مطلقة ولم أتزوج بعد طلاقي


أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

السؤال

الملخص:
امرأة مطلَّقة منذ سنوات، ولم تتزوج حتى الآن، تحتاج إلى إشباع رغبتها، وتَخشى الوقوع في الزنا، وتريد النصح حول ذلك، وتسأل عن حلٍّ لبعض أسئلتها.
التفاصيل:
السلام عليكم، في البداية أنا مضطرة إلى أن أكتُب هذه الاستشارة؛ لأني لا أعرِف مَن أسأل، ولأن الموقع يُتيح لي السؤال.
أنا امرأة مطلقة منذ أكثر من عشر سنوات، ولم أتزوَّج بعد طلاقي، وقد ناهزت الثانية والثلاثين من عمري، مشكلتي أن لدي احتياجًا إلى العلاقة الجنسية الزوجية، لكني لم أوفَّق في الزواج من شخص جيد، ولله الحمد وبفضل من الله فقد صبرتُ وتحملتُ ولم أقع في الحرام.
سؤالي: ما وضع المرأة التي مثلي في الإسلام؛ حيث إن من حقي شرعًا أن أعفَّ نفسي لكني لم أجد ولم يتيسر لي الحلال؟ هل يجوز مثلًا أن أتزوَّج زواجَ متعة أو زواجًا عرفيًّا؟ وهل أُعذر في ممارسة العادة أو مشاهدة الإباحيات أحيانًا؟ أعلم أن المشاهدة محرَّمة وليس بها خيرٌ، لكن أقصد هل أعذر لأني غير متزوجة؟ خاصة أني أندَم وأستغفر، لكني أشعُر بالظلم؛ لأن تلكم الرغبة تأتي رغمًا عني، ولم يُيسر لي الله الحلالَ لأعفَّ نفسي عن الحرام، فرغبتي بالزواج هي حاجة طبيعية، فأرجو أن تنصحوني وترشدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب
أولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لكِ الهداية والتوفيق والسداد والتيسير.
ثانيًا: أبدأ من سؤالكِ ثم أَختم بكيفية علاج رغبتكِ في العلاقة الجنسية.
أما الزواج العرفي، فلا يجوز ومحرمٌ؛ لأنه يفتقد لشروط وأركان الزواج من الإشهار والولي والشهود والصداق، وهذا في الحقيقة ليس زواجًا، وإنما هو زنا، نعوذ بالله من غضبه.
أما زواج المتعة، فمحرَّمٌ وباطل أيضًا لا يجوز؛ لفقده أيضًا شروطَ وأركان الزواج، وهو من فعل الروافض الشيعة، وليس من فعل أهل التُّقى والإيمان.
أما العادة السرية، فهي محرمة؛ لأنها تصريف للشهوة بغير الطريقة التي أحلها الله وهي الزواج.
أما عن مشاهدة الأفلام الإباحية فمحرمة، ومن هنا تبدأ مشكلتكِ أيتها الأخت الفاضلة.
فالرغبة الجنسية أمرٌ فطري وضعه الله في الإنسان، وقد أمرنا الله عز وجل بكيفية استفراغ تلك الشهوة عن طريق العلاقة بين الزوجين، أَمَا وأنكِ غير متزوجة، فعليكِ بالصبر والبعد عن مواطن الفتن.
واعلمي أن رغبة المرأة في الجماع تزداد في أوقات دون غيرها، فتزداد في فترة الإنجاب وهي ما تعرف بفترة التبويض، وهي ما بعد انتهاء الحيض؛ فحاولي تكثيف ما نذكره من علاج في تلك الفترات:
أولًا: عليكِ بالبُعد عن أسباب زيادة الرغبة الجنسية؛ كالاختلاط بالرجال أو الاستماع لحديثهم، والبعد عن مشاهدة هذه الأفلام القذرة وممارسة العادة السرية؛ لأنها تزيد من الشهوة ولا تنهيها، ولها أضرارٌ نفسية وبدنية وجسدية حتى بعد الزواج، وكذا الابتعاد عن بعض الأطعمة التي تزيد من الهرمونات في الجسد وتثير الشهوة، والابتعاد عن كل ما يثير الشهوة من النظر للمحرمات أو الاستماع لها، أو التساهل في معاملة الرجال من اختلاط أو كلام، أو الترفه الزائد في الملبس وفراش النوم، وكل ما من شأنه أن يذكِّركِ بالجماع ولذته.
ومن العلاج أيتها الأخت الفاضلة عرض نفسكِ على رجل صالح للزواج، ولا بأس بذلك بضوابطه، والتلميح أَولى، ولو كان عن طريق أحد أوليائكِ كما فعل عمر رضي الله عنه عندما عرض حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهم، وقد بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله: "باب: عرض المرأة نفسَها على الرجل الصالح".
وقال الحافظ ابن حجر: "قال ابن المنيِّر في الحاشية: من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة، استنبَط من الحديث ما لا خصوصية فيه، وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبةً في صلاحه، فيجوز لها ذلك، وإذا رغب فيها تزوَّجها بشرطه ... وفي الحديثين - أي: حديث سهل وحديث أنس وكلاهما في التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم - جواز عرض المرأة نفسها على الرجل، وتعريفه رغبتها فيه، أن لا غضاضة عليها في ذلك، وأن الذي تعرِض المرأة نفسها عليه بالاختيار له أن يقبل أو يرفض، لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد، بل يكفي السكوت"؛ [فتح الباري (9/ 175)].
وعليكِ بالصيام وإحسان العبادة والصبر عن المعصية، وأن تعلمي أن كلَّ شيء عند الله بمقدار، فاطلُبي من الله أن يرزُقكِ الزوج الصالح، وأن يُصبِّرَكِ عن معصية الله.
فالواجب عليكِ أيتها الأخت الفاضلة المبادرة بالتوبة إلى الله؛ وذلك بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العودة له، واحذري من استدراج الشيطان ووسوسته لكِ بأنكِ لا تقدرين على الإقلاع عن هذا المنكر، واستعيني بالله تعالى، واقطعي كل علاقة بهذا الأمر، واشغلي نفسكِ بما ينفعكِ في دينكِ ودنياكِ، واجتنبي التمادي مع الأفكار والخواطر وكل ما من شأنه أن يزيد تعلُّق قلبكِ بالشهوة، وابتعدي عن كل باب يؤدي للحرام، فلا تخلي بنفسكِ كثيرًا، وقلِّلي من دخولكِ لوسائل التواصل الاجتماعي، واجتهدي في تقوية صلتكِ بالله والحرص على تعلُّم أمور الدين، واختاري الرُّفقة الصالحة التي تعين على الخير، مع كثرة الذكر والدعاء، واعلمي أن من استمرَّ على المعصية وأصرَّ عليها، فيُخشى عليه أن يظلم قلبه ويسوَّد وينتكس، ولا يزال العبد ينتهك حرمات الله تعالى حتى يغضب الله عليه، فيخسر دنياه وأخراه، وإن ربك لبالمرصاد.
واعلمي أن من تاب وأحسَن، أبدَل الله سيئاته حسنات؛ قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]
فلا تحزني وأحسِني واصبري، فالله يفرح بعبده التائب.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz6GIKyx5zL