تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    وجوب المبادرة بإنكار المنكر، لماذا؟
    لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر،
    لكن نقول في هذه المسألة: ما لم يكن تأخيره أصلح فإن كان تأخيره أصلح كان أولى.
    فهذا الأعرابي بقي يبول في المسجد لأنه أصلح.

    [COLOR=#1C1E21][FONT=Helvetica][FONT=inherit][COLOR=transparent][FONT=inherit]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة

    كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    ..........وجوب المبادرة بإنكار المنكر، لماذا؟
    لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر،
    لكن نقول في هذه المسألة: ما لم يكن تأخيره أصلح فإن كان تأخيره أصلح كان أولى.
    فهذا الأعرابي بقي يبول في المسجد لأنه أصلح.
    ما وجه الارتباط بين دعوة الجاهل الذى يدعو غير الله وتأخير الانكار على الاعرابى الذى بال فى المسجد؟
    هل يفهم من ذلك انه قد يكون من الاصلح تأخير دعوة الجاهل الذى يدعو غير الله - هل هذا وجه الارتباط؟
    الجواب لا يوجد أى مصلحة فى تأخير دعوة الجاهل الذى يدعو غير الله - ولا وجه للقياس على ترك الاعرابى يبول !
    فإن الكفر أعظم المنكرات ، وتجب المبادرة بإزالته على الفور ما أمكن ، ولهذا شدد الفقهاء فيمن طلب منه أحد الكفار أن يعرض عليه الإسلام ، أو طلب منه تلقين الشهادتين فلم يفعل ، حتى بالغ بعضهم فحكم بردته ، والصواب أنه معصية عظيمة .
    قال النووي رحمه الله : " إذا أراد الكافر الإسلام فليبادر به ، ولا يؤخره للاغتسال ، بل تجب المبادرة بالإسلام ، ويحرم تحريما شديدا تأخيره للاغتسال وغيره.
    وكذا إذا استشار مسلما في ذلك ، حرم على المستشار تحريما غليظا أن يقول له: أخره إلى الاغتسال ، بل يلزمه أن يحثه على المبادرة بالإسلا م، هذا هو الحق والصواب وبه قال الجمهور. وحكي الغزالي رحمه الله في باب الجمعة وجها أنه يقدم الغسل على الإسلام ليسلم مغتسلا ، قال: وهو بعيد. وهذا الوجه غلط ظاهر لا شك في بطلانه ، وخطأ فاحش ، بل هو من الفواحش المنكرات ، وكيف يجوز البقاء على أعظم المعاصي ، وأفحش الكبائر ، ورأس الموبقات ، وأقبح المهلكات ، لتحصيل غسل لا يحسب عبادة لعدم أهلية فاعله.
    وقد قال صاحب التتمة في باب الردة : لو رضي مسلم بكفر كافر ، بأن طلب كافر منه أن يلقنه الإسلام فلم يفعل ، أو أشار عليه بأن لا يسلم ، أو أخر عرض الإسلام عليه بلا عذر، صار مرتدا في جميع ذلك ؛ لأنه اختار الكفر على الإسلام !!
    وهذا الذى قاله إفراط أيضا، بل الصواب أن يقال: ارتكب معصية عظيمة " .
    انتهى من " المجموع "(2/154).[المصدر الاسلام سؤال وجواب ].............................. ...

    وأما قول النسائي في "سننه": باب تقديم غسل الكافر إذا أراد أن يسلم واحتج بحديث أبي هريرة: (( أن ثمامة انطلق فاغتسلثم جاء فأسلم )) فليس بصحيح، ولا دلالة فيما ذكره لما ادعاه.اهـ
    وقد أخرج مسلم (876) واللفظ له، وأحمد (20753) والنسائي (5377) والبخاري في "الأدب المفرد"(1164) وابن خزيمة (1457و1800) والحاكم (1055) 60 - (876) عن أبي رِفاعة العَدوي - رضي الله عنه - أنه قال: (( انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا
    وصححه: مسلم وابن خزيمة والحاكم وأبو العباس القرطبي والذهبي وأبو زرعة العراقي والألباني
    وقال القاضي عياض المالكي - رحمه الله - في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(3/ 281) عقب هذا الحديث:
    فيه المبادرة إلى الواجبات، إذ سأل نبيه عن دينه، فلو تركه حتى يُتم الخطبة والصلاة لعل المنية تخترمه، ولأن الإيمان على الفور.اهـ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله-(1):

    "ومن فوائد هذا الحديث(2):

    وجوب المبادرة بإنكار المنكر،
    لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر،
    لكن نقول في هذه المسألة: ما لم يكن تأخيره أصلح فإن كان تأخيره أصلح كان أولى.
    فهذا الأعرابي بقي يبول في المسجد لأنه أصلح.

    وبناءً على ذلك؛ لو أننا رأينا شخصا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو النبي: يا محمد! يا محمد! أرزقني! افعل افعل، هل نصيح به؟ لا،
    بل ندعه، وإذا انتهى أمسكناه وقلنا: يا أخي - وأقول : يا أخي ؛ لأنه لم يكفر بل هو جاهل؛ وإلا لا أقول: يا أخي وهو مشرك- هذا لا يصلح ، دعاء غير الله غلط، ولا نقول: شرك؛ حتى يطمئن أكثر، أرأيت هل الرسول يقدر على أن يجيبك أو الله الذي يقدر؟
    هو سيقول: الله، إذا كان يقول: الله؛ نقول له : إذاً ادعو الله وحده، لا تدعو الرسول صلى الله عليه وسلم . أدعو الله فهو خير لك من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لا يملك لنا ضرًّاً ولا رشدا، ولا يعلم الغيب، ولا يقول: إني ملك؛ فادع الله وحده.

    وحينئذ إذا اطمأن واستراح؛ نبين له: أن هذا شرك، وأنه لو مات على ذلك لكان من أهل النار"

    (1) فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام/ كتاب الطهارة/ صفحة رقم 117-118
    (2) الحديث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء؛ فأهريق عليه". متفق عليه.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    نقلت من الكتاب لفظ: وأستراح ولعل المنقول صوتيا عن الشيخ ارتاح . والله أعلم .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد ابو انس مشاهدة المشاركة
    قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله-(1):

    "ومن فوائد هذا الحديث(2):

    وجوب المبادرة بإنكار المنكر،
    لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر،
    لكن نقول في هذه المسألة: ما لم يكن تأخيره أصلح فإن كان تأخيره أصلح كان أولى.
    فهذا الأعرابي بقي يبول في المسجد لأنه أصلح.

    وبناءً على ذلك؛ لو أننا رأينا شخصا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو النبي: يا محمد! يا محمد! أرزقني! افعل افعل، هل نصيح به؟ لا،
    بل ندعه، وإذا انتهى أمسكناه وقلنا: يا أخي - وأقول : يا أخي ؛ لأنه لم يكفر بل هو جاهل؛ وإلا لا أقول: يا أخي وهو مشرك- هذا لا يصلح ، دعاء غير الله غلط، ولا نقول: شرك؛ حتى يطمئن أكثر، أرأيت هل الرسول يقدر على أن يجيبك أو الله الذي يقدر؟
    هو سيقول: الله، إذا كان يقول: الله؛ نقول له : إذاً ادعو الله وحده، لا تدعو الرسول صلى الله عليه وسلم . أدعو الله فهو خير لك من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لا يملك لنا ضرًّاً ولا رشدا، ولا يعلم الغيب، ولا يقول: إني ملك؛ فادع الله وحده.

    وحينئذ إذا اطمأن واستراح؛ نبين له: أن هذا شرك، وأنه لو مات على ذلك لكان من أهل النار"

    (1) فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام/ كتاب الطهارة/ صفحة رقم 117-118
    (2) الحديث: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضى بوله أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء؛ فأهريق عليه". متفق عليه.
    وجوب المبادرة بإنكار المنكر،
    لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر
    نعم هذا هو الواجب وهذا هو ما فهمه الصحابة وسارعوا اليه
    وبناءً على ذلك؛ لو أننا رأينا شخصا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو النبي: يا محمد! يا محمد! أرزقني! افعل افعل، هل نصيح به؟ لا،
    انقل لك اخى احمد ابو انس الجملة التى سبقت نقلك لكلام الشيخ ابن عثيمين لنفهم فى ضوئها معنى كلامك
    يقول الشيخ بن عثيمين
    بقى علينا الان قضية الاعرابى الاعرابى دعاه النبى عليه الصلاة والسلام ولم يوبخه ولم يكفهر فى وجهه بل قال له ان هذه المساجد لا يصلح فيها شئ من الاذى او القذرثم بين له انها بنيت للصلاة وذكر الله
    الاعرابى اطمأن وانشرح صدره -الصحابة رضى الله عنهم زجروه والرسول كلمه بكلام معقول يفهم ويطمئن اليه.. الاعرابى انشرح صدره او كما يقول العامة - انبسط -فقال اللهم ارحمنى ومحمد ولا ترحم معنا احد .. لان محمدا عليه الصلاة والسلام لم يزجره ولم يوبخه بل كلمه بكلام رقيق مفهوم معقول - ولا ترحم معنا احد - لمن يشير ؟ الظاهر انه اول ما يشير -يكون الصحابة - لان الصحابة زجروه ومع ذلك لم ينكر عليه النبى لانه يعرف ان هذا ما صدر عن بغض ولا كراهية لكن اناس زجروه وارادوا ان يقوم من بوله فيتضرر فقال هكذا وفى هذا الحديث فوائد كثيرة منها
    جهالة الاعراب وانهم اهل الجهل قال تعالى الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله .... الاية - هذان قسمان - ومن الاعراب من يؤمن بالله ويتخذ ما ينفق قربات ....لكن الغالب على الاعراب هو الجهل ومن ثم نرى انه من الحاجة الشديدة ان طلبة العلم يجوبون الفيافى من اجل ان يذكروا هؤلاء الاعراب ويبصرونهم لا سيما اذا كان طالب العلم معروفا عندهم يقبلون قوله--- نفهم المسألة فى ضوء هذا الكلام
    لان البعض يؤخر دعوة من يعبد غير الله سنين طويلة وقد لا يهتم اصلا ببيان الشرك- ويظل سنين عددا يهتم بالترغيب والترهب والاهتمام بتعليم الشعائر بحجة ان الكلام على الشرك والكفر بالطاغوت و البراءة من الشرك واهله ينفر الناس -
    وقد سمعت ذلك بأذنى من مشايخ يشار لهم بالبنان -
    اما كلام الشيخ ابن عثيمين فانه فى وسائل الدعوة ولكن صدر المسألة بالاصل فقال-وجوب المبادرة بإنكار المنكر،
    لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر - ثم قال
    حتى يطمئن أكثر
    هذه هى العلة - لعدم النفرة
    ولا نقول: شرك؛ حتى يطمئن أكثر، أرأيت هل الرسول يقدر على أن يجيبك أو الله الذي يقدر؟
    هو سيقول: الله، إذا كان يقول: الله؛ نقول له : إذاً ادعو الله وحده، لا تدعو الرسول صلى الله عليه وسلم . أدعو الله
    فهو خير لك من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لا يملك لنا ضرًّاً ولا رشدا، ولا يعلم الغيب، ولا يقول: إني ملك؛ فادع الله وحده.
    -هذه وسيلة الدعوة وأساليبها فتختلف باختلاف الدعاة والمدعوين والزمان والمكان والحال، ولكنها ـ على العموم- يجب أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن.
    والداعية يجب عليه أن يتخذ من الوسائل .. ما يؤدي به رسالته "فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، ومن ذلك كيفية مخاطبة المدعوين, وقد أرشدنا الله إلى الأسلوب الأمثل لذلك، فقال تعالى في شأن أهل الكتاب (اليهود والنصارى): وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46].
    فهذا أسلوب القرآن يذكر نقاط الاتفاق مع المدعوين أولاً، ثم بعد ذلك يناقش معهم نقاط الاختلاف بأسلوب أدبي رفيع، فيقول الله تعالى مخاطبا للنصارى الذين ألَّهوا عيسى ابن مريم وأمه وجعلوه ابنا لله - تعالى عما يقولون علو كبيراـ يقول: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَه ولدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا [النساء:171].
    ويقول في شأن معجزة خلق عيسى عليه السلام: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون [آل عمران:59].
    إلى آخر النماذج الكثيرة التي وردت في كيفية دعوة أهل الكتاب
    أما إذا كان المدعوون وثنيين أو لا دين لهم فإن على الداعية أن يبين لهم بالحجج العقلية البسيطة أن الله تعالى هو الخالق لهم ولهذا الكون من حولهم .. وهو خالق الطبيعة وأن الطبيعة مخلوقه ولا تستطيع خلق شيء لهم, وأن آباءهم وأمهاتهم لم يخلقوهم ولم يستطيعو خلق أي شيء, وهذه الأمور من المسلمات البديهة عند أكثر الناس .. فعلى الداعية أن يبني عليها، وأن يوجه المدعو بعد ذلك وينبهه إلى تكريم الله تعالى للإنسان وأنه إنما خلقه لعبادته وحده لاشريك له، وفي مقابل ذلك جعل كثيرا من مخلوقاته في خدمته، فقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة:29].
    وقال تعالى: وسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الجاثـية:13].
    وهكذا يتدرج الداعية بالمدعو شيئاً فشيئاً حتى يقتنع في داخل نفسه بهذا الدين، هذا بالنسبة للداعية الذي يملك قدرا من الاستدلال والنظر.
    . أدعو الله فهو خير لك من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لا يملك لنا ضرًّاً ولا رشدا، ولا يعلم الغيب، ولا يقول: إني ملك؛ فادع الله وحده.
    وهذه طريقة امام الدعوة الامام محمد بن عبد الوهاب
    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله إلى أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لَم يصرِّحْ بالتكفير ابتداءً؛ نظرًا للمصْلحة وعدم النفرة، فقال رحمه الله تعالى عند كلامٍ ذَكَرَهُ عن شيخ الإسلام ابن تيميَّة، في عدم تكفير المعين ابتداء لسببٍ ذكره رحمه الله تعالى أَوجَبَ له التوقُّف في تكفيره قبل إقامة الحجة عليه:
    "... ولكن لغلبة الجهل، وقلَّة الِعلْم بآثار الرسالة في كثيرٍ منَ المتأخِّرين لَم يُمكن تكْفيرهم بذلك، حتى يَتَبَيَّن لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه".
    قلتُ: فذَكَر رحمه الله تعالى ما أَوجبَ له عدمَ إطلاق الكفر عليهم على التعيين خاصة بعد البيان والإصرار، فإنه قد صار أمَّة وحده، ولأن مِن العلماء مَن كفَّره بنهْيه لهم عن الشِّرك، فلا يمكنه أن يُعاملهم إلا بمثل ما قال،
    كما جرى لشيخنا محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في ابتداء دعوته، فإنه إذا سمعهم يدعون زيد بن الخطاب رضي الله عنه قال: "الله خير مِن زيد"؛ تمرينًا لهم على نفْي الشرك بلين الكلام؛ نظرًا للمصلحة وعدم النفرة، والله تعالى أعلم
    فهذا توجيه هذا العالِم الجليل لكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أنه لم يُعلِن التكفير؛ لأجْل عدم نفرة الناس من دعوته إنْ هم سمعوه يُصَرِّح بتكفير مَن أشرك بالله، لا أنه لا يرى كفر مَن تلبس بالشِّرْك الأكبر الجلي.
    قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى:
    فإذا كان هذا كلام الشيخ رحمه الله فيمَن عَبَد الصَّنَم الذي على القبور إذا لَم يَتَيَسَّر له مَن يعلِّمه ويبلِّغه الحجة، فكيف يطلق على الحَرَمَيْنِ: أنها بلاد كفر؟! والشيخ على منهاج نبوي وصراط مستقيم، يُعطي كل مقام ما يناسبه من الإجمال والتفصيل.
    قلتُ: قوله رحمه الله: "يُعطي كل مقام ما يناسبه مِن الإجمال والتفصيل"، يدلُّ على أن الشيخ يتبع الحكمة في الدعوة إلى الله، فإن وجد مِن الحكمة عدم التصريح بالتكفير توقف، حتى يستأنس الناس بدعوته فيُبَيِّن حكْم الله، وليس هذا بأمر مُنكر، فقد يسكت العالِم عن قول؛ رجاء أن يكون بسكوته ما يحصل به خير أعظم
    قال الشيخ سليمان بن سحمان، والشيخ عبد الله، والشيخ إبراهيم، أبناء الشيخ عبد اللطيف مِن علماء الدعوة، بعد تقرير منهج الشيخ محمد في مسألة تكفير المُعَيَّن: أما قوله عن الشيخ محمد: إنه لم يكفِّر مَن كان على قبَّة الكواز، وإنه لا يكفِّر الوثنيَّ حتى يدعوه، وتبلغه الحجة، فيقال: نعم، فإن الشيخ لم يكفِّر الناس ابتداءً إلا بعد قيام الحجة والدعوة؛ لأنهم إذ ذاك في زمن مِن الفترة، وعدم علمهم بآثار الرسالة، ولذا قال: لجهلِهم وعدم مَن ينبِّهُّهم، فأمَّا إذا قامت الحجة، فلا مانع مِن تكفيرهم، وإنْ لَم يفهموها

    ؛ لأنه لم يكفر بل هو جاهل
    لا ترتفعُ صفةُ الشِّركِ على المتلبِّسِ بالشرك الأكبرِ، وتثبتُ مع الجهل قبل قيام الحُجَّة الرِّسالية وبعدَها؛ لأنّ عبادةَ غيرِ اللهِ لا توجد مع الإسلام البتة، ولا توجد إلاّ من مُشركٍ وإن كان مُصرّحًا بالإسلام، ومعنى ذلك أنّ مَنْ عَبَدَ اللهَ تعالى وعَبَدَ معه إلهًا آخَرَ لم يكن مُسلمًا، ومَن لَمْ يَعْبُدْهُ بل استكبرَ عن عبادته لم يكن مُسلمًا، فالمشركُ ليس من عِداد المسلمين؛ لأنّ دِينَ الإسلام الذي ارتضاه اللهُ وبعثَ به رُسُلَهُ هو الاستسلام لله وحده، والخضوعُ له وحده لعبادته دون ما سواه؛ ذلك لأنّ الناس على صِنفين: إمّا موحّد لا يعبد إلاّ الله وحده لا شريك له، وإمّا مُشركٌ يعبدُ غيرَ اللهِ تعالى، وليس في بني آدمَ قسم ثالث، فكلّ من قدّم شيئًا لغير الله ممَّا لا يكون إلاّ لله من خصائص الإلهية فليس ممَّن عَبَدَ اللهَ مُخلصًا له الدِّين، وإذا لم يكن مُوحِّدًا كان مُشركًا ولا ثالث لهما، وقد ذَكَرَ ابنُ القيِّم -رحمه الله- في معرِض قوله تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠]، أنّ الله تعالى قسم الخلائق قسمين: سفيهًا لا أَسْفَهَ منه، ورشيدًا؛ فالسفيهُ من رَغِبَ عن مِلَّتِهِ إلى الشِّرك، والرشيدُ من تَبَرَّأَ من الشِّرك قولاً وعملاً وحالاً فكان قولُه توحيدًا، وعملُه توحيدًا، وحالُه توحيدًا، ودعوتُه توحيدًا. فالمعرِضُ عن التوحيد مُشرك شاءَ أم أبى، والمعرِض عن السُّنَّة مُبتَدِعٌ ضالٌّ شاء أم أبى(١). هذا، وينبغي أن يعلم أنّ ثبوت صفة الشرك قبل قيام الحُجَّة عليه له حكم يختلف عنه بعد قيام الحُجَّة، فصاحبُ الشِّرْكِ قَبْلَ قيام الحُجَّة مُشركٌ لكن لا يستحقُّ صاحبُه العقوبةَ في الدَّارَيْنِ: القتل في الدنيا، والخلود في النار في الآخرة، وهذا إنما يكون للمشرِك بعد قيام الحجَّة الرِّسالية(٢)؛ لأنّ العقوبةَ والعذابَ متوقّفٌ على بلاغ الرسالة لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: ١٥]، فالشركُ ثابتٌ في كِلتا الحالتين: قبل البلاغ وبعده، غير أنه من لم تبلغه الحُجَّة الرِّسالية فشركه غير معذّب عليه؛ لأنه «لاَ تَكْلِيفَ إِلاَّ بِشَرْعٍ»، «وَالشَّرْعُ يَلْزَمُ بِالبَلاَغِ مَعَ انْتِفَاءِ المُعَارِضِ»، وأهله قبل بلوغ الحُجَّة ليسوا بموحِّدين.
    فالحاصـل: إنّ مَنْ لَمْ تبلغْهُ الدعوةُ والحُجَّة الرِّساليةُ وكان متلبِّسًا بالشرك الأكبر فمعذورٌ لعدم البلاغ لا لمجرّد الجهل، إذ لا يعذر في أصول الإيمان بجهله، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»(٣)، فمن لم تبلغه الدعوةُ بحالٍ ولا سمع بها بخبر فينتفي عنهم الكفر باعتبار ما يترتَّب عليه من العقوبة في الدارين -كما تقدّم- غير أنه لا يُحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مُسَمَّى المسلمين؛ لأنّ الشرك يصدق عليهم واسمه يتناولهم ولا يبقى إسلام مع مناقضة قاعدته الكبرى شهادة: «أن لا إله إلاّ الله»؛ فشأنهم كشأن أطفال المشركين الذين ماتوا قبل أن يميّزوا شيئًا فينتفي عنهم الشرك باعتبار أنه لا يترتَّب عليهم من العقوبة في الدارين غير أنهم مشركون في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم.
    أمّا مَنْ بلغته الحُجَّة الرِّسالية -خاصّة ممّن يعيش في البلدان الإسلامية- فإنّ وصف الشِّرك يثبت في حقّه بمجرّد فِعله ويستحقّ الوعيد بالعذاب ولا عُذر له بالجهل بأصول الإيمان، -لِمَا تقدَّم من حديث أبي هريرة السابق- ولا علاقةَ ترابطية بين حُكم الشِّرك ونفي العذاب، فكلُّ مُعذّب في الدارين فهو مُشرك، وليس كلّ مشركٍ معذّبًا إلاّ بعد قيام الحجّة الرسالية.



  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي رد: كيفية دعوة الجاهل الذي يدعو غير الله

    جزاكم الله خيراً.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •