***
تاسعًا: الصَّبر.. غفل عنه البعض وهو من أهم عوامل نجاح التَّربية. فعليك به واصبر على صراخ الصَّغير ولا تغضب، واصبر على مرضه واحتسب، واصبر على توجيهه ولا تملَّ.
واصبر على مسافاتٍ بعيدةٍ لتذهب بابنك لمدرسةٍ ناجحةٍ وفيها المدرسون الأكفاء. واصبر على أن تنتظر ابنك ليخرج معك للصَّلاة، واصبر على أن تجلس بعد العصر في المسجد ليحفظ معك ابنك.
وأبشر فإنَّك في طريق جهادٍ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُ مْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]،
وأنت مأمورٌ بالتَّربية، أمَّا الهداية فهي من الله -عزَّ وجلَّ-، فابذل السَّبب واصبر، وسترى من الخير ما يُسرك ويؤانس طريقك.
عاشرًا: الصَّلاة، الصَّلاة، فهي الفريضة العظيمة والرَّكيزة الثَّانية من فرائض الإسلام بعد الشَّهادتين، فاحرص عليها وليشعر ابنك بأهميتها وعظم قدرها.
وهي يسيرةٌ على من يسَّرها الله عليه. والتزم الأدب النَّبوي في تربية الأطفال فقد قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-
كما روى ذلك الإمام أحمد: «مروا أبناءكم بالصَّلاة و هم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر» [صحَّحه الألباني 298 في إرواء الغليل]،
ومن طبق هذا الحديث فإنَّه لا يرى مشقةً ولا تعبًا في أمر الصَّلاة، فإنَّ الصَّغير في ما بين السَّابعة والعاشرة من عمره يفرح بالخروج للمسجد،
وتأمل في هذه الفترة الَّتي يتخللها أكثر من 5000 مرِّةٍ تناديه للصَّلاة ويخرج فرحًا بذلك كعادة الصِّغار.. هل يا ترى إذا بلغ العاشرة وقد صلى 5000 صلاة يتركها؟!
ولاتكن أيُّها الأب المبارك مثل جهلة بعض الآباء، الّذي يرحم ابنه من برد الشِّتاء ولا يوقظه للصَّلاة، بل كن من العقلاء وارحمه من نار جهنَّم والعياذ بالله،
وأطع أمر الله ورسوله واصبر على إيقاظه وتشجيعه وتحبيب الصَّلاة إليه حتى تبرأ ذمتك يوم القيامة.
وليهنك حفظ الله -عزَّ وجلَّ- لصغارك طوال يومهم فقد قال: «من صلَّى الصُّبح فهو في ذمَّة الله» [رواه مسلم 657].
واستشعر أن صغيرك في ذمَّة الله طوال ذلك اليوم.
قال ابن تيمية: "ومن كان عنده صغيرٌ مملوكٌ أو يتيمٌ أو ولدٌ فلم يأمره بالصَّلاة، فإنَّه يُعاقب الكبير إذا لم يأمر الصَّغير، ويعزَّر الكبير على ذلك تعزيرًا بليغًا؛ لأنَّه عصى الله ورسوله".
الحادي عشر: لابد من مراعاة المَلَكات الخاصَّة والفوارق الفرديَّة بين الأطفال، والعدل معهم في المعاملة،
وبعض الآباء يهمل مَلَكاتٍ عظيمةً لدى صغيرة تضيع سدًى. فتجد بعض الصُّغار يحفظ الأناشيد والدَّعايات وغيرها ممَّا لا فائدة ولا يحفظ كتاب الله -عزَّ وجلَّ- ولا يُوجّه لذلك.
ولو تأملت في حياة علماء الأمَّة لوجدت الكثير يملكون مثل إمكاناتهم وقوة حفظهم ولكنَّهم وجهوا هذه الثَّروة إلى غير فائدةٍ، فهذا عالم الأمَّة ومفتي الدِّيار وذاك يحفظ الشَّعر والقصص.
يُتبعــــــــــ ـ إن شاء الله ....