تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 51

الموضوع: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    .............................. .....

    سؤال بارك الله فيكم عن درجة الحديث

    و هل ورد في الشرع اطلاق لفظ ( كفر بالله ) او بكتابه او رسله على غير الكفر الاكبر

  2. #2

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    السلام عليكم
    فإنه ما من شك في أن الكفر أنواع، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم، وبينوها، فمنها ما هو كفر أكبر، مخرج من الملة، وهذا النوع عده ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه: "مدارج السالكين" خمسة أقسام.الأول: كفر التكذيب، ودليله قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ [الزمر:32].ومنها: كفر الاستكبار، والإدبار مع التصديق، ودليله قوله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].ومنها: كفر الإعراض، ودليله قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الاحقاف:3].ومنها: كفر الشك، ودليله قوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا* قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا [الكهف:35- 37].ومنها: كفر النفاق، ودليله قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3].وأما الكفر الأصغر، فهو ما أطلق عليه الشرع لفظ الكفر، مع ثبوت الإسلام لصاحبه بأدلة أخرى، كقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله، فقد كفر. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.

  3. #3

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبدالرحمن بن حسن: (ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، قد يراد مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة، وقد يراد بها مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين، والثاني لا يحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية، وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي وتفسير السنة، قال تعالى: وَمَا ​أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ[إبراهيم:4]) (27) .
    ومما يدل على أن ذلك هو الأصل، تبادره إلى الذهن، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه في قصة خسوف الشمس، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَأُرِيتُ النارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ))

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    .............................. .....
    و هل ورد في الشرع اطلاق لفظ ( كفر بالله ) او بكتابه او رسله على غير الكفر الاكبر
    بارك الله فيك
    سأنقل لك اخى الطيبونى بعض ما ورد فى المسألة وإن كان في بعض الادلة الواردة من اهل العلم اشكال - - وسأنقل كلام الشيخ صالح ال الشيخ فى استشكال على تعريف الاكبر بصيغة الإسم المعرف بأل

    قـال القاضي شهاب الدين القرافي (فإن كان المتكلم هو الشرع حملنا لفظه على عُرْفِه) (شرح تنقيح الفصول) للقرافي، ط دار الفكر، صلى الله عليه وسلم 211.
    وقال ابن حجر رحمه الله (عُرف الشارع إذا أطلق الشرك إنما يريد به ما يقابل التوحيد، وقد تكرر هذا اللفظ في الكتاب والأحاديث حيث لايُراد به إلا ذلك) (فتح الباري) 1/ 65.
    وقال أبو حيـان الأندلـسي في تفسيـره (البحـر المحيـط) (الكفر إذا أطلق انصرف إلى الكفر في الدين) (البحر المحيط) 3/ 493.
    ومعنـى الإطـلاق في كلامهما (إذا أطلـق الشـرك) و (الكفـر إذا أطـلِـق)أي لم يرد مايقيـده ويصـرفه عن حقيقته المطلقة، كقولك: الماء المطلق طاهر مطهر، أي الماء الذي لم يقيد بصفة من الصفات كقولك ماء الورد أو ماء نجس.
    وحاصـل ما سـبق: أنـه يجـب مراعـاة عُرف المتكـلم، فـإذا دَلّت عادتـه على استعمـال لفـظ معين في بيان معنى معين، فإنه لايجوز القول بأنه أراد بلفظه معنى آخر حتى يأتي المتكلم بالقرائن الدالة على ذلك.
    اعلـم أن هنـاك فـرقاً بين لفـظ الكفـر إذا جـاء بصيغـة الاسـم النكرة(ككُفْر، وكافر، وكُفار، وكافرون)، وإذا جاء بصيغة المعرفة بدخول (أل) على الاسم النكرة (كالكُفْر، والكافر، والكفار، والكافرون).
    أمـا إذا جـاء الكفـر بصيغـة المعرفـة، فإنـه لايـُراد بـه إلا الكفـر الأكبر، وذلك لتصدير الاسم بالألف واللام المؤدية لحصول كمال المسمى، وهذا لاخلاف عليه بين أهل العلم بلغة العرب. فإنك إذا قلت «عمرو الشجاع» أفدت أنه الكامل في الشجاعة، فتخرج الكلام في صورة توهم أن الشجاعة لم توجد إلا فيه لعدم الاعتداد بشجاعة غيره لقصورها عن رتبة الكمال، وهذا بخلاف قولك «عمرو شجاع»، فظهر بذلك الفرق بين الاسم النكرة والمعرفة في إفادة كمال المعنى.
    انظر (الإيضاح في علوم البلاغة) للخطيب القزويني، ط دار الكتب العلمية 1405هـ، صـ 101، وانظر (الصلاة) لابن القيم، ط دار الكتب العلمية، صـ 18.

    وعلى هذا فقولك (فلان الكافر) هو إخبار عنه وحكم عليه بأنه كافر كفراً أكبر، لكون الخبر عنه جاء معرفاً بأل الدالة على حصول كمال الكفر فيه، والدالة على بلوغه الغاية في الكفر. . وفي تقرير هذه المقدمة:
    قال ابن تيمية رحمه الله (وفَرْقٌ بين الكفر المعرف باللام كما في قوله صلى الله عليه وسلم «ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلا ترك الصلاة» وبين كُفر منكر في الاثبات) (اقتضاء الصراط المستقيم) صـ 69.
    تبقى بعد ذلك ألفـاظ الكفــر الواردة في السنـة، فما كان منها بصيغة الإسم المعرف بأل فهو كفر أكبر كما في حديث (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم
    فإن كان بغير هذه الصيغة !
    فالأصل فيه حمله على الكفر الأكبر حتى تقوم القرينة الصارفة له إلى الكفر الأصغر. ودليله حديث كفران العشير ، ألا ترى أنه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ عن النساء ــ (يكفرن)فقال الصحابة: أيكفرن بالله؟.
    فدل على أن الكفر إذا أطلق انصرف إلى الأكبر حتى تقوم القرينة الصارفة له إلى الأصغر كما في الأمثلة التي سبق ذكرها.
    قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب (ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة قد يراد مُسَّماها المطلق وحقيقتها المطلقة، وقد يُراد بها مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين، والثاني لايُحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية، وإنما يُعرف ذلك بالبيان النبــوي وتفسير السنة، قال تعالى «وماأرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم» إبراهيم 4) أهـ. (الرسائل المفيدة) للشيخ عبداللطيف، جمع سليمان بن سحمان، صـ 21 ــ 22.
    إن الكفر إذا كان نكرة احتمل أن يكون كفراً أصغر أو أكبر، ومعرفة دلالته على أيهما يكون بالنظر في القرائن والجمع بين الأدلة، وهذا الكلام ينطبق على الكفر النكرة الوارد في السُّنة (الحديث)، أما في القرآن فكل كُفر فيه فهو الكفر الأكبر سواء ورد بصيغة الفعل بأزمنته المختلفة أو بصيغة الاسم النكرة أو المعرفة.
    ومن أمثلة الكفر بصيغة الاسم النكرة في القرآن، ودلالته على الكفر الأكبر:
    قوله تعالى (ودّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً) البقرة 109
    وقوله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) البقرة 217
    وقوله تعالى (وليزيدن كثيراً منهم ماأنزل إليك من ربك طغيانا وكُفراً) المائدة 64 و 68
    وقوله تعالى (الذين كذّبوا شعيباً كأن لم يغنوا فيها ــ إلى قوله تعالى ــ فكيف آسى على قوم كافرين) الأعراف 92 ــ93
    وقوله تعالى (وكان الشيطــان لربـه كفــوراً) الإسراء 27
    وقوله تعالى (وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون) سبأ 34.
    فهذه كلها أسماء نكرة (كُفاراً، كافر، كُفْراً، كافرين، كفوراً، كافرون) وكلها تدل على الكفر الأكبر، وهكذا كل كُفر في القرآن.
    أما الكفـر بصيغــة الاســم النكرة في السنــة فيحتمل الكفـر الأكبر أو الأصغر. فقوله صلى الله عليه وسلم (سباب المسلم فسوق وقتاله كُفْر) متفق عليه، وأن الكفر فيه هو الأصغر لأن قاتل العمد لايكفر بدليل آية البقرة (فمن عفي له من أخيه شيء) كما أن البغـاة لايكفـرون مع الاقتـتال كما في آية الحجرات (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا).
    أما الكفر النكرة في قوله صلى الله عليه وسلم (إلا أن تروا كفراً بواحاً) الحديث متفق عليه فهو الكفر الأكبر، والقرينة الدالة على ذلك وصفه بالبواح وهو الصريح، . وكذلك الكفر النكرة في قوله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافراً يبيع دينه بِعَرَض ٍ من الدنيا) رواه مسلم، فالكفر فيه هو الأكبر بقرينة أنه جعله ضداً للإيمان، وبقرينة قوله صلى الله عليه وسلم (يبيع دينه).
    [ الجامع لطلب العلم الشريف]

    قال البشير بن محمّد عصام المسفيوي المرّاكشي :
    والكفر منه أكبر وأصــــــغر *** والظلم والفسق كذاك يحصر
    والأوّل الأصل لدى الإطلاق *** كمـــــــــا تقرّر لدى الحذّاق
    الشّرح : (والأوّل) أي الكفر الأكبر هو (الأصل) في الكتاب والسنة ، بل وحتّى في كلام السّلف والأئمّة (لدى الإطلاق) أي إذا لم يقيّد بما يوضّح كونه منقولا إلى معناه المجازي وهو الكفر الأصغر، أو لم توجد قرينة شرعية تمنع إرادة المعنى الحقيقي ، وهذا (كما تقرّر) بالأدلة اللغوية والشرعية البيّنة (لدى الحذّاق) وأهل التحقيق والبراعة من العلماء .
    فأمّا الدّليل اللّغوي على هذه المسألة فهو أنّ الاستقراء دلّنا على أنّ لفظ الكفر حقيقة شرعية في الكفر الأكبر المخرج من الملة . وعلامة الحقيقة هي التبادر كما تقرّر عند أهل البلاغة والأصول . فإذا أطلق هذا اللفظ ، تبادر إلى الذهن معنى الكفر الأكبر، الذي هو المعنى الرّاجح لكونه المعنى الحقيقي للّفظ . ولا ينبغي أن يصرف اللفظ إلى المعنى المرجوح ، وهو هنا المعنى المجازي ، أي معنى الكفر الأصغر، إلّا بقرينة واضحة تحيل إرادة المعنى الأصلي .
    وأمّا الدليل الشرعي فما جاء في الحديث الصحيح ، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم – قال : " أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن " ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : " يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثمّ رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط " . [رواه البخاري في الإيمان برقم: 29 ، ومسلم مطوّلا في كتاب الكسوف برقم: 907].
    ووجه الشّاهد منه أنّ الصّحابة فهموا من إطلاق لفظ الكفر معنى الكفر الأكبر المخرج من الملّة ، وهو الكفر بالله ، فبيّن لهم النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ المراد هو كفر النعمة ، وكفر الإحسان ، ولم ينكر عليهم فهمهم ، فكان إقرارا منه عليه الصّلاة والسّلام .
    وفي تقرير هذه القاعدة يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله : " عرف الشّارع إذا أطلق الشرك إنّما يريد به ما يقابل التوحيد ، وقد تكرّر هذا اللفظ في الكتاب والأحاديث حيث لا يراد به إلّا ذلك" . [فتح الباري: 1/90].
    ويقول الشيخ عبد اللّطيف بن عبد الرّحمان آل الشيخ رحمه الله : " ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والرّكون والشّرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة قد يراد بها مسمّاها المطلق وحقيقتها المطلقة ، وقد يراد مطلق الحقيقة ، والأوّل هو الأصل عند الأصوليين والثاني لا يحمل عليه إلّا بقرينة لفظية أو معنوية ، وإنّما يعرف ذلك بالبيان النّبوي وتفسير السنّة ، قال تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } " . [الرّسائل المفيدة للشيخ عبد اللطيف: 21-22، كما نقله صاحب الجامع: 2/831].
    ويقول ابن القيم رحمه الله : " اللّفظ الذي اطرد استعماله في معنى هو ظاهر فيه ، ولم يعهد استعماله في المعنى المؤوّل أو عهد استعماله فيه نادرا ، فحمله على خلاف المعهود من استعماله باطل ، فإنّه يكون تلبيسا يناقض البيان والهداية " . [مختصر الصواعق المرسلة: 1/47].
    أقول : هذا الكلام ينطبق تماما على لفظ الكفر الذي نحن بصدده ، إذ هذا اللفظ ظاهر في المعنى الحقيقي الرّاجح وهو الكفر الأكبر المخرج من الملّة ، مع إحتماله للمعنى المجازي المرجوح وهو الكفر الأصغر، ثمّ إنّ الغالب في استعمال الشّارع هو المعنى الأوّل ، فلا يصح إذن حمل اللفظ على المعنى المرجوح إلّا بقرينة .
    ثمّ هنا قاعدة أخرى أذكرها لعموم الحاجة إليها ، وهي أنّ الكفر إذا ورد - في نصوص الكتاب والسنّة - معرّفا بدخول "ال" عليه ، فإنّه لا يراد به إلّا الكفر الأكبر المخلّد في النار، وأمّا إن ورد منكّرا فإنّه محتمل لمعنيي الكفر الأكبر والأصغر، مع كون الأول الأصل عند الإطلاق كما سبق بيانه .
    ودليل هذه القاعدة أنّ التعريف عند البلاغيين يؤتى به لإفادة اللفظ تمام المعنى ، قال الخطيب القزويني في كتابه الإيضاح : " وأمّا تعريفه - يعني المسند إليه - فلتكون الفائدة أتم " . [الإيضاح (ضمن شروح التلخيص) : 1/287] وقال شارح الجوهر المكنون - الشيخ أحمد الدمنهوري - : " والإتيان بالمسند إليه معرفة لإفادة المخاطب أتمّ فائدة " ، قال محشيه : " فإنّ كلا من فائدة الخبر ولازمها كلّما ازداد متعلّقه معرفة زاد غرابة وأتمّية ، فإذا قلنا : ثوب لبيس اشترى في السوق لم يكن كقولنا : ثوب من حرير فيه طراز ذراع طوله ألف شبر اشتراه فلان من فلان بألف دينار في مكان كذا وكذا ، والأصل في التعيين الموجب لازدياد الفائدة المعارف لأنّها تفيد التعيين بالوضع " . [حلية اللب المصون (مع حاشية المنياوي) : 55].
    إذا تقرّر هذا ، فلفظ الكفر المعرّف بـ : "ال" ، يفيد حصول كمال الكفر وغايته وتمامه ، وهذا هو الكفر الأكبر المخرج من الملّة ، فتأمّل .
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وفرق بين الكفر المعرّف باللّام كما في قوله - صلّى الله عليه وسلّم - : " ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلّا ترك الصّلاة " ، وبين كفر منكّر في الإثبات " . [اقتضاء الصراط المستقيم: 70].
    فاشدد على هذه القواعد ، بالأيدي والنواجذ ، والله الموفّق . شرح منظومة الإيمان المسمّاة : " قلائد العقيان بنظم مسائل الإيمان " ص103-105 .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وفرق بين الكفر المعرّف باللّام كما في قوله - صلّى الله عليه وسلّم - : " ليس بين العبد وبين الكفر أو الشرك إلّا ترك الصّلاة " ، وبين كفر منكّر في الإثبات " . [اقتضاء الصراط المستقيم: 70].
    قال صالح ال الشيخ
    مداخلة : فضيلة الشيخ ، هل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الكفر المعرَّف بالألف واللام( [4] ) هو المخرج من الملة ، وإذا كان مُنَكَّرًا المقصود به الزجر عن ذلك ، هل يُطَبَّقُ على مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- في إتيان الكهان وتَصْدِيقهم : «مَنْ أَتَى كَاهِنًا ، أَوْ عَرَّافًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»( [5] ) ؟ فهل هو كفر مُخْرِجٌ من الملة ؟
    الشيخ : أولًا : البحث فيها من الثلاث جهات التي ذكرت ، القول بأن الكفر إذا عُرفت بالألف واللام يُراد بها الكفر الْمُخْرِجُ من الملة ، هذا فيه نظر من جهتي اللغة ، ومن جهة الحقيقة الشرعية .
    فالحقيقة اللغوية لا تساعد ؛ لأن الكفر مصدر ، و( ال ) الداخلة عليه لا تشمل أنواع الكفر ، فهو لا بُدَّ من تعريفه .
    فشيخ الإسلام -رحمه الله- دخل إليه من أجل مسألة الصلاة ، حديث الصلاة : «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ -أَوِ الشِّرْكِ- تَرْكُ الصَّلَاةِ»( [6] ) ، وفي قوله : «فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»( [7] ) في حديث بُرَيْدَةَ الذي في السُّنَنِ ، فجعل : «فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» كُفْرًا أكبر ، لأنه عَرَّفه في حديث جابر -رضي الله عنه- المتقدم عند مسلم : «الْكُفْر» ، وهذا التَّعْرِيفُ يَدُلُّ على أنه كُفْرٌ أَكْبَرُ بِضَمِيمَةِ قول عبد الله بن شَقِيقٍ : «كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ»( [8] ) ، لكن اللغة والحقيقة الشرعية لا تساعدان ، ولا توجد قرائن أخرى تدل على أن كلمة الكفر تدل على الكفر الأكبر ، هذا من جهة .
    المسألة الثانية : حديث الكهان «مَنْ أَتَى كَاهِنًا ، أَوْ عَرَّافًا ، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» قال : «فَقَدْ كَفَرَ» ، فمسألة التعريف غير متحققة في ذلك .
    والمسألة الثالثة : قد ذكرت لكم عدة مرات أن الصحيح فيها : أن إتيان الكاهن مع التصديق ليست كفرًا أكبر مخرجًا من الملة ، وذلك لسببين :
    أولاً : لِلْشُبْهَةِ ، اشتباه أنه أخذها ، يعني : صَدَّقَهَا لا لادعاء الغيب ، يقول : لعله مما أخذه مسترقو السمع .
    الثاني : أنه جاء في حديث بإسناد صحيح في مسند أحمد : «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا»( [9] ) ، وعدم قُبُولِ الصلاةِ هذه المدة دليل على أنه لم يَخْرُجْ مِنَ الْمِلَّةِ لأنه لو خرج من الملة لم تُقْبَلْ له صلاة حتى يعود إلى إسلامه ، وقد ذكرته في شرح كتاب التوحيد ، وهناك عدد من المشايخ المعاصرين يخالفون في هذا ، منهم الشيخ صالح الفوزان ، يرى أنها كفر أكبر .
    والإمام أحمد له ثلاث روايات في المسألة ، رواية بالكفر الأكبر ، ورواية بالكفر الأصغر ، والرواية الثالثة بالتوقف ، قال : أقول كفر ولا أقول . لأنَّ المقصود منها الوعيد والتهديد .
    مداخلة : وهل كان الكهان في زمن النبوة يأخذون إلا من مسترقي السمع ؟ لم يكونوا يَدَّعُونَ علم الغيب ، ولذا قال -صلى الله عليه وسلم- : «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ» وهم يعلمون أنه لا يأخذ علم الغيب إلا عن طريق مسترقي السمع .
    الشيخ : لذا جاء في الحديث : «فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ»( [10] ) فيأخذ واحدة ويكذب مائة .
    مداخلة : بعضهم يقولون : قوله : «قَدْ كَفَرَ» هذا دليل لمن يقول بعدم الكفر الأكبر ، وليس دليلًا للآخرين ؟
    الشيخ : لماذا ؟
    مداخلة : على تأصيل شيخ الإسلام في المسألة في الفرق بين الكفر المعرف بأل وغير المعرف ، فعلى هذا التأصيل قالوا : كل كفر . وهذا لا يُفْهَمُ من كلام شيخ الإسلام .
    الشيخ : الذي فهمته من كلام السائل أنه يقول : إن الكهانة كفر أكبر ، فهو استدل بها على الخروج من الإسلام ، ومع ضميمة غير منضبطة مشوشة .
    مداخلة : الظاهر أنه يَرُدُّ على كلام شيخ الإسلام في مسألة التصديق ، وأنتم بَيَّنْتُمْ أن كلام شيخ الإسلام غير منضبط إلا من الحقيقة اللغوية والشرعية .
    الشيخ : أنا لم أقل : غير منضبط ، أنا لا أقول : كلام شيخ الإسلام غير منضبط . قلت فيه نظر من جهتين : من جهة الحقيقة اللغوية ، والحقيقة الشرعية .
    مداخلة : يعني شيخ الإسلام لا يقول : إن هذه في الكفر الأكبر ، وهذه في الكفر الأصغر ، وإنما قال : وفرق بين الكفر الْمُعَرَّفِ بأل ، وبين الكفر الذي لم يُعرف ، فقط ، لم يقل : إنها فيصل بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر .
    الشيخ : لكن هو استدل بها على تكفير تارك الصلاة .
    مداخلة : في نفس الموضع يكون الدليل له وجهه .
    الشيخ : هو ذكرها في أكثر من موضع ، في ( كتاب الإيمان ) مرتين ، وفي ( الصارم المسلول ) ، وفي ( الفتاوى ) .
    مداخلة : عبارته متقاربة جدًّا ، فيقول : فرق بين الكفر ، لكن ( ال ) في الكفر يا شيخ في الصلاة للعهدية أو للجنسية ؟
    الشيخ : كيف ؟
    مداخلة : العهد .
    الشيخ : العهد يُسَمَّى العهد الذهني [جلسسة مع الشيخ ]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الرحمان بدر مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    فإنه ما من شك في أن الكفر أنواع، وقد ذكرها أهل العلم في كتبهم، وبينوها، فمنها ما هو كفر أكبر، مخرج من الملة، وهذا النوع عده ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه: "مدارج السالكين" خمسة أقسام.الأول: كفر التكذيب، ودليله قوله تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ [الزمر:32].ومنها: كفر الاستكبار، والإدبار مع التصديق، ودليله قوله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].ومنها: كفر الإعراض، ودليله قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الاحقاف:3].ومنها: كفر الشك، ودليله قوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا* قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا [الكهف:35- 37].ومنها: كفر النفاق، ودليله قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3].وأما الكفر الأصغر، فهو ما أطلق عليه الشرع لفظ الكفر، مع ثبوت الإسلام لصاحبه بأدلة أخرى، كقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله، فقد كفر. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.
    نعم
    نواع الكفر


    المطلب الأول: الكفر الأكبر
    وهو يناقض الإيمان، ويخرج صاحبه من الإسلام، ويوجب الخلود في النار، ولا تناله شفاعة الشافعين، ويكون بالاعتقاد، وبالقول، وبالفعل، وبالشك والريب، وبالترك، وبالإعراض، وبالاستكبار.
    ولهذا الكفر أنواع كثيرة؛ من لقي الله تعالى بواحد منها لا يغفر له، ولا تنفعه الشفاعة يوم القيامة (8)
    وهو خمسة أنواع:
    أ- كفر التكذيب، وهو اعتقاد كذب الرسل عليهم السلام، فمن كذبهم فيما جاؤوا به ظاهرا أو باطنا فقد كفر، والدليل قوله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَما جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ [العنكبوت:68].
    2 – كفر الإباء والاستكبار، وذلك بأن يكون عالما بصدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، لكن لا ينقاد لحكمه ولا يذعن لأمره، استكبارا وعنادا، والدليل قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [البقرة:34].
    3 - كفر الشك، وهو التردد، وعدم الجزم بصدق الرسل، ويقال له كفر الظن، وهو ضد الجزم واليقين.
    والدليل قوله تعالى: وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ الساعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَواكَ رَجُلًا لَكِنا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا [الكهف: 35-38].
    4 - كفر الإعراض، والمراد الإعراض الكلي عن الدين، بأن يعرض بسمعه وقلبه وعلمه عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل قوله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَما أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [الأحقاف: 3].
    5 - كفر النفاق، والمراد النفاق الاعتقادي بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر، والدليل قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3]. (9)

    المطلب الثاني: الكفر الأصغر
    النوع الثاني: كفر أصغر غير مخرج من الملة:
    وهو ما لا يناقض أصل الإيمان؛ بل ينقصه ويضعفه، ولا يسلب صاحبه صفة الإسلام وحصانته، وهو المشهور عند العلماء بقولهم: (كفر دون كفر) ويكون صاحبه على خطر عظيم من غضب الله - عز وجل - إذا لم يتب منه؛ وقد أطلقه الشارع على بعض المعاصي والذنوب على سبيل الزجر والتهديد؛ لأنها من خصال الكفر، وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر، وما كان من هذا النوع فمن كبائر الذنوب.
    وهو مقتض لاستحقاق الوعيد والعذاب دون الخلود في النار، وصاحب هذا الكفر ممن تنالهم شفاعة الشافعين، ولهذا النوع من الكفر صور كثيرة، منها:
    كفر النعمة:
    وذلك بنسبتها إلى غير الله تعالى بلسانه دون اعتقاده.
    قال تعالى يعرفون نعمة اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل:83]
    كقول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي على سبيل إسناد النعمة إلى آبائه، أو قول أحدهم: لولا فلان لم يكن كذا وغيرها مما هو جار على ألسنة كثير من الناس، والمراد أنهم ينسبونه إلى أولئك، مع علمهم أن ذلك بتوفيق الله.
    ومن ذلك تسمية الأبناء بعبد الحارث، وعبد الرسول، وعبد الحسين ونحوها؛ لأنه عبده لغير الله مع أنه هو خالقه والمنعم عليه.
    كفران العشير والإحسان:
    عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أريت النار؛ فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن)) قيل: أيكفرن بالله. قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان؛ لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت خيراً قط)) (1) .
    الحلف بغير الله تعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم:
    ((من حلف بغير الله فقد كفر، أو أشرك)) (2) .
    فإجماع أهل السنة والجماعة على أن هذا الشرك والكفر هما من الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الإسلام، ما لم يعظم المخلوق به في قلب الحالف كعظمة الله تعالى.
    قتال المسلم: لقوله صلى الله عليه وسلم:
    ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) (3) .
    وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً؛ يضرب بعضكم رقاب بعض)) (4) .
    فهذا النوع من الكفر غير مخرج من الملة باتفاق الأئمة؛ لأنهم لم يفقدوا صفات الإيمان، لقول الله تعالى:
    وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9]
    الطعن في النسب، والنياحة على الميت:
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اثنتان في الناس هما بهم كفر؛ الطعن في النسب، والنياحة على الميت)) (5) .
    الانتساب إلى غير الأب:
    قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
    ((لا ترغبوا عن آبائكم؛ فمن رغب عن أبيه فهو كفر)) (6) .
    وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس من رجل ادعى لغير أبيه - وهو يعلمه - إلا كفر، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم؛ فليتبوأ مقعده من النار) (7) .
    وأنواع الكفر الأصغر كثيرة يتعذر حصرها؛ فكل ما جاءت به النصوص الشرعية من تسميته كفراً، ولم يصل إلى حد الكفر الأكبر، أو النفاق الأكبر، أو الشرك الأكبر، أو الفسق الأكبر، أو الظلم الأكبر؛ فهو كفر أصغر.

    [الموسوعة العقدية]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    كفر النعمة:
    وذلك بنسبتها إلى غير الله تعالى بلسانه دون اعتقاده.
    قال تعالى يعرفون نعمة اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل:83]
    قول: كانت الريح طيبة والملاح حاذقا، هل هي شرك أكبر، أم كفر نعمة؟


    السؤال

    يرى ابن تيمية رحمه الله تعالى أن عبارة (كانت الريح طيبة والملاح حاذقا) تعد شركا. فما ترجيح فضيلتكم في هذه المسألة؟ وما ترجيح الجمهور؟ ونفع الله بعلمكم.


    الإجابــة

    الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد: فالعبارة المشار إليها ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى نقلا عن بعض السلف، ونقلها عنه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ {النحل:83}.
    ولم يُصرح شيخُ الإسلام ابن تيمية ولا الشيخُ محمدٌ هل هي شركٌ أكبرٌ أم أصغرٌ؟ قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى:
    وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجهني قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ عَلَى إثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَاكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ} . وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَذُمُّ سُبْحَانَهُ مَنْ يُضِيفُ إنْعَامَهُ إلَى غَيْرِهِ وَيُشْرِكُهُ بِهِ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: هُوَ كَقَوْلِهِمْ: كَانَتْ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالْمَلَّاحُ حَاذِقًا ... اهـــ وإيراده لهذه الجملة (كَانَتْ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالْمَلَّاحُ حَاذِقًا) بعد ذكره لحديث "مطرنا بنوء كذا" وفي نفس الباب هذا يعني أنهما من جنس واحد عنده، فكما أن الذي نسب حصول المطر إلى الأنواء وقع في الكفر بالله، فكذا من نسب حصول السلامة في البحر إلى الريح والملاح وقع في الكفر بالله. قال الإمام النووي في شرح حديث "مطرنا بنوء كذا":
    وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ كُفْرٌ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَالِبٌ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ مُخْرِجٌ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ. قَالُوا وَهَذَا فِيمَنْ قَالَ ذَلِكَ مُعْتَقِدًا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ لِلْمَطَرِ كَمَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَزْعُمُ، وَمَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَالشَّافِعِيُّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. قَالُوا: وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِرَحْمَتِهِ، وَأَنَّ النَّوْءَ مِيقَاتٌ لَهُ وَعَلَامَةٌ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا، فَهَذَا لَا يَكْفُرُ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَتِهِ، وَالْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لَكِنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا إِثْمَ فِيهَا، وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا كَلِمَةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ فَيُسَاءُ الظَّنُّ بِصَاحِبِهَا، وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي أَصْلِ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِاقْتِصَارِهِ عَلَى إِضَافَةِ الْغَيْثِ إِلَى الْكَوْكَبِ وَهَذَا فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ تَدْبِيرَ الْكَوْكَبِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ فِي الْبَابِ: أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَكَافِرٌ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ. فَقَوْلُهُ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كُفْرٌ بِالنِّعْمَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهــــ
    وهذا الذي درج عليه شراح كتاب التوحيد فقد ذكروا أن جملة (كَانَتْ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالْمَلَّاحُ حَاذِقًا ) قد تكون شركا أكبر، وقد تكون من كفر النعمة على حسب اعتقاد قائلها، قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه لكتاب التوحيد عن هذا الباب الذي ذُكرت فيه تلك العبارة:
    هذا الباب معقود لألفاظ يكون استعمالها من الشرك الأصغر، ذلك أن فيها إضافة النعمة إلى غير الله .... وهذا الشرك وكفر النعمة ليس من الكفر والشرك المخرِج من الملّة، إذا كان الإنسان يعتقد أنّ إضافة النعمة إلى الشيء من إضافة المسبّب إلى سببه، وإنّما المنعم هو الله ... أما إذا اعتقد أنّ النعم من إحداث المخلوق ومن صُنع المخلوق، فإنّ هذا كفرٌ أكبر يُخرِجُ من الملّة. اهـــ.
    وقولك "وما ترجيح الجمهور" إن كنت تعني هل هي من الشرك أم لا؟ فإننا لم نقف على كلام لجمهور أهل العلم في هذه الجملة بذاتها "كَانَتْ الرِّيحُ طَيِّبَةً، وَالْمَلَّاحُ حَاذِقًا" وأنت ترى أن شيخ الإسلام نسبها لبعض السلف وليس للجمهور، ولا نظن أن العلماء يختلفون في ذلك التفصيل الذي ذكرناه.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    ضابط التفريق بين الكفر الأكبر والأصغر

    الشرك والكفر الأكبر المخرج من الملة هو ما ناقض أصل الدين الذي هو توحيد الله والالتزام بالشريعة إجمالاً.
    أما الشرك والكفر الأصغر وتخلف الإيمان الواجب فيكون بما دون ذلك، بحيث لا ينقض أصل الدين، ولا يكون أيضاً من اللمم المعفو عنه كما قال تعالى: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا [النساء: 31].
    فكل ما ثبت بنص أنه شرك، لكن دلت الدلائل على أنه ليس شركاً مخرجاً من الملة فهو شرك أصغر، وكل ما ثبت بنص أنه كفر، لكن دلت الدلائل على أنه ليس كفراً مخرجاً من الملة فهو كفر دون كفر، وكذا ما ورد فيه الوعيد بنحو ليس منا، أو تبرأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم، أو نفى عنه وصف الإيمان، فكل ذلك من الكبائر.
    ولهذا عمم الإمام أحمد رحمه الله القول بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمناً فقال: (من أتى هذه الأربعة: الزنا والسرقة وشرب الخمر والنهبة التي يرفع الناس فيها أبصارهم إليه، أو مثلهن أو فوقهن فهو مسلم، ولا أسميه مؤمناً، ومن أتى دون الكبائر نسميه مؤمناً ناقص الإيمان) (1) .
    يقول الإمام محمد بن نصر المروزي تعليقاً على كلام الإمام أحمد السابق: (صاحب هذا القول يقول: لما نفى عنه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان نفيته عنه كما نفاه عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول لم ينفه إلا عن صاحب كبيرة، وإلا فالمؤمن الذي يفعل الصغيرة هي مكفرة بفعله للحسنات واجتنابه للكبائر، لكنه ناقص الإيمان عمن اجتنب الصغائر، فما أتى بالإيمان الواجب، ولكن خلطه بسيئات كفرت عنه بغيرها، ونقصت بذلك درجته عمن لم يأت بذلك) (2) .
    والكبيرة إما أن تتعلق بالشرك على نحو لا يناقض أصل التوحيد. وإما أن تتعلق بعدم الالتزام بالشريعة، ولكن على نحو لا يتناقض أصل الالتزام بها، سواء كان ذلك من جهة المعصية أو من جهة البدعة. فإن من زنى أو سرق لم يلتزم بأمر الله له باجتناب ذلك، لكنه لم ينقض أصل التزامه بأمر الله بالكلية. وكذلك من علم الحق المخالف لبدعته فأصر عليه تغليباً لشبهته فإنه لا يقال إنه استسلم لله بقبول خبرة استسلاماً تاماً، لكنه مع ذلك لم يرده تكذيباً واستحلالاً، بل لشبهة عرضت له.
    فأما الشرك فنحو الرياء، كما ورد بذلك النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بأن يكون أصل العمل لله، لكن دخل عليه الشرك في تزيينه للناس.
    يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والتصنع للخلق والحلف بغير الله كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) (3) وقول الرجل للرجل (ما شاء الله وشئت) و(هذا من الله ومنك)و (أنا بالله وبك)، و (مالي إلا الله وأنت) و (أنا متوكل على الله وعليك) و (ولولا أنت لم يكن كذا وكذا). وقد يكون هذا شركا أكبر بحسب قائله ومقصده) (4) .
    وأما الكفر الأصغر فبنحو الحكم بغير الشريعة في قضية معينة لأجل الشهوة، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنه لقوله تعالى: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة: 44]، أما رفض الشريعة بالكلية، وتحكيم القوانين الوضعية، فكفر أكبر ولم يظن ابن عباس رضي الله عنه ولم يخطر على باله أن من يدعي الإسلام يمكن أن يتعمده، ودلالة الآية على الكفر الأكبر – على الصحيح – هو المعنى المقصود بها أصلاً، وقول ابن عباس رضي الله عنه لا يناقض ذلك ولا يمنع أن يكون الحاكم في قضية معينة بغير الشرع لأجل الشهوة كافراً كفراً أصغر.
    والشرك الأصغر وإن كان من الكبائر، لكنها على مراتب، وبعضها أكبر من بعض، كما في الحديث: ((ألا أنبؤكم بأكبر الكبائر... الشرك بالله وعقوق الوالدين... الحديث)) (5) وعليه يفهم قول ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً) (6) فمراده: أن الشرك بالحلف بغير الله وإن كان من الكبائر لكنه أكبر من الحلف الكاذب. وعلى هذا يمكن أن يفهم قول الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله عن الشرك الأصغـر إنه أكبر من الكبائر (7) ، وهو كقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن الشرك الأصغر إن رتبته فوق رتبة الكبائر (8) ، ولا يلزم من قولهما إخراج الشرك الأصغر عن مسمى الكبائر، بل كأنه أكبر من جميعها.
    ومما يبين ذلك: أن الشرك الأصغر لا يختص عن الكبائر بحكم يثبت له دونها فيما يتعلق بأحكام الوعيد، وأما القول بأن الشرك الأصغر لا يغفره الله، ولا يدخل تحت المشيئة – وإن دخل تحت الموازنة – فلا يصح، ولا دليل على تخصيصه بذلك، لأن المراد بقول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ [النساء: 48] الشرك الأكبر، وهو كقوله تعالى: إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النارُ [المائدة: 72]، وكقوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر: 65]. والذين يقولون بالموازنة كالإمامين ابن حزم وابن القيم رحمهما الله، لا يلتزمون تحديد شيء من الذنوب بأنه لا تغفر ولا تدخل تحت المشيئة، لا الشرك الأصغر ولا غيره من الكبائر، وإنما يعممون القول بأن من رجحت سيئاته بحسناته لابد أن يعذب (9) .
    ثم إن هناك دلالات تفصيلية أن المراد بالنص الشرك أو الكفر الأصغر. من ذلك صريح النص عليه – وهذه أقوى دلالة – ذلك كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: يا رسول الله، وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء)) (10) .
    ومن ذلك دلالة نصوص أخرى – وهذا باب واسع – ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
    ((سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)) (11) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)) (12) .. مع قوله تعالى: وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [الحجرات: 9] فالكفر المراد في الحديث ليس الكفر المخرج من الملة، وإلا لما أثبت الله لمن تقاتلوا وصف الإيمان الذي هو في الآية الإسلام الظاهر.
    ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما)) (13) ، وفي روايةٍ ((إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما)) (14)
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى هذا الحديث: (فقد سماه أخاه حين القول، وقد أخبر أن أحدهما باء بها، فلو خرج عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه) (15) .
    ومن ذلك أيضاً عدم ترتب حد الردة على فاعله، وإن أقيم عليه حد العصاة، كما في الزاني والسارق مع نفي الإيمان عنهما.
    ومن الدلالات على الشرك والكفر الأصغر أن يأتي منكراً غير معرف، فإن جاء معرفاً بأل دل على أن المقصود به الكفر المخرج من الملة، لا مطلق الكفر الذي يصدق على الكفر الأصغر كما يصدق على الكفر الأكبر.
    ولهذا فإن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر لمجيء الحديث في حكم تاركها على التعريف، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) (16) .
    ويؤيد ذلك دلالة أخرى وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) (17) . فإذا كان الحد الذي بين المسلمين والكفار هي الصلاة فإن تركها كفر أكبر.
    ومن الدلالات أيضاً على الشرك والكفر الأصغر ما فهمه الصحابة من النص، فإنهم أعلم الأمة بمعاني نصوص الكتاب والسنة، ومن ذلك حديث ((الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل)) (18) فإن آخر الحديث - على الصحيح - هو من قول ابن مسعود رضي الله عنه - وهذا مذكور عن جمع من المحدثين (19) - ومعناه: وما منا إلا ويقع له شيء من التطير. (29)
    قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام: وأما الآثار المرويات بذكر الكفر والشرك، ووجوبهما بالمعاصي، فإن معناها عندنا ليست تُثبت على أهلها كفرا ولا شركا يزيلان الإيمان عن صاحبه، إنما وجوبها أنها من الأخلاق والسنن التي عليها الكفار والمشركون (20) .
    والأصل الذي اعتمده أهل السنة في هذا الباب أن (الرجل قد يجتمع فيه كفر وإيمان، وشرك وتوحيد، وتقوى وفجور، ونفاق وإيمان، وهذا من أعظم أصول أهل السنة، وخالفهم فيه غيرهم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة والقدرية، ومسألة خروج أهل الكبائر من النار وتخليدهم فيها مبنية على هذا الأصل) (21) .
    وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح حديث ((اثْنَتَانِ فِي الناسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ...)) (22) : (قوله: ((كفر)): أي هاتان الخصلتان كفر، ولا يلزم من وجود خصلتين من الكفر في المؤمن أن يكون كافرا، كما لا يلزم من وجود خصلتين في الكافر من خصال الإيمان كالحياء والشجاعة والكرم أن يكون مؤمنا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بخلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَ الرَّجُلِ والشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ)) (23) فإنه أتى بأل الدالة على الحقيقة، فالمراد بالكفر هنا الكفر المخرج عن الملة، بخلاف مجيء ((كفر)) نكرة، فلا يدل على الخروج عن الإسلام) (24) .
    وقال في تعريف الشرك الأصغر: كل عمل قولي أو فعلي أَطلق عليه الشرع وصف الشرك، ولكنه لا يخرج من الملة، مثل الحلف بغير الله (25) .
    وليُعلم أن ... من صور الشرك الأصغر، كالحلف بغير الله، والرياء، والاستسقاء بالأنواء، قد تصير من الشرك الأكبر، في بعض الحالات، قال الشيخ ابن عثيمين: والحلف بغير الله شرك أكبر إذا اعتقد أن المحلوف به مساوٍ لله تعالى في التعظيم والعظمة، وإلا فهو شرك أصغر (26) .
    تنبيه:
    الأصل أن تحمل ألفاظ الكفر والشرك الواردة في الكتاب والسنة- وخاصة المعرف منها بأل- على حقيقتها المطلقة، ومسماها المطلق، وذلك كونها مخرجة من الملة، حتى يجيء ما يمنع ذلك، ويقتضي الحمل على الكفر الأصغر والشرك الأصغر.
    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبدالرحمن بن حسن: (ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون والشرك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، قد يراد مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة، وقد يراد بها مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين، والثاني لا يحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية، وإنما يعرف ذلك بالبيان النبوي وتفسير السنة، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4]) (27) .
    ومما يدل على أن ذلك هو الأصل، تبادره إلى الذهن، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه في قصة خسوف الشمس، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَأُرِيتُ النارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ))[الموسوعة العقدية ]

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال تعالى يعرفون نعمة اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل:83]
    أقسام إضافة النعم إلى غير الله.
    النوع الأول: إضافة إنكار وجحود: وهو أن ينسبها إلى غير الله إيجادًا وخلقًا، وهذا كفر أكبر، قال تعالى: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ [فاطر: 3].
    النوع الثاني: نكران ترك وعدم القيام بالطاعة، وهذا ما يسمى بكفر النعمة، وهذا القسم محرم، وما ورد في النصوص بتسميته كفرًا ولم يبلغ الكفر الأكبر فهذا يسمى كفر نعمة، وأما ما كان من باب المعاصي والكبائر فهذا من باب المحرمات.
    النوع الثالث: نكران تناسي لله سبحانه وتعالى: وهو أن يضيفها لأسبابها الشرعية والقدرية متناسيًا فضل الله عند الشكر والثناء. أما هذا فحكمه من الشرك الأصغر في الأقوال. مثال ذلك: «على النوع الثالث» أن يضيف الشفاء إلى مهارة الطبيب، ولا يذكر فضل الله عليه بالشفاء.
    وكقولهم: كانت الريح طيبة فحصلت السلامة، كما يأت تكملة ذلك في كلام أبي العباس ابن تيمية.
    المسألة الرابعة: نسبة الأشياء إلى الأسباب على أقسام:
    الأول: أن ينسبها إلى غير أسبابها الشرعية أو القدرية، كنسبة الشفاء إلى التمائم، ومر علينا جزء كبير في باب «لبس الحلقة والخيط» كاعتقاد أن الشبكة سبب الألفة بين الزوجين، أو يضع المصحف في السيارة لدفع العين، وهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر، لو نسب إيجاد الولد إلى المقبورين فهذا من الشرك الأكبر، وعليه يحمل قول ابن قتيبة «هذا بشفاعة آلهتنا».
    الثاني: نسبتها إلى أسبابها الشرعية أو القدرية، فالصلاة سبب لانشراح الصدر، والأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة، وهذه أمثلة للأسباب الشرعية.
    أما أمثلة الأسباب القدرية، كالعلاج سبب للشفاء، والبيع سبب للرزق، وقوة الجيش سبب للنصر، وحراسة الكلاب سبب لطرد اللصوص ... إلى غير ذلك، فهذه نسبتها إلى أسبابها جائز لكن بشروط:
    الأول: أن يجعل رتبتها بعد رتبة فضل الله، فيقول: لولا الله ثم العلاج ما حصل الشفاء، ولولا الله ثم قوة الجيش لما حصل النصر، وهذا شرط في باب الثناء والمدح، فإذا قاله ثناءً ومدحًا فتشترط "ثم".
    أما إن كان في باب الإخبار فلا يشترط ذلك، كما قال في حق عمه: «لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار» الحديث، فهذا قاله إخبارًا، ومثله قوله : «لولا أن قومك حديثو عهد بكفر ...» البخاري.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال تعالى يعرفون نعمة اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ [النحل:83] .... أقسام إضافة النعم إلى غير الله.
    اذا سألتنى اخى الطيبونى ما الذى دفعك الى هذا التقسيم فى قوله تعالى وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ
    فالجواب
    ان تقسيم الكفر الى اكبر واصغر اقل من حيث الاشكال من القول بأن الكفر إذا عُرفت بالألف واللام يُراد بها الكفر الْمُخْرِجُ من الملة ، وكما مر فى كلام الشيخ صالح ال الشيخ هذا فيه نظر من جهتي اللغة ، ومن جهة الحقيقة الشرعية . ولكن الاصل كما مر سابقا
    أنّ الاستقراء دلّنا على أنّ لفظ الكفر حقيقة شرعية في الكفر الأكبر المخرج من الملة . . فإذا أطلق هذا اللفظ ، تبادر إلى الذهن معنى الكفر الأكبر، الذي هو المعنى الرّاجح لكونه المعنى الحقيقي للّفظ . ولا ينبغي أن يصرف اللفظ إلى المعنى المرجوح ، ، أي معنى الكفر الأصغر، إلّا بقرينة واضحة تحيل إرادة المعنى الأصلي . [هذه لا اشكال فيها عندى]
    لأن الدليل الشرعي كما جاء في الحديث الصحيح ، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم – قال : " أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن " ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : " يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثمّ رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط " . [رواه البخاري في الإيمان برقم: 29 ، ومسلم مطوّلا في كتاب الكسوف برقم: 907].
    ووجه الشّاهد منه أنّ الصّحابة
    فهموا من إطلاق لفظ الكفر معنى الكفر الأكبر المخرج من الملّة ، وهو الكفر بالله ، فبيّن لهم النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ المراد هو كفر النعمة ، وكفر الإحسان ، ولم ينكر عليهم فهمهم ، فكان إقرارا منه عليه الصّلاة والسّلام .

    وانظر اخى الطيبونى ما قال ابن القيم رحمه الله على قوله تعالى
    ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون
    قال ابن القيم في مدارج السالكين: هذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون {المائدة: 44} قال ابن عباس: ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر، وكذلك قال طاووس، وقال عطاء: هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، ومنهم من تأول الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحدا له، وهو قول عكرمة، وهو تأويل مرجوح، فإن نفس جحوده كفر، سواء حكم أو لم يحكم، ومنهم من تأولها على ترك الحكم بجميع ما أنزل الله، قال: ويدخل في ذلك الحكم بالتوحيد والإسلام، وهذا تأويل عبد العزيز الكناني، وهو أيضا بعيد، إذ الوعيد على نفي الحكم بالمنزل، وهو يتناول تعطيل الحكم بجميعه وببعضه، ومنهم من تأولها على الحكم بمخالفة النص، تعمدا من غير جهل به ولا خطأ في التأويل، حكاه البغوي عن العلماء عموما، ومنهم من تأولها على أهل الكتاب، وهو قول قتادة، والضحاك وغيرهما، وهو بعيد، وهو خلاف ظاهر اللفظ، فلا يصار إليه، ومنهم من جعله كفرا ينقل عن الملة، والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين، الأصغر و الأكبر، بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصيانا، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه فهذا مخطئ، له حكم المخطئين. اهـ.....
    هذه المسألة اخى الطيبونى فيها اشكال عندى لذلك تجد بعض الاضطراب فى التوضيح

    ولكن ما يزيل الاشكال هو
    أنّ الاستقراء دلّنا على أنّ لفظ الكفر حقيقة شرعية في الكفر الأكبر المخرج من الملة . وعلامة الحقيقة هي التبادر كما تقرّر عند أهل البلاغة والأصول . فإذا أطلق هذا اللفظ ، تبادر إلى الذهن معنى الكفر الأكبر، الذي هو المعنى الرّاجح لكونه المعنى الحقيقي للّفظ . ولا ينبغي أن يصرف اللفظ إلى المعنى المرجوح ، وهو هنا المعنى المجازي ، أي معنى الكفر الأصغر، إلّا بقرينة واضحة تحيل إرادة المعنى الأصلي .
    وأمّا الدليل الشرعي فما جاء في الحديث الصحيح ، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم – قال : " أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن " ، قيل : أيكفرن بالله ؟ قال : " يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثمّ رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط " . [رواه البخاري في الإيمان برقم: 29 ، ومسلم مطوّلا في كتاب الكسوف برقم: 907].
    ووجه الشّاهد منه أنّ الصّحابة فهموا من إطلاق لفظ الكفر معنى الكفر الأكبر المخرج من الملّة ، وهو الكفر بالله ، فبيّن لهم النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ المراد هو كفر النعمة ، وكفر الإحسان ، ولم ينكر عليهم فهمهم ، فكان إقرارا منه عليه الصّلاة والسّلام

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    فَذَاكَ كَافِرٌ بِي
    قال الإمام النووي
    مَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَالشَّافِعِيُّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
    بارك الله فيك

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك فَذَاكَ كَافِرٌ بِي
    قال الإمام النووي
    مَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَالشَّافِعِيُّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
    الإمام النووي في شرح حديث "مطرنا بنوء كذا":
    وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كُفْرِ مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا عَلَى قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ كُفْرٌ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سَالِبٌ لِأَصْلِ الْإِيمَانِ مُخْرِجٌ مِنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ. قَالُوا وَهَذَا فِيمَنْ قَالَ ذَلِكَ مُعْتَقِدًا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ لِلْمَطَرِ كَمَا كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَزْعُمُ، وَمَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَالشَّافِعِيُّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. قَالُوا: وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبِرَحْمَتِهِ، وَأَنَّ النَّوْءَ مِيقَاتٌ لَهُ وَعَلَامَةٌ اعْتِبَارًا بِالْعَادَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ مُطِرْنَا فِي وَقْتِ كَذَا، فَهَذَا لَا يَكْفُرُ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَتِهِ، وَالْأَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ لَكِنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا إِثْمَ فِيهَا، وَسَبَبُ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا كَلِمَةٌ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ فَيُسَاءُ الظَّنُّ بِصَاحِبِهَا، وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي أَصْلِ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ: أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِاقْتِصَارِهِ عَلَى إِضَافَةِ الْغَيْثِ إِلَى الْكَوْكَبِ وَهَذَا فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ تَدْبِيرَ الْكَوْكَبِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ فِي الْبَابِ: أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَكَافِرٌ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ. فَقَوْلُهُ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كُفْرٌ بِالنِّعْمَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. اهــــ

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    فَذَاكَ كَافِرٌ بِي
    قال الإمام النووي
    مَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ وَالشَّافِعِيُّ مِنْهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
    بارك الله فيك اخى الطيبونى
    قال الشيخ صالح ال الشيخ فى كفاية المستزيد
    قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر" هنا قسم العباد إلى قسمين: مؤمن بالله- جل وعلا- وهو الذي نسب هذه النعمة وأضافها إلى الله - جل وعلا- وشكر الله عليها، وعرف أنها من عند الله، وحمد الله وأثنى عليه بها، والصنف الثاني: "وكافر"، ولفظ كافر اسم فاعل الكفر، أو اسم من قام به الكفر، وهذا يصدق على الكفر الأصغر والكفر الأكبر، فهم انقسموا إلى مؤمنين، وإلى كافرين،
    والكافرون منهم نوعان:
    النوع الأول: من كفر كفرا أصغر، كمن يقول: مطرنا بنوء كذا وكذا، يعتقد أن النوء والنجم والكوكب سبب في المطر، فهذا كفره كفر أصغر؛ لأنه لم يعتقد التشريك والاستقلال، ولكنه جعل ما ليس سببا سببا، ونسب النعمة إلى غير الله، فقوله من أقوال أهل الكفر، وهو كفر أصغر بالله- جل وعلا- كما قال العلماء.
    والنوع الثاني: كافر الكفر الأكبر، وهو الذي اعتقد أن المطر أثر من آثار الكواكب والنجوم، وأنها هي التي تفضلت بالمطر، وهي التي تحركت بحركة لما توجه إليها عابدوها أنزلت المطر إجابة لدعوة عابديها، وهذا كفر أكبر بالإجماع؛ لأنه اعتقاد ربوبية وإلهية لغير الله- جل وعلا-.
    " فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ": لأنه نسب النعمة لله وحده، ونسبة النعمة لله وحده دلت على إيمانه.[كفاية المستزيد]

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    والصنف الثاني: "وكافر"، ولفظ كافر اسم فاعل الكفر، أو اسم من قام به الكفر، وهذا يصدق على الكفر الأصغر والكفر الأكبر،
    اصل الموضوع كان لاجل هذا الحديث لكن لما كان محل خلاف في مقصود الكفر الوارد في الحديث احببت ان ابدا بما اتفق على معناه ثم يعرج على ما اختلف فيه . فحديث ( كفر بالله تبرؤ من نسب و ان دق ) بين في ارادة الكفر الاصغر . لكن يحتاج قبل ان يتكلم على معناه ان ينظر في صحته اولا هذا من جهة الثبوت . و من جهة المعنى فهذا اللفظ ( كفر بالله ) او ( كفر بالكتاب ) او ( كفر بالرسل ) فظاهر نصوص الشرع انها لا ترد الا في الاكبر و الله اعلم .
    و قول الشيخ ( كافر ) في اول الحديث انه يصدق على الاكبر و الاصغر لا اشكال فيه . لكن قد يعكر على هذا هنا قوله في اخر الحديث ( كافر بي ) فهل مثل هذا يصدق على الاصغر ؟ وقد علمت المقصود بايكفرن بالله في حديث كفران العشير
    و من جهة اخرى قوله ( مؤمن بالكوكب ) و مقابلة ذلك ( بمؤمن بي ) اي مؤمن بالله .
    و قد وردت المقابلة بين الكفر بالله و الايمان بغيره او العكس في الشرع لكن جاءت في الكفر الاكبر لا الاصغر ؟

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    لكن يحتاج قبل ان يتكلم على معناه ان ينظر في صحته اولا هذا من جهة الثبوت .
    كُفرٌ بامرئٍ ادِّعاءُ نسَبٍ لا يعرفُهُ أو جَحدُهُ وإن دَقَّ
    الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
    الصفحة أو الرقم: 2233 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
    التخريج : أخرجه ابن ماجه (2744) واللفظ له، وأحمد (7019)

    كفرٌ تبرُّؤٌ من نسبٍ وإن دقَّ ، وادِّعاءُ نسَبٍ لا يُعرَفُ

    الراوي : [جد عمرو بن شعيب] | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب
    الصفحة أو الرقم: 1987 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    و من جهة المعنى فهذا اللفظ ( كفر بالله ) او ( كفر بالكتاب ) او ( كفر بالرسل ) فظاهر نصوص الشرع انها لا ترد الا في الاكبر و الله اعلم . و قول الشيخ ( كافر ) في اول الحديث انه يصدق على الاكبر و الاصغر لا اشكال فيه . لكن قد يعكر على هذا هنا قوله في اخر الحديث ( كافر بي ) فهل مثل هذا يصدق على الاصغر ؟ وقد علمت المقصود بايكفرن بالله في حديث كفران العشير و من جهة اخرى قوله ( مؤمن بالكوكب ) و مقابلة ذلك ( بمؤمن بي ) اي مؤمن بالله . و قد وردت المقابلة بين الكفر بالله و الايمان بغيره او العكس في الشرع لكن جاءت في الكفر الاكبر لا الاصغر ؟
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة
    ( كافر بي )
    إضافة المطر إلى النجوم والكواكب (كفر)، واختلف في معنى الكفر في الحديث: فقيل: المراد به الكفر المخرج من الملة؛ فمَن جعل الكواكب فاعلاً ومدبرًا ومنشئًا للمطر فهذا لا شك في كفره وخروجه عن ملة الإسلام. وقيل: إن المراد بالكفر في الحديث هو كفر نعمة الله تعالى، وأن الحديث لا يراد به نسبة المطر إلى الكواكب نسبة تدبير وفعل، فهذا لا شك في كفره، قالوا: لكن الحديث ليس فيمن أنكر تدبير الله تعالى ونسبه إلى الكواكب، وإنما فيمن اعتقد أن الله هو المدبر وهو مع ذا في لفظه يضيف المطر إلى الكوكب، فهذا كفر بنعمة الله تعالى؛ إذ إنه لم يُضِفِ المطر إلى الله تعالى أولاً، واستدلوا برواية مسلم الأخرى: "أصبح فريق منهم بها كافرين"، فقوله (بها)؛ أي: بالنعمة،
    ( كافر بي )
    إذا معنى كافر بى أى كافر بنعمتى

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا). الباء للسببية، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب، وصار كافراً بالله، لأنه أنكر نعمة الله ونسبها إلى سبب لم يجعله الله سبباً، فتعلقت نفسه بهذا السبب، ونسي نعمة الله، وهذا الكفر لا يخرج من الملة، لأن المراد نسبة المطر إلى النوء على أنه سبب وليس إلى النوء على أنه فاعل.
    لأنه قال: (مطرنا بنوء كذا)، ولم يقل: أنزل علينا المطر نوء كذا، لأنه لو قال ذلك، لكان نسبة المطر إلى النوء نسبة إيجاد، وبه نعرف خطأ من قال: إن المراد بقوله: (مطرنا بنوء كذا) نسبة المطر إلى النوء نسبة إيجاد، لأنه لو كان هذا هو المراد لقال: أنزل علينا المطر نوء كذا ولم يقل مطرنا به.
    فعلم أن المراد أن من أقر بأن الذي خلق المطر وأنزله هو الله، لكن النوء هو السبب، فهو كافر، وعليه يكون من باب الكفر الأصغر الذي لا يخرج من الملة.
    والمراد بالكوكب النجم، وكانوا ينسبون المطر إليه، ويقولون: إذا سقط النجم الفلاني جاء المطر، وإذا طلع النجم الفلاني جاء المطر، وليسوا ينسبونه إلى هذا نسبة وقت، وإنما نسبة سبب، فنسبة المطر إلى النوء تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
    نسبة إيجاد، وهذه شرك أكبر.
    نسبة سبب، وهذه شرك أصغر.
    نسبة وقت، وهذه جائزة بأن يريد بقوله: مطرنا بنوء كذا، أي: جاءنا المطر في هذا النوء أي في وقته.
    ولهذا قال العلماء: يحرم أن يقول: مطرنا بنوء كذا، ويجوز مطرنا في نوء كذا، وفرقوا بنيهما أن الباء للسببية، و(في) للظرفية، ومن ثم قال أهل العلم: إنه إذا قال: مطرنا بنوء كذا وجعل الباء للظرفية فهذا جائز، وهذا وإن كان له وجه من حيث المعنى، لكن لا وجه له من حيث اللفظ، لأن لفظ الحديث: (من قال: مطرنا بنوء كذا)، والباء للسببية أظهر منها للظرفية، وهي وإن جاءت للظرفية كما في قوله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الصافات: 137، 138]، لكن كونها للسببية أظهر، والعكس بالعكس، (في) للظرفية أظهر منها للسببية وإن جاءت للسببية، كما في قوله صلى الله عليه وسلم ((دخلت امرأة النار في هرة)) (20)
    والحاصل أن الأقرب المنع ولو قصد الظرفية، لكن إذا كان المتكلم لا يعرف من الباء إلا الظرفية مطلقاً، ولا يظن أنها تأتى سببية، فهذا جائز، ومع ذلك فالأولى أن يقال لهم: قولوا: في نوء كذا.
    ولهما من حديث ابن عباس معناه وفيه قال بعضهم لقد صدق نوء كذا وكذا. فأنزل الله هذه الآيات: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة: 75-82].

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    مؤمن وكافر. فالصنف الأول من الناس من نسب نزول المطر إلى الله واعترف بنعمته عليه وشكر المنعم على إسدائه وإنعامه وأقر بفقره وحاجته إلى الله فهذا مؤمن لأنه حقق توحيد الربوبية وآمن بقدرة الله وفعله وكفر وجحد بكل ما سوى الله من النجوم والكواكب واعتقد أنها لا تنفع ولا تضر لأنها مخلوقة لله مدبرة يصرفها الله كيف يشاء. قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). والصنف الثاني من الناس نسب نزول المطر إلى تأثير نجم أو كوكب أو جرم فلكي واعتقد أن ذلك حصل بسبب حركتها أو دورانها أو تغير أحوالها وتناسى قدرة الله وفعله في نزول المطر فهذا مؤمن بتأثير الكوكب كافر بفعل الله وقدرته. واعتقاد تأثير النجوم في نزول المطر وغيره حالتان: الأولى: أن يعتقد الإنسان أن النجوم مستقلة في إيجاد المطر تخلقه وتوجده وتصرفه فهذا كفر أكبر لأن حقيقته إيجاد شريك مع الله في أفعاله من خلق وتدبير وهذا شرك في الربوبية. الثانية: أن يعتقد الإنسان أن الخالق هو الله لكن لهذه النجوم تأثير في نزول المطر لكونها أسباب مؤثرة في حصول ذلك وليست مستقلة في الإيجاد والخلق فهذا كفر أصغر لأن حقيقته شرك في الأسباب واعتقاد التأثير والنفع في سبب لم يجعله الله نافعا مؤثرا.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    قال ابن القيّم : فأمّا الكفر فنوعان : كفر أكبر، وكفر أصغر. فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار. والأصغر موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود ، كما في قوله تعالى - وكان ممّا يتلى فنسخ لفظه - : " لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم " ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث :«اثنتان في أمّتي هما بهم كفر: الطعن في النسب ، والنياحة» ، وقوله في السنن : «من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمّد» ، وفي الحديث الآخر: «من أتى كاهنا أو عرّافا ، فصدّقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل الله على محمّد» ، وقوله : «لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ، وهذا تأويل ابن عباس وعامّة الصّحابة في قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [المائدة: 44] قال ابن عبّاس : ليس بكفر ينقل عن الملة ، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر، وكذلك قال طاوس ، وقال عطاء : هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق . مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين ج1 ص344-345 .
    فتأمّل تأويل ابن عباس وعامّة الصّحابة الذي يؤول إلى إثبات كفر لا ينقل عن الملّة ، أو بمعنى : كفر دون كفر.
    ومثل هذه الأسماء والأحكام في بيان حدود ما أنزل اللّه لا تُقال من قبل الرّأي وإنّما تُتلقّى من الوحي . وهذا التّباين في الأحكام مع الاتفاق في الأسماء من أعظم ما يميّز به أهل السنّة عن غيرهم من أهل البدع .
    قال التّرمذي عند حديث : «مَنْ أَتَى حَائِضًا ، أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا ، أَوْ كَاهِنًا ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ». (ح135) : وإنّما معنى هذا عند أهل العلم على التّغليظ وقد رُوِيَ عن النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال : «مَنْ أَتَى حَائِضًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ» فلو كان إتيان الحائض كفرا لَمْ يُؤْمَرْ فيه بالكفّارة . سنن الترمذي بتحقيق أحمد شاكر ج1 ص243 .
    قال الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب أثناء عدّه مسائل من سورة الحجرات : السّابعة : أنّ الكفر نوع والفسوق نوع ، والعصيان عام في جميع المعاصي ، فمن الكفر شيء لا يُخرج عن الملة كقوله : «سباب المسلم فسوق ، وقتاله كفر» ، ومنه الفسوق بالكبائر، فعلمتَ أنَّ ما أطلق عليه الكفر أكبر من الكبائر، ولو لم يخرج من الملّة . تفسير آيات من القرآن الكريم (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الخامس) ص353 .
    وقال : وإذا قيل : من فعل كذا وكذا ، فقد أشرك أو كفر، فهو فوق الكبائر. الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج1 ص189 .
    قال الشيخ عبد الله أبا بطين : وأمّا الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل معصية ، كقوله صلّى الله عليه وسلّم : «قتال المؤمن كفر» ، وقوله : «كفر من تبرّأ من نسبه» ، ونحو ذلك ، فهذا محمول عند العلماء على التغليظ ، مع إجماع أهل السنة على أنّ نحو هذه الذنوب ، لا تخرج من الإسلام ، ويقال : كفر دون كفر. الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج1 ص370-371 .

    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرّحمن : فمن سوّى بين شعب الإيمان في الأسماء والأحكام ، أو سوّى بين شعب الكفر في ذلك ، فهو مخالف للكتاب والسنة ، خارج عن سبيل سلف الأمّة ، داخل في عموم أهل البدع والأهواء . الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج1 ص478-479 .

    وقال أيضا : وهذا التّفصيل ، قول الصّحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله ، وبالإسلام ، والكفر، ولوازمهما ، فلا تتلقى هذه المسائل إلّا عنهم . والمتأخّرون لم يفهموا مرادهم ، فانقسموا فريقين : فريق أخرجوا من الملة بالكبائر، وقضوا على أصحابها بالخلود في النار، وفريق جعلوهم مؤمنين ، كاملي الإيمان ، فأولئك غلوا وهؤلاء جفوا وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى، والقول الوسط الذي هو في المذاهب كالإسلام في الملل فهاهنا كفر دون كفر ونفاق دون نفاق وشرك دون شرك ، وظلم دون ظلم ، فعن ابن عباس رضي الله عنه ، في قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } قال : ليس هو الكفر الذي تذهبون إليه . رواه عن سفيان وعبد الرازق ، وفي رواية أخرى : كفر لا ينقل عن الملة . وعن عطاء كفر دون كفر، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق . الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج1 ص481-482 .
    قال ابن باز عن الصّحابة : ومعلوم أنّهم يرون أنّ الطعن في الأنساب والنّياحة على الميّت نوع من الكفر، والبراءة من الأنساب نوع من الكفر، لكنّه كفر أصغر. فتاوى نور على الدّرب ج6 ص59 .
    وقال : هناك أشياء يعرفون أنّها كفر، لكنّها كفر دون كفر، مثل البراءة من النّسب ، مثل القتال في قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم : «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» هذا كفر دون كفر، إذا لم يستحله ، وهكذا قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم : «إنّ كفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم» وقوله صلّى الله عليه وسلّم : «اثنتان في الناس هما بهم كفر: النّياحة والطعن في النّسب» هذا كلّه معناه كفر دون كفر عند أهل العلم . فتاوى نور على الدرب ج20 ص364-365 .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: ( كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق ) ؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال ابن عبّاس : ليس بكفر ينقل عن الملة ، بل إذا فعله فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر
    نعم بارك الله فيك . و بمثل هذا ايضا يتبين ان لفظ ( كفر بالله ) يرد في الشرع و في كلام السلف على الكفر الاكبر . لابن ابن عباس رضي الله عنهما جعل الكفر الاصغر ليس كالكفر بالله و اليوم الاخر . و لا شك ان الاخير يقصد به الاكبر
    فاذا كانت الروايات التي اوردتها تبين معنى ( كافر بي ) في الحديث و ان المعنى كافر بنعمتي . فقد زال الاشكال في الحديث و يبقى بعد ذلك النظر في حديث ( كفر بالله تبرؤ من نسب و ان دق ) و قد ذكرت بعض الروايت التي صححها او حسنها بعض اهل العلم لكن ليس فيها ( كفر بالله ) بل ذكر فيها الكفر بغير قيد . و همنا في هذا الموطن النظر في عرف الشارع في استعمال الالفاظ و هل جاء فيه ذكر ( الكفر بالله ) او ( الكفر باليوم الاخر ) على الاصغر منه ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •