تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    قال الامام بن القيم رحمه الله
    وعندي في الحديثين مسلك آخر يتضمن إثبات الأسباب والحكم،
    ونفي ما كانوا عليه من الشرك واعتقاد الباطل،
    ووقوع النفي والإثبات على وجهه،
    فإن العوام كانوا يثبتون العدوى على مذهبهم من الشرك الباطل، كما يقوله المنجمون من تأثير الكواكب في هذا العالم وسعودها ونحوسها، كما تقدم الكلام عليهم،
    ولو قالوا: إنها أسباب أو أجزاء أسباب إذا شاء الله صرف مقتضياتها بمشيئته وإرادته وحكمته، وأنها مسخرة بأمره لما خلقت له، وأنها في ذلك بمنزلة سائر الأسباب التي ربط بها مسبباتها وجعل لها أسبابا أخر تعارضها وتمانعها، وتمنع اقتضاءها لما جعلت أسبابا له، وإنها لا تقضي مسبباتها إلا بإذنه ومشيئته وإرادته، ليس لها من ذاتها ضر ولا نفع ولا تأثير البتة، إن هي إلا خلق مسخر مصرف مربوب، لا تتحرك إلا بإذن خالقها ومشيئته، وغايتها أنها جزء سبب ليست سببا تاما
    فسببيتها من جنس سببية وطء الوالد في حصول الولد، فإنه جزء واحد من أجزاء كثيرة من الأسباب التي خلق الله بها الجنين
    ... وهكذا جملة أسباب العالم من الغذاء والرواء، والعافية والسقم وغير ذلك،
    وأن الله سبحانه جعل من ذلك سببا ما يشاء، ويبطل السببية عما يشاء،
    ويخلق من الأسباب المعارضة له ما يحول بينه وبين مقتضاه،
    فهم لو أثبتوا العدوى على هذا الوجه لما أنكر عليهم،
    كما أن ذلك ثابت في الداء والدواء،
    وقد تداوى النبي وأمر بالتداوي، وأخبر أنه ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء إلا الهرم،
    فأعلمنا أنه خالق أسباب الداء، وأسباب الدواء المعارضة المقاومة لها،
    وأمرنا بدفع تلك الأسباب المكروهة بهذه الأسباب،
    وعلى هذا قيام مصالح الدارين،
    بل الخلق والأمر مبني على هذه القاعدة؛
    فإن تعطيل الأسباب وإخراجها عن أن تكون أسبابا، تعطيل للشرع ومصالح الدنيا،
    والاعتماد عليها والركون إليها، واعتقاد أن المسببات بها وحدها، وأنها أسباب تامة، شرك بالخالق عز وجل، وجهل به، وخروج عن حقيقة التوحيد،
    وإثبات مسبباتها على الوجه الذي خلقها الله عليه وجعلها له: إثبات للخلق والأمر، للشرع والقدر، للسبب والمشيئة، للتوحيد والحكمة، فالشارع يثبت هذا ولا ينفيه، وينفي ما عليه المشركون من اعتقادهم في ذلك
    . .....................
    فالمقامات ثلاثة: - أحدها تجريد التوحيد وإثبات الأسباب، وهذا هو الذي جاءت به الشرائع، وهو مطابق للواقع في نفس الأمر.
    - والثاني: الشرك في الأسباب بالمعبود، كما هو حال المشركين على اختلاف أصنافهم.
    - والثالث: إنكار الأسباب بالكلية؛ محافظة من منكرها على التوحيد.
    فالمنحرفون طرفان مذمومان: إما قادح في التوحيد بالأسباب، وإما منكر للأسباب بالتوحيد. والحق غير ذلك، وهو: إثبات التوحيد والأسباب، وربط أحدهما بالآخر ...
    [مفتاح دار السعادة]
    قول النبى صلى الله عليه وسلم لا عدوى - فقال الاعرابى يا رسول الله فما بال إبلى تكون فى الرحل كانها الظباء فيأتى البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال من اعدى الاول-اى اول جمل أجرب من اعداه؟ يريد النبى صلى الله عليه وسلم ان ينبه الى ان الله عز وجل هو الذى قدر العدوى وقدر تأثيرها وانه لا عدوى تنتقل بذاتها بدليل ان الجمل الاول الذى اصابه المرض اى [الجرب ]لم يجرب بسبب عدوى وانما اصيب بتقدير الله
    اذا استعرضنا الحقيقة العلمية وهى ان العدوى بجراثيم الامراض قد تصيب الجسم بالمرض حينا وهى نفسها لا تقوى على اصابة الجسم بالمرض احيانا اخرى
    وهذا يدل على ان السبب ليس مستقل بالتأثير ليست الجراثيم والفيروسات السبب الوحيد المؤثر انما معها اسباب اخر يقدرها الله حتى ينتقل المرض -
    لان كلا من الجراثيم وخطوط الدفاع مثل المناعة تعملان بما يقدره الله كل هذا يعمل بتقدير الله ومشيئته وأمره
    فإذا اراد الله ان يجعل العدوى سببا جعلها وإذا اراد ابطال مفعول العدوى ابطلها- وقد بينت الحقائق العلمية الحديثة ان كثيرا ممن يصابون بالمرض من جراثيم مرضية معدية بعضها لا تظهر عليه اعراض مرضية مع انهم حاملين للمرض وقد ينتقل المرض وقد لا ينتقل لان هذا مرتبط بعوامل كثيرة اثبتتها الحقائق الطبية
    ولكن ما يثبته علماء الشريعة ان كل هذا مرتبط بتقدير الله سبحانه وتعالى كما تقدم فى كلام الامام بن القيم
    فالحقائق العلمية تثبت ان هذه الميكروبات قد تسبب مرضا ونفس هذه الفيروسات قد لا تسبب هذا المرض وتنقله لان هناك كثير من العوامل والاسباب التى يقدرها الله تجعل العدوى بجراثيم الامراض كأن لم تكن ولا دخل فى ذلك كله لاسباب تتعلق بالجراثيم او تتعلق بالجسم فقد تكون اسباب وعوامل اخرى قد يصل اليها الطب وقد لا يتوصل اليها الا بعد زمن -
    وقد تكون هذه الاسباب قدرية متعلقة بفساد الدين والاخلاق-فهذه الجراثيم والميكروبات والفيروسات مسخرة بأمر احكم الحاكمين مسخرة لما امرها الله به
    قال الإمام ابن القيّم ـ رحمه الله ـ:
    (ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه، وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه،
    ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص
    ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين والقحوط، والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها، وسلب منافعها، أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو بعضها بعضًا، فإن لم يتسع علمك لهذا
    فاكتف بقوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏ }‏ ‏[‏الروم‏:‏ 41‏]‏،
    ونزّل هذه الآية على أحوال العالم
    ، وطابق بين الواقع وبينها،
    وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كل وقت في الثمار والزرع والحيوان،
    وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة،
    بعضها آخذ برقاب بعض،
    وكلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا،
    أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات،
    ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم‏.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى
    جزاك الله خيرا اخى محمد على هذا البيان والتوضيح
    وسأنقل ان شاء الله مزيد من الفوائد المهمة المتعلقة بالموضوع
    السؤال
    ما النص الأصلي لحديث "لا عدوى في الدين" و ما هو المقصود به ؟.
    نص الجواب
    الحديث مروي بألفاظ ، منها : ما رواه البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ".
    ورواه البخاري (5316) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هَامَةَ وَلا صَفَرَ ".
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا عدوى ) . لا نافية للجنس ، ونفي الجنس أعم من نفي الواحد والاثنين والثلاثة ؛ لأنه نفي للجنس كله ، فنفي الرسول صلى الله عليه وسلم العدوى كلها .
    والعدوى : انتقال المرض من المريض إلى الصحيح ، وكما يكون في الأمراض الحسية يكون أيضا في الأمراض المعنوية الخلقية ، ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جليس السوء كنافخ الكير ؛ إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه رائحة كريهة.
    فقوله : ( لا عدوى ) يشمل الحسية والمعنوية ، وإن كانت في الحسية أظهر .
    قوله : ( ولا طيرة ) الطيرة هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم .
    قوله : ( ولا هامة ) . الهامة ؛ بتخفيف الميم فسرت بتفسيرين :
    الأول : أنها طير معروف يشبه البومة ، أو هي البومة ، تزعم العرب أنه إذا قتل القتيل ؛ صارت عظامُةُ هامة تطير وتصرخ حتى يؤخذ بثأره ، وربما اعتقد بعضهم أنها روحه .
    التفسير الثاني : أن بعض العرب يقولون : الهامة هي الطير المعروف ، لكنهم يتشاءمون بها ، فإذا وقعت على بيت أحدهم ونعقت ؛ قالوا : إنها تنعق به ليموت ، ويعتقدون أن هذا دليل قرب أجله ، وهذا كله بلا شك عقيدة باطلة .
    قوله : ( ولا صفر ) . قيل : إنه شهر صفر ، كانت العرب يتشاءمون به ولاسيما في النكاح .
    وقيل : إنه داء في البطن يصيب الإبل وينتقل من بعير إلى آخر ، وعلى هذا ؛ فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام .
    ... والأقرب أن صفر يعني الشهر ، وأن المراد نفي كونه مشؤوما ؛ أي: لا شؤم فيه ، وهو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ويقدر فيه الشر .
    وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ؛ فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو سبب صحيح ، وما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا، ولكونه سببا إن كان باطلا .
    فقوله : ( لا عدوى ) : العدوى موجودة ، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ممرض على مصح " أي : لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه ؛ حتى قيل : إنه الطاعون ؛ فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك ، وفيه إثبات لتأثير العدوى ، لكن تأثيرها ليس أمرا حتميا ، بحيث تكون علة فاعلة ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار ، وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب نفسها ؛ فالأسباب لا تؤثر بنفسها ، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سببا للبلاء ؛ لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) البقرة/195 ، ولا يمكن أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى ؛ لأن هذا أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى .
    فإن قيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا عدوى . قال رجل : يا رسول الله ! الإبل تكون صحيحة مثل الظباء ، فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ " يعني أن المرض نزل على الأول بدون عدوى ، بل نزل من عند الله عز وجل ؛ فكذلك إذا انتقل بالعدوى ؛ فقد انتقل بأمر الله ، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم ، فَجَرَبُ الأول ليس سببه معلوما ؛ إلا أنه بتقدير الله تعالى ، وجرب الذي بعده له سبب معلوم ، لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب ، ولهذا أحيانا تصاب الإبل بالجرب ، ثم يرتفع ولا تموت ، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية ، وقد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون .
    فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويتوكل عليه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم ، فأخذ بيده وقال له : " كل " يعني من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوة توكله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي .
    وهذا الجمع الذي أشرنا إليه هو أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث ) انتهى من شرح كتاب التوحيد 2/80
    وعلى هذا فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم : (لا عدوى ) أي أن المرض لا ينتقل من المريض إلى الصحيح بنفسه ، وإنما ينتقل بتقدير الله تعالى ، فمخالطة المريض للصحيح سبب من أسباب انتقال المرض ، ولكن ليس معنى ذلك أنه واقع لا محالة ، بل لا يقع إلا إذا شاء الله ، ولهذا نجد كثيرا ما يخلف المرضى الأصحاء ولا ينتقل إليهم المرض .
    المصدر: الإسلام سؤال وجواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    السؤال
    يقول بعض أهل العلم في كتبهم ، وقد قرأته في كتاب "تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد" ، عبارة لم أفهمها وهي : " إن قوة الطبيعة تدفع العلة وتبطلها " ، فما معنى هذه العبارة ، وماهي الطبيعة ؟
    نص الجواب
    الحمد لله
    المقصود بالطبيعة في مثل هذا السياق: المزاج العام للشخص ، وما أودعه الله فيه من الصحة والعافية ، والقوى الجمسانية ؛ فإن المزاج القوي يقاوم العلة المرضية ويدفعها.
    ومن ذلك قول ابن القيم رحمه الله: " فعلم القلب ومعرفته بذلك : توجب محبته، وإجلاله، وتوحيده فيحصل له من الابتهاج واللذة والسرور، ما يدفع عنه ألم الكرب والهم، والغم .
    وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ، ويقوي نفسه ؛ كيف تقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى" انتهى من زاد المعاد (4/ 187).
    ومنه قول ابن مفلح رحمه الله : " اُشْتُهِرَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَصَحَّ عَنْهُ : أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ ، وَيَقُومُ أَوَّلَ النِّصْفِ الثَّانِي ، يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي وَيَدْعُو .
    فَيَسْتَرِيحُ الْبَدَنُ بِذَلِكَ النَّوْمِ وَالرِّيَاضَةِ وَالصَّلَاةِ ، مَعَ حُصُولِ الْأَجْرِ الْوَافِرِ .
    فَالنَّوْمُ الْمُعْتَدِلُ مُمْكِنٌ لِتَقْوَى الطَّبِيعَةُ مِنْ أَفْعَالِهَا، مُرِيحٌ لِلْقُوَى النَّفْسَانِيَّ ةِ مُكْثِرٌ مِنْ جَوْهَرِ حَامِلِهَا". انتهى، من "الآداب الشرعية" (3/244) .
    وفي المصباح المنير (2/ 368): " وَالطَّبِيعَةُ : مِزَاجُ الْإِنْسَانِ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْأَخْلَاطِ" انتهى.
    قال الجرجاني في التعريفات ص140: " الطبيعة: عبارة عن القوة السارية في الأجسام ، بها يصل الجسم إلى كماله الطبيعي" انتهى.
    ويسمى ذلك "الطبيعة" باعتبار أن الله تعالى : " طبعه عليه" ؛ يعني : أن الله تعالى جعلها فيه بأصل الخلقة ، دون أشياء خارجية حصلت له .
    قال في المصباح المنير (1/ 90): " وَالْجِبِلَّةُ - بِكَسْرَتَيْنِ وَتَثْقِيلِ اللَّامِ - ، وَالطَّبِيعَةُ ، وَالْخَلِيقَةُ ، وَالْغَرِيزَةُ : بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
    وَجَبَلَهُ اللَّهُ عَلَى كَذَا - مِنْ بَابِ قَتَلَ - : فَطَرَهُ عَلَيْهِ.
    وَشَيْءٌ جِبِلِّيٌّ : مَنْسُوبٌ إلَى الْجِبِلَّةِ ، كَمَا يُقَالُ طَبِيعِيٌّ ، أَيْ ذَاتِيٌّ ، مُنْفَعِلٌ عَنْ تَدْبِيرِ الْجِبِلَّةِ فِي الْبَدَنِ ، بِصُنْعِ بَارِئِهَا ؛ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" انتهى.
    واستعمال الطبيعة في هذه المعاني متقارب ؛ وهو واضح لا إشكال فيه ، ولا حرج .
    قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله ، في بيان مسالك الجمع بين ما جاء في إثبات العدوى ، وما جاء في نفيها:
    " ثانيها : حمل الخطاب بالنفي والإثبات على حالتين مختلفتين ؛ فحيث جاء ( لا عدوى ) : كان المخاطب بذلك من قوي يقينه ، وصح توكله ، بحيث يستطيع أن يدفع عن نفسه اعتقاد العدوى ، كما يستطيع أن يدفع التطير الذي يقع في نفس كل أحد ، لكن القوي اليقين : لا يتأثر به .
    وهذا مثل ما تدفع قوة الطبيعة العلة ، فتبطلها .
    وعلى هذا يحمل حديث جابر في أكل المجذوم من القصعة ، وسائر ما ورد من جنسه .
    وحيث جاء : ( فر من المجذوم ) : كان المخاطَب بذلك من ضعف يقينه ، ولم يتمكن من تمام التوكل ، فلا يكون له قوة على دفع اعتقاد العدوى .
    فأريد بذلك : سد باب اعتقاد العدوى عنه ، بأن لا يباشر ما يكون سببا لإثباتها .. " انتهى . من "فتح الباري" (10/160) . وهو أصل النص المنقول في "تيسير العزيز الحميد" (364) .
    فالطبيعة هي : المزاج، والقوة التي جعلها الله في البدن، فإذا قوي ذلك دفع المرض وأبطله.
    المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا اخى محمد على هذا البيان والتوضيح

    وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ؛ فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو سبب صحيح ، وما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا، ولكونه سببا إن كان باطلا .
    فقوله : ( لا عدوى ) : العدوى موجودة ، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ممرض على مصح " أي : لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه ؛ حتى قيل : إنه الطاعون ؛ فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك ، وفيه إثبات لتأثير العدوى ، لكن تأثيرها ليس أمرا حتميا ، بحيث تكون علة فاعلة ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار ، وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب نفسها ؛ فالأسباب لا تؤثر بنفسها ، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سببا للبلاء ؛ لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) البقرة/195 ، ولا يمكن أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى ؛ لأن هذا أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى .
    فإن قيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا عدوى . قال رجل : يا رسول الله ! الإبل تكون صحيحة مثل الظباء ، فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ " يعني أن المرض نزل على الأول بدون عدوى ، بل نزل من عند الله عز وجل ؛ فكذلك إذا انتقل بالعدوى ؛ فقد انتقل بأمر الله ، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم ، فَجَرَبُ الأول ليس سببه معلوما ؛ إلا أنه بتقدير الله تعالى ، وجرب الذي بعده له سبب معلوم ، لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب ، ولهذا أحيانا تصاب الإبل بالجرب ، ثم يرتفع ولا تموت ، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية ، وقد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون .
    فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويتوكل عليه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم ، فأخذ بيده وقال له : " كل " يعني من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوة توكله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي .
    وهذا الجمع الذي أشرنا إليه هو أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث ) انتهى من شرح كتاب التوحيد 2/80
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا اخى محمد على هذا البيان والتوضيح
    جزاك الله خيرا اخى ابوسفيان نعم الجمع المشار اليه احسن المسالك فى الجمع بين الاحاديث الواردة فى الباب و أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث
    وهذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ؛ فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو سبب صحيح ، وما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا، ولكونه سببا إن كان باطلا .
    فقوله : ( لا عدوى ) : العدوى موجودة ، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ممرض على مصح " أي : لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه ؛ حتى قيل : إنه الطاعون ؛ فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك ، وفيه إثبات لتأثير العدوى ، لكن تأثيرها ليس أمرا حتميا ، بحيث تكون علة فاعلة ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار ، وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب نفسها ؛ فالأسباب لا تؤثر بنفسها ، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سببا للبلاء ؛ لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) البقرة/195 ، ولا يمكن أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى ؛ لأن هذا أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى .
    فإن قيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا عدوى . قال رجل : يا رسول الله ! الإبل تكون صحيحة مثل الظباء ، فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ " يعني أن المرض نزل على الأول بدون عدوى ، بل نزل من عند الله عز وجل ؛ فكذلك إذا انتقل بالعدوى ؛ فقد انتقل بأمر الله ، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم ، فَجَرَبُ الأول ليس سببه معلوما ؛ إلا أنه بتقدير الله تعالى ، وجرب الذي بعده له سبب معلوم ، لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب ، ولهذا أحيانا تصاب الإبل بالجرب ، ثم يرتفع ولا تموت ، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية ، وقد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون .
    نعم جزاك الله خيرا وهذا متفق تماما مع الواقع ومع الحقائق العلمية الحديثة التى سبقت الاشارة اليها
    فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويتوكل عليه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم ، فأخذ بيده وقال له : " كل " يعني من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوة توكله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي
    نعم

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    والعدوى : انتقال المرض من المريض إلى الصحيح ، وكما يكون في الأمراض الحسية يكون أيضا في الأمراض المعنوية الخلقية ،
    فقوله : ( لا عدوى ) يشمل الحسية والمعنوية ، وإن كانت في الحسية أظهر .
    نعم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    يكون أيضا في الأمراض المعنوية الخلقية
    نعم هذا هو المرض العضال والداء الجثام وأصل كل بلاء ومصيبة
    بل هو الداء المولد لجميع الادواء
    قال جل وعلا ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون قال بن القيم قد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بد منه،
    -قال ابن القيم: "هذا يدل على أنَّ رضاه في مسألته وطاعته، وإذا رَضِيَ تعالى، فكل خير في رضاه، كما أنَّ كل بلاء ومصيبة في غضبه
    قال جل وعلا وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
    قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة ـ رحمه الله ـ:
    (ومن له معرفة بأحوال العالم ومبدئه يعرف أن جميع الفساد في جوه ونباته وحيوانه، وأحوال أهله حادث بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثه،
    ولم تزل أعمال بني آدم ومخالفتهم للرسل تحدث لهم من الفساد العام والخاص
    ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين والقحوط، والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها، وسلب منافعها، أو نقصانها أمورًا متتابعة يتلو بعضها بعضًا، فإن لم يتسع علمك لهذا
    فاكتف بقوله تعالى‏:‏ ‏{ ‏ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس‏ }‏ ‏[‏الروم‏:‏ 41‏]‏،
    ونزّل هذه الآية على أحوال العالم
    ، وطابق بين الواقع وبينها،
    وأنت ترى كيف تحدث الآفات والعلل كل وقت في الثمار والزرع والحيوان،
    وكيف يحدث من تلك الآفات آفات أخر متلازمة،
    بعضها آخذ برقاب بعض،
    وكلما أحدث الناس ظلمًا وفجورًا،
    أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات،
    ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم‏.
    ‏ ولقد كانت الحبوب من الحنطة وغيرها أكثر مما هي اليوم، كما كانت البركة فيها أعظم‏.‏
    وقد روى الإمام أحمد بإسناده أنه وجد في خزائن بعض بني أمية صرة فيها حنطة أمثال نوى التمر مكتوب عليها هذا كان ينبت أيام العدل‏.‏ وهذه القصة، ذكرها في مسنده ، على أثر حديث رواه‏.‏
    وأكثر هذه الأمراض والآفات العامة بقية عذاب عذبت به الأمم السالفة،
    ثم بقيت منها بقية مرصدة لمن بقيت عليه بقية من أعمالهم، حكمًا قسطًا، وقضاء عدلًا،
    وقد أشار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هذا بقوله في الطاعون ‏(‏إنه بقية رجز أو عذاب أرسل على بني إسرائيل‏)‏‏.‏
    وكذلك سلط الله سبحانه وتعالى الريح على قوم سبع ليال وثمانية أيام،
    ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام،
    وفي نظيرها عظة وعبرة‏.‏
    وقد جعل الله سبحانه أعمال البر والفاجر مقتضيات لآثارها في هذا العالم اقتضاء لا بد منه،
    فجعل منع الإحسان والزكاة والصدقة سببًا لمنع الغيث من السماء، والقحط والجدب، ..
    وجعل ظلم المساكين، والبخس في المكاييل والموازين، وتعدي القوي على الضعيف سببًا لجور الملوك والولاة الذين لا يرحمون إن استرحموا، ولا يعطفون إن استعطفوا،
    وهم في الحقيقة أعمال الرعايا ظهرت في صور ولاتهم،
    فإن الله سبحانه بحكمته وعدله يظهر للناس أعمالهم في قوالب وصور تناسبها،
    فتارة بقحط وجدب،
    وتارة بعدو،
    وتارة بولاة جائرين،
    وتارة بأمراض عامة،
    وتارة بهموم وآلام وغموم تحضرها نفوسهم لا ينفكون عنها
    ، وتارة بمنع بركات السماء والأرض عنهم،
    وتارة بتسليط الشياطين عليهم تؤزهم إلى أسباب العذاب أزًا، لتحق عليهم الكلمة، وليصير كل منهم إلى ما خلق له،
    والعاقل يسيّر بصيرته بين أقطار العالم،
    فيشاهده،
    وينظر مواقع عدل الله وحكمته،
    وحينئذ يتبين له أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة،
    وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون،
    وإلى دار البوار صائرون،
    والله بالغ أمره، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، وبالله التوفيق ‏).
    -[ زاد المعاد في هدي خير العباد: الإمام ابن القيم الجوزية ]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    قال جل وعلا وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
    نعم
    قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى
    لما ذكر تعالى أن المكذبين للرسل يبتلون بالضراء موعظة وإنذارا، وبالسراء استدراجا ومكرا، ذكر أن أهل القرى، لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه، لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب، ولكنهم لم يؤمنوا ويتقوا { فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ْ} بالعقوبات والبلايا ونزع البركات، وكثرة الآفات، وهي بعض جزاء أعمالهم، وإلا فلو آخذهم بجميع ما كسبوا، ما ترك عليها من دابة. { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ْ}[تفسير السعدى]

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    جزاكم الله خيرا
    للفائدة هذا قول الطبري
    https://majles.alukah.net/t181359/

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Dec 2019
    المشاركات
    303

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    قال "أبو عبيدة" فى حديث النبى -صلى الله عليه وسلم-: "لا يوردنّ عاهةٍ على مصحّ".
    قال: حدثناه "علّى بن عاصم" عن "عبيد الله بن أبى حميد" عن "أبى المليح" رفعه.
    قوله: ذو عاهةٍ: يعنى الرجل يصيب إبله الجرب، أو الدّاء.
    فقال: لا يوردنّها على مصحٍّ، وهو الذى إبله أو ماشيته صحاح، بريئة من العاهة.
    وقد كان بعض الناس يحمل هذا الحديث على أن النهى فيه للمخافة على الصحيحة من ذات العاهة أن تعديها.

    وهذا شر ما حمل عليه الحديث؛ لأنه رخصة فى التَّطير، وكيف ينهى النّبى -صلى الله عليه وسلم- عن هذت للتّطيّر، وهو يقول: "الطيرةُ شركُ".
    ويقول: "لا عدوى، ولا هامة" فى لآثارٍ عنه كثيرِة.
    قال: ولكن وجهه عندى -والله أعلم- أنه خاف أن ينزل بهذا الصحاح من أمر الله ما نزل بتلك، فيظنّ المصحّ أن تلك أعدتها
    غريب الحديث لابي عبيد

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أحسن المسالك فى وقوع النفي والإثبات على وجهه فى حديث لا عدوى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن محمود مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا
    للفائدة هذا قول الطبري
    https://majles.alukah.net/t181359/

    بارك الله فيك اخى ابن محمود قول الامام الطبرى الذى ذكرته أحد المسالك فى حديث لا عدوى وطيرة - ولكنه ليس أحسن المسالك فى الجمع بين الحديثين
    احسن المسالك ما قرره ابن القيم رحمه الله- وابن القيم قد فند جميع اقوال الائمة المتقدمين وبين وجه التعارض فى هذه الاقوال ثم بين المسلك الراجح الذى يجمع بين الاحاديث التى قد يتوهم تعارضها ودفع جميع الاشكالات الواردة فيها-وذلك فى كتابه مفتاح دار السعادة
    والخلاصة
    هى ما تقدم فى كلام الشيخ ابن عثيمين
    هذا النفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفيا للوجود ؛ لأنها موجودة ، ولكنه نفي للتأثير ؛ فالمؤثر هو الله ، فما كان منها سببا معلوما ؛ فهو سبب صحيح ، وما كان منها سببا موهوما ؛ فهو سبب باطل ، ويكون نفيا لتأثيره بنفسه إن كان صحيحا، ولكونه سببا إن كان باطلا .
    فقوله : ( لا عدوى ) : العدوى موجودة ، ويدل لوجودها قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورد ممرض على مصح " أي : لا يورد صاحب الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .
    وقوله صلى الله عليه وسلم : " فر من المجذوم فرارك من الأسد " والجذام مرض خبيث معد بسرعة ويتلف صاحبه ؛ حتى قيل : إنه الطاعون ؛ فالأمر بالفرار من المجذوم لكي لا تقع العدوى منه إليك ، وفيه إثبات لتأثير العدوى ، لكن تأثيرها ليس أمرا حتميا ، بحيث تكون علة فاعلة ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفرار ، وأن لا يورد ممرض على مصح من باب تجنب الأسباب لا من باب تأثير الأسباب نفسها ؛ فالأسباب لا تؤثر بنفسها ، لكن ينبغي لنا أن نتجنب الأسباب التي تكون سببا للبلاء ؛ لقوله تعالى : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) البقرة/195 ، ولا يمكن أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم ينكر تأثير العدوى ؛ لأن هذا أمر يبطله الواقع والأحاديث الأخرى .
    فإن قيل : إن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال : " لا عدوى . قال رجل : يا رسول الله ! الإبل تكون صحيحة مثل الظباء ، فيدخلها الجمل الأجرب فتجرب ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن أعدى الأول ؟ " يعني أن المرض نزل على الأول بدون عدوى ، بل نزل من عند الله عز وجل ؛ فكذلك إذا انتقل بالعدوى ؛ فقد انتقل بأمر الله ، والشيء قد يكون له سبب معلوم وقد لا يكون له سبب معلوم ، فَجَرَبُ الأول ليس سببه معلوما ؛ إلا أنه بتقدير الله تعالى ، وجرب الذي بعده له سبب معلوم ، لكن لو شاء الله تعالى لم يجرب ، ولهذا أحيانا تصاب الإبل بالجرب ، ثم يرتفع ولا تموت ، وكذلك الطاعون والكوليرا أمراض معدية ، وقد تدخل البيت فتصيب البعض فيموتون ويسلم آخرون ولا يصابون .
    فعلى الإنسان أن يعتمد على الله ، ويتوكل عليه ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل مجذوم ، فأخذ بيده وقال له : " كل " يعني من الطعام الذي كان يأكل منه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوة توكله صلى الله عليه وسلم ؛ فهذا التوكل مقاوم لهذا السبب المعدي .
    وهذا الجمع الذي أشرنا إليه هو أحسن ما قيل في الجمع بين الأحاديث ) انتهى من شرح كتاب التوحيد 2/80
    وعلى هذا فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم : (لا عدوى ) أي أن المرض لا ينتقل من المريض إلى الصحيح بنفسه ، وإنما ينتقل بتقدير الله تعالى ، فمخالطة المريض للصحيح سبب من أسباب انتقال المرض ، ولكن ليس معنى ذلك أنه واقع لا محالة ، بل لا يقع إلا إذا شاء الله ، ولهذا نجد كثيرا ما يخلف المرضى الأصحاء ولا ينتقل إليهم المرض .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •