

    ....
    .. هل تلزم العامة من المسلمين بالبحث عن الصفات حتى يكونوا مؤمنين .. كيف ؟
    .......
    أخى :
    إنْ تجاوز أى إنسان عبوديته .. فى نظره وتأمله .. وتعدى فى فكره من النظر فى خلق الله وآياته إلى البحث عن ذاته .. فقد اقترف أَمراً إِمرا

    .....
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    على رد لم أفهم منه شيئا
    افتح قلبك اخى الفاضل السعيد شويل حتى يرزقك الله بفهم ما نقول وحتى يمن الله عليك بالايمان بأسماء الله وصفاته
    ما هذا ... ؟ وماذا تريد أن تقول أخى .. ؟
    الاخ ابن امارة بين ما يريد اتم البيان فكيف لم تنتبه لذلك قال
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة

    ثم اقول ما فائدة الايمان بوحدانية الله اذا لم نعرفه ولم نميزه ثم بعد ذلك تنقصناه سبحانه
    كإيمان الذين وحدوه وقالوا ان الله فقير ونحن اغنياء ، او الذين وحدوه وقالوا هو في كل مكان بذاته فجعلوا الله في الخلاء ، او وحدوه ونفوا حده فجعلوا الله متداخلا في دونه من الاشياء ، ليس له حد يميزه عنهم فتعالي الله عن ما يقوله السفهاء

    واعلم ان المشركين ما وحدوه ولكن عرفوه وميزوه عن غيره ولم يتنقصوه

    ونفاة الصفات ما عرفوه وما ميزوه وما وحدوه وتنقصوه
    ماعرفوه بنفيهم صفاته ، وما ميزوه بنفيهم مكانه وعلوه وحَدِّه ، وما وحدوه اذ لم يعبدوا الاله الذي نعبد ، وتنقصوه اذ جوزوا علي الله ما يجوز عل خلقه ، فاجتمع فيهم ما لم يجتمع فيمن سبقهم ، وذلك لفرط ضلالهم ، وافتراءهم علي ربهم ، فبئس الايمان ايمانهم ، والله هو الحكم بيننا وبينهم ، واليه مرجعنا ومرجعهم .
    هل بعد هذا البيان بيان و لكن من يرد الله ان يهديه يشرح صدره للايمان[QUOTE]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل;933205[SIZE=4
    إقرأ التاريخ إذ فيه العبر ...... ضل قوم ليس يدرون الخبر [/SIZE]
    ....
    نعم ضلت المعطلة فنفت صفات الله وضلت المشبهه فشبهوا صفات الله بصفات البشر ضلت الاشاعرة فى صفات الله وضلت المعتزله وضلت الجهمية -فمن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه
    . هل تلزم العامة من المسلمين بالبحث عن الصفات حتى يكونوا مؤمنين .. كيف ؟
    نحن نأمر الناس بالايمان بما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم
    إنْ تجاوز أى إنسان عبوديته .. فى نظره وتأمله .. وتعدى فى فكره من النظر فى خلق الله وآياته إلى البحث عن ذاته .. فقد اقترف أَمراً إِمرا
    قال ابن القيم:
    "
    فالإيمان بالصفات ومَعرفتها وإثباتُ حقائقها وتعلُّق القلب بها وشهوده لها - هو مَبدأُ الطَّريق ووسَطُه وغايته، وهو رُوح السَّالكين، وحاديهم إلى الوصول، ومحرِّكُ عزماتهم إذا فَتروا، ومُثيرُ هِمَمهم إذا قصَّروا؛ فإنَّ سيْرَهم إنَّما هو على الشَّواهد، فمَن كان لا شاهِدَ له فلا سيْر له ولا طلَب ولا سلوك له، وأعظَمُ الشَّواهد صِفات مَحبوبهم ونَهاية مَطلوبهم؛ وذلك هو العَلَم الذي رُفِع لهم في السَّير فشمَّروا إليه"
    إنْ تجاوز أى إنسان عبوديته
    انَّ علم الأسماء والصِّفات هو أصل الدِّين، وسرُّ العبوديَّة،
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية
    "
    فإنَّ مَعرفة هذا أصْلُ الدِّين وأساسُ الهداية، وأفضَل ما اكتسبَته القلوبُ وحصَّلَته النُّفوس وأدركَتْه العقول، فكيف يكون ذلك الكتاب وذلك الرَّسول وأفضَلُ خلْق الله بعد النبيِّين لم يُحكِموا هذا الباب اعتقادًا وقولًا"
    ،
    ويقول عن مَعرفة الله:
    "الذي مَعرفتُه غاية المعارِف وعبادتُه أشرَفُ المقاصِد، والوصول إليه غايةُ المطالِب، بل هذا خُلاصة الدَّعوة النبويَّة وزبدة الرِّسالة الإلهيَّة"
    ، ويقول ابن القيِّم: "اعلم أنَّ سرَّ العبودية وغايتها وحكمتَها إنَّما يطَّلع عليها من عرَفَ صِفات الربِّ عزَّ وجل ولم يعطِّلها، وعرف مَعنى الإلهيَّة وحقيقتها

    وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن:"أجلُّ الفوائد وأشرَفها ما دلَّ عليه الكتاب العزيز؛ من مَعرفة الله بصِفات كمالِه ونُعوتِ جلاله، وآياتِه ومخلوقاته، ومعرفة ما يترتَّب على ذلك من عبادته وطاعتِه وتعظيمِ أمرِه ونهيه، وأدلَّةُ ذلك مبسوطةٌ في كِتاب الله، وأكثر النَّاس ضَلَّ عن هذين الأصلَين مع أنَّهما زبدَة الرِّسالة ومقصود النبوَّة ومَدارُ الأحكام عليهما
    وقال السعدي
    فكلَّما ازداد العبدُ معرفةً بأسماء الله وصِفاتِه ازداد إيمانُه وقوِيَ يقينُه، فيَنبغي للمؤمن أن يَبذل مقدورَه ومُستطاعه في مَعرفة الأسماء والصِّفات

    قال ابن القيم: " وهو أن يَعبد اللهَ كأنَّه يَراه، وهذا المشهد إنَّما يَنشأ من كَمال الإيمانِ بالله وأسمائه وصِفاتِه حتى كأنَّه يَرى اللهَ سبحانه فوق سَمواته مستويًا على عرشه، يتكلَّم بأمره ونهيِه، ويدبِّر أمرَ الخليقة، فيَنزِل الأمرُ من عنده ويَصعَدُ إليه، وتُعرَض أعمال العِباد وأرواحهم عند الموافاة عليه، فيَشهد ذلك كلَّه بقلبه، ويَشهد أسماءه وصفاتِه، ويَشهد قيومًا حيًّا، سميعًا بصيرًا، عزيزًا حكيمًا، آمِرًا ناهيًا، يحبُّ ويبغض، ويَرضى ويغضَب، ويفعل ما يَشاء، ويَحكم ما يُريدُ،وهو فوق عرْشِه، لا يَخفى عليه شيء من أعمال العِباد ولا أقوالِهم ولا بواطِنهم، بل يَعلم خائنةَ الأعيُن وما تُخفي الصُّدور،"

    قال ابنُ القيم
    "ومَن كان له نَصيب من مَعرفة أسمائه الحسنى واستِقراء آثارها في الخلْق والأمرِ رأى الخلقَ والأمرَ منتظمَين بها أكمَلَ انتِظام، ورأى سريان آثارِها فيهما، وعلِمَ بحسب مَعرفته ما يَليق بكماله وجلالِه أن يَفعله وما لا يليق، فاستَدلَّ بأسمائه على ما يَفعله وما لا يفعله؛ فإنَّه لا يَفعل خلافَ موجِب حمْدِه وحكمتِه، وكذلك يَعلم ما يَليق به أن يَأمر به ويشرعه ممَّا لا يَليق به؛ فيعلم أنَّه لا يَأمر بخلاف موجِب حمْدِه وحكمته، فإذا رأى في بعض الأحكام جورًا وظلمًا، أو سفَهًا وعبثًا ومفسدةً، أو ما لا يوجِب حمدًا وثناءً - فلْيعلَم أنَّه ليس من أحكامه ولا دينِه، وأنَّه بريءٌ منه ورسولُه؛ فإنَّه إنما أمَرَ بالعدل لا بالظُّلم، وبالمصلَحة لا بالمفسدَة، وبالحكمة لا بالعبَث والسَّفَهِ"

    وقال:
    "أمَّا من جِهَة العلمِ والمعرفة فأنْ تكون بَصيرتُه منفتِحة في معرفة الأسماء والصِّفاتِ والأفعال، له شُهودٌ خاصٌّ فيها مطابِق لِما جاء به الرَّسول لا مخالف له، فإنَّ بحسب مخالفتِه له في ذلك يقَع الانحِراف، ويكون ذلك قائمًا بأحكام العبوديَّة الخاصَّة التي تَقتضيها كلُّ صفة بخصوصها، وهذا سلوك الأكياسِ الذين هم خلاصة العالَم، والسَّالكون على هذا الدَّرب أفراد من العالَم، طريق سهْل قريبٌ موصِل، طريق آمِنٌ أكثرُ السَّالكين في غفلةٍ عنه، ولكن يَستدعي رسوخًا في العلم ومعرفةً تامَّة به، وإقدامًا على ردِّ الباطل المخالف له ولو قاله مَن قاله"

    وقال انَّ العلم بالأسماء والصِّفات والتعبُّدَ لله بها قطْبُ السَّعادة، ورَحى الفَلاح والنَّجاح، فمَن رام السَّعادة وابتغاها فليأخُذ نفسَه بأسماء الله وصِفاته، فبها والله الأُنس كلُّه والأمْنُ كله، وما راحة القلب وسعادته إلَّا بها، ولم لا وهي تتعلَّق بمَن طبُّ القلوب بيديه، وسعادتها بالوصول إليه وكمال انصباب القلب إليه.

    ولذا أشار الحبيبُ صلى الله عليه وسلم إلى الاعتِناء بها حين قال: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائة إلَّا واحدًا، مَن أحصاها دخل الجنَّةَ))، وقال: "مَن تعلَّق بصفة من صِفاته أخذَته بيده حتى تُدخِله عليه، ومَن سار إليه بأسمائه الحسنى وصَل إليه، ومَن أحبَّه أحبَّ أسماءه وصفاته، وكانت آثَر شيء لديه، حياةُ القلوب في معرفته ومحبَّته، وكمالُ الجوارح في التقرُّب إليه بطاعته والقيامِ بخدمته، والألسِنة بذِكره والثَّناء عليه بأوصاف مِدْحَتِه"

    وقال: "فالسَّير إلى الله من طريق الأسماء والصِّفات شأنُه عجَب وفتحه عجَب، صاحِبُه قد سيقَت له السَّعادة وهو مستلقٍ على فراشه غير تعِبٍ ولا مَكدود، ولا مشتَّت عن وطنه، ولا مشرَّد عن سكنه

    إنَّ العلم بالأسماء والصِّفات والتعبُّد لله بها طريق محبَّة الله للعبد، وهي عنوان السَّعادةِ وطريق النَّجاة والفوز بالرضوان،
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
    "وثبت في الصَّحيح أنه بشَّر الذي كان يقرؤها ويقول: إنِّي لَأحبُّها لأنَّها صِفة الرحمن - بأنَّ الله يحبُّه فبيَّن أنَّ الله يحب مَن يحب ذِكر صِفاته سبحانه وتعالى، وهذا بابٌ واسع"

    وإنما كان الفضل له لمحبَّته لسورة الإخلاص التي هي وصْف الرَّحمن ونسبه سبحانه وتعالى، وقد جاء أنَّ المشركين قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربَّك، فنزلَت هذه السورة مبيِّنة لصِفة الرَّحمن، فمَن أحبَّ هذه السورة إنَّما أحبَّها لما فيها من صِفات الكمال والجَلال لله تعالى، ومَن أحبَّ هذه الصِّفات فقد أحبَّ مَن اتَّصَف بها سبحانه، فمحبَّةُ الصِّفات موصِلةٌ إلى محبَّة الله تعالى.

    قال العزُّ بن عبدالسلام:
    "أحَبُّ عِباد الله تعالى إليه وأكرَمُهم عليه العارفون بما يستحقُّه مولاهم مِن أوصاف الجلال ونعوت الكمال...، فهم في رياض معرفَتِه حاضرون، وإلى كَمال صِفاته ناظرون، إنْ نظروا إلى جلاله هابوه وفنوا، وإن نظروا إلى جماله أحبُّوه وصبروا، وإن نَظروا إلى شدَّة نقمته خافوه وأذعنوا، وإن نظروا إلى سعَةِ رحمته رجوه وأنابوا إليه..."

    إنَّ معرفة الأسماء والصِّفات أعظم روافِد الإيمان، وأجَلُّ الموصلات لحلاوته، ولذا كان مَن تحقَّق بمعانيها ووعاها بقلبه ووجدانه - فإنه يجِد لها من التأثيرات المختلفة على قلبه ما يهذِّب روحَه ويَسمو بنفسه حتى يَصير كأنَّه في رياضٍ مِن الجنَّة"، ولذا قال صلى الله عليه وسلم - فيما يُوجِد حلاوةَ الإيمان - ((أنْ يكون اللهُ ورسوله أحبَّ إليه ممَّا سِواهما))

    قال السعدي مبينًا روافد الإيمان: "منها - بل أعظمها - معرِفةُ أسماء الله الحُسنى الواردة في الكتاب والسنَّةِ، والحرص على فهم معانيها، والتعبُّد لله بها، ثمَّ ذكَر حديث: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا))، ثمَّ قال: "الجنَّة لا يدخلها إلا المؤمنون، فعُلِم أنَّ ذلك أعظم ينبوع ومادَّة لحصول الإيمان وقوَّته وثباته، ومعرفةُ الأسماء هي أصل الإيمان، والإيمان يرجِع إليها"

    والتعرُّف على الله بالأسماء والصِّفات من أعظم السُّبل الموصِلة للأنس بالله والمحبَّةِ له والتعظيم لشأنه جلَّ وعلا، وهل ذلك إلَّا العبودية الحق التي قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: "مَن أراد السعادةَ الأبديَّة فليلزم عتبةَ العبودية"

    ومَن تفكَّر في أسماء الله وصِفاته وجَد في نفسه مِن عظمة الله ومحبَّته ما يوضح له بيقينٍ معنى العبودية؛ بل يكون حينئذ ذلك الوصف هو أحسَنَ الأوصاف إليه وأقرَبَها إلى نفسه، ألا ترى أنَّ الله نادى خليلَه صلى الله عليه وسلم بذلك الوصف فقال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1]، فوصفه بذلك الوصف في مقام التشريف والتكريم وبيان القرب؟ وهذا الوصف هو الذي اختاره صلَّى الله عليه وسلم حينما خُيِّر بين أن يكون ملِكًا رسولًا أو عبدًا نبيًّا وإذا وصَل العبدُ لذلك حقَّ له الفرح: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس: 58].

    وإذا تأمَّل الموفَّق ذلك فإنَّه لا ينثني أن يكون هذا العِلم أكبرَ مقاصده وأعظَم مطالبه، بل يجعله غايته ومقصده، وسلوَتَه وأُنسَه، وإلَّا فقد جعل لنفسه من الحرمان نصيبًا وافرًا.

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة

    ليس لنا أن نبحث عن الله ونقرر أين هو .. وكيف استوى ..

    .....
    لما سئل الامام مالك عن الاستواء، قال: (الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة) يعني عن كيفية الاستواء، وهكذا قال أهل السنة في جميع الصفات مثل قول مالك - المعاني معلومة على حسب ما تقتضيه اللغة العربية التي خاطب الله بها العباد، والكيف مجهول وتلك المعاني معان كاملة ثابتة موصوف بها ربنا سبحانه لا يشابه فيها خلقه، ونوصيك بتدبر القرآن الكريم والإيمان بأن جميع ما دل عليه حق لائق بالله سبحانه فيما يتعلق بباب الأسماء والصفات.
    كما أن جميع ما دل عليه حق في جميع الأبواب الأخرى، ولا يجوز تأويل الصفات، ولا صرفها عن ظاهرها اللائق بالله، ولا تفويضها، بل هذا كله من اعتقاد أهل البدع، أما أهل السنة والجماعة فلا يؤولون آيات الصفات وأحاديثها ولا يصرفونها عن ظاهرها ولا يفوضونها، بل يعتقدون أن جميع ما دلت عليه من المعنى كله حق ثابت لله لائق به سبحانه لا يشابه فيه خلقه، كما قال سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] فنفى عن نفسه مماثلة الخلق وأثبت لنفسه السمع والبصر على الوجه اللائق به وهكذا بقية الصفات[ابن باز]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة

    ..
    فالأفهام فى عز سلطانه مقيدة ومعقولة والأوهام ملتبسة مقهورة ..
    .....
    قال الشيخ عبدالله ابن جبرين فى شرح ابيات سلم الوصول
    لا تبلغ الأوهـام كنـــه ذاتـــه

    ولا يكـيـف الحجــا صفــاتــه
    الأوهام: يعني التخيلات، لا تبلغ كنه ذاته، الكنه: هو الماهية، كنه الشيء يعني: ماهيته وما يتكون منه، فالأوهام والتخيلات والعقول لا يمكن أن تبلغ كنه ذاته وأن تتكيفه ،
    .............................. ......... ولا يكـيـف الحجــا صفــاتــه
    الحجا: هو العقل. أي: مهما فكرت العقول فإنهم لا يكيفون صفاته، فعلم الكنه، و الكيفية، اختص الله تعالى به دون خلقه، فلا أحد يقدر على أن يبلغ كنه صفة من صفاته وماهيتها.

    قال ابن أبي العز الحنفي فى شرح الطحاوية
    قوله: ( لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام )

    قال الله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً}. قال في الصحاح: توهمت الشيء: ظننته، وفهمت الشيء: علمته. فمراد الشيخ رحمه الله: أنه لا ينتهي إليه وهم، ولا يحيط به علم. قيل: الوهم ما يرجى كونه، أي: يظن أنه على صفة كذا، والفهم: هو ما يحصله العقل ويحيط به. والله تعالى لا يعلم كيف هو إلا هو سبحانه وتعالى، وإنما نعرفه سبحانه بصفاته، وهو أنه أحد، صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، {واللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}. {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
    قوله: (ولا يشبهه الأنام).
    ش: هذا رد لقول المشبهة، الذين يشبهون الخالق بالمخلوق، سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. وليس المراد نفي الصفات كما يقول أهل البدع فمن كلام أبي حنيفة رحمه الله في الفقه الأكبر: لا يشبه شيئاً من خلقه ولا يشبهه شيء من خلقه. ثم قال بعد ذلك: وصفاته كلها خلاف صفات المخلوقين، يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا. انتهى.
    وقال نعيم بن حماد: من شبه الله بشيء من خلقه فقد كفر،
    ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه. وقال اسحاق بن راهويه: من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم. وقال: علامة جهم وأصحابه، دعواهم على أهل السنة والجماعة ما أولعوا به من الكذب -: أنهم مشبهة، بل هم المعطلة. وكذلك قال خلق كثير من أئمة السلف: علامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة، فإنه ما من أحد من نفاة شيء من الأسماء والصفات إلا يسمي المثبت لها مشبهاً، فمن أنكر أسماء الله بالكلية من غالية الزنادقة، القرامطة والفلاسفة، وقال: أن الله لا يقال له: عالم ولا قادر-: يزعم أن من سماه بذلك فهو مشبه، لأن الاشتراك في الإسم يوجب الاشتباه في معناه، ومن أثبت الاسم وقال: هو مجاز، كغالية الجهمية، يزعم أن من قال: أن الله عالم حقيقة، قادر حقيقة -: فهو مشبه، ومن أنكر الصفات وقال: أن الله ليس له علم ولا قدرة ولا كلام ولا محبة ولا إرادة - قال لمن أثبت الصفات: أنه مشبه، وأنه: مجسم. ولهذا كتب نفاة الصفات، من الجهمية والمعتزلة والرافضة ونحوهم، كلها مشحونة بتسمية مثبتة الصفات مشبهة ومجسمة، ويقولون في كتبهم: إن من جملة المجسمة قوما يقال لهم: المالكية، ينسبون إلى رجل يقال له: مالك بن أنس، وقوماً يقال لهم الشافعية، ينسبون الى رجل يقال له: محمد بن ادريس !! حتى الذين يفسرون القرآن منهم، كعبد الجبار، و الزمخشري، وغيرهما، يسمون كل من أثبت شيئاً من الصفات وقال بالرؤية - مشبهاً، وهذا الاستعمال قد غلب عند المتأخرين من غالب الطوائف.
    ولكن المشهور من استعمال هذا اللفظ عند علماء السنة المشهورين: أنهم لا يريدون بنفي التشبيه نفي الصفات، ولا يصفون به كل من أثبت الصفات. بل مرادهم أنه لا يشبه المخلوق في أسمائه وصفاته وأفعاله، كما تقدم من كلام أبي حنيفة رحمه الله أنه تعالى يعلم لا كعلمنا، ويقدر لا كقدرتنا، ويرى لا كرؤيتنا. وهذا معنى قوله تعالى: {كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. فنفى المثل وأثبت الصفة.
    وسيأتي في كلام الشيخ اثبات الصفات، تنبيها على أنه ليس نفي التشبيه مستلزماً لنفي الصفات.
    ومما يوضح هذا: أن العلم الالهي لا يجوز أن يستدل فيه بقياس تمثيلي يستوي فيه الأصل والفرع، ولا بقياس شمولي يستوي أفراده، فإن الله سبحانه ليس كمثله شيء، فلا يجوز أن يمثل بغيره، ولا يجوز أن يدخل هو وغيره تحت قضية كلية يستوي أفرادها. ولهذا لما سلكت طوائف من المتفلسفة والمتكلمة مثل هذه الأقيسة في المطالب الالهية - لم يصلوا بها إلى اليقين، بل تناقضت أدلتهم، وغلب عليهم بعد التناهي الحيرة والإضطراب، لما يرونه من فساد أدلتهم أو تكافيها.
    ولكن يستعمل في ذلك قياس الأولى، سواء كان تمثيلاً أو شمولاً، كما قال تعالى: ولله المثل الأعلى. مثل أن يعلم أن كل كمال للممكن أو للمحدث، لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهو ما كان كمالاً للوجود غير مستلزم للعدم بوجه -: فالواجب القديم أولى به. وكل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ثبت نوعه للمخلوق والمربوب المدبر-: فإنما استفاده من خالقه وربه ومدبره، وهو أحق به منه. وأن كل نقص وعيب في نفسه، وهو ما تضمن سلب هذا الكمال، اذا وجب نفيه عن شيء من أنواع المخلوقات والممكنات والمحدثات -: فإنه يجب نفيه عن الرب تعالى بطريق الاولى.

    قال الشيخ صالح آل الشيخ

    قال في الجملة بعدها: "لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام " هذا يرد به على المجسمة والمعطلة جميعاً، "لا تبلغه الأوهام"يعني: أن تفكير المفكر، ونظره بخياله لا يمكن أن يبلغ بخياله وفكره وصف الله جل وعلا، ولا كنه ذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فليست الأفهام موضوعة لإدراكه {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} سبحانه.

    "ولا تبلغه الأوهام" يعني: مهما فكر العبد فلن يبلغ كنه ذاته سبحانه، ولا كنه اتصافه بصفاته جل وعلا، ولا يمكن للأفهام مهما علت أن تدرك ذلك، ففيه رد على المجسمة الذين جعلوا الله جل وعلا جسماً كالأجسام، وفيه رد على المعطلة الذين جعلوا الله جل وعلا معطلاً بصفاته، معطلاً عما وصف به نفسه؛ لأنهم شبهوا أولاً، ثم عطلوا ثانياً، فقام....
    الشيخ:... {أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، فمعرفة الإنسان باتفاق العقلاء والحكماء، واتفاق أهل الشرع أنها إنما تكون شيئا فشيئا، وهذا هو الذي يسمى عند الفلاسفة نظرية المعرفة، أو نظرية حصول المعارف، وهي كما قلنا تأتي شيئا فشيئا، وهي مبنية على قسمين:
    القسم الأول: أن هناك أشياء يدركها بحواسه؛باللمس،بالبصر، بالشمِّ،بالذوق، بالسماع، بحواسه يدرك، وهذا نوع من تحصيل المعارف، نوع من المعارف يحصل للإنسان بحواسه، وهذا أول ما يبدأ به الصغير.
    والقسم الثاني: ما يحصل بعقله وإدراكه، وهذا مبني على المقارنة، وهذا القسم الثاني: مبني على الأول، وهو أنه يقارن الأشياء مع ما أحسها، فالمحسوسات التي أدركها بعينه، وبشمه، وبذوقه، وبسمعه، وبلمسه للأشياء هذه تسمى ضرورية؛ لأن وجودها لا يحتاج إلى برهان،وغيرها مما يحصل به المعرفة إنما يكون منسوبا عنده بهذه الأشياء، فيرى مثلا هذا العمود، فيراه بإحساسه ذا حجم، ثم يرى عمودا آخر أصغر منه، فيراه مختلفا عنه في الطول، فعقد المقارنة، وقال: هذا أصغر من هذا، ثم عقد المقارنة فقال: هذا أكبر من هذا، عقد المقارنة بين الألوان فقال: هذا أبيض، وهذا أسود، وهذا أحمر، عقد المقارنة بين الأشياء الحرارية فقال: هذا بارد، وهذا متوسط، وهذا دافئ وهذا حار إلى آخر ذلك.
    وهذا نتحصل منه على القاعدة المتفق عليها بين القائلين بنظرية المعرفة، وهي صحيحة شرعا على القدر الذي ذكرت لك؛بأنه لا يمكن للوهم؛ وهم الإنسان، ولا يمكن لفهمه أن يدرك شيئا ولا أن يبلغه وهمه وفهمه إلا إذا رآه، أو أحسه بأحد الحواس، أو رأى ما يماثله ويشابهه فيقيس عليه، أو رأى ما يقيسه عليه،ولو لم ير ما يماثله، أو يشابهه إذا أمكنه القياس،فمثلا، يقول مثلا: تذكر صفة حيوان ما، إذا قيل لك: هناك حيوان اسمه القلا، أي اسم، فأنت مباشرة تتصور، ولو لم تعرف حقيقته، إنما ما دام إنه حيوان يمكن أن تقيس وتستخرج بعض الصفات؛ لأنا ابتدأنا وقلنا: حيوان، فإذا قلت: إنه أكبر من الفيل ذهبت إلى شيء آخر،إذا قلت: إنه أصغر من الفيل بدأت تتحدد، وتقرب عندك؛ لأنك أدركت هذه الأشياء بما رأيت أو بما يمكنك أن تقيس عليه.
    ولهذا نقول: لا يمكن لأحد أن يدرك شيئا إلا إذا رآه، ولا أن يتحصل منه على معرفة؛ معرفة يبلغها وهمه، وتدركها فهمه إلا إذا رآه، أو رأى مثيله وشبيهه، أو رأى ما يقاس عليه، المثيل والشبيه مثلا تقول مثلا: أكلنا خبزا في بلد كذا، ما دام ذكرت الخبز، نحن أكلنا خبزا هنا، هناك، إذا قال لك: الخبزة مثلا ثلاثة أمتار طولها، فنأخذها ونقطعها، تعرف أن الخبز دقيق، أو بر إلى آخره، فعرفت شبيهه أو مثيله، فيمكن أن تدرك الآخر برؤيتك لما يدخل معه في الشبه، أو في المثلية.
    الله سبحانه وتعالى لم تدركه الحواس، لم تدركه الحواس سبحانه وتعالى، ولم ير مثيل له، أو شبيه له، ولم ير ما يقاس،ما يمكن أن يقاس الحق عليه جل وعلا، ولذلك دخول المعرفة أو إدراك المعرفة، أو حصول المعرفة بالله جل وعلا لا يمكن أن تكون بالأوهام، أو الأفهام، أو بالأقيسة، أو بما تراه،ولهذا احتاج الناس إلى بعثة الرسل تبين لهم صفة ربهم جل وعلا وصفة خالقهم؛ لأنه جل وعلا لم ير، ولم يدرك مثله ولا ما يشبهه سبحانه، ولا يمكن أيضا أن يقاس على شيء.
    فلذلك كان لابد من بعثة الرسل لبيان ذلك، وهذا يعني أنه سبحانه لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام،كما ذكر المصنف، فإذن قوله:
    "لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام" منطلق من مسألتين كبيرتين ذكرتهما لك في هذه المسألة.
    المسألة الثانية: أن الأوهام والأفهام هذه عبر عنها بقوله:"لا تبلغه الأوهام"في الأوهام. وفي الأفهام قال:"لا تدركه الافهام". وهذا راجع إلى أن الوهم يعني: ما يتوهمه الإنسان فغير ما يفهمه، فالوهم راجع للخيال، والفهم راجع للأقيسة والمقارنات.
    ولهذا الرب جل وعلا لا يمكن تخيله، ولا يمكن أيضا أن يفكر فيه فيدرَك،وهذا معنى قول الله جل وعلا: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ}سبحانه وتعالى، لا تدركه الأبصار،لا تدركه الأبصار سبحانه، ولا تدركه الأبصار, هنا الأبصار تأتي بمعنى البصر،هو سبحانه لا يحيط به البصر،إذا رآه أهل الإيمان في الآخرة، وفي الدنيا،لا تدركه الأبصار أيضا (اللي) هي الرؤى، والعيون، وكذلك الأبصار التي هي الأفهام والأوهام لا تدركه جل وعلا.
    فالفهم إذن منقطع، والوهم إذن منقطع، ولهذا قال بعض السلف: ما خطر ببالك فالله جل وعلا بخلافه، لم؟ لأني ذكرت لك أن لا يمكن أن يخطر ببالك،ولا أن تتخيل إلا شيئا مبنيا على نظرية المعرفة من قبل،وهذا مقطوع يقيني، إذن فصار الأمر أن إثبات الصفات لله جل وعلا بأنواعها، مع قطع الطمع في بلوغ الوهم لها من جهة الكيفية والكنه، وكذلك من جهة إدراك الأفهام لتمام معناها،فمن الجهتين: كنه الصفة الكيفية، وكذلك تمام المعنى هذا لا يمكن أن تبلغه الأوهام، ولا أن تدركه الأفهام.


  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Apr 2020
    المشاركات
    49

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اخي الفاضل محمد بن عبد اللطيف زادك الله حرصا ونفعا علي ما تنويه ، ونصحا وهمةً لما تقوم وتُجِد فيه ، وفهما فيما يتعضل غيرك فيه ، فلبيب الخلق كما تعلم الاشارة تكفيه ، ولبك واضح وفهمك ظاهر بارك الله لك فيه
    اما لرفع الالتباس عما انا قلته ، وسبق ووضحته ، وكان من جانبكم عليه التعقيب المفيد ، والنصح الرشيد ، وذلك منكم دائما مأمول ، ولكن لرفع الالتباس اقول ...
    اما قولي < فأمسك من عندك > فقد سبقني فيه ربي بقوله سبحانه ( ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم ) فلا شك وانت الخبير ، ان الامساك والانتهاء عن مثل هذه الضلالات خير ، ويزداد ذلك اذا كان القائل يقصد بقوله الدعوة والنشر
    واما قولي < بلا تجريح > فكان قبله قولي < ولا يظن من بعدك ظان > فهذه التفاته اخرجت اخي الكلام من معني الخصوص والتعين ، الي معني العموم ، فلم اعين اي مقام للتجريح ، ولا من المجرح ، واكرر امتناني علي ارشادك وشكري ، وارجوا الله الا يُستثقل من جانبكم ردي

    اما السعيد شويل فاقول له يارجل الا تتأني قليلا ، وتراجع الكلام الذي يستشكل عليك فهمه مرارا ، فقد يزول عنك ذلك الاستشكال والاستغراب ، ولا تأتي بمثل ما جئت به من الكلام العجاب ، او التمس الايضاح وتبرأ بالالتماس عهدتك ، ولن تجد احدا عند الاستيضاح يستلومك ، فقد صدمت يا رجل عند قرائتي لمشاركتك ، اقول لك المشركين فتفهم عندك اجلاء وأفاضل المسلمين ، صحابة النبي الكريم ، كيف هذا واي وجه يفهم منه كلامي هكذا
    ولا حول ولا قوة الا بالله
    اما قولك

    على رد لم أفهم منه شيئا
    اليهود كادوا يوحدوه ... كيف .. ؟ .. ألم يكونوا مؤمنين موحدين ثم قست قلوبهم .. [/size]
    النصاري عرفوه وما وحدوه ... كيف .. ؟ .. ألم يكونوا مؤمنين موحدين ثم قست قلوبهم ..
    { فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ }
    4]واعلم ان المشركين ما وحدوه [/size][/u][/u].... كيف .. ؟ من هم الصدر الأول فى الإسلام ..
    ........
    اقول لك اعلم ان المشركين ..... تقول لي الصدر الاول في الاسلام وتفهمها الصحابة والتابعين ، سبحان الملك ، سبحان الملك
    وانت لو تريثت قليلا ، وتدبرت شيئا يسيرا ، ستجد انك قلت في مشاركتك السابقة نفس الكلمات التي استشكلتها في مشاركتي ، بل انا لم استخدمها الا ردا علي استخدامك لها ، فانظر الي قولك
    حين نزلت الرسالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. بماذا أمر الله نبيه فى بلاغ الكفار والمشركين أو فى بلاغ اليهود والنصارى
    هذا هو قولك ثم في مشاركتي يستشكل عليك فهم لفظة المشركين واليهود والنصاري
    ولا شك اني اقصد الذي انت تقصدهم وهم المشركون واليهود والنصاري ، الذين وهم علي حالهم نزلت فيهم رسالة النبي صلي الله عليه وسلم ، اي الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه ، فانا ماذكرتهم الا لذكرك لهم ، وفي ردي جاء مزيد ايضاح حين اقوال
    فهل علمت فيما علمت ان احدا من الذين بعث فيهم النبي لا يعرف من يعبد
    ثم شرعت في بيانهم ، فعلام الاستشكال اذن ، والذي زاد في حيرتي ، انه وعند ذكر لفظة اليهود والنصاري او اهل الكتاب جميعهم ، لايتبادر الي الذهن ان المقصود بها ايام توحيدهم ، والقرآن ملئ بذلك ولا يتبادر الي الذهن ايام ان كانوا موحدين ، اما ان اقول مشركين ، وتفهم اكابر المسلمين فهذا طامة كبري ، نزلت علي كالصدمة ، ولكن في الاخير هذا وشأنك

    اما قولي
    واعلم ان المشركين ما وحدوه ولكن عرفوه وميزوه عن غيره ولم يتنقصوه
    واليهود وحدوه وعرفوه وميزوه ولكن تنقصوه
    والنصاري عرفوه وما وحدوه وما ميزوه وتنقصوه
    ونفاة الصفات ما عرفوه وما ميزوه وما وحدوه وتنقصوه

    فإن استشكل عليك فهمه فأنت محق ولا ملامة ، فهو كلام مجمل وقد اكتفيت فيه بالاشارة ، وعذري اني لست في مجلس من مجالس العامة ، وظني انه ما احاط العنق كان يكفي من القلادة ،علي ان غيرك يفهمه والله يمن علي من يشاء من عباده ، اما وقد وقع منك الاستشكال ، فقد وقع في ذمتي البيان ، وبراءة لذمتي وتوضيحا لحجتي اقول
    اما الجملة الاولى
    واعلم ان المشركين ما وحدوه ولكن عرفوه وميزوه عن غيره ولم يتنقصوه
    فقولي ان المشركين ما وحدوه اي ان المشركين ماوحدوا الله فقد اشركوا في اقسام التوحيد الثلاثة
    وقولي ولكن عرفوه اي بصفاته فلم ينفوها عن الله
    وقولي وميزوه اي بمكانه في سمائه، وعلوه علي خلقه وحَدِّه
    وقولي ولم يتنقصوه اي بسلب صفات الالوهية منه سبحانه والربوبية او اثبات صفات في حقه وهي صفات دنيه
    فهذا ايضاح لمجمل قولي في المشركين
    اما قولي في اليهود
    واليهود كادوا يوحدوه وعرفوه وميزوه ولكن تنقصوه
    فقولي كادوا يوحدوه هذا لانهم لم يشركوا في كل اقسام التوحيد علي علمي
    وقولي وعرفوه اي بصفاته فلم ينفوها عن الله
    وقولي وميزوه اي بمكانه في سمائه، وعلوه علي خلقه وحَدِّه
    وقولي ولكن تنقصوه هذا لانهم اثبتوا لله بعضا من الصفات الدنية المذمومة
    اما قولي في النصارى
    والنصاري عرفوه وما وحدوه وما ميزوه وتنقصوه
    فقولي عرفوه اي بصفاته فلم ينفوها عن الله
    وقولي وما وحدوه فلانهم اشركوا في اقسام التوحيد الثلاثة
    وقولي وما ميزوه هذا لانهم قالوا بالحلول والاتحاد والتداخل والاختلاط مع انهم يعتقدون ان الله في السماء
    وقولي وتنقصوه بنسبتهم له الصاحبة والولد
    اما قولي في نفاة الصفات
    فقد وضحت في اخر مشاركتي السابقة ولا بأس لاعادته هنا مع شيء من الزيادة رجاءً للافادة
    ونفاة الصفات ما عرفوه وما ميزوه وما وحدوه وتنقصوه
    ماعرفوه بنفيهم صفاته ، وما ميزوه بنفيهم مكانه وعلوه وحده ، وما وحدوه اذ لم يعبدوا الاله الذي نعبد ، والحدوا في اسماءه وصفاته ، فنقضوا توحيدهم من اساسه ، وتنقصوه اذ جوزوا علي الله ما يجوز علي خلقه ، فعندهم هو في الاماكن المستقذرة بذاته ، ونفوا علوه علي خلقه ومكانه المقدس في سمائه ، فاجتمع فيهم ما لم يجتمع فيمن سبقهم ، وذلك لفرط ضلالهم ، وافتراءهم علي ربهم ، فبئس الايمان ايمانهم ، والله هو الحكم بيننا وبينهم ، واليه مرجعنا ومرجعهم .
    ولعل ذمتي قد برئت بعد هذا الايضاح ، اما الهداية فمن عند الله سبحانه يهدي من يشاء
    اما قولك

    هل تلزم العامة من المسلمين بالبحث عن الصفات حتى يكونوا مؤمنين .. كيف ؟
    .......
    [/font]

    فأقول وهل هناك من لا يؤمن بصفات الله من عامة المسلمين ، فهذه الضلالات لم تجئنا الا من المتفلسفين والمتكلمين ، وعلام يارجل المراء والجدل ، فهؤلاء عامة المسلمين انزل بنفسك وسل ، فستعلم انه يثبتون علو الله بلا مراء ، وانه سبحانه في السماء ، وانه متكلم متي يشاء ، وينسبون الي من انكر ذلك السفاهة والغباء ، فياليت علماءكم المتخصصين ، يؤمنون بما آمن به عوام المسلمين
    اما قولك
    اخي ان تجاوز أى إنسان عبوديته .. فى نظره وتأمله ..
    وتعدى فى فكره من النظر فى خلق الله وآياته إلى البحث عن ذاته .. فقد اقترف أَمراً إِمرا
    فإثبات صفات الله التي اثبتها لنفست سبحانه ليس تجاوزا ابدا ، بل التجاوز الحق من العبد والافتراء، ان ينفي العبد عن الله صفاته ، وما اثبته سبحانه لنفسه ، فانت كما تدندن دائما عبد لله فكيف للعبد ذي العقل المقيد القاصر ، والعاجز عن الادراك والحائر ، كما تدندن ايضا ، فكيف لهذا العبد ان ينفي ما اثبته السيد لنفسه ، ويقحم في ذلك عقله ، افتكيل بمكيالين يارجل ، افلا تتعقل يارجل ؟
    افنحن عبيد عقولنا عقيلة ، قليلو الحيلة ، في اثبات الصفات ، ومتفقهون اثبات ، عقولنا فاقت الغيبيات ، وذلك في نفي الصفات ، اليس منكم رجل رشيد ؟
    اما قولك

    وكان عن العقل خارجاً وفى تيه الجهل والجاً .. [/font]{ َولا تقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ }

    [

    اقول بدليلك نحتج عليك كما قد سبق ومر ، واعانني الله دوما علي ذلك الامر ، واقول لك
    نحن آمنا بما جاء في آيات الله وكتابه ، وبما قاله لنا رسوله ، وأثبتنا ما اثبته الله ورسوله ، افكلام الله وكلام رسوله عندك ليس بعلم ، حتي تقول لي فلا تقف ما ليس لك به علم ، فنحن الذين اقتفينا العلم والاثار ، وانت ما اقتفيتم الا الاوهام والغبار ، فما اقبح استدلالك بهذا الدليل ، فنحن ما اقتفينا الا الدليل ، فالعلم دائما
    في استدلالاتنا وضده في استدلالاتكم فتنبه
    اما قولك
    عقولنا محجوبة عن درك حقيقته لأن العقول خُلقت للعبودية
    فلا ادري ما هذا الكلام ، افأي كلام يخطر ببالك تقوله هكذا وبلا ميزان ، افلا تعرضه علي ميزان الشرع اولا ، لتري اصادف حقا ام وافق باطلا
    فقولك عقولنا محجوبة عن درك الحقيقة
    اقول هذه عقولكم انتم لا عقولنا نحن المحجوبة ، فإن عقولنا ولله الحمد وعقول اسلافنا تدرك الحقيقة ، فالحق ان الله واحد ونحن ندرك هذه الحقيقة ، والحق ان الله حكيم عليم قدير سميع بصير فهذا كلها حقائق عن الله ونحن ندركها ولله الحمد بعقولنا ، كما ندرك انه في السماء عال علي خلقه ، بائن عنهم بِحَدِّه ، وهذه ايضا حقائق ، وندركها بعقولنا وبلا ادني شك ، فاعلي مراتب الادراك اليقين ، ونحن ولله الحمد بكل ماسبق مدركون متيقنون ، ولكن لا نحيط بالله ادراكا ، فافهم هذا ، فنحن ندرك الحقائق هذه ولا يحيط ادراكنا بها ، كما نعلم عن الله ولا نحيط به علما ، ومن ذلك اننا لاندرك كيفية الصفات ، ولكن ندرك ونعلم معني هذه الصفات فتدبر
    وقولك لان العقول خلقت للعبودية
    فأقول وهل تصح العبودية الا بمعرفة من تعبد ، ومن له تركع وتسجد ، ام هي عبودية لمجهول ، بل وربي فكما انها عبودية لمعلوم الذات فهي عبودية لمعلوم الصفات ولكن هيهات هيهات ان يعقل ذلك نافون ومعطلة الصفات ، فكما اثبتت عقولك لله ذاته سبحانه ، فتثبت له صفاته جل شانه
    اما قولك
    ليس لنا أن نبحث عن الله ونقرر أين هو
    ..
    وكيف استوى ..
    [font

    فالاول يرده حديث النبي وسؤاله للجاريه ، والثاني يرده اثر الامام مالك
    فاجتمع معنا آيات الله واحاديث رسوله الهمام ، وآثار الائمة الاعلام ، وانتم بالله عليكم ماذا معكم ؟

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    أخى محمد عبد اللطيف . وأخى ابن أمارة
    الموضوع : تنزيه الله عن المكان .. ومشاركتى منحصرة فيه .. وليست فى الأسماء والصفات ..
    فلم أقحمتمونى فى الصفات وأنا لم أنكرها .
    سايرتكم ( رداً عليكم ) وقلت لكم أن الصفات لاتلزم العامة من المسلمين بأن يقوموا بالبحث عنها
    لأنهم يؤمنون بها بالبحث أو بدون بحث ( بالفطرة )
    ....
    يكفينى أخى محمد قولك :
    لما سئل الامام مالك عن الاستواء، قال: ( الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة )
    لا تبلغ الأوهـام كنـــه ذاتـــه ... ولا يكيف الحجا صفاته
    ......
    ويكفينى قول أخى ابن أمارة :
    وهل هناك من لا يؤمن بصفات الله من عامة المسلمين ، فهذه الضلالات لم تجئنا الا من المتفلسفين والمتكلمين ،
    ..
    وأقول له نعم .. فهذه ضلالات لم يأتينا بها إلا الزنادقة والوضاعين .. فقد ابتدعوا للمسلمين ماأفسدوا به الدين ..
    لترك العمل والإقبال على الجدل ..
    وهذا ما أصاب المسلمين من الخوارج والمنافقين وممن تسربلوا برداء وجلباب الإسلام ..
    توقفوا عن بلاغ الرسالة إلى سائر البلاد والأقطار ..
    .........
    الإختلاف فيما بيننا .. أنكم لاتنزهون الله عن المكان .. فقفزتم من العبودية إلى الإشراف على الربوبية
    تقررون عنه سبحانه بأنه مستوى على عرش فى السماء فجعلتموه محمولا .. وهذا ما لايجوز عن الله سبحانه ..
    لأنكم بذلك لا تقدرون الله حق قدره
    ........

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة

    الإختلاف فيما بيننا .. أنكم لاتنزهون الله عن المكان .
    تقررون عنه سبحانه بأنه مستوى على عرش فى السماء فجعلتموه محمولا .. وهذا ما لايجوز عن الله سبحانه ..
    لأنكم بذلك لا تقدرون الله حق قدره
    ........
    [quote]
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة

    الإختلاف فيما بيننا .. أنكم لاتنزهون الله عن المكان .
    اذا لماذا تمد يديك الى السماء وتتجه بقلبك الى العلو
    تقررون عنه سبحانه بأنه مستوى على عرش فى السماء فجعلتموه محمولا .. وهذا ما لايجوز عن الله سبحانه ..
    لا تكرر ما اتضحت فيه الحجة والبرهان
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية :
    " السلف والأئمة وسائر علماء السنة إذا قالوا " إنه فوق العرش ، وإنه في السماء فوق كل شيء " لا يقولون إن هناك شيئا يحويه ، أو يحصره ، أو يكون محلا له ، أو ظرفا ووعاء ، سبحانه وتعالى عن ذلك ، بل هو فوق كل شيء ، وهو مستغن عن كل شيء ، وكل شيء مفتقر إليه ، وهو عالٍ على كل شيء ، وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته ، وكل مخلوق مفتقر إليه، وهو غني عن العرش وعن كل مخلوق " انتهى من"مجموع الفتاوى " (16/100-101) .
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة


    لأنكم بذلك لا تقدرون الله حق قدره
    ........
    سبحان الله
    قال جل وعلا في بيان صفة ذاته, قال (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) يعني ما عظَّموه حق تعظيمه، ولو عظموه حق تعظيمه لما عبدوا غيره ولما أطاعوا غيره ولعبدوه حق العبادة ولذلوا له ذلا وخضوعا دائما وأنابوا إليه بخشوع وخشية؛ ولكنهم (مَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) يعني ما عظموه حق تعظيمه الذي يجب لقدره جل وعلا وعظم ذاته سبحانه وتعالى وصفاته.
    ثم بين جل وعلا شيئا من صفة ذاته العظيمة الجليلة فقال سبحانه (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فإن عقل الإنسان لا يمكن أن يتحمل صفة الله جل وعلا على ما هو عليه، والله جل وعلا بيّن لك بعض صفاته فقال سبحانه (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينِهِ) فإذا نظرت إلى هذه الأرض -على عِظمها وعلى غرور أهلها فيها-، ونظرت إلى حجمها وإلى سعتها وإلى ما فيها فهي قبضة الرحمان جل وعلا؛ يعني في داخل قبضة الرحمان جل وعلا يوم القيامة كما وصف ذلك بقوله (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فنفهم من ذلك أن كف الرحمان جل وعلا وأن يد الرحمان جل وعلا أعظم من هذا، وكذلك السماوات مطويات كطي السجل في كف الرحمان جل وعلا، كما قال سبحانه هنا (والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَاتٌ بِيَمِينِهِ) وقال في آية سورة الأنبياء ?يَوْمَ نَطْوِى السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ الخَلْقِ نُعِيدُهُ? [الأنبياء:104]، فهذه صفات الله جل جلاله هذه صفاته فإن الأرض التي يتعاظمها أهلها والسماوات التي يتعاضمها من نظر فيها هي صغيرة وآيلة في الصغر إلى أن تكون في كف الرحمان جل وعلا، والله سبحانه وتعالى أعظم من ذلك وأجلّ؛ بل هو سبحانه وتعالى الواسع الحميد الذي له الحمد كله وله الثناء كله.
    ويبين لك ذلك؛ يبين لك عظمة الرب في ذاته وعظمة الرب جل وعلا في صفاته إذا تأملت هذه الأحاديث، فإنك إذا نظرت في هذه الأرض، ونظرت سعة هذه الأرض، وغرور أهل الأرض بها غرور أهل الأرض في الأرض بهذه الأرض وبسعتها وبقواهم فيها، نظرت إلى أن الأرض بالنسبة إلى السماء أنها صغيرة، وأن بين الأرض وبين السماء الأولى مسيرة خمسمائة سنة في مسير الراكب السريع، وكذلك بين السماء الأولى والسماء الثانية مسيرة خمسمائة ألف سنة، وهكذا حتى تنتهي السبع السماوات، والأرض بالنسبة للسماوات صغيرة، ولهذا مثَّل السماوات السبع النبي عليه الصلاة والسلام في الكرسي الذي هو فوق ذلك وهو أكبر بكثير من السماوات, بقوله (إن السماوات السبع كدراهم سبعة ألقيت في ترس) يعني هذه السماوات صغيرة جدا بالنسبة إلى الكرسي؛ بل كدراهم سبعة ألقيت في ترس، والترس مكتنفها متقوس عليها، فهي صغيرة فيه وهو واسعها كما قال جل وعلا عن الكرسي ?وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا? [البقرة:255].
    فالأرض التي أنت فيها، وأنت فيها في نقطة صغيرة صغيرة هي بالنسبة إلى السماء هذا وصفها، والأرض والسماوات بالنسبة للكرسي هذا وصفه، والكرسي أيضا فوقه ماء، وفوق ذلك العرش عرش الرحمان جل وعلا، والكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، فهو متناهي الصغر بالنسبة إلى عرش الرحمان الذي الرحمان جل وعلا مستو عليه وهو فوقه سبحانه وتعالى.
    ولو تأملوا صفة الرب جل وعلا وما يجب له من الجلال وما هو عليه سبحانه وتعالى من صفات الذات ومن صفات الفعل وما هو في ذلك على الكمال الأعظم، فإنهم سيحتقرون أنفسهم، وسيعلمون أنه ما ثَم ينجيهم ويشرفهم إلا أن يكونوا عبيدا له وحده دون ما سواه.
    ..

    فإذا تأمل العبد صفات الربوية وصفات الجلال وصفات الجمال لله جل وعلا، وأن ذات الله جل وعلا عظيمة، وأنه سبحانه وتعالى مستو على عرشه بائن من خلقه على هذا العظم، وجد أنه ما ثَم إلا أنه يتوجه إليه بالعبادة وألا يعبد إلا هو،
    وهوسبحانه ولي النعمة والفصل، فترى أفعال الله جل وعلا في السماوات وترى عبودية الملائكة في السماوات؛ تراها متجهة إلى هذا الرب العظيم المستوي على عرشه كما قال عليه الصلاة والسلام "أَطّتِ السّمَاءُ وَحُقّ لَهَا أَنْ تَئِطّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ إِلاّ وَمَلَكٌ قائم أو مَلَكٌ راكع أو مَلَكٌ سَاجِد" وهذا لأجل تعظيمهم لأمر الله، فتنظر إلى نفوذ أمر الله في ملكوته الواسع الذي لا نعلم منه ما هو لنا من هذه الأرض وما هو قريب منها؛ بل نعلم بعض ذلك، والله جل وعلا هو المتصف بالكمال.

    فإذا علمت صفات الله، وما هو عليه من العلو المطلق في ذاته وصفاته جل وعلا، وفي نفوذ أمره في هذه السموات السبع التي هي في الكرسي كدراهم ألقيت ترس، ثم ما فوق ذلك، والجنة والنار وما في ذلك، وجدت أنك لا تتمالك إلا أن تخضع له جل وعلا خضوعا اختياريا، وأن تذل له، وأن تتوجه إلى طاعته، وأن تتقرب إليه بما يجب، وأنك إذا تلوت كلامه تلوت كلام من يخاطبك به ويأمر وينهى به، فيكون حينئذ التوقير غير التوقير ويكون التعظيم غير التعظيم.وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - يعني ما عظَّموه حق تعظيمه، ولو عظموه حق تعظيمه لاثبتوا جميع انواع العلو لله تعالى التى دل عليها الشرع والعقل والفطرة الصحيح[بتصرف من كفاية المستزيد]
    استدل السلف على إثبات علو الباري سبحانه بأدلة كثيرة، منها:
    أولاً : أدلة الكتاب: وهي على أنواع، منها ما يصرح باستواء الله على عرشه كما في قوله تعالى:{ الرحمن على العرش استوى }(طه:5) والاستواء في الآية هو العلو والارتفاع، قال الإمام الطبري في تفسير الآية: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا . وحكى أبو عمر بن عبد البر عن أبي عبيدة في قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } قال: علا . وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": " وأما تفسير { استوى } علا، فهو صحيح، وهو المذهب الحق، وقول أهل السنة، لأن الله سبحانه وصف نفسه بالعلي، وقال:{ سبحانه وتعالى عما يشركون } وهي صفة من صفات الذات ".
    ومن أدلة الكتاب ما يصرح بالصعود والعروج إليه، والصعود لا يكون إلا لعلو، قال تعالى: { إليه يصعد الكلم الطيب }(فاطر: 10)، و{ الكلم الطيب } هو الذكر والدعاء . وقال تعالى: { تعرج الملائكة والروح إليه }(المعارج:4) والعروج الصعود .
    ومنها ما يصرح بالرفع إليه، قال تعالى: { إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي }(آل عمران: 55 ) وقال تعالى: { بل رفعه الله إليه }(النساء: 157-158)، وقال - صلى الله عليه وسلم - عن شهر شعبان وقد سئل عن سبب صومه: ( شَهْرٌ ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) رواه النسائي .
    ومن أدلة الكتاب أيضا التصريح بالفوقية: كما في قوله تعالى عن الملائكة: { يخافون ربهم من فوقهم }(النحل:50)، وكما في قوله:{ وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير }(الأنعام:18).
    ومنها التصريح بنزول الملائكة والكتب منه إلى عباده، والنزول لا يكون إلا من علو، قال تعالى: { قل نزله روح القدس }(النحل: 102) وقال تعالى:{ تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم }(الزمر:1) .
    ومنها التصريح بأنه في السماء، كما قال تعالى: { أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير }(الملك:16-17) . ومعنى { في السماء } أي: على السماء لاستحالة أن تكون السماء ظرفا للخالق ومكانا له .
    قال الإمام اللالكائي في "شرح اعتقاد أهل السنة" : " فدلت هذه الآيات أنه تعالى في السماء وعلمه بكل مكان من أرضه وسمائه . وروى ذلك من الصحابة : عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأم سلمة ومن التابعين : ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وسليمان التيمي، ومقاتل بن حيان وبه قال من الفقهاء: مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل " .
    ثانياً: أدلة السنة: وهي كثيرة، فمنها حديث معاوية بن الحكم السلمي وفيه أنه أتى النبي – صلى الله عليه وسلم - بجارية أراد تحريرها من العبودية، فسألها النبي: ( أين الله ) قالت: في السماء، قال: ( من أنا ؟ ) قالت : أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( أعتقها – حررها - فإنها مؤمنة ) رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي و مالك في موطئه الشافعي في مسنده و ابن حبان وغيرهم ولم يؤول أي منهم الحديث فدل على قبولهم ظاهره.
    ومنها حديث جابر - رضي الله عنه – في سرده حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه عندما خطب الناس في حجة الوداع واستشهدهم على البلاغ، فقالوا: " نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت " فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء، وينكتها – ويخفضها - إلى الناس، اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات ) رواه مسلم في صحيحه . وهو دليل صحيح صريح على علو الله على خلقه .
    ومنها ما ورد في صحيح البخاري أن زينب – رضي الله عنها - كانت تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم – فتقول: " زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات " ومثل هذا القول من زينب لا يقال بالرأي، بل هو مما تلقته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما فهمته من نصوص القرآن .
    ومنها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) رواه الترمذي وصححه .
    ومن الأحاديث التي تثبت صفة العلو لله ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها )
    ومنها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ( لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي ) متفق عليه .
    ثالثاً: دليل الإجماع: يقول الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتابه "الاستذكار الجامع لمذاهب الأمصار" تعليقا على حديث الجارية المتقدم" فعلى ذلك جماعة أهل السنة، وهم أهل الحديث ورواته المتفقهون فيه، وسائر نقلته، كلهم يقول ما قال الله تعالى في كتابه:{ الرحمن على العرش استوى }(طه:5)، وأن الله - عز وجل - في السماء وعلمه في كل مكان " . وقال الإمام البغوي : " أهل السنة يقولون الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم به إلى الله عز وجل ".
    وقال أبو الحسن الأشعري - رحمه الله - كما في الإبانة(1/39)" إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء ؟ قيل له: نقول: إن الله - عز وجل - يستوي على عرشه استواء يليق به ".
    وقال أبو مطيع البلخي في كتاب "الفقه الأكبر": سألت أبا حنيفة عمن يقول لا أعرف ربي في السماء أوفي الأرض،قال- كفر - لأن الله يقول: { الرحمن على العرش استوى }(طه:5)، وعرشه فوق سبع سمواته، فقلت: إنه يقول على العرش،ولكن لاأدرى العرش في السماء أو في الأرض،فقال:إنه إذا أنكرأنه في السماء كفر،لأنه تعالى في أعلى عليين،وأنه يُدعى من أعلى لا من أسفل ".
    وهذا النقول تؤكد صراحة أن السلف مجمعون على أن الله – كما أخبر – عال على خلقه مستو على عرشه استواء يليق بجلاله وكماله .
    رابعاً: دليل الفطرة: وملخصه أن النفوس بفطرتها تقبل على طلب العلو عند توجهها إلى ربها بالدعاء، ودليل فطرية هذا الإقبال استواء الناس فيه فيستوي فيه العالم والجاهل والذكر والأنثى إلا من تلوثت فطرته بكلام أهل الكلام، ذكر محمد بن طاهر المقدسي أن الشيخ أبا جعفر الهمداني حضر مجلس إمام الحرمين وهو يتكلم في نفي صفة العلو، ويقول: كان الله تعالى ولا عرش وهو الآن على ما كان، فقال الشيخ أبو جعفر : أخبرنا يا أستاذ عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا فإنه ما قال عارف قط يا الله إلا وجد في قلبه ضرورة بطلب العلو لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف تدفع هذه الضرورة عن أنفسنا ؟ قال: فلطم الإمام على رأسه ونزل .. وقال: حيرني الهمداني .
    خامساً دليل العقل: وبيانه أن الله موجود ووجوده وجود حقيق لا ذهني، وعليه فهو إما أن يكون داخل العالم، أو خارجه، وهو قطعاً ليس داخل العالم لاستحالة أن يحل في الخلق أو يتحد بهم، فلم يبق إلا أن يكون خارج العالم، وما دام خارج العالم فإما أن يكون محيطاً بالعالم وهو باطل، لأنه يلزم منه أن يكون بعضه فوق وبعضه تحت متصفاً بالسفل، وإما أن يكون في أحد الجهات، وليس هناك جهة كمال في الجهات الست سوى جهة العلو، وبما أن الله متصف بالكمال المطلق فأكمل الجهات على الإطلاق هي جهة العلو فوجب وصف الله بها، وبهذا يظهر التوافق بين العقل والنقل في هذه المسألة، أما القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه لا متصل به ولا منفصل عنه فقول يخرج عن قول العقلاء فلا يلتفت إليه .




  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    يا أخى محمد ..
    فى مشاركتى قلت لكم من قبل : الله فى السماء : نعم .. الله فى الأرض : نعم .. لأنه بكل شىء محيط
    أما أن تحدده وتقصره بجهة أو تحده بحد .. فهذا لايجوز .. ولتستعن فى ذلك بما تقول أنت نفسك وفى مشاركتك :
    وقال الإمام البغوي : " أهل السنة يقولون الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم به إلى الله عز وجل ".
    .........

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    هذا باطل وهو قول الحلولية

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    ما تهوونه وترغبون فيه .. تقولون عليه حق .
    وما لاتهوونه ولا ترغبونه تقولون عليه باطل وتنسبونه إلى أقوال الخوارج والمنافقين

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    بالنسبة لقولك ان الله في الارض وفي السماء
    يبطله قوله تعالي اليه يصعد الكلم الطيب
    فهل يصعد اليه وهو في الارض ؟!!
    وكذلك حديث الجارية وشهادة النبي صلي الله عليه لها بالايمان لما قالت ان الله في السماء
    ولا يوجد في اي اية او حديث دليل علي ان الله في الارض تعالي الله عن ذلك
    ومن ادعي ان معبوده في الارض يلزمه ان يقول انه في اقذر الاماكن كالحمامات ويختلط به الخلق والعجيب قولك بعد ذلك ليس له مكان !! وقد صرحت بانه في السماء وفي الارض تعالي الله عن ذلك
    بل نقول انه فوق سماواته بائن من خلقه

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة
    . ولتستعن فى ذلك بما تقول أنت نفسك وفى مشاركتك :
    وقال الإمام البغوي : " أهل السنة يقولون الاستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم به إلى الله عز وجل ".
    .........
    سبحان الله - انت تنتقى بدقة اخى السعيد شويل - و لعل ما لَفَتَ نظرك ما ظللته بالاحمر ولكنه لا يخدم ما تذهب اليه
    واليك التوضيح:
    قال البغوى في “شرح السنة”: (والإصبع المذكورة في الحديث صفة من صفات الله عز وجل، وكذلك كل ما جاء به الكتاب أو السنة من هذا القبيل في صفات الله تعالى، كالنفس، والوجه، واليدين، والعين، والرجل، والإتيان، والمجيء، والنزول إلى السماء الدنيا، والاستواء على العرش، والضحك والفرح –ثم ساق الأدلة عليها ثم قال: فهذه ونظائرها صفات لله تعالى، ورد بها السمع، يجب الإيمان بها، وإمرارها على ظاهرها، معرضاً عن التأويل، مجتنباً عن التشبيه، معتقداً أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق، كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، قال الله سبحانه وتعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} الشورى11، وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعاً بالقبول والتسليم، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل – ثم ساق آثار السلف) اهـ.

    وفي باب الرد على الجهمية: ذكر حديث “إنه لفوق سماواته على عرشه، وإنه عليه لهكذا –وأشار وهب بيده- مثل القبة عليه، وأشار أبو الأزهر أيضاً “إنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب” ثم نقل كلام الخطابي وتأويله للحديث والصفة، ثم قال معلقاً: (والواجب فيه وفي أمثاله: الإيمان بما جاء في الحديث، والتسليم، وترك التصرف فيه بالعقل، والله الموفق) اهـ.

    فتأمل إثباته لصفات الله تعالى، وأن الواجب إجراؤها على ظاهرها، مع نفي التشبيه عنها، ومنع التأويل فيها، وتقريره أن إثباتها لله لا يستلزم التشبيه، كإثبات الذات.

    وتأمل منعه من الخوض فيها بالعقول تأويلاً،و تحريفاً، بعد أن نقل كلام الخطابي.
    وأما قوله: “ووكلوا العلم فيها إلى الله عز وجل فالمراد به علم حقيقة ما هي عليه، وكنهها، وكيفيتها، وإلا لم يكن لقوله وإمرارها على ظاهرها” معنى، فإن الإمرار على الظاهر، هو حملها على ما دل عليه لفظها من المعنى المعروف لغة مع نفي التشبيه، وليس المراد بالظاهر: تنزيلها وكونها في القرآن، إذ لا ينكر هذا أحد ولا يمتري فيه.

    ويقال أيضاً: لو كان كذلك لم يقل “إمرارها على ظاهرها إذ يكون ظاهرها مجهولاً غير معلوم، فكيف يأمر بإمراره.

    وقال في تفسيره “معالم التنزيل” في قوله تعالى {ثم استوى إلى السماء} البقرة29: ({ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ } قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: أي ارتفع إلى السماء) اهـ.

    وقال في قوله تعالى {هل ينظرون إلا ان يأتيهم الله} البقرة210: (والأولى في هذه الآية وما شاكلها أن يؤمن الإنسان بظاهرها، ويكل علمها إلى الله تعالى، ويعتقد أن الله عز اسمه منزه عن سمات الحدث، على ذلك مضت أئمة السلف وعلماء السنة.)اهـ.

    وقال في قوله تعالى {ثم استوى على العرش} الأعراف54: (قال الكلبي ومقاتل: استقر. وقال أبو عبيدة: صعد. وأولت المعتزلة الاستواء بالاستيلاء، وأما أهل السنة فيقولون: الاستواء على العرش صفة لله تعالى، بلا كيف، يجب على الرجل الإيمان به، ويكل العلم فيه إلى الله عز وجل. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: {الرحمن على العرش استوى} طه5، كيف استوى؟ فأطرق رأسه مليًّا، وعلاه الرحضاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالا ثم أمر به فأخرج.

    وروي عن سفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم من علماء السنة في هذه الآيات التي جاءت في الصفات المتشابهة: أمِرّوها كما جاءت بلا كيف..) اهـ.
    هل اتضح لك اخى السعيد شويل ما انتقيته من كلام البغوى [ويكل العلم به الى الله] اذا استعنت بهذه فهى عليك لا لك -فالمراد به علم حقيقة ما هي عليه، وكنهها، وكيفيتها

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Apr 2020
    المشاركات
    49

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    .........
    الإختلاف فيما بيننا .. أنكم لاتنزهون الله عن المكان .. فقفزتم من العبودية إلى الإشراف على الربوبية
    تقررون عنه سبحانه بأنه مستوى على عرش فى السماء فجعلتموه محمولا .. وهذا ما لايجوز عن الله سبحانه ..
    لأنكم بذلك لا تقدرون الله حق قدره


    أرئيتم ان هؤلاء القوم يمثلون الله بخلقه ، ثم يتشدقون علينا بقوله تعالي ليس كمثله شيء ، وها هم الممثلة حقا
    وصدق فيهم قول علمائنا كل معطل ممثل
    فهم مثلوا الله بخلقه ، فجعلوا الله في استوائه علي عرشه كملوك الدنيا ، والعجيب انهم لايصدقون عن انفسهم انهم ممثلة

    فملوك الدنيا اذا كانوا علي عرش كان العرش حاملا لهم ، واذا زال من تحتهم وقعوا ، فهم محمولون عليه مفتقرون اليه ، وهم مثلوا الله بهم تعالي الله عما يقولون ، بل زادوا علي ذلك بظنهم ان حملة العرش قادرون بقدرتهم وحدها علي حمل العرش الذي استوي عليه الله ، فزاد ذلك من انكارهم للاستواء ، ولما اعياهم التمثيل ، وما نسبوه الي الله لزاما من الافتقار ، اتجهوا للتعطيل فنفوا ما سبق

    ثم يقولون لنا اننا نحن الذين ما قدرنا الله حق قدره ، فكما قيل رمتني بدائها وانسلت
    ولو انهم خرجوا من ظلام التمثيل ، لكان احري لهم واوقي الا يدخلوا في ظلمات التعطيل

    اما اهل السنة فلا يمثلون الله بخلقه ، فلم يمثلوه بملوك الدنيا ، ولم يلزموا صفات الله ما استلزم في صفات خلقه ، كما فعلوا هم بقولهم اذا كان مستو علي عرش في السماء لكان محمولا فهذه من صفات الخلق ، الزموها علي رب الخلق ، واهل السنة لم يقيسوا خلقه عليه سبحانه ، كما هم ظنوا انه مفتقر الي العرش او الي قوة حملة العرش ، كما يفتقر غيره من خلقه ، بل نوقن ان كل ذلك بقوة وقدرة الله فها نحن الذين قدرنا الله حق قدره اذن

    ومن اعجب المتناقضات في مذهبهم ، انهم يقولون ننزه الله عن المكان ، ويزعمون وجوده في المستقذر من المكان ، فهم هكذا قد نزهوا الله وقدروا الله حق قدره !!!!

    ومن هنا يتضح اننا نحن الذين احق بقوله سبحانه ليس كمثله شيء
    وانتم الذين احق بقوله سبحانه وما قدروا الله حق قدره
    ولا تعمل علي استبدال الاستحقاقين يارجل فقد ظهر ذلك جليا ولله الحمد والمنة

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة
    .........




    أرئيتم ان هؤلاء القوم يمثلون الله بخلقه ، ثم يتشدقون علينا بقوله تعالي ليس كمثله شيء ، وها هم الممثلة حقا
    وصدق فيهم قول علمائنا كل معطل ممثل
    نعم
    وضَّح شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك حيث قال : " إن كثيراً من الناس يتوهَّمُ في بعض الصفات أو كثير منها أو أكثرها أو كلها أنها تماثل صفات المخلوقين ، ثم يريد أن ينفي ذلك الذي فهمه ؛ فيقع في أربعة أنواع من المحاذير
    أحدهما : كونه مثل ما فهمه من النصوص بصفات المخلوقين ، وظن أن مدلول النصوص هو التمثيل .
    الثاني : أنه إذا جعل ذلك هو مفهومها وعطَّله ، بقيت النصوص مُعطًّلة عما دلَّت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله ، فيبقى مع جنايته على النصوص ، وظنُّه السيئ الذي ظنَّه بالله ورسوله ، حيث ظن أن الذي يفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل ، قد عطَّل ما أودع الله ورسوله في كليهما من إثبات الصفات لله والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى .
    الثالث : أنه ينفي تلك الصفات عن الله عز وجل بغير علم ، فيكون معطلاً لما يستحقه الرب .
    الرابع : أنه يصف الرب بنقيض تلك الصفات ، من صفات الأموات والجمادات أو صفات المعدومات ، فيكون قد عطل به صفات الكمال التي يستحقها الرب ، ومثَّله بالمنقوصات والمعدومات ، وعطل النصوص عما دلت عليه من الصفات ، وجعل مدلولها هو التمثيل بالمخلوقات ، فيجمع في كلام الله وفي الله بين التعطيل والتمثيل ، فيكون ملحداً في أسماء الله وآياته "

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن أمارة مشاهدة المشاركة
    ولما اعياهم التمثيل ، وما نسبوه الي الله لزاما من الافتقار ، اتجهوا للتعطيل فنفوا ما سبق

    ثم يقولون لنا اننا نحن الذين ما قدرنا الله حق قدره ، فكما قيل رمتني بدائها وانسلت
    ولو انهم خرجوا من ظلام التمثيل ، لكان احري لهم واوقي الا يدخلوا في ظلمات التعطيل

    اما اهل السنة فلا يمثلون الله بخلقه ، فلم يمثلوه بملوك الدنيا ، ولم يلزموا صفات الله ما استلزم في صفات خلقه ، كما فعلوا هم بقولهم اذا كان مستو علي عرش في السماء لكان محمولا فهذه من صفات الخلق ، الزموها علي رب الخلق ، واهل السنة لم يقيسوا خلقه عليه سبحانه ، كما هم ظنوا انه مفتقر الي العرش او الي قوة حملة العرش ، كما يفتقر غيره من خلقه ، بل نوقن ان كل ذلك بقوة وقدرة الله فها نحن الذين قدرنا الله حق قدره
    نعم
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية
    فهؤلاء مع تناقضهم لا يجعلون الرسول نفسه نصب في خطابه دليلا يفرق به بين الحق والباطل والهدى والضلال بل يجعلون الفارق هو ما يختلف باختلاف الناس من أذواقهم وعقولهم.
    ومعلوم أن هذا نسبة للرسول إلى التلبيس وعدم البيان بل إلى كتمان الحق وإضلال الخلق بل إلى التكلم بكلام لا يعرف حقه من باطله ولهذا كان حقيقة أمرهم الإعراض عن الكتاب والرسول.
    فلا يستفيدون من كتاب الله وسنة رسوله شيئا من معرفة صفات الله تعالى بل الرسول معزول عندهم عن الإخبار بصفات الله نفيا وإثباتا وإنما ولايته عندهم في العمليات..."
    كما فعلوا هم بقولهم اذا كان مستو علي عرش في السماء لكان محمولا فهذه من صفات الخلق ، الزموها علي رب الخلق
    قال ابن القيم رحمه الله إن القول بالتأويل على اصطلاحكم شر من التشبيه والتعطيل فإن التأويل " يتضمن التشبيه والتعطيل والتلاعب بالنصوص وإساءة الظن بها فإن المعطل والمؤول قد اشتركا في نفي حقائق الأسماء والصفات وامتاز المؤول بتلاعبه بالنصوص وانتهاكه لحرمتها وإساءة الظن بها ونسبة قائلها إلى التكلم بما ظاهره الضلال والإضلال فجمعوا بين أربعة محاذير: اعتقادهم أن ظاهر كلام الله ورسوله المحال الباطل ففهموا التشبيه أولا ثم انتقلوا إلى المحذور الثاني وهو التعطيل فعطلوا حقائقها بناء منهم على ذلك الفهم الذي لا يليق بها ولا يليق بالرب جل جلاله . المحذور الثالث نسبة المتكلم الكامل العلم الكامل البيان التام النصح إلى ضد البيان والهدى والإرشاد ... ولا ريب عند كل عاقل أن ذلك يتضمن أنهم كانوا أعلم منه أو أفصح أو أنصح للناس.
    المحذور الرابع:
    تلاعبهم بالنصوص وانتهاك حرماتها فلو رأيتها وهم يلوكونها بأفواههم وقد حلت بها المثلات
    وتلاعبت بها أمواج التأويلات
    ونادى عليها أهل التأويل في سوق من يزيد
    فبذل كل واحد في ثمنها من التأويلات ما يريد
    فلو شاهدتها بينهم وقد ...قعد النفاة على صراطها المستقيم بالدفع في صدورها والأعجاز
    وقالوا لا طريق لك علينا وإن كان لا بد فعلى سبيل المجاز
    فنحن أهل المعقولات وأصحاب البراهين
    وأنت أدلة لفظية وظواهر سمعية لا تفيد العلم ولا اليقين
    فلا إله إلا الله والله أكبر كم هدمت بهذه المعاول من معاقل الإيمان وثلمت بها حصون حقائق السنة والقرآن ...."

    ويلزم القائلين بالتأويل لوازم باطلة لا يرضى بواحد منها من في قلبه مثقال ذرة من إيمان " منها أن يكون الله سبحانه قد أنزل في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من هذه الألفاظ ما يضلهم ظاهره ويوقعهم في التشبيه والتمثيل ومنها أن يكون قد ترك بيان الحق والصواب ولم يفصح به بل رمز إليه رمزا وألغزه إلغازا لا يفهم منه ذلك إلا بعد الجهد الجهيد ومنها أن يكون قد كلف عباده أن لا يفهموا من تلك الألفاظ حقائقها وظواهرها وكلفهم أن يفهموا منها ما لا تدل عليه ولم يجعل معها قرينة تفهم ذلك ومنها أن يكون دائما متكلما في هذا الباب بما ظاهره خلاف الحق بأنواع متنوعة من الخطاب تارة بأنه استوى على عرشه وتارة بأنه فوق عباده وتارة بأنه العلي الأعلى وتارة بأن الملائكة تعرج إليه ... إلى غير ذلك من تنوع الدلالات على ذلك ولا يتكلم فيه بكلمة واحدة يوافق ما يقوله النفاة ولا يقول في مقام واحد فقط ما هو الصواب فيه لا نصا (ظاهرا ولا تنبيها) ومنها أن يكون أفضل الأمة وخير القرون فقد أمسكوا من أولهم إلى آخرهم عن قول الحق في هذا الشأن العظيم الذي هو من أهم أصول الإيمان وذلك إما جهل ينافي العلم وإما كتمان ينافي البيان... ومنها أن ترك الناس من إنزال هذه النصوص كان أنفع لهم وأقرب إلى الصواب فإنهم ما استفادوا بنزولها غير التعرض للضلال ولم يستفيدوا منها يقينا ولا علما بما يجب لله ويمتنع عليه إذ ذاك إنما يستفاد من عقول الرجال وآرائها"[مختصر الصواعق]
    فهل يشك أحد بعد هذا في فساد التأويل وبطلانه؟!

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    874

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    ..........
    آفة الفقه المعاصر
    : تقليد من سبقهم من غير طلب الدليل . وتسليم الأمر إليهم دون بحث أو تحقيق أو دراسة عن : مدى صحة ما تم تدوينه أو خطأ ماتم تصنيفه .
    .........
    إخوتى : لغة القرآن لغة فصاحة وبيان .. عجز أمراؤها أن يأتوا بمثلها ..
    ولقد بين الله لنا فى صدر كتابه الكريم بأن المؤمن يؤمن بالغيب ويوقن بما استأثره الله فى علمه .
    ....
    فالمؤمن حق الإيمان لا يدّعى صحة تأويل أى غيب .. مهما كان علمه أو قدره ..

    يقول سبحانه : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ . فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا . بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ }
    هناك أبواب للسماء : هل العقل البشرى يمكنه أن يدرك هذه الأبواب أو يتخيلها
    .
    .

    { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ }
    هل يمكننا معرفة السماوات السبع ومثيلها من الأرض أو فهمها
    .
    .
    {
    إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا } .
    هل هناك قدرة لأى عقل بشرى العلم بكيفية إمساك الله لهما
    .
    .
    { سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى }
    هل من أحد فى استطاعته معرفة هذه السدرة أو معرفة موضع الجنة
    .
    .

    وكذلك الأمر فى استواء الله على العرش : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }
    لايجوز أن يكون محلاً لتأويل أو اجتهاد ..
    .........
    هذا ما أردت إيصاله ..

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ذكر من قال من العلماء بتنزيهه عن المكان

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السعيد شويل مشاهدة المشاركة

    ولقد بين الله لنا فى صدر كتابه الكريم بأن المؤمن يؤمن بالغيب ويوقن بما استأثره الله فى علمه .
    ....
    فالمؤمن حق الإيمان لا يدّعى صحة تأويل أى غيب .. مهما كان علمه أو قدره ..

    يقول سبحانه : { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ . فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا . بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ }
    هناك أبواب للسماء : هل العقل البشرى يمكنه أن يدرك هذه الأبواب أو يتخيلها
    .
    .

    { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ }
    هل يمكننا معرفة السماوات السبع ومثيلها من الأرض أو فهمها
    .
    .
    {
    إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا } .
    هل هناك قدرة لأى عقل بشرى العلم بكيفية إمساك الله لهما
    .
    .
    { سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى }
    هل من أحد فى استطاعته معرفة هذه السدرة أو معرفة موضع الجنة
    .
    .

    وكذلك الأمر فى استواء الله على العرش : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى }
    لايجوز أن يكون محلاً لتأويل أو اجتهاد ..

    سأجيب اخى السعيد شويل على هذه المسألة بالجواب الشافى ولكن إقرأ الكلام جيدا كما اقرأ كلاما جيدا وافهم المقصود من كلامك

    قال شيخ الاسلام بن تيمية
    وتمام الكلام في هذا الباب: أنك تعلم أنا لا نعلم ما غاب عنا إلا بمعرفة ما شهدناه، فنحن نعرف أشياء بحسنا الظاهر أو الباطن، وتلك معرفة معينة مخصوصة، ثم إنا بعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد، فيبقى في أذهاننا قضايا عامة كلية، ثم إذا خوطبنا بوصف ما غاب عنا لم نفهم ما قيل لنا إلا بمعرفة المشهود لنا.

    فلولا أنا نشهد من أنفسنا جوعًا وعطشًا، وشبعًا ورِيّا وحبًا وبغضًا، ولذة وألمًا ورِضًا وسخطًا، لم نعرف حقيقة ما نخاطب به إذا وصف لنا ذلك، وأخبرنا به عن غيرنا.
    وكذلك لو لم نعلم ما في الشاهد؛ حياة وقدرة، وعلمًا وكلامًا، لم نفهم ما نخاطب به إذا وصف الغائب عنا بذلك. وكذلك لو لم نشهد موجودًا، لم نعرف وجود الغائب عنا، فلا بد فيما شهدناه وما غاب عنا من قدر مشترك هو مسمى اللفظ المتواطئ. فبهذه الموافقة والمشاركة والمشابهة والمواطأة نفهم الغائب ونثبته، وهذا خاصة العقل.
    ولولا ذلك لم نعلم إلا ما نحسه، ولم نعلم أمورًا عامة ولا أمورًا غائبة عن أحاسيسنا الظاهرة والباطنة؛ ولهذا من لم يحس الشيء ولا نظيره لم يعرف حقيقته.
    ثم إن الله تعالى أخبرنا بما وعدنا به في الدار الآخرة من النعيم والعذاب، وأخبرنا بما يؤكل ويشرب وينكح ويفرش وغير ذلك. فلولا معرفتنا بما يشبه ذلك في الدنيا، لم نفهم ما وعدنا به، ونحن نعلم مع ذلك أن تلك الحقائق ليست مثل هذه، حتى قال ابن عباس رضي الله عنه : ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، وهذا تفسير قوله: {وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِها} [1] على أحد الأقوال.
    فبين هذه الموجودات في الدنيا وتلك الموجودات في الآخرة مشابهة وموافقة واشتراك من بعض الوجوه، وبه فهمنا المراد، وأحببناه ورغبنا فيه، أو أبغضناه ونفرنا عنه، وبينهما مباينة ومفاضلة لا يقدر قدرها في الدنيا. وهذا من التأويل الذي لا نعلمه نحن، بل يعلمه الله تعالى ولهذا كان قول من قال: إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله حقًا، وقول من قال: إن الراسخين في العلم يعلمون تأويله حقًا. وكلا القولين مأثور عن السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
    فالذين قالوا: إنهم يعلمون تأويله، مرادهم بذلك أنهم يعلمون تفسيره ومعناه، وإلا فهل يحل لمسلم أن يقول: إن النبي ﷺ ما كان يعرف معنى ما يقوله ويبلغه من الآيات والأحاديث؟ بل كان يتكلم بألفاظ لها معان لا يعرف معانيها؟
    ومن قال: إنهم لا يعرفون تأويله، أرادوا به الكيفية الثابتة التي اختص الله بعلمها؛ ولهذا كان السلف كربيعة، ومالك بن أنس وغيرهما يقولون: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. وهذا قول سائر السلف كابن الماجشون، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهم. وفي غير ذلك من الصفات. فمعنى الاستواء معلوم، وهو التأويل والتفسير الذي يعلمه الراسخون، والكيفية هي التأويل المجهول لبني آدم وغيرهم، الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
    وكذلك ما وعد به في الجنة تعلم العباد تفسير ما أخبر الله به، وأما كيفيته فقد قال تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [2].
    وقال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: «يقول الله تعالى: أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأتْ، ولا أذُنٌ سَمِعتْ، ولا خَطَر على قَلْب بَشَر».
    فما أخبرنا الله به من صفات المخلوقين نعلم تفسيره ومعناه، ونفهم الكلام الذي خوطبنا به، ونعلم معنى العسل واللحم واللبن، والحرير والذهب والفضة، ونفرق بين مسميات هذه الأسماء وأما حقائقها على ما هي عليه، فلا يمكن أن نعلمها نحن، ولا نعلم متي تكون الساعة؟ وتفصيل ما أعد الله عز وجل لعباده لا يعلمه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، بل هذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
    فإذا كان هذا في هذين المخلوقين، فالأمر بين الخالق والمخلوق أعظم؛ فإن مباينة الله لخلقه وعظمته، وكبريائه وفضله، أعظم وأكبر مما بين مخلوق ومخلوق.
    فإذا كانت صفات ذلك المخلوق مع مشابهتها لصفات هذا المخلوق، بينهما من التفاضل والتباين ما لا نعلمه في الدنيا ولا يمكن أن نعلمه، بل هو من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى فصفات الخالق عز وجل أولى أن يكون بينها وبين صفات المخلوق من التباين والتفاضل ما لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى وأن يكون هذا من التأويل الذي لا يعلمه كل أحد؛ بل منه ما يعلمه الراسخون، ومنه ما يعلمه الأنبياء والملائكة، ومنه ما لا يعلمه إلا الله.
    كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: إن التفسير على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب.
    ولفظ التأويل في كلام السلف لا يراد به إلا التفسير، أو الحقيقة الموجودة في الخارج التي يئول إليها: كما في قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} الآية [3].
    وأما استعمال التأويل بمعنى: أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به أو متأخر أو لمطلق الدليل، فهذا اصطلاح بعض المتأخرين، ولم يكن في لفظ أحد من السلف ما يراد منه بالتأويل هذا المعنى.
    ثم لما شاع هذا بين المتأخرين، صاروا يظنون أن هذا هو التأويل في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله} [4].
    ثم طائفة تقول: لا يعلمه إلا الله، وقالت طائفة: بل يعلمه الراسخون. وكلتا الطائفتين غالطة؛ فإن هذا لا حقيقة له، بل هو باطل، والله يعلم انتفاءه وأنه لم يرده. وهذا مثل تأويلات القرامطة الباطنية، والجهمية، وغيرهم من أهل الإلحاد والبدع.
    وتلك التأويلات باطلة والله لم يردها بكلامه، وما لم يرده، لا نقول: إنه يعلم أنه مراده، فإن هذا كذب على الله عز وجل والراسخون في العلم لا يقولون على الله تبارك وتعالى الكذب، وإن كنا مع ذلك قد علمنا بطريق خبر الله عز وجل عن نفسه بل وبطريق الاعتبار أن لله المثل الأعلى أن الله يوصف بصفات الكمال: موصوف بالحياة، والعلم، والقدرة، وهذه صفات كمال. والخالق أحق بها من المخلوق، فيمتنع أن يتصف المخلوق بصفات الكمال دون الخالق.
    ولولا أن هذه الأسماء والصفات تدل على معنى مشترك كلي، يقتضي من المواطأة والموافقة والمشابهة ما به تفهم وتثبت هذه المعاني لله، لم نكن قد عرفنا عن الله شيئا، ولا صار في قلوبنا إيمان به، ولا علم، ولا معرفة، ولا محبة، ولا إرادة لعبادته ودعائه وسؤاله ومحبته وتعظيمه، فإن جميع هذه الأمور لا تكون إلا مع العلم، ولا يمكن العلم إلا بإثبات تلك المعاني، التي فيها من الموافقة والمواطأة ما به حصل لنا ما حصل من العلم لما غاب عن شهودنا.
    ومن فهم هذه الحقائق الشريفة والقواعد الجليلة النافعة، حصل له من العلم والمعرفة والتحقيق والتوحيد والإيمان، وانجاب عنه من الشبه والضلال والحيرة ما يصير به في هذا الباب من أفضل الذين أنعم الله عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين، ومن سادة أهل العلم والإيمان، وتبين له أن القول في بعض صفات الله كالقول في سائرها، وأن القول في صفاته كالقول في ذاته، وأن من أثبت صفة دون صفة مما جاء به الرسول ﷺ مع مشاركة أحدهما الأخرى فيما به نفاها، كان متناقضًا.
    فمن نفي النزول والاستواء، أو الرضى والغضب، أو العلم والقدرة، أو اسم العلىم أو القدير، أو اسم الموجود، فرارً بزعمه من تشبيه وتركيب وتجسيم، فإنه يلزمه فيما أثبته نظير ما ألزمه لغيره فيما نفاه هو وأثبت المثبت.
    فكل ما يستدل به على نفي النزول والاستواء والرضى والغضب، يمكن منازعه أن يستدل بنظيره على نفي الإرادة، والسمع والبصر، والقدرة والعلم. وكل ما يستدل به على نفي القدرة والعلم والسمع والبصر، يمكن منازعه أن يستدل بنظيره على نفي العلىم والقدير، والسميع والبصير. وكل ما يستدل به على نفي هذه الأسماء، يمكن منازعه أن يستدل به على نفي الموجود والواجب.
    ومن المعلوم بالضرورة أنه لا بد من موجود قديم واجب بنفسه، يمتنع عليه العدم؛ فإن الموجود: إما ممكن ومحدث، وإما واجب وقديم. والممكن المحدث لا يوجد إلا بواجب قديم، فإذا كان ما يستدل به على نفي الصفات الثابتة يستلزم نفي الموجود الواجب القديم، ونفي ذلك يستلزم نفي الموجود مطلقًا، علم أن من عطل شيئا من الصفات الثابتة بمثل هذا الدليل كان قوله مستلزمًا تعطيل الموجود المشهود.
    ومثال ذلك: أنه إذا قال: النزول والاستواء ونحو ذلك من صفات الأجسام، فإنه لا يعقل النزول والاستواء إلا لجسم مركب، والله سبحانه منزه عن هذه اللوازم، فيلزم تنزيهه عن الملزوم. أو قال: هذه حادثة، والحوادث لا تقوم إلا بجسم مركب، وكذلك إذا قال: الرضا والغضب والفرح والمحبة ونحو ذلك هو من صفات الأجسام.
    فإنه يقال له: وكذلك الإرادة، والسمع، والبصر، والعلم، والقدرة من صفات الأجسام، فإنا كما لا نعقل ما ينزل، ويستوى ويغضب ويرضى إلا جسمً، لم نعقل ما يسمع ويبصر ويريد، ويعلم ويقدر إلا جسمًا.
    فإذا قيل: سمعه ليس كسمعنا، وبصره ليس كبصرنا، وإرادته ليست كإرادتنا، وكذلك علمه وقدرته.
    قيل له: وكذلك رضاه ليس كرضانا، وغضبه ليس كغضبنا، وفرحه ليس كفرحنا، ونزوله واستواؤه ليس كنزولنا واستوائنا.
    فإذا قال: لا يعقل في الشاهد غضب إلا غليان دم القلب لطلب الانتقام، ولا يعقل نزول إلا الانتقال، والانتقال يقتضي تفريغ حيز وشغل آخر، فلو كان ينزل، لم يبق فوق العرش رب.
    قيل: ولا يعقل في الشاهد إرادة إلا ميل القلب إلى جلب ما يحتاج إليه وينفعه، ويفتقر فيه إلى ما سواه ودفع ما يضره، والله سبحانه وتعالى كما أخبر عن نفسه المقدسة في حديثه الإلهي: «يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نَفْعِي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي فتضروني»؛ فهو منزه عن الإرادة التي لا يعقل في الشاهد إلا هي.
    وكذلك السمع لا يعقل في الشاهد إلا بدخول صوت في الصًّمَاخ [5] وذلك لا يكون إلا في أجوف؛ والله سبحانه أحد صمد منزه عن مثل ذلك، بل وكذلك البصر والكلام لا يعقل في الشاهد إلا في محل أجوف، والله سبحانه أحد صمد منزه عن ذلك.
    قال ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وخلق من السلف: الصمد: الذي لا جوف له. وقال آخرون: هو السيد الذي كمل في سؤدده، وكلا القولين حق؛ فإن لفظ الصمد في اللغة يتناول هذا وهذا، والصمد في اللغة السيد، والصمد أيضا المصمد، والمصمد المصمت، وكلاهما معروف في اللغة.
    ولهذا قال يحيى بن أبي كثير: الملائكة صمد، والآدميون جوف. وهذا أيضا دليل آخر؛ فإنه إذا كانت الملائكة وهم مخلوقون من النور كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: «خُلِقَتِ الملائكةُ من نُور، وخُلِق الجان من نار، وخلق آدم مما وُصِف لكم» فإذا كانوا مخلوقين من نور، وهم لا يأكلون ولا يشربون، بل هم صمد ليسوا جوفًا كالإنسان، وهم يتكلمون ويسمعون ويبصرون ويصعدون وينزلون كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة، وهم مع ذلك لا تماثل صفاتهم وأفعالهم صفات الإنسان وفعله؛ فالخالق تعالى أعظم مباينة لمخلوقاته من مباينة الملائكة للآدميين؛ فإن كليهما مخلوق. والمخلوق أقرب إلى مشابهة المخلوق من المخلوق إلى الخالق سبحانه وتعالى.
    وكذلك روح ابن آدم، تسمع وتبصر وتتكلم وتنزل وتصعد، كما ثبت ذلك بالنصوص الصحيحة، والمعقولات الصريحة، ومع ذلك فليست صفاتها وأفعالها كصفات البدن وأفعاله.
    فإذا لم يجز أن يقال: إن صفات الروح وأفعالها مثل صفات الجسم الذي هو الجسد، وهي مقرونة به وهما جميعًا الإنسان، فإذا لم يكن روح الإنسان مماثلًا للجسم الذي هو بدنه، فكيف يجوز أن يجعل الرب تبارك وتعالى وصفاته وأفعاله مثل الجسم وصفاته وأفعاله؟
    فإن أراد النافي التزام أصله؛ وقال: أنا أقول: ليس له كلام يقوم به، بل كلامه مخلوق، قيل له: فيلزمك في السمع والبصر، فإن البصريين من المعتزلة يثبتون الإدراك. فإن قال: أنا أقول بقول البغداديين منهم، فلا أثبت له سمعًا ولا بصرًا ولا كلامًا يقوم به، بل أقول كلامه مخلوق من مخلوقاته؛ لأن إثبات ذلك تجسيم وتشبيه، بل ولا أثبت له إرادة كما لا يثبتها البغداديون، بل أجعلها سلبًا أو إضافة فأقول: معنى كونه مريدًا أنه غير مغلوب ولا مكره، أو بمعنى كونه خالقًا وآمرًا. قيل له: فيلزمك ذلك في كونه حيًا عالمًا قادرًا، فإن المعتزلة مطبقة على إثبات أنه حي عالم قادر، وقيل له: أنت لا تعرف حيًا عالمًا قادرًا إلا جسمًا؛ فإذا جعلته حيًا عالمًا قادرًا، لزمك التجسيم والتشبيه.
    فإن زاد في التعطيل وقال: أنا لا أقول بقول المعتزلة، بل بقول الجهمية المحضة، والباطنية من الفلاسفة، والقرامطة فأنفي الأسماء مع الصفات، ولا أسميه حيًا ولا عالمًا ولا قادرًا ولا متكلمًا إلا مجازًا بمعنى السلب والإضافة، أي: هو ليس بجاهل ولا عاجز، وجعل غيره عالمًا قادرًا. قيل له: فيلزمك ذلك في كونه موجودًا واجبًا بنفسه قديمًا فاعلًا؛ فإن جهمًا قد قيل: إنه كان يثبت كونه فاعلًا قادرًا؛ لأن الإنسان عنده ليس بقادر ولا فاعل، فلا تشبيه عنده في ذلك.
    وإذا وصل إلى هذا المقام، فلا بد له أن يقول بقول طائفة منهم، فيقول: أنا لا أصفه بصفة وجود ولا عدم، فلا أقول موجود ولا معدوم، أو لا موجود ولا غير موجود، بل أمسك عن النقيضين فلا أتكلم لا بنفي ولا إثبات.
    وإما أن يقول: أنا لا أصفه قط بأمر ثبوتي بل بالسلبي؛ فلا أقول: موجود بل أقول: ليس بمعدوم.
    وإما أن يقال: بل هو معدوم، فالقسمة حاصرة. فإنه إما أن يصفه بأمر ثبوتي فيلزمه ما ألزمه لغيره من التشبيه والتجسيم، وإما أن يقول: لا أصفه بالثبوت بل بسلب العدم، فلا أقول: موجود بل ليس بمعدوم.
    وإما أن يلتزم التعطيل المحض فيقول: ما ثم وجود واجب؛ فإن قال بالأول وقال: لا أثبت واحدًا من النقيضين؛ لا الوجود ولا العدم. قيل: هب أنك تتكلم بذلك بلسانك، ولا تعتقد بقلبك واحدًا من الأمرين، بل تلتزم الإعراض عن معرفة الله وعبادته وذكره، فلا تذكره قط ولا تعبده ولا تدعوه ولا ترجوه ولا تخافه، فيكون جحدك له أعظم من جحد إبليس الذي اعترف به، فامتناعك من إثبات أحد النقيضين لا يستلزم رفع النقيضين في نفس الأمر؛ فإن النقيضين لا يمكن رفعهما، بل في نفس الأمر لا بد أن يكون الشيء أي شيء كان إما موجودًا وإما معدومًا، إما أن يكون، وإما ألا يكون، وليس بين النفي والإثبات واسطة أصلا.
    ونحن نذكر ما في نفس الأمر سواء جحدته أنت أو اعترفت به، وسواء ذكرته أو أعرضت عنه؛ فإعراض الإنسان عن رؤية الشمس والقمر والكواكب والسماء لا يدفع وجودها، ولا يدفع ثبوت أحد النقيضين، بل بالضرورة الشمس إما موجودة، وإما معدومة، فإعراض قلبك ولسانك عن ذكر الله كيف يدفع وجوده ويوجب رفع النقيضين؟ فلا بد أن يكون إما موجودًا وإما معدومًا في نفس الأمر. وكذلك من قال: أنا لا أقول: موجود؛ بل أقول: ليس بمعدوم؛ فإنه يقال: سلب أحد النقيضين إثبات للآخر، فأنت غيرت العبارة؛ إذ قول القائل: ليس بمعدوم، يستلزم أن يكون موجودًا، فأما إذا لم يكن معدومًا، إما أن يكون موجودًا، وإما ألا يكون لا موجودًا ولا معدومًا.
    وهذا القسم الثالث يوجب رفع النقيضين، وهو مما يعلم فساده بالضرورة، فوجب أنه إذا لم يكن معدومًا أن يكون موجودًا.
    وإن قال: بل التزم أنه معدوم. قيل له: فمن المعلوم بالمشاهدة والعقل وجود موجودات، ومن المعلوم أيضا أن منها ما هو حادث بعد أن لم يكن، كما نعلم نحن أنا حادثون بعد عدمنا، وأن السحاب حادث، والمطر والنبات حادث، والدواب حادثة، وأمثال ذلك من الآيات التي نبه الله تعالى عليها بقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ الله مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [6].
    وهذه الحوادث المشهودة يمتنع أن تكون واجبة الوجود بذاتها؛ فإن ما وجب وجوده بنفسه امتنع عدمه ووجب قدمه، وهذه كانت معدومة ثم وجدت، فدل وجودها بعد عدمها على أنها يمكن وجودها ويمكن عدمها، فإن كليهما قد تحقق فيها، فعلم بالضرورة اشتمال الوجود على موجود محدث ممكن. فنقول حينئذ: الموجود والمحدث الممكن لا بد له من موجد قديم واجب بنفسه، فإنه يمتنع وجود المحدث بنفسه، كما يمتنع أن يخلق الإنسان نفسه، وهذا من أظهر المعارف الضرورية؛ فإن الإنسان بعد قوته ووجوده لا يقدر أن يزيد في ذاته عضوًا، ولا قدرًا، فلا يقصر الطويل ولا يطول القصير، ولايجعل رأسه أكبر مما هو ولا أصغر، وكذلك أبواه لا يقدران على شيء من ذلك.
    ومن المعلوم بالضرورة أن الحادث بعد عدمه لا بد له من محدث، وهذه قضية ضرورية معلومة بالفطرة، حتى للصبيان؛ فإن الصبي لو ضربه ضارب وهو غافل لا يبصره لقال: من ضربني؟ فلو قيل له: لم يضربك أحد، لم يقبل عقله أن تكون الضربة حدثت من غير محدث، بل يعلم أنه لا بد للحادث من محدث. فإذا قيل: فلان ضربك، بكي حتى يضرب ضاربه، فكان في فطرته الإقرار بالصانع وبالشرع الذي مبناه على العدل ولهذا قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [7].
    وفي الصحيحين: عن جبير بن مطعم؛ أنه لما قدم في فداء أسارى بدر قال: وجدت النبي ﷺ يقرأ في المغرب بالطور. قال: فلما سمعت هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} أحسست بفؤادي قد انصدع.
    وذلك أن هذا تقسيم حاصر ذكره الله بصيغة استفهام الإنكار، ليبين أن هذه المقدمات معلومة بالضرورة لا يمكن جحدها، يقول: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} أي: من غير خالق خلقهم، أم هم خلقوا أنفسهم؟ وهم يعلمون أن كلا النقيضين باطل، فتعين أن لهم خالقًا خلقهم سبحانه وتعالى.
    وهنا طرق كثيرة مثل أن يقال: الوجود إما قديم وإما محدث، والمحدث لا بد له من قديم، والموجود إما واجب وإما ممكن، والممكن لا بد له من واجب ونحو ذلك. وعلى كل تقدير، فقد لزم أن الوجود فيه موجود قديم واجب بنفسه، وموجود ممكن محدث كائن بعد أن لم يكن. وهذان قد اشتركا في مسمى الوجود، وهو لا يعقل موجود في الشاهد إلا جسمًا، فلزمه ما ألزمه لغيره من التشبيه والتجسيم الذي ادعاه.
    فعلم أن من نفي شيئا من صفات الله بمثل هذه الطريقة، فإن نفيه باطل، ولو لم يرد الشرع بإثبات ذلك، ولا دل أيضا عليه العقل. فكيف ينفي بمثل ذلك ما دل الشرع والعقل على ثبوته؟ فيتبين أن كل من نفي شيئا من الصفات لأن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم لزمه ما ألزم به غيره. وحينئذ فيكون الجواب مشاركً. وأيضا، فإذا كان هذا لازمًا على كل تقدير، علم أن الاستدلال به على نفي الملزوم باطل؛ فإن الملزوم موجود لا يمكن نفيه بحال؛ ولهذا لا يوجد الاستدلال بمثل هذا في كلام أحد من سلف الأمة وأئمتها، وإنما هو مما أحدثته الجهمية والمعتزلة، وتلقاه عنهم كثير من الناس: ينفي عن الرب ما يجب نفيه عن الرب؛ مثل أن ينفي عنه النقائص التي يجب تنزيه الرب عنها؛ كالجهل، والعجز، والحاجة وغير ذلك. وهذا تنزيه صحيح، ولكن يستدل عليه بأن ذلك يستلزم التجسيم والتشبيه فيعارض بما أثبته؛ فيلزمه التناقض.
    ومن هنا دخلت الملاحدة الباطنية على المسلمين، حتى ردوا عن الإسلام خلقًا عظيمًا صاروا يقولون لمن نفي شيئا عن الرب مثل من ينفي بعض الصفات، أو جميعها أو الأسماء الحسنى : ألم تنف هذا لئلا يلزم التشبيه والتجسيم؟ فيقول: بلي ! فيقول: وهذا اللازم يلزمك فيما أثبته، فيحتاج أن يوافقهم على النفي شيئا بعد شيء حتى ينتهي أمره إلى ألا يعرف الله بقلبه، ولا يذكره بلسانه، ولا يعبده، ولا يدعوه وإن كان لا يجزم بعدمه، بل يعطل نفسه عن الإيمان به، وقد عرف تناقض هؤلاء.
    وإن التزم تعطيله وجحده موافقة لفرعون، كان تناقضه أعظم؛ فإنه يقال له: فهذا العالم الموجود إذا لم يكن له صانع كان قديمًا أزليًا واجبًا بنفسه ومن المعلوم أن فيه حوادث كثيرة كما تقدم وحينئذ ففي الوجود قديم ومحدث وواجب وممكن، وحينئذ فيلزمك أن يكون ثم موجودان: أحدهما قديم واجب. والآخر: محدث ممكن.
    فيلزمك ما فررت منه من التشبيه والتجسيم، بل هذا يلزمك بصريح قولك، فإن العالم المشهود جسم تقوم به الحركات؛ فإن الفلك جسم، وكذلك الشمس والقمر والكواكب أجسام تقوم بها الحركات والصفات، فجحدت رب العالمين لئلا تجعل القديم الواجب جسمًا تقوم به الصفات والحركات؟ ثم في آخر أمرك جعلت القديم الأزلي الواجب الوجود بنفسه أجسامً متعددة، تشبه غيرها من وجوه كثيرة تقوم بها الصفات والحركات، مع ما فيها من الافتقار والحاجة. فإن الشمس والقمر والكواكب محتاجة إلى محالها التي هي فيها، ومواضعها التي تحملها وتدور بها، والأفلاك كل منها محتاج إلى ما سواه، إلى غير ذلك من دلائل نقصها وحاجتها!
    والمقصود هنا أن هذا الذي فر من أن يجعل القديم الواجب موجودًا وموصوفًا بصفات الكمال، لئلا يلزم ما ذكره من التشبيه والتجسيم، وجعل نفي هذا اللازم دليلًا على نفي ما جعله ملزومًا له لزمه في آخر الأمر ما فر منه من جعله الموجود الواجب جسمًا يشبه غيره، مع أنه وصفه بصفات النقص التي يجب تنزيه الرب عنها، ومع أنه جحد الخالق جل جلاله فلزمه مع الكفر الذي هو أعظم من كفر عامة المشركين، فإنهم كانوا يقرون بالصانع مع عبادتهم لما سواه، ولزمه مع هذا أنه من أجهل بني آدم وأفسدهم عقلًا ونظرًا، وأشدهم تناقضًا.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •