تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1234567 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 133

الموضوع: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (60)


    "النوم عن الصلاة أو نسيانها"

    من نام عن صلاة أو نسيها، فوقتها حين يذكرها؛ لحديث أبي قتادة، قال: ذكروا للنبي نومهم عن الصلاة، فقال: " إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة، أو نام عنها، فليصلّها إذا ذكرها "(1). رواه النسائي، والترمذي وصححه.
    وعن أَنَس، أن النبى قال: "من نسي صلاة، فليصلّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"(2). رواه البخاري، ومسلم.
    وعن عمران بن الحصين، قال: سرينا مع رسول اللّه ، فلما كان من آخر الليل عَرسنا، فلم نستيقظ، حتى أيقظنا حر الشمس، فجعل الرجل منا يقوم دهَشاً إلى طهوره. قال: فأمرهم النبي أن يسكنوا، ثم ارتحلنا فسرنا، حتى إذا ارتفعت الشمس، توضأ، ثم أمر بلال، فأذّن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام فصلينا، فقالوا: يارسول اللّه، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال: " أينهاكم ربكم - تعالى - عن الربا، ويقبله منكم "(3). رواه أحمد، وغيره.

    "الأوقات المنهي عن الصلاة فيها"

    ورد النهي عن صلاة بعد صلاة الصبح، حتى تطلع الشمس، وعند طلوعها، حتى ترتفع قدر رمح، وعند استوائها، حتى تميل إلى الغروب، وبعد صلاة العصر، حتى تغرب، فعن أبي سعيد، أن النبي قال: " لا صلاة بعد صلاة العصر، حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر، حتى تطلع الشمس " (4). رواه البخاري، ومسلم.
    وعن عَمرو بن عبسَة، قال: قلتُ: يا نبي اللّه، أخبرني عن الصلاة ؟ قال: " صلِّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة (5)، حتى تطلع الشمس وترتفع؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار، ثم صلّ؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظلّ بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة؛ فإن (6) حينئذ تسجر جهنم (7)، فإذا أقبل الفيء، فصل؛ فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة، حتى تغرب؛ فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار " (8). رواه أحمد، ومسلم.
    وعن عقبة بن عامر، قال: ثلاث ساعات، نهانا رسول اللّه أن نصلي فيهنّ، وأن نقبرّ فيهنَّ موتانا (9)؛ حين تطلع الشمس بازغة (10)، حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وحين تضيّف للغروب، حتى تغرب (11). رواه الجماعة، إلا البخاري.

    ______________

    - (1) النسائي: كتاب المواقيت - باب فيمن نام عن صلاة (1 / 293)، برقم (615)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في النوم عن الصلاة (1 / 334)، برقم (177)، ومسند أحمد (5 / 305).

    - (2) البخاري: كتاب الصلاة - باب من نسي صلاة، فليصلها إذا ذكرها، ولا يعيد إلا تلك الصلاة (1 / 154، 155)، ومسلم: كتاب المساجد - باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها (1 / 477) حديث رقم (314).

    - (3) الفتح الرباني (2 / 302، 303) برقم (207).

    - (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس (1 / 152) ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1 / 567) الحديث رقم (288).

    - (5) "أقصر": كف. و"تطلع بين قرني شيطان" قال النووي: يدني رأسه إلى الشمس في هذه الأوقات؛ ليكون الساجدون لها من الكفار، كالساجدين له في الصورة، وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط ظاهر، وتمكن من أن يلبسوا على المصلين صلاتهم، فكرهت الصلاة حينئذ؛ صيانة لها،كما كرهت في الأماكن التي هي مأوى الشياطين و"مشهودة محضورة": تشهدها الملائكة ويحضرونها. و"يستقل الظل بالرمح": المراد به، أن يكون الظل في جانب الرمح، فلا يبقى على الأرض منه بشيء، وهذا يكون حين الاستواء.

    - (6) "فإن" وفي رواية "فإنه".

    - (7) "تسجر جهنم": أي؛ يوقد عليها.

    - (8) الفتح الرباني، برقم (178)، (2 / 287)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب إسلام عمرو بن عبسة (1 / 570)، برقم (294).

    - (9) النهي عن الدفن في هذه الأوقات معناه: تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات، فأما إذا وقع الدفن، بلا تعمد في هذه الأوقات، فلا يكره.

    - (10) "بازغة" ظاهرة، و"تضيف" تميل.

    - (11) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها (1 / 568، 569) برقم (831)، وأبو داود: كتاب الجنائز - باب الدفن عند طلوع الشمس، وعند غروبها (3 / 531، 532)، برقم (3192)، والترمذي: كتاب الجنائز - باب ما جاء في كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس، وعند غروبها (3 / 340)، برقم (1030)، والنسائي: كتاب الجنائز - باب الساعات التي نهي عن إقبار الموتى فيهن (4 / 82)، برقم (2013)، وابن ماجه: كتاب الجنائز - باب ما جاء في الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت، ولا يدفن، برقم (1519 )، (1 / 486، 487).


    وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نستكمل ابتداءً من:

    "رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر"
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد


    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (61)

    "رأي الفقهاء في الصلاة بعد الصبح والعصر"


    يري جمهور العلماء جواز قضاء الفوائت، بعد صلاة الصبح والعصر؛ لقول رسول اللّه : " من نسي صلاة، فليصلّها إذا ذكرها ". رواه البخاري، ومسلم.
    وأما صلاة النافلة، فقد كرهها من الصحابة؛ علي، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبو هريرة، وابن عمر، وكان عمر يضرب على الركعتين بعد العصر، بمحضر من الصحابة، من غير نكير، كما كان خالد بن الوليد يفعل ذلك. وكرهها من التابعين؛ الحسن، وسعيد بن المسيب، ومن أئمة المذاهب؛ أبو حنيفة، ومالك. وذهب الشافعي إلى جواز صلاة ما له سبب (1)، كتحية المسجد، وسنة الوضوء في هذين الوقتين؛ استدلالاً بصلاة رسول اللّه سنة الظهر بعد صلاة العصر، والحنابلة ذهبوا إلى حرمة التطوع، ولو له سبب في هذين الوقتين، إلا ركعتي الطواف؛ لحديث جبير بن مطعم، أن النبي قال: " يابني عبد مناف، لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت، وصلى أيّة ساعة شاء؛ من ليل، أو نهار " (2). رواه أصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة، والترمذي.


    "رأيهم في الصلاة عند طلوع الشمس ،وغروبها ، واستوائها"

    - يرى الحنفية عدم صحة الصلاة مطلقاً في هذه الأوقات؛ سواء كانت الصلاة مفروضة، أو واجبة، أو نافلة، قضاء أو أداء، واستثنوا عصر اليوم، وصلاة الجنازة - إن حضرت في أي وقت من هذه الأوقات، فإنها تصلى فيها، بلا كراهة - وكذا سجدة التلاوة، إذا تليت آياتها في هذه الأوقات، واستثنى أبو يوسف التطوع يوم الجمعة وقت الاستواء.
    - ويرى الشافعية كراهة النفل، الذي لا سبب له في هذه الأوقات.
    أما الفرض مطلقاً، والنفل الذي له سبب، والنفل وقت الاستواء يوم الجمعة، والنفل في الحرم المكي، فهذا كله مباح، لا كراهة فيه.
    - والمالكية يرون في وقت الطلوع والغروب حرمة النوافل، ولو لها سبب، والمنذورة، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة، إلا إذا خيف عليها التغير، فتجوز، وأباحوا الفرائض العينية، أداء وقضاء، في هذين الوقتين، كما أباحوا الصلاة مطلقاً، فرضاً أو نفلاً، وقت الاستواء. قال الباجي في " شرح الموطأ ": وفي " المبسوط " عن ابن وهب، سئل مالك عن الصلاة نصف النهار؟ فقال: أدركت الناس، وهم يصلون يوم الجمعة، نصف النهار، وقد جاء في بعض الأحاديث نهي عن ذلك، فأنا لا أنهى عنه؛ للذي أدركت الناس عليه، ولا أحبه؛ للنهي عنه.
    - وأما الحنابلة، فقد ذهبوا إلى عدم انعقاد النفل مطلقاً، في هذه الأوقات الثلاثة؛ سواء كان له سبب، أو لا، وسواء كان بمكة، أو غيرها، وسواء كان يوم جمعة، أو غيره، إلا تحية المسجد يوم الجمعة، فإنهم جوزوا فعلها، بدون كراهة وقت الاستواء، وأثناء الخطبة. وتحرم عندهم صلاة الجنازة في هذه الأوقات، إلا إن خيف عليها التغير، فتجوز، بلا كراهة، وأباحوا قضاء الفوائت، والصلاة المنذورة، وركعتي الطواف، ولو نفلاً في هذه الأوقات الثلاثة (3).


    "التطوع بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح"

    عن يسار مولى ابن عمر، قال: رآني ابن عمر، وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر، فقال: إن رسول اللّه خرج علينا، ونحن نصلي هذه الساعة، فقال: " ليبلغ شاهدكم غائبكم، ألا صلاة بعد الصبح، إلا ركعتين " (4). رواه أحمد، وأبو داود.
    والحديث، وإن كان ضعيفاً، إلا أن له طرقاً يقوّي بعضها بعضاً، فتنهض للاحتجاج بها على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر، بأكثر من ركعتي الفجر. أفاده الشوكاني. وذهب الحسن، والشافعي، وابن حزم، إلى جواز التنفل مطلقاً، بلا كراهة، وقصر مالك الجواز، لمن فاتته صلاة الليل لعذر، وذكر أنه بلغه، أن عبد اللّه بن عباس، والقاسم ابن محمد، وعبد اللّه بن عامر بن ربيعة، أوتروا بعد الفجر، وأن عبد اللّه بن مسعود قال: ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح، وأنا أوتر.
    وعن يحيى بن سعيد، أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوماً، فخرج يوماً إلى الصبح، فأقام المؤذن صلاة الصبح، فأسكته عبادة، حتى أوتر، ثم صلى بهم الصبح.
    عن سعيد بن جبير، أن ابن عباس رقد، ثم استيقظ، ثم قال لخادمه: انظر ما صنع الناس. وهو يومئذ قد ذهب بصره، فذهب الخادم، ثم رجع، فقال: قد انصرف الناس من الصبح. فقام ابن عباس، فأوترَ، ثم صلى الصبح.


    "التطوع أثناء الإقامة"

    إذا أقيمت الصلاة، كره الاشتغال بالتطوع؛ فعن أبي هريرة، أن النبي قال: " إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة ". وفي رواية: " إلا التي أقيمت " (5). رواه أحمد، ومسلم، وأصحاب السنن.
    وعن عبد اللّه بن سرجس، قال: دخل رجل المسجد، ورسول اللّه في صلاة الغداة (6)، فصلى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول اللّه ، فلما سلم رسول اللّه قال: " يا فلان، بأي الصلاتين اعتددت، بصلاتك وحدك، أم بصلاتك معنا؟ " (7). رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
    وفي إنكار الرسول ، مع عدم أمره بإعادة ما صلى، دليل على صحة الصلاة، وإن كانت مكروهة. وعن ابن عباس، قال: كنت أصلي، وأخذ المؤذّن في الإقامة، فجذبني نبي اللّه ، وقال: " أتصلي الصبح أربعاً؟ " (8). رواه البيهقي، والطبراني، وأبو داود الطيالسي، وأبو يعلى، والحاكم، وقال: إنه على شرط الشيخين.
    وعن أبي موسى الأشعري - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه رأى رجلاً يصلي ركعتي الغداة، حين أخذ المؤذن يؤذن، فغمز منكبه، وقال: " ألا كان هذا قبل هذا؟ " (9). رواه الطبراني، قال العراقي: إسناده جيد.

    ______________

    - (1) هذا أقرب المذاهب إلى الحق.

    - (2) الترمذي: كتاب الحج - باب ما جاء في الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، (3 / 211)، والنسائي: كتاب المناسك - باب إباحة الطواف في كل الأوقات (5 / 223)، برقم (2924)، وكتاب المواقيت - باب إباحة الصلاة بمكة (1 / 284)، برقم (585)، وابن ماجه: كتاب الإقامة - باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت حديث (1254)، (1 / 398)، ومسند أحمد (4 / 80)، وصحيح ابن خزيمة، برقم (2747)، والمستدرك (1 / 448)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، والبيهقي (5 / 92).


    - (3) ذكرنا آراء الأئمة هنا؛ لقوة دليل كل.

    - (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب من رخص فيهما، إذا كانت الشمس طالعة (2 / 58)، برقم (1278)، ومسند أحمد (2 / 104).

    - (5) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1 / 493)، رقم (63، 64) وترجم به البخارى في:كتاب الصلاة، بقوله - باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة (1 / 364)، حديث رقم (1151)، ومسند أحمد (2 / 517).

    - (6) "في صلاة الغداة" أي؛ الصبح.

    - (7) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1 / 494)، برقم (67)، وابن ماجه: كتاب الإقامة - باب ما جاء في إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة (1 / 364)، برقم (1152)، والنسائي: كتاب الإمامة - باب فيمن يصلي ركعتي الفجر، والإمام في الصلاة (2 / 117)، برقم (868)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب إذا أدرك الإمام، ولم يصل ركعتي الفجر (2 / 49، 50)، برقم (1265).

    - (8) في "الزوائد": رواه الطبراني في: الكبير، والبزار بنحوه، وأبو يعلى، ورجاله ثقات. مجمع الزوائد (2 / 78)، وكشف الأستار (1 / 251)، برقم (518)، والبيهقي (2 / 482)، ومستدرك الحاكم (1 / 307)، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

    - (9) في "الزوائد": رواه الطبراني في: الكبير والأوسط، ورجاله موثقون (2 / 78).


    وبالمرة القادمة إن شاء الله تعالى نبدأ من:

    "الأذان"
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (62)


    "الأذان"

    هو الإعلام بدخول وقت الصلاة، بألفاظ مخصوصة، ويحصل به الدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام، وهو واجب، أو مندوب؛ قال القرطبي، وغيره:
    الأذان - على قلة ألفاظه - مشتمل على مسائل العقيدة؛ لأنه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمن وجود اللّه وكماله، ثم ثنى بالتوحيد، ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد ، ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة، عقب الشهادة بالرسالة؛ لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول ، ثم دعا إلى الفلاح، وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيدًا.

    "فَضْلُه"

    ورد في فضل الأذان والمؤذنين أحاديث كثيرة، نذكر بعضها فيما يلي:
    1- عن أبي هريرة، أن رسول اللّه قال: "لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول(1)، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه، لاسْتَهَموا، ولو يعلمون ما في التهجير، لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما، ولو حَبواً"(2). رواه البخاري، وغيره.
    2- وعن معاوية، أن النبي قال: "إن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة"(3). رواه أحمد، ومسلم، وابن ماجه.
    3- وعن البراء بن عازب، أن نبي اللّه قال: "إن اللّه وملائكته يصلون على الصف المقدَّم، والمؤذن يغفر له مدَّ صوته، ويصدقه مَنْ سمعه؛ من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه"(4). قال المنذري: رواه أحمد، والنسائي بإسناد حسن جيد.
    4- وعن أبي الدَّرداء، قال: سمعت رسول اللّه يقول: "ما من ثلاثة لا يؤذنون، ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ عليهم الشيطان"(5). رواه أحمد.
    5- وعن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه : "الإمام ضامن، والمؤذنُ مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين"(6).
    6- وعن عقبة بن عامر، قال: سمعت النبي يقول: "يعجب ربك - عز وجل - من راعي غنم، في شظية(7) بجبل، يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول اللّه، عز وجل: انظروا لعبدي هذا، يؤذن، ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي، وأدخلته الجنة"(8). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.

    _________________

    - (1) أي: لو يعلم ما في الأذان والصف الأول من الفضيلة، وعظيم المثوبة، لحكموا القرعة بينهم؛ لكثرة الراغبين فيها و"التهجير" التبكير إلى صلاة الظهر. و"العتمة" صلاة العشاء. و"حبواً" من حبا الصبي: إذا مشى على أربع.

    - (2) البخاري: كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان (1 / 159، 160)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب تسوية الصفوف وإقامتها، وفضل الأول فالأول منها... (1 / 325)، الحديث رقم (129).

    - (3) مسلم: كتاب الصلاة - باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه (1 / 290)، برقم (14)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب فضل الأذان وثواب المؤذنين (1 / 240)، برقم (725)، والفتح الرباني (3 / 9)، برقم (235).

    - (4) النسائي: كتاب الأذان - باب رفع الصوت بالأذان (2 / 13)، برقم (646)، وجمع الجوامع، برقم (5091)، ومسند أحمد (4 / 284)، ورواه الطبراني في: الأوسط عن أبي أمامة.

    - (5) مسند أحمد (6 / 446).

    - (6) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء أن الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن (1 / 402)، الحديث رقم (207)، وصححه الشيخ شاكر، ومسند أحمد (2 / 377، 378، 514).

    - (7) "الشظية": القطعة تنقطع من الجبل، ولا تنفصل عنه.

    - (8) مسند أحمد (4 / 157)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب الأذان في السفر (2 / 9)، رقم (1203)، والنسائي: كتاب الأذان - باب الأذان لمن يصلي وحده (2 / 20)، رقم (661).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (63)

    "سببُ مشروعيَّتِه"

    شرع الأذان في السنة الأولى من الهجرة، وكان سبب مشروعيته؛ لما بينته الأحاديث الآتية:
    1- عن نافع، أن ابن عمر كان يقول: كان المسلمون يجتمعون، فيتحينون الصلاة(1)، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً، مثل ناقوس النصارى. وقال بعضهم: بل قرناً، مثل قرن اليهود. فقال عمر: أولا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة. فقال رسول اللّه : "يا بلال، قم فناد بالصلاة"(2). رواه أحمد، والبخاري.

    2- وعن عبد اللّه بن زيد بن عبد ربه، قال: لما أمر رسول اللّه بالناقوس؛ ليضرب به الناس في الجمع للصلاة وفي رواية، وهو كاره؛ لموافقته للنصارى طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت له: يا عبد اللّه، أتبيع الناقوس؟ قال: ماذا تصنع به ؟ قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له: بلى. قال: تقول: اللّه أكبر اللّه أكبر، اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، اللّه، أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه. ثم استأخر غير بعيد، ثم قال: تقول إذا أقيمت الصلاة: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه. فلما أصبحت، أتيت رسول اللّه ، فأخبرته بما رأيت، فقال: "إنها لرؤيا حق، إن شاء اللّه، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت، فليؤذن به؛ فإنه أندى(3) صوتاً منك". قال: فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، قال: فسمع بذلك عمر، وهو في بيته، فخرج يجر رداءه، يقول: والذي بعثك بالحق، لقد رأيت مثل الذي رأى. قال: فقال النبي : "فلله الحمد"(4). رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، والترمذي، وقال: حسن صحيح.

    "كيفيتُه"

    ورد الأذان بكيفيات ثلاث، نذكرها فيما يلي:

    أولاً: تربيع التكبير الأول، وتثْنية باقي الأذان، بلا ترجيع، ما عدا كلمة التوحيد، فيكون عدد كلماته خمس عشرة كلمة؛ لحديث عبد اللّه بن زيد المتقدم.

    ثانياً: تربيع التكبير، وترجيع كل من الشهادتين، بمعنى أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه. يخفض بها صوته، ثم يعيدها مع الصوت؛ فعن أبي محذورة، أن النبي علمه الأذان تسع عشرة كلمة(5). رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

    ثالثاً: تثنية التكبير، مع ترجيع الشهادتين، فيكون عدد كلماته سبع عشرة كلمة؛ لما رواه مسلم، عن أبي محذورة، أن رسول اللّه علّمه هذا الأذان: "اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه. ثم يعود، فيقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه مرتين أشهد أن محمداً رسول اللّه مرتين حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه "(6).

    ______________

    - (1) "يتحينون" أي؛ يقدرون أحيانها؛ ليأتوا إليها.

    - (2) البخاري: كتاب الأذان - باب بدء الأذان (1 / 57)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب بدء الأذان (1 / 285)، الحديث رقم (1).

    - (3) "أندى صوتاً منك". أي؛ أرفع أو أحسن. فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه. وعن أبي محذورة، أن النبي أعجبه، فعلمه الأذان. رواه ابن خزيمة.

    - (4) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في بدء الأذان (1 / 358)، برقم (189)، ومسند أحمد (4 / 43)، وابن ماجه: كتاب الأذان والسنة (1 / 232) - باب بدء الأذان، برقم (706)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 337 - 340)، برقم (499)، وصحيح ابن خزيمة، حديث رقم (370، 371).

    - (5) مسلم: كتاب الصلاة - باب صفة الأذان (1 / 287)، برقم (6)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 342 )، برقم (502)، والنسائي: كتاب الأذان - باب كم الأذان من كلمة (2 / 4)، برقم (630)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الترجيع في الأذان (1 / 367)، برقم (192)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب الترجيع في الأذان (1 / 235)، برقم (709)، ومسند أحمد (3 / 409).

    - (6) مسلم: كتاب الصلاة - باب صفة الأذان (1 / 287)، الحديث رقم (6)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 118).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد


    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (64)

    "التثوِيبُ"

    ويشرع للمؤذن التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح - بعد الحيْعَلَتين -: الصلاة خير من النوم. قال أبو محذورة: يا رسول اللّه، علمني سنة الأذان ؟ فعلمه، وقال: "فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خيرٌ من النوم، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه "(1). رواه أحمد، وأبو داود. ولا يشرع لغير الصبح.


    "كيفيةُ الإقامةِ"

    ورد للإقامة كيفيات ثلاث، وهي: أولاً: تربيع التكبير الأول، مع تثنية جميع كلماته، ما عدا الكلمة الأخيرة؛ لحديث أبي محذورة، أن النبي علمه الإقامة سبع عشرة كلمة: "اللّه أكبر أربعاً أشهد أن لا إله إلا اللّه. مرتين أشهد أن محمداً رسول اللّه مرتين حي على الصلاة مرتين حي على الفلاح مرتين قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه"(2). رواه الخمسة، وصحّحه الترمذيُّ.
    ثانياً: تثنية التكبير الأول والأخير، و"قد قامت الصلاة"، وإفراد سائر كلماتها، فيكون عددها إحدى عشرة كلمة. وفي حديث عبد اللّه بن زيد المتقدم: "ثم تقول إذا أقمت: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا إله إلا اللّه".
    ثالثاً: هذه الكيفية كسابقتها، ما عدا كلمة "قد قامت الصلاة" فإنها لا تثنى، بل تقال مرة واحدة، فيكون عددها عشر كلمات، وبهذه الكيفية أخذ مالك؛ لأنها عمل أهل المدينة، إلا أن ابن القيم قال: لم يصح عن رسول اللّه إفراد كلمة "قد قامت الصلاة" ألبتة، وقال ابن عبد البر: هي مثناة على كل حال.



    _________________

    - (1) أبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 340)، برقم (500 )، والفتح الرباني، برقم (251)، (3 / 22، 23).

    - (2) أبو داود: كتاب الصلاة - باب كيف الأذان (1 / 342)، برقم (502)، والنسائي: كتاب الأذان - باب كم الأذان من كلمة (2 / 4)، برقم (630)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الترجيع في الأذان (1 / 367)، برقم (192)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب الترجيع في الأذان (1 / 235)، برقم (709)، ومسند أحمد (3 / 409، 6 / 401).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (65)

    "الذِّكْرُ عنْدَ الأذانِ"

    يستحب لمن يسمع المؤذن، أن يلتزم الذكر الآتي:

    1- يقول مثل ما يقول المؤذن، إلا في الحَيْعَلَتين؛ فإنه يقول عقب كل كلمة: لا حول ولا قوة إلا باللّه؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - أن النبي قال: " إذا سمعتم النداء، فقولوا مثل ما يقول المؤذن"(1). رواه الجماعة. وعن عمر، أن النبي قال: "إذا قال المؤذن: اللّه أكبر اللّه أكبر. فقال أحدكم: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه. قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه. ثم قال: أشهد أن محمداً رسول اللّه. قال: أشهد أن محمداً رسول اللّه. ثم قال: حي على الصلاة. قال: لا حول ولا قوة إلا باللّه. ثم قال: حي على الفلاح. قال: لا حول ولا قوة إلا باللّه. ثم قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثم قال: لا إله إلا اللّه. قال: لا إله إلا اللّه. من قلبه، دخل الجنة"(2). رواه مسلم، وأبو داود.
    قال النووي: قال أصحابنا: وإنما استحب للمتابع، أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين، ليدل على رضاه به، وموافقته على ذلك؛ أما الحيعلة، فدعاء إلى الصلاة، وهذا لا يليق بغير المؤذن، فاستحب للمتابع ذكر آخر، فكان: لا حول ولا قوة إلا باللّه؛ لأنه تفويض محض إلى اللّه تعالى. وثبت في "الصحيحين"، عن أبي موسى الأشعري، أن رسول اللّه قال: "لا حول ولا قوة إلا باللّه، كنز من كنوز الجنة"(3).
    قال أصحابنا: ويستحب متابعته لكل سامع؛ من طاهر ومحدث، وجنب وحائض، وكبير وصغير؛ لأنه ذكر، وكل هؤلاء من أهل الذِّكر، ويستثنى من هذا المصلي، ومن هو على الخلاء، والجماع، فإذا فرغ من الخلاء، تابعه، فإذا سمعه وهو في قراءة، أو ذكر، أو درس، أو نحو ذلك، قطعه، وتابع المؤذِّن، ثم عاد إلى ما كان عليه إن شاء، وإن كان في صلاة فرض أو نفل، قال الشافعي، والأصحاب: لا يتابعه، فإذا فرغ منها قاله. وفي "المغني": إذا دخل المسجد، فسمع المؤذن،استحبّ له انتظاره؛ ليفرغ، ويقول مثل ما يقول،جمعاً بين الفضيلتين،وإن لم يقل كقوله، وافتتح الصلاة، فلا بأس.نص عليه أحمد.

    2- أن يصلي على النبي ، عقب الأذان بإحدى الصيغ الواردة، ثم يسأل اللّه له الوسيلة؛ لما رواه عبد اللّه بن عمرو، أنه سمع رسول اللّه يقول: "إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ؛ فإنه من صلى عليَّ صلاة، صلى اللّه عليه بها عَشراً، ثم سَلوا اللّه لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد اللّه، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل اللّه لي الوسيلة، حَلت له شفاعتي"(4). رواه مسلم.
    وعن جابر، أن النبي قال: "من قال، حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. حَلت له شفاعتي يوم القيامة"(5). رواه البخاري.


    "الدُّعاءُ بعْدَ الأذَانِ"

    الوقت بين الأذان والإقامة، وقت يرجى قبول الدعاء فيه، فيستحب الإكثار فيه من الدعاء؛ فعن أنس، أن النبي قال: "لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة". رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وزاد: قالوا: ماذا نقول، يا رسول اللّه ؟ قال: "سلوا اللّه العفو والعافية، في الدنيا والآخرة"(6). وعن عبد اللّه بن عمرو، أن رجلا ًقال: يا رسول اللّه، إن المؤذنين يفضلوننا. فقال رسول اللّه : "قل كما يقولون، فإذا انتهيت، فسل تعطه"(7). رواه أحمد، وأبو داود.
    وعن سهل بن سعد، قال: قال رسول اللّه : "ثنتان لا تردان - أو قال: ما تردان - الدعاء عند النداء، وعند البأس، حين يلحم بعضهم بعضاً"(8). رواه أبو داود بإسناد صحيح.
    وعن أم سلمة، قالت: علمني رسول اللّه عند أذان المغرب: "اللهم، إن هذا إقبالُ ليلك، وإدبار نهارك، وأصواتُ دعاتك، فاغفر لي"(9).

    ___________________

    - (1) البخاري: كتاب الأذان - باب ما يقول إذا سمع المنادي (1 / 159)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه.. (1 / 288) برقم (10)، والنسائي: كتاب الأذان - باب القول مثل ما يقول المؤذن (2 / 23)، حديث (673)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن (1 / 407)، برقم (208)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب ما يقال إذا أذن المؤذن (1 / 238)، برقم (720)، ومسند أحمد (3 / 6، 78).

    - (2) مسلم: كتاب الصلاة - باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي ، ثم يسأل ا له الوسيلة (1 / 289)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب ما يقول إذا سمع المؤذن (1 / 125).

    - (3) البخاري: كتاب المغازي - باب غزوة خيبر (2 / 170)، ومسلم: كتاب الذكر... - باب استحباب خفض الصوت بالذكر (4 / 2076)، برقم (44، 45، 47).

    - (4) مسلم: كتاب الصلاة - باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي ، ثم يسأل اللّه له الوسيلة (1 / 289)، الحديث رقم (11).

    - (5) البخاري: كتاب الأذان - باب الدعاء عند النداء (1 / 159).

    - (6) أبو داود: كتاب الصلاة - باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة (1 / 358، 359)، برقم (521)، والنسائي فى: اليوم والليلة (1 / 168)، برقم (67)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة (1 / 415، 416)، برقم (212).

    - (7) أبو داود: كتاب الصلاة - باب ما يقول إذا سمع المؤذن (1 / 360)، برقم (524)، والفتح الرباني (3/ 30)، برقم (275).

    - (8) أبو داود: كتاب الجهاد - باب الدعاء عند اللقاء (3 / 45، 46)، برقم (2540)، ومستدرك الحاكم (1 / 198)، وقال: هذا حديث ينفرد به موسى بن يعقوب، وقد يروى عن مالك، عن أبي حازم، وموسى بن يعقوب ممن يوجد عنه التفرد.

    - (9) أبو داود: كتاب الصلاة باب ما يقول عند أذان المغرب (530).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (66)

    "الذِّكرُ عنْدَ الإقامةِ"
    يستحب لمن يسمع الإقامة، أن يقول مثل ما يقول المقيم، إلا عند قوله: قد قامت الصلاة. فإنه يستحب أن يقول: أقامها اللّه وأدامها؛ فعن بعض أصحاب النبي ، أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة. قال النبي : " أقامها اللّه وأدامها"(1). إلا في الحَيْعَلَتين، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا باللّه.


    "ما ينبغي أن يكونَ عليه المؤذنُ"

    يستحب للمؤذن، أن يتصف بالصفات الآتية:
    1- أن يبتغي بأذانه وجه اللّه، فلا يأخذ عليه أجراً؛ فعن عثمان بن أبي العاص، قال: قلت: يارسول اللّه، اجعلني إمام قومي(2). قال: "أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم(3)، واتخذ مؤذِّناً، لا يأخذ على أذانه أجراً "(4). رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي، لكن لفظه: إن آخر ما عهد إلي النبي : " أن اتخذ مؤذناً، لا يتخذ على أذانه أجراً". قال الترمذي، عقب روايته له: حديث حسن، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا أن يأخذ على الأذان أجراً، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه.

    2- أن يكون طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر؛ لحديث المهاجر بن قنفذ - رضي اللّه عنه - أن النبي قال له: "إنه لم يمنعني أن أرد عليه(5)، إلا أني كرهت أن أذكر اللّه، إلا على طهارة"(6). رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة.
    فإن أذن على غير طهر، جاز مع الكراهة، عند الشافعية، ومذهب أحمد، والحنفية، وغيرهم عدم الكراهة.

    3- أن يكون قائماً، مستقبل القبلة؛ قال ابن المنذر: الإجماع على أن القيام في الأذان من السنة؛ لأنه أبلغ في الإسماع، وأن من السنة، أن يستقبل القبلة بالأذان؛ وذلك أن مؤذني رسول اللّه كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة، فإن أخل باستقبال القبلة،كره له ذلك وصح.

    4- أن يلتفت برأسه، وعنقه، وصدره يميناً، عند قوله: حي على الصلاة، حي على الصلاة، ويساراً عند قوله: حي على الفلاح، حي على الفلاح.
    قال النووي، في هذه الكيفية: هي أصح الكيفيات.
    قال أبو جحيفة: وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يميناً وشمالاً، حي على الصلاة، حي على الفلاح. رواه أحمد، والشيخان.
    أما استدارة المؤذن، فقد قال البيهقي: إنها لم ترد من طرق صحيحة، وفي "المغني" عن أحمد: لا يدور، إلا إن كان على منارة، يقصد إسماع أهل الجهتين.

    5- أن يدخل أصبعيه في أذنيه؛ قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني، فأذنت. رواه أبو داود، وابن حبان، وقال الترمذي: استحب أهل العلم أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه، في الأذان.

    6- أن يرفع صوته بالنداء، وإن كان منفردًَا في صحراء؛ فعن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، أن أبا سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - قال: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مَدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول اللّه (7). رواه أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن ماجه.

    7- أن يترسّل في الأذان، أي؛ يتمهل، ويفصل بين كل كلمتين بسكتة، ويحدر الإقامة، أي؛ يسرع فيها. وقد روي ما يدل على استحباب ذلك من عدة طرق.

    8- ألا يتكلم أثناء الإقامة، أما الكلام أثناء الأذان، فقد كرهه طائفة من أهل العلم، ورخص فيه الحسن، وعطاء، وقتادة. وقال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يتكلم في أذانه ؟ فقال: نعم. فقيل: يتكلم في الإقامة ؟ قال: لا. وذلك؛ لأنه يستحب فيها الإسراع.

    _____________

    - (1) أبو داود: كتاب الصلاة- باب ما يقول إذا سمع الإقامة (1 / 362)، برقم (528)، والحديث ضعيف.

    - (2) فيه جواز سؤال الإمامة في الخير.

    - (3) "واقتد بأضعفهم" أي؛ اجعل صلاتك بهم خفيفة، كصلاة أضعفهم.

    - (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب أخذ الأجر على التأذين (1 / 363)، برقم (531)، والنسائي: كتاب الأذان - باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجراً (2 / 23)، برقم (672)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجراً (1 / 409، 410)، برقم (209)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب السنة في الأذان (1 / 236)، برقم (714).

    - (5) "أن أرد عليه" أي؛ أرد عليه السلام.

    - (6) تقدم تخريجه.

    - (7) البخاري: كتاب الأذان - باب رفع الصوت بالنداء (1 / 158)، والنسائي: كتاب الأذان - باب رفع الصوت بالأذان (2 / 12)، برقم (644)، ومسند أحمد (3 / 43)، وموطأ مالك (1 / 89) (ط صبيح).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (67)

    "الأذانُ في أولِ الوقتِ ، وقبله"

    الأذان يكون في أول الوقت، من غير تقديم عليه، ولا تأخير عنه، إلا أذان الفجر؛ فإنه يشرع تقديمه على أول الوقت، إذ أمكن التمييز بين الأذان الأول والثاني، حتى لا يقع الاشتباه؛ فعن عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - أن النبي قال: " إنَّ بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا، حتى يؤذن ابن أم مكتوم(1)"(2). متفق عليه. والحكمة في جواز تقديم أذان الفجر على الوقت، ما بينه الحديث الذي رواه أحمد وغيره، عن ابن مسعود، أنه قال: " لا يمنعن أحدَكم أذانُ بلال مِن سحوره، فإنه يؤذن أو قال: ينادي ليرجع قائمكم، وينَبه نائمكم"(3). ولم يكن بلال يؤذن بغير ألفاظ الأذان. وروى الطحاوي، والنسائي، أنه لم يكن بين أذانه وأذان ابن أم مكتوم، إلا أن يرقى هذا، وينزل هذا (4).


    "الفصل بين الأذانِ ، والإقامةِ"

    يطلب الفصل بين الأذان والإقامة بوقت، يسع التأهب للصلاة وحضورها؛ لأن الأذان إنما شرع لهذا، وإلا ضاعت الفائدة منه. والأحاديث الواردة في هذا المعنى كلها ضعيفة، وقد ترجم البخاري باب كم بين الأذان والإقامة. ولكن لم يثبت التقدير.
    قال ابن بطال: لا حد لذلك، غير تمكن دخول الوقت، واجتماع المصلين. وعن جابر بن سمرة - رضي اللّه عنه - قال: كان مؤذن رسول اللّه يؤذن، ثم يمهل، فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول اللّه قد خرج، أقام الصلاة حين يراه(5). رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.


    ___________________

    - (1)ابن أم مكتوم كان أعمى، ويؤخذ منه جواز أذانه، إذا استطاع معرفة الوقت، كما يجوز أذان الصبي المميز.

    - (2) البخاري: كتاب الأذان - باب أذان الأعمى (1 / 160)، وباب الأذان قبل الفجر (1 / 161)، وكتاب الصوم - باب قول النبي : "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال". (3 / 37) ومسلم: كتاب الصوم - باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر... (2 / 768)، رقم (38).

    - (3) البخاري: كتاب الأذان - باب الأذان قبل الفجر (1 / 160، 161)، ومسلم: كتاب الصيام - باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر (2 / 768، 769)، رقم (39)، ومسند أحمد (1 / 386).

    - (4) البخاري: كتاب الصوم - باب قول النبي : "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال" (3 / 37).

    - (5) مسلم: كتاب المساجد - باب متى يقوم الناس للصلاة (1 / 423)، برقم (160)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في المؤذن ينتظر الإمام (1 / 366)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة (1 / 391)، وقال: حديث جابر بن سمرة هو حديث حسن صحيح، والفتح الرباني (3 / 40)، برقم (291).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (68)

    "مَنْ أذنَ، فهو يقيمُ"

    يجوز أن يقيم المؤذن وغيره، باتفاق العلماء، ولكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة.
    قال الشافعي: وإذا أذن الرجل، أحببت أن يتولى الإقامة.
    وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أنَّ من أذن فهو يقيم.


    "متى يقامُ إلى الصَّلاةِ ؟"

    قال مالك في "الموطأ": لم أسمع في قيام الناس، حين تقام الصلاة، حدّاً محدوداً، إني أرى ذلك على طاقة الناس؛ فإن منهم الثقيل، والخفيف. وروى ابن المنذر، عن أنس، أنه كان يقوم، إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.


    "الخروجُ من المسْجدِ بعْدَ الأذانِ"

    ورد النهي عن ترك إجابة المؤذن، وعن الخروج من المسجد بعد الأذان، إلا بعذر، أو مع العزم على الرجوع؛ فعن أبي هريرة، قال: أمرنا رسول اللّه : "إذا كنتم في المسجد، فنودي بالصلاة، فلا يخرج أحدكم، حتى يصلي"(1). رواه أحمد، وإسناده صحيح. وعن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: خرج رجل من المسجد، بعدما أذن المؤذن، فقال: أما هذا، فقد عصى أبا القاسم (2). رواه مسلم، وأصحاب السنن.
    وعن معاذ الجهني، عن النبي ، أنه قال: "الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق، من سمع منادي اللَّه ينادي، يدعو إلى الفلاح ولا يجيبه"(3). رواه أحمد، والطبراني.
    قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي ، أنهم قالوا: من سمع النداء، فلم يجب، فلا صلاة له(4). وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد، ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة، إلا من عذر.


    ________________

    (1)مسند أحمد (2 / 537)، وفي "الزوائد": قلت: روى مسلم، وأبو داود بعضه، ورواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.
    (2) مسلم: كتاب المساجد - باب النهي عن الخروج من المسجد... (1 / 454) برقم (259)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب الخروج من المسجد بعد الأذان (1 / 366)، والنسائي: كتاب الأذان - باب التشديد في الخروج من المسجد بعد الأذان (2 / 29)، برقم (684)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان (1 / 397)، برقم (204)، وابن ماجه: كتاب الأذان - باب إذا أذن، وأنت في المسجد، فلا تخرج (1 / 242)، برقم (733).
    (3) مسند أحمد (3 / 439)، وفي "الزوائد" (2 / 44، 45): رواه أحمد، والطبراني في الكبير، وفيه زبان بن فائد، ضعفه ابن معين، ووثقه أبو حاتم، فالحديث ضعيف.
    (4) في سنن ابن ماجه: كتاب المساجد - باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، رقم (793)، (1 / 260)، عن ابن عباس، عن النبي

    ونبدأ إن شاء الله تعالى المرة القادمة من:

    "الأذانُ، والإقامةُ للفائتة"

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (69)

    "الأذانُ، والإقامةُ للفائتة"

    من نام عن صلاة أو نسيها، فإنه يشرع له أن يؤذن لها ويقيم، حينما يريد صلاتها؛ ففي رواية أبي داود، في القصة التي نام فيها النبي وأصحابه، ولم يستيقظوا، حتى طلعت الشمس، أنه أمر بلالاً فأذن، وأقام وصلى(1).

    فإن تعددت الفوائت، استحب له أن يؤذن(2)، ويقيم للأولى، ويقيم لكل صلاة إقامة؛ قال الأثرم: سمعت أبا عبد اللّه يُسأل، عن رجل يقضي صلاة، كيف يصنع في الأذان ؟ فذكر حديث هشيم، عن أبي الزبير، عن نافع بن جبير، عن أبي عبيدة بن عبد اللّه، عن أبيه، أن المشركين شغلوا النبي عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء اللّه. قال: فأمر بلالاً فأذن، وأقام وصلى الظهر، ثم أمره، فأقام فصلى العصر، ثم أمره، فأقام فصلى المغرب، ثم أمره، فأقام فصلى العشاء.


    "أذانُ النساءِ وإقامتهُنَّ"

    قال ابن عمر رضي اللّه عنهما: ليس على النساء أذان ولا إقامة(3). رواه البيهقي بسند صحيح.
    وإلى هذا ذهب أنس، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، والثوري، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
    وقال الشافعي، وإسحاق: إن أذَّنَّ، وأقمن، فلا بأس. وروي عن أحمد: إن فعلن، فلا بأس، وإن لم يفعلن، فجائز. وعن عائشة، أنها كانت تؤذن وتقيم، وتؤم النساء، وتقف وسطهن(4). رواه البيهقي.


    "دخولُ المسْجدِ بعد الصَّلاةِ فيه"

    قال صاحب "المغني": ومن دخل مسجداً، قد صلي فيه؛ فإن شاء أذن، وأقام. نص عليه أحمد؛ لما روى الأثرم، وسعيد بن منصور، عن أنس، أنه دخل مسجداً، قد صلوا فيه، فأمر رجلاً، فأذن بهم، وأقام فصلى بهم في جماعة(5).
    وإن شاء صلى من غير أذان، ولا إقامة؛ فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد، قد صلى فيه ناس، أذنوا، وأقاموا؛ فإن أذانهم وإقامتهم يجزئ عمن جاء بعدهم. وهذا قول الحسن، والشعبي، والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن، فالمستحب أن يخفي ذلك، ولا يجهر به؛ لئلا يغر الناس بالأذان في غير محله.


    "الفصلُ بين الإقامة، والصَّلاةِ"

    يجوز الفصل بين الإقامة والصلاة بالكلام وغيره، ولا تعاد الإقامة، وإن طال الفصل؛ فعن أنس بن مالك، قال: أقيمت الصلاة، والنبي يناجي رجلاً في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة، حتى نام القوم(6). رواه البخاري.
    وتذكر النبي وماً، أنه جنب بعد إقامة الصلاة، فرجع إلى بيته، فاغتسل، ثم عاد وصلى بأصحابه، بدون إقامة(7).

    __________________

    - (1) البخاري: كتاب الصلاة - باب الأذان بعد ذهاب الوقت (1 / 154).

    - (2) أن يؤذن، أي؛ أذاناً لايشوش على الناس، ولا يلبث عليهم اهـ.

    - (3) ضعيف، انظر: تمام المنة (153).

    - (4) البيهقي (1 / 408، 3 / 131)، وصححه الألباني. تمام المنة (153).

    - (5) صحيح، انظر: تمام المنة (155).

    - (6)البخاري: كتاب الأذان - باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة (1/ 165)، وانظر مسلماً: كتاب الحيض - باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء (1 / 284)، رقم (123، 124).

    - (7) البخاري:كتاب الأذان - باب إذا قال الإمام: مكانكم، حتى أرجع. انتظروه (1 / 164).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (70)


    "أذانُ غيرِ المؤذنِ الراتبِ"


    لا يجوز أن يؤذن غير المؤذن الراتب، إلا بإذنه، أو أن يتخلف، فيؤذن غيره؛ مخافة فوات وقت التأذين.


    "ما أضيفَ إلى الأذان وليس منه"


    الأذان عبادة، ومدار الأمر في العبادات على الاتباع، فلا يجوز لنا أن نزيد شيئاً في ديننا، أو ننقص منه؛ وفي الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا، ما ليس منه، فهو رد"(1). أي؛ باطل، ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة، درج عليها الكثير، حتى خيل للبعض أنها من الدين، وهي ليست منه في شيء؛ من ذلك:

    - 1- قول المؤذن، حين الأذان أو الإقامة: أشهد أن سيدنا محمداً رسول اللّه. رأى الحافظ ابن حجر، أنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة، ويجوز أن يزاد في غيرها.

    - 2- قال الشيخ إسماعيل العجلوني في "كشف الخفاء": مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين، بعد تقبيلهما، عند سماع قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول اللّه. مع قوله: أشهد أن محمداً عبده ورسوله، رضيت باللّه ربَّا، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيّاً. رواه الديلمي، عن أبي بكر، أنه لما سمع قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول اللّه. قاله، وقبل باطن أنملتي السبابتين، ومسح عينيه، فقال : من فعل فِعل خليلي، فقد حلت له شفاعتي.
    قال في "المقاصد": لا يصح، وكذا لا يصح ما رواه أبو العباس بن أبي بكر الرذَّاذ، اليماني، المتصوف في كتابه "موجبات الرحمة وعزائم المغفرة" بسند فيه مجاهيل، مع انقطاعه، عن الخضر - عليه السلام - أنه قال: من قال حين يسمع المؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسول اللّه. مرحباً بحبيبي، وقرة عيني، محمد بن عبد اللّه . ثم يقبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه، لم يعم، ولم يرمد أبداً. ونقل غير ذلك، ثم قال: ولم يصح في المرفوع من كل ذلك.

    - 3- التغني في الأذان واللحن فيه، بزيادة حرف، أو حركة، أو مد، وهذا مكروه، فإن أدى إلى تغيير معنى، أو إبهام محذور، فهو محرم؛ وعن يحيى البكاء، قال: رأيت ابن عمر يقول لرجل: إني لأبغضك في اللّه. ثم قال لأصحابه: إنه يتغنى في أذانه، ويأخذ عليه أجراً.

    - 4- التسبيح قبل الفجر: قال في "الإقناع" و"شرحه"، من كتب الحنابلة: وما سوى التأذين قبل الفجر؛ من التسبيح، والنشيد، ورفع الصوت بالدعاء، ونحو ذلك في المآذن، فليس بمسنون، وما من أحد من العلماء قال: إنه يستحب. بل هو من جملة البدع المكروهة؛ لأنه لم يكن في عهده ، ولا في عهد أصحابه، وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، فليس لأحد أن يأمر به، ولا ينكر على من تركه، ولا يعلق استحقاق الرزق به؛ لأنه إعانة على بدعة، ولا يلزم فعله، ولو شرطه الواقف لمخالفته السنة. وفي كتاب "تلبيس إبليس" لعبد الرحمن بن الجوزي: وقد رأيت من يقوم بليل كثير(2) على المنارة، فيعظ، ويذكر، ويقرأ سورة من القرآن، بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم، ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات. وقال الحافظ في "الفتح": ما أحدث من التسبيح قبل الصبح، وقبل الجمعة، ومن الصلاة على النبي ، ليس من الأذان، لا لغة ولا شرعاً.

    - 5- الجهر بالصلاة والسلام على الرسول ، عقب الأذان، غير مشروع، بل هو محدث مكروه؛ قال ابن حجر في "الفتاوى الكبرى": قد استفتى مشايخنا وغيرهم فى الصلاة والسلام عليه ، بعد الأذان على الكيفية، التي يفعلها المؤذنون، فأفتوا، بأن الأصل سنة، والكيفية بدعة. وسئل الشيخ محمد عبده، مفتي الديار المصرية، عن الصلاة والسلام على النبيّ ، عقب الأذان ؟ فأجاب: أما الأذان، فقد جاء في "الخانيّة"، أنه ليس لغير المكتوبات، وأنه خمس عشرة كلمة، وآخره عندنا، لا إله إلا اللّه، وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتدعت للتلحين، لا لشيء آخر، ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين، ولا عبرة بقول من قال: إن شيئاً من ذلك بدعة حسنة؛ لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو، فهي سيئة،ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين، فهو كاذب.

    ___________________

    - (1) البخاري: كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور... (5 / 221)، ومسلم: كتاب الأقضية - باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (3 / 1343)، رقم (17)، وابن ماجه: المقدمة، الحديث رقم (24)، (1 / 7) - باب تعظيم حديث رسول اللّه والتغليظ على من عارضه، ومسند أحمد (6 / 270).

    - (2) بليل كثير: أي؛ بجزء كبير من الليل.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (71)

    "شروط الصلاة"

    "العلمُ بدخولِ الوقتِ"

    الشروط التي تتقدم الصلاة، ويجب على المصلي أن يأتي بها، بحيث لو ترك شيئاً منها، تكون صلاته باطلة، هي: (1) العلمُ بدخولِ الوقتِ، ويكفي غلبة الظن، فمن تيقن، أو غلب على ظنه دخول الوقت، أبيحت له الصلاة؛ سواء كان ذلك بإخبار الثقة، أو أذان المؤذن المؤتمن، أو الاجتهاد الشخصي، أو أي سبب من الأسباب، التي يحصل بها العلم.


    "الطهارةُ من الحدثِ الأصغرِ والأكبر"


    (2) الطهارةُ من الحدثِ الأصغرِ والأكبرِ؛ لقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا " [لمائدة: 6] ولحديث ابن عمر- رضي اللّه عنهما - أن النبي قال: "لا يقبل اللّه صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول(1)"(2). رواه الجماعة، إلا البخاري.


    "طهارة البدن"


    (3) طهارة البدن، والثوب، والمكان الذي يصلي فيه من النجاسة الحسية، متى قدر على ذلك، فإن عجز عن إزالتها، صلى معها، ولا إعادة عليه، أما طهارة البدن؛ فلحديث أنس، أن النبي قال: "تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه"(3). رواه الدارقطني وحسنه. وعن علي - رضي اللّه عنه - قال: كنت رجلاً مذاء، فأمرت رجلاً أن يسأل النبي ؛ لمكان ابنته، فسأل، فقال: "توضأ، واغسل ذكرك"(4). رواه البخاري، وغيره. وروي أيضاً عن عائشة، أنه قال للمستحاضة: "اغسلي الدم،عنك وصلى"(5).وأما طهارة الثوب؛ فلقوله تعالى: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " [المدثر:4].
    وعن جابر بن سمرة، قال: سمعت رجلاً سأل النبي : أصلي في الثوب الذي آتي فيه أهلي؟ قال:"نعم، إلا أن ترى فيه شيئاً، فتغسله"(6). رواه أحمد، وابن ماجه بسند رجاله ثقات.
    وعن معاوية، قال: قلت لأم حبيبة: هل كان النبي يصلي في الثوب، الذي يجامع فيه ؟ قالت: نعم، إذا لم يكن فيه أذى(7). رواه أحمد، وأصحاب السنن، إلا الترمذي.
    وعن أبي سعيد، أنه صلى، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف، قال: "لمَ خلعتم؟ "قالوا: رأيناك خلعت، فخلعنا. فقال: "إن جبريل أتاني، فأخبرني أن بهما خبثاً؛ فإذا جاء أحدكم المسجد، فليقلب نعليه ولينظر فيهما، فإن رأى خبثاً، فليمسحه بالأرض، ثم ليصلِّ فيهما"(8). رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وابن حبان، وابن خزيمة وصححه.
    وفي الحديث دليل على أن المصلي إذا دخل في الصلاة، وهو متلبس بنجاسة، غير عالم بها، أو ناسياً لها، ثم علم بها أثناء الصلاة، فإنه يجب عليه إزالتها، ثم يستمر في صلاته، ويبني على ما صلى، ولا إعادة عليه. وأما طهارة المكان الذي يصلي فيه؛ فلحديث أبي هريرة، قال: قام أعرابي، فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال : "دعوه، وأريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً(9) من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين"(10). رواه الجماعة، إلا مسلماً.
    قال الشوكاني، بعد أن ناقش أدلة القائلين، باشتراط طهارة الثوب: إذا تقرر ما سقناه لك من الأدلة وما فيها، فاعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب؛ فمن صلى، وعلى ثوبه نجاسة، كان تاركاً لواجب، وأما أن صلاته باطلة، كما هو شأن فقدان شرط الصحة، فلا.
    وفي "الروضة الندية": وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة؛ البدن، والثوب، والمكان للصلاة، وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة، وذهب آخرون إلى أنه سنّة، والحق الوجوب؛ فمن صلى ملابساً لنجاسة، عامداً، فقد أخلّ بواجب، وصلاته صحيحة

    __________________

    - (1) "الغلول": السرقة من الغنيمة، قبل قسمتها.

    - (2) تقدم تخريجه.

    - (3) تقدم تخريجه.

    - (4) تقدم تخريجه.

    - (5) البخاري: كتاب الحيض - باب الاستحاضة (1 / 84).

    - (6) ابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه، برقم (542)، (1 / 180)، ومسند أحمد (5 / 97 ) وفي "مصباح الزجاجة" عن إسناده: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده". مصباح الزجاجة (1 / 215)، برقم (224، 542).

    - (7) أبو داود: كتاب الطهارة - باب الصلاة في الثوب الذى يصيب أهله فيه (1 / 257)، برقم (366)، والنسائي: كتاب الطهارة - باب المني يصيب الثوب (1 / 155)، برقم (293)، وابن ماجه: كتاب الطهارة - باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه (1 / 179) برقم (540)، و في "معالم السنن": رواه أبو داود، وآخرون، وإسناده حسن (1 / 274).

    - (8) تقدم تخريجه.

    - (9)السجل: هو الدلو، إذا كان فيه ماء. والذنوب: الدلو العظيمة الممتلئة ماء.

    - (10) تقدم تخريجه، في "الطهارة".


    وبالمرة القادمة إن شاء الله نبدأ من:

    "سَتْرُ العورَة"
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (72)

    "سَتْرُ العورَة"

    (4) سَتْرُ العورَةِ؛ لقول اللّه تعالى: " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ " [ الأعراف: 31]. والمراد بالزينة؛ ما يستر العورة، والمسجد؛ الصلاة، أي؛ استروا عورتكم عند كل صلاة. وعن سلمة بن الأكوع - رضي اللّه عنه - قال: قلت: يا رسول اللّه، أفأصلي في القميص ؟ قال: "نعم، وازْرُرْه ولو بشوكة "(1). رواه البخاري في "تاريخه" وغيره.

    "حدُّ العورةِ من الرجل"
    العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القُبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ، والسرة، والركبة، فقد اختلفت فيها الأنظار؛ تبعاً لتعارض الآثار، فمن قائل بأنها ليست بعورة، ومن ذاهب إلى أنها عورة.

    "حجةُ من يرى أنَّها ليست بعورةٍ"
    استدل القائلون، بأن السرة، والفخذ، والركبة ليست بعورة بهذه الأحاديث:
    - 1 عن عائشة - رضي اللّه عنها - أن رسول اللّه كان جالساً، كاشفاً عن فخذه، فاستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على حاله، ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو على حاله، ثم استأذن عثمان، فأرخى عليه ثيابه، فلما قاموا، قلت: يا رسول اللّه، استأذن أبو بكر، وعمر، فأذنت لهما، وأنت على حالك، فلما استأذن عثمان، أرخيت عليك ثيابك ؟ فقال: "يا عائشة، ألا أستحي من رجل، واللّه إن الملائكة لتستحي منه"(2). رواه أحمد، وذكره البخاري تعليقاً.
    - 2 وعن أنس، أن النبي يوم خيبر حسر الإزار عن فخذه، حتى إني لأنظر إلى بياض فخذه(3). رواه أحمد، والبخاري.
    قال ابن حزم: فصح، أن الفخذ ليست عورة، ولو كانت عورة، لما كشفها اللّه، عز وجل، عن رسول اللّه المطهر المعصوم من الناس، في حال النبوة والرسالة، ولا أراها أنس بن مالك ولا غيره، وهو - تعالى - قد عصمه من كشف العورة، في حال الصبا، وقبل النبوة؛ ففي "الصحيحين"، عن جابر، أن رسول اللّه كان ينقل معهم الحجارة للكعبة، وعليه إزاره، فقال له عمه العباس: يا ابن أخي، لو حللت إزارك، فجعلته على منكبك دون الحجارة. قال: فحله، وجعله على منكبه، فسقط مغشيّاً عليه، فما رئي بعد ذلك اليوم عرياناً(4).
    - 3 وعن مسلم، عن أبي العالية البرَاء، قال: إن عبد اللّه بن الصامت ضرب فخذي، وقال: إني سألت أبا ذر، فضرب فخذي،كما ضربت فخذك، وقال: إني سألت رسول اللّه كما سألتني، فضرب فخذي،كما ضربت فخذك، وقال: "صل الصلاة لوقتها"(5). إلى آخر الحديث.
    قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة، لما مسها رسول اللّه من أبي ذر أصلاً بيده المقدسة، ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد اللّه بن الصامت، وأبو العالية، وما يستحل لمسلم، أن يضرب بيده على قُبُل إنسان على الثياب، ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، ألبتة.
    - 4 ثم ذكر ابن حزم بإسناده إلى جبير بن الحويرث، أنه نظر إلى فخذ أبي بكر، وقد انكشفت، وأن أنس بن مالك أتى قس بن شماس، وقد حسر عن فخذيه.

    "حجةُ من يرى أنَّها عورةٌ"
    واستدل القائلون، بأنها عورة بهذين الحديثين:
    - 1 عن محمد بن جحش، قال: مر رسول اللّه على معمر، وفخذاه مكشوفتان، فقال: "يا معمر، غط فخذيك؛ فإن الفخذين عورة"(6). رواه أحمد، والحاكم، والبخاري في "تاريخه"، وعلقه في "صحيحه".
    - 2 وعن جَرهَد، قال: مر رسول اللّه ، وعليَّ بُرْدة، وقد انكشفت فخذي، فقال: "غط فخذيك؛ فإن الفخذ عورة"(7). رواه مالك، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وقال: حسن، وذكره البخاري في "صحيحه" معلقاً.

    هذا هو ما استدل به كل من الفريقين، وللناظر في هذا أن يختار أي الرأيين، وإن كان الأحوط في الدين أن يستر المصلي ما بين سرته وركبته، ما أمكن ذلك؛ قال البخاري: حديث أنس أسند، وحديث جَرْهَد أحوط. أي؛ حديث أنس المتقدم أصح إسناداً.

    _________________

    - (1)أبو داود: كتاب الصلاة - باب في الرجل يصلي في قميص واحد (1 / 416) رقم (632)، والنسائي: كتاب القبلة، باب الصلاة في قميص واحد (2 / 70)، رقم (765).

    - (2) مسند أحمد (6 / 62) وانظر مسلماً، بلفظ آخر: كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل عثمان رضي اللّه عنه (4 / 1867)، رقم (26).

    - (3) البخاري: كتاب الصلاة - باب ما يذكر في الفخذ (1 / 103، 104)، والفتح الرباني (3 / 85)، رقم (368).

    - (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب كراهية التعري في الصلاة وغيرها (1 / 102)، ومسلم: كتاب الحيض - باب الاعتناء بحفظ العورة (1 / 268)، رقم (77).

    - (5) سبق تخريجه.

    - (6) فتح الباري (1 / 478)، ومسند أحمد (5 / 290)، ومستدرك الحاكم (4 / 180).

    - (7) البخاري تعليقاً (1 / 103)، وأبو داود: كتاب الأدب - باب النهي عن التعري (4 / 303)، برقم (4014)، والترمذي: كتاب الأدب - باب ما جاء أن الفخذ عورة (5 / 111)، برقم (2798)، وقال: حديث حسن، ومسند أحمد (3 / 478)، وانظر: تمام المنة (159).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (73)


    "حدُّ العورةِ من المرأَة"

    بدن المرأة كله عورة، يجب عليها ستره، ما عدا الوجه والكفين؛ قال اللّه تعالى: " وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا " [النور: 31].
    أي؛ ولا يظهرن مواضع الزينة، إلا الوجه والكفين، كما جاء ذلك صحيحاً عن ابن عباس، وابن عمر، وعائشة وعنها، أن النبي قال: "لا يَقْبل اللّه صلاة حائض(1) إلا بخمار"(2). رواه الخمسة، إلا النسائى، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، وقال الترمذي: حديث حسن.

    وعن أم سلمة، أنها سألت النبي ، أتصلي المرأة في درع(3) وخمار، بغير إزار ؟ قال: "إذا كان الدرع سابغاً، يغطي ظهور قدميها"(4). رواه أبو داود، وصحح الأئمة وقفه(5).

    وعن عائشة، أنها سئلت، في كم تصلي المرأة من الثياب ؟ فقالت للسائل: سل عليَّ بن أبي طالب، ثم ارجع إليَّ، فأخبرني. فأتى عليّاً فسأله، فقال: في الخمار والدرع السابغ. فرجع إلى عائشة، فأخبرها، فقالت: صدق.

    ___________________

    - (1) "الحائض": أي؛ البالغة، والخمار غطاء الرأس.

    - (2) أبو داود: كتاب الصلاة - باب المرأة تصلى بخمار (1 / 421) رقم (641 )، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء لا يقبل اللّه صلاة المرأة إلا بخمار (2 / 215)، رقم (377)، ومسند أحمد (6 / 150)، ومستدرك الحاكم (1 / 251)، وقال الذهبي: على شرط مسلم، وعلته ابن أبى عروبة، والسنن الكبرى للبيهقي (2 / 233).

    - (3) الدرع: القميص.

    - (4) أبو داود: كتاب الصلاة - باب في كم تصلي المرأة (1 / 420)، وفي "تلخيص الحبير": رواه أبو داود، والحاكم من حديث أم سلمة، وأعله عبد الحق، بأن مالكاً وغيره رووه موقوفاً، وهو الصواب. تلخيص الحبير (1 / 280)، وضعفه الألباني، في: إرواء الغليل (274).

    - (5) صحح الأئمة وقفه؛لأنه ليس من كلام أم سلمة، ومثل هذا له حكم المرفوع إلى النبي ..
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (74)

    "ما يجبُ من الثِّيابِ وما يستحبُّ منها"
    الواجب من الثياب ما يستر العورة، وإن كان الساتر ضيقاً، يحدد العورة، فإن كان خفيفاً، يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، وتجوز الصلاة في الثوب الواحد، كما تقدم في حديث سلمة بن الأكوع.
    وعن أبي هريرة، أن رسول اللّه سئل، عن الصلاة في ثوب واحد ؟ فقال: "أولكلكم ثوبان؟"(1). رواه مسلم، ومالك، وغيرهما.
    ويستحب أن يصلي في ثوبين أو أكثر، وأن يتجمل، ويتزين ما أمكن ذلك
    فعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - عن رسول اللّه قال: "إذا صلى أحدكم(2)، فليلبس ثوبيه؛ فإن اللّه أحق من تزين له، فإن لم يكن له ثوبان، فَليَتَّزِر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود"(3). رواه الطبراني، والبيهقي.
    وروى عبد الرازق، أن أبيَّ ابن كعب، وعبد اللّه بن مسعود اختلفا؛ فقال أبي: الصلاة في الثوب الواحد غير مكروهة. وقال ابن مسعود: إنما كان ذلك، وفي الثياب قلة. فقام عمر على المنبر، فقال: القول ما قال أبيّ، ولم يأل(4) ابن مسعود، إذا وسّع اللّه فأوسعوا؛ جمع رجل عليه ثيابه، صلى رجل في إزار ورداء، في إزار وقميص، في إزار وقباء، في سراويل ورداء، في سراويل وقميص، في سراويل وقبَاء، في تبّان وقباء، في تبّان وقميص. وقال: وأحسبه قال: في تبّان ورداء وهو في البخاري، بدون ذكر السبب.
    وعن بُريدَة، قال: نهى رسول اللّه أن يُصلي الرجل في لحاف(5) واحد، لا يتوشح به، ونهى أن يصلي الرجل في سراويل، وليس عليه رداء(6). رواه أبو داود، والبيهقي.
    وعن الحسن بن عليّ - رضي اللّه عنهما - أنه كان إذا قام إلى الصلاة، لبس أجود ثيابه، فسُئلَ عن ذلك ؟ فقال: إن اللّه جميل يحب الجمال، فأتجمل لربي، وهو يقول:"خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [الأعراف: 31].

    "كشْفُ الرأْسِ في الصَّلاةِ"
    روى ابن عساكر، عن ابن عباس، أن النبي كان ربما نزع قلنسوته، فجعلها سترة بين يديه(7). وعند الحنفية، أنه لا بأس بصلاة الرجل حاسر الرأس، واستحبوا ذلك إذا كان للخشوع. ولم يرد دليل، بأفضلية تغطية الرأس في الصلاة.

    __________________

    - (1) مسلم: كتاب الصلاة - باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه (1 / 367)، رقم (275)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب جماع أبواب ما يصلى فيه (1 / 414) رقم (625)، والنسائي (2/ 70 ): كتاب القبلة - باب الصلاة في الثوب الواحد، رقم (763)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب الصلاة في الثوب الواحد، رقم (1047)، (1 / 333)، وموطأ مالك (1 / 140): كتاب صلاة الجماعة - باب الرخصة في الصلاة في ثوب واحد، حديث رقم (30).

    - (2) "إذا صلى أحدكم" أي؛ أراد أن يصلي.

    - (3) أبو داود: كتاب الصلاة - باب إذا كان الثوب ضيقاً، فيتزر به، ورواه دون: "فإن اللّه أحق من تزين له"، رقم (635) (1 / 418)، وفي الزوائد الجزء الأول من الحديث، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وإسناده حسن. مجمع (2 / 54)، والسنن الكبرى للبيهقي (2 / 236).

    - (4) "يأل": أي؛ يقصر. و"القباء": القفطان. و"التبان" سراويل من جلد، ليس له رجلان، وهو لبس المصارعين.

    - (5) "في لحاف" أي؛ في ثوب يلتحف به.

    - (6) أبو داود: كتاب الصلاة - باب إذا كان الثوب ضيقاً يتزر به (1 / 418، 419) رقم (636)، والسنن الكبرى للبيهقي (2 / 236)، والحديث حسن، قاله الألباني، في: صحيح أبي داود (646).

    - (7) والحديث ضعيف، انظر: الضعيفة (2538)، وتمام المنة (164).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (75)

    "استقبالُ القبلَة"

    (5)من شروط الصلاة: استقبالُ القبلَةِ: اتفق العلماء على أنه يجب على المصلي، أن يستقبل المسجد الحرَام عند الصلاة؛ لقول اللّه تعالى: " فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ " [االبقرة: 144].
    وعن البراء، قال: صلينا مع النبي ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً، نحو بيت المقدس، ثم صرفنا نحو الكعبة(1). رواه مسلم.

    "حكْمُ المشاهدِ للكعبةِ، وغيرِ المشاهدِ لها"

    المشاهد للكعبة يجب عليه أن يستقبل عينها، والذي لا يستطيع مشاهدتها، يجب عليه أن يستقبل جهتها؛ لأن هذا هو المقدور عليه، ولا يكلف اللّه نفساً إلا وسعها
    فعن أبي هريرة، أن النبي قال: "ما بين المشرق، والمغرب قبلة"(2). رواه ابن ماجه، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وأقره البخاري.
    هذا بالنسبة لأهل المدينة، ومن جرى مجراهم كأهل الشام، والجزيرة، والعراق. وأما أهل مصر، فقبلتهم بين المشرق والجنوب، وأما اليَمَن، فالمشرق يكون عن يمين المصلي، المغرب عن يساره، والهند يكون المشرق خلف المصلي، والمغرب أمامه، وهكذا.

    "بمَ تُعرفُ القبلةُ"
    كل بلد له أدلة تختص به، يعرف بها القبلة، ومن ذلك المحاريب التي نصبها المسلمون في المساجد، وكذلك بيت الإبرة (البوصلة).

    "حكْمُ مَنْ خفيت عليه"
    من خفيت عليه أدلة القبلة؛ لغيم أو ظلمة مثلاً، وجب عليه أن يسأل من يدله عليها، فإن لم يجد من يسأله، اجتهد، وصلى إلى الجهة التي أداه إليها اجتهاده، وصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه، حتى ولو تبين له خطؤه، بعد الفراغ من الصلاة، فإن تبين له الخطأ أثناء الصلاة، استدار إلى القبلة، ولا يقطع صلاته؛ فعن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: بينما الناسُ بقباء في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: إن النبي قد أنزل عليه قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة(3). متفق عليه.
    ثم إذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، لزمه إعادة الاجتهاد، إذا أراد صلاة أخرى، فإن تغير اجتهاده، عمل بالثاني، ولا يعيد ما صلاه بالأول.

    __________________

    - (1) مسلم: كتاب المساجد - باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة (1 / 374)، رقم (12).

    - (2) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة (2 / 171، 172، 173)، رقم (342، 343، 344)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب القبلة (1 / 323)، رقم (1011)، وفي "الموطأ"، أن عمر بن الخطاب قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة (1 / 196) كتاب القبلة باب إذا توجه قبل البيت.

    - (3) البخاري: كتاب الصلاة - باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها، فصلى إلى غير القبلة (1 / 111)، ومسلم: كتاب المساجد - باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة (1 / 375)، رقم (13).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (76)

    "متى يسْقُطُ الاستقْبَالُ ؟"
    استقبال القبلة فريضة لا يسقط، إلا في الأحوال الآتية:
    - (1) صلاةُ النَّفلِ للرَّاكبِ: يجوز للراكب أن يتنفّل على راحلته، يومئ بالركوع والسجود، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، وقبلته حيث اتجهت دابته
    فعن عامر بن ربيعة، قال: رأيت رسول اللّه يصلي على راحلته، حيث توجهت به(1). رواه البخارى، ومسلم، وزاد البخاري: يومئ برأسه، ولم يكن يصنعه في المكتوبة(2).
    وعند أحمد، ومسلم، والترمذي، أن النبي كان يصلي على راحلته، وهو مُقبلٌ من مكة إلى المدينة، حيثما توجهت به، وفيه نزلت: " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ *(3) [البقرة: 115].
    وعن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يصلون في رحالهم ودوابهم، حيثما توجهت.
    وقال ابن حزم: وهذه حكاية عن الصحابة، والتابعين، عموماً في الحضر والسفر.
    - (2) صَلاةُ المكرَهِ، والمريضِ، والخائفِ: الخائف، والمكره، والمريض، يجوز لهم الصلاة لغير القبلة، إذا عجزوا عن استقبالها؛ فإن الرسول يقول: "إذا أمرتُكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم"(4).
    وفي قول اللّه تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً " [البقرة: 239]. قال ابن عمر رضي اللّه عنهما: مستقبلي القبلة، أو غير مستقبليها(5). رواه البخاري.


    _______________________

    - (1) البخاري: كتاب الوتر - باب الوتر في السفر (2 / 32)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر، حيث توجهت (1 / 486)، رقم (32).

    - (2) "المكتوبة": الفريضة. والإيماء، الإشارة بالرأس إلى السجود.

    - (3) مسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر، حيث توجهت (1 / 486)، حديث رقم (32)، والفتح الرباني (3 / 123) رقم (438).

    - (4) البخاري: كتاب الاعتصام (9 / 117) - باب الاقتداء بسنن رسول اللّه ..

    - (5) في: كتاب التفسير، باب: "فإِن خفتم فرجالاْ أو ركبانْا ,,,*. (ح 4535).
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (77)


    "كيفية الصلاة"

    جاءت الأحاديث عن رسول اللّه مبينة كيفية الصلاة، وصفتها، ونحن نكتفي هنا بإيراد حديثين:
    الأول من فعله ، والثاني من قوله.
    - 1 عن عبد الرحمن بن غنم، أن أبا مالك الأشعري(1) جمع قومه، فقال: يا معشر الأشعريين، اجتمعوا، واجمعوا نساءكم، وأبناءكم، أعلمكم صلاة النبي ، التي كان يصلي لنا بالمدينة، فاجتمعوا، وجمعوا نساءهم وأبناءهم، فتوضأ، وأراهم كيف يتوضأ، فأحصى الوضوء إلى(2) أماكنه، حتى إذا أفاء الفيء، وانكسر الظل، قام فأذن، فصف الرجال في أدنى الصف، وصف الولدان خلفهم، وصف النساء خلف الولدان، ثم أقام الصلاة، فتقدم، فرفع يديه فكبر، فقرأ بفاتحة الكتاب، وسورة يسرها، ثم كبر فركع، فقال: سبحان اللّه وبحمده. ثلاث مرات، ثم قال: سمع اللّه لمن حمده. واستوى قائماً، ثم كبر، وخر ساجداً، ثم كبر، فرفع رأسه، ثم كبر، فسجد، ثم كبر، فانتهض قائماً، فكان تكبيره في أول ركعة ست تكبيرات، وكبر حين قام إلى الركعة الثانية، فلما قضى صلاته، أقبل إلى قومه بوجهه، فقال: احفظوا تكبيري، وتعلموا ركوعي وسجودي؛ فإنها صلاة رسول اللّه ، التي كان يصلي لنا كذا الساعة من النهار، ثم إن رسول اللّه لما قضى صلاته، أقبل إلى الناس بوجهه، فقال:
    "يا أيها الناس، اسمعوا، واعقلوا، واعلموا أن للّه -عز وجل- عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم، وقربهم من اللّه ".
    فجاء رجل من الأعراب، من قاصية الناس، وألوى بيده إلى نبي اللّه ، فقال: يا نبي اللّه، ناس من الناس، ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم، وقربهم من اللّه ! انعتهم لنا(3). فسُرَّ وجه النبي لسؤال الأعرابي، فقال رسول اللّه :
    "هم ناس من أفياء الناس، ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في اللّه وتصافوا، يضع اللّه لهم يوم القيامة منابر من نور، فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نوراً، وثيابهم نوراً، يفزع الناس يوم القيامة، ولا يفزعون، وهم أولياء اللّه، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
    رواه أحمد، وأبو يعلى بإسناد حسن، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
    - 2 عن أبي هريرة، قال: دخل رجل المسجد، فصلى، ثم جاء إلى النبي يسلم، فرد عليه السلام، وقال: "ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ". فرجع، ففعل ذلك ثلاث مرات. قال: فقال: والذي بعثك بالحق، ما أحسن غير هذا، فعلمني. قال: "إذا قمت إلى الصلاة، فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها"(4). رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
    وهذا الحديث يسمى حديث المسيء في صلاته.

    هذا جملة ما ورد في صفة الصلاة من فعل رسول اللّه ، وقوله، ونحن نفعل ذلك، مع التمييز بين الفرائض والسنن.

    ___________________

    - (1) مسند أحمد (5 / 343)، والزهد، لابن المبارك ص (249)، برقم (714)، والترغيب والترهيب (4 / 21، 22)، والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وانظر: مجمع الزوائد (2 / 132، 133)، والحديث ضعيف، انظر: ضعيف سنن أبي داود (105) للألباني.

    - (2) فأحصى الوضوء إلى أماكنه، أي؛ غسل جميع الأعضاء.

    - (3) انعتهم لنا. أي؛ صفهم لنا.

    - (4) البخاري: كتاب الصلاة - باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها... (1 / 192، 193)، ومسلم: كتاب الصلاة - باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة (1 / 298) رقم (45)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود (1 / 197).

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (78)

    "فرائض الصلاة"

    "النيةُ"


    للصلاة فرائض وأركان، تتركب منها حقيقتها، حتى إذا تخلف فرض منها، لا تتحقق، ولا يعتد بها شرعاً، وهذا بيانها:
    1- النيةُ(1)؛ لقول اللّه تعالى: " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " [ البينة: 5]. ولقول رسول اللّه : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله، فهجرته إلى اللّه ورسوله(2)، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"(3). رواه البخاري.
    وقد تقدمت حقيقتها في "الوضوء".

    "التَّلفظُ بها"
    قال ابن القيم في كتابه "إغاثة اللهفان": النية؛ هي القصد، والعزم على الشيء، ومحلها القلب، لا تعلق لها باللسان أصلاً، ولذلك لم ينقل عن النبي ، ولا عن الصحابة في النية لفظ بحال، وهذه العبارات التي أحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة، قد جعلها الشيطان معتركاً لأهل الوسواس(4)، يحبسهم عندها، ويعذبهم فيها، ويوقعهم في طلب تصحيحها، فترى أحدهم يكررها، ويجهد نفسه في التلفظ، وليست من الصلاة في شيء.


    "تَكْبيرةُ الإحرام"

    - 2- تَكْبيرةُ الإحرامِ؛ لحديث عليٍّ، أن النبيَّ قال: "مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"(5). رواه الشافعي، وأحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال: هذا أصح شيء في هذا الباب، وأحسن. وصححه الحاكم، وابن السكن.
    ولما ثبت من فعل الرسول وقوله، كما ورد في الحديثين المتقدمين. ويتعين لفظ: "اللّه أكبر"؛ لحديث أبي حميد، أن النبي كان إذا قام إلى الصلاة، اعتدل قائماً، ورفع يديه، ثم قال: "اللّه أكبر"(6). رواه ابن ماجه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان.
    ومثله ما أخرجه البزَّار، بإسناد على شرط مسلم، عن علي، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال:"اللّه أكبر"(7).
    وفي حديث المسيء في صلاته عند الطبراني، ثم يقول: "اللهّّ أكبر".

    _________________

    - (1) ويرى البعض، أنها شرط، لا ركن.

    - (2) "فهجرته إلى اللّه ورسوله": أي؛ هجرته رابحة.

    - (3) "فهجرته إلى ما هاجر إليه": أي؛ هجرته خسيسة حقيرة، وتقدم تخريجه.

    - (4) االوسواس: الوسوسة.

    - (5)أبو داود: كتاب الطهارة - باب فرض الوضوء (1 / 15)، والترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور (1 / 9) رقم (3)، ومسند أحمد (1 / 123)، والدارمي: كتاب الصلاة والطهارة - باب مفتاح الصلاة الطهور (1 / 140، 141)، وصححه الشيخ الألباني، في: صحيح أبي داود.

    - (6) ابن ماجه: كتاب الإقامة - باب افتتاح الصلاة (1 / 364) برقم (803)، وموارد الظمآن ص (123)، برقم (442)، وفي "الفتح": أخرجه ابن ماجه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان (2 / 217).

    - (7) في فتح الباري: ورواه الطبراني بلفظ: ثم يقول: "اللّه أكبر"، وروى البزار، بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن علي، أن النبي كان إذا قام إلى الصلاة قال: "اللّه أكبر" (2 / 217)، وانظر: إرواء الغليل (289).


    ونستكمل بالمرة القادمة إن شاء الله من:

    "القيامُ في الفَرْضِ"

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره ....للقراءة ---------متجدد

    "فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره

    (79)

    "القيامُ في الفَرْضِ"


    وهو واجب بالكتاب، والسُّنة، والإجماع لمن قدر عليه؛ قال للّه تعالى: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ *(1) [البقرة: 238].
    وعن عمران بن حصين، قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي عن الصلاة ؟ فقال:"صلِّ قائماً،فإن لم تستطع فقاعداً،فإن لم تستطع فعلى جنب"(2).رواه البخاري.
    وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء، كما اتفقوا على استحباب تفريق القدمين أثناءه.
    القيامُ في النَّفْلِ: أما النفل، فإنه يجوز أن يصلي من قعود، مع القدرة على القيام، إلا أن ثواب القائم أتم من ثواب القاعد؛ فعن عبد للّه بن عمر- رضي للّه عنهما - قال: حُدِّثت، أن رسول اللّه قال: "صلاة الرجل قاعداً، نصف الصلاة"(3). رواه البخاري، ومسلم.


    "العجزُ عن القيامِ في الفرْضِ"
    ومن عجز عن القيام في الفرض، صلى على حسب قدرته، ولا يكلف للّه نفساً إلا وسعها، وله أجره كاملاً، غير منقوص؛ فعن أبي موسى، أن النبي قال: "إذا مرض العبد أو سافر، كتب للّه له ما كان يعمله، وهو صحيح مقيم "(4). رواه البخاري.

    ________________

    - (1)"قانتين": أي؛ خاشعين متذللين. والمراد بالقيام: القيام للصلاة.

    - (2) البخاري: كتاب الجمعة - باب إذا لم يصل قاعداً، فعلى جنب (2 / 60)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في صلاة المريض (1 / 386)، الحديث رقم (1223)، ومسند أحمد (4 / 426).

    - (3) رواه البخاري، في: كتاب تقصير الصلاة،باب صلاة القاعد(ح 1115)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب جواز النافلة قاعداً (1 / 507)، رقم (120).

    - (4) البخاري، كتاب الجهاد - باب يكتب للمسافر قبل ما كان يعمل في الإقامة (4 / 70)، ولفظه: "إذا مرض العبد أو سافر،كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً".


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •