السلوك التغريبي..من أين يتسلل؟!
عبد الكريم عبد الله با عبد الله


تتبدى ممانعة مجتمعنا المحافظ للمنهج الليبرالي التغريبي؛ من معرفته للوجه القبيح للمعسكر الغربي الذي يسود العالم بالنفعية والسيطرة على مقدرات العالم الإسلامي، وسباقه إلى القارات الفقيرة؛ لمساومتها بلقمة العيش على الدخول في النصرانية، وتوظيف الديمقراطية للتسلل إلى الأقليات؛ لانتزاع حقوقها الرامية لمصالحها، أو تضغط بها للحيلولة دون الاستقلالية عن دعمها، والنفخ في السرطان الإسرائيلي ليقيض قبلة المسلمين الأولى ويفض وحدتهم، ودعوى الإنسانية التي أزهقوها في مجتمعاتهم أولاً، وشعاراتها التي لم تعرف لضمائر الأطفال والنساء حقاً ودمرت كل شيء في بقاع المسلمين وسكتت عنه..
ذاك الوجه القبيح للأنظمة الغربية ولثقافتها النتنة المتغلغلة مع الاستعمار لن يروج لها في بلادنا إلا منتمي للفكر الغربي أو مستعير للهوية الإسلامية، تخلى عن محاسن حضارة الغرب الصناعية والتقنية؛ ليجلب فكر الجنس والعهر والرذيلة والنفعية البهيمية؛ ليحمِّل تخلفنا الحضاري أعباءً تنوء به أنظمتنا ومجتمعاتنا المتأزمة اقتصادياً ومعيشياً وتعليمياً وطبياً وصناعياً.. عن حمله! وما لم يكن التغريبي منتمٍ أم مستعير للهوية الإسلامية؛ فإن ما يجنيه الفكر التغريبي في مجتمعاتنا هو من هامش الجهل لدى الشعوب، والثغرات التي أحدثها المسلسل الإعلامي على مدار السنين الخمسين الأخيرة في الهوية الإسلامية، فلُبِّس الحق بالباطل وزوقت الشهوات، فأصاب عامة الأمة حالة من الترهل تجاه هويتها وحقوقها ومصيرها، وسيادة لروح الدعة والترفه المزيف، فظهرت ملامح من التشكيل الاجتماعي الغربي على مستوى السلوك لم يتجاوز بعد حد الممانعة –بحمد الله لحسن التربية وعوامل أخرى- إلا في فئة قليلة ونذير ذلك خطير، وبحاجة لاستدراك عام، جماعي وفردي، وبيان أصول الولاء والبراء وبثها في روح المسلم، وإفاضة معالي القيم الإسلامية ومعانيها والمعاملة بها، ونشر الاعتزاز بالدين، وعرض صور التجديد التي يقدمها المنهج الإسلامي بثوابته وتنبض بروح العصر، وإقامة الجسور الوطيدة عبر المؤسسات الشرعية والاجتماعية والجمعيات المتخصصة ذات الخدمات المجتمعية والبرامج المختلفة والمتميزة فنياً ومنهجياً.. التي تقوِّي القاعدة الصلبة في المجتمع المبصرة دورها الريادي، وتزيل ما علق من مخلفات السلوك الغربي من البعض وتوعيته بالفرق الحقيقي بين نمطية الشاب المقلِّد المنسجم ظاهره مع الغرب -الذي ربما يدفعه باطنه إلى مشاكلة ظاهره-، وبين الشاب الواعي بدينه وقضاياه ومصيره ودوره في نصرة الدين..وإن تمنَّع كلا الصنفين من تقبل فكرة التغريب لقبحها؛ إلا أن واجب دفع بريقها السيئ من السلوك والممارسة حتمي على الجميع وضرورة عقدية قبل أن تكون تنوع اجتماعي