تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: هل الإيمان مخلوق

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي هل الإيمان مخلوق

    هل الإيمان مخلوق

    هذه المسألة تفرعت عن مسألة خلق القرآن.. زمن محنة الجهمية والفتنة المشهورة فهي وليدة هذه الفتنة ومنها نشأ النزاع فيها هل الإيمان مخلوق أم لا؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما سئل: هل الإيمان مخلوق أم غير مخلوق؟.. (فالجواب أن هذه المسألة نشأ النزاع فيها لما ظهرت محنة الجهمية في القرآن هل هو مخلوق أم غير مخلوق؟ وهي محنة الإمام أحمد وغيره من علماء المسلمين، وقد جرت بها أمور يطول وصفها هنا، لكن لما ظهر القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأطفأ الله نار الجهمية المعطلة، صارت طائفة يقولون أن كلام الله الذي أنزله مخلوق، ويعبرون عن ذلك باللفظ، فصاروا يقولون ألفاظنا بالقرآن مخلوقة، أو تلاوتنا أو قراءتنا مخلوقة، وليس مقصودهم مجرد كلامهم وحركاتهم بل يدخلون فيه نفس كلام الله الذي نقرؤه بأصواتنا وحركاتنا، وعارضهم طائفة أخرى فقالوا: ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة. فرد الإمام أحمد على الطائفتين وقال: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع. وتكلم الناس حينئذ بالإيمان فقالت طائفة: الإيمان مخلوق وأدرجوا في ذلك ما تكلم الله به من الإيمان مثل (قول لا إله إلا الله)، فصار مقتضى قولهم أن هذه الكلمة مخلوقة، ولم يتكلم الله بها، فبدع الإمام أحمد هؤلاء، وقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها: قول لا إله إلا الله)) (1) أفيكون قول لا إله إلا الله مخلوقا؟. ومراده أن من قال: إن ألفاظنا وتلاوتنا وقراءتنا للقرآن مخلوقة، كان مقتضى كلامه أن الله لم يتكلم بالقرآن الذي أنزله. وأن القرآن المنزل ليس هو كلام الله..) (2) .
    وقال رحمه الله: (وإذا قال: الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ قيل له: ما تريد (بالإيمان)؟ أتريد شيئا من صفات الله وكلامه، كقول (لا إله إلا الله) و(إيمانه) الذي دل عليه اسمه المؤمن، فهو غير مخلوق. أو تريد شيئا من أفعال العباد وصفاتهم فالعباد كلهم مخلوقون، وجميع أفعالهم وصفاتهم مخلوقة، ولا يكون للعبد المحدث المخلوق صفة قديمة غير مخلوقة، ولا يقول هذا من يتصور ما يقول، فإذا حصل الاستفسار والتفصيل ظهر الهدى وبان السبيل، وقد قيل أكثر اختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء، وأمثالها مما كثر فيه تنازع الناس بالنفي والإثبات إذا فصل فيها الخطاب، ظهر الخطأ من الصواب. والواجب على الخلق أن ما أثبته الكتاب والسنة أثبتوه، وما نفاه الكتاب والسنة نفوه، وما لم ينطق به الكتاب والسنة لا بنفي ولا إثبات استفصلوا فيه قول القائل: فمن أثبت ما أثبته الله ورسوله، فقد أصاب، ومن نفى ما نفاه الله ورسوله فقد أصاب، ومن أثبت ما نفاه الله أو نفى ما أثبته الله فقد لبس دين الحق بالباطل، فيجب أن يفصل ما في كلامه من حق أو باطل، فيتبع الحق ويترك الباطل، وكل من خالف الكتاب والسنة فإنه مخالف أيضا لصريح المعقول، فإن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، كما أن المنقول عن الأنبياء عليهم السلام لا يخالف بعضه بعضا، ولكن كثيرا من الناس يظن تناقض ذلك، وهؤلاء من الذين اختلفوا في الكتاب ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ [ البقرة: 176]، ونسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) (3) .. (4)

    قال الإمام أحمد - رضي الله عنه -: من قال: الإيمان مخلوق كفر، ومن قال: غير مخلوق ابتدع. فقيل: بالوقف مطلقا، وقيل: أقواله قديمة وأفعاله مخلوقة. قال ابن حمدان في نهاية المبتدئين: وهو أصح، ونقله عن ابن أبي موسى وغيره. ونقل الإمام الحافظ ابن رجب في طبقات الأصحاب في ترجمة الحافظ عبد الغني المقدسي - قدس الله روحه - ما لفظه قال: روي عن إمامنا أحمد - رضي الله عنه - أنه قال: من قال: الإيمان مخلوق فهو كافر، ومن قال: قديم فهو مبتدع. قال الحافظ عبد الغني: وإنما كفر من قال بخلقه؛ لأن الصلاة من الإيمان، وهي تشتمل على قراءة وتسبيح وذكر الله - عز وجل - ومن قال بخلق ذلك كفر، وتشتمل على قيام وقعود وحركة وسكون ومن قال بقدم ذلك ابتدع. انتهى بحروفه، [الموسوعة العقدية]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل الإيمان مخلوق

    خلق الإيمان والضلال في قلوب العباد
    السؤال: تكرر في تفسير ابن عاشور -رحمه الله- تفسيره لآيات هداية الله للمهتدين بخلْق الإيمان في قلوبهم، كقوله تعالى: وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا [الشورى: 52]، وكذلك تفسيره لإضلال الضّالين بخلق الضّلالة في قلوبهم كقوله: كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر: 35] فما معنى كلامه؟ وهل ما قرره هو مذهب الأشاعرة؟ وما هو مذهب أهل السُّنَّة في ذلك؟

    الجواب:
    الحمدُ لله وحده، وصلّى الله وسلّم على مَن لا نبي بعده، أمّا بعد:
    فإنَّ أهل السُّنَّة يؤمنون بأنّ الله خالق كلّ شيء، كما أخبر سبحانه وتعالى في قوله: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فيدخل في ذلك العموم ذواتُ العباد وصفاتُهم وأعمالُهم الظّاهرة والباطنة، ومِن ذلك ما يقوم بالعباد مِن الإيمان، والكفر، والطّاعات والمعاصي، والهدى والضّلال، وكلُّ ذلك بقدرة الله ومشيئته، وبعلمه القديم؛ فإنّه تعالى يُضلّ مَن يشاء، ويهدي مَن يشاء، وله سبحانه في كلّ ذلك حكمة بالغة، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [إبراهيم:4]، وقال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [الحجرات:6-7] وقال تعالى بعد أن ذكر أصناف أوليائه: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ إلى قوله: ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا [النساء:69-70]
    فتبيَّن بهذا أنّ أهل السُّنة يثبتون عموم القدرة والمشيئة والخلق لله تعالى، خلافًا للقدريّة المكذّبين بالقدر، ومنهم المعتزلة، ويثبتُ أهلُ السُّنة لله تعالى كمال العلم والحكمة، خلافًا للجهميّة الجبريّة ومَن تبعهم مِن الأشاعرة وغيرهم، وإثباتُ العلم والحكمة لله هو ما تضمّنه اسمه تعالى "العليم والحكيم" مِن أسمائه الحسنى، وكثيرًا ما يقرن الله بين هذين الاسمين، كما قال تعالى: إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا، وقال: وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، وقد أثنى سبحانه على نفسه بكمال الحكمة والعلم مجمَلًا ومفصَّلًا في آيات كثيرة لا تُحصى.
    وبعد؛ فلمّا كان لفظ الإيمان يشمل الإيمان القائم بالمؤمن في قلبه وعلى جوارحه؛ الذي هو من صفته وعمله، ويشمل المؤمَن به، ومنه: الله وصفاته وكلامه، مِن أجل ذلك اعتبر إمام أهل السُّنة الإمام أحمد -رحمه الله- لفظ الإيمان مجملًا، فلا يجوز أن يقال: إنّ الإيمان مخلوق أو غير مخلوق، فروى ابن أبي يعلي في طبقات الحنابلة (2/176) عن الإمام أحمد أنّه قال: "مَن قال في الإيمان: إنّه مخلوق فهو جهمي، ومَن قال: إنّه غير مخلوق فهو مبتدع"، وهذا نظير قوله في اللفظ.
    وقرر القاضي أبو يعلى في كتاب الإيمان (ص459) أنّه لا يجوز إطلاق القول في الإيمان إنّه مخلوق أو غير مخلوق، ويؤيّد ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وإذا قال: الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ قيل له: ما تريد بالإيمان؟ أتريد به شيئًا من صفات الله وكلامه كقوله: (لا إله إلا الله)، وإيمانِه الذي دلّ عليه اسمه المؤمن، فهو غير مخلوق، أو تريد شيئًا مِن أفعال العباد وصفاتهم؛ فالعباد كلّهم مخلوقون وجميع أفعالهم وصفاتهم مخلوقة، ولا يكون للعبد المحدث المخلوق صفة قديمة غير مخلوقة، ولا يقول هذا من يتصور ما يقول، فإذا حصل الاستفسار والتفصيل ظهر الهدى وبان السبيل" اهـ من مجموع الفتاوى (7/664).
    وأقول: وأمّا الأشاعرة فهم مِن المثبتين للقدر، فيثبتون عموم المشيئة والقدرة وعموم الخلق، فهم في هذا موافقون لأهل السُّنة؛ فعندهم أفعال العباد وصفاتهم مخلوقة لله تعالى، فإذا قال بعضهم: الإيمان مخلوق فالأظهر أنّهم يريدون ما يقوم بالعبد من ذلك، ولكن يرد عليهم ما في هذا اللفظ من الإجمال، فلابد من الاستفصال ممن أطلق ذلك كما تقدم، وبالاستفصال يتّضح الأمر ويزول الإشكال، وعليه فقول ابن عاشور "إنّ الهدى يكون بخلق الإيمان في القلوب": قول مستقيم، بقطع النّظر عن مذهبه الذي ينتسب إليه، والله أعلم. وصلّى الله وسلّم على محمد.
    قال ذلك:
    عبدالرّحمن بن ناصر البرّاك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل الإيمان مخلوق

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: (ولا تقل إيماننا مخلوق ولا قديم) وهذا بحث أحدثه المتكلمون، ولم يكن في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في عهد الصحابة، وهو: هل الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ وقد سبق لنا بحث أهم منه وأكثر وقوعاً وهو الاستثناء في الإيمان.
    أما هل الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟ فهذا محدث؛ حدث بعد أن حدث القول بخلق القرآن، فصار المتكلمون يتحدثون ويتساءلون: هل إيمان العبد مخلوق أو غير مخلوق؟ فإن قيل: مخلوق فهو خطأ، وإن قيل: غير مخلوق فهو خطأ.
    ولهذا قال المؤلف رحمه الله هنا: (لا تقل إيماننا مخلوق ولا قديم) وقديم بمعنى غير مخلوق؛ لأن القديم عندهم هو الشيء الأزلي الذي لم يخلق من عدم، يعني لا تقل هذا ولا هذا، بل قل: آمنت بالله، أو أنا مؤمن، سواء كان مخلوقاً أو غير مخلوق.
    ولهذا يقول المؤلف رحمه الله: إن الإيمان يشمل شيئاً محدثاً، والمحدث مخلوق؛ وشيئاً غير محدث، وغير المحدث غير مخلوق، قال: (فإنه يشمل للصلاة) والصلاة فيها قول وفعل، فالأفعال التي في الصلاة كلها مخلوقة؛ لأنها صفة حادث، وصفة الحادث حادث، لذلك قال المؤلف رحمه الله: (ففعلنا نحو الركوع محدث) .
    والأقوال التي في الصلاة منها مخلوق، ومنها غير مخلوق، ففيها قراءة القرآن، والقرآن غير مخلوق وهو من الإيمان، لذلك قال المؤلف: (وكل قرآن قديم فابحثوا) .
    فمعنى كلام المؤلف: لا تقل: إيماني مخلوق، ولا غير مخلوق؛ لأنك ستركع والركوع مخلوق، وستقرأ القرآن، والقرآن غير مخلوق وكل ذلك من الإيمان.
    ولكن القول الراجح في هذه المسألة أن إيماننا كله مخلوق، أما قراءة القرآن فإن القراءة التي هي فعل القارئ مخلوقة، وأما القرآن نفسه فغير مخلوق، لكن القرآن ليس هو إيمان العبد نفسه، وإنما القرآن مما يؤمن به العبد، وهناك فرق بين إيماننا، وما نؤمن به، فكلامنا بالقرآن مخلوق، لكن ما نتكلم به غير مخلوق.
    ولهذا فإننا نقول: إن كلام المؤلف رحمه الله هنا فيه نظر، بل الصواب أن نقول: إيماننا كله مخلوق، والقرآن ليس هو الإيمان ولكن قراءة القرآن هي التي من الإيمان؛ لأن الإيمان عندنا - أهل السنة - قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان.
    وعلى هذا فمن قال: إيماني مخلوق فقد صدق، أما ما آمن به ففيه التفصيل؛ منه ما هو مخلوق، ومنه ما هو غير مخلوق، رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلوق وأنا مؤمن به، والقرآن غير مخلوق وأنا مؤمن به، وكذلك الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ فالملائكة مخلوقون، والكتب غير مخلوقة، والإيمان بالرسل إيمان بمخلوق، واليوم الآخر مخلوق.فصار المؤمن به منه مخلوق ومنه غير مخلوق، أما مجرد إيمان العبد فإنه مخلوق؛ لأنه حادث، فالعبد لم يكن شيئاً مذكورا، ثم كان وأحدث الإيمان، وعلى هذا فالقول الصحيح أنه يجوز أن يقول الإنسان: إيماني مخلوق؛ لأنني مخلوق. العقيدة السفارينية (1/415)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل الإيمان مخلوق

    دين الإسلام والسنة النبوية هل هما مخلوقتان


    السؤال

    هل دين اللَّـه الإسلام مخلوق؟ وهل السنة النبوية الصحيحة مخلوقة؟.


    الإجابــة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فدين الله تعالى إذا أريد به أمره ونهيه فليس بمخلوق، لأن كلام الله تعالى غير مخلوق، وأما الدين الذي هو بمعنى التدين فهو من جملة أفعال العباد وهي مخلوقة، وكذلك السنة النبوية إذا أريد بها الوحي الذي أوحاه الله إلى نبيه من الحكمة فليست بمخلوقة، وأما صدورها عن النبي صلى الله عليه وسلم والاستنان بها فهذا من جملة أفعال العباد وهي مخلوقة، وقريب من هذا قولنا: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأما صوتنا وحركات ألسنتنا بالقرآن وعملنا به فهذا من جملة أفعال العباد، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 45686، 105255، 3988، 130498.
    ومما يدل على أن التدين وقبول العبد لدين الله وميله إليه من خلق الله، قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ {الروم: 30}.
    قال ابن حزم في الفصل عن هذه الآية: وهذا برهان جلي على أن الدين مخلوق لله عز وجل .. اهـ.
    وبوَّب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ في صحيحه: باب: لا تبديل لخلق الله ـ لدين الله .. اهـ.
    ومن هذا الاستعمال للدين والإسلام بمعنى التدين وإسلام الوجه لله تعالى، سواء أكان الإسلام بمعنى الاعتقاد أو بمعنى الانقياد، قول الرازي في تفسيره: احتج أصحابنا في مسألة خلق الأعمال بقوله: ربنا واجعلنا مسلمين لك ـ فإن الإسلام إما أن يكون المراد منه الدين والاعتقاد، أو الاستسلام والانقياد، وكيف كان فقد رغبا في أن يجعلهما بهذه الصفة: وجعلهما بهذه الصفة لا معنى له إلا خلق ذلك فيهما ... فدل هذا على أن الإسلام مخلوق لله تعالى. اهـ.
    والمقصود أنه لا بد من التفريق بين الشرع والقدر، أو بين الخلق والأمر، وهما لله تعالى، كما قال عز وجل: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ { الأعراف: 54}.
    قال ابن القيم في إعلام الموقعين: هذا شرع الرب تعالى وذلك قدره، وهما خلقه وأمره، والله له الخلق والأمر، ولا تبديل لخلق الله، ولا تغيير لحكمه، فكما لا يخالف سبحانه بالأسباب القدرية أحكامها، بل يجريها على أسبابها وما خلقت له، فهكذا الأسباب الشرعية لا يخرجها عن سببها وما شرعت له، بل هذه سنته شرعا وأمرا، وتلك سنته قضاء وقدرا، وسنته الأمرية قد تبدل وتتغير كما يعصى أمره ويخالف، وأما سنته القدرية فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، كما لا يعصى أمره الكوني القدري. اهـ.
    والله أعلم. - المصدر الاسلام سؤال وجواب

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: هل الإيمان مخلوق

    القضاء والقدر.. المخلوق وغير المخلوق السؤال

    هل القضاء والقدر مخلوقان؟


    الإجابــة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فينبغي قبل الجواب أن نفرق بين القضاء والمقضِيّ، وبين القدر والمقدَّر! فالقضاء والقدر من جملة صفات الله تعالى وأفعاله: كعلمه وقدرته ومشيئته، وخلقه لمخلوقاته على ما سبق به علمه. وهذا ليس مخلوقا قطعا.
    وأما القضاء والقدر بمعنى المقضي والمقدر، فهما من جملة مخلوقات الله تعالى، ولذلك يؤمن أهل السنة بأن أفعال العباد مخلوقة.
    والأصل الجامع في هذا أن نقول كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كل ما سوى الله فهو مخلوق، وكلامه وصفاته ليست خارجة عن مسماه. اهـ.
    يعني أن كلام الله وصفاته ليست مخلوقة.
    وبهذا التفريق يتضح الجواب على السؤال، فالقضاء والقدر ليسا مخلوقين، وأما المقضي والمقدر فهما مخلوقان.
    قال شيخ الإسلام: أمره وقدره الذي هو صفته - كمشيئته وكلامه- غير مخلوق. فأما أمره الذي هو قدر مقدور، فمخلوق، فالمقدور مخلوق، والمأمور به مخلوق، وإن سُمِّيَا أمرا وقدرا. اهـ.
    وقال أيضا: ومنهم من يقول: بل أفعال العباد كلها غير مخلوقة أو قديمة؛ ويقول ليس مرادي بالأفعال الحركات؛ بل مرادي الثواب الذي يجيء يوم القيامة! ويحتج هذا بأن: القدر غير مخلوق، والشرع غير مخلوق. ويجعل أفعال العباد هي: القدر والشرع!! ولا يفرق بين القدر والمقدور، والشرع والمشروع؛ فإن الشرع الذي هو أمر الله ونهيه غير مخلوق، وأما الأفعال المأمور بها والمنهي عنها، فلا ريب أنها مخلوقة؛ وكذلك القدر الذي هو علمه ومشيئته وكلامه، غير مخلوق، وأما المقدرات: الآجال والأرزاق والأعمال فكلها مخلوقة. اهـ.
    وانظر للفائدة، الفتوى رقم: 20434.
    والله أعلم. - المصدر الاسلام سؤال وجواب

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: هل الإيمان مخلوق


    تفسير الطبري

    حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ابن جريج, قال: قال مجاهد, في قوله
    ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) قال: الكفر والإيمان, والشقاوة والسعادة, و الهدى والضلالة, والليل والنهار, والسماء والأرض, والإنس والجنّ .

    لعله يقصد فعل العبد ؟


  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: هل الإيمان مخلوق

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيبوني مشاهدة المشاركة

    تفسير الطبري

    حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال: ثنا ابن علية, قال: ثنا ابن جريج, قال: قال مجاهد, في قوله
    ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ) قال: الكفر والإيمان, والشقاوة والسعادة,و الهدى و الضلالة, والليل والنهار, والسماء والأرض, والإنس والجنّ .

    لعله يقصد فعل العبد ؟

    نعم بارك الله فيك -
    الكفر فعل العبد والايمان فعل العبد
    فطائفة من أهل العلم والسنة -كالبخاري صاحب الصحيح، ومحمد بن نصر المروزي، وغيرهما- قالوا: الإيمان مخلوق؛ وليس مرادهم شيئًا من صفات الله، وإنما مرادهم بذلك أفعال العباد، وقد اتفق أئمة المسلمين على أن أفعال العباد مخلوقة.
    فاللفظ المجمل الذي لم يرد به الكتاب والسنة، لا يطلق في النفي والإثبات حتى يبين المراد به، كما إذا قال القائل: الرب متحيز، أو غير متحيز، أو هو في جهة، أو هو في غير جهة، قيل: هذا ألفاظ مجملة، لم يرد بها الكتاب والسنة لا نفيًا ولا إثباتًا، ولا نطق أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان بإثباتها ولا نفيها،
    وكذلك إذا قال: الإيمان مخلوق أو غير مخلوق؟
    قيل له: ما تريد "بالإيمان"؟

    أتريد به شيئًا من صفات الله وكلامه، كقوله: لا إله إلا الله، و"إيمانه" الذي دل عليه اسمه المؤمن؟ فهو غير مخلوق.

    أو تريد شيئًا من أفعال العباد وصفاتهم؟ فالعباد كلهم مخلوقون، وجميع أفعالهم وصفاتهم مخلوقة، ولا يكون للعبد المحدث المخلوق صفة قديمة غير مخلوقة، ولا يقول هذا من يتصور ما يقول.

    فإذا حصل الاستفسار والتفصيل، ظهر الهدى، وبان السبيل
    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
    و المقصود هنا أنه نشأ بين أهل السنة والحديث النزاع فى مسألتى القرآن والايمان بسبب ألفاظ مجملة ومعانى متشابهة
    وطائفة من أهل العلم والسنة كالبخارى صاحب الصحيح ومحمد بن نصر المروزى وغيرهما
    قالوا الإيمان مخلوق وليس مرادهم شيئا من صفات الله
    وإنما مرادهم بذلك افعال العباد
    وقد اتفق أئمة المسلمين على أن أفعال العباد مخلوقة وقال يحيى بن سعيد القطان ما زلت أسمع اصحابنا يقولون أفعال العباد مخلوقة
    وصار بعض الناس يظن أن البخارى وهؤلاء خالفوا أحمد بن حنبل وغيره من ائمة السنة وجرت للبخارى محنة بسبب ذلك حتى زعم بعض الكذابين أن البخارى لما مات أمر أحمد بن حنبل أن لا يصلي عليه وهذا كذب ظاهر فان ابا عبدالله البخارى رحمه الله مات بعد أحمد بن حنبل بنحو خمس عشرة سنة فان أحمد بن حنبل رضي الله عنه توفى سنة احدى وأربعين ومائتين وتوفى البخارى سنة ست وخمسين ومائتين وكان أحمد بن حنبل يحب البخارى ويجله ويعظمه وأما تعظيم البخارى وأمثاله للامام احمد فهو أمر مشهور ولما صنف البخارى كتابه فى خلق أفعال العباد وذكر فى آخر الكتاب أبوابا فى هذا المعنى ذكر أن كلا من الطائفتين القائلين بأن لفظنا بالقرآن مخلوق والقائلين بأنه غير مخلوق ينسبون إلى الإمام أحمد بن حنب

    ويدعون أنهم على قوله وكلا الطائفتين لم تفهم دقة كلام أحمد رضي الله عنه
    وطائفة أخرى كأبى الحسن الأشعرى والقاضي أبى بكر بن الطيب والقاضى أبى يعلى وغيرهم ممن يقولون انهم على اعتقاد أحمد بن حنبل وأئمة أهل السنة والحديث قالوا أحمد وغيره كرهوا أن يقال لفظى بالقرآن فان اللفظ هو الطرح والنبذ وطائفة أخرى كأبي محمد بن حزم وغيره ممن يقول أيضا أنه متبع لأحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة الى غير هؤلاء ممن ينتسب الى السنة ومذهب الحديث يقولون أنهم على اعتقاد أحمد بن حنبل ونحوه من أهل السنة وهم لم يعرفوا حقيقة ما كان يقوله أئمة السنة كأحمد بن حنبل وأمثاله وقد بسطنا أقوال السلف والأئمة أحمد بن حنبل وغيره فى غير هذا الموضع
    وأما البخارى وأمثاله فان هؤلاء من أعرف الناس بقول أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة وقد رأيت طائفة تنتسب إلى السنة والحديث كأبي نصر السجزي وأمثاله ممن يردون على أبى عبدالله البخارى يقولون أن أحمد بن حنبل كان يقول لفظى بالقرآن غير مخلوق وذكروا روايات كاذبة لا ريب فيها والمتواتر عن أحمد بن حنبل من رواية بنيه صالح وعبدالله وحنبل والمروذي وقوزان ومن لا يحصي عددهم إلا الله تبين أن أحمد كان ينكر على هؤلاء وهؤلاء وقد صنف أبو بكر المروذي فى ذلك مصنفا ذكر فيه قول
    أحمد بن حنبل وغيره من أئمة العلم وقد ذكر الخلال فى كتاب السنة وذكر بعضه أبو عبدالله بن بطة فى كتاب الابانة وقد ذكر كثير من ذلك أبو عبدالله بن منده فيما صنفه فى مسألة اللفظ
    وقال أبو محمد بن قتيبة الدينوري لم يختلف أهل الحديث فى شيء من اعتقادهم الا فى مسألة اللفظ ثم ذكر إبن قتيبة أن اللفظ يراد به مصدر لفظ يلفظ لفظا ويراد به نفس الكلام الذي هو فعل العبد وصوته وهو مخلوق واما نفس كلام الله الذي يتكلم به العباد فليس مخلوقا وكذلك مسألة الإيمان لم يقل قط أحمد بن حنبل أن الايمان غير مخلوق ولا قال أحمد ولا غيره من السلف أن القرآن قديم وانما قالوا القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ولا قال أحمد بن حنبل ولا أحد من السلف أن شيئا من صفات العبد وأفعاله غير مخلوقة ولا صوته بالقرآن ولا لفظه بالقرآن ولا ايمانه ولا صلاته ولا شيء من ذلك
    لكن المتأخرون انقسموا فى هذا الباب انقساما كثيرا
    فالذين كانوا يقولون لفظنا بالقرآن غير مخلوق منهم من أطلق القول بأن الايمان غير مخلوق
    ومنهم من يقول قديم فى هذا وهذا
    ومنهم من يفرق بين الأقوال الإيمانية والأفعال
    فيقولون الأقوال غير مخلوقة وقديمة وأفعال الايمان مخلوقة
    ومنهم من يقول فى أفعال الايمان أن المحرم منها مخلوق
    وأما الطاعات كالصلاة وغيرها
    فمنهم من يقول هي غير مخلوقة ومنهم من يمسك فلا يقول هى
    مخلوقة ولا غير مخلوقة
    ومنهم من يمسك عن الأفعال المحرمة
    ومنهم من يقول بل أفعال العباد كلها غير مخلوقة أو قديمة
    ويقول ليس مرادى بالافعال الحركات بل مرادى الثواب الذي يجيء يوم القيامة
    ويحتج هذا بأن القدر غير مخلوق والشرع غير مخلوق ويجعل أفعال العباد هى القدر والشرع
    ولا يفرق بين القدر والمقدور والشرع والمشروع
    فان الشرع الذي هو أمر الله ونهيه غير مخلوق
    وأما الأفعال المأمور بها والمنهى عنها فلا ريب أنها مخلوقة
    وكذلك القدر الذي هو علمه ومشيئته وكلامه غير مخلوق
    وأما المقدرات الآجال والأرزاق والأعمال فكلها مخلوقة
    وقد بسط الكلام على هذه الأقوال وقائليها فى غير هذا الموضع
    الكتاب : مجموع الفتاوى
    المؤلف : أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •