تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

    قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فى التدمرية
    وَهَذَا دِينُ الْإِسْلاَمِ الَّذِي لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ غَيْرَهُ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُطَاعَ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِفِعْلِ مَا أَمَرَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِذَا أَمَرَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الصَّخْرَةِ ثُمَّ أَمَرَ ثَانِيًا بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ، كَانَ كُلٌّ مِنَ الفِعْلَيْنِ حِينَ أَمَرَ بِهِ دَاخِلًا فِي دِينِ الْإِسْلاَمِ، فَالدِّينُ هُوَ الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ لَهُ فِي الْفِعْلَيْنِ، وَإِنَّمَا تَنَوَّعَ بَعْضُ صُوَرِ الْفِعْلِ وَهُوَ وِجْهَةُ الْمُصَلِّي، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ دِينُهمْ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَنَوَّعَتِ الشِّرْعَةُ وَالْمِنْهَاجُ وَالْوِجْهَةُ وَالْمَنْسَكُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ وَاحِدًا، كَمَا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ فِي شِرْعَةِ الرَّسُولِ الْوَاحِدِ.
    وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ أَنَّ أَوَّلَهُمْ يُبَشِّرُ بِآخِرِهِمْ وَيُؤْمِنُ بِهِ، وَآخِرُهُمْ يُصَدِّقُ بِأَوَّلِهِمْ وَيُؤْمِنُ بِهِ، قَالَ تَعَالَى: ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّ هُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمْ يَبْعَثِ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّ هُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّ هُ.
    وَقَالَ تَعَالَى:( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).
    وَجَعَلَ الْإِيمَانَ بِهِمْ مُتَلاَزِمًا، وَكَفَّرَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ آمَنَ بِبَعْضٍ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ، قَالَ تَعَالَى:( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا)، وَقَالَ تَعَالَى: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)، وَقَدْ قَالَ لَنَا: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُ مُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فَأَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ آمَنَّا بِهَذَا كُلِّه وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ، فَمَنْ بَلَغَتْهُ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُقِرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَلاَ مُؤْمِنًا، بَلْ يَكُونُ كَافِرًا، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ مُؤْمِنٌ.
    كَمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالى: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ) قَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) فَقَالُوا: لاَ نَحُجُّ فَقَالَ تَعَالَى: ( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ).
    فَإِنَّ الِاسْتِسْلاَمَ لِلَّهِ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِالْإِقْرَارِ بِمَا لَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ حَجِّ الْبَيْتِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بُنِيَ الْإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ)؛ وَلِهَذَا لَمَّا وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِينًا).
    وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أُمَّةِ مُوسَى وَعِيسَى هَلْ هُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ لاَ؟ وَهُوَ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ، فَإِنَّ الْإِسْلاَمَ الْخَاصَّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْمُتَضَمِّنَ لِشَرِيعَةِ الْقُرْآنِ - لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِسْلاَمُ الْيَوْمَ عِنْدَ الْإِطْلاَقِ يَتَنَاوَلُ هَذَا، وَأَمَّا الْإِسْلاَمُ الْعَامُّ، الْمُتَنَاوِلُ لِكُلِّ شَرِيعَةٍ بَعَثَ اللَّهُ بِهَا نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ - فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ إِسْلاَمَ كُلِّ أُمَّةٍ مُتَّبَعَةٍ لِنَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ.

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
    "هذا الدين هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينًا غيره، لا من الأولين ولا من الآخرين، فإن جميع الأنبياء على دين الإسلام، قال تعالى عن نوح: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ * فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 71، 72]، وقال عن إبراهيم: ﴿ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 130 - 132]، وقال عن موسى: ﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]، وقال في خبر المسيح: ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّين َ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾ [المائدة: 111]، وقال فيمن تقدم من الأنبياء: ﴿ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ﴾ [المائدة: 44]، وقال عن بلقيس أنها قالت: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44] انتهى.


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

    إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ
    يخبر عز وجل أنه لا دين مقبول عنده إلا الإسلام ، الذي هو الإذعان والاستسلام والخضوع لله تعالى ، وعبادته وحده ، والإيمان به وبرسله وبما جاءوا به من عند الله ، ولكل رسول شرعة ومنهاج ، حتى ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فأرسله للناس كافة ، فلا يقبل الله من أحد دينا بعده إلا الإسلام ، الذي جاء به صلى الله عليه وسلم .

    فالمؤمنون من أتباع الأنبياء السابقين كلهم كانوا مسلمين بالمعنى العام ، يدخلون الجنة بإسلامهم ، فإذا أدرك أحدهم مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يقبل منه إلا اتباعه .
    قال قتادة في تفسير الآية : " الإسلام: شهادة أنّ لا إله إلا الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودلّ عليه أولياءه، لا يقبل غيرَه ولا يجزى إلا به".
    وقال أبو العالية : " الإسلام: الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له " .
    "تفسير الطبري" (6/ 275)
    وقال ابن كثير رحمه الله :
    " قَوْلُهُ: ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ ) إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَا دِينَ عِنْدَهُ يَقْبَلُهُ مِنْ أَحَدٍ سِوَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ اتِّبَاعُ الرُّسُلِ فِيمَا بَعَثَهُمُ اللَّهُ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ، حَتَّى خُتِمُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِي سَدَّ جَمِيعَ الطُّرُقِ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ بَعْدَ بِعْثَتِهِ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدِين عَلَى غَيْرِ شَرِيعَتِهِ، فَلَيْسَ بِمُتَقَبَّلٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُخْبِرًا بِانْحِصَارِ الدِّينِ الْمُتَقَبَّلِ عِنْدَهُ فِي الْإِسْلَامِ: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ) " .
    انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 25) .
    وقال ابن الجوزي رحمه الله :
    " قال الزجاج: الدين: اسم لجميع ما تعبد الله به خلقه، وأمرهم بالإقامة عليه، وبه يجزيهم.
    وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الدين: ما التزمه العبد لله عزّ وجلّ.
    وقال ابن قتيبة: الإسلام الدخول في السلم، أي: في الانقياد والمتابعة، ومثله الاستسلام، يقال: سلم فلان لأمرك، واستسلم، وأسلم " انتهى من "زاد المسير" (1/ 267) .
    وقال السعدي رحمه الله :
    " يخبر تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ) أي: الدين الذي لا دين لله سواه، ولا مقبول غيره، هو (الإِسْلامُ) وهو الانقياد لله وحده، ظاهرا وباطنا، بما شرعه على ألسنة رسله، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) فمن دان بغير دين الإسلام، فهو لم يدن لله حقيقة، لأنه لم يسلك الطريق الذي شرعه على ألسنة رسله " .
    انتهى من "تفسير السعدي" (ص: 964) .
    وقال ابن عثيمين رحمه الله :
    " الإسلام بالمعنى العام هو: التعبد لله بما شرع منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة، كما ذكر عز وجل ذلك في آيات كثيرة، تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل، قال الله تعالى عن إبراهيم: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً).
    والإسلام بالمعنى الخاص ، بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : يُختص بما بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة، فصار من اتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم، فأتباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم، فاليهود مسلمون في زمن موسى صلى الله عليه وسلم، والنصارى مسلمون في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم . وأما حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فكفروا به : فليسوا بمسلمين.
    وهذا الدين الإسلامي هو الدين المقبول عند الله النافع لصاحبه، قال الله عز وجل: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) ، وقال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) .
    وهذا الإسلام هو الإسلام الذي امتن به على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، قال الله تَعَالَى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) " .
    انتهى من "شرح ثلاثة الأصول" (ص: 20) .
    وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
    " دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام دين واحد، وإن تنوعت شرائعهم: قال تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)
    وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، والأنبياء أخوة لعلات).
    ودين الأنبياء هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله غيره، وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك وأهله:
    قال تعالى عن نوح: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
    وقال عن إبراهيم: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
    وقال عن موسى: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ).
    وقال عن المسيح: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّين َ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ).
    وقد قال تعالى فيمن تقدم من الأنبياء وعن التوارة: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا)
    وقال تعالى عن ملكة سبأ: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
    فالإسلام هو دين الأنبياء جميعا، وهو الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره؛ كان مشركا، ومن لم يستسلم له ؛ كان مستكبرًا، وكل من المشرك والمستكبر عن عبادة الله كافر.
    والاستسلام لله يتضمن عبادته وحده ، وأن يطاع وحده، وذلك بأن يطاع في كل وقت بفعل ما أمر به في ذلك الوقت ، فإذا أمر في أول الإسلام بأن يستقبل بيت المقدس ، ثم أمر بعد ذلك باستقبال الكعبة؛ كان كل من الفعلين ، حين أمر به : داخلاً في الإسلام؛ فالدين هو الطاعة، وكل من الفعلين عبادة لله، وإنما تتنوع بعض صور الفعل، وهو توجه المصلي .
    فكذلك الرسل : دينهم واحد، وإن تنوعت الشرعة والمنهاج ، والوجه والمنسك؛ فإن ذلك لا يمنع أن يكون الدين واحداً؛ كما لم يمنع ذلك في شريعة الرسول الواحد؛ كما مثلنا باستقبال بيت المقدس أولاً ، ثم استقبال الكعبة ثانيا ، في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
    فدين الأنبياء واحد، وإن تنوعت شرائعهم؛ فقد يشرع الله في وقت أمرًا لحكمة، ثم يشرع في وقت آخر أمرًا لحكمة، فالعمل بالمنسوخ ، قبل نسخه : طاعة لله، وبعد النسخ يجب العمل بالناسخ، فمن تمسك بالمنسوخ وترك الناسخ؛ ليس هو على دين الإسلام، ولا هو متبع لأحد من الأنبياء، ولهذا كفر اليهود والنصارى؛ لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ.
    والله تعالى يشرع لكل أمة ما يناسب حالها ووقتها، ويكون كفيلاً بإصلاحها، متضمنا لمصالحها، ثم ينسخ الله ما يشاء من تلك الشرائع لانتهاء أجلها، إلى أن بعث نبيه محمدًا خاتم النبيين إلى جميع الناس على وجه الأرض، وعلى امتداد الزمن إلى يوم القيامة، وشرع له شريعة شاملة صالحة لكل زمان ومكان؛ لا تبدل ولا تنسخ؛ فلا يسع جميع أهل الأرض إلا اتباعه والإيمان به صلى الله عليه وسلم: قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) " انتهى من "الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد" (ص: 194) .


    المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين فى تقرييب التدمرية

    وأمَّا الشَّرْعُ فهُوَ مَا جاءتْ بهِ الرُّسلُ منْ عِبادةِ اللهِ تعالى التي منْ أجْلِهَا خَلَقَ اللهُ الْجِنَّ والإِنسَ لقولِهِ تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَ لِيَعْبُدُونِ). وذلكَ هوَ الإِسلامُ الّذي لا يَقْبَلُ اللهُ منْ أَحدٍ ديناً سواهُ لقولِهِ تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)

    فالإِسلامُ هوَ الاسْتِسْلامُ للهِ وحْدَهُ بالطَّاعةِ فعْلاً للمأمورِ وتَرْكاً للمحظورِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ كانتٍ الشَّريعةُ فيهِ قائمةً، وهذَا هوَ الإِسلامُ بالمعنى العامِّ. وعلى هذَا يكونُ أصحابُ الْمِلَلِ السَّابعةِ مسلمينَ حينَ كانتْ شرائِعُهُمْ قائمةً لم تُنسَخْ كمَا قالَ اللهُ تعالى عن نوحٍ وهوَ يُخاطِبُ قومَهُ: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

    وقالَ عنْ إبْراهِيمَ: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وقالَ أيْضاً: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَوَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

    وقالَ عنْ موسى في مخاطَبتِهِ قومَهُ: (يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ). وقالَ عنِ التَّوْرَاةِ: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا)
    وقالَ عنِ الحواريِّينَ أَتْباعِ عيسى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّين َ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ)
    وقالَ عنْ ملِكَةِ سَبَأٍ: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
    وأمَّا الإِسلامُ بالمعنى الخَاصِّ فيَخْتَصُّ بشريعةِ محمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالَ اللهُ تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) وقالَ في أمَّتِهِ: (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ)

    فَلاَ إسلامَ بعدَ بَعثتِهِ إلاَّ باتِّباعِهِ، لأنَّ دينَهُ مهيمِنٌ على الأديانِ كلِّهَا ظاهرٌ عليْهَا، وشريعتُهُ ناسخةٌ للشَّرائعِ السَّابِقَةِ كلِّها قالَ اللهُ تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّ هُ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)
    والّذي جاءَ مصدِّقاً لِمَا معَ الرُّسُلِ قَبْلَهُ هوَ محمَّدٌ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كمَا قالَ تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ). وقالَ تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ). وهذَا يَعُمُّ الظهورَ قدَراً وشَرْعاً.

    فمنْ بَلغَتْهُ رسالةُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلمْ يُؤمِنْ بهِ ويَتَّبِعْهُ لمْ يكنْ مؤمِناً ولاَ مسْلماً بلْ هوَ كافرٌ منْ أهلِ النَّارِ لقولِ النَّبيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ أَحَدٍ مِنْ هذِهِ الأمَّةِ – يَعْنِي أمَّةَ الدَّعْوَةِ – يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يموتُ ولمْ يؤْمِنْ بالذي أُرْسِلْتُ بِهِ إلاَّ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ". أخْرَجهُ مسلِمٌ منْ حديثِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنْهُ.
    وبهذَا يُعْلَمُ أنَّ النِّزاعَ فيمنْ سَبَقَ منَ الأُمَمِ هلْ همْ مسلِمونَ أَوْ غَيْرُ مسلمينَ؟ نزاعٌ لفْظِيٌّ، وذلكَ لأنَّ الإِسْلامَ بالمعنى العامِّ يَتناولُ كلَّ شريعةٍ قائمةٍ بَعَثَ اللهُ بهَا نبيَّاً فيَشمَلُ إسلامَ كلِّ أمَّةٍ متَّبِعَةٍ لنبيٍّ منَ الأنبياءِ مَا دامتْ شريعَتُهُ قائمةً غيرَ منسوخَةٍ بالاتِّفاقِ كمَا دلَّتْ على ذلكَ النُّصُوصُ السَّابقةُ، وأمَّا بعدَ بعثةِ النَّبيِّ محمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنَّ الإِسلامَ يَختصُّ بمَا جاءَ بهِ فمنْ لمْ يؤمنْ بهِ ويَتَّبِعْهُ فليْسَ بِمُسْلِمٍ.
    ومنْ زَعَمَ أنَّ معَ دِينِ محمَّدٍ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ديناً سواهُ قائماً مقبُولاً عنْدَ اللهِ تعالى منْ دينِ اليهودِ، أوِ النَّصارى، أو غيرِهِمَا فهوَ مُكذِّبٌ لقولِ اللهِ تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلاَمُ). وقولِهِ: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

    وإذَا كانَ الإِسلامُ اتِّباعَ الشَّرِيعةِ القائمةِ، فإنَّهُ إذَا نُسِخَ شيءٌ منْهَا لمْ يكنِ المَنْسوخُ ديناً بعْدَ نسْخِهِ ولاَ اتّباعُهُ إسلاماً.
    فاسْتقْبالُ بيتِ المقْدِسِ مَثَلاً كانَ ديناً وإسْلاماً قَبْلَ نسخِهِ، ولَمْ يكنْ ديناً ولاَ إسْلاماً بعْدَهُ. وزيارةُ القبورِ لمْ تَكُنْ دِيناً ولاَ إسلاماً حينَ النَّهْيِ عنْهَا وكانتْ ديناً وإسْلاماً بعْدَ الأمْرِ بِهَا.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    يخبر عز وجل أنه لا دين مقبول عنده إلا الإسلام ، الذي هو الإذعان والاستسلام والخضوع لله تعالى ، وعبادته وحده ، والإيمان به وبرسله وبما جاءوا به من عند الله
    نعم بارك الله فيك أخى وصديقى محمد
    ﴿إذ قال له ربه أسلم ﴾ أخلص دينك لله سبحانه بالتَّوحيد وقيل: أسلم نفسك إلى الله
    ﴿ قال أسلمت ﴾ بقلبي ولساني وجوارحي ﴿ لرب العالمين ﴾.
    حين نتكلم عن الاستسلام
    فإننا نقصد به تلك الحقيقة التي بينها الله فى كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم -
    وهى الخضوع والانقياد لله بفعل أوامره وترك نواهيه والرضا باحكامه والتسليم المتضمن لمعنى العبودية،
    فلا يجد العبد في نفسه حرجًا من أَمرٍ أمَرَ الله به أو ورسولُه صلى الله عليه وسلم، ؛
    ولذا نفى الله الإيمان عمن لم يحصُل هذا المعنى في قلبه ولم يحقِّقه في نفسه فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء: 65]،
    وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وحتى يقذف في النار أحبّ إليه من أن يعود في الكفر بعد أن نجاه الله منه، ولا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»
    والاستسلام هو العلامة الفارقة بين المؤمن والمنافق،
    فالناس ثلاثة أصناف:
    كافر معلن بكفره جاحد للرسالة ورادّ لما جاءت به الرسل،
    ومنافق متستّر بنفاقه،
    ومؤمن ظاهرًا وباطنًا
    وهو المستسلم لأوامر الله عز وجل الرّاضي بحكمه وشرعه

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    نعم بارك الله فيك أخى وصديقى محمد

    بارك الله فيك أخى وأستاذى ابوسفيان
    هل من مزيد

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    الإسلام مبنى على الطاعة والاستسلام لله، وهو دين الرسل جميعاً
    هل من مزيد

    نعم
    الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وما من شك أن جميع الأنبياء والمرسلين كانوا مسلمين، وقد دل على ذلك كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
    قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله
    دينه الذي ارتضاه الله لنفسه هو دين الإسلام : الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل ، ولا يقبل من أحد دينا غيره لا من الأولين ولا من الآخرين .

    وهو دين الأنبياء وأتباعهم ،
    كما أخبر الله تعالى بذلك عن نوح ومن بعده إلى الحواريين .

    قال تعالى : واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين .
    وقال تعالى عن إبراهيم : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
    وقال تعالى عن يوسف الصديق : رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين .
    وقال تعالى عن موسى : ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين .
    وأخبر تعالى عن السحرة ، أنهم قالوا لفرعون : وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين .
    وقال تعالى عن بلقيس ملكة اليمن رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين .
    وقال تعالى عن أنبياء بني إسرائيل : إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا .
    وقال تعالى عن المسيح : فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون .
    وقال تعالى : وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون .
    فهذا دين الأولين والآخرين من الأنبياء وأتباعهم هو دين الإسلام ،
    وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، وعبادته تعالى في كل زمان ومكان ، بطاعة رسله عليهم السلام .
    فلا يكون عابدا له من عبده بخلاف ما جاءت به رسله : كالذين قال فيهم : أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله .
    فلا يكون مؤمنا به إلا من عبده بطاعة رسله ،
    ولا يكون مؤمنا به ، ولا عابدا له إلا من آمن بجميع رسله ، وأطاع من أرسل إليه ،
    فيطاع كل رسول إلى أن يأتي الذي بعده ، فتكون الطاعة للرسول الثاني .
    قال تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله
    ومن فرق بين رسله فآمن ببعض وكفر ببعض كان كافرا ، كما قال تعالى : إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما .
    فلما كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، ولم يكن بعده رسول ، ولا من يجدد الدين لم يزل الله سبحانه وتعالى يقيم لتجديد الدين من الأسباب ما يكون مقتضيا لظهوره ، كما وعد به في الكتاب ، فيظهر به محاسن الإيمان ومحامده ، ويعرف به مساوئ الكفر ومفاسده .
    [ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح]

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •