تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

    أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر


    د. نوره عبدالمحسن العجمي

    يكثر في هذه الأيام في ضوء الظروف الراهنة، انتشار لبعض الأوبئة، ودمار لبعض الديار، أو خسارة وتلف في بعض المحاصيل الزراعية لكثرة الجراد، أو موت لبعض القادة والزعماء وغير ذلك من حوادث الدهر، يكثر التذمر من هذه السَنَة إما على سبيل الجد وسب الدهر كأن يقول أحدهم: «ياخيبة هذا العام أو هذه سنة تعيسة»، وإما على سبيل السخرية والاستهزاء كقول بعضهم: «لازلنا في بداية العام وحصل كل هذا ثم يبدأ في إطلاق السخرية والاستهزاء والتشاؤم..»، لذلك أردت أن أُذَكِّر إخواني وأخواتي بما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار. وفي رواية: لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر. رواه البخاري ومسلم وسأكتفي بذكر ما قاله بعض أهل العلم في حكم سب الدهر ومفاسد ذلك.

    قال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الجاثية (٤ / ١٥٢): «قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر» كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا: «يا خيبة الدهر» فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعلها هو الله -تعالى-؛ فكأنهم إنما سبوا الله -عزوجل- لأنه فاعل ذلك في الحقيقة؛ فلهذا نهى عن سب الدهر لهذا السبب؛ لأن الله -تعالى- هو الدهر الذي يصونه ويسندون إليه تلك الأفعال. وهذا أحسن ما قيل في تفسيره، وهو المراد. والله أعلم». اهـ

    ثلاثة أقسام

    قال الشيخ ابن عثيمين في القول المفيد في شرح كتاب التوحيد(٢ /٢٤٠): سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

    - الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم

    فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك؛ لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط -عليه الصلاة والسلام-: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ.

    الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل

    كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر، فهذا شرك أكبر؛ لأنه اعتقد أن مع الله خالقا؛ لأنه نسب الحوادث إلى غير الله، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا، فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد، فإنه كافر.

    الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاده أنه هو الفاعل

    بل يعتقد أن الله هو الفاعل، لكن يسبه، لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين؛ لأن حقيقة سبه تعود إلى الله -سبحانه-؛ لأن الله -تعالى- هو الذي يصرف الدهر، ويُكَوِّن فيه ما أراد من خير أو شر؛ فليس الدهر فاعلا، وليس هذا السب يُكَفِّر، لأنه لم يسب الله -تعالى- مباشرة. انتهى.

    ثلاث مفاسد عظيمة

    ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله -تعالى- في زاد المعاد ( /٣٢٣ ) ثلاث مفاسد عظيمة لسب الدهر:

    المفسدة الأولى

    سبه من ليس أهلاً للسب

    فإن الدهر خَلْقٌ مسخرٌ من خلق الله منقادٌ لأمره، متذللٌ لتسخيره، فسابُّه أولى بالذم والسب منه.

    المفسدة الثانية

    أن سبه متضمن للشرك

    فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد أعطى من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم من لا يستحق الحرمان.

    المفسدة الثالثة

    أن السب إنما يقع على من فعل هذه الأفعال

    وهذه الأفعال لو اتبع الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وافقت أهواءهم حمِدوا وأثنوا عليه، وفي حقيقة الأمر: فرَبُّ الدهر هو المعطي المانع، الخافض الرافع، المعز المذل، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر مسبة لله -عزوجل- ولهذا كانت مؤذية للرب -تعالى-؛ فسابُّ الدهر دائرٌ بين أمرين لابد له من أحدهما: إما مسبة الله أو الشرك به، فإنه إن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإنِ اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك، وهو يسب من فعله فهو يسب الله -تعالى-. اهـ
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو وليد البحيرى مشاهدة المشاركة
    أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر



    نعم بارك الله فيك
    هذه فتوى تتضمن مزيد تفصيل على ما قسمه الشيخ ابن عثيمين فى المسألة لأنى ناقشت البعض فى هذه المسألة فوجدتهم يخلطون بين السب والوصف
    وهذه فتوى فيها تفصيل جيد جدا لهذا الباب

    الفرق بين سب الدهر ووصفه


    النهي عن سب الدهر أمر ثابت جاء فى حديث رواه الشيخان، وأبو داود، والنسائي من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: يؤذيني ابن آدم؛ يسبُّ الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلِّب الليل والنهار))، وفي رواية: ((لا تسبُّوا الدهر؛ فإني أنا الدهر))، وفي رواية: ((لا يقل ابن آدم: يا خيبةَ الدهر! فإني أنا الدهر، أرسل الليل والنهار، فإن شئت قبضتهما)).اهـ.

    قال في شرح السنة - : حديث متفق على صحته
    ، ولكن هناك فرق كبير بين سب الدهر وبين وصفه:
    فالأول: يراد به العيب والعتب.
    والثاني: لا يراد به إلا البيان والخبر.

    وكذلك إضافة الفعل إلى الزمان، إنما هو من باب التجوز والتوسع في الكلام، ولا يراد به أن الزمان يدبر ويتصرف بنفسه، بل هو خلق مسخر بأمر الله تعالى،
    وقد أوضح ذلك العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ عندما سئُل عن عبارة: لم تسمح لي الظروف.
    فقال: ما جرى على أَلسنة بعض الناس من إضافة السماح إلى الدهر ونحو ذلك، فهو كإضافة المجيء والذهاب إلى الدهر ونحو ذلك، لا فرق بينهما، وهو شيء شائع وموجود في الكتاب والسنة، كقوله سبحانه: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ. وكقوله صلى الله عليه وسلم: لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه. ومعلوم أَن المتكلم بهذه الكلمة لا يقصد أَن الدهر يتصرف بنفسه، بل يعتقد أَن الدهر خلق مسخر لا يجيء ولا يذهب إلا بمشيئة الله سبحانه، وإنما هذا من باب التجوز والتوسع في الكلام، كقوله سبحانه: جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ. على أَن الأَدب تركها وأَمثالها.

    أَما لو قصد أَن الدهر يفعل حقيقة، فهذا لا شك أنه إشراك مع الله سبحانه. وأَما وصف الدهر بالشدة والرخاء والخير والشر: فلا بأس بذلك، كقوله سبحانه: سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا. وقوله: سَبْعٌ شِدَادٌ. وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه. والأَدلة على ذلك كثيرة جدًا.



    وأما سب الدهر:
    فهو الذي وردت الأَدلة بالنهي عنه والتحذير منه وتحريمه، كما في الصحيح عن أَبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار. وفي رواية: لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر. انتهى.



    وقال الشيخ ابن عثيمين في القول المفيد:
    سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
    الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم: فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك، لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ.

    الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر، فهذا شرك أكبر، لأنه اعتقد أن مع الله خالقا، لأنه نسب الحوادث إلى غير الله، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا، فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد، فإنه كافر.
    الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاده أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل، لكن يسبه، لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين، لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه، لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر، ويُكَوِّن فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلا، وليس هذا السب يُكَفِّر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة. انتهى.



    وكذلك فصل في رسالة: أخطاء في العقيدة.



    وقال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد:
    ليس من مسبة الدهر وصف السنين بالشدة، ولا وصف اليوم بالسواد، ولا وصف الأشهر بالنحس، ونحو ذلك، لأن هذا مقيد، وهذا جاء في القرآن في نحو قوله جل وعلا: فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ.
    فوصف الله جل وعلا الأيام بأنها نحسات، والمقصود: في أيام نحسات عليهم، فوصف الأيام بالنحس، لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم، ونحو ذلك قوله جل وعلا في سورة القمر: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ. فهذا ليس من سب الدهر، لأن المقصود بهذا أن الوصف ما حصل فيها كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم، وأما سبه أن ينسب الفعل إليه فيسب الدهر لأجل أنه فعل به ما يسوؤه، فهذا هو الذي يكون أذية لله جل وعلا. انتهى.[الاسلام سؤال وجواب بتصرف]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    ليس من مسبة الدهر وصف السنين بالشدة، ولا وصف اليوم بالسواد، ولا وصف الأشهر بالنحس، ونحو ذلك، لأن هذا مقيد، وهذا جاء في القرآن في نحو قوله جل وعلا: فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ. فوصف الله جل وعلا الأيام بأنها نحسات، والمقصود: في أيام نحسات عليهم، فوصف الأيام بالنحس، لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم، ونحو ذلك قوله جل وعلا في سورة القمر: فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ. فهذا ليس من سب الدهر، لأن المقصود بهذا أن الوصف ما حصل فيها كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم، وأما سبه أن ينسب الفعل إليه فيسب الدهر لأجل أنه فعل به ما يسوؤه، فهذا هو الذي يكون أذية لله جل وعلا.
    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
    السؤال
    هل الدعاء بـ " اللهم أرنا فيهم يومًا أسوداً " يعتبر من سب الدهر؟


    الجواب
    لا حرج في الدعاء بهذه الكلمات ، ولا يعد ذلك من سب الدهر ؛ لأن المراد وصف اليوم بالشدة والكرب ، فهو كقول لوط عليه السلام : ( هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) هود/77 ، وكقوله تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ) القمر/19 ، وقوله : ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) فصلت/16 ، ونحو هذا مما فيه وصف أو إخبار عن الشدة والقسوة ، ولا يراد به سب اليوم أو ذمه ، ففرق بين الإخبار المجرد ، وبين إراد الذم والسب والتنقص .
    ثم إن وصف اليوم بأنه أسود ، لا يراد به العموم ؛ بل المراد به أنه أسود عليهم ، أو أسود بالنسبة لهم ؛ لما ينالهم فيه ـ بحول الله وطوله ـ من العذاب والنكال .
    قال ابن القيم رحمه الله :
    " فلا ريب أن الأيام التي أوقع الله سبحانه فيها العقوبة بأعدائه وأعداء رسله كانت أياما نحسات عليهم ، لأن النحس أصابهم فيها ؛ وإن كانت أيام خير لأوليائه المؤمنين ؛ فهي نحس على المكذبين ، سعد للمؤمنين ؛ وهذا كيوم القيامة فإنه عسير على الكافرين يوم نحس لهم ، يسير على المؤمنين يوم سعد لهم . قال مجاهد : ( أيام نحسات ) : مشائيم ... ؛ فسعود الأيام ونحوسها إنما هو بسعود الأعمال وموافقتها لمرضاة الرب ، ونحوس الأعمال مخالفتها لما جاءت به الرسل ، واليوم الواحد يكون يوم سعد لطائفة ، ونحس لطائفه ، كما كان يوم بدر يوم سعد للمؤمنين ، ويوم نحس على الكافرين " انتهى . "مفتاح دار السعادة" (2/194) .الاسلام سؤال وجواب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

    السؤال:
    ما ضابط سب الدهر مع آية {أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [فصلت: ١٦]، {يَوْمِ نَحْسٍ} [القمر: ١٩]، {يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: ٥٥]؟

    الإجابة:
    الحمد لله؛ ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار"، والدهر هو الزمان، والحديث يدل على تحريم سب الزمان، ويدخل فيه أجزاؤه كالساعة واليوم، وسب الدهر يكون بلعنه وتقبيحه، وبإضافة فعل المكروه إليه، كقول الكفار: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: ٢٤]، وفي معناه: أبادهم الزمان، ومزقتهم الأيام، ومثل ذلك ما جاء على ألسن كثير من الشعراء،
    كقول زهير أبي سلمى:
    يا دهر قد أكثرت فجعتنا *** بسراتنا وقرعت في العظم
    وكقول الشريف المرتضى:
    قطعتَ بها يا دهرُ حبلَ وتيني *** فشأنك أنّي اليومَ طوعُ شؤوني
    وقول أبي تمام:
    يا دهر قوم من اخدعيك؛ فقد أضججت هذا الأنام من خُرُقكْ
    وقول المتنبي:
    قبــحا لوجهك يا زمان فإنــه *** وجـــــه له من كــــل قبح
    برقع
    أيموت مثل أبي شجاع فاتك *** ويعيش حاسده الخصي الأوكع
    ومن يقبِّح الزمان أو الليالي والأيام والساعات ففعله ذلك يقتضي اعتقاده أنها هي التي تفعل ما يحدث فيها من المصائب، فمن أجل ذلك قبَّحها،
    ومنهم يصرح بإضافة الفعل إلى الدهر والزمان، كما في الأبيات الثلاثة الأولى،
    وقد دل على تحريم ذلك الحديثُ المتقدم مع قوله تعالى في ذم الكفار: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ* وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [الجاثية: ٢٤].
    وأما وصف الزمان بما يقع فيه مما يقدره الله من الخير والشر، كقولك: يوم مطير، ويوم بارد، وحار، ويومٌ نحسٌ، فلا يدخل ذلك في سب الدهر والأيام، لأنه خبر محض عمَّا جرى فيه من قدر الله، قال تعالى: {فَأَرْ*سَلْنَا عَلَيْهِمْ رِ*يحًا صَرْ*صَرً*ا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [فصلت: ١٦]، وقال تعالى عن لوط: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُ*سُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْ*عًا وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود: ٧٧]
    أما ما يحتمل السب والإخبار عما جرى فيه من المكروه كقول بعض الناس: "هذا يوم أسود"، فينبغي اجتنابه.
    وأما البيت المنسوب إلى الإمام الشافعي رحمه الله وهو: دعِ الأيام تفعل ما تشاء *** وطب نفسا إذا حكم القضاء فلا أظنه يصح عن الإمام الشافعي، فقد نسب إلى هذا الإمام شعر لا يصح أكثره، ومنه هذا البيت، ففيه خطآن: الأول: قوله: (دع الأيام) ففيه التوجيه إلى ترك المدافعة، والشرع والعقل يقتضيان فعل الأسباب لدفع المكروه، نعم؛ الصوفية هم الذين يأمرون بترك الدفع، ويأمرون بالاستسلام للقدر وترك الأسباب. الثاني: فيه نسبة الفعل والمشيئة إلى الأيام، ولا مشيئة لها ولا فعل، بل الذي يشاء ويفعل هو الله جل وعلا، فتنبه. والله أعلم

    عبد الرحمن ابن ناصر البراك

    قال الشيخ ابراهيم الحقيل
    في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: يؤذيني ابنُ آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار)) وفي رواية لمسلم ((لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر)). وفي رواية عند أحمد ((لا تسبوا الدهر فإن الله قال: أنا الدهر، بيدي الأمر، الأيام والليالي لي أجددها وأبليها، وآتي بملوك بعد ملوك))

    وإنما سب المشركون الدهر لأنهم يعتقدون أنه الفاعل، فاعتقدوا أن مع الله خالقًا بنسبتهم الحوادث للدهر، قال الخطابي في معنى قوله: ((أنا الدهر)): "معناه: أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر؛ فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور عاد سبُّه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهرُ زمانٌ جُعل ظرفًا لمواقع الأمور. وكانت عادتُهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر فقالوا: بؤسًا للدهر وتبًّا للدهر"اهـ "فتح الباري" لابن حجر (8/ 438).
    ، ولذلك قال الله عنهم مبينًا جهلهم ﴿ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ﴾ [الجاثية: 24].

    وقال بعض السلف: "كانت العرب في جاهليتها من شأنها ذم الدهر، أي: سبه عند النوازل؛ فكانوا إذا أصابهم شدَّة أو بلاءٌ أو ملامة قالوا: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وقالوا: يا خيبة الدهر؛ فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعل ذلك هو الله. فإذا أضافوا ما نالهم من الشدائد إلى الدهر فإنما سبوا الله عز وجل لأن الله هو الفاعل لذلك حقيقة؛ فنهى الله عن سب الدهر بهذا الاعتبار" اهـ "حاشية ابن قاسم على كتاب التوحيد" (312). .



  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

    نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ** وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا

    وَنَهجُو ذَا الزَّمَانَ بِغيرِ ذَنْبٍ ** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانَا


    المراد به أن الزمان في نفسه ليس به عيب ، ولا هو أهل لأن يذم ؛ إنما مرد العيب والذم لأفعال الناس وأخلاقهم .
    وهذا كله معنى صحيح مستقيم ،
    لأن الزمان إنما هو ظرف لما يكون فيه من أقوال الناس وأعمالهم وأحوالهم ؛ فمتى كان هناك ذم ، كان الحقيق به من يوقع الفعل المذموم ، وليس الظرف الذي تحدث فيه الأفعال .
    https://islamqa.info/ar/answers

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أقوال أهل العلم في حكم سب الدهر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا ** وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا

    وَنَهجُو ذَا الزَّمَانَ بِغيرِ ذَنْبٍ ** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَانُ لَنَا هَجَانَا



    نعم جزاكم الله خيرا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •