التطبيقات الفقهية لقاعدة إذا اجتمع حق الله وحق العبد..
سلطان بن حذيفة بن عبدالله الطوالة
ملخص الرسالة
التطبيقات الفقهية لقاعدة
إذا اجتمع حق الله وحق العبد قُدم حق العبد
في غير العبادات المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن من أجلّ ما يتقرب به العبد إلى ربه طلب العلم الشرعي، الذي به تحيا الأمم، وتنشرح الصدور، ويستنار به الطريق؛ ولهذا رفع الله قدر العلم وأهله، وأشهدهم بأعظم شهادة ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، فالعلم بذاته عبادة ولذا قدمه بعض العلماء على بعض الطاعات كالجهاد في سبيل الله، فالتفقه فيه غاية كبرى، ومنزلة عظمى، جعله الله لخاصة أوليائه: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)[1]، والفقه قليل بلفظه، كثير بأحكامه ومعانيه، فالإلمام بمسائله يشق على النفس، ويتعسر على الذهن، فلهذا قام العلماء بتسهيله وإيضاحه، وشرحه وإفصاحه، فجمعوا المتفرق؛ فكان من ذلك وضع القواعد العامة الشاملة لمسائل يصعب الإحاطة بها، ويستحيل الإلمام بفحواها، فكان للقواعد الدور البارز في ضبط المسائل تسهيلاً على طالب العلم لجمع الفروع المتناثرة في أبواب الفقه تحت قاعدة واحدة، ومن هذه القواعد التي ذكروها وأوردوها "إذا اجتمع حق الله وحق العبد قدم حق العبد" فهذه القاعدة أوردها العلماء ليبينوا من خلالها مسائل عديدة يكون لله فيها حق خاص وللمخلوق أيضا ً حق خاص ويتعارض هذان الحقان فيقدم ويغلب أحدهما ويسقط الآخر والله بنى حقوقه على المسامحة، وكانت حقوق العباد مبنية على المشاحة، فقدمت بعض حقوق العباد، لغنى الله عن عباده وحاجتهم إليه، فمن هذا المنطلق رأيت أن ألقي ضوءًا يسيراً على هذه القاعدة "إذا اجتمع حق الله وحق العبد قدم حق العبد وتطبيقاتها الفقهية في غير العبادات" لنيل درجة الماجستير في الفقه المقارن.
والمراد بالقاعدة: أنه إذا تعارض حق الله تعالى وحق العبد سواء كان حقا لنفسه أو لغيره، ولا يمكن الجمع بين هذين الحقين، قدمنا حق العبد في بعض مسائل الفقه لفقر العبد وحاجته، وغنى الخالق وكرمه.
أهمية الموضوع وأسباب اختياره:
تتضح أهمية الموضوع والسبب في اختياره، في هذه الأمور:
1- أن القواعد الفقهية تضبط الجزئيات الفقهية المبعثرة في كتب الفقهاء، فتختصر الطريق لطالب العلم.
2- أن هذه القاعدة على وجه الخصوص تتعلق بأمرين عليهما مدار أكثر الأعمال العبادية والمالية وغير ذلك، فقل أن تجد مسألة ما إلا ولها صلة بها.
3- أن هذه القاعدة كما أنها في العبادات والمعاملات وفقه الأسرة والجنايات لها نصيب أيضاً واضح في كتاب العقائد.
4- قلة وندرة معرفتي بالقواعد الفقهية وتطبيقاتها، فأحببت أن أبحث في هذا الموضوع طلباً للفائدة، ورغبةً في تحصيل العلم.
5- أني لم أرَ من ألف كتابا مستقلاً في هذه القاعدة، أو قدم فيها بحثاً جامعيا ً، أو حتى كتب فيها مقالاً علمياً- حسب علمي- وإنما ذُكرت مبعثرة في كتب أهل العلم.
6- حاجة المسلم لمعرفة هذه القاعدة على وجه الخصوص من الأهمية بمكان، ليعبد الله على بصيرة من خلال معرفة ما يتعلق بحق المولى، فيقوم به ويؤديه، ومعرفة ما يتعلق بحق العبد، فيراعي الأمر في ذلك.
7- أن هذه القاعدة مع حاجة المسلم عموماً إليها إلا أنها تعظم الحاجة إليها للمفتين والقضاة ومن سار على دربهم.فهرس المحتويات
الموضوع رقم الصفحةالمقدمة ١المطلب الأول: تعريف القواعد الفقهية. ١١المطلب الثاني: تعريف الحق وذكر أنواعه. ١٥المطلب الثالث: التعريف الإجمالي للقاعدة. ٢١المطلب الأول: أركان القاعدة. ٢٣المطلب الثاني: شروط القاعدة. ٢٤المطلب الأول: صيغ القاعدة. ٢٧المطلب الثاني: حجية القاعدة وموقف الفقهاء من القاعدة، وأدلتهم عليها. ٢٨الفصل الأول: تطبيقات القاعدة في كتاب المعاملات. المبحث الأول: بيع الدينار بعشرة ولم يقبضها حتى اشترى بها ثوباً. ٣١المبحث الثاني: تصرف المشتري بالعقد الفاسد يبطل حق الاسترداد. ٣٣المبحث الثالث: جواز السلم في البيع مع النهي عن بيع ما ليس عند الإنسان. ٣٥المبحث الرابع: رد قيمة المسروق المتلف. ٣٨الفصل الثاني: تطبيقات القاعدة في فقه الأسرة. المبحث الأول: تقديم النكاح على الحج عند خوف العنت. ٤٢المبحث الثاني: تقديم أجرة نفقة البيت على الحج إذا لم يجد. ٤٧المبحث الثالث: جواز نظر الطبيب إلى عورة المرأة للضرورة. ٤٩المبحث الرابع: جواز أكل أموال المسلمين بغير إذنهم للضرورة. ٥١المبحث الخامس:إعذار الزوج بتركه الجماعة لتحقيق العدل بين الزوجات ٥٣المبحث السادس: جواز الخلع للمرأة عند الحاجة. ٥٩المبحث السابع: جواز الطلاق لمشقة التنافر. ٦٣الفصل الثالث: تطبيقات القاعدة في فقه الجنايات والحدود. المبحث الأول: تقديم القصاص على الحد حال الاستيفاء. ٦٧المبحث الثاني: إذا قذف جماعةً حُد عن كل واحد حداً واحداً. ٧٠المبحث الثالث: جواز القضاء على الغائب في الحدود والقصاص. ٧٦المبحث الرابع: جواز شق بطن الميت لإخراج الحي. ٨١الفصل الرابع: تطبيقات القاعدة في باب التعازير. المبحث الأول: عدم تغريب المرأة الزانية إلا مع محرم. ٨٤المبحث الثاني: جلد المرأة جالسة ومشدودة الثياب. ٨٦المبحث الثالث: قطع يد السارق بأسهل ما يمكن. ٨٨المبحث الرابع: من غص بطعام ولم يجد إلا المسكر. ٩٠الفصل الخامس: تطبيقات القاعدة في باب النذور و الكفارات. المبحث الأول: تقديم الدين الحال على الكفارة. ٩٥المبحث الثاني: تقديم النذر للمعين على الزكاة الواجبة. ٩٨الخاتمة: ١٠٢فهرس الآيات القرآنية ١٠٤فهرس الأحاديث والآثار ١٠٧فهرس الأعلام ١٠٩فهرس المصادر والمراجع ١١٠فهرس الموضوعات ١١٩
[1] أخرجه البخاري. كتاب العلم. باب من يرد الله به خيراً يفقه في الدين رقم الحديث 171/39. وأخرجه مسلم. كتاب الزكاة. باب النهي عن المسألة رقم الحديث 302436/94 كلاهما من حديث معاوية - رضي الله عنه.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/library/0/71565/#ixzz6EyO9CgkF