تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ثم اما بعد
    قال الجويني في الارشاد
    مِمّا اخْتَلَفَ فِيهِ أهْلُ الحَقِّ إطْلاقُ المَحَبَّةِ والرِّضاءِ، فَقالَ بَعْضُ أصْحابِنا: لا يُطْلَقُ القَوْلُ بِأنَّ اللَّهَ تَعالى يُحِبُّ المَعاصِيَ ويَرْضاها لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا يَرْضى لِعِبادِهِ الكُفْرَ﴾ ومَن حَقَّقَ مِن أئِمَّتِنا لَمْ يَلْتَفِتْ إلى تَهْوِيلِ المُعْتَزِلَةِ بَلْ قالَ: اللَّهُ تَعالى يُرِيدُ الكُفْرَ ويُحِبُّهُ ويَرْضاهُ !!!!!، والإرادَةُ والمَحَبَّةُ والرِّضا بِمَعْنًى واحِدٍ
    نقله الالوسي في تفسيره وكتاب الارشاد مطبوع متداول
    اليك الاعتقاد الصحيح
    قال شيخ الاسلام كما في مجموع الفتاوي
    لفظ الإرادة مجمل له معنيان: فيقصد به المشيئة لما خلقه، ويقصد به المحبة والرضا لما أمر به.
    فإن كان مقصود السائل: أنه أحب المعاصي ورضيها وأمر بها فلم يردها بهذا المعنى، فإن الله لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يأمر بالفحشاء، بل قال لما نهى عنه: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} وإن أراد أنها من جملة ما شاءه وخلقه، فالله خالق كل شيء وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولا يكون في الوجود إلا ما شاء.
    وقد ذكر الله في موضع أنه يريدها، وفي موضع أنه لا يريدها، والمراد بالأول أنه شاءها خلقًا، وبالثاني أنه لا يحبها ولا يرضاها أمرًا، كما قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدْ الله أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} ، وقال نوح: {وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ الله يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ} وقال في الثاني: {يُرِيدُ الله بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} ، وقال تعالى: {يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَالله يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا. يُرِيدُ الله أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا} وقال: {مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ} وقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن محمود مشاهدة المشاركة
    وقد ذكر الله في موضع أنه يريدها، وفي موضع أنه لا يريدها، والمراد بالأول أنه شاءها خلقًا، وبالثاني أنه لا يحبها ولا يرضاها أمرًا،
    نعم
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
    " وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام وبإجماع سلف الأمة قبل حدوث أقوال النفاة من الجهمية ونحوهم إن الله يحب الإيمان والعمل الصالح ولا يحب الكفر والفسوق والعصيان وإنه يرضى هذا ولا يرضى هذا والجميع بمشيئته وقدرته
    والذين لم يفرقوا لهم تأويلات
    تارة يقولون لا يرضاه لعباده المؤمنين فهم يقولون لا يحب الإيمان والعمل الصالح ممن لم يفعله كما لم يرده ممن لم يفعله ويقولون إنه يحب الكفر والفسوق والعصيان ممن فعله كما أراده ممن فعله.

    وفساد هذا القول مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام مع دلالة الكتاب والسنة وإجماع السلف على فساده وتأويلهم الثاني قالوا:لا يرضاه دينا كما يقولون لا يريده دينا ومعناه عندهم أنه لا يريد أن يثبت فاعله إذ جميع الموجودات والأفعال عندهم بالنسبة إليه سواء لا يحب منها شيئا دون شيء ولا يبغض منها شيئا دون شيء وقد بسط الكلام على فساد هذا القول وتناقضه في مواضع أخر"شرح الأصبهانية

    وقال شيخ الاسلام "وحقيقة هذا القول أنّ الله يُحبّ الكفر، والفسوق، والعصيان، ويرضاه. وهذا هو المشهور من قول الأشعريّ وأصحابه،وقد ذكر أبو المعالي أنه أول من قال ذلك، وكذلك ذكر ابن عقيل أنّ أوّل من قال إن الله يحب الكفر والفسوق والعصيان هو الأشعريّ وأصحابه،وهم قد يقولون لا يُحبّه ديناً، ولا يرضاه ديناً،كما يقولون:لا يريده ديناً؛ أي لا يريد أن يكون فاعله مأجوراً، وأما هو نفسه فهو محبوب له كسائر المخلوقات؛ فإنّها عندهم محبوبة له؛ إذ كان ليس عندهم إلا إرادة واحدة شاملة لكل مخلوق؛ فكل مخلوق، فهو عندهم محبوب مرضيّ .

    وجماهير المسلمين يعرفون أنّ هذا القول معلوم الفساد بالضرورة من دين أهل الملل،وأنّ المسلمين واليهود والنصارى متفقون على أنّ الله لا يُحبّ الشرك، ولا تكذيب الرسل، ولا يرضى ذلك، بل هو يُبغض ذلك ويمقته ويكرهه؛ كما ذكر الله في سورة بني إسرائيل ما ذكره من المحرّمات، ثمّ قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَاْنَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوْهَاً}. وبسط هذه الأمور له مواضع أُخَر"[ النبوات في ص287 ]
    وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله -
    قالت القدرية النفاة : وهو لا يحب الكفر والفسوق والعصيان ، فهو لا يريده ولا يشاؤه ، فيكون في ملكه ما لا يشاء .
    وقالت الجهمية المجبرة : بل هو يشاء كل شيء ، فهو يريده ويحبه ويرضاه .
    وأما السلف وأتباعهم : فيفرقون بين المشيئة والمحبة . وأما الإرادة فتكون تارة بمعنى المشيئة ، وتارة بمعنى المحبة . وقد ذكر الأشعري القولين عن أهل السنة المثبتين للقدر : قول من فرق بين المحبة والرضا . وقول من سوَّى بينهما ، واختار هو التسوية . وأبو المعالي يقول : إن أبا الحسن أوّل من سوَّى بينهما ، لكني رأيته في " الموجز " قد حكى قوله عن سليمان بن حرب وعن ابن كُلَّاب وعن الكرابيسي وعن داود بن علي . وكذلك ابن عقيل يقول : " أجمع المسلمون على أن الله لا يحب الكفر والفسوق / والعصيان ، ولم يقل : إنه يحبه ، غير الأشعري " .
    وأما القاضي أبو يعلى فهو في " المعتمد " يوافق الأشعري وفي " مختصره " ذكر القولين ، وذكر كلام أبي بكر بتأويل باطل . لكن أهل الملل كلهم متفقون على أن الله يثيب على الطاعات ويعاقب على المعاصي ، وإن كانت المشيئة شاملة للنوعين [ منهاج السنة النبوية ]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    قال ابن عثمين رحمه الله
    الإرادة تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: إرادة كونية. القسم الثاني: إرادة شرعية. فما كان بمعنى المشيئة فهو إرادة كونية، وما كان بمعنى المحبة فهو إرادة شرعية، مثال الإرادة الشرعية قوله تعالى: {والله يريد أن يتوب عليكم} لأن: {يريد} هنا بمعنى يحب، ولا تكون بمعنى المشيئة لأنه لو كان المعنى: "والله يشاء أن يتوب عليكم"، لتابَ على جميع العباد، وهذا أمر لم يكن فإن أكثر بني آدم من الكفار، إذاً: {يريد أن يتوب عليكم} يعني يحب أن يتوب عليكم، ولا يلزم من محبة الله للشيء أن يقع لأن الحكمة الإلهية البالغة قد تقتضي عدم وقوعه. ومثال الإرادة الكونية قوله تعالى: {إن كان الله يريد أن يغويكم} لأن الله لا يحب أن يغوي العباد، إذاً لا يصح أن يكون المعنى إن كان الله يحب أن يغويكم، بل المعنى إن كان الله يشاء أن يغويكم. ولكن بقي لنا أن نقول: ما الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية من حيث وقوع المراد؟ فنقول: الكونية لابد فيها من وقوع المراد إذا أراد الله شيئاً كوناً فلابد أن يقع {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}. أما الإرادة الشرعية فقد يقع المراد وقد لا يقع، قد يريد الله عز وجل هذا الشيء شرعاً ويحبه ولكن لا يقع لأن المحبوب قد يقع وقد لا يقع. فإذا قال قائل: هل الله يريد المعاصي؟ فنقول: يريدها كوناً لا شرعاً، لأن الإرادة الشرعية بمعنى المحبة والله لا يحب المعاصي، ولكن يريدها كوناً أي مشيئة فكل ما في السماوات والأرض فهو بمشيئة الله. ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب الأسماء والصفات

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    السؤال: ما الفرق بين الأمر القدري الشرعي وبين الإرادة والمشيئة الشرعية القدرية؟
    الجواب:
    الفرق بينهما أنهما يجتمعان في حق المطيع ويفترقان في حق العاصي والكافر، فالله سبحانه له إرادتان: قدرية وشرعية، قدرية سبق بها علمه ومرادها نافذ كما قوله سبحانه: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82]، القدرية نافذة قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125].
    وهنالك إرادة شرعية كما قال جل وعلا: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء:28] هذه إرادة شرعية، قد أراد اليسر وأمر عباده بما فيه يسرهم لكن قد يحصل هذا لبعض الناس وقد لا يحصل اليسر قد يبتلى بالعسر، قد أراد من الناس أن يصلوا وأن يصوموا وأمرهم بهذا وأن يعبدوه وحده، فمنهم من صلى وصام وعبد الله ومنهم من كفر وهم الأكثرون، هذه إرادة شرعية.
    فالمطيع الموحد اجتمع فيه الإرادتان وافق إرادة الله الكونية ووحد الله وأطاعه ووافق الإرادة الشرعية لأنه بطاعته لله وتوحيده لله قد وافق الإرادة الشرعية أيضا. أما العاصي فقد وافق الإرادة الكونية ولكنه خالف الإرادة الشرعية والأمر الشرعي وهكذا الكافر.
    مسائل متفرقة في العقيدة للشيخ ابن باز رحمه الله

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    قال الشيخ عبد العزيز الراجحى غلى شرح الطحاوية
    الإرادة الكونية مرادفة للمشيئة: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن . وأمَّا الإرادة الدينية الشرعية فهي مذكورة في قول الناس: هذا يفعل ما لا يريده الله يعني يفعل ما لا يحبه الله؛ ولهذا لو قال الإنسان: والله لأفعلن كذا -إن شاء الله- ثم لا يفعل لا يحل، حتى ولو كان الذي لم يفعله واجبا أو مستحبا.
    لو قال: والله لأصلين الضحى -إن شاء الله- ثم لم يصل لا يحل يتعلق بالمشيئة لم يشأ الله أن يصلى.
    لكن لو قال والله لأصلين الضحى إن أحب الله ثم لم يصل فعليه كفارة يمين؛ لأن الله يحب أن تصلى الضحى.
    ففرق بين الإرادتين الكونية والقَدَرية، والله -سبحانه وتعالى- هدى أهل السنة والجماعة إلى ذلك .أما المعتزلة والقَدَرية ما عندهم إلا إرادة واحدة، وهى الإرادة الدينية الشرعية وعموا عن الإرادة الكونية فضلوا سواء السبيل. ما عندهم إلا إرادة كونية، إرادة دينية شرعية. والجبرية ما عندهم إلا إرادة واحدة، وهى الإرادة الكونية.
    وأنكروا الإرادة الدينية الشرعية فضلوا، وأهل السنة والجماعة أخذوا نوعي الإرادة . القدرية والمعتزلة قالوا: ما عندنا إلا إرادة دينية شرعية واستدلوا بالنصوص التي أثبتت الإرادة الإرادة الشرعية، وأغمضوا أعينهم عن النصوص التي تثبت الإرادة الكونية والجبرية من الجهمية والأشاعرة أثبتوا الإرادة الكونية واستدلوا بالنصوص، وأغمضوا أعينهم عن الأدلة التي تثبت الإرادة الدينية الشرعية.
    وأهل السنة والجماعة -هداهم الله- أخذوا أدلة القدرية والمعتزلة التي يثبتوا فيها الإرادة الدينية الشرعية وقالوا: هذه حق، وأخذوا الأدلة التي أثبتها الجبرية في الإرادة الكونية وقالوا: هذه حق. وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتنافوا؛ يصدق بعضه بعضا، هذه حق، وهذه حق.
    فالإرادة نوعان، -فهداهم الله-. فالإرادة الدينية والشرعية تتضمن المحبة والرضا، والإرادة الكونية القدرية هي المشيئة الشاملة؛ ولأن من قال: إنه ليس هناك إلا إرادة دينية وشرعية يلزموا ملازم، وقال لهم شبه، المعتزلة يقولون له قلنا: إن الله قدَّر المعاصي، وعذَّب عليها فصار غالبا ففرارا من ذلك أنكروا أن يكون الله أراد المعاصي فألزمهم أهل السنة بأنكم فررتم من شيء ووقعتم في شر مما فررتم منه، وقعتم في كونه يقع في ملك الله ما لا يريده تقع المعاصي والله لا يريدها، هذا شرط المذهب وأيضا يلزمكم على ذلك أن تكون إرادة العاصي والكافر تغلب إرادة الله، الله أراد من العاصي عند القدرية الإيمان وهو أراد الكفر، فوقعت إرادة العبد، ولم تقع إرادة الله، هذا من أباطيلهم.
    أما أهل السنة فقالوا كل شيء في هذا الوجود أراده الله كونا وقَدَرا الكفر والمعاصي وغيرها، ولكن له حكمة. لله الحكمة البالغة في ذلك، لكنه لا يريد الكفر والمعاصي دينا وشرعا، ولا يحبها بل يبغضها وينهى عن ذلك، فالله تعالى له الحكمة البالغة، ومن حكمه وأسراره من إيجاد الكفر والمعاصي ظهور قدرة الله على إيجاد المتقابلات والمتضادات، فالكفر يقابل الإيمان، والمعصية تقابل الطاعة، كما أن الليل يقابل النهار.
    ومنها ظهور العبوديات المتنوعة التي لولا تقدير الله للكفر والمعاصي لما حصلت المعاصي منها: انقسام الناس إلى شقي وسعيد، والى مؤمن وكافر؛ ولأن الله تعالى خلق للجنة أهلها، وخلق للنار أهلها، ووعد الجنة بأهل، ووعد النار بأهل.
    وفى الحديث أن الله قال للجنة: (أنت رحمتي أرحم بك من أشاء، وأنت النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما علَيَّ ملؤها) .
    ومنها ظهور العبوديات التي يحبها الله كعبودية الجهاد في سبيل الله، وعبودية الولاء والبراء وعبودية الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لو لم يكن هناك كفر ولا كفار ولا عصاة أين هذه العبودية؟ أين عبودية الجهاد في سبيل الله؟ أين عبودية الجهاد والصبر ؟ أين عبودية الولاء والبراء ؟ أين عبودية الحب في الله والبغض في الله ؟ وهكذا.
    هذه حِكَم وأسرار، الله تعالى قدرها لا لذاتها بل لما يترتب عليها من الحِكَم، وكون الكفر والمعاصي يحصلوا ضررا على الأشخاص الذين قدر عليهم هذا ضرر نسبي، ضرر نسبي لا يضاف إلى الله، والذي يضاف إلى الله إنما هو الخَلْق، والإيجاد، والتقديم.
    وهذا الخلق والإيجاد مبني على الحكمة فلا يسمى شرا بالنسبة إلى الله، ولكن يسمى شرا بالنسبة إلى العبد الذي أضره وأساء إليه، أما بالنسبة إلى الله فلا يضاف إليه الذي يضاف إلى الخلق والإيجاد والتقدير، وهو مبني على الحكمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (والشر ليس إليك) .
    فالمقصود أن قول المصنف -رحمه الله-: ولا يكون إلا ما يُرِيد يبين معتقدات أهل السنة والجماعة في إثبات الإرادة الكونية الشاملة والرَّد على المعتزلة الذين أنكروا الإرادة الكونية القدرية، وأنهم ضلوا كما أن الجبرية أنكروا الإرادة الشرعية، وضلوا في عدم إثباتهم للإرادة الدينية الشرعية.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    موضوع الإرادة وهل هي مستلزمة للرضى والمحبة مما خاض فيه أهل الأهواء، وضلوا فيه عن الحق وأدى بهم ضلالهم إلى انحراف خطير جدا في مسألة القضاء والقدر وفي مسألة الأمر والنهي، وعلاقة هذه بتلك. وقد وصل الأمر بغلاة الصوفية إلى أن اعتقدوا "أنه ليس في مشهدهم لله محبوب مرضي مراد إلا ما يقع، فما وقع فالله يحبه ويرضاه، وما لم يقع فالله لا يحبه ولا يرضاه، والواقع هو تبع القدر لمشيئة الله وقدرته، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فهم من غلب كانوا معه، لأن من غلب كان القدر معه، والمقدور عندهم هو محبوب الحق، فإذا غلب الكفار كانوا معهم، وإذا غلب المسلمون كانوا معهم" (1) ، وعلى هذا فإبليس وجميع الكفار والملاحدة والعصاة مطيعون لله، لموافقتهم للقدر، ولعل هذا سر ما يؤثر عن غلاة الصوفية من انحرافات أخلاقية سافلة، ومن أقوال كفرية لم تؤثر حتى عن الكافرين والملاحدة.
    والخلاف في هل الإرادة تستلزم الرضى والمحبة وقع على قولين:
    القول الأول: أن الإرادة تستلزم الرضى، وهذا قول المعتزلة والجهمية وأغلب الأشاعرة (2) .
    وبعض الأشاعرة لهم عبارات تخفف من هذه المقالة، مثل قول بعضهم بحمل المحبة والرضا على الإرادة، ولكنه يقول: "إذا تعلقت الإرادة بنعيم ينال عبدا فإنها تسمى محبة ورضى، وإذا تعلقت بنقمة تنال عبدا فإنها تسمى سخطا" (3) ، فمن جوز إطلاق المحبة على الإرادة قالوا: إن الله يحب الكفر ويرضاه كفرا معاقبا عليه (4) .
    ولكن هؤلاء الذين اتفقوا على أن الإرادة بمعنى المحبة والرضى – اختلفوا فيما بينهم على قولين جعلت أقوالهم تتباين كثيرا في مسألة القدر:
    أ- فالمعتزلة القدرية قالوا: قد علم بالدليل أن الله يحب الإيمان والعمل الصالح، ولا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، ويكره الكفر والفسوق والعصيان، ولما كان هذا ثابتا لزم أن تكون المعاصي ليست مقدرة له ولا مقضية، فهي خارجة عن مشيئته وخلقه، قالوا: ولما كنا مأمورين بالرضى بالقضاء، ومأمورين بسخط هذه الأفعال وبغضها وكراهتها، فإذن يجب أن لا تكون واقعة بقضاء الله وقدره فأنكروا لذلك مرتبة المشيئة والخلق (5) .
    ب- وأما الأشاعرة – ومن معهم – فقالوا قد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ولما ثبت عندهم أن المشيئة والإرادة والمحبة والرضى كلها بمعنى واحد – قالوا: فالمعاصي والكفر كلها محبوبة لله لأن الله شاءها وخلقها (6) .
    وهكذا انتهى الأمر بهاتين الطائفتين إلى قولين باطلين: إما إخراج بعض المقدورات أن تكون مقدرة ومرادة لله كما فعل المعتزلة، وإما بالقول بأن الله يحب الكفر والمعاصي كما فعلت الأشعرية الذين خالفوا نصوص الكتاب والسنة (7) .
    القول الثاني: أن الإرادة لا تستلزم الرضى والمحبة، بل بينهما فرق، وهذا قول عامة أهل السنة المثبتين للقدر، وهؤلاء يقولون إن قول المعتزلة والأشاعرة مخالف للكتاب والسنة والإجماع، فإنهم متفقون على أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وعلى أن الله لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأن الكفار يبيتون ما لا يرضى من القول. كما هو صريح النصوص.
    ولكن هل بين النصوص تعارض كما توهمه أولئك؟ أهل السنة يرون أن النصوص الواردة في المشيئة والإرادة، وفي المحبة والرضى ليس بينهما تعارض مطلقا إذا أعطيت حقها من الفهم والتفسير الصحيح.
    وذلك أن أهل السنة يقولون إن الخطأ الذي وقع فيه المخالفون لهم من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، هو ظنهم أن الإرادة في النصوص كلها بمعنى واحد.
    والحق أن الإرادة نوعان:
    أحدهما: نوع بمعنى المشيئة العامة، وهذه هي الإرادة الكونية القدرية، فهذه الإرادة كالمشيئة شاملة لكل ما يقع في هذا الكون، وأدلة هذا النوع كثيرة، منها قوله تعالى: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا [الأنعام: 125].
    فهذه الإرادة لا تستلزم المحبة، وليست بمعناها.
    والثاني: نوع بمعنى المحبة والرضى، كقوله تعالى: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185] وهذه هي الإرادة الدينية الشرعية.
    وهذه الإرادة هي المستلزمة للمحبة والرضى، وهي المستلزمة للأمر (8) . وعلى هذا فبالنسبة لوقوع المراد، وفي أي النوعين يتعلق – تكون الأقسام أربعة:
    أحدها: ما تعلقت به الإرادتان الكونية والدينية، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فهذه مرادة دينا لأنها أعمال صالحة مأمور بها، ومرادة كونا لأنها وقعت.
    الثاني: ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من الطاعات والأعمال الصالحة، فعصى ذلك الكفار ولم يأتوا به، فهذا مراد شرعا لأنه من الأعمال الصالحة، وغير مراد كونا لأنه لم يقع من الكفار والعصاة.
    الثالث: ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط، كالمباحات والمعاني التي لم يأمر بها الله إذا فعلها العصاة. فهي غير مرادة دينا، ولكنها مرادة كونا لأنها وقعت.
    الرابع: ما لم تتعلق به الإرادتان، وذلك مما لم يقع ولم يوجد من أنواع المباحات والمعاصي (9) .
    وبهذا التفصيل – الذي دلت عليه النصوص – يتبين رجحان مذهب أهل السنة والجماعة.
    أما محاولة بعض الأشاعرة أن يجيبوا عن النصوص التي دلت على أن الله لا يحب الكفر ولا الفساد – بأن هذا خاص بمن لم يقع منه الكفر والفساد، والمعنى أن الله لا يحب الفساد لعباده المؤمنين ولا يرضاه لهم – فهذا جواب فاسد لأن لازم هذا أن الله لا يحب الإيمان ولا يرضاه من الكفار، لأنه لم يقع منهم، لأن المحبة عندهم كالإرادة إنما تتعلق بما وقع دون ما لم يقع. وهذا من أعظم الباطل (10) .
    ولا شك أن تخبط الأشاعرة ومعهم المعتزلة في هذه المسائل أدى بهم إلى الانحراف في مسألة القدر وأفعال العباد.[موسوعة الفرق ]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي رد: قول الجويني بان الله يريد الكفر ويحبه ويرضاه !!!!

    بارك الله فيكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •